المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - الرقة والبكاء لابن قدامة

[ابن قدامة]

الفصل: ‌ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

‌ذِكْرُ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَيْرُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ الرِّمَاحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَسَنِ العُرَنِيِّ، عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ طَلِيقٍ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: اجْتَمَعْنَا فِي بَيْتِ أُمِّنَا عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَتَشَدَّدَ فَنَعَى إِلَيْنَا نَفْسَهُ حِينَ دَنَا الْفِرَاقَ، فَقَالَ:" مَرْحَبًا بِكُمْ، حَيَّاكُمُ اللَّهُ، جَمَعَكُمُ اللَّهُ، نَصَرَكُمُ اللَّهُ، رَفَعَكُمُ اللَّهُ، نَفَعَكُمُ اللَّهُ، وَفَّقَكُمُ اللَّهُ، قَبِلَكُمُ اللَّهُ، هَدَاكُمُ اللَّهُ، سَلَّمَكُمُ اللَّهُ، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأُوصِي اللَّهَ بِكُمْ، لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ فِي عِبَادِهِ وَبِلادِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ لِي وَلَكُمْ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] ".

وَقَالَ: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 60] .

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَتَى أَجَلُكَ؟ قَالَ:«دَنَا الأَجَلُ، وَالْمُنْتَهَى إِلَى اللَّهِ عز وجل، وَإِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى، وَالْعَرْشِ الأَعْلَى» .

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُغَسِّلُكَ؟ ، قَالَ:«رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي، الأَدْنَى فَالأَدْنَى» .

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ ، قَالَ: «فِي ثِيَابِي هَذِهِ إِنْ شِئْتُمْ،

ص: 129

أَوْ يَمَنِهِ، أَوْ بَيَاضٍ» .

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ؟ ، وَبَكَى وَبَكَيْنَا، فَقَالَ:«مَهْلا غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، وَجَزَاكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ خَيْرًا، إِذَا غَسَّلْتُمُونِي وَكَفَّنْتُمُونِي فَضَعُونِي عَلَى شَفِيرِ قَبْرِي، فَإِنَّ أَوَّلَ مِنْ يُصَلِّي عَلَيَّ خَلِيلِي وَجَلِيسِي جِبْرِيلُ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ، ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ، مَعَ مَلائِكَةٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ ادْخُلُوا فَصَلُّوا عَلَيَّ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، وَلا تُؤْذُونِي بِتَزْكِيَةٍ، وَلا بِرِنَّةٍ، وَلا بِصَيْحَةٍ، وَلْيَبْدَأْ بِالصَّلاةِ عَلَيَّ رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي، ثُمَّ نِسَاؤُهُمْ، ثُمَّ أَنْتُمْ، وَأَقْرِئُوا أَنْفُسَكُمُ السَّلامَ كَثِيرًا، وَمَنْ غَابَ عَنِّي مِنْ أَصْحَابِي فَأَقْرِئُوهُ سَلامًا كَثِيرًا، أَلا وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ سَلَّمْتُ عَلَى كُلِّ مَنْ دَخَلَ فِي الإِسْلامِ، وَعَلَى مَنْ تَابَعَنِي فِي دِينِي مِنَ الْيَوْمَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَنْ يُدْخِلُكَ فِي قَبْرِكَ؟ قَالَ:«رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي، مَعَ مَلائِكَةٍ كَثِيرَةٍ يَرَوْنَكُمْ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ»

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَسَاكِرَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمذهبِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَطِيعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنِيسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ:

ص: 130

خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ، قَالَ: فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى صَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:«إِنِّي السَّاعَةَ لَقَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ» .

قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ عَبْدًا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا فَاخْتَارَ الآخِرَةَ» ، قَالَ: فَلَمْ يَفْطِنْ لَهَا أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي نَفْدِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَمْوَالِنَا وَأَنْفُسِنَا وَأَوْلادِنَا، قَالَ: ثُمَّ هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمِنْبَرِ، فَمَا رُئِيَ عَلَيْهِ حَتَّى السَّاعَةِ

قَالَ أَحْمَدُ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلِيَّ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا، وَلَكِنْ خِلَّةُ الإِسْلامِ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ

ص: 131

خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ» .

وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:" قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفْرِغُوا عَلِيَّ سَبْعَ قِرَبٍ مِنْ سَبْعَةِ أَبْئُرٍ لَعَلِّي أَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ فَأَعْهَدُ إِلَيْهِمْ ".

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: فَصَبَبْنَا عَلَيْهِ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ، فَوَجَدَ رَاحَةً، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَخَطَبَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أُحُدٍ، وَأَوْصَى بِالأَنْصَارِ خَيْرًا، قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ تَزِيدُونَ، وَأَصْبَحَتِ الأَنْصَارُ عَلَى هَيْئَتِهَا، لا تَزِيدُ عَلَى هَيْئَتِهَا الَّتِي عَلَيْهَا الْيَوْمَ، وَالأَنْصَارُ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا، فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ ".

ص: 132

قَالَ: " ثُمَّ إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَدْ خُيِّرَ بَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَبَيْنَ الدُّنْيَا، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَلَمْ يَفْقَهُهَا إِلا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَبَكَى، فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، سُدُّوا هَذِهِ الأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ فِي الْمَسْجِدِ إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنِّي لا أَعْلَمُ امْرَءًا أَفْضَلَ عِنْدِي يَدًا فِي الصَّحَابَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ " قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ حَتّى

ص: 133