الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: المصدر الثاني هو السنة النبوية:
للسنة مع القرآن ثلاثة أحوال هي:
1-
إما موافقة للقرآن ومؤكدة لما ثبت فيه من أحكام، أو مفرعة على أصل تقرر فيه. ومثال ذلك جميع الأحاديث التي تدل على وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج وغير ذلك، وكذلك ما جاء في السنة من النهي عن عقوق الوالدين، وشهادة الزور، وقتل النفس بغير حق ونحو ذلك.
2-
أحكام مبينة ومفصلة لمجمل القرآن. ومن ذلك السنة التي بينت مقادير الزكاة، ومقدار المال المسروق الذي تقطع فيه يد السارق. وأنواع البيان الأخرى مثل: تخصيص العام في القرآن، وتقييد مطلق القرآن.
3-
أحكام جديدة لم يذكرها القرآن الكريم؛ وليست بياناً له، ولا تأكيداً لما ثبت فيه من أحكام. مثل تحريم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، وتحريم نكاح المرأة على عمتها، أو على خالتها (1) .
ومما يبين أن هذين المصدرين هما مصدران أساسيان؛ أن الله تعالى أمر بالرجوع إليهما عند التنازع، لكون ما عداهما تابعاً لهما. قال ابن حزم: "فكانت الأخبار التي ذكرنا أحد الأصول الثلاثة التي ألزمنا طاعتها في الآية الجامعة لجميع الشرائع، أولها عن آخرها: وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ} [النساء:59] ، فهذا أصل وهو القرآن، ثم قال تعالى:
(1) انظر كتاب أصول الحديث علومه ومصطلحه ص 47-49، وكتاب المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية ص 194.
{وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء:59] ، فهذا ثانٍ، وهو الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال تعالى:{وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] ، فهذا ثالثٌ وهو الإجماع المنقول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمه، وصح لنا بنص القرآن أن الأخبار هي أحد الأصلين المرجوع إليهما عند التنازع. ثم قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء:59] " (1) . فدل كلام ابن حزم على أن المصدرين الأساسيين، هما القرآن والسنة؛ بدليل الاعتماد عليهما عند التنازع، وبدليل أن الإجماع لا يصح إلا بدليل من الكتاب أو السنة.
وهناك مصادر تشريعية تابعة لهذين المصدرين الأساسيين، أرشدت إليها نصوص الكتاب والسنة، هي: الإجماع والقياس.
(1) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم 1/108-109.