المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة … كتاب الرد على المنطقيين للإمام ابن تيمية بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر - الرد على المنطقيين

[ابن تيمية]

الفصل: ‌ ‌مقدمة … كتاب الرد على المنطقيين للإمام ابن تيمية بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر

‌مقدمة

كتاب الرد على المنطقيين

للإمام ابن تيمية

بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر وأعن

قال شيخنا الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ الإمام العلامة مفتي الفرق، شهاب الدين عبد الحليم بن الشيخ الإمام العلامة مفتي الفرق مجد الدين عبد السلام بن تيمية:

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.

أما بعد فإني كنت دائما أعلم أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد ولكن كنت أحسب أن قضاياه صادقة لما رأيت من صدق كثير منها.

ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه وكتبت في ذلك شيئا ثم لما كنت بالإسكندرية اجتمع بي من رأيته يعظم المتفلسفة بالتهويل والتقليد فذكرت له بعض ما يستحقه من التجهيل والتضليل. واقتضى ذلك أني كتبت في قعدة بين الظهر من الكلام على المنطق ما علقته تلك الساعة. ثم تعقبته بعد ذلك في مجالس إلى أن تم.

ص: 3

ولم يكن ذلك من همتي فإن همتي إنما كانت فيما كتبته عليهم في الإلهيات.

وتبين لي أن كثيرا مما ذكروه في أصولهم في الإلهيات وفي المنطق هو من أصول فساد قولهم في الإلهيات، مثل ما ذكروه من تركيب الماهيات من الصفات التي سموها ذاتيات وما ذكروه من حصر طرق العلم في ما ذكروه من الحدود والأقيسة البرهانية بل وفيما ذكروه من الحدود التي يعرف التصورات بل ما ذكروه من صور القياس ومواده اليقينيات.

فأراد بعض الناس أن يكتب ما علقته إذ ذاك من الكلام عليهم في المنطق فأذنت في ذلك لأنه يفتح باب معرفة الحق، وإن كان ما فتح من باب الرد عليهم يحتمل أضعاف ما علقته تلك الساعة فقلت:

فصل: ملخص أصول المنطق واصطلاحاته

بنوا المنطق على الكلام في الحد ونوعه والقياس البرهاني ونوعه قالوا لأن العلم أما تصور وأما تصديق وكل منهما بديهي وأما نظري فإنه من المعلوم أنه ليس الجميع بديهيا ولا يجوز أن يكون الجميع نظريا لافتقار النظري إلى البديهي فيلزم الدور القبلي أو التسلسل في العلل التي هي هنا أسباب العلم وهي الأدلة وهما ممتنعان.

والنظري منهما لا بد له من طريق ينال به فالطريق الذي ينال به التصور هو الحد والطريق الذي ينال به التصديق هو القياس

ص: 4

فالحد اسم جامع لكل ما يعرف التصور وهو القول الشارح فيدخل فيه الحقيقي والرسمي واللفظي أو هو الحقيقي خاصة فيقرن به الرسمي واللفظي ليس من هذا الباب أو والحد اسم للحقيقي والرسمي دون اللفظي فان كل نوع من هذه الثلاثة اصطلاح طائفة منهم كما قد بسطته وذكرت أسماءهم في غير هذا الموضع والقياس أن كانت مادته يقينية فهو البرهان خاصة وإن كانت مسلمة فهو الجدلى وإن كانت مشهورة فهو الخطابي وإن كانت مخيلة فهو الشعري وإن كانت مموهة فهو السوفسطائي ولهذا قد يتداخل البرهاني والخطابي والجدلي وبعض الناس يجعل الخطابي هو الظني وبعضهم يجعله الاقناعي ولهم اصطلاحات أخر بعضها موافق لاصطلاح المعلم الأول أرسطو وبعضها مخالف له فان كثيرا من المصنفين فيه خرجوا في كثير منه عن طريقة معلمهم الأول ولكن ليس المقصود هنا بسط هذا ثم الحد إنما يتألف من الصفات الذاتية أن كان حقيقيا وإلا فلا بد من العرضية وكل منهما أما أن يكون مشتركا بين المحدود وغيره وأما أن يكون مميزا له عن غيره فالمشترك الذاتي الجنس والمميز الذاتي الفصل والمؤلف منهما النوع والمشترك العرضي هو العرض العام والمميز العرضى هو الخاصة وقد يعبر ب الخاصة عما يعرض ل النوع وإن لم يكن عاما لأفراده لكن تلك الخاصة لا يحصل بها التمييز كما قد يعبر ب النوع عن الأنواع الإضافية التي هي بالنسبة إلى ما فوقها نوع وبالنسبة إلى ما تحتها جنس ولكن هذا وأمثاله من جزئيات المنطق التي ليس هنا المقصود الكلام فيها فان للكلام على ما ذكروه في الجنس والنوع مقاما آخر غير ما علق في هذه العجالة فهذه الكليات الخمس وبإزاء الكلي الجزئي وهو ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه والكلام في المركب مسبوق بالكلام على المفرد ودلالة اللفظ عليه

ص: 5

والقياس مؤلف من مقدمتين والمقدمة قضية أما موجبة وأما سالبة وكل منهما أما كلية وأما جزئية فلا بد من الكلام في القضايا وأنواعها وجهاتها.

وقد يستدل عليها ب نقيضها وبعكسها وبعكس نقيضها فإنها إذا صحت بطل نقيضها وصح عكسها وعكس نقيضها فتكلم في تناقض القضايا وعكسها المستوى وعكس نقيضها.

والقضية أما حملية وأما شرطية متصلة وأما شرطية منفصلة فانقسم القياس باعتبار صورته إلى قياس تداخل وهو الحملي وقياس تلازم وهو الشرطي المتصل وقياس تعاند وهو التقسيم والترديد وهو الشرطي المنفصل هذا باعتبار صورته وباعتبار مادته إلى الأصناف الخمسة المتقدمة.

فلا بد من الكلام في مواد القياس وهي القضايا التي يستدل بها على غيرها وهذا كله في قياس الشمول وأما قياس التمثيل والاستقراء فله حكم آخر فإنهم قالوا الاستدلال ب الكلى على الجزئي هو قياس الشمول وب الجزئي على الكلى هو الاستقراء أما التام أن علم شموله للأفراد وإلا ف الناقص والاستدلال بأحد الجزئيين على الآخر هو قياس التمثيل.

مع أنا قد بسطنا في غير هذا الموضع الكلام على أن كل قياس شمول فانه يعود إلى التمثيل كما أن كل قياس تمثيل فانه يعود إلى شمول وأن جعلهم قياس الشمول يفيد اليقين دون قياس التمثيل خطأ.

وذكرنا تنازع الناس في اسم القياس هل يتناولهما جميعا كما عليه جمهور الناس أو هو حقيقة في التمثيل مجاز في قياس الشمول كما اختاره أبو حامد الغزالي وأبو محمد المقدسي أو بالعكس كما اختاره ابن حزم وغيره من أهل المنطق والكلام على هذا مبسوط في مواضع

ص: 6