المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخاتمة تناولت هذه الرسالة (السرايا والبعوث النبوية حول مكة والمدينة) وهي - السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة

[بريك العمري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: السرايا والبعوث النبوية داخل وخارج المدينة

- ‌الفصل الأول: السرايا الا عتراضية

- ‌مقدمه

- ‌أول السرايا

- ‌سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر

- ‌سرية عبيدة بن الحارث إلى رابغ

- ‌سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة

- ‌خبر اعتراض أبي بصير وأصحابة لقافلة أبي العاص

- ‌سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر

- ‌الفصل الثاني: البعوث ذات المهمات الصعبة سرايا المغاوير

- ‌مقدمه

- ‌بعث سالم بن عمير إلى عفك

- ‌خبر مقتل المرأة التي كانت تسب النبي صلى لله عليه وسلم

- ‌البعث إلى كعب بن الأشرف

- ‌بعث عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان الهذلي

- ‌بعث عمرو بن أمية إلى أبي سفيان بن حرب

- ‌البعث إلى أبي رافع سلام بن أبي الحقيق

- ‌البعث إلى اليسير بن رزام

- ‌سرية أبي قتادة بن ربعي إلى خضرة

- ‌الباب الثاني: السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة

- ‌الفصل الأول: السرايا ذات المهمات الخاصة

- ‌السرايا التعقبية

- ‌سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار

- ‌سرية كرز بن جابر لمطاردة المفسدين من الاعراب

- ‌سرية حمزة بن عمرو الأسلمي لمطاردة هبار بن الأسود

- ‌سربة أبي عامر الأشعري إلى أوطاس

- ‌البعوث التعليمية والدعوية

- ‌مقدمة

- ‌ بعث الرجيع

- ‌بعث بئر معونة

- ‌بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة

- ‌سرايا ذات مهمات خاصة

- ‌مقدمه

- ‌سرية عبد الله بن غالب الليثي إلى بني الملوح

- ‌سرية أبي قتادة بن ربعي إلى بطن أضم

- ‌الفصل الثاني: سرايا تحطيم الأوثان

- ‌مقدمه

- ‌بعث خالد بن الوليد إلى العزى

- ‌سرية عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى سواع

- ‌بعث خالد بن الوليد،وأبي سفيان بن حرب إلى اللات

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌الخاتمة تناولت هذه الرسالة (السرايا والبعوث النبوية حول مكة والمدينة) وهي

‌الخاتمة

تناولت هذه الرسالة (السرايا والبعوث النبوية حول مكة والمدينة) وهي دراسة نقدية تحليلية، وتقع في: مقدمة، وتمهيد، وبابين يقع تحت كل باب منهما فصلان. تحدثت في كل فصل عن نوع من أنواع السرايا والبعوث النبوية.

أما المقدمة: فقد أشرت فيها إلى فضل وأهمية علم التاريخ، وضرورة نقد المرويات التاريخية وفق منهج المحدثين، مستعينا ببعض الاقتباسات لبعض كبار المؤرخين المسلمين كابن خلدون، وبعض المؤرخين المعاصرين مثل الأستاذ الدكتور أكرم العمري، والأستاذ أحمد عادل كمال.

وأما التمهيد: فقد ذكرت فيه الخلاف الشديد بين أهل المغازي في عدد السرايا والبعوث النبوية، وسبب ذلك الخلاف، كما سقت الخلاف في معنى السرية والبعث، وقوة السرية، ثم تطرقت إلى المهام التي أنيطت بها تلك السرايا والبعوث، ثم ذكرت الوصايا والتعاليم النبوية التي كانت تزود بها تلك السرايا والبعوث من قبل القائد الأعلى صلى الله عليه وسلم.

وفي الباب الأول، وفي فصل (السرايا الاعتراضية) : رجحت رواية الغالبية من أئمة المغازي على أن أول سرية كانت سرية حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.

كما أخذت بقول الواقدي في أن خروج النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأبواء إنما كان لاعتراض قافلة تجارية لقريش، ومن ثمَّ أرسل عبيدة بن الحارث في سرية لملاحقتها.

واعتمدت رواية جندب بن عبد الله رضي الله عنه الصحيحة في سرية

ص: 304

نخلة، كما نوَّهت بالابتكار النبوي في هذه السرية والمتمثل في الرسالة المكتومة التي أعطاها لقائد السرية.

ثم تحدثت عن الأوليات التي تمخضت عن السريتين، وذكرت بعض الأحكام الفقهية المستفادة من سرية نخلة.

وقد أوردت خبر اعتراض قافلة أبي العاص التجارية، مع أنه لا يدخل ضمن نطاق البحث موضوعيًّا مرجِّحًا قول الزهري بأن الذي اعترضها هو أبو بصير وأصحابه وليس سرية اعتراضية كما ذكر بقية أهل المغازي، وقد ناقشت الروايات التي ذكرت خلاف ذلك سندًا ومتنًا، وبيَّنت ما وقع فيها من ذهول، ثم ذكرت ما وقع في القصة من الأحكام الفقهية.

وفي سرية الخبط: تساءلت لماذا لم يوضح جابر بن عبد الله رضي الله عنه أحد أفراد السرية لهم حكم ميتة البحر؟ وهو الذي مرَّ بتجربة مماثلة في غزوة بواط، وعرف الحكم من النبي صلى الله عليه وسلم وهل يعني ذلك أن هذه السرية كانت قبل الغزوة التي ذكرها أهل المغازي متقدمة كثيرا على سرية الخبط؟ كذلك عرَّفت بحوت العنبر الذي وجده أصحاب السرية على ساحل البحر تعريفا علميًّا دقيقا وذلك من الكتب القديمة والحديثة المختصة، وبالاتصال مع بعض المختصين في كلية البحار بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ثم ذكرت بعض الأحكام المستفادة من أحداث السرية.

وفي الفصل الثاني الذي جعلته (لسرايا المغاوير) : تحدَّثت عن النجاح الباهر الذي وافق مهماتها رغم صعوبتها البالغة موفرة على دولة الإسلام في المدينة الكثير من الجهد وحقنت الكثير من الدماء التي كانت ستسيل لو بقي مثل هؤلاء الأعداء يُنفِّذون مخططاتهم العدوانية ضد المسلمين.

هذا وقد اعتمدت الرواية الأصح سندا بين الروايات التي تحدثت عن المرأة

ص: 305

التي كانت تهجو النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها زوجها، وأومأت إلى احتمال تعدد القصة، كما ذكرت الخلاف في حكم قتل سابِّ النبي صلى الله عليه وسلم ضمن الفوائد الفقهية المستفادة من القصة.

وفي سرية عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان الهذلي: أشرت إلى وقوع تحريف في التاريخ الذي ساقه الواقدي للسرية بناء على النقد الباطني للرواية، ثم ذكرت بعض الأحكام الفقهية، منها حكم صلاة الطالب التي صلاها عبد الله بن أنيس رضي الله عنه اجتهادًا منه وأقرَّه عليها النبي صلى الله عليه وسلم، كما أشرت إلى الاعتقاد بوجود شبكة منظمة من العيون والجواسيس كانت تمد النبي صلى الله عليه وسلم بالمعلومات الدقيقة والسريعة عن الأعداء حيث يضع خططه المضادة بناء على تلك المعلومات ممَّا كان له أكبر الأثر في تشتيت وعرقلة مخططاتهم العدوانية ضد المسلمين.

وفي البعث إلى كعب بن الأشرف: اعتمدت على الروايات الأصح سندا من بين الروايات الكثيرة المتعددة التي تشير إلى عداوة كعب للمسلمين، وذلك بعد غربلتها ومقارنتها ونقدها، كما سقت الاختلاف بين أهل المغازي في صلته السابقة ببعض أفراد السرية التي توجهت لقتله، ثم ذكرت بعض الأحكام المستفادة، وقد ضعفت الرواية التي ذكرها ابن إسحاق في إسلام حويصة بناء على ضعف سندها ومخالفتها لأصلٍ من أصول الشريعة.

أما في بعث عمرو بن أمية الضمري إلى أبي سفيان: فقد أثبت اختلاف أهل المغازي في هذا البعث، وقارنت بين رواياتهم المختلفة، ثم رجحت أن القصة واحدة لكنها رويت بطرق مختلفة.

وفي البعث إلى أبي رافع: أشرت إلى الخلاف الكبير في تاريخ البعث من أهل المغازي وخلافهم في أسماء قوة البعث، ثم ذكرت بعض الأحكام المستفادة، وأشرت إلى الخلاف في حكم التبييت بين الفقهاء.

ص: 306

أما في البعث إلى اليسير بن رزام: فقد ذكرت اختلاف المصادر التاريخية في اسم اليسير، كما أشرت إلى الاختلاف في قائد البعث بين عروة بن الزبير وبقية أهل المغازي.

وأثبت سرية أبي قتادة بن ربعي إلى خضرة في البحث مع أنها لا تدخل ضمن نطاقه الجغرافي لأجل الخلاف فيها بين أصحاب المغازي، وذكر ابن إسحاق لها على أساس أنها سرية توجهت إلى الغابة القريبة من المدينة.

هذا بالنسبة للباب الأول.

أما الباب الثاني: فكان الفصل الأول منه (للسرايا ذات المهمات الخاصة) : التي تنوعت مهماتها من سرايا تعقبيَّة، وبعوث تعليمية ودعوية، وسرايا تأديبية، وأخرى تحويلية، وهكذا.

أما السرايا التعقُّبيَّة: فقد رجحت روايتي ابن عبد البر وابن حزم التي تذكر أن سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرَّار كانت لتعقب كرز بن جابر وأصحابه الذين أغاروا على سرح المدينة فلحق بهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم فاتوه فجهز هذه السرية لمتابعة مطاردتهم.

وفي سرية كرز بن جابر لتعقب المفسدين: ذكرت اختلاف أهل المغازي في القبيلة التي ينتمي إليها هؤلاء الرهط الذين وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد حاولت جهدي التعريف بالمرض الذي أصابهم من خلال الكتب الطبية المختصة القديم منها والحديث، مع مناقشة الاختلافات في ذلك ومحاولة الترجيح، وقد اقترحت إقامة مركز في الجامعة لدراسة وبحث الأدوية الطبية النبوية بحثًا علميًّا لتعريف الناس بقوة وعظمة تلك الوصفات الدوائية الربانية، ثم ذكرت بعض الأحكام المستفادة.

وفي سرية أبي عامر إلى أوطاس: عرَّفت بهذا الوادي تعريفًا وافيًا، كما

ص: 307

أشرت إلى الخلاف الكبير في اسم قاتل أبي عامر الأشعري، بعد أن أثبت الروايات المختلفة في الحاشية، وأشرت أيضا إلى الخلاف في قاتل دريد بن الصمَّة.

وفي سرية حمزة بن عمرو الأسلمي لمطاردة هبَّار وصاحبه: ذكرت الخلاف في اسم صاحب هبَّار، وترجيح ابن حجر لأحد الأقوال، ثم ذكرت ما قاله بعض الأئمة للجمع بين ما ذكر في إحدى روايات الخبر من أفضلية زينب رضي الله عنها وبين الأحاديث الدالة على فضل فاطمة رضي الله عنها، وأشرت إلى الخلاف في قصة إسلام هبَّار وترجيح ابن حجر لرواية الواقدي على رواية ابن أبي نجيح في ذلك.

وفي تخريج حديث السرية قسمته إلى ثلاثة أقسام، خرَّجت كل قسم على حدة ثم ذكرت الأحكام المستفادة.

وفي سرية خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى بني جذيمة: اعتمدت على رواية الصحيح في سياق الأحداث، وأعرضت عن روايات أصحاب المغازي الضعيفة والمشعرة بإدانة خالد بن الوليد رضي الله عنه كما أشرت إلى الروايات العديدة التي تحكي قصة الرجل العاشق للجذيمية، ثم ناقشت روايات أهل المغازي وتفسيراتهم للحادثة وبيَّنت ضعفها ونكارتها، ثم أتبعت ذلك بذكر بعض الأحكام المستفادة.

وفي سرية أبي قتادة إلى أضم: رجحت قول الواقدي في أن تلك السرية كانت عملية استعراضية لصرف انتباه قريش عن خطة النبي صلى الله عليه وسلم لغزو مكة المكرمة، كما أشرت إلى الخلاف في اسم الرجل الذي نزلت فيه الآية المذكورة في السرية. وأخيرا قسمت عملية التخريج قسمين بحسب الروايتين اللتين عليهما مدار الخبر.

أما في سرية غالب بن عبد الله إلى بنو الملوح: أشرت إلى الخلاف في اسم

ص: 308

الرجل الذي دفع إليه أصحاب السرية أسيرهم، ثم تحدثت عن الكرامة التي أكرمهم بها الله فنجاهم من القوم الكافرين بعد أن كادوا يطبقون عليهم.

وفي الفصل الثاني (سرايا تحطيم الأوثان) : فتحدثت في بعث خالد بن الوليد إلى العزى، عن موقعها، وصفتها، ومكانتها عند العرب، وذكرت الخلاف في سدنتها، ثم الخلاف في تاريخ البعث، وعند تخريجي للخبر أوردت كلام النقاد في الوليد بن جميع الذي عليه مدار معظم روايات الخبر.

وفي بعث سعد بن زيد إلى مناة: نبهت إلى عدم ورود روايات مسندة حول الخبر حيث كان الاعتماد على أقوال الإخباريين بعد نقدها، ثم تحدثت عن صفة الصنم وأهله ومكانته، ثم أشرت إلى الخلاف في قائد البعث بين أهل المغازي.

وفي بعث عمرو بن العاص إلى سواع: أوردت نفس الملحوظة حول عدم ورود روايات مسندة للخبر، ولذلك تم الاعتماد على روايات أصحاب المغازي الغير مسندة، ثم بيَّنت كيفية انتقال هذا الصنم وغيره من أصنام قوم نوح إلى العرب، وذكرت ملاحظة حول تأييد علم الآثار الحديث لهذه القصة وإن كانت ضعيفة سندًا، ثم ذكر الخلاف الكبير حول المكان الذي كان فيه الصنم.

أما في بعث خالد إلى اللات: فذكرت الخلاف في أصل اللات، وفي مكان ذلك الصنم ومن هم سدنته، ثم تحدثت عن صفته وأهله، وعن تاريخ البعث، ذكرت خلاف أهل المغازي في ذلك. وأخيرا ذكرت ما يستفاد من القصة من أحكام.

هذا بالنسبة للنتائج الخاصة، أما النتائج العامة فيمكن تلخيصها فيما يلي:

1-

إن السرايا الاعتراضية لم تكن لقصد النهب والسلب –كما يدَّعي بعض المستشرقين، وإنما كانت تنفيذًا لأمر الله عز وجل بالقتال، وتحطيم قوة العدو الاقتصادية تدخل ضمن هذا الإطار، كما أن ذلك كان بمثابة المعاملة

ص: 309

بالمثل، فكما أن قريشا سلبت المسلمين أموالهم ودورهم في مكة، أفلا يحق للمسلمين أن يفعلوا ذلك بقريش وهم في حالة حرب دائمة معها؟.

1-

سرايا المغاوير: لم تكن الأساليب التي اتبعتها تدخل ضمن الأساليب غير الشريفة كالغدر والخيانة، وإنما كان ذلك جزاء الغدر والخيانة ونقض المواثيق التي قام بها أولئك الأعداء المتربصون، والحرب خدعة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ومخادعة مثل أولئك الأعداء للقضاء عليهم فيها حقن لدماء كثيرة وتوفير لجهد كبير.

كما أن تلك الفرق الشجاعة كانت تتمتع بضبط عسكري نادر، بحيث لم ينقل عنها أي اعتداء على النساء والأطفال الأبرياء تنفيذًا للأوامر والتعاليم النبوية العليا رغم صعوبة ذلك على المنفذين للظروف والملابسات الشائكة التي كانت تحيط مثل تلك الأعمال.

2-

سرايا تحطيم الأوثان: انطلقت لتنفيذ المهمة الأساسية لدعوة الإسلام الخالدة وهي إزالة كل رموز الشرك والوثنية من أرض التوحيد والحنيفية السمحة. وقد كانت قصص تحطيم تلك الأصنام فيها عبرة وعظة وتوضيح لضعف الإنسان إذا ما عاند فطرته السليمة التي بعثه الله عليها وركن إلى هواه، فهؤلاء السدنة وغيرهم من المتعلقين بتلك الرموز البالية، والأحجار الصَّماء الواهية لا يزالون متشبثين بها حتى آخر حجر يهوي منها، وكأن الغشاوة التي على عيونهم والرَّان الذي على قلوبهم قد بلغ منهم مبلغه، فلا يبصرون حتى يروا العذاب الأليم.

هذا ولقد ظهرت من خلال أحداث بعض السرايا بعض المعجزات النبوية وبعض الكرامات لبعض الصحابة. فمن المعجزات النبوية ما كان من صفة الأعرابي المخيفة التي وصفه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يره من قبل، فلما أراد

ص: 310

النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان الهذلي، قال له: صفه لي يا رسول الله، فوصفه له وصفا دقيقا، يقول عبد الله بن أنيس رضي الله عنه فلما رأيته هبته، وفرقت منه، فقلت: صدق الله ورسوله.

كما كشفت قصة بئر معونة عن معجزة نبوية أخرى، وهي كيفية موت الشهيد التي أوضحها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث القرصة.

أما الكرامات التي تحققت لبعض الصحابة فهي كما يلي:

في سرية الخبط: وعندما أشرف أصحاب السرية على الهلاك من شدة الجوع، إذ بالعناية الإلهية تخرج إليهم حوتا ضخما فتلقيه على الساحل فيأكلون منه حتى رجعوا إلى المدينة. والسيل يكون مددًا لأصحاب سرية عبد الله بن غالب الليثي يحول بينهم وبين بني الملوح بعد أن أدركوهم.

وفي سرية الرجيع: خبيب بن عدي رضي الله عنه يأكل عنبا وما بمكة ثمرة قط يومئذ، وهو محبوس في بيت من بيوتها ومقيد بالحديد داخل غرفة من غرفه.

والدَّبر تحمي جثة عاصم بن ثابت رضي الله عنه من المشركين الذين أرادوا العبث بها.

وأيضا تميَّزت بعض السرايا والبعوث ببعض الابتكارات العسكرية الفذة، ففي سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه إلى نخلة استُخدم أسلوب الرسائل المكتومة وهو أسلوب متطور يعد من أفضل (التكتيكات) الراقية لنظم الاستخبارات العسكرية.

وقد كان عليه الصلاة والسلام يستخدم نظام المخابرات بشكل دقيق ومنظم في معظم السرايا والبعوث، بما كان متاحًا من أساليب في ذلك الوقت، ولكنها كانت تؤدي دورها بنجاح وتؤتي ثمارها تفوقًا تعبويًّا وسوقيًّا في نتائج

ص: 311

السرايا والبعوث. ويمكن أن نرى ذلك واضحًا في سرية عبد الله بن رواحة إلى اليسير بن رزام، وسرية عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان الهذلي وغيرها من السرايا والبعوث النبوية.

وإن نظام فرق المغاوير الذي استحدثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيشه للتعامل مع الأفراد من أعداء الدولة الإسلامية يعد في حد ذاته ابتكارا عسكريًّا ذكيًّا استطاع به القضاء على مثل هؤلاء الأعداء بيسر وسهولة دون ما خوض في معارك يسقط فيها الكثير من الجانبين.

ومن الأساليب التي استخدمها صلى الله عليه وسلم في سراياه وبعوثه (نظام تتبع الآثار) لضمان سرعة النتائج، كما حدث في (سرية كرز بن جابر) لتعقب العرنيين، وهذا الأسلوب وإن لم يكن من الأساليب المبتكرة في ذلك الوقت وإنما مجرد استخدامه في تلك السرية يدل على سرعة بديهته عليه الصلاة والسلام وحسن تصرفه باستخدامه الأسلوب المناسب والمتاح للوضع المناسب له، وفي الوقت المناسب.

هذا ولله مزيد الشكر، والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.

وصلى الله وسلَّم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ص: 312