المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معالم من منهج الهيثمي في نقد الرجال والأحاديث - السيرة النبوية عند الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد

[سليمان السويكت]

الفصل: ‌معالم من منهج الهيثمي في نقد الرجال والأحاديث

‌معالم من منهج الهيثمي في نقد الرجال والأحاديث

.

طُبع أكثرُ كتب الهيثمي، وتناول محققو هذه الكتب منهج الهيثمي النقدي فيها، وسأثبت هنا موجزاً لبعض ما ذُكر عن منهجه، ولاسيما أن من تحدثوا عنه هم من المتخصصين في علم الحديث النبوي الشريف؛ فمن أبرز المسائل التي أثيرت في هذا الصدد:

- أنه تكونت لديه المقدرة على النقد، والتمييز بين الرجال، من كثرة الممارسة، لكن لم تكن دائرة معرفته بعلم الرجال واسعة جداً (1) .

- من مزاياه التدقيق فيما ينقله من مصادره (2) .

- محاولته الانعتاق من إسار القيود التي وضعها على نفسه في عدم إصدار أحكام ذاتية (3) .

- له عبارات لطيفة في نقد الرجال، ومقدرة على معرفة العلل الظاهرة والخفية، ولم يبلغ ذلك الشأو الذي بلغه غيره (4) .

- من منهج الهيثمي عدم الحكم الصريح على الحديث النبوي تصحيحاً أو تضعيفاً، كأن يقول:"هذا إسناد صحيح "، أو " هذا إسناد ضعيف " إلا في حالات قليلة جداً، ومدار حكمه على رجال الأسانيد، وأيضاً في الغالب، اعتماداً على كلام من سبقه من رجال الجرح والتعديل والنقاد الذين مارسوا هذا الفن وسبروا أغواره، فيقول مثلاً:" رجاله ثقات"، "رجاله رجال الصحيح"، "فيه فلان ضعيف، وبقية رجاله ثقات"، "رجاله رجال الشيخين"،

(1) الدعيس، المقصد العلي ص 31.

(2)

الدرويش، بغية الرائد 1/48.

(3)

المصدر السابق 1/48.

(4)

الدعيس، المقصد العلي ص 33.

ص: 31

ونحو هذه العبارات التي لا تفيد حكماً على الحديث؛ لأن قول الحافظ "رجاله رجال الصحيح" لا يعني صحة الإسناد، فقد يكون رجاله رجال الصحيح، لكنه لا يسلم من انقطاع، أو شذوذ، أو علة أخرى، تضعف الإسناد المذكور (1) .

- وإذا حَكَمَ على الحديث فلا يعدو قوله: "إسناده حسن"، ويعقب على ذلك بقوله - أحياناً -:"إن شاء الله"(2) .

- عُمدتُه في الكلام على الأسانيد ثقاتُ ابن حبان، وميزانُ الذهبي، فإذا أطلق التوثيق فيريد ابن حبان، إلا في مواضع بيَّن فيها أن رجال الإسناد وثقهم ابن حبان فقط، إشارة منه إلى تضعيف غيره لهم، أو وثقهم جماعة وضعفهم آخرون (3) .

- عدم تسرعه في الأحكام وتوقفه فيما يتشكك فيه؛ فهو يتوقف في الحكم على الأحاديث التي اختلف النقاد في أسانيدها والحكم على رجالها، فلا يجزم بحكم فاصل عليهم، بل يذكر الراوي وينقل كلام النقاد فيه ولا يتعقبه إلا نادراً (4) .

- تمييزه للسماع، مَنْ سمع من الراوي قبل اختلاطه أو بعده، وإن كان هذا غير مطرد دائماً، ومعرفته أن الشخص ثقة في رواية فلان عنه، ضعيف في غيره (5) .

- محاولته أحياناً توثيق من تُكُلِّم فيه، وهذا من علامات وضوح

(1) الدرويش، بغية الرائد 1/ 44؛ علوش، علم زوائد الحديث ص 257؛والدعيس، المقصد العلي ص 42.

(2)

الدرويش، بغية الرائد 1/ 44، ومجمع الزوائد 6/48.

(3)

الدرويش، بغية الرائد 1/ 48، 51؛ الدعيس، المقصد العلي ص 33.

(4)

الدرويش، بغية الرائد 1/48؛ الدعيس، المقصد العلي ص 41.

(5)

الدرويش، بغية الرائد 1/48.

ص: 32

شخصيته (1) .

- ينقل الفوائد التي يذكرها المخرِّجون إذا رأى ضرورة (2) .

- عدم اكتفائه بحكم صاحب الأصل؛ كما في تعقبه للبزار في مواطن (3) .

- تمييزه أحياناً لرجال الصحيح وأن أحدهم فيه كلام، أو يُبَيِّن إرسالَه (4) .

- ذكره متابعات للإسناد من كتب أخرى كالمستدرك للحاكم، ولذلك تراه أحياناً يسقط الكلام على أحد رجال الإسناد إذا كان له متابع في المصادر الأخرى (5) .

- يشير أحياناً إلى الشواهد التي ترفع من درجة الأحاديث المعلول إسنادُها (6) .

- يعدِلُ أحياناً إلى ذكر عدم معرفته بالراوي إلى التصريح بعدم الوقوف على جرح أو تعديل فيه (7) .

- إذا لم يتكلم على الإسناد فهو إشارة منه - والله أعلم - إلى زيادة ضعفه، أو قربه من الوضع، وكأنه يتوقف في ذلك فلا يتكلم، أو ربما إشارة

(1) المصدر السابق 1/48.

(2)

الدرويش، بغية الرائد 1/49.

(3)

المصدر السابق 1/48؛ الدعيس، المقصد العلي ص 40.

(4)

الدرويش، بغية الرائد 1/48.

(5)

المصدر السابق 1/49.

(6)

انظر مثلاً: مجمع الزوائد 5/302، 6/97، 7/187، 8/222، 9/83. وهذا يخالف ما قرره الأستاذ علوش؛ من أن الهيثمي لا يعرج على هذا البتة ص 257.

(7)

الدعيس، المقصد العلي ص 32 الدرويش، بغية الرائد 1/48.

ص: 33

إلى عدم أهمية الحديث عن الإسناد في ذلك الموضع؛ كالأخبار التاريخية، أو أسانيد بعض الأشعار (1) .

- يذكر أحياناً عدم معرفته براو، نجدُ مَنْ سَبقه أو عاصره قد ترجم له، بل وثقه، ولعل ذلك يرجع إلى عدم وقوفه على بعض المصنفات في علم الرجال (2) .

- ينقل أحياناً عن بعض الأئمة كلاماً في الرواة دون أن يتقيد بألفاظهم (3) .

- قد يُنَبِّه على وجود راوٍ ضعيف في الإسناد، ولا يفصح باسمه (4) .

- وإذا قال عن حديث: "مرسل صحيح" فيريد بصحيح: أن رجاله ثقات، لأن المرسل كله ضعيف (5) .

- وإذا قال: "رجاله رجال الصحيح" فيريد صحيح مسلم، لا البخاري (6) .

- وإذا قال: "إسناده ضعيف" بدون تحديد، فيشير إلى وجود أكثر من علة (7) .

- وإذا قال عن رجل: "مجمع على ضعفه" فيريد غالباً أنه متروك، إذا كان متشككاً بعض الشيء (8) .

- وإذا قال عن رجل: "وهو متهم بهذا الحديث" فهي إشارة إلى وضعه

(1) الدرويش، بغية الرائد 1/50.

(2)

الدعيس، المقصد العلي ص 32.

(3)

المصدر السابق ص 33.

(4)

الدعيس، المقصد العلي ص 32، يذكر الشيخ الدرويش أنه في مثل هذه الحال يريد أبا حنيفة النعمان، بغية الرائد 1/51.

(5)

الدرويش، بغية الرائد 1/50.

(6)

المصدر السابق 1/50.

(7)

المصدر السابق 1/51.

(8)

المصدر السابق 1/51.

ص: 34

لذلك الحديث (1) .

- معرفة الراوي بعد الجهل به، وتغير حكمه فيه (2) .

- يضبط الأسماء بالحروف أحياناً (3) .

ويؤخذ عليه في مجال نقده مآخذ - وهو ما أشرنا سابقاً إلى تتبع العلماء له فيه - مثل:

- تصحيح أسانيد ليست صحيحة (4) .

- تحسين أحاديث ليست بحسنة (5) .

- تعليل أخرى وهي غير معلولة (6) .

- تضعيف ما هو صحيح (7) .

- اختلاف حكمه على الحديث من موضع لآخر (8) .

(1) المصدر السابق 1/51.

(2)

علوش، علم زوائد الحديث ص 246، ومثَّل لهذا بـ (علي بن عاصم) قال عنه أولاً:" لم أر من ترجم له " المجمع 1/172، ثم وجده فيما بعد فقال:" كان كثير الغلط، وينبه على ذلك، فلا يرجع، ويحتقر الحفاظ " المجمع 1/209،ثم رأى من- - وثقه، فقال:" فيه ضعف وقد وثق " المجمع 4/19، ثم كان آخر ما جاء في المجمع عنه:" ضعيف لكثرة غلطه، وتماديه فيه، وقد وثق " 6/179.

(3)

الدعيس، المقصد العلي ص 42.

(4)

الدعيس، المقصد العلي ص 47.

(5)

المصدر السابق ص 47.

(6)

المصدر السابق ص 47.

(7)

المصدر السابق ص 47.

(8)

الدرويش، بغية الرائد 1/47.

ص: 35

- إعلاله بما هو أقل من المطلوب (1) .

- كلامه على بعض الضعفاء في الإسناد دون بعض (2) .

- وصف بعض الرجال بأوصاف لم تذكر عنهم، كالتدليس مثلاً (3) .

- نفيه أن يكون الرجل فلاناً، فإذا به هو (4) .

- ظنّه بعضَ الكُنى لفلان ثم يتبين أنها لغيره، أو أن في الإسناد فلاناً فإذا هو غيره (5) .

- تبيينه أحياناً تصريح المدلس بالتحديث، وإغفاله ذلك في مواطن أخرى (6) .

- يذكر أحياناً أسماء ضعفاء في إسناد ما، ولا يبين ضعفهم (7) .

- تغير عبارته في الحكم على الرواة (8) .

- إلى آخر ما قيل في هذا الصدد، لكني أقول: إن اهتمام أهل العلم بكتب الهيثمي وتتبع أوهامه فيها، دليل على قيمتها العلمية الكبيرة، والنقص من سمة الطبع البشري الذي لا يكاد ينفك منه أحد إلا المعصومون عليهم الصلاة والسلام.

(1) المصدر السابق 1/45.

(2)

المصدر السابق 1/45.

(3)

المصدر السابق 1/45.

(4)

المصدر السابق 1/45.

(5)

المصدر السابق 1/45- 46.

(6)

المصدر السابق 1/46.

(7)

المصدر السابق 1/47.

(8)

انظر مثلاً مجمع الزائد في حديثه عن عبد العزيز بن عمران؛ فأحياناً يقول عنه: "ضعيف" وأحياناً يقول: "متروك" 6/ 77، 80، 82، 8/220، 231، 298، 299.

ص: 36