المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر رضي الله عنه - السيرة النبوية من البداية والنهاية - ت عبد الواحد - جـ ٢

[ابن كثير]

الفصل: ‌ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر رضي الله عنه

لِأَبَوَيْهِمَا وَهُوَ أَبُو الرُّومِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَقَدْ غَلِطَ مَنْ جَعَلَهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ كَافِرًا، ذَاكَ أَبُو عَزَّةَ، كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْن سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: قُدِمَ بِالْأُسَارَى حِينَ قُدِمَ بِهِمْ وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ آلِ عَفْرَاءَ فِي مَنَاحَتِهِمْ عَلَى عَوْفٍ وَمُعَوِّذٍ ابْنَيْ عَفْرَاءَ، قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ.

قَالَ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَعِنْدَهُمْ إِذْ أُتِينَا فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى قَدْ أُتِيَ بِهِمْ.

قَالَتْ: فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَإِذَا أَبُو يَزِيدَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ، قَالَتْ:

فَلَا وَاللَّهِ مَا مَلَكْتُ نَفْسِي حِينَ رَأَيْتُ أَبَا يَزِيدَ كَذَلِكَ أَنْ قُلْتُ: أَيْ أَبَا يَزِيدَ، أَعْطَيْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ، أَلا متم كراما؟ ! فو الله مَا أَنْبَهَنِي إِلَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْبَيْتِ:" يَا سَوْدَةُ أَعلَى الله وعَلى رَسُوله تحرضين! ! " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا مَلَكْتُ نَفْسِي حِينَ رَأَيْتُ أَبَا يَزِيدَ مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ.

ثُمَّ كَانَ مِنْ قِصَّةِ الْأُسَارَى بِالْمَدِينَةِ مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَتَفْصِيلُهُ فِيمَا بَعْدُ، مِنْ كَيْفِيَّةِ فِدَائِهِمْ وَكَمِّيَّتِهِ.

إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

‌ذِكْرُ فَرح النَّجَاشِيّ بوقعة بدر رضي الله عنه

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحُرْفِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمد بن سلمَان النَّجَّادُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا عَبْدَانِ بن عُثْمَان، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يزِيد، عَن جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ، قَالَ أَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى

ص: 476

جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ عَلَيْهِ خُلْقَانُ ثِيَابٍ جَالِسٌ عَلَى التُّرَابِ.

قَالَ جَعْفَرُ: فَأَشْفَقْنَا مِنْهُ حِينَ رَأَيْنَاهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَلَمَّا أَنْ رَأَى مَا فِي وُجُوهِنَا قَالَ: إِنِّي أُبَشِّرُكُمْ بِمَا يَسُرُّكُمْ، إِنَّهُ جَاءَنِي مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ عَيْنٌ لِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَرَ نَبِيَّهُ وَأَهْلَكَ عَدُوَّهُ وَأُسِرَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَقُتِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، الْتَقَوْا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ بَدْرٌ كَثِيرُ الاراك كأنى أنظر إِلَيْهِ، كنت أرعى لِسَيِّدِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ إِبِلَهُ.

فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: مَا بَالُكَ جَالِسًا عَلَى التُّرَابِ لَيْسَ تَحْتك بِسَاط وَعَلَيْك هَذِه الاخلاط؟ قَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى عِيسَى: إِنَّ حَقًّا عَلَى عِبَادِ اللَّهِ أَنْ يحدثوا الله تواضعا عِنْد مَا يُحْدِثُ لَهُمْ مِنْ نِعْمَةٍ.

فَلَمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لِي نَصْرَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْدَثْتُ لَهُ هَذَا التَّوَاضُعَ (1) .

فَصْلٌ فِي وُصُولِ خَبَرِ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ إِلَى أَهَالِيهِمْ بِمَكَّةَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ من مَكَّةَ بِمُصَابِ قُرَيْشٍ الْحَيْسُمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ فَقَالُوا لَهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: قُتِلَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو الحكم ابْن هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَنبيه ومنبه، وَأَبُو البخْترِي ابْن هِشَامٍ.

فَلَمَّا جَعَلَ يُعَدِّدُ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ قَالَ صَفْوَان بن أُميَّة: وَالله لن (2) يَعْقِلُ هَذَا، فَسَلُوهُ عَنِّي.

فَقَالُوا: مَا فَعَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ؟ قَالَ: هُوَ ذَاكَ جَالِسًا فِي الْحِجْرِ، قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْتُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ حِينَ قُتِلَا.

قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَلَمَّا وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَتَحَقَّقُوهُ قَطَّعَتِ النِّسَاء شعورهن وعقرت خُيُول كَثِيرَة ورواحل.

(1) يَبْدُو على هَذَا الْخَبَر الافتعال والصنعة.

وفى سَنَده من هُوَ مَجْهُول الْحَال.

وَأَبُو الْقَاسِم الحرفى كَانَ مُضْطَرب السماع.

(2)

ابْن هِشَام: وَالله إِن يعقل.

(*)

ص: 477

وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ عَنْ كِتَابِ الدَّلَائِلِ لِقَاسِمِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ سَمِعَ أَهْلُ مَكَّةَ هَاتِفًا مِنَ الْجِنِّ يَقُولُ: أَزَارَ الْحَنِيفِيُّونَ بَدْرًا وَقِيعَةً * سَيَنْقَضُّ مِنْهَا رُكْنُ كِسْرَى وَقَيْصَرَا أَبَادَتْ رِجَالًا مِنْ لُؤَيٍّ وَأَبْرَزَتْ * خَرَائِدَ يَضْرِبْنَ التَّرَائِبَ حُسَّرَا فَيَا وَيْحَ مَنْ أَمْسَى عَدُوَّ مُحَمَّدٍ * لَقَدْ جَارَ عَنْ قَصْدِ الْهُدَى وَتَحَيَّرَا * * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُنْتُ غُلَامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمَتْ

أُمُّ الْفَضْلِ وَأَسْلَمْتُ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ خِلَافَهُمْ وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلَامَهُ، وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ.

وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلَّفَ عَن بدر فَبعث مَكَانَهُ الْعَاصِ ابْن هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَذَلِكَ كَانُوا صَنَعُوا، لَمْ يتَخَلَّف مِنْهُم رَجُلٌ إِلَّا بَعَثَ مَكَانَهُ رَجُلًا.

فَلَمَّا جَاءَهُ الْخَبَرُ عَنْ مُصَابِ أَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَبَتَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ وَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا قُوَّةً وَعِزًّا، قَالَ: وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا وَكُنْتُ أَعْمَلُ الاقداح أنحتها فِي حجرَة زَمْزَم، فو الله إِنِّي لَجَالِسٌ فِيهَا أَنْحِتُ أَقْدَاحِي وَعِنْدِي أُمُّ الْفَضْلِ جَالِسَةٌ وَقَدْ سَرَّنَا مَا جَاءَنَا مِنَ الْخَبَرِ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ بَشَرٍّ حَتَّى جَلَسَ عَلَى طُنُبِ (1) الْحُجْرَةِ فَكَانَ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِي، فَبَيْنَا هُوَ جَالِسٌ إِذْ قَالَ النَّاسُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ، وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بن الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ قَدِمَ.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: هَلُمَّ إِلَيَّ، فَعِنْدَكَ لَعَمْرِي الْخَبَرُ.

قَالَ: فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَالنَّاسُ قِيَامٌ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا ابْن أَخِي أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ لَقِينَا الْقَوْمَ فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كَيفَ شَاءُوا،

(1) الطنب: الطّرف.

(*)

ص: 478

وَيَأْسِرُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَايْمُ اللَّهِ مَعَ ذَلِكَ مَا لُمْتُ النَّاسَ، لَقِينَا رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاللَّهِ مَا تلِيق (1) شَيْئا وَلَا يقوم لَهَا شئ.

قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَرَفَعْتُ طُنُبَ الْحُجْرَةِ بِيَدِي ثُمَّ قُلْتُ: تِلْكَ وَاللَّهِ الْمَلَائِكَةُ! قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَضَرَبَ وَجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً، قَالَ وَثَاوَرْتُهُ (2) فَاحْتَمَلَنِي وَضَرَبَ بِي الْأَرْضَ ثُمَّ بَرَكَ عَلَيَّ يَضْرِبُنِي، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا، فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ فَأَخَذته فضربته بِهِ ضَرْبَة فبلغت فِي رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً، وَقَالَتْ: أَسْتَضْعَفْتَهُ أَنْ غَابَ عَنهُ سَيّده! فَقَامَ موليا ذليلا، فو الله مَا عَاشَ إِلَّا سَبْعَ لَيَالٍ حَتَّى رَمَاهُ اللَّهُ بِالْعَدَسَةِ (3) فَقَتَلَتْهُ.

زَادَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَلَقَدْ تَرَكَهُ ابْنَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلَاثًا مَا دَفَنَاهُ حَتَّى أَنْتَنَ.

وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَتَّقِي هَذِهِ الْعَدَسَةَ كَمَا تَتَّقِي الطَّاعُونَ، حَتَّى قَالَ لَهُم رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: وَيْحَكُمَا أَلَا تَسْتَحِيَانِ إِنَّ أَبَاكُمَا قَدْ أَنْتَنَ فِي بَيْتِهِ لَا تَدْفِنَانِهِ؟ فَقَالَا: إِنَّا نخشى عدوة هَذِهِ الْقُرْحَةِ، فَقَالَ: انْطَلِقَا فَأَنَا أُعِينُكُمَا عَلَيْهِ.

فو الله مَا غَسَّلُوهُ إِلَّا قَذْفًا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ مَا يَدْنُونَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلُوهُ إِلَى أَعْلَى مَكَّةَ فَأَسْنَدُوهُ إِلَى جِدَارٍ ثُمَّ رَضَمُوا عَلَيْهِ بِالْحِجَارَةِ.

[قَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَمُرُّ عَلَى مَكَانِ أَبِي لَهَبٍ هَذَا إِلَّا تَسَتَّرَتْ بِثَوْبِهَا حَتَّى تَجُوزَ (4) ] * * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ قَالَ: نَاحَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلَاهُمْ، ثُمَّ قَالُوا:

(1) تلِيق: تبقى.

(2)

ثاورته: واثبته.

وفى ا: بادرته.

(3)

العدسة: قرحه قاتلة كَانَت تتشاءم بهَا الْعَرَب.

(4)

سقط من ا.

(*)

ص: 479

لَا تَفعلُوا يبلغ (1) مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ فَيَشْمَتُوا بِكُمْ، وَلَا تَبْعَثُوا فِي أَسْرَاكُم حَتَّى تستأنسوا بِهِمْ لَا يَأْرَبُ (2) عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الْفِدَاءِ.

قُلْتُ: وَكَانَ هَذَا مِنْ تَمَامِ مَا عَذَّبَ اللَّهُ بِهِ أَحْيَاءَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ تَرْكُهُمُ النَّوْحَ عَلَى قَتْلَاهُمْ، فَإِنَّ الْبُكَاءَ عَلَى الْمَيِّتِ مِمَّا يُبِلُّ فُؤَادَ الْحَزِينِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ قَدْ أُصِيبَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ وَلَدِهِ، زَمْعَةُ وَعَقِيلٌ وَالْحَارِثُ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَبْكِيَ عَلَى بَنِيهِ قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعَ نَائِحَةً مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لِغُلَامٍ لَهُ، وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، انْظُرْ هَلْ أُحِلَّ النَّحْبُ؟ هَلْ بَكَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلَاهَا؟ لَعَلِّي أَبْكِي عَلَى أَبِي حَكِيمَةَ، يَعْنِي وَلَدَهُ زَمْعَةَ، فَإِنَّ جَوْفِي

قَدِ احْتَرَقَ! قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ الْغُلَامُ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ امْرَأَةٌ تَبْكِي عَلَى بَعِيرٍ لَهَا أَضَلَّتْهُ.

قَالَ: فَذَاكَ حِينَ يَقُولُ الْأَسْوَدُ: أَتَبْكِي أَنْ أَضَلَّ (3) لَهَا بَعِيرٌ * وَيَمْنَعُهَا مِنَ النَّوْمِ السُّهُودُ فَلَا تَبْكِي عَلَى بَكْرٍ وَلَكِنْ * عَلَى بَدْرٍ تَقَاصَرَتِ الْجُدُودُ (4) عَلَى بَدْرٍ سَرَاةِ بَنِي هُصَيْصٍ * وَمَخْزُومٍ وَرَهْطِ أَبِي الْوَلِيدِ وَبَكِّي إِن بَكَيْت أَبَا عَقِيلٍ (5) * وَبَكِّي حَارِثًا أَسَدَ الْأُسُودِ وَبَكِّيهِمْ وَلَا تَسَمِي جَمِيعًا * وَمَا لِأَبِي حَكِيمَةَ مِنْ نَدِيدِ (6) أَلَا قَدْ سَادَ بَعْدَهُمُ رِجَالٌ * وَلَوْلَا يَوْمُ بدر لم يسودوا (7)

(1) ابْن هِشَام: فَيبلغ.

(2)

لَا يأرب: لَا يشْتَد.

(3)

ابْن هِشَام: أَن يضل.

(4)

الْبكر.

الْفَتى من الابل.

والجدود: الحظوظ.

(5)

ابْن هِشَام: على عقيل.

(6)

تسمى: تسامى.

والنديد.

الشبيه.

(7)

هُنَا إقواء.

(*)

ص: 480

فَصْلٌ فِي بَعْثِ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ فِي الْأُسَارَى أَبُو وَدَاعَةَ بْنُ ضُبَيْرَةَ السَّهْمِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ لَهُ بِمَكَّةَ ابْنًا كَيِّسًا تَاجِرًا ذَا مَالٍ، وَكَأَنَّكُمْ بِهِ قَدْ جَاءَ فِي طَلَبِ فِدَاءِ أَبِيهِ " فَلَمَّا قَالَتْ قُرَيْشٌ: لَا تَعْجَلُوا بِفِدَاءِ أَسْرَاكُمْ لَا يَأْرَبُ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ، قَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنى: صَدَقْتُمْ لَا تَعْجَلُوا.

وَانْسَلَّ مِنَ اللَّيْلِ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَأَخَذَ أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَانْطَلَقَ بِهِ.

قُلْتُ: وَكَانَ هَذَا أَوَّلَ أَسِيرٍ فُدِيَ ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ فَقَدِمَ مكرز

ابْن حَفْصِ بْنِ الْأَخْيَفِ فِي فِدَاءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ الَّذِي أَسَرَهُ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ: أَسَرْتُ سُهَيْلًا فَلَا أَبْتَغِي * أَسِيرًا بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمْ وَخِنْدِفُ تَعْلَمُ أَنَّ الْفَتَى * فَتَاهَا سُهَيْلٌ إِذَا يُظَّلَمْ ضَرَبْتُ بِذِي الشَّفْرِ حَتَّى انْثَنَى * وَأَكْرَهْتُ نَفْسِي عَلَى ذِي الْعَلَمْ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ سُهَيْلٌ رَجُلًا أَعْلَمَ مِنْ شَفَتِهِ السُّفْلَى.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَخُو بَنِي عَامر بن لؤى، أَن عمر ابْن الْخَطَّابِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: دَعْنِي أنزع ثنية سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَدْلَعْ لِسَانُهُ فَلَا يَقُومُ عَلَيْكَ خَطِيبًا فِي مَوْطِنٍ أَبَدًا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا أُمَثِّلُ بِهِ فَيُمَثِّلَ اللَّهُ بِي وَإِنْ كُنْتُ نَبِيًّا ".

(31 - السِّيرَة 2)

ص: 481

قلت: هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ بَلْ مُعْضَلٌ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعُمَرَ فِي هَذَا: " إِنَّهُ عَسَى أَنْ يَقُومَ مَقَامًا لَا تَذُمُّهُ ".

قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي قَامَهُ سُهَيْلٌ بِمَكَّةَ حِينَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ، وَنَجَمَ النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا، فَقَامَ بِمَكَّةَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَثَبَّتَهُمْ عَلَى الدِّينِ الْحَنِيفِ.

كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا قَاوَلَهُمْ فِيهِ مِكْرَزٌ وَانْتَهَى إِلَى رِضَائِهِمْ، قَالُوا: هَاتِ الَّذِي لَنَا.

قَالَ: اجْعَلُوا رِجْلِي مَكَانَ رِجْلِهِ وَخَلُّوا سَبِيلَهُ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْكُمْ بِفِدَائِهِ، فَخَلَّوْا سَبِيلَ سُهَيْلٍ وَحَبَسُوا مِكْرَزًا عِنْدَهُمْ.

وَأَنْشَدَ لَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا أَنْكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَكَانَ فِي الْأُسَارَى عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَتْ أُمُّهُ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بَلْ كَانَتْ أُمُّهُ أُخْتَ أَبِي مُعَيْطٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ الَّذِي أَسَرَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: فَقِيلَ لِأَبِي سُفْيَان: أفد عمرا ابْنك، قَالَ: أيجتمع عَلَيَّ دَمِي وَمَالِي! قَتَلُوا حَنْظَلَةَ وَأَفْدِي عَمْرًا؟ دَعُوهُ فِي أَيْدِيهِمْ يُمْسِكُوهُ مَا بَدَا لَهُمْ.

قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ مَحْبُوسٌ بِالْمَدِينَةِ إِذْ خَرَجَ سَعْدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ أُكَّالٍ، أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، مُعْتَمِرًا وَمَعَهُ مُرَيَّةٌ (1) لَهُ، وَكَانَ شَيْخًا مُسلما، فِي

(1) مرية: تَصْغِير امْرَأَة.

(*)

ص: 482

غنم لَهُ بِالبَقِيعِ، فَخرج من هُنَالك مُعْتَمِرًا، وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُحْبَسُ بِمَكَّةَ إِنَّمَا جَاءَ مُعْتَمِرًا، وَقد كَانَ عهد قُرَيْش أَن قُرَيْشًا لَا يَعْرِضُونَ لِأَحَدٍ جَاءَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا إِلَّا بِخَيْرٍ، فَعَدَا عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِمَكَّةَ فَحَبَسَهُ بِابْنِهِ عَمْرٍو، وَقَالَ فِي ذَلِكَ: أَرَهْطَ ابْنِ أُكَّالٍ أَجِيبُوا دُعَاءَهُ * تَعَاقَدْتُمُ لَا تُسْلِمُوا السَّيِّدَ الْكَهْلَا فَإِنَّ بَنِي عَمْرو لئام أَذِلَّة * لَئِن لم يكفوا (1) عَنْ أَسِيرِهِمُ الْكَبْلَا قَالَ: فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ: لَوْ كَانَ سَعْدٌ يَوْمَ مَكَّةَ مُطْلَقًا * لَأَكْثَرَ فِيكُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ الْقَتْلَا بِعَضْبٍ حُسَامٍ أَوْ بِصَفْرَاءَ نَبْعَةٍ * تَحِنُّ إِذَا مَا أُنْبِضَتْ تَحْفِزُ النَّبْلَا (2) قَالَ: وَمَشَى بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ عَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَيَفُكُّوا بِهِ صَاحِبَهُمْ، فَأَعْطَاهُمُ النَّبِيُّ، فَبَعَثُوا بِهِ إِلَى أَبِي

سُفْيَانَ فَخَلَّى سَبِيلَ سَعْدٍ.

* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ فِي الْأُسَارَى أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ أُمَيَّةَ، خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَزَوْجُ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ الَّذِي أَسَرَهُ خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ أَحَدُ بَنِي حَرَامٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ مِنْ رِجَالِ مَكَّةَ الْمَعْدُودِينَ مَالًا وَأَمَانَةً وَتِجَارَةً، وَكَانَتْ أُمُّهُ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتَ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، وَكَانَتْ خَدِيجَةُ هِيَ الَّتِي سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُزَوِّجَهُ بِابْنَتِهَا زَيْنَبَ وَكَانَ لَا يُخَالِفُهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ الْوَحْيِ.

وَكَانَ عليه السلام قَدْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ رُقَيَّةَ، أَوْ أُمَّ كُلْثُومٍ، مِنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْوَحْيُ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: اشْغَلُوا مُحَمَّدًا بِنَفْسِهِ.

وَأَمَرَ ابْنَهُ عُتْبَةَ فَطَلَّقَ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى

(1) وتروى: يفكوا.

(2)

الصَّفْرَاء: الْقوس.

والنبع: شجر تصنع مِنْهُ القسى.

تحن: يصوت وترها.

أنبضت: حركت.

(*)

ص: 483

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَتَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه.

وَمَشَوْا إِلَى أَبى الْعَاصِ فَقَالُوا: فَارِقْ صَاحِبَتَكَ وَنَحْنُ نُزَوِّجُكَ بِأَيِّ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ شِئْتَ.

قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِذًا لَا أُفَارِقُ صَاحِبَتِي وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِامْرَأَتِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُثْنِي عَلَيْهِ فِي صِهْرِهِ فِيمَا بَلَغَنِي.

قُلْتُ: الْحَدِيثُ بِذَلِكَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي صِهْرِهِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ، كَمَا سَيَأْتِي.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُحِلُّ بِمَكَّةَ وَلَا يُحَرِّمُ، مَغْلُوبًا عَلَى أَمْرِهِ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ زَيْنَبَ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَبِي الْعَاصِ، وَكَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ.

كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا.

قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً وَقَالَ: " إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا فَافْعَلُوا ".

قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَطْلَقُوهُ وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا.

* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَكَانَ مِمَّنْ سُمِّيَ لَنَا مِمَّنْ مَنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأُسَارَى بِغَيْرِ فِدَاءٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ: أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ، وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ الْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْطَبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ أَسَرَهُ بَعْضُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَتُرِكَ فِي أَيْدِيهِمْ حَتَّى خلوا سَبيله فلحق بقَوْمه.

قَالَ ابْن إِسْحَاق: وَقد كَانَ رَسُول صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ أَن يخلى

ص: 484

سَبِيلَ زَيْنَبَ، يَعْنِي أَنْ تُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَفَّى أَبُو الْعَاصِ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَدْ ذكر ذَلِك ابْن إِسْحَاق هَا هُنَا فَأَخَّرْنَاهُ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ افْتِدَاءِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ وَعَقِيلًا وَنَوْفَلًا ابْنَيْ أَخَوَيْهِ بِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ مِنَ الذَّهَبِ.

وَقَالَ ابْن هِشَام: كَانَ الذى أسر أَبَا الْعَاصِ أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَصَيْفِيُّ بْنُ أَبِي رِفَاعَةَ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ،

تُرِكَ فِي أَيْدِي أَصْحَابِهِ، فَأَخَذُوا عَلَيْهِ لَيَبْعَثَنَّ لَهُمْ بِفِدَائِهِ فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ وَلَمْ يَفِ لَهُمْ.

قَالَ حسان بن ثَابت فِي ذَلِك مَا كَانَ صَيْفِيٌّ لِيُوفِيَ أَمَانَةً * قَفَا ثَعْلَبٍ أَعْيَا بِبَعْضِ الْمَوَارِدِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ كَانَ مُحْتَاجًا ذَا بَنَاتٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ عرفت مالى مِنْ مَالٍ، وَإِنِّي لَذُو حَاجَةٍ وَذُو عِيَالٍ فَامْنُنْ عَلَيَّ، فَمَنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأخذ عَلَيْهِ أَلا يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا، فَقَالَ أَبُو عَزَّةَ يَمْدَحُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِك: من مبلغ عَن الرَّسُولَ مُحَمَّدًا * بِأَنَّكَ حَقٌّ وَالْمَلِيكُ حَمِيدُ وَأَنْتَ امْرُؤٌ تَدْعُو إِلَى الْحَقِّ وَالْهُدَى * عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ الْعَظِيمِ شَهِيدُ وَأَنْتَ امْرُؤٌ بُوِّئْتَ فِينَا مَبَاءَةً * لَهَا دَرَجَاتٌ سَهْلَةٌ وَصُعُودُ فَإِنَّكَ مَنْ حَارَبْتَهُ لَمُحَارَبٌ * شَقِيٌّ وَمَنْ سَالَمْتَهُ لَسَعِيدُ وَلَكِنْ إِذَا ذُكِّرْتُ بَدْرًا وَأَهْلَهُ * تَأَوَّبَ مَا بِي حَسْرَةٌ وَقُعُودُ قُلْتُ: ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَزَّةَ هَذَا نَقَضَ مَا كَانَ عَاهَدَ الرَّسُولَ عَلَيْهِ، وَلَعِبَ الْمُشْرِكُونَ بِعَقْلِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أُسِرَ أَيْضًا، فَسَأَلَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا أَدَعُكَ تَمْسَحُ عَارِضَيْكَ وَتَقُولُ: خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ! " ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ.

عُنُقُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ.

ص: 485

وَيُقَالُ: إِنَّ فِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ " وَهَذَا مِنَ الْأَمْثَالِ الَّتِي لَمْ تسمع إِلَّا مِنْهُ عليه السلام.

* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: جَلَسَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ بَعْدَ مُصَابِ أَهِلِ بَدْرٍ بِيَسِيرٍ،

وَكَانَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ شَيْطَانًا مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ، وَمِمَّنْ كَانَ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ وَيَلْقَوْنَ مِنْهُ عَنَاءً وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُهُ وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي أُسَارَى بَدْرٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالَّذِي أَسَرَهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ أَحَدُ بَنِي زُرَيْقٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن جَعْفَر، عَن عُرْوَة فَذَكَرَ أَصْحَابَ الْقَلِيبِ وَمُصَابَهُمْ، فَقَالَ صَفْوَانُ: وَاللَّهِ مَا إِنْ فِي الْعَيْشِ [بَعْدَهُمْ] خَيْرٌ.

قَالَ لَهُ عُمَيْر: صدقت، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَيْسَ عِنْدِي قَضَاؤُهُ وَعِيَالٌ أَخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ بَعْدِي لَرَكِبْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَإِنَّ لِي فِيهِمْ عِلَّةً، ابْنِي أَسِيرٌ فِي أَيْدِيهِمْ.

قَالَ: فَاغْتَنَمَهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَالَ: عَلَيَّ دَيْنُكَ أَنَا أَقْضِيهِ عَنْكَ، وَعِيَالُكَ مَعَ عِيَالِي أُوَاسِيهِمْ مَا بقوا، لَا يسعنى شئ وَيَعْجِزُ عَنْهُمْ.

فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: فَاكْتُمْ عَلَيَّ شَأْنِي وَشَأْنَكَ.

قَالَ: سَأَفْعَلُ.

قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ عُمَيْرٌ بِسَيْفِهِ فَشُحِذَ لَهُ وَسُمَّ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَبَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ يَوْمِ بَدْرٍ وَيَذْكُرُونَ مَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَمَا أَرَاهُم فِي عَدُوِّهِمْ، إِذْ نَظَرَ عُمَرُ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ وَقَدْ أَنَاخَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ.

فَقَالَ: هَذَا الْكَلْبُ عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ مَا جَاءَ إِلَّا لِشَرٍّ، وَهُوَ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا وَحَزَرَنَا (1) لِلْقَوْمِ يَوْمَ بَدْرٍ.

(1) حرزنا: قَدرنَا.

(*)

ص: 486

ثُمَّ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ جَاءَ مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ.

قَالَ: فَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ.

قَالَ: فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى أَخَذَ بِحِمَالَةِ سَيْفِهِ فِي عُنُقِهِ فَلَبَّبَهُ بِهَا وَقَالَ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ: ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاجْلِسُوا عِنْدَهُ، وَاحْذَرُوا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْخَبِيثِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ.

ثُمَّ دَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ وَعُمَرُ آخِذٌ بِحِمَالَةِ سَيْفِهِ فِي عُنُقِهِ قَالَ:" أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، ادْنُ يَا عُمَيْرُ " فَدَنَا ثُمَّ قَالَ: أنعم صَبَاحًا.

وَكَانَتْ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَهُمْ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِتَحِيَّةٍ خَيْرٍ مِنْ تَحِيَّتِكَ يَا عُمَيْرُ، بِالسَّلَامِ تَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ " قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ إِنْ كُنْتُ بِهَا لَحَدِيثَ عَهْدٍ.

قَالَ: " فَمَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ؟ " قَالَ: جِئْتُ لِهَذَا الْأَسِيرِ الَّذِي فِي أَيْدِيكُمْ فَأَحْسِنُوا فِيهِ.

قَالَ: " فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي عُنُقِكَ؟ " قَالَ: قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ وَهَلْ أَغْنَتْ شَيْئًا!.

قَالَ: " اصْدُقْنِي مَا الَّذِي جِئْتَ لَهُ؟ " قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ.

قَالَ: " بَلْ قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ، فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قُلْتَ: لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ وَعِيَالٌ عِنْدِي لَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدًا، فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بِدَيْنِكَ وَعِيَالِكَ، عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِي لَهُ، وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ " فَقَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبُكَ بِمَا كُنْتَ تَأْتِينَا بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَمَا يَنْزِلُ عَلَيْكَ مِنَ الْوَحْيِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يحضرهُ إِلَّا أَنا وَصَفوَان، فو الله إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ وَسَاقَنِي هَذَا الْمَسَاقَ.

ثُمَّ شَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ، وَعَلِّمُوهُ الْقُرْآنَ وَأَطْلِقُوا أَسِيرَهُ " فَفَعَلُوا.

ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جَاهِدًا عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ، شَدِيدَ الْأَذَى لمن كَانَ

ص: 487

عَلَى دِينِ اللَّهِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي فَأَقْدَمَ مَكَّةَ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيهِمْ، وَإِلَّا آذَيْتُهُمْ فِي دِينِهِمْ كَمَا كُنْتُ أُوذِي أَصْحَابَكَ فِي دِينِهِمْ.

فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَحِقَ بِمَكَّةَ.

وَكَانَ صَفْوَانُ حِينَ خَرَجَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ يَقُولُ: أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تَأْتِيكُمُ الْآنَ فِي أَيَّامٍ تُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ.

وَكَانَ صَفْوَانُ يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّكْبَانَ، حَتَّى قدم رَاكب فَأخْبرهُ عَن إِسْلَامه، فَحلف أَلا يُكَلِّمَهُ أَبَدًا وَلَا يَنْفَعَهُ بِنَفْعٍ أَبَدًا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا قَدِمَ عُمَيْرٌ مَكَّةَ أَقَامَ بِهَا يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَامِ وَيُؤْذِي مَنْ خَالَفَهُ أَذًى شَدِيدًا، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ نَاسٌ كَثِيرٌ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، أَوِ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، هُوَ الَّذِي رَأَى عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ حِينَ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ يَوْمَ بدر وفر هَارِبا وَقَالَ: إنى برِئ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَكَانَ إِبْلِيسُ يَوْمَئِذٍ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بن جعْشم أَمِير مُدْلِج.

فَصْلٌ ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ رحمه الله تَكَلَّمَ عَلَى مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ، وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ إِلَى آخِرِهَا، فَأَجَادَ وَأَفَادَ، وَقَدْ تَقَصَّيْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ فَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيَنْظُرْهُ ثَمَّ، وَللَّه الْحَمد والْمنَّة.

فَصْلٌ ثُمَّ شَرَعَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَرَدَ أَسْمَاءَ مَنْ شَهِدَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَوَّلًا، ثُمَّ أَسْمَاءَ مَنْ شَهِدَهَا مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْسِهَا وَخَزْرَجِهَا إِلَى أَنْ قَالَ: فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، مَنْ شَهِدَهَا وَمَنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ وَأَرْبَعَةَ عشر رجلا.

ص: 488

مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ.

وَمِنَ الْأَوْسِ: أَحَدٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا.

وَمِنَ الْخَزْرَجِ: مِائَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا.

وَقَدْ سَرَدَهُمُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (1) مُرَتَّبِينَ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ بَعْدَ الْبَدَاءَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بأبى بكر وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم.

وَهَذِهِ تَسْمِيَةُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُرَتَّبِينَ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ وَذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ لِلْحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيِّ وَغَيْرِهِ، بَعْدَ الْبَدَاءَةِ بِاسْمِ رَئِيسِهِمْ وَفَخْرِهِمْ وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ مُحَمَّدٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(1) ذَكَرَ البُخَارِيّ مِنْهُم أَرْبَعَة وَثَلَاثِينَ غير رَسُول الله.

(*)

ص: 489

أَسمَاء أهل بدر مرتبَة على حُرُوف المعجم حَرْفُ الْأَلِفِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ النَّجَّارِيُّ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ، الْأَرْقَمُ بْنُ أَبَى الْأَرْقَمِ، وَأَبُو الْأَرْقَمِ عبد منَاف ابْن أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ الْمَخْزُومِيُّ، أَسْعَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْفَاكِهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خَلَدَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْعَجْلَانِ.

أَسْوَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ غَنْمٍ، كَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عقبَة.

وَقَالَ موى: سَوَادُ بْنُ رِزَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيٍّ شَكَّ فِيهِ، وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْفضل عَن ابْن إِسْحَاق: سَواد بن زُرَيْق بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَقَالَ ابْنُ عَائِذٍ: سَوَادُ بْنُ زَيْدٍ.

أُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ أَبُو سَلِيطٍ، وَقِيلَ أُسَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ سَالِمِ بْنِ ثَابِتٍ الْخَزْرَجِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَسُ بْنُ قَتَادَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَوْسِيُّ، كَذَا سَمَّاهُ مُوسَى بن عقبَة، و [سَمَّاهُ] الاموى فِي السِّيرَة: أنيس.

قُلْتُ: وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَادِمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لِمَا رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: قِيلَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَشَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ بَدْرٍ لَا أُمَّ لَكَ!

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله الانصاري، حَدثنَا أَبى، عَن مولى لانس ابْن مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ لِأَنَسٍ: شَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: لَا أُمَّ لَكَ! وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ بَدْرٍ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: خَرَجَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ يَخْدمه.

ص: 490

قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِهِ: هَكَذَا قَالَ الْأَنْصَارِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي.

أَنَسُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ أَنَسِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، أَنَسَةُ الْحَبَشِيُّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْس بن نابت بْنِ الْمُنْذِرِ النَّجَّارِيُّ.

أَوْسُ بْنُ خَوْلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَالِمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ الْخَزْرَجِيُّ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ خَوْلِيِّ، أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ الْخَزْرَجِيُّ أَخُو عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، إِيَاسُ بْنُ الْبُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ نَاشِبِ بْنِ غِيَرَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرٍ حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.

حَرْفُ الْبَاءِ بُجَيْرُ بْنُ أَبِي بُجَيْرٍ حَلِيفُ بَنِي النَّجَّارِ، بَحَّاثُ (1) بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ خَزْمَةَ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَمَّارَةَ الْبَلَوِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، بَسْبَسُ بْنُ عَمْرِو بن ثَعْلَبَة بن خَرشَة بن زيد ابْن عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ رَشْدَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ بَنِي سَاعِدَةَ، وَهُوَ أَحَدُ الْعَيْنَيْنِ هُوَ وَعَدِيُّ بْنُ أَبِي الزَّغْبَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ، بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ الْخَزْرَجِيُّ الَّذِي مَاتَ بِخَيْبَرَ مِنَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ، بَشِيرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ وَالِدُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ الصِّدِّيقَ، بَشِيرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذر أَبُو لبَابَة الاوسي، رده عليه السلام مِنَ الرَّوْحَاءِ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

حَرْفُ التَّاءِ تَمِيمُ بْنُ يَعَارِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ جدارة بن عَوْف بن الْحَارِث بن

(1) وَيُقَال لَهُ: نحاب وهى رِوَايَة ابْن إِسْحَاق.

وَمَا هُنَا قَول ابْن هِشَام.

(*)

ص: 491

الْخَزْرَجِ، تَمِيمٌ مَوْلَى خِرَاشِ بْنِ الصِّمَّةِ، تَمِيمٌ مَوْلَى بَنِي غَنْمِ بْنِ السِّلْمِ.

وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ.

حَرْفُ الثَّاءِ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْعَجْلَانِ، ثَابِتُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَيُقَالُ لِثَعْلَبَةَ هَذَا: الْجِذْعُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ بن حرَام بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلِمَةَ.

ثَابِتُ بْنُ خَالِدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ خَنْسَاءَ بْنِ عُسَيْرَةَ بْنِ عَبْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالك ابْن النَّجَّارِ النَّجَّارِيُّ، ثَابِتُ بْنُ خَنْسَاءَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ النَّجَّارِيُّ.

ثَابِتُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَوَادِ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ النَّجَّارِيُّ، ثَابِتُ بْنُ هَزَّالٍ الْخَزْرَجِيُّ، ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ مَالِكٍ النَّجَّارِيُّ، ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ الْخَزْرَجِيُّ، ثَعْلَبَةُ بْنُ عَنَمَةَ (1) بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَابِي السَّلَمِيُّ، ثَقْفُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ بَنِي حَجْرِ آلِ بَنِي سُلَيْمٍ، وَهُوَ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي كَثِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ.

حَرْفُ الْجِيمِ جَابِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ [مَسْعُودِ بْنِ] عَبْدِ الْأَشْهَلِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ النَّجَّارِيُّ، جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ سِنَانِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلِمَةَ السَّلَمِيُّ أَحَدُ الَّذِينَ شَهِدُوا الْعَقَبَةَ.

قُلْتُ: فَأَمَّا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ السَّلَمِيُّ أَيْضًا، فَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ

فِيهِمْ فِي مُسْنَدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ، قَالَ: كنت أمتح لاصحابي المَاء يَوْم بدر.

(1) وَيُقَال: ابْن غنمة كَمَا فِي الِاسْتِيعَاب.

(*)

ص: 492

وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، لَكِنْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ذَكَرْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ يَعْنِي الْوَاقِدِيَّ، هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: هَذَا وَهْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ جَابِرُ شَهِدَ بَدْرًا.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدثنَا روح بن عبَادَة، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَلَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا وَلَا أُحُدًا، مَنَعَنِي أَبِي، فَلَمَّا قُتِلَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن غَزَاةٍ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ رَوْحٍ.

جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ السَّلَمِيُّ، جَبْرُ بْنُ عَتِيكٍ الْأَنْصَارِيُّ، جُبَيْرُ بْنُ إِيَاسٍ الْخَزْرَجِيُّ.

حَرْفُ الْحَاءِ الْحَارِثُ بْنُ أَنَسِ بْنِ رَافِعٍ الْخَزْرَجِيُّ، الْحَارِث بن أَوْس بن معَاذ بن أَخِي سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْأَوْسِيُّ، الْحَارِثُ بْنُ حَاطِب بن عَمْرو بن عبيد بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، رَدَّهُ عليه السلام مِنَ الطَّرِيقِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، الْحَارِثُ بْنُ خَزَمَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي غَنْمِ ابْن سَالِمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بن الْخَزْرَج حَلِيف لبنى زعورا بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ، الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ الْخَزْرَجِيُّ، رده عليه السلام لِأَنَّهُ كُسِرَ مِنَ الطَّرِيقِ، وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، الْحَارِثُ بْنُ عَرْفَجَةَ الْأَوْسِيُّ، الْحَارِثُ بْنُ قيس بن خلدَة أَبُو خَالِد الخزرجي، الْحَارِث ابْن النُّعْمَانِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيُّ، حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ النَّجَّارِيُّ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ وَهُوَ فِي النَّظَّارَةِ فَرُفِعَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ، حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ

اللَّخْمِيُّ حَلِيفُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ.

حَاطِبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأَشْجَعِيُّ مِنْ بَنِي دُهْمَانَ.

هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إِسْحَاقَ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَاطِبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عبد ود،

ص: 493

كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَائِذٍ فِي مَغَازِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَاطِبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي وَقَالَ: هُوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ.

الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْخَزْرَجِيِّ، وَيُقَالُ كَانَ لِوَاءُ الْخَزْرَجِ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ.

حَبِيبُ بْنُ أَسْوَدَ مَوْلَى بَنِي حَرَامٍ مَنْ بَنِي سَلِمَةَ، وَقَالَ مُوسَى بن عقبَة: حبيب ابْن سَعْدٍ بَدَلَ أَسْوَدَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَبِيبُ بْنُ أَسْلَمَ مَوْلَى آلِ جُشَمَ بْنِ الْخَزْرَجِ، أَنْصَارِيٌّ بَدْرِيٌّ.

حُرَيْثُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْأَنْصَارِيُّ، أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أُرِيَ النِّدَاءَ، الْحُصَيْنُ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

حَرْفُ الْخَاءِ خَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ أَخُو إِيَاسٍ الْمُتَقَدِّمِ.

خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو أَيُّوبَ النَّجَّارِيُّ، خَالِدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ الْأَنْصَارِيُّ، خَارِجَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ حَلِيفُ بَنِي خَنْسَاءَ مِنَ الْخَزْرَج، وَقيل اسْمه حَارِثَة بن الْحمير وَسَماهُ ابْن عَائِذ خَارِجَةَ.

فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الْخَزْرَجِيُّ صِهْرُ الصِّدِّيقِ، خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَأَصْلُهُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَيُقَالُ مِنْ خُزَاعَةَ، خَبَّابٌ مَوْلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ السَّلَمِيُّ، خُبَيْبُ بْنُ إِسَافِ بْنِ عِنَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ، خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِيهِمْ، خَلِيفَةُ بْنُ عَدِيٍّ الْخَزْرَجِيُّ، خُلَيْدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ سِنَانِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ السَّلَمِيُّ، خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ

سَعْدِ بْنِ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ السَّهْمِيُّ، قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَتَأَيَّمَتْ مِنْهُ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ ضرب لَهُ بسهمه وأجره لم يَشْهَدْهَا بِنَفْسِهِ، خَوْلِيُّ بْنُ أَبِي خَوْلِيٍّ الْعِجْلِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ،

ص: 494

خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ، وَخَلَّادُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَخَلَّادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحُ الْخَزْرَجِيُّونَ.

حَرْفُ الذَّالِ ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ، ذُو الشِّمَالَيْنِ بن عبد بن عَمْرو بن نَضْلَة من غبشان ابْن سُلَيْمِ بْنِ مِلْكَانَ بْنِ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرو بن عَامر من بنى خُزَاعَةَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُهُ عُمَيْرٌ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ أَعْسَرَ.

حَرْفُ الرَّاءِ رَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَوْسِيُّ، رَافِعُ بْنُ عُنْجُدَةَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هِيَ أُمُّهُ، رَافِعُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ لَوْذَانَ الْخَزْرَجِيُّ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ، رِبْعِيُّ بْنُ رَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْجَدِّ بْنِ عَجْلَانَ بْنِ ضُبَيْعَةَ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: رِبْعِيُّ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، رَبِيعُ بْنُ إِيَاسٍ الْخَزْرَجِيُّ، رَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ بْنِ سَخْبَرَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ لكيز بن عَامر بن غنم دودان ابْن أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسِ بنى عَبْدِ مَنَافٍ وَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، رُخَيْلَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ بَيَاضَةَ الْخَزْرَجِيُّ، رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ أَخُو خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ، رِفَاعَةُ بْنُ عبد الْمُنْذر بن زنير الْأَوْسِيُّ أَخُو أَبِي لُبَابَةَ، رِفَاعَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ الْخَزْرَجِيُّ.

حَرْفُ الزَّايِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَوَارِيُّهُ.

زِيَادُ بْنُ عَمْرٍو.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: زِيَادُ بْنُ الْأَخْرَسِ بْنِ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: زِيَادُ بْنُ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ رِفَاعَة بن كُلَيْب بن برذعة بن

ص: 495

عدى بن عَمْرو بن الزِّبَعْرَى بْنِ رَشْدَانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ.

زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الزُّرَقِيُّ، زِيَادُ بْنُ الْمُزَيْنِ بْنِ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ، زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ ابْن عَدِيِّ بْنِ عَجْلَانَ بْنِ ضُبَيْعَةَ، زَيْدُ بْنُ حَارِثَة بن شُرَحْبِيل مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه، زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلٍ أَخُو عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما، زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامٍ النَّجَّارِيُّ أَبُو طَلْحَةَ رضي الله عنه.

حَرْفُ السِّينِ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ الْأَوْسِيُّ، سَالِمُ بن [غنم بْنُ] عَوْفٍ الْخَزْرَجِيُّ، سَالِمُ بْنُ مَعْقِلٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، السَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ، شَهِدَ مَعَ أَبِيهِ، سُبَيْعُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَيْشَةَ الْخَزْرَجِيُّ، سَبْرَةُ بْنُ فَاتِكٍ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، سُرَاقَةُ بْنُ عَمْرٍو النَّجَّارِيُّ، سُرَاقَةُ بْنُ كَعْبٍ النَّجَّارِيُّ أَيْضًا، سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ الْأَوْسِيُّ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا، سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْخَزْرَجِيُّ الَّذِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، سَعْدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ الاوسي، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: سَعْدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْفَاكِهِ الْخَزْرَجِيُّ، سَعْدُ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ النَّجَّارِيُّ، سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، سَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَلْدَةَ الْخَزْرَجِيُّ أَبُو عُبَادَةَ، وَقَالَ ابْنُ عَائِذٍ: أَبُو عُبَيْدَة.

سعد بن معَاذ الاوسي وَكَانَ لِوَاءُ الْأَوْسِ مَعَهُ.

سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمٍ الْخَزْرَجِيُّ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُرْوَةُ وَالْبُخَارِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ حِينَ شَاوَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مُلْتَقَى النَّفِيرِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: كَأَنَّكَ تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَدِيثُ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ معَاذ.

وَالْمَشْهُور أَن أسعد بْنَ عُبَادَةَ رَدَّهُ مِنَ الطَّرِيقِ، قِيلَ: لِاسْتِنَابَتِهِ على الْمَدِينَة وَقيل لذعته حَيَّةٌ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى بَدْرٍ.

ص: 496

حَكَاهُ السُّهيْلي عَن بن قُتَيْبَةَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.

مَالِكِ بْنِ أُهَيْبٍ الزُّهْرِيُّ أَحَدُ الْعَشَرَةِ، سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ أَبُو سَهْلٍ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: تَجَهِّزَ لِيَخْرُجَ فَمَرِضَ فَمَاتَ قَبْلَ الْخُرُوجِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْعَدَوِيُّ ابْنُ عَمِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، يُقَالُ: قَدِمَ مِنَ الشَّام بعد مرجعه مِنْ بَدْرٍ فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

سُفْيَانُ بْنُ بِشْرِ بْنِ عَمْرٍو الْخَزْرَجِيُّ، سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ الْأَوْسِيُّ، سَلَمَةُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشِ بْنِ زُغْبَةَ، سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشِ بْنِ زُغْبَةَ، سُلَيْمُ بْنُ الْحَارِثِ النَّجَّارِيُّ، سُلَيْمُ بْنُ عَمْرٍو السَّلَمِيُّ، سُلَيْمُ بْنُ قَيْسِ بْنِ فَهْدٍ الْخَزْرَجِيُّ، سُلَيْمُ بْنُ مِلْحَانَ أَخُو حَرَامِ بْنِ مِلْحَانَ النَّجَّارِيُّ، سِمَاكُ بْنِ أَوْسِ بْنِ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ، وَيُقَالُ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، سِمَاكُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ وَهُوَ أَخُو بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمِ.

سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الْأَوْسِيُّ، سَهْلُ بْنُ عَتِيكٍ النَّجَّارِيُّ، سَهْلُ بْنُ قَيْسٍ السَّلَمِيُّ، سُهَيْلُ بْنُ رَافِعٍ النَّجَّارِيُّ الَّذِي كَانَ لَهُ وَلِأَخِيهِ مَوْضِعُ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ، سُهَيْلُ بْنُ وَهْبٍ الْفِهْرِيُّ، وَهُوَ ابْنُ بَيْضَاءَ وَهِيَ أُمُّهُ، سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانِ بْنِ مِحْصَنِ بْنِ حُرْثَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَلِيفُ بَنَى عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، سِنَانُ بْنُ صَيْفِيٍّ السَّلَمِيُّ، سَوَادُ بْنُ زُرَيْقِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ.

وَقَالَ الْأُمَوِيُّ: سَوَادُ بْنُ رِزَامٍ.

سَوَادُ بْنُ غَزِيَّةَ بْنِ أُهَيْبٍ الْبَلَوِيُّ، سُوَيْبِطُ بْنُ سَعْدِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْعَبْدَرِيُّ، سُوَيْدُ بْنُ مَخْشِيٍّ أَبُو مَخْشِيٍّ الطَّائِيُّ حَلِيفُ بنى عبد شمس، وَقيل اسْمه أَزِيد بْنُ حُمَيِّرٍ.

حَرْفُ الشِّينِ شُجَاعُ بْنُ وَهْبِ بن ربيعَة الاسدي، أَسد بن خُزَيْمَةَ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ مِنَ

الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ.

شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ.

قَالَ ابْنُ هِشَام: واسْمه عُثْمَان بن عُثْمَان وَإِنَّمَا (32 - السِّيرَة 2)

ص: 497

سُمِّيَ شَمَّاسًا لِحُسْنِهِ وَشَبَّهَهُ شَمَّاسًا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، شُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ يُسْهَمْ لَهُ وَكَانَ عَلَى الْأَسْرَى فَأَعْطَاهُ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّنْ لَهُ فِي الْأَسْرَى شَيْئًا، فَحَصَلَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ سَهْمٍ.

حَرْفُ الصَّادِ صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ الرُّومِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، صَفْوَانُ بْنُ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ الْفِهْرِيُّ أَخُو سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ، قُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ، صَخْرُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَنْسَاءَ السَّلَمِيُّ.

حَرْفُ الضَّادِ ضَحَّاكُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ زَيْدٍ السَّلَمِيُّ، ضَحَّاكُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو النَّجَّارِيُّ، ضَمْرَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ضَمْرَةُ بْنُ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ أَخُو زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو.

حَرْفُ الطَّاءِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ أَحَدُ الْعَشَرَةِ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بَعْدَ مَرْجِعِهِمْ مِنْ بَدْرٍ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، طُفَيْلُ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ مِنَ الْمُهَاجِرين، وَهُوَ أَخُو حصيب وَعُبَيْدَةَ، طُفَيْلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ خَنْسَاءَ السَّلَمِيُّ طُفَيْلُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ خَنْسَاءَ السَّلَمِيُّ ابْنُ عَمِّ الَّذِي قَبْلَهُ، طُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ وهب بن أَبى كَبِير بْنِ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ.

ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ.

حَرْفُ الظَّاءِ ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ الْأَوْسِيُّ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.

ص: 498

حَرْفُ الْعَيْنِ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الاقلح الْأَنْصَارِيُّ، الَّذِي حَمَتْهُ الدَّبْرُ (1) حِينَ قُتِلَ بِالرَّجِيعِ عَاصِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْجَدِّ بْنِ عَجْلَانَ، رَدَّهُ عليه السلام مِنَ الرَّوْحَاءِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، عَاصِمُ بْنُ قَيْسِ بْنِ ثَابِتٍ الْخَزْرَجِيُّ، عَاقِلُ بْنُ الْبُكَيْرِ أَخُو إِيَاسٍ وَخَالِدٍ وعامر، وعامر بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسْحَاسِ النَّجَّارِيُّ، عَامِرُ بْنُ الْحَارِثِ الْفِهْرِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَابْنِ عَائِذٍ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَزِيَادٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكٍ الْعَنْزِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، عَامِرُ بن سَلمَة بن عَامر ابْن عبد الله الْبلوى القضاعى حَلِيف بنى سَالم بن مَالِكِ بْنِ سَالِمِ بْنِ غَنْمٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَام: وَيُقَال عمر بْنُ سَلَمَةَ، عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْنِ هِلَالِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ ضَبَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجِرَّاحِ أَحَدُ الْعَشَرَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَامِرُ بْنُ مخلد النجارى، عَائِذ بن ماعض بْنِ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ، عَبَّادُ بْنُ بِشْرِ بْنِ وَقْشٍ الْأَوْسِيُّ، عَبَّادُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَامِرٍ الْخَزْرَجِيُّ، عَبَّادُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عِيشَةَ الْخَزْرَجِيُّ أَخُو سبيع الْمُتَقَدّم، عباد بْنُ الْخَشْخَاشِ الْقُضَاعِيُّ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الْخَزْرَجِيُّ، عُبَادَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ كَعْبِ بْنِ قَيْسٍ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ خَزْمَةَ أَخُو بَحَّاثٍ الْمُتَقَدِّمِ، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيَّ، عبد الله بن جُبَير ابْن النُّعْمَانِ الْأَوْسِيُّ.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ السَّلَمِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَقِّ بْنِ أَوْسٍ السَّاعِدِيُّ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالْوَاقِدِيُّ وَابْنُ عَائِذٍ: عَبْدُ رَبِّ بْنُ حَقٍّ، وَقَالَ ابْن هِشَام: عبد ربه بن حق.

(1) الدبر: النَّحْل.

(*)

ص: 499

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُمَيِّرِ حَلِيفٌ لِبَنِي حَرَامٍ، وَهُوَ أَخُو خَارِجَةَ بْنِ الْحُمَيِّرِ مِنْ أَشْجَعَ، عبد الله

ابْن الرَّبِيعِ بْنِ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْخَزْرَجِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ ابْن ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ، الَّذِي أُرِيَ النِّدَاءَ.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُرَاقَةَ الْعَدَوِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَلَا الْوَاقِدِيُّ وَلَا ابْنُ عَائِذٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بن مَالك العجلان حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ رَافِعٍ أَخُو بَنِي زَعُورَا، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو خَرَجَ مَعَ أَبِيهِ وَالْمُشْرِكِينَ ثُمَّ فَرَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فَشَهِدَهَا مَعَهُمْ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقِ بْنِ مَالِكٍ الْقُضَاعِيُّ حَلِيفُ الْأَوْسِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مِنْ بَلِيٍّ، ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ.

عَبْدُ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ الْخَزْرَجِيُّ وَكَانَ أَبُوهُ رَأْسَ الْمُنَافِقِينَ، عَبْدُ اللَّهِ ابْن عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرو بْنِ مَخْزُومٍ أَبُو سَلَمَةَ زَوْجُ أُمِّ سَلَمَةَ، قُتِلَ يَوْمَئِذٍ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ النُّعْمَانِ السَّلَمِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْسٍ، عبد الله بن عُثْمَان ابْن عَامر بن عَمْرو بن كَعْب بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْفُطَةَ بْنِ عَدِيٍّ الْخَزْرَجِيُّ.

عَبْدُ اللَّهِ بن عمر بْنِ حَرَامٍ السَّلَمِيُّ أَبُو جَابِرٍ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْخَزْرَجِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ بْنِ خَالِدٍ النَّجَّارِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ بْنِ صَخْرِ بْنِ حَرَامٍ السَّلَمِيُّ.

عبد الله بن كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، جَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَدِيِّ بْنِ أَبِي الزَّغْبَاءِ عَلَى النَّفَلِ يَوْمَ بَدْرٍ.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بُلْدُمَةَ السَّلَمِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسَةَ بْنِ النُّعْمَانِ السَّلَمِيُّ،

ص: 500

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرِ بْنِ عَمْرٍو أَبُو عُبَيْس الْخَزْرَجِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

ثَعْلَبَةَ أَبُو عَقِيلٍ الْقُضَاعِيُّ الْبَلَوِيُّ.

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ الزُّهْرِيُّ أَحَدُ الْعَشَرَةِ رضي الله عنهم، عَبْسُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَدِيٍّ السَّلَمِيُّ، عُبَيْدُ بْنُ التَّيِّهَانِ أَخُو أَبُو الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ، وَيُقَالُ عَتِيكٌ بَدَلَ عُبَيْدٍ.

عُبَيْدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ مِنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكٍ، عُبَيْدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرو بن العجلان بْنِ عَامِرٍ، عُبَيْدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ.

عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَخُو الْحُصَيْنِ وَالطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْمَعْرَكَةِ، رضي الله عنه.

عِتْبَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرٍو الْخَزْرَجِيُّ، عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَهْرَانِيُّ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ لَوْذَانَ، عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَخْرٍ السَّلَمِيُّ، عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ.

عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْأُمَوِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَأَحَدُ الْعَشَرَةِ، تَخَلَّفَ عَلَى زَوْجَتِهِ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يمرضها حَتَّى مَاتَت فَضرب لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ أَبُو السَّائِبِ، أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَقُدَامَةَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ عَدِيُّ بْنُ أَبِي الزَّغْبَاءِ الْجُهَنِيُّ، وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَسْبَسَ بْنَ عَمْرٍو بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا.

عِصْمَةُ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ وَبْرَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْعَجْلَانِ، عُصَيْمَةُ حَلِيفٌ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ سوار مِنْ أَشْجَعَ، وَقِيلَ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَطِيَّةُ بْنُ نُوَيْرَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَطِيَّةَ الْخَزْرَجِيُّ، عُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَابِي السَّلَمِيُّ، عُقْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَلْدَةَ الْخَزْرَجِيُّ أَخُو سَعْدِ بْنِ عُثْمَانَ.

ص: 501

عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَفِيهِ نَظَرٌ

عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرُوهُ.

عُقْبَةُ بْنُ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيُّ، أَسَدُ خُزَيْمَةَ، حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَهُوَ أَخُو شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، عُقْبَةُ بْنُ وَهْبِ بْنِ كَلَدَةَ حَلِيفُ بَنِي غَطَفَانَ.

عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْغَنْمِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، وَمِمَّنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ.

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَئِذٍ رضي الله عنه.

عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ الْعَنْسِيُّ الْمَذْحِجِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، عُمَارَةُ بْنُ حَزْمِ بْنِ زَيْدٍ النَّجَّارِيُّ.

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَأَحَدُ الشَّيْخَيْنِ الْمُقْتَدَى بهما رضى الله عَنْهُمَا.

عمر بن عَمْرُو بْنُ إِيَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ حَلِيفٌ لِبَنِي لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ، وَقِيلَ هُوَ أَخُو ربيع وورقة، عَمْرُو بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرٍ أَبُو حُكَيْمٍ.

عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي شَدَّادِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ ضبشة بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ الْفِهْرِيُّ، عَمْرُو بْنُ سُرَاقَةَ الْعَدَوِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، عَمْرُو بْنُ أَبِي سَرْحٍ الْفِهْرِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَابْنُ عَائِذٍ: مَعْمَرٌ بَدَلَ عَمْرٍو.

عَمْرُو بْنُ طَلْقِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ سِنَانِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غَنْمٍ، وَهُوَ فِي بَنِي حَرَامٍ، عَمْرو ابْن الْجَمُوحِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَمْرُو بْنُ قَيْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ سَوَادِ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَنْمٍ.

ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَالْأُمَوِيُّ.

عَمْرُو بْنُ قَيْسِ بن مَالك بن عدى بْنُ خَنْسَاءَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرٍ أَبُو خَارِجَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ.

ص: 502

عَمْرُو بْنُ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ الْفِهْرِيُّ ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَمْرُو بْنُ مَعْبَدِ بْنِ

الْأَزْعَرِ الْأَوْسِيُّ، عَمْرُو بْنُ مُعَاذٍ الْأَوْسِيُّ أَخُو سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عُمَيْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَة وَيُقَال عَمْرو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ لِبْدَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ السَّلَمِيُّ، عُمَيْرُ بْنُ حَرَامِ بْنِ الْجَمُوحِ السَّلَمِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَائِذٍ وَالْوَاقِدِيُّ.

عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ بْنِ الْجَمُوحِ ابْنُ عَمِّ الَّذِي قَبْلَهُ، قُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدا، عُمَيْر بن عَامر بن مَالك ابْن الْخَنْسَاءِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنٍ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ.

عُمَيْرُ بْنُ عَوْفٍ مَوْلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَسَمَّاهُ الْأُمَوِيُّ وَغَيْرُهُ: عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ.

وَكَذَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ بَعْثِ أَبِي عُبَيْدَةَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ.

عُمَيْرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أُهَيْبٍ الزُّهْرِيُّ أَخُو سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا، عَنْتَرَةُ مَوْلَى بَنِي سُلَيْمٍ وَقِيلَ إِنَّهُ مِنْهُمْ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ النَّجَّارِيُّ وَهُوَ ابْنُ عَفْرَاءَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ النَّجَّارِيَّةِ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا، عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ الْفِهْرِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ.

رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ.

حَرْفُ الْغَيْنِ غَنَّامُ بْنُ أَوْسٍ الْخَزْرَجِيُّ.

ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَلَيْسَ بِمُجْمَعٍ عَلَيْهِ.

حَرْفُ الْفَاءِ الْفَاكِهُ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْفَاكِهِ الْخَزْرَجِيُّ، فَرْوَةُ بْنُ عَمْرو بن ودفة (1) الْخَزْرَجِيُّ.

حَرْفُ الْقَافِ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَوْسِيُّ.

قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَخُو عُثْمَان وَعبد الله

(1) فِي الِاشْتِقَاق 461: ابْن وذقة.

قَالَ: والوذقة زَعَمُوا الرَّوْضَة.

(*)

ص: 503

قُطْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ السَّلَمِيُّ.

قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ النَّجَّارِيُّ، قَيْسُ بْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيُّ كَانَ عَلَى السَّاقَةِ يَوْمَ بَدْرٍ.

قَيْسُ بْنُ مِحْصَنِ بْنِ خَالِدٍ الخزرجي، قيس ابْن مُخَلَّدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ النَّجَّارِيُّ.

حَرْفُ الْكَافِ كَعْبُ بن حمان (1) وَيُقَال جمار وَيُقَال جماز.

وَقَالَ ابْن هِشَام: كَعْب بن غُبْشَانَ (2) وَيُقَالُ: كَعْبُ بْنُ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ جَمَّازٍ.

وَقَالَ الْأُمَوِيُّ: كَعْبُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ حبَالَةَ بْنِ غَنْمٍ الْغَسَّانِيُّ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي الْخَزْرَجِ بْنِ سَاعِدَةَ.

كَعْبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ قَيْسٍ النَّجَّارِيُّ، كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو الْيَسَرِ السَّلَمِيُّ، كُلْفَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَحَدُ الْبَكَّائِينَ ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، كَنَّازُ بْنُ حُصَيْنِ بْنِ يَرْبُوعٍ أَبُو مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ.

حَرْفُ الْمِيمِ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ وَيُقَالُ ابْنُ الدُّخْشُنِ الْخَزْرَجِيُّ، مَالِكُ بْنُ أَبِي خَوْلِيٍّ الْجُعْفِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ، مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، مَالِكُ بْنُ قُدَامَةَ الْأَوْسِيُّ، مَالِكُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو ثَقْفِ بْنِ عَمْرٍو وَكِلَاهُمَا مُهَاجِرِيٌّ، وَهُمَا مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي تَمِيمِ بن دودان بن أَسد، مَالك بن قدامَة الاوسي، مَالك بن مَسْعُود الخزرجي، مَالِكُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ نُمَيْلَةَ الْمُزَنِيُّ حَلِيفٌ لِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، مُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بْنِ زَنْبَرٍ الْأَوْسِيُّ أَخُو أَبِي لُبَابَةَ وَرِفَاعَةَ، قُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا، الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ (3) الْبَلَوِيُّ مُهَاجِرِيٌّ، مُحْرِزُ بْنُ عَامِرٍ النَّجَّارِيُّ، مُحْرِزُ ابْن نَضْلَةَ الْأَسَدِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ مُهَاجِرِيٌّ، مُحَمَّد بن مسلمة حَلِيف بنى عبد

(1) ابْن هِشَام: ابْن حمَار.

(2)

ابْن هِشَام: وَيُقَال: كَعْب بن جماز وَهُوَ من غبشان.

(3)

الاصل زِيَاد.

وَهُوَ تَحْرِيف وَمَا أثْبته عَن الِاشْتِقَاق لِابْنِ دُرَيْد 550.

(*)

ص: 504

الْأَشْهَلِ، مُدْلِجٌ وَيُقَالُ مِدْلَاجُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو ثَقْفِ بْنِ عَمْرٍو مُهَاجِرِيٌّ، مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ، مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، وَقِيلَ اسْمُهُ عَوْفٌ، مَسْعُودُ بْنُ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ، مَسْعُودُ بْنُ خَلْدَةَ الْخَزْرَجِيُّ، مَسْعُودُ بْنُ رَبِيعَةَ الْقَارِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ مُهَاجِرِيٌّ، مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ وَيُقَالُ

ابْنُ عَبْدِ سَعْدٍ بن عَامِرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ جُشَمَ بْنِ مَجْدَعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ، مَسْعُودُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ، مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيُّ مُهَاجِرِيٌّ كَانَ مَعَهُ اللِّوَاءُ يَوْمَئِذٍ، مُعَاذُ بْنُ جبل الخزرجي، معَاذ بن الْحَارِث النجارى وَهَذَا هُوَ ابْنُ عَفْرَاءَ أَخُو عَوْفٍ وَمُعَوِّذٍ، مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ الْخَزْرَجِيُّ، مُعَاذُ بْنُ ماعض الْخَزْرَجِيُّ أَخُو عَائِذٍ.

مَعْبَدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ قُشَيْر بن القذم (1) بْنِ سَالِمِ بْنِ غَنْمٍ، وَيُقَالُ مَعْبَدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ قَيْسٍ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَشْعَرٌ بَدَلَ قُشَيْر.

وَقَالَ ابْن هِشَام: قشعر أَبُو خميصة.

مَعْبَدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ صَخْرٍ السَّلَمِيُّ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، مُعَتِّبُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ إِيَاسٍ الْبَلَوِيُّ الْقُضَاعِيُّ، مُعَتِّبُ بْنُ عَوْفٍ الْخُزَاعِيُّ، حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ الْأَوْسِيُّ، مَعْقِلُ بْنُ الْمُنْذِرِ السَّلَمِيُّ، مَعْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْجُمَحِيُّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، مَعْنُ ابْن عدى الاوسي، معوذ بن الْحَارِث الجمحى وَهُوَ ابْن عفراء، أَخُو معَاذ بن عَوْف، معوذ ابْن عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ السَّلَمِيُّ لَعَلَّهُ أَخُو مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو، الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الْبَهْرَانِيُّ، وَهُوَ الْمِقْدَاد ابْن الْأَسْوَدِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَهُوَ ذُو الْمَقَالِ الْمَحْمُود، ابْن الْمُتَقَدّم ذِكْرُهُ وَكَانَ أَحَدَ الْفُرْسَانِ يَوْمَئِذٍ، مُلَيْلُ بْنُ وَبْرَةَ الْخَزْرَجِيُّ، الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خُنَيْسٍ السَّاعِدِيّ، الْمُنْذر بن قدامَة بن عرْفجَة الحزرجى، الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي جَحْجَبَى مِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَصْلُهُ مِنَ الْيَمَنِ وَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنَ الْمُسلمين يَوْمئِذٍ.

(1) الاصل: الفدم.

وَمَا أثْبته من الِاشْتِقَاق 459.

والقذم: السَّيِّد المعطاء.

(*)

ص: 505

حَرْفُ النُّونِ نَصْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ رزاح بن ظفر بن كَعْبٌ، نُعْمَانُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو النَّجَّارِيُّ، وَهُوَ أَخُو الضَّحَّاكِ.

نُعْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ رِفَاعَةَ النجارى، نعْمَان بن عصر بْنِ الْحَارِثِ حَلِيفٌ لِبَنِي الْأَوْسِ، نُعْمَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ قَوْقَلٌ، نعْمَان بن يسَار مولى لبنى عُبَيْدٍ، وَيُقَالُ نُعْمَانُ بْنُ سِنَانٍ.

نَوْفَلُ بْنُ عبيد اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ الْخَزْرَجِيُّ.

حَرْفُ الْهَاءِ هَانِئُ بْنُ نِيَارٍ أَبُو بُرْدَةَ الْبَلَوِيُّ، خَالُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.

هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، وَقَعَ ذِكْرُهُ فِي أَهْلِ بَدْرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي.

هِلَالُ بْنُ الْمُعَلَّى الْخَزْرَجِيُّ، أَخُو رَافِعِ بْنِ الْمُعَلَّى.

حَرْفُ الْوَاوِ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَدِيعَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جُرَادٍ الْجُهَنِىّ، ذكره الْوَاقِدِيّ وَابْن عَائِذ، ورقة بْنُ إِيَاسِ بْنِ عَمْرٍو الْخَزْرَجِيُّ أَخُو رَبِيعِ بْنِ إِيَاسٍ، وَهْبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ عَائِذٍ وَالْوَاقِدِيُّ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ.

حَرْفُ الْيَاءِ يَزِيدُ بْنُ الْأَخْنَسِ بْنِ جَنَابِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جُرَّةَ السُّلَمِيُّ.

قَالَ السُّهَيْلِيُّ: شَهِدَ هُوَ وَأَبَوْهُ وَابْنُهُ يَعْنِي بَدْرًا، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ نَظِيرٌ فِي الصَّحَابَة، وَلم يذكرهم ابْن إِسْحَاق والاكثرون، لَكِنْ شَهِدُوا مَعَهُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ.

ص: 506

يَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ فُسْحُمٍ (1) وَهِيَ أُمُّهُ، قُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا بِبَدْرٍ، يَزِيدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ أَبُو الْمُنْذِرِ السَّلَمِيُّ، يَزِيدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَرْحٍ السَّلَمِيُّ وَهُوَ أَخُو مَعْقِلِ بْنِ الْمُنْذِرِ.

بَابُ الْكُنَى

أَبُو أُسَيْدٍ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ تَقَدَّمَ، أَبُو الْأَعْوَرِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ ظَالِمٍ النَّجَّارِيُّ، وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَبُو الْأَعْوَرِ الْحَارِثُ بْنُ ظَالِمٍ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَبُو الْأَعْوَر كَعْب بن الْحَارِث ابْن جُنْدَبِ بْنِ ظَالِمٍ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، تَقَدَّمَ، أَبُو حَبَّةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ

ثَابِتٍ، أَحَدُ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْأَنْصَارِيُّ.

أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَقِيلَ اسْمُهُ مُهَشِّمٌ، أَبُو الْحَمْرَاءِ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ رِفَاعَةَ بن عفراء، أَبُو خُزَيْمَة ابْن أَوْس بن أَصْرَم النجارى، أَبُو سُبْرَة مولى أَبى رهم بن عبد الْعُزَّى من الهاجرين، أَبُو سِنَانِ بْنُ مِحْصَنِ بْنِ حُرْثَانَ، أَخُو عُكَّاشَةَ وَمَعَهُ ابْنُهُ سِنَانٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.

أَبُو الصياح بن النُّعْمَان وَقيل: عُمَيْر بن ثَابِتِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْس ابْن ثَعْلَبَةَ، رَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ وَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ، رَجَعَ لِجُرْحٍ أَصَابَهُ مِنْ حَجَرٍ فَضُرِبَ لَهُ بسهمه، أبوعرفجة مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي جَحْجَبَى، أَبُو كَبْشَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَبُو لُبَابَةَ بَشِيرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، تَقَدَّمَ، أَبُو مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ كَنَّازُ بْنُ حُصَيْنٍ تَقَدَّمَ، أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو تَقَدَّمَ، أَبُو مُلَيْلِ بْنُ الْأَزْعَرِ بْنِ زَيْدٍ الْأَوْسِيُّ.

فَصْلٌ فَكَانَ جُمْلَةُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثلثمِائة وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(1) الاصل: قسحم.

وَصَوَابه عَن الْقَامُوس.

وفسحم أمه.

(*)

ص: 507

كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، حَدثنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ورضى عَنْهُم مِمَّن شهد بَدْرًا، أَنهم كانو عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهْرَ، بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَمِائَةٍ.

قَالَ الْبَرَاءُ: لَا وَاللَّهِ مَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهْرَ إِلَّا مُؤْمِنٌ.

ثُمَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ نَحْوَهُ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر رجلا.

وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا مَحْمُود، حَدثنَا وَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ،

قَالَ: اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ نَيِّفًا عَلَى سِتِّينَ، وَالْأَنْصَارُ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ.

هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمحَاربي، حَدثنَا أَبُو مَالك الجبنى، عَنِ الْحَجَّاجِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ رَجُلًا، وَكَانَ الْأَنْصَارُ مِائَتَيْنِ وَسِتَّةً وَثَلَاثِينَ رَجُلًا، وَكَانَ حَامِلَ رَايَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَحَامِلَ رَايَةِ الْأَنْصَارِ سَعْدُ بْنُ عبَادَة.

وَهَذَا يقتضى أَنهم كَانُوا ثلثمِائة وَسِتَّةَ رِجَالٍ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقِيلَ: كَانُوا ثلثمِائة وَسَبْعَةَ رِجَالٍ.

قُلْتُ: وَقَدْ يَكُونُ هَذَا عَدَّ مَعَهُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَوَّلُ عَدَّهُمْ بِدُونِهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، وَأَنَّ الْأَوْسَ أَحَدٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا.

وَالْخَزْرَجَ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا وَسَرَدَهُمْ.

ص: 508

وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: شَهِدْتَ بَدْرًا؟ فَقَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ.

وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَن سعيد بن مَنْصُور، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حرَام أَنه قَالَ: كنت أمتح لِأَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ.

وَهَذَانِ لَمْ يَذْكُرْهُمَا الْبُخَارِيُّ وَلَا الضِّيَاءُ.

فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

* * * قُلْتُ: وَفِي الَّذِينَ عَدَّهُمُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مَنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمٍ فِي مَغْنَمِهَا وَأَنَّهُ

لَمْ يَحْضُرْهَا، تَخَلَّفَ عَنْهَا لِعُذْرٍ أُذِنَ لَهُ فِي التَّخَلُّف بِسَبَبِهَا، وَكَانُوا ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً وَهُمْ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ تَخَلَّفَ عَلَى رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُمَرِّضُهَا حَتَّى مَاتَتْ فَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَانَ بِالشَّامِ فَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ بِالشَّامِ أَيْضًا فَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

وَأَبُو لُبَابَةَ بَشِيرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الرَّوْحَاءِ حِينَ بَلَغَهُ خُرُوجُ النَّفِيرِ مِنْ مَكَّةَ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

وَالْحَارِثُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ، رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا مِنَ الطَّرِيقِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، كُسِرَ بِالرَّوْحَاءِ فَرَجَعَ فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ زَادَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَجْرِهِ.

وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ وَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وأجره.

وَأَبُو الصياح بْنُ ثَابِتٍ، خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابَ سَاقَهُ فَصِيلُ حَجَرٍ فَرَجَعَ وَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَسعد أَبُو مَالِكٍ، تَجَهَّزَ لِيَخْرُجَ فَمَاتَ وَقِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ بِالرَّوْحَاءِ فَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

ص: 509

وَكَانَ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ وَهُمْ: عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، قُطِعَتْ رِجْلُهُ فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ رحمه الله، وَعُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، أَخُو سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ قَتَلَهُ الْعَاصُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ قَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالرُّجُوعِ لِصِغَرِهِ فَبَكَى فَأَذِنَ لَهُ فِي الذَّهَابِ فَقُتِلَ رضي الله عنه، وحليفهم ذُو الشمالين ابْن عَبْدِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيُّ، وَصَفْوَانُ بْنُ بَيْضَاءَ، وَعَاقِلُ بْنُ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ، وَمِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَ

أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثَمَانِيَةٌ وَهُمْ: حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ رَمَاهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ حَنْجَرَتَهُ فَمَاتَ، وَمُعَوِّذٌ وَعَوْفٌ ابْنا عفراء، وَيُرِيد بْنُ الْحَارِثِ، وَيُقَالُ: ابْنُ فُسْحُمٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ، وَرَافِعُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ لَوْذَانَ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَمُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَمِيعِهِمْ.

وَكَانَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعُونَ بَعِيرًا كَمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ مَعَهُمْ فَرَسَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَاسْمُهَا بَعْزَجَةُ، وَيُقَالُ سَبْحَةُ، وَعَلَى الْأُخْرَى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَاسْمُهَا الْيَعْسُوبُ.

وَكَانَ مَعَهُمْ لِوَاءٌ يَحْمِلُهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَرَايَتَانِ يَحْمِلُ إِحْدَاهُمَا للمهاجرين على ابْن أَبِي طَالِبٍ، وَالَّتِي لِلْأَنْصَارِ يَحْمِلُهَا سَعْدُ بْنُ عبَادَة.

وَكَانَ رَأس مشورة للمهاجرين أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَرَأْسَ مَشُورَةِ الْأَنْصَارِ سَعْدُ ابْن مُعَاذٍ.

* * * وَأَمَّا جَمْعُ الْمُشْرِكِينَ: فَأَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِيهِمْ: إِنَّهُمْ كَانُوا مَا بَيْنَ التِّسْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ وَقَدْ نَصَّ عُرْوَةُ وَقَتَادَةُ أَنَّهُمْ كَانُوا تِسْعمائَة وَثَلَاثِينَ رجلا.

ص: 510

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانُوا تِسْعَمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ رَجُلًا.

وَهَذَا التَّحْدِيدُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا أَزْيَدَ مِنْ أَلْفٍ، فَلَعَلَّهُ عَدَدُ أَتْبَاعِهِمْ مَعَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تقدم الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ وَأُسِرَ سَبْعُونَ.

وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَلِهَذَا قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ:

فَأَقَامَ بِالْعَطَنِ الْمُعَطَّنِ مِنْهُمُ * سَبْعُونَ عُتْبَةُ مِنْهُمُ وَالْأَسْوَدُ وَقَدْ حَكَى الْوَاقِدِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ.

وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، فَإِنَّ مُوسَى بن عقبَة وَعُرْوَة ابْن الزُّبَيْرِ قَالَا خِلَافَ ذَلِكَ، وَهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ، فَلَا يُمْكِنُ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ بِدُونِ قَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُمَا مَرْجُوحًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ سَرَدَ أَسْمَاءَ الْقَتْلَى وَالْأُسَارَى ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، وَحَرَّرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ فِي أَحْكَامِهِ جَيِّدًا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غُضُونِ سِيَاقَاتِ الْقِصَّةِ ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وَهُوَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ، وَأَوَّلُ مَنْ فَرَّ وَهُوَ خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ الْخُزَاعِيُّ، أَوِ الْعُقَيْلِيُّ، حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ، وَمَا أَفَادَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ أُسِرَ، وَهُوَ الْقَائِلُ فِي شِعْرِهِ: وَلَسْنَا عَلَى الْأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا * وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا يَقْطُرُ الدَّمُ فَمَا صَدَقَ فِي ذَلِكَ.

وَأَوَّلُ مَنْ أَسَرُوا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، قُتِلَا صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ الْأُسَارَى، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا قُتِلَ أَوَّلًا عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَأَنَّهُ عليه السلام أَطْلَقَ جَمَاعَةً مِنَ الْأُسَارَى مَجَّانًا بِلَا فِدَاءٍ، مِنْهُمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ

ص: 511

الرَّبِيعِ الْأُمَوِيُّ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْطَبِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ، وَصَيْفِيُّ بْنُ أَبِي رِفَاعَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَبُو عَزَّةَ الشَّاعِرُ، وَوَهْبُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفَادَى بَقِيَّتَهُمْ حَتَّى عَمَّهُ الْعَبَّاسَ أَخَذَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ مِنْ سَائِرِ الْأَسْرَى، لِئَلَّا يُحَابِيَهُ لِكَوْنِهِ عَمَّهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَأَلَهُ الَّذِينَ أَسَرُوهُ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَتْرُكُوا لَهُ فِدَاءَهُ فَأَبَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا تَتْرُكُوا مِنْهُ دِرْهَمًا.

وَقَدْ كَانَ فِدَاؤُهُمْ مُتَفَاوِتًا، فَأَقَلُّ مَا أُخِذَ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُخِذَ مِنْهُ أَرْبَعُونَ

أُوقِيَّةً مِنْ ذهب.

قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَأُخِذَ مِنَ الْعَبَّاسِ مِائَةُ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ.

وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلٍ بِمِقْدَارِ فِدَائِهِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِدَاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَوْلَادَ الْأَنْصَارِ الْكِتَابَةَ، قَالَ: فجَاء غُلَام يَوْمًا يبكى إِلَى أمه فَقَالَت: مَا شَأْنك؟ فَقَالَ: ضَرَبَنِي معلمي فَقَالَت: الخببث يَطْلُبُ بِذَحْلِ (1) بَدْرٍ! وَاللَّهِ لَا تَأْتِيهِ أَبَدًا.

انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ السُّنَنِ.

وَتَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِر وأحتسب، وَإِن تكن الاخرى فترى مَا أصنع.

فَقَالَ: " وَيحك أَو هبلت أَو جنَّة وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ فِي جنَّة الفردوس ".

(1) الذحل: الثأر.

وفى الاصل: بدخل.

محرفة.

(*)

ص: 512

تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ وَقَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَأَنَّ حَارِثَةَ كَانَ فِي النَّظَّارَةِ وَفِيهِ:" إِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى ".

وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَظِيمٌ عَلَى فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ، فَإِنَّ هَذَا الَّذِي لَمْ يَكُنْ فِي بحبوحة الْقِتَالِ (1) وَلَا فِي حَوْمَةِ الْوَغَى، بَلْ كَانَ مِنَ النَّظَّارَةِ مِنْ بَعِيدٍ، وَإِنَّمَا أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ وَهُوَ يَشْرَبُ مِنَ الْحَوْضِ، وَمَعَ هَذَا أَصَابَ بِهَذَا الْمَوْقِفِ الْفِرْدَوْسَ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْجِنَانِ وَأَوْسَطُ

الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ الَّتِي أَمَرَ الشَّارِعُ أُمَّتَهُ إِذَا سَأَلُوا اللَّهَ الْجَنَّةَ أَنْ يَسْأَلُوهُ إِيَّاهَا.

فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ هَذَا، فَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ كَانَ وَاقِفًا فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ، وَعَدُوُّهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْعَافِهِمْ عَدَدًا وَعُدَدًا؟ ! ثُمَّ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا عَن إِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قِصَّةَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَبَعْثِهِ الْكِتَابَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، وَأَنَّ عُمَرَ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ضَرْبِ عُنُقِهِ فَإِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قد شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ".

وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: " أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ وَلَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ قَدَ غَفَرْتُ لَكُمْ ".

فَدَمَعَتْ عينا عمر وَقَالَ: الله وَرَسُوله أعلم.

(1) تبحبح: تمكن فِي الْمقَام والحلول.

وبحبوحة الْمَكَان وَسطه.

وفى الاصل: بحبحة.

محرفة (*)(33 - السِّيرَة 2)

ص: 513

وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يشكو حَاطِبًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كذبت، لَا يدخلهَا، إِنَّه شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ ".

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي

الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَنْ يَدْخُلَ النَّارَ رَجُلٌ شَهِدَ بَدْرًا أَوِ الْحُدَيْبِيَةَ ".

تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ".

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ، وَمُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، كِلَاهُمَا عَنْ يَزِيدَ ابْن هَارُون بِهِ.

وروى الْبَزَّار فِي مُسْنده: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق، حَدثنَا أَبُو حُذَيْفَة، حَدثنَا عِكْرِمَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ".

ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَفَرَّدَ الْبَزَّارُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ شُهُودِ الْمَلَائِكَة بَدْرًا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،

ص: 514

حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا.

قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

ص: 515

فصل فِي قدوم زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةً مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِشَهْرٍ، بِمُقْتَضَى مَا كَانَ شَرَطَ زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا رَجَعَ أَبُو الْعَاصِ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ، يَعْنِي كَمَا تَقَدَّمَ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زيد بن حَارِثَة وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مَكَانَهُ فَقَالَ: كُونَا بِبَطْنِ يأجج حَتَّى تمر بكما زَيْنَب فتصحباها فَتَأْتِيَانِي بِهَا.

فَخَرَجَا مَكَانَهُمَا وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ أَوْ شَيْعِهِ (1) .

فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ أَمَرَهَا بِاللُّحُوقِ بِأَبِيهَا فَخَرَجَتْ تَجَهَّزُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ زَيْنَبَ أَنَّهَا قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا أَتَجَهَّزُ لَقِيَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ: يَا ابْنَةَ مُحَمَّدٍ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكِ تُرِيدِينَ اللُّحُوقَ بِأَبِيكِ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا أَرَدْتُ ذَلِكَ.

فَقَالَتْ: أَيِ ابْنَةَ عَمِّ، لَا تَفْعَلِي، إِن كَانَ لَكِ حَاجَةٌ بِمَتَاعٍ مِمَّا يَرْفُقُ بِكِ فِي سَفَرِكِ أَوْ بِمَالٍ تَتَبَلَّغِينَ بِهِ إِلَى أَبِيكِ فَإِنَّ عِنْدِي حَاجَتَكِ فَلَا تَضْطَنِي (2) مِنِّي فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَ النِّسَاءِ مَا بَيْنَ الرِّجَالِ.

قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَرَاهَا قَالَتْ ذَلِكَ إِلَّا لِتَفْعَلَ.

قَالَتْ: وَلَكِنِّي خِفْتُهَا فَأَنْكَرْتُ أَنْ أَكُونَ أُرِيدُ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَتَجَهَّزَتْ، فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ جَهَازِهَا قَدَّمَ إِلَيْهَا أَخُو زَوْجِهَا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بَعِيرًا فَرَكِبَتْهُ وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِهَا نَهَارًا يَقُودُ بِهَا وَهِيَ فِي هَوْدَجٍ لَهَا، وَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا حَتَّى أَدْرَكُوهَا بذى طوى، وَكَانَ أول

(1) شيعه: قريب مِنْهُ.

(2)

لَا تضطنى: لَا تنقبضي منى.

وَأَصله: اضطنأ.

(*)

ص: 516

مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الفهرى، فَرَوَّعَهَا هَبَّارٌ

بِالرُّمْحِ وَهِيَ فِي الْهَوْدَجِ، وَكَانَتْ حَامِلًا فِيمَا يَزْعُمُونَ فَطَرَحَتْ، وَبَرَكَ حَمُوهَا كِنَانَةُ وَنَثَرَ كِنَانَتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَدْنُو مِنِّي رَجُلٌ إِلَّا وَضَعْتُ فِيهِ سَهْمًا.

فَتَكَرْكَرَ النَّاسُ عَنْهُ.

وَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ فِي جِلَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ كُفَّ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ.

فَكَفَّ، فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ، خَرَجْتَ بِالْمَرْأَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ عَلَانِيَةً، وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيبَتَنَا وَنَكْبَتَنَا وَمَا دُخِلَ عَلَيْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَظُنُّ النَّاسُ إِذْ خَرَجْتَ بِابْنَتِهِ إِلَيْهِ عَلَانِيَةً عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، أَنَّ ذَلِكَ عَنْ ذُلٍّ أَصَابَنَا، وَأَنَّ ذَلِك ضعف منا ووهن، ولعمري مَا لنا بحبسها من أَبِيهَا مِنْ حَاجَةٍ وَمَا لَنَا مِنْ ثُؤْرَةٍ (1) ، وَلَكِنِ ارْجِعْ بِالْمَرْأَةِ حَتَّى إِذَا هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنْ قَدْ رَدَدْنَاهَا فَسُلَّهَا سِرًّا وَأَلْحِقْهَا بِأَبِيهَا.

قَالَ: فَفَعَلَ.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ أُولَئِكَ النَّفَرَ الَّذِينَ رَدُّوا زَيْنَبَ لَمَّا رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ قَالَتْ هِنْدُ تَذُمُّهُمْ على ذَلِك: أفى السّلم أعيارا جَفَاءً وَغِلْظَةً * وَفِي الْحَرْبِ أَشْبَاهُ النِّسَاءِ الْعَوَارِكِ (2) وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ لِلَّذِينِ رَجَعُوا من بدر بعد مَا قُتِلَ مِنْهُمُ الَّذِينَ قُتِلُوا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَقَامَتْ لَيَالِيَ، حَتَّى إِذَا هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ خَرَجَ بِهَا لَيْلًا حَتَّى أَسْلَمَهَا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَصَاحِبِهِ، فَقَدِمَا بِهَا لَيْلًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

* * * وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ

(1) الثؤرة: طلب الثأر.

(2)

العوارك: الحوائض.

(*)

ص: 517

عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَ قِصَّةَ خُرُوجِهَا وَرَدِّهِمْ لَهَا وَوَضْعِهَا مَا فِي بَطْنِهَا، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صلى الله عليه وسلم بَعَثَ زَيْدَ بن حَارِثَة وَأَعْطَاهُ خَاتمه لتجئ مَعَهُ فَتَلَطَّفَ زَيْدٌ فَأَعْطَاهُ رَاعِيًا مِنْ مَكَّةَ فَأَعْطَى الْخَاتَمَ لِزَيْنَبَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ عَرَفَتْهُ فَقَالَتْ: مَنْ دَفَعَ إِلَيْكَ هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ فِي ظَاهِرِ مَكَّةَ.

فَخَرَجَتْ زَيْنَبُ لَيْلًا فَرَكِبَتْ وَرَاءَهُ حَتَّى قَدِمَ بِهَا الْمَدِينَةَ.

قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي أُصِيبَتْ فِيَّ ".

قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، فَأَتَى عُرْوَة فَقَالَ: مَا حَدِيث بَلغنِي أَنَّك تحدثته؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَأَنِّي أَنْتَقِصُ فَاطِمَةَ حَقًا هُوَ لَهَا، وَأما بعد ذَلِك أَن لَا أحدث بِهِ أَبَدًا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَقَالَ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ أَوْ أَبُو خَيْثَمَةَ أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هِيَ لِأَبِي خَيْثَمَةَ: أَتَانِي الَّذِي لَا يَقْدُرُ النَّاسُ قَدْرَهُ * لِزَيْنَبَ فِيهِمْ مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَمِ وَإِخْرَاجُهَا لَمْ يُخْزَ فِيهَا مُحَمَّدٌ * عَلَى مَأْقِطٍ وَبَيْنَنَا عِطْرُ مَنْشِمِ (1) وَأَمْسَى أَبُو سُفْيَانَ مِنْ حِلْفِ ضَمْضَمٍ * وَمِنْ حَرْبِنَا فِي رَغْمِ أَنْفٍ وَمَنْدَمِ قَرَنَّا ابْنَهُ عَمْرًا وَمَوْلَى يَمِينِهِ * بِذِي حَلَقٍ جَلْدِ الصَّلَاصِلِ مُحْكَمِ (2) فَأَقْسَمْتُ لَا تَنْفَكُّ مِنَّا كَتَائِبٌ * سَرَاةُ خَمِيسٍ مَنْ لُهَامٍ مُسَوَّمِ (3) نَرُوعُ قُرَيْشَ الْكُفْرِ حَتَّى نَعُلَّهَا (4) * بِخَاطِمَةٍ فَوق الانوف بميسم

(1) المأقط: معترك الْحَرْب، وعطر منشم: كِنَايَة عَن شدَّة الْحَرْب.

ومنشم: كَانَت امْرَأَة تبيع الْعطر فيشترى مِنْهَا للموتى، حَتَّى تشاءموا بهَا.

(2)

ذُو حلق: أَرَادَ بِهِ الغل.

والصلاصل جمع صلصلة، وهى صلصلة الْحَدِيد.

(3)

اللهام: الْكثير.

والمسوم: الْمعلم.

(4)

نروع: نفزع.

ونعلها: نذيقها الْحَرْب مرّة بعد مرّة.

(*)

ص: 518

نُنَزِّلُهُمْ أَكْنَافَ نَجْدٍ وَنَخْلَةٍ * وَإِنْ يُتْهِمُوا بِالْخَيْلِ وَالرَّجْلِ نُتْهِمِ يَدَ (1) الدَّهْرِ حَتَّى لَا يُعَوَّجَّ سِرْبُنَا * وَنُلْحِقُهُمْ آثَارَ عَادٍ وَجُرْهُمِ وَيَنْدَمُ قَوْمٌ لَمْ يُطِيعُوا مُحَمَّدًا * عَلَى أَمْرِهِمْ وَأَيُّ حِينِ تَنَدُّمِ فَأَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ إِمَّا لَقِيتَهُ * لَئِنْ أَنْتَ لَمْ تُخْلِصْ سُجُودًا وَتُسْلِمِ فَأَبْشِرْ بِخِزْيٍ فِي الْحَيَاةِ مُعَجَّلٍ * وَسِرْبَالِ قَارٍ خَالِدًا فِي جَهَنَّمَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَمَوْلَى يَمِينِ أَبِي سُفْيَانَ الَّذِي عَنَاهُ الشَّاعِرُ هُوَ عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ.

وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: إِنَّمَا هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَأَمَّا عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ فَإِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ.

* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الدَّوْسِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً أَنَا فِيهَا فَقَالَ: " إِنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَالرَّجُلِ الَّذِي سَبَقَ مَعَهُ إِلَى زَيْنَبَ فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ ".

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ بَعَثَ إِلَيْنَا فَقَالَ: إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِتَحْرِيقِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِن أخذتموها، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يحرق بالنَّار إِلَّا الله عزوجل، فَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِهِمَا فَاقْتُلُوهُمَا ".

تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ السُّنَنِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَن أَبى هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثٍ فَقَالَ: " إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ " ثُمَّ قَالَ حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ: إِنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَحْرِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا الله، فَإِن وجدتموهما فاقتلوهما.

(1) يَد الدَّهْر: مد زَمَانه.

وفى الاصل: يدى.

وَمَا أثْبته عَن ابْن هِشَام.

(*)

ص: 519

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ أَبَا الْعَاصِ أَقَامَ بِمَكَّةَ عَلَى كُفْرِهِ وَاسْتَمَرَّتْ زَيْنَبُ عِنْدَ أَبِيهَا بِالْمَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا كَانَ قُبَيْلَ الْفَتْحِ خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ فِي تِجَارَةٍ لِقُرَيْشٍ، فَلَمَّا قَفَلَ مِنَ الشَّامِ لَقِيَتْهُ سَرِيَّةٌ فَأَخَذُوا مَا مَعَهُ وَأَعْجَزَهُمْ هَرَبًا، وَجَاءَ تَحْتَ اللَّيْلِ إِلَى زَوْجَتِهِ زَيْنَبَ فَاسْتَجَارَ بِهَا فَأَجَارَتْهُ.

فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ صَرَخَتْ مِنْ صُفَّةِ النِّسَاء: أَيهَا النَّاس أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ سَمِعْتُمُ الَّذِي سَمِعْتُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: " أَمَا وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا علمت بشئ حَتَّى سَمِعْتُ مَا سَمِعْتُمْ، وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ ".

ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ زَيْنَبَ فَقَالَ: " أَيْ بُنَيَّةَ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ وَلَا يَخْلُصَنَّ إِلَيْكِ فَإِنَّكِ لَا تَحِلِّينَ لَهُ " قَالَ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَثَّهُمْ عَلَى رَدِّ مَا كَانَ مَعَهُ، فَرَدُّوهُ بِأَسْرِهِ لَا يَفْقِدُ مِنْهُ شَيْئًا.

فَأَخَذَهُ أَبُو الْعَاصِ فَرَجَعَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ، فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ مَا كَانَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ بَقِيَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ عِنْدِي مَالٌ لَمْ يَأْخُذْهُ؟ قَالُوا: لَا فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ وَجَدْنَاكَ وَفِيًّا كَرِيمًا.

قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي عَنِ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُ إِلَّا تَخُوُّفُ أَنْ تَظُنُّوا أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ آكُلَ أَمْوَالَكُمْ، فَلَمَّا أَدَّاهَا اللَّهُ إِلَيْكُمْ وَفَرَغْتُ مِنْهَا أَسْلَمْتُ.

ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئا.

ص: 520

وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ ابْن إِسْحَاقَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ.

وَلَكِنْ لَا نَعْرِفُ وَجْهَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ قَدْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ حِفْظِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ.

وَفِي لَفْظٍ: رَدَّهَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ، وَفِي رِوَايَةٍ: بَعْدَ سَنَتَيْنِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ: لَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا.

وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَشْكَلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ تُعُجِّلَتِ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ انْتُظِرَ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهَا اسْتَمَرَّ عَلَى نِكَاحِهَا، وَإِنِ انْقَضَتْ وَلَمْ يُسْلِمِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَزَيْنَبُ رضي الله عنها أَسْلَمَتْ حِينَ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَاجَرَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ، وَحُرِّمَ الْمُسْلِمَاتُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ، وَأَسْلَمَ أَبُو الْعَاصِ قَبْلَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ فَمَنْ قَالَ: رَدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ، أَيْ مِنْ حِينِ هِجْرَتِهَا فَهُوَ صَحِيحٌ.

وَمَنْ قَالَ: بَعْدَ سَنَتَيْنِ.

أَيْ مِنْ حِينِ حُرِّمَتِ الْمُسْلِمَاتُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا.

وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالظَّاهِرُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الَّتِي أَقَلُّهَا سَنَتَانِ مِنْ حِينِ التَّحْرِيمِ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا، فَكَيْفَ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ؟ * * * فَقَالَ قَائِلُونَ: يَحْتَمِلُ أَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ، وَهَذِه قصَّة يَمِين يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ.

وَعَارَضَ آخَرُونَ هَذَا الْحَدِيثَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَدَّ بِنْتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَهْرٍ جَدِيدٍ وَنِكَاحٍ جَدِيدٍ.

ص: 521

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَاهٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْحَجَّاجُ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ، وَالْعَرْزَمِيُّ لَا يُسَاوِي حَدِيثُهُ شَيْئًا، وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أقرها عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ.

وَهَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَدِيثُ، وَالصَّوَابُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَدَّهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ فِي إِسْنَاده مقَال.

و [الذى] الْعَمَل عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ زَوْجِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الظَّاهِرُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا، وَمَنْ رَوَى أَنَّهُ جَدَّدَ لَهَا نِكَاحًا فَضَعِيفٌ.

* * * فَفِي قَضِيَّةِ زَيْنَبَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ وَتَأَخَّرَ إِسْلَامُ زَوْجِهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَنِكَاحُهَا لَا يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، بَلْ يبْقى بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَإِنْ شَاءَتْ تَرَبَّصَتْ وَانْتَظَرَتْ إِسْلَامَ زَوْجِهَا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ.

وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ قُوَّةٌ وَلَهُ حَظٌّ مِنْ جِهَةِ.

الْفِقْهِ وَالله أَعْلَمُ.

وَيُسْتَشْهَدُ لِذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ حَيْثُ قَالَ: نِكَاحُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ وَعِدَّتُهُنَّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ ابْن جريح، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤمنِينَ، كَانُوا مُشْركي أهل الْحَرْب يُقَاتِلُونَهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِي أَهْلِ عَهْدٍ لَا يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يقاتلونه.

فَكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنَّ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُم أَو

ص: 522

أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ.

ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ.

هَذَا لَفَظُهُ بِحُرُوفِهِ.

فَقَوْلُهُ: " فَكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ " يَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَبْرِئُ بِحَيْضَةٍ لَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا.

وَقَوْلُهُ: فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ وَإِنْ هَاجَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْعِدَّةِ أَنَّهَا تُرَدُّ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَنْكِحْ زَوْجًا غَيْرَهُ، كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قِصَّةِ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْعُلَمَاءِ.

وَالله أعلم.

ص: 523

فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى (1) فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَنْكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ: أَلَمْ تَرَ أَمْرًا كَانَ مَنْ عَجَبِ الدَّهْرِ * وَلِلْحَيْنِ أَسْبَابٌ مُبَيَّنَةُ الْأَمْرِ وَمَا ذَاك إِلَّا أَن قوما أفادهم (2) * فحانوا (3) تَوَاصٍ بِالْعُقُوقِ وَبِالْكُفْرِ عَشِيَّةَ رَاحُوا نَحْوَ بَدْرٍ بِجَمْعِهِمْ * وَكَانُوا رُهُونًا لِلرَّكِيَّةِ مِنْ بَدْرِ (4) وَكُنَّا طَلَبْنَا الْعِيرِ لَمْ نَبْغِ غَيْرَهَا * فَسَارُوا إِلَيْنَا فَالْتَقَيْنَا عَلَى قَدْرِ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا لَمْ تَكُنْ مَثْنَوِيَّةٌ (5) * لَنَا غَيْرَ طَعْنٍ بِالْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ وَضَرْبٍ بِبِيضٍ يَخْتَلِي الْهَامَ حَدُّهَا * مُشَهَّرَةِ الْأَلْوَانِ بَيِّنَةِ الْأُثْرِ (6) وَنَحْنُ تَرَكْنَا عُتْبَةَ الْغَيِّ ثَاوِيًا * وَشَيْبَةَ فِي قَتْلَى تَجَرْجَمُ فِي الْجَفْرِ (7) وَعَمْرٌو ثَوَى فِيمَنْ ثَوَى مِنْ حُمَاتِهِمْ * فَشُقَّتْ جُيُوبَ النَّائِحَاتِ عَلَى عَمْرِو جُيُوبُ نِسَاءٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ * كِرَامٍ تَفَرَّعْنَ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرِ

أُولَئِكَ قَوْمٌ قُتِّلُوا فِي ضَلَالِهِمْ * وَخَلَّوْا لِوَاءً غَيْرَ مُحْتَضَرِ النَّصْرِ لِوَاءَ ضَلَالٍ قَادَ إِبْلِيسُ أَهْلَهُ * فَخَاسَ بِهِمْ إِنَّ الْخَبِيثَ إِلَى غَدْرِ وَقَالَ لَهُمْ إِذْ عَايَنَ الْأَمْرَ وَاضِحًا * بَرِئْتُ إِلَيْكُمْ مَا بِيَ الْيَوْم من صَبر

(1) أَكثر مَا ذكره ابْن اسحق من الاشعار الَّتِى قيلت فِي غَزْوَة بدر مَصْنُوع مختلق، لَا تبدو عَلَيْهِ مسحة ذَلِك الْعَصْر، كَمَا نبه على ذَلِك ابْن هِشَام، وَهُوَ من صنع بعض النظامين الَّذين كَانُوا يتصورون الْحَادِث ثمَّ يصوغون الاشعار على مُقْتَضَاهُ.

(2)

أفادهم: أهلكهم.

(3)

الاصل: فخافوا.

وَمَا أثْبته عَن ابْن هِشَام.

(4)

رهونا: جمع رهن، وَالركبَة: الْبِئْر الَّتِى لم تطو بِالْحِجَارَةِ.

(5)

المثنوية: أَرَادَ الرُّجُوع.

(6)

يخْتَلى: يقطع.

والاثر: فرند السَّيْف.

(7)

تجرجم: تسْقط.

والجفر: الْبِئْر لم تطو.

(*)

ص: 524

فَإِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَإِنَّنِي * أَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو قَسْرِ فَقَدَّمَهُمْ لِلْحَيْنِ حَتَّى تَوَرَّطُوا * وَكَانَ بِمَا لَمْ يَخْبُرِ الْقَوْمُ ذَا خُبْرِ فَكَانُوا غَدَاةَ الْبِئْرِ أَلْفًا وَجَمْعُنَا * ثَلَاثُ مِئِينٍ كَالْمُسَدَّمَةِ (1) الزُّهْرِ وَفِينَا جُنُودُ اللَّهِ حِينَ يَمُدُّنَا * بِهِمْ فِي مَقَامٍ ثَمَّ مُسْتَوْضِحِ الذّكر فَشد بهم جِبْرِيل تَحت لوائنا * لدا مَأْزَقٍ فِيهِ مَنَايَاهُمُ تَجْرِي وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاق جوابها من الْحَارِث بْنِ هِشَامٍ تَرَكْنَاهَا عَمْدًا.

* * * وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَنْكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَبْلَى رَسُولَهُ * بَلَاءَ عَزِيزٍ ذِي اقْتِدَارٍ وَذِي فَضْلِ بِمَا أَنْزَلَ الْكُفَّارَ دَارَ مَذَلَّةٍ * فَلَاقَوْا هَوَانًا مِنْ إِسَارٍ وَمِنْ قَتْلِ فَأَمْسَى رَسُولُ اللَّهِ قَدْ عَزَّ نَصْرُهُ * وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ أُرْسِلَ بِالْعَدْلِ فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ مِنَ اللَّهِ مُنْزَلٍ * مُبَيَّنَةٍ آيَاتُهُ لِذَوِي الْعَقْلِ

فَآمَنَ أَقْوَامٌ بِذَاكَ وَأَيْقَنُوا * فَأَمْسَوْا بِحَمْدِ اللَّهِ مُجْتَمِعِي الشَّمْلِ وَأَنْكَرَ أَقْوَامٌ فَزَاغَتْ قُلُوبُهُمْ * فَزَادَهُمُ ذُو الْعَرْشِ خَبْلًا عَلَى خَبْلِ وَأَمْكَنَ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ رَسُولَهُ * وَقَوْمًا غِضَابًا فِعْلُهُمْ أَحْسَنُ الْفِعْلِ بِأَيْدِيهِمُ بِيضٌ خِفَافٌ عَصُوا بِهَا * وَقَدْ حَادَثُوهَا بالجلاء والصقل فَكَمْ تَرَكُوا مِنْ نَاشِئٍ ذِي حَمِيَّةٍ * صَرِيعًا وَمِنْ ذِي نَجْدَةٍ مِنْهُمُ كَهْلِ تَبِيتُ عُيُونُ النَّائِحَاتِ عَلَيْهِمُ * تَجُودُ بِإِسْبَالِ الرَّشَاشِ وَبِالْوَبْلِ (2) نَوَائِحَ تَنْعَيْ عُتْبَةَ الْغَيِّ وَابْنَهُ * وَشَيْبَةَ تَنْعَاهُ وَتَنْعَيْ أَبَا جَهْلِ وَذَا الرِّجْلِ (3) تَنْعَى وَابْنَ جُدْعَانَ فيهم * مسْلبَةٌ حرى مبينَة الثكل

(1) المسدم: الْفَحْل الهائج.

والزهر: المشرقة اللَّوْن.

(2)

الرشاش: الْمَطَر الضَّعِيف.

والوبل: الْكثير.

استعاره للدمع.

(3)

يُرِيد بذى الرجل الاسود بن عبد الاسد الذى قطعت رجله وَهُوَ يقتحم الْحَوْض.

(* (

ص: 525

ثُوَى مِنْهُمُ فِي بِئْرِ بَدْرٍ عِصَابَةٌ * ذَوُو نَجَدَاتٍ فِي الْحُرُوبِ وَفِي الْمَحْلِ دَعَا الْغَيُّ مِنْهُمْ مَنْ دَعَا فَأَجَابَهُ * وَلِلْغَيِّ أَسْبَابٌ مُرَمَّقَةُ الْوَصْلِ (1) فَأَضْحَوْا لَدَى دَارِ الْجَحِيمِ بِمَعْزِلٍ * عَنِ الشَّغْبِ وَالْعُدْوَانِ فِي أَسْفَلِ السُّفْلِ (2) وَقَدْ ذَكَرَ ابْن إِسْحَاق نقيضتها من الْحَارِث أَيْضًا تَرَكْنَاهَا قَصْدًا.

* * * وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: عَجِبْتُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَاللَّهُ قَادِرُ * عَلَى مَا أَرَادَ لَيْسَ لِلَّهِ قَاهِرُ قَضَى يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ نُلَاقِيَ مَعْشَرًا * بَغَوْا وَسَبِيلُ الْبَغْيِ بِالنَّاسِ جَائِرُ وَقَدْ حَشَدُوا وَاسْتَنْفَرُوا مَنْ يَلِيهِمُ * مِنَ النَّاسِ حَتَّى جَمْعُهُمْ مُتَكَاثِرُ وَسَارَتْ إِلَيْنَا لَا تُحَاوِلُ غَيْرَنَا * بِأَجْمَعِهَا كَعْبٌ جَمِيعًا وَعَامِرُ

وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ وَالْأَوْسُ حَوْلَهُ * لَهُ مَعْقِلٌ مِنْهُمْ عَزِيزٌ وَنَاصِرُ وَجَمْعُ بَنِي النَّجَّارِ تَحْتَ لِوَائِهِ * يَمْشُونَ فِي الْمَاذِيِّ (3) وَالنَّقْعُ ثَائِرُ فَلَمَّا لَقِينَاهُمْ وَكُلٌّ مُجَاهِدٌ * لِأَصْحَابِهِ مُسْتَبْسِلُ النَّفْسِ صَابِرُ شَهِدْنَا بِأَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ * وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بِالْحَقِّ ظَاهِرُ وَقَدْ عُرِّيَتْ بِيضٌ خِفَافٌ كَأَنَّهَا * مقاييس يُزْهِيهَا لِعَيْنَيْكَ شَاهِرُ بِهِنَّ أَبَدْنَا جَمْعَهُمْ فَتَبَدَّدُوا * وَكَانَ يُلَاقِي الْحَيْنَ مَنْ هُوَ فَاجِرُ فَكَبَّ أَبُو جَهْلٍ صَرِيعًا لِوَجْهِهِ * وَعُتْبَةُ قَدْ غَادَرْتُهُ وَهْوَ عَاثِرُ وَشَيْبَةَ وَالتَّيْمِيَّ غَادَرْتُ فِي الْوَغَى * وَمَا مِنْهُمْ إِلَّا بِذِي الْعَرْشِ كَافِرُ فَأَمْسَوْا وَقُودَ النَّارِ فِي مُسْتَقَرِّهَا * وَكُلُّ كَفُورٍ فِي جَهَنَّم صائر

(1) مرمقة: ضَعِيفَة واهية.

(2)

ابْن هِشَام: فِي أشغل الشّغل.

(3)

الماذى: الدرْع اللينة السهلة، وَتطلق على السِّلَاح كُله.

(*)

ص: 526

تَلَظَّى عَلَيْهِمْ وَهْيَ قَدْ شَبَّ حَمْيُهَا * بِزُبْرِ الْحَدِيدِ وَالْحِجَارَةِ سَاجِرُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَالَ أَقْبِلُوا * فَوَلَّوْا وَقَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ سَاحِرُ لِأَمْرٍ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَهْلِكُوا بِهِ * وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللَّهُ زَاجِرُ وَقَالَ كَعْبٌ فِي يَوْمِ بَدْرٍ: أَلَا هَلْ أَتَى غَسَّانَ فِي نأى دارها * وَأخْبر شئ بِالْأُمُورِ عَلِيمُهَا بِأَنْ قَدْ رَمَتْنَا عَنْ قِسِيٍّ عَدَاوَةً * مَعَدٌّ مَعًا جُهَّالُهَا وَحَلِيمُهَا لِأَنَّا عَبَدْنَا اللَّهَ لَمْ نَرْجُ غَيْرَهُ * رَجَاءَ الْجِنَانِ إِذْ أَتَانَا زَعِيمُهَا نَبِيٌّ لَهُ فِي قَوْمِهِ إِرْثُ عِزَّةٍ * وَأَعْرَاقُ صِدْقٍ هَذَّبَتْهَا أُرُومُهَا فَسَارُوا وَسِرْنَا فَالْتَقَيْنَا كَأَنَّنَا * أُسُودُ لِقَاءٍ لَا يُرَجَّى كَلِيمُهَا

ضَرَبْنَاهُمُ حَتَّى هَوَى فِي مَكَرِّنَا * لِمَنْخِرِ سَوْءٍ مِنْ لُؤَيٍّ عَظِيمُهَا فَوَلَّوْا وَدُسْنَاهُمْ بِبِيضٍ صَوَارِمٍ * سَوَاءٌ عَلَيْنَا حِلْفُهَا وَصَمِيمُهَا وَقَالَ كَعْبٌ أَيْضًا: لعمر أبيكا يَا بنى لؤى * على زهو لديكم وأنتحاء لَمَا حَامَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرٍ * وَلَا صَبَرُوا بِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَرَدْنَاهُ وَنُورُ اللَّهِ يَجْلُو * دُجَى الظَّلْمَاءِ عَنَّا وَالْغِطَاءِ رَسُولُ اللَّهِ يَقْدُمُنَا بِأَمْرٍ * مِنَ امْرِ اللَّهِ أُحْكِمَ بِالْقَضَاءِ فَمَا ظَفِرَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرٍ * وَمَا رَجَعُوا إِلَيْكُمْ بِالسَّوَاءِ فَلَا تَعْجَلْ أَبَا سُفْيَانَ وَارْقُبْ * جِيَادَ الْخَيْلِ تَطْلُعُ مِنْ كَدَاءِ بِنْصِرِ اللَّهِ رُوحُ الْقُدْسِ فِيهَا * وَمِيكَالٌ فَيَا طِيبَ الْمَلَاءِ * * * وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَيُقَالُ هِيَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ السَّهْمِيِّ:

ص: 527

مُسْتَشْعِرِي حَلَقَ الْمَاذِيِّ يَقْدُمُهُمْ * جَلْدُ النَّحِيزَةِ مَاضٍ غَيْرُ رِعْدِيدِ (1) أَعْنِي رَسُولَ إِلَهِ الْخَلْقِ فَضَّلَهُ * عَلَى الْبَرِيَّةِ بِالتَّقْوَى وَبِالْجُودِ وَقَدْ زَعَمْتُمْ بِأَنْ تَحْمُوا ذِمَارَكُمُ * وَمَاءُ بَدْرٍ زَعَمْتُمْ غَيْرُ مَوْرُودِ [ثُمَّ وَرَدْنَا وَلَمْ نَسْمَعْ لِقَوْلِكُمُ * حَتَّى شَرِبْنَا رَوَاءً غَيْرَ تَصْرِيدِ (2) ] مُسْتَعْصِمِينَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْجَذِمٍ * مُسْتَحْكِمٍ مِنْ حِبَالِ اللَّهِ مَمْدُودِ فِينَا الرَّسُولُ وَفِينَا الْحَقُّ نَتْبَعُهُ * حَتَّى الْمَمَاتِ وَنَصْرٌ غَيْرُ مَحْدُودِ وَافٍ وَمَاضٍ شِهَابٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ * بَدْرٌ أَنَارَ عَلَى كُلِّ الْأَمَاجِيدِ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَتَى أهل مَكَّة * إبادتنا الْكُفَّارَ فِي سَاعَةِ الْعُسْرِ

قَتَلْنَا سَرَاةَ الْقَوْمِ عِنْدَ مَجَالِنَا * فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَّا بِقَاصِمَةِ الظَّهْرِ قَتَلْنَا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ قَبْلَهُ * وَشَيْبَةَ يَكْبُو لِلْيَدَيْنِ وَلِلنَّحْرِ قَتَلْنَا سُوَيْدًا ثُمَّ عُتْبَةَ بَعْدَهُ * وَطُعْمَةَ أَيْضًا عِنْدَ ثَائِرَةِ الْقَتْرِ (3) فَكَمْ قَدْ قتلنَا من كريم مسود (4) * لَهُ حَسَبٌ فِي قَوْمِهِ نَابِهُ الذِّكْرِ تَرَكْنَاهُمُ لِلْعَاوِيَاتِ يَنُبْنَهُمْ (5) * وَيَصْلَوْنَ نَارًا بَعْدُ حَامِيَةَ الْقَعْرِ لَعَمْرُكَ مَا حَامَتْ فَوَارِسُ مَالِكٍ * وَأَشْيَاعُهُمْ يَوْمَ الْتَقَيْنَا عَلَى بَدْرِ وَقَالَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بن عبد الْمطلب فِي يَوْم بدر، فِي قَطْعِ رِجْلِهِ فِي مُبَارَزَتِهِ هُوَ وَحَمْزَةَ وَعَلِيٍّ مَعَ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ.

وَأَنْكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ: سَتَبْلُغُ عَنَّا أَهْلَ مَكَّةَ وَقْعَةٌ * يَهُبُّ لَهَا مَنْ كَانَ عَنْ ذَاكَ نَائِيَا

(1) الماذى: الدروع اللينة.

والمستشعر: اللابس على جِسْمه بِغَيْر حاجز.

والنحيزة: الطبيعة.

والرعديد: الجبان.

(2)

من ابْن هِشَام.

(3)

القتر: الْغُبَار.

(4)

ابْن هِشَام: مرزأ.

(5)

ينبنهم: يعاودنهم.

(*)

ص: 528

بِعُتْبَةَ إِذْ وَلَّى وَشَيْبَةُ بَعْدَهُ * وَمَا كَانَ فِيهَا بِكْرُ عُتْبَةَ رَاضِيَا فَإِنْ تَقْطَعُوا رِجْلِي فَإِنِّيَ مُسْلِمٌ * أُرَجِّي بِهَا عَيْشًا مِنَ اللَّهِ دَانِيَا مَعَ الْحُورِ أَمْثَالِ التَّمَاثِيلِ أُخْلِصَتْ * مِنَ الْجَنَّةِ الْعُلْيَا لِمَنْ كَانَ عَالِيَا وَبِعْتُ بِهَا عَيْشًا تعرفت صَفوه * وعاجلته حَتَّى فقدت الا دانيا فَأَكْرَمَنِي الرَّحْمَنُ مِنْ فَضْلِ مَنِّهِ * بِثَوْبٍ مِنَ الْإِسْلَامِ غَطَّى الْمَسَاوِيَا وَمَا كَانَ مَكْرُوهًا إِلَيَّ قِتَالُهُمْ * غَدَاةَ دَعَا الْأَكْفَاءَ مَنْ كَانَ دَاعِيَا وَلَمْ يَبْغِ إِذْ سَالُوا النَّبِيَّ سَوَاءَنَا * ثَلَاثَتَنَا حَتَّى حَضَرْنَا الْمُنَادِيَا لَقِينَاهُمُ كَالْأُسْدِ تَخْطِرُ بِالْقَنَا * نُقَاتِلُ فِي الرَّحْمَنِ مَنْ كَانَ عَاصِيَا

فَمَا بَرِحَتْ أَقْدَامُنَا مِنْ مَقَامِنَا * ثَلَاثَتِنَا حَتَّى أُزِيرُوا الْمَنَائِيَا (1) * * * وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَذُمُّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ عَلَى فِرَارِهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَتَرْكِهِ قَوْمَهُ لَا يُقَاتِلُ دُونَهُمْ: تَبَلَتْ فُؤَادَكَ فِي الْمَنَامِ خَرِيدَةٌ (2) * تَشْفِي (3) الضَّجِيعَ بِبَارِدٍ بِسَّامِ كَالْمِسْكِ تَخْلِطُهُ بِمَاءِ سَحَابَةٍ * أَوْ عَاتِقٍ كَدَمِ الذَّبِيحِ مُدَامِ نُفُجُ الْحَقِيبَةِ بَوْصُهَا مُتَنَضِّدٌ * بَلْهَاءُ غَيْرُ وَشِيكَةِ الْأَقْسَامِ (4) بُنِيَتْ عَلَى قَطَنٍ أَجَمَّ كَأَنَّهُ * فُضُلًا إِذَا قَعَدَتْ مداك رُخَام (5) وتكاد تكسل أَن تجئ فراشها * فِي جسم خرعبة (6) وَحسن قوام

(1) المنائيا: المنايا، فزيدت فِيهِ الْهمزَة.

(2)

الخريدة: الْحَسْنَاء الناعمة.

(3)

رِوَايَة الدِّيوَان: تسقى.

(4)

نفج: عالية.

وَأَرَادَ بالحقيبة الارداف.

والبوص: الردف.

ومتنضد: يَعْلُو بعضه بَعْضًا.

والبلهاء: الغافلة.

والاقسام: جمع قسم.

أَي أَنَّهَا لَا تمضى قسمهَا.

(5)

الْقطن: الْوسط.

والاجم: الذى لَا عِظَام فِيهِ.

وفضلا: نصب على الْحَال.

والمداك: مدق الطّيب.

(6)

الخرعبة: الْحَسَنَة القوام.

(*)(34 - السِّيرَة 2)

ص: 529

أَمَّا النَّهَارَ فَلَا أُفَتِّرُ ذِكْرَهَا * وَاللَّيْلَ تُوزِعُنِي بِهَا أَحْلَامِي أَقْسَمْتُ أَنْسَاهَا وَأَتْرُكُ ذِكْرَهَا * حَتَّى تغيب فِي الضريح عِظَامِي بل مَنْ لِعَاذِلَةٍ تَلُومُ سَفَاهَةً * وَلَقَدْ عَصَيْتُ عَلَى الْهوى لوامى بكرت إِلَى بِسُحْرَةٍ بَعْدَ الْكَرَى * وَتَقَارُبٍ مِنْ حَادِثِ الْأَيَّامِ زَعَمَتْ بِأَنَّ الْمَرْءَ يَكْرُبُ عُمْرَهُ * عَدَمٌ لِمُعْتَكِرٍ مِنَ الْأَصْرَامِ (1)

إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةَ الَّذِي حَدَّثْتِنِي * فَنَجَوْتِ مَنْجَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ تَرَكَ الْأَحِبَّةَ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَهُمْ * وَنَجَا بِرَأْسِ طِمِرَّةٍ وَلِجَامِ (2) يذر الْعَنَاجِيجُ الْجِيَادَ بِقَفْرَةٍ * مَرَّ الدَّمُوكِ بِمُحْصَدٍ وَرِجَامِ (3) مَلَأَتْ بِهِ الْفَرْجَيْنِ فَارْمَدَّتْ بِهِ * وَثَوَى أَحِبَّتُهُ بَشَرِّ مُقَامِ وَبَنُو أَبِيهِ وَرَهْطُهُ فِي مَعْرَكٍ * نَصَرَ الْإِلَهُ بِهِ ذَوِي الْإِسْلَامِ طَحَنَتْهُمُ وَاللَّهُ يُنْفِذُ أَمْرَهُ * حَرْبٌ يُشَبُّ سَعِيرُهَا بِضِرَامِ لَوْلَا الاله وجريها لتركنه * جزر السبَاع ودسنه بحوامى (4) مِنْ بَيْنِ مَأْسُورٍ يُشَدُّ وَثَاقُهُ * صَقْرٍ إِذَا لَاقَى الاسنة حامى وَمُجَدَّلٍ لَا يَسْتَجِيبُ لِدَعْوَةٍ * حَتَّى تَزُولَ شَوَامِخُ الاعلام بالعار والذل الْمُبين إِذا رَأَى * بِيضَ السُّيُوفِ تَسُوقُ كُلَّ هُمَامِ بِيَدَيْ أَغَرَّ إِذَا انْتَمَى لَمْ يُخْزِهِ * نَسَبُ الْقِصَارِ سَمَيْدَعٍ (5) مِقْدَامِ بِيضٌ إِذَا لَاقَتْ حَدِيدًا صَمَّمَتْ * كالبرق تَحت ظلال كل غمام

(1) يكرب: يحزن.

والاصرام: جمع الْجمع لصرمة، وهى الْقطعَة من الابل مَا بَين الْعشْرين إِلَى الاربعين.

والمعتكر: الْمُخْتَلط لَا يُسْتَطَاع عده.

(2)

الطمرة: الْفرس الْجواد.

(3)

العناجيج: جِيَاد الْخَيل.

والدموك: البكرة السريعة المر يسقى بهَا على السانية.

والمحصد: الْحَبل المفتول.

والرجام: حجر يشد بِطرف الدَّلْو لتسرع فِي الْبِئْر.

يصف الْفرس بِسُرْعَة الجرى.

هَذَا وفى الاصل: " مر الذمول " وَهُوَ تَحْرِيف.

صَوَابه من ابْن هِشَام والديوان.

(4)

الحوامى: ميامن الْحَافِر ومياسره.

(5)

السميدع: السَّيِّد.

(*)

ص: 530

قَالَ ابْن هِشَام: تركنَا فِي آخرهَا ثَلَاث أَبْيَاتٍ أَقْذَعَ فِيهَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ أَخُو أَبِي جَهْلٍ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ: الْقَوْمُ (1) أَعْلَمُ مَا تَرَكْتُ قِتَالهمْ * حَتَّى رموا فرسى (2) بِأَشْقَرَ مُزْبِدِ

وَعَرَفْتُ أَنِّي إِنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا * أُقْتَلْ وَلَا يَنْكِي عَدُوِّيَ مَشْهَدِي فَصَدَدْتُ عَنْهُمْ وَالْأَحِبَّةُ فِيهِمُ * طَمَعًا لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدِ وَقَالَ حَسَّانُ أَيْضًا: يَا حَارِ قَدْ عَوَّلْتَ غَيْرَ مُعَوَّلِ * عِنْدَ الْهِيَاجِ وَسَاعَةَ الْأَحْسَابِ إِذْ تَمْتَطِي سُرُحَ الْيَدَيْنِ نَجِيبَةً * مَرَطَى الْجِرَاءِ طَوِيلَةَ الْأَقْرَابِ (3) وَالْقَوْمُ خَلْفَكَ قَدْ تَرَكْتَ قِتَالَهُمْ * تَرْجُو النَّجَاء وَلَيْسَ حِينَ ذَهَابِ أَلَّا عَطَفْتَ عَلَى ابْنِ أُمِّكَ إِذْ ثَوَى * قَعْصَ الْأَسِنَّةِ (4) ضَائِعَ الْأَسْلَابِ عَجِلَ الْمَلِيكُ لَهُ فَأَهْلَكَ جَمْعَهُ * بِشَنَارِ مُخْزِيَةٍ وَسُوءِ عَذَابِ وَقَالَ حَسَّانُ أَيْضًا: لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ * غَدَاةَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ الشَّدِيدِ بِأَنَّا حِينَ تَشْتَجِرُ الْعَوَالِي * حُمَاةُ الْحَرْبِ يَوْمَ أَبِي الْوَلِيدِ قَتَلْنَا ابْنَيْ رَبِيعَةَ يَوْمَ سَارَا * إِلَيْنَا فِي مُضَاعَفَةِ الْحَدِيدِ وَفَرَّ بِهَا حَكِيمٌ يَوْمَ جَالَتْ * بَنُو النَّجَّارِ تَخْطِرُ كَالْأُسُودِ وَوَلَّتْ عِنْدَ ذَاكَ جُمُوعُ فِهْرٍ * وَأَسْلَمَهَا الْحُوَيْرِثُ مِنْ بَعِيدِ لَقَدْ لَاقَيْتُمُ ذُلًّا وَقَتْلًا * جَهِيزًا نَافِذًا تَحْتَ الْوَرِيدِ وَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ وَلَّوْا جَمِيعًا * وَلم يلووا على الْحسب التليد

(1) ابْن هِشَام: الله أعلم.

(2)

ابْن هِشَام: حَتَّى حبوا مهرى.

(3)

السَّرْح: السريعة.

ومرطى الجراء: سريعة الجرى.

والاقراب جمع قرب وَهُوَ الخاصرة، أَو من الشاكلة إِلَى مراق الْبَطن.

(4)

القعص: أَن يصاب برمية فَيَمُوت مَكَانَهُ.

(*)

ص: 531

وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ تَرْثِي عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ: لَقَدْ ضُمِّنَ الصَّفْرَاءُ مَجْدًا وَسُؤْدُدًا * وَحِلْمًا أَصِيلًا وَافِرَ اللُّبِّ وَالْعَقْلِ عُبَيْدَةَ فَابْكِيهِ لِأَضْيَافِ غُرْبَةٍ * وَأَرْمَلَةٍ تَهْوِي لِأَشْعَثَ كَالْجِذْلِ وَبَكِّيهِ لِلْأَقْوَامِ فِي كُلِّ شَتْوَةٍ * إِذَا احْمَرَّ آفَاقُ السَّمَاءِ مِنَ الْمَحْلِ وَبَكِّيهِ لِلْأَيْتَامِ وَالرِّيحُ زَفْزَفٌ * وَتَشْبِيبِ قِدْرٍ طَالَمَا أَزْبَدَتْ تَغْلِي فَإِنْ تُصْبِحِ النِّيرَانُ قَدْ مَاتَ ضوؤها * فَقَدْ كَانَ يُذْكِيهِنَّ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ لِطَارِقِ لَيْلٍ أَوْ لِمُلْتَمِسِ الْقِرَى * وَمُسْتَنْبِحٍ أَضْحَى لَدَيْهِ عَلَى رِسْلِ * * * وَقَالَ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ قَطَنٍ قَالَ: قَالَتْ: عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي رُؤْيَاهَا الَّتِي رَأَتْ وَتَذْكُرُ بَدْرًا: أَلَمَّا تَكُنْ رُؤْيَايَ حَقًّا وَيَأْتِكُمْ * بِتَأْوِيلِهَا فَلٌّ مِنَ الْقَوْمِ هَارِبُ رَأَى فَأَتَاكُمْ بِالْيَقِينِ الَّذِي رَأَى * بِعَيْنَيْهِ مَا تَفْرِي السُّيُوفُ الْقَوَاضِبُ فَقُلْتُمْ وَلم أكذب عَلَيْكُم وَإِنَّمَا * يُكَذِّبُنِي بِالصِّدْقِ مَنْ هُوَ كَاذِبُ وَمَا جَاءَ إِلَّا رَهْبَةَ الْمَوْتِ هَارِبًا * حَكِيمٌ وَقَدْ أَعْيَتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ أَقَامَتْ سُيُوفُ الْهِنْدِ دُونَ رءوسكم * وخطية (1) فِيهَا الشبا والتغالب كَأَن حريق النَّار لمع ظبانها * إِذَا مَا تَعَاطَتْهَا اللُّيُوثُ الْمَشَاغِبُ أَلَا بِأَبِي يَوْمَ اللِّقَاءِ مُحَمَّدًا * إِذَا عَضَّ مِنْ عُونِ الْحُرُوبِ الْغَوَارِبُ مَرَى بِالسُّيُوفِ الْمُرْهَفَاتِ نُفُوسَكُمْ * كِفَاحًا كَمَا تَمْرِي السَّحَابَ الْجَنَائِبُ (2) فَكَمْ بَرَدَتْ أَسْيَافُهُ مِنْ مَلِيكَةٍ * وَزُعْزِعَ وَرْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ صَالِبُ

(1) الخطية: الرماح (2) الجنائب: الرِّيَاح الَّتِى تهب جنوبا، وَهُوَ تمرى السَّحَاب تستنزل مطره.

وأصل المرى مسح ضرع النَّاقة ليدر لَبنهَا.

(*)

ص: 532

فَمَا بَالُ قَتْلَى فِي الْقَلِيبِ وَمِثْلُهُمْ * لَدَى ابْن أخى أسرى لَهُ مَا يضارب فَكَانُوا نِسَاءً أَمْ أَتَى لِنُفُوسِهِمْ * مِنَ اللَّهِ حَيْنٌ سَاقَ وَالْحَيْنُ حَالِبُ فَكَيْفَ رَأَى عِنْدَ اللِّقَاءِ مُحَمَّدًا * بَنُو عَمِّهِ وَالْحَرْبُ فِيهَا التَّجَارِبُ ألم يغشكم ضربا يحار لِوَقْعَة الجبان وتبذو بِالنَّهَارِ الْكَوَاكِبُ حَلَفْتُ لَئِنْ عَادُوا لَنَصْطَلِيَنَّهُمْ * بِحَارًا تردى تجر فِيهَا (1) الْمَقَانِبُ كَأَنَّ ضِيَاءَ الشَّمْسِ لَمْعَ ظُبَاتِهَا * لَهَا مِنْ شُعَاعِ النُّورِ قَرْنٌ وَحَاجِبُ وَقَالَتْ عَاتِكَةُ أَيْضًا فِيمَا نَقَلَهُ الْأُمَوِيُّ: هَلَّا صَبَرْتُمْ لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ * بِبَدْرٍ وَمَنْ يَغْشَى الْوَغَى حَقُّ صَابِرِ وَلَمْ تَرْجِعُوا عَنْ مُرْهَفَاتٍ كَأَنَّهَا * حَرِيقٌ بِأَيْدِي الْمُؤمنِينَ بواتر وَلم تصبروا للبيض حَتَّى أَخَذْتُم * قَلِيلا بأيدى الْمُؤمنِينَ المشاعر وَوَلَّيْتُمُ نَفْرًا وَمَا الْبَطَلُ الَّذِي * يُقَاتِلُ مِنْ وَقْعِ السِّلَاحِ بِنَافِرِ أَتَاكُمْ بِمَا جَاءَ النَّبِيُّونَ قَبْلَهُ * وَمَا ابْنُ أَخِي الْبَرُّ الصَّدُوقُ بِشَاعِرِ سَيَكْفِي الَّذِي ضَيَّعْتُمُ مِنْ نَبِيِّكُمْ * وَيَنْصُرُهُ الْحَيَّانِ عَمْرٌو وَعَامِرُ * * * وَقَالَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَمْدَحُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَرْثِي أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَئِذٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَهُوَ بَعْدُ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ إِذْ ذَاكَ: أَلَا إِنَّ عَيْنِي أَنْفَدَتْ دَمْعَهَا سَكْبَا * تَبْكِي عَلَى كَعْبٍ وَمَا إِنْ تَرَى كَعْبَا أَلَا إِنَّ كَعْبًا فِي الْحُرُوبِ تَخَاذَلُوا * وَأَرْدَاهُمُ ذَا الدَّهْرُ وَاجْتَرَحُوا ذَنْبَا وَعَامِرُ تَبْكِي لِلْمُلِمَّاتِ غُدْوَةً * فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أرى (2) لَهُم قربا

(1) المطبوعة: تجربتها.

وَهُوَ تَحْرِيف.

(2)

ابْن هِشَام: لَهما.

(*)

ص: 533

[هما أخواى لن يعدا لغية * تعد وَلنْ يستام جارهما غصبا (1) ] فيا أخوينا عبد شمس ونوفلا (2) * فدا لَكُمَا لَا تَبْعَثُوا بَيْنَنَا حَرْبَا وَلَا تُصْبِحُوا مِنْ بَعْدِ وُدٍّ وَأُلْفَةٍ * أَحَادِيثَ فِيهَا كُلُّكُمْ يَشْتَكِي النَّكْبَا أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا كَانَ فِي حَرْبِ دَاحِسٍ * وَحرب (3) أَبى يكسوم إِذْ ملا والشعبا فلولا دفاع الله لَا شئ غَيْرُهُ * لَأَصْبَحْتُمُ لَا تَمْنَعُونَ لَكُمْ سِرْبَا فَمَا إِنْ جَنَيْنَا فِي قُرَيْشٍ عَظِيمَةً * سِوَى أَنْ حمينا خير من وطى التُّرْبَا أَخَا ثِقَةٍ فِي النَّائِبَاتِ مُرَزَّأً * كَرِيمًا نَثَاهُ لَا بَخِيلًا وَلَا ذَرْبَا (4) يُطِيفُ بِهِ الْعَافُونَ يَغْشَوْنَ بَابَهُ * يَؤُمُّونَ نَهْرًا لَا نَزُورًا وَلَا صربا (5) فو الله لَا تَنْفَكُّ نَفْسِي حَزِينَةً * تَمَلْمَلُ حَتَّى تَصْدُقُوا الْخَزْرَج الضربا فَصْلٌ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَشْعَارًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْرِكِينَ قَوِيَّةَ الصَّنْعَةِ يَرْثُونَ بِهَا قَتْلَاهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ.

فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَخِي بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ، وَقَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالسُّهَيْلِيُّ فِي رَوْضِهِ يَتَكَلَّمُ عَلَى أَشْعَارِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ: عَجِبْتُ لِفَخْرِ الْأَوْسِ وَالْحَيْنُ دَائِرُ * عَلَيْهِمْ غَدًا وَالدَّهْرُ فِيهِ بَصَائِرُ وَفَخْرِ بَنِي النَّجَّارِ أَنْ كَانَ مَعْشَرٌ * أُصِيبُوا بِبَدْرٍ كُلُّهُمْ ثَمَّ صَائِرُ فَإِنْ تَكُ قَتْلَى غُودِرَتْ مِنْ رجالنا * فَإنَّا رجَالًا بعدهمْ سنغادر

(1) من ابْن هِشَام.

(2)

الاصل: وَنَوْفَل.

وَهُوَ تَحْرِيف.

(3)

ابْن هِشَام: وجيش أَبى يكسوم.

(4)

النثا: الْعَطاء.

والذرب: الْفَاسِد.

(5)

الصرب: الْمُنْقَطع.

(*)

ص: 534

وَتَرْدِي بِنَا الْجُرْدُ الْعَنَاجِيجُ (1) وَسْطَكُمْ * بَنِي الْأَوْسِ حَتَّى يَشْفِيَ النَّفْسَ ثَائِرُ

وَوَسْطَ بَنِي النَّجَّارِ سَوْفَ نَكُرُّهَا * لَهَا بِالْقَنَا وَالدَّارِعِينَ زَوَافِرُ فَنَتْرُكُ صَرْعَى تَعْصِبُ الطَّيْرُ حَوْلَهُمْ * وَلَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الامانى نَاصِر وتبكيهم من أَرض يَثْرِبَ نِسْوَةٌ * لَهُنَّ بِهَا لَيْلٌ عَنِ النَّوْمِ سَاهِرُ وَذَلِكَ أَنَّا لَا تَزَالُ سُيُوفُنَا * بِهِنَّ دَمٌ مِمَّنْ يُحَارِبْنَ مَائِرُ (2) فَإِنْ تَظْفَرُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ فَإِنَّمَا * بِأَحْمَدَ أَمْسَى جَدُّكُمْ وَهْوَ ظَاهِرُ وَبِالنَّفَرِ الْأَخْيَارِ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ * يُحَامُونَ فِي اللَّأْوَاءِ (3) وَالْمَوْتُ حَاضِرُ يُعَدُّ أَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ فِيهِمُ * وَيُدْعَى عَلِيٌّ وَسْطَ مَنْ أَنْتَ ذَاكِرُ أُولَئِكَ لَا من نتجت من دِيَارهمْ * بَنُو الْأَوْسِ وَالنَّجَّارِ حِينَ تُفَاخِرُ وَلَكِنْ أَبُوهُمْ من لؤى بن غَالب * إِذْ عُدَّتِ الْأَنْسَابُ كَعْبٌ وَعَامِرُ هُمُ الطَّاعِنُونَ الْخَيْلَ فِي كل معرك * غَدَاة الْهياج الاطيبون الاكابر فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ بِقَصِيدَتِهِ الَّتِي أَسْلَفْنَاهَا وَهِيَ قَوْلُهُ: عَجِبْتُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَاللَّهُ قَادِرُ * عَلَى مَا أَرَادَ لَيْسَ لِلَّهِ قَاهِرُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْمُهُ شَدَّادُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ شَعُوبَ.

قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ خَلَفَ عَلَى امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ طَلَّقَهَا الصِّدِّيقُ وَذَلِكَ لَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاسْمُهَا أُمُّ بَكْرٍ: تُحَيِّي بِالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ * وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَامِ فَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ * من الْقَيْنَات وَالشرب الْكِرَام

(1) العناجيج: جِيَاد الْخَيل.

(2)

المائر: السَّائِل.

(3)

اللاواء: شدَّة الْبَأْس.

(*)

ص: 535

وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ * مِنَ الشِّيزَى تُكَلَّلُ بِالسَّنَامِ (1) وَكَمْ لَكَ بِالطَّوِيِّ طَوِيِّ بَدْرٍ * مِنَ الْحَوْمَاتِ وَالنَّعَمِ الْمُسَامِ (2)

وَكَمْ لَكَ بِالطَّوِيِّ طَوِيِّ بَدْرٍ * مِنَ الْغَايَاتِ وَالدُّسُعِ (3) الْعِظَامِ وَأَصْحَابِ الْكَرِيمِ أَبِي عَلِيٍّ * أَخِي الْكَأْسِ الْكَرِيمَةِ وَالنِّدَامِ وَإِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَا عَقِيلٍ * وَأَصْحَابَ الثَّنِيَّةِ مِنْ نَعَامِ (4) إِذًا لَظَلِلْتَ مِنْ وَجْدٍ عَلَيْهِمْ * كَأُمِّ السَّقْبِ جَائِلَةَ الْمَرَامِ (5) يُخَبِّرُنَا الرَّسُولُ لَسَوْفَ نَحْيَا * وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ قُلْتُ: وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهَا فِي صَحِيحِهِ لِيُعْرَفَ بِهِ حَالُ قَائِلِهَا.

* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ يَرْثِي مِنْ قُتِلَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ: أَلَّا بَكَيْتِ عَلَى الْكِرَا * مِ بَنِي الْكِرَامِ أُولِي الْمَمَادِحْ كَبُكَا الْحَمَامِ عَلَى فُرُو * عِ الْأَيْكِ فِي الْغُصُنِ الْجَوَانِحْ (6) يَبْكِينَ حَرَّى مُسْتَكِي * نَاتٍ يَرُحْنَ مَعَ الرَّوَائِحُ أَمْثَالُهُنَّ الباكيا * ت المعولات من النوائح من يبكيهم يَبْكِي عَلَى * حُزْنٍ وَيَصْدُقُ كُلُّ مَادِحْ مَاذَا ببدر فالعقن * قل من مرازبة جحاجح (7) فمدافع البرقين فالحنان من طرف الاواشح (8)

(1) الشيزى: جفان من خشب.

والسنام لحم ظهر الْبَعِير.

وَأَرَادَ أَصْحَابهَا المطعمين فِيهَا.

(2)

الحومات: جمع حومة، وَهُوَ الْقطعَة من الابل.

(3)

الدسع: العطايا.

(4)

النعام: مَوضِع.

(5)

السقب: ولد النَّاقة حِين تضعه.

(6)

الجوانح: الموائل.

(7)

الْعَقَنْقَل: الْكَثِيب المنعقد من الرمل.

والمرازبة: الرؤساء.

والجحاجح: السَّادة.

(8)

البرقين والحنان والاواشح: مَوَاضِع.

(*)

ص: 536

شُمْطٍ وَشُبَّانٍ بَهَا * لِيلٍ مَغَاوِيرٍ وَحَاوِحْ (1)

أَلَّا تَرَوْنَ لِمَا أَرَى * وَلَقَدْ أَبَانَ لِكُلِّ لَامِحْ أَن قد تغير بطن مَكَّة فهى موحشة الاباطح من كل بطرِيق لبطريق نَقِيِّ الْوُدِّ (2) وَاضِحْ دُعْمُوصِ أَبْوَابِ الْمُلُو * كِ وَجَائِبٍ لِلْخَرْقِ فَاتِحْ (3) وَمِنَ السَّرَاطِمَةِ الْخَلَا * جِمَةِ الملاوثة المناجح (4) الْقَائِلين الْفَاعِل * ين الْآمِرِينَ بِكُلِّ صَالِحْ الْمُطْعِمِينَ الشَّحْمَ فَوْ * قَ الْخُبْزِ شَحْمًا كَالْأَنَافِحْ (5) نُقُلِ الْجِفَانِ مَعَ الْجِفَا * نِ إِلَى جِفَانٍ كَالْمَنَاضِحْ (6) لَيْسَتْ بِأَصْفَارٍ لِمَنْ * يَعْفُو وَلَا رُحٍّ رَحَارِحْ (7) لِلضَّيْفِ ثُمَّ الضَّيْفِ بعد الضَّيْفِ وَالْبُسُطِ السَّلَاطِحْ (8) وُهُبِ الْمِئِينَ مِنَ الْمِئِي * نَ إِلَى الْمِئِينَ مِنَ اللَّوَاقِحْ سَوْقَ الْمُؤَبَّلِ لِلْمُؤَبَّلِ صَادِرَاتٍ عَنْ بَلَادِحْ (9) لِكِرَامِهِمْ فَوْقَ الْكِرَا * م مزية وزن الرواجح كمثاقل الْأَرْطَالِ بَالْ * قِسْطَاسِ بِالْأَيْدِي الْمَوَائِحْ خَذَلَتْهُمُ فِئَةٌ وهم * يحْمُونَ عورات الفضائح

(1) الوحاوح: جمع وحواح وَهُوَ القوى.

(2)

ابْن هِشَام: نقى اللَّوْن.

(3)

الدعموص: دويبة تغوص فِي المَاء.

يصفهم بِكَثْرَة الدُّخُول على الْمُلُوك.

والخرق: الفلاة الواسعة.

(4)

السرامطة: جمع سرطم وَهُوَ الْوَاسِع الْحلق.

والخلاجمة: جمع خلجم وَهُوَ الضخم الطَّوِيل.

(5)

الانافح جمع إنفحة.

وَهُوَ شجر كالباذنجان.

والانفحة أَيْضا: شئ يسْتَخْرج من بطن الجدى الرَّضِيع أصفر فيعصر فِي صوفة فيغلظ كالجبن.

(6)

المناضح: الْحِيَاض.

(7)

الرح: الجفان الواسعة.

والرحارح: جمع رحراح، وَهُوَ الْوَاسِع

المنبسط، يُرِيد أَنَّهَا عميقة.

(8)

السلاطح: العريضة.

(9)

بلادح: مَوضِع.

(*)

ص: 537

الضاربين التقدمي * ة بِالْمُهَنَّدَةِ الصَّفَائِحْ (1) وَلَقَدْ عَنَانِي صَوْتُهُمْ * مِنْ بَيْنِ مُسْتَسْقٍ وَصَائِحْ لِلَّهِ دَرُّ بَنِي عَلِيٍّ أَيِّمٍ مِنْهُمْ وَنَاكِحْ إِنْ لَمْ يُغِيرُوا غَارَةً * شَعْوَاءَ تحجر كُلَّ نَابِحْ بِالْمُقْرَبَاتِ الْمُبْعِدَا * تِ الطَّامِحَاتِ مَعَ الطَّوَامِحْ مُرْدًا عَلَى جُرْدٍ إِلَى * أُسْدٍ مُكَالِبَةٍ كَوَالِحْ (2) وَيُلَاقِ قِرْنٌ قِرْنَهُ * مَشْيَ الْمُصَافِحِ لِلْمُصَافِحْ بِزُهَاءِ أَلْفٍ ثُمَّ أَلْ * فٍ بَيْنَ ذِي بَدَنٍ وَرَامِحْ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتَيْنِ نَالَ فِيهِمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

* * * قُلْتُ: هَذَا شِعْرُ الْمَخْذُولِ الْمَعْكُوسِ الْمَنْكُوسِ، الَّذِي حَمَلَهُ كَثْرَةُ جَهْلِهِ وَقِلَّةُ عَقْلِهِ عَلَى أَنْ مَدَحَ الْمُشْرِكِينَ وَذَمَّ الْمُؤْمِنِينَ.

وَاسْتَوْحَشَ بِمَكَّةَ مِنْ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَأَضْرَابِهِ مِنَ الْكَفَرَةِ اللِّئَامِ وَالْجَهَلَةِ الطَّغَامِ وَلَمْ يَسْتَوْحِشْ بِهَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ، فَخْرِ الْبَشَرِ وَمَنْ وَجْهُهُ أَنْوَرُ مِنَ الْقَمَرِ، ذِي الْعِلْمِ الْأَكْمَلِ وَالْعَقْلِ الْأَشْمَلِ، وَمِنْ صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ الْمُبَادِرِ إِلَى التَّصْدِيقِ، وَالسَّابِقِ إِلَى الْخَيْرَاتِ وَفَعْلِ الْمَكْرُمَاتِ، وَبَذْلِ الْأُلُوفِ وَالْمِئَاتِ فِي طَاعَة رب الارض وَالسَّمَوَات.

وَكَذَلِكَ بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْكِرَامِ، الَّذِينَ هَاجَرُوا من دَار الْكفْر وَالْجهل إِلَى

(1) التقدمية: الْمُقدمَة.

يصفهم بالتقدم فِي الْقِتَال أول الْجَيْش.

(2)

المكالبة: بهم الشرة والحدة.

والكوالح: جمع كالح.

وَهُوَ المتجهم العابس.

(*)

ص: 538

دَارِ الْعِلْمِ وَالْإِسْلَامِ.

رَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَمِيعِهِمْ مَا اخْتَلَطَ الضِّيَاءُ وَالظَّلَامُ.

وَمَا تَعَاقَبَتِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ.

وَقَدْ تَرَكْنَا أَشْعَارًا كَثِيرَةً أَوْرَدَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله خَوْفَ الْإِطَالَةِ وَخَشْيَةَ الْمَلَالَةِ.

وَفِيمَا أَوْرَدْنَا كِفَايَةٌ.

وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَدْ قَالَ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَفَا عَنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ.

قَالَ سُلَيْمَانُ: فَذَكَرَ ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ فَقَالَ: عَفَا عَنْهُ إِلَّا قَصِيدَتَيْنِ، كَلِمَةَ أُمَيَّةَ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا أَهْلَ بَدْرٍ، وَكَلِمَةَ الْأَعْشَى الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الاخوص.

وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ هَذَا مَتْرُوك.

وَالله أعلم.

فصل فِي غَزْوَة بنى سليم فِي سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ فَرَاغُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَدْرٍ فِي عَقِبِ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَوْ فِي شَوَّالَ.

وَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَمْ يُقِمْ بِهَا إِلَّا سَبْعَ لَيَالٍ حَتَّى غَزَا بِنَفْسِهِ يُرِيدُ بَنِي سُلَيْمٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيَّ، أَوِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَبَلَغَ مَاءً مِنْ مِيَاهِهِمْ يُقَالُ لَهُ الْكُدْرُ، فَأَقَامَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، فَأَقَامَ بِهَا بَقِيَّةَ شَوَّالٍ وَذَا الْقِعْدَةِ، وَأَفْدَى فِي إِقَامَته تِلْكَ جلّ

الاسارى من قُرَيْش.

ص: 539

فصل [فِي] غَزْوَة السويق فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا، وَهِيَ غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَالْقَرْقَرَةُ: الْأَرْضُ الْمَلْسَاءُ.

وَالْكُدْرُ: طَيْرٌ فِي أَلْوَانِهَا كُدْرَةٌ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْأَنْصَارِ، حِينَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَرَجَعَ فَلُّ قُرَيْشٍ مِنْ بدر، نذر أَلا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا.

فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ مِنْ قُرَيْشٍ لِتَبَرَّ يَمِينُهُ، فَسَلَكَ النَّجْدِيَّةَ حَتَّى نَزَلَ بِصَدْرِ قناة إِلَى جبل يُقَال لَهُ نيب مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ.

ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَتَى بَنِي النَّضِيرِ تَحْتَ اللَّيْلِ فَأَتَى حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ وَخَافَهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى سَلَامِ بْنِ مِشْكَمٍ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ وَصَاحِبَ كَنْزِهِمْ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَرَاهُ وَسَقَاهُ وَبَطَنَ لَهُ مِنْ خَبَرِ النَّاسِ.

ثُمَّ خَرَجَ فِي عقب ليله حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالًا مَنْ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْا نَاحِيَةً مِنْهَا يُقَالُ لَهَا الْعُرَيْضُ فَحَرَقُوا فِي أَصْوَارٍ مِنْ نَخْلٍ بِهَا، وَوَجَدُوا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَحَلِيفًا لَهُ فِي حَرْثٍ لَهُمَا فَقَتَلُوهُمَا، وَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ.

فَنَذَرَ بِهِمُ النَّاسُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِهِمْ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا لُبَابَةَ بَشِيرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَبَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ.

ص: 540

وَوَجَدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَزْوَادًا كَثِيرَةً قَدْ أَلْقَاهَا الْمُشْرِكُونَ يَتَخَفَّفُونَ مِنْهَا وَعَامَّتُهَا سَوِيقٌ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةُ السَّوِيقِ.

قَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُطْمَعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ لَنَا غَزْوَةً؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ هَذَا، وَيَمْدَحُ سَلَامَ بْنَ مُشْكِمٍ الْيَهُودِيَّ: وَإِنِّي تَخَيَّرْتُ الْمَدِينَةَ وَاحِدًا * لِحِلْفٍ فَلَمْ أَنْدَمْ وَلَمْ أَتَلَوَّمِ سَقَانِي فَرَوَّانِي كُمَيْتًا (1) مُدَامَةً * عَلَى عَجَلٍ مِنِّي سَلَامُ (2) بْنُ مِشْكَمِ وَلِمَا تَوَلَّى الْجَيْش قلت وَلم أكن * لافرحه (3) : أبشر بعز وَمَغْنَمِ تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْقَوْمَ سِرٌّ وَإِنَّهُمْ * صَرِيحُ لُؤَيٍّ لَا شَمَاطِيطُ (4) جُرْهُمِ وَمَا كَانَ إِلَّا بَعْضُ لَيْلَةِ رَاكِبٍ * أَتَى سَاعِيًا مِنْ غَيْرِ خَلَّةِ مُعْدِمِ فَصْلٌ فِي دُخُولِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى زَوْجَتِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ فِي سَنَةَ ثِنْتَيْنِ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شَارِفًا مِمَّا أَفَاءَ الله من الْخمس يَوْمئِذٍ، فَلَمَّا أردْت أبتنى فَاطِمَة بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاعَدْتُ رجلا

(1) الْكُمَيْت: الْخمر الَّتِى فِيهَا سَواد وَحُمرَة.

(2)

خففت اللَّام لضَرُورَة الشّعْر.

(3)

لافرحه: لاثقل عَلَيْهِ.

(4)

الشماطيط: الْقَوْم المفرقة.

(*)

ص: 541

صواغا من بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ فَأَسْتَعِينُ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفِي مِنَ الْأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ حَتَّى جَمَعْتُ مَا جمعت، فَإِذا أَنا بشار فِي قَدْ أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهُمَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أكبادهما، فَلم أملك عينى حِين رَأَتْ الْمَنْظَرَ، فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَهُوَ فِي شَرْبٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَعِنْدَهُ قَيْنَته وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا: * أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ * فَوَثْبَ حَمْزَةُ إِلَى السَّيْفِ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا.

قَالَ عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقَلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ! عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي الْبَيْت مَعَهُ شَرْبٌ.

فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرِدَائِهِ فَارْتَدَاهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحَمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثمَّ، صعد النطر فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي! فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ثَمِلٌ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ.

هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، وَقَدْ رَوَاهُ فِي أَمَاكِنَ أُخَرَ مِنْ صَحِيحِهِ بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ.

ص: 542

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ قَدْ خُمِّسَتْ، لَا كَمَا زَعَمَهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ فِي كِتَابِ " الْأَمْوَالِ " مِنْ أَنَّ الْخُمْسَ إِنَّمَا نَزَلَ بَعْدَ قِسْمَتِهَا، وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَبَيَّنَّا غَلَطَهُ فِي ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَكَانَ هَذَا الصُّنْعُ مِنْ حَمْزَةَ وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، بَلْ قَدْ قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ يُسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يَرَى أَنَّ عِبَارَةَ السَّكْرَانِ مَسْلُوبَةٌ لَا تَأْثِيرَ لَهَا لَا فِي طَلَاقٍ وَلَا إِقْرَارٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا ذهب إِلَيْهِ من ذهب مِنَ الْعُلَمَاءِ، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ.

* * * وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ: أَرَدْتُ أَنْ أَخْطُبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَته فَقلت: مَا لى من شئ، ثمَّ ذكرت عائدته وصلته فخطبتها إِلَيْهِ، فَقَالَ:" هَل لَك من شئ؟ " قُلْتُ: لَا قَالَ: " فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ (1) الَّتِي أَعْطَيْتُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: هِيَ عِنْدِي.

قَالَ فَأَعْطِنِيهَا.

قَالَ: فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهُ.

هَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَفِيهِ رَجُلٌ مُبْهَمٌ.

وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالقَانِي، حَدثنَا عَبدة، حَدثنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ رضي الله عنهما قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعْطِهَا شَيْئًا.

قَالَ: مَا عِنْدِي شئ.

قَالَ: أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ؟ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَيُّوبَ السختيانى بِهِ.

(1) منسوبة إِلَى بطن من عبد الْقَيْس يُقَال لَهُم حطمة بن محَارب كَانُوا يعْملُونَ الدروع.

(*)

ص: 543

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الحمصى، حَدثنَا أَبُو حَيْوَةَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي غَيْلَانُ بْنُ أَنَسٍ، مِنْ أَهْلِ حِمْصَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَمَنَعَهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا، فَقَالَ: يَا رَسُول الله لَيْسَ لى شئ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَعْطِهَا دِرْعَكَ " فَأَعْطَاهَا دِرْعَهُ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوب الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بن بكير، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: خَطَبْتُ فَاطِمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ مَوْلَاةٌ لِي: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ فَاطِمَةَ قَدْ خُطِبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: لَا.

قَالَتْ: فَقَدْ خُطِبَتْ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فيزوجك.

فَقلت: وَعِنْدِي شئ أَتَزَوَّجُ بِهِ! فَقَالَتْ: إِنَّكَ إِنْ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَكَ.

قَالَ: فو الله مَا زَالَتْ تُرَجِّينِي حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَلَمَّا أَنْ قعدت بَين يَدَيْهِ أفحمت فو الله مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ جَلَالَةً وَهَيْبَةً.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلِكَ حَاجَةٌ؟ " فَسَكَتُّ فَقَالَ: " لَعَلَّكَ جِئْت تخْطب فَاطِمَة؟ "، فَقلت: نعم.

فَقَالَ: " وَهل عنْدك من شئ تَسْتَحِلُّهَا بِهِ؟ " فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ الله.

فَقَالَ " مَا فعلت درع سلحتكها؟ ".

فو الذى نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ إِنَّهَا لَحُطَمِيَّةٌ مَا قِيمَتُهَا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، فَقُلْتُ: عِنْدِي.

فَقَالَ: " قَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَابْعَثْ إِلَيْهَا بِهَا فَاسْتَحِلَّهَا بِهَا ".

فَإِنْ كَانَتْ لَصَدَاقَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ لَعِلِيٍّ حَسَنًا وَحُسَيْنًا وَمُحْسِنًا - مَاتَ صَغِيرًا - وَأُمَّ كثلوم وَزَيْنَب.

ص: 544

ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةُ فِي خَمِيلٍ وَقِرْبَةٍ وَوِسَادَةٍ أُدُمٍ حَشْوُهَا إِذْخِرٌ.

وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ، أَنَّ عَلِيًّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بَعْدَ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَابْتَنَى بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ أُخْرَى.

قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ دُخُوله بهَا فِي أوئل السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَظَاهِرُ سِيَاقِ حَدِيثِ الشَّارِفَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ عَقِبَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِيَسِيرٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي ذِكْرِ جمل من الْحَوَادِث فِي سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ تَقَدَّمَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَزْوِيجِهِ عليه السلام بِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، وَذَكَرْنَا مَا سَلَفَ مِنَ الْغَزَوَاتِ الْمَشْهُورَةِ، وَقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ وَفَيَاتِ أَعْيَانٍ مِنَ الْمَشَاهِيرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُشْرِكِينَ.

فَكَانَ مِمَّنْ توفى فِيهَا: الشُّهَدَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهْمُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَا بَيْنَ مُهَاجِرِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ، تَقَدَّمَ تَسْمِيَتُهُمْ، وَالرُّؤَسَاءُ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ وَقَدْ كَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَتُوفِيَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ بِيَسِيرٍ أَبُو لَهَبٍ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَعَنَهُ اللَّهُ.

كَمَا تَقَدَّمَ.

وَلَمَّا جَاءَتِ الْبِشَارَةُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ بِالْمُشْرِكِينَ وَبِمَا فَتَحَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَجَدُوا رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ قد توفيت وَسَارُوا عَلَيْهَا التُّرَابَ.

وَكَانَ زَوْجُهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَدْ أَقَامَ عِنْدَهَا يُمَرِّضُهَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ بِذَلِكَ.

وَلِهَذَا ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ فِي مَغَانِمِ بَدْرٍ وَأَجْرُهُ عِنْدَ الله يَوْم الْقِيَامَة.

(35 - السِّيرَة - 2)

ص: 545

ثُمَّ زَوَّجَهُ بِأُخْتِهَا الْأُخْرَى أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِهَذَا كَانَ يُقَالُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ذُو النُّورَيْنِ.

وَيُقَال: إِنَّه لم يغلق أَحَدٌ عَلَى ابْنَتَيْ نَبِيٍّ وَاحِدَةً بَعْدَ الْأُخْرَى غَيْرُهُ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ.

وَفِيهَا حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، عَلَى مَا سَلَفَ.

وَفِيهَا فُرِضَ الصِّيَامُ، صِيَامُ رَمَضَانَ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَفِيهَا فُرِضَتِ الزَّكَاةُ ذَاتُ النُّصُبِ وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ.

وَفِيهَا خَضَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْيَهُودِ الَّذِينَ هُمْ بِهَا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَبَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ وَيَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ وَصَانَعُوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ مُنَافِقُونَ، مِنْهُمْ مَنَ هُوَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنِ انْحَلَّ بِالْكُلِّيَّةِ فَبَقِيَ مُذَبْذَبًا لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِيهَا كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَعَاقِلَ (1) وَكَانَتْ مُعَلَّقَةً بِسَيْفِهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقِيلَ إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وُلِدَ فِيهَا.

قَالَ: وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ ابْنَ أَبِي سَبْرَةَ حَدَّثَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَنَى بِفَاطِمَةَ فِي ذى الْحجَّة مِنْهَا.

قَالَ: فَإِن كَانَت هَذِه الرِّوَايَة صَحِيحَة فَالْقَوْل الاول بَاطِل.

وَإِلَى هُنَا ينتهى الْجُزْء الثَّانِي من السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ كثير

ص: 546

ثُمَّ زَوَّجَهُ بِأُخْتِهَا الْأُخْرَى أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِهَذَا كَانَ يُقَالُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ذُو النُّورَيْنِ.

وَيُقَال: إِنَّه لم يغلق أَحَدٌ عَلَى ابْنَتَيْ نَبِيٍّ وَاحِدَةً بَعْدَ الْأُخْرَى غَيْرُهُ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ.

وَفِيهَا حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، عَلَى مَا سَلَفَ.

وَفِيهَا فُرِضَ الصِّيَامُ، صِيَامُ رَمَضَانَ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَفِيهَا فُرِضَتِ الزَّكَاةُ ذَاتُ النُّصُبِ وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ.

وَفِيهَا خَضَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْيَهُودِ الَّذِينَ هُمْ بِهَا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَبَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ وَيَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ وَصَانَعُوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ مُنَافِقُونَ، مِنْهُمْ مَنَ هُوَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنِ انْحَلَّ بِالْكُلِّيَّةِ فَبَقِيَ مُذَبْذَبًا لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِيهَا كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَعَاقِلَ (1) وَكَانَتْ مُعَلَّقَةً بِسَيْفِهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقِيلَ إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وُلِدَ فِيهَا.

قَالَ: وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ ابْنَ أَبِي سَبْرَةَ حَدَّثَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَنَى بِفَاطِمَةَ فِي ذى الْحجَّة مِنْهَا.

قَالَ: فَإِن كَانَت هَذِه الرِّوَايَة صَحِيحَة فَالْقَوْل الاول بَاطِل.

وَإِلَى هُنَا ينتهى الْجُزْء الثَّانِي من السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ كثير ويليه الْجُزْء الثَّالِث، وأوله سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة

(1) كتب الرَّسُول بَين قُرَيْش والانصار كتابا فِيهِ: أَنهم يتعاقلون بَينهم معاقلهم الاولى، أَي يكونُونَ على مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدِّيات.

(*)

ص: 546