المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس يدخلون الجنة بغير حساب - الشفاعة

[مقبل بن هادي الوادعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌تقديم

- ‌المقدمة

- ‌الشّفاعة في اللغة:

- ‌فصل الآيات الواردة في الشّفاعة والجمع بينها

- ‌الآيات الواردة في نفي الشّفاعة والشفيع:

- ‌الآيات في إثبات الشّفاعة والشفيع:

- ‌الجمع بين الآيات المثبتة والآيات النافية:

- ‌تنبيه:

- ‌الشّفاعة العظمى

- ‌فصل في أثر موقوف عن ابن مسعود يخالف ما تقدم في أن نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول شافع

- ‌فصل في شفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأمته في دخول الجنة وكونه أول شفيع

- ‌الشّفاعة لأهل الكبائر

- ‌خاتمة الفصل

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس قد أمر بهم إلى النار

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس يدخلون الجنة بغير حساب

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رفع درجات بعض من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه عمله

- ‌فصل في شفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمه أبي طالب في تخفيف العذاب عنه

- ‌فصل

- ‌فصل في الشفاعة في خروج الموحدين من النار

- ‌فصل ذكر خبر ظاهره يخالف ما تقدم من الأحاديث الدالة على خروج الموحدين من النار وتوجيهه

- ‌فصل في أول من يشفع له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌فصل في طلب الشفاعة من المخلوق فيما يقدر عليه

- ‌فصل

- ‌فصل في شفاعة المؤمنين

- ‌فصل في شفاعة الأولاد لآبائهم

- ‌فصل المسلم الذي لا تقبل شفاعته

- ‌أسباب الشفاعة

- ‌شفاعة القرآن

- ‌سكنى المدينة والموت بها

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وطلب الوسيلة له

- ‌زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌شفاعة المصلين على الميت الواحد له

- ‌أعمال متنوعة من أسباب الشفاعة

- ‌فصل الأسباب المانعة من الشفاعة

- ‌الشفاعات الدنيوية

- ‌فصل ما لا تحل الشفاعة فيه

الفصل: ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس يدخلون الجنة بغير حساب

‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس يدخلون الجنة بغير حساب

79 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج1 ص6): ثنا هاشم بن القاسم قال: ثنا المسعودي قال: ثني بكير بن الأخنس عن رجل عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((أعطيت سبعين ألفًا يدخلون الجنّة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر وقلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربّي عز وجل فزادني مع كلّ واحد سبعين ألفًا)) قال أبوبكر رضي الله عنه: فرأيت أنّ ذلك آت على أهل القرى ومصيب من حافّات البوادي.

الحديث ضعيف لأن في سنده مبهمًا. والمسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله مختلط، وسماع أبي النضر هاشم بن القاسم منه بعد ما اختلط كما في "تهذيب التهذيب"(1).

80 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج1 ص197): ثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا هشام بن حسان عن القاسم بن مهران عن موسى بن عبيد عن ميمون ابن مهران عن عبد الرحمن بن أبي بكر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى

(1) الضابط في ذلك أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، أما هو نفسه فحسن الحديث، ومن سمع من بالكوفة والبصرة فسماعه جيد، فأبوالنضر وعاصم سمعا منه بعد الاختلاط، وأحاديثه عن الأعمش مقلوبة، وكان أعلم الناس بعلم ابن مسعود رضي الله عنه.

ص: 129

آله وسلّم قال: ((إنّ ربّي أعطاني سبعين ألفًا من أمّتي يدخلون الجنّة بغير حساب)) فقال عمر: يا رسول الله فهلاّ استزدته. قال: ((قد استزدته فأعطاني مع كلّ رجل سبعين ألفًا)) قال عمر: فهلاّ استزدته. قال: ((قد استزدته فأعطاني هكذا)) وفرّج عبد الله بن بكر بين يديه، وقال عبد الله: وبسط باعيه وحثا عبد الله، وقال هشام: وهذا من الله لا يدرى ما عدده.

الحديث في سنده موسى بن عبيد وهو مجهول الحال يصلح في الشواهد والمتابعات، وبقية رجاله رجال الصحيح.

81 -

قال الترمذي رحمه الله (ج4 ص540): حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد الألهاني قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعْت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: ((وعدني ربّي أنْ يدخل الجنّة من أمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كلّ ألف سبعون ألفًا وثلاث حثيات من حثياته)).

هذا حديث حسن غريب.

الحديث أخرجه ابن ماجه (ج2 ص1433)، وأحمد (ج5 ص268)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص (329).

وهو حديث حسن كما قال الترمذي لأن شيخ إسماعيل بن عياش حمصي، ورواية إسماعيل عن أهل الشام مقبولة. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (ج1 ص394): وهذا إسناد جيد.

وقال الحافظ ابن القيم في "حادي الأرواح" ص (100): وإسماعيل بن عياش إنما يخاف من تدليسه وضعفه، فأما تدليسه فقد قال الطبراني حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي والحسين بن إسحاق التسْتري قالا: حدثنا هشام

ص: 130

ابن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: أخبرني محمد بن زياد الألهاني قال: سمعت أبا أمامة فذكره.

وأما ضعفه فإنما هو في غير حديث الشاميين، وهذا من روايته عن الشاميين، وأيضًا فقد جاء من غير طريقه، ثم ذكره من طريق أبي اليمان الهوزني الآتي:

- قال الإمام أحمد رحمه الله (ج5 ص250): ثنا عصام بن خالد حدثني صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر الخبائري (1) وأبي اليمان الهوزني عن أبي أمامة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((إنّ الله عز وجل وعدني أن يدخل من أمّتي الجنّة سبعين ألفًا بغير حساب)) فقال يزيد بن الأخنس السّلميّ: والله ما أولئك في أمّتك إلاّ كالذباب الأصهب في الذّبّان. فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((كان ربّي عز وجل قد وعدني سبعين ألفًا مع كلّ ألف سبعون ألفًا، وزادني ثلاث حثيات)) قال: فما سعة حوضك يا نبيّ الله؟ قال: ((كما بين عدن إلى عمان وأوسع وأوسع -يشير بيده- قال: فيه مثعبان (2) من ذهب وفضّة)) قال: فما حوضك يا نبيّ الله؟ قال: ((أشدّ بياضًا من اللّبن وأحلى مذاقةً من العسل وأطيب رائحةً من المسك، من شرب منه لم يظمأ بعدها ولم يسودّ وجهه أبدًا)).

قال عبد الله: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده وقد ضرب

(1) في الأصل: (الخبائزي)، والصواب ما أثبتناه، نسبة إلى (الخبائر)، وهو بطن من (الكلاع) كما في التعليق على الخلاصة.

(2)

ثعبْت الماء: فجرّته. والثّعْب: سبيل الماء في الوادي وجمعه ثعبان.

ص: 131

عليه، فظننت أنه قد ضرب عليه لأنه خطأ، إنما هو عن زيد عن أبي سلام عن أبي أمامة.

قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره": وهذا أيضًا إسناد حسن. وقال الحافظ الهيثمي (ج10 ص363): رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد وبعض أسانيد الطبراني رجال الصحيح.

فائدة: أبواليمان الهوزني، لم يذكر الحافظ في "تعجيل المنفعة" راويًا عنه سوى صفوان بن عمرو، وقال الحافظ الذهبي في "الميزان": عامر بن عبد الله ابن يحيي أبواليمان الهوزني عن أبي أمامة، ما علمت له راويًا سوى صفوان ابن عمرو، وثقه ابن حبان. اهـ

أقول: وقاعدة ابن حبان معروفة أنه يوثق المجهولين كما ذكره الحافظ في مقدمة "لسان الميزان"، والحافظ ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي" ص (84 - 85)، وذكر أمثلة لمن يوثقه ابن حبان ثم يقول: لا أدري من هو.

ولا تضر الحديث جهالة أبي اليمان لأنه مقرون ومتابع كما في "مسند أحمد". وأخرجه الطبراني في "الكبير"(ج8 ص181) فقال: حدثنا بكر بن سهل ثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن سليم بن عامر عن أبي أمامة عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، وذكر الحديث.

82 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج4 ص16): ثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء ابن يسار عن رفاعة الجهني قال: أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حتّى إذا كنّا بالكديد -أو قال: بقديد- فجعل رجال منّا يستأذنون إلى أهليهم فيأذن لهم، فقام رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله

ص: 132

وسلّم فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: ((ما بال رجال يكون شقّ الشّجرة الّتي تلي رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أبغض إليهم من الشّقّ الآخر فلم نر عند ذلك من القوم إلاّ باكيًا)) فقال رجل (1): إنّ الّذي يستأذنك بعد هذا لسفيه. فحمد الله وقال حينئذ: ((أشهد عند الله لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله صدقًا من قلبه، ثمّ يسدّد إلاّ سلك في الجنّة)). قال: ((وقد وعدني ربّي عز وجل أن يدخل من أمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب، وإنّي لأرجو أن لا يدخلوها حتّى تبوّءوا أنتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرّيّاتكم مساكن في الجنّة)). وقال: ((إذا مضى نصف اللّيل -أو قال: ثلثا اللّيل- ينْزل (2) الله عز وجل إلى السّماء الدّنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي أحدًا غيري، من ذا يستغفرني فأغفر له؟ من الّذي يدعوني أستجيب له؟ من ذا الّذي يسألني أعطيه؟ حتّى ينفجر الصّبح)).

الحديث أخرجه الطيالسي (ج1 ص27) من "ترتيب المسند"، وابن خزيمة ص (132)، وابن المبارك في "الزهد" ص (548)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(ج1 ص318)، وابن حبان (ج1 ص253) من "ترتيب الصحيح"، والطبراني في "الكبير"(ج5 ص43).

والحديث على شرط الشيخين، ويحيى بن أبي كثير وإن كان مدلسًا فقد صرّح بالتحديث عند أحمد في بعض الطرق، وعند ابن خزيمة، ويعقوب الفسوي، وهذا الحديث من الأحاديث التي ألزم الدارقطنيّ البخاريّ ومسلمًا

(1) الرجل هو أبوبكر كما في مسند أحمد من طريق أخرى إلى يحيى بن أبي كثير.

(2)

نؤمن بأن الله ينْزل نزولاً يليق بجلاله بلا تمثيل ولا تعطيل.

ص: 133

أن يخرجاها.

وقال الحافظ ابن كثير في "النهاية"(ج2 ص108): قال الحافظ الضياء: هذا عندي على شرط الصحيح.

83 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج2 ص359): حدثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه قال: ((سألت ربّي عز وجل فوعدني أن يدخل من أمّتي سبعين ألفًا على صورة القمر ليلة البدر، فاستزدت فزادني مع كلّ ألف سبعين ألفًا، فقلت: أي ربّ إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمّتي. قال: إذن أكملهم لك من الأعراب)).

الحديث رجاله رجال الصحيح، وفي زهير بن محمد كلام إذا روى عنه أهل الشام، ويحيى بن أبي بكير كوفي ليس بشامي.

وقد رمز السيوطي في "الجامع الصغير" لحسنه، وقال المناوي: قال ابن حجر: سنده جيد.

- قال الآجري رحمه الله في "الشريعة" ص (343): أخبرنا أبوجعفر محمد بن صالح بن ذريح قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبومعاوية عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((سألت الله عز وجل الشّفاعة لأمّتي، فقال: لك سبعون ألفًا يدخلون الجنّة بغير حساب ولا عذاب. قال: قلت: ربّ زدني. قال: فحثا (1) بين يديه وعن

(1) في الأصل: ((فجثى)). والمناسب للسياق وللروايات الأخرى: ((فحثا))، فهو بالجيم تصحيف.

ص: 134

يمينه وعن شماله)) فقال أبوبكر رضي الله عنه: حسبنا يا رسول الله. فقال عمر رضي الله عنه: يا أبا بكر دعْ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يكثر لنا كما أكثر الله عز وجل. فقال أبوبكر: إنّما نحن حفنة من حفنات الله عز وجل. فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((صدق أبوبكر)).

الحديث في سنده إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وقد قال البخاري: تركوه. ونهى أحمد عن حديثه، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تحلّ الرواية عندي عن إسحاق بن أبي فروة. وقال أبوزرعة وغيره: متروك. اهـ من "الميزان".

فالحديث بهذا السند ضعيف جدًا.

84 -

قال الطبراني رحمه الله في "المعجم الكبير"(ج2 ص87 رقم1413): حدثنا عمرو بن إسحاق بن زبريق الحمصي ثنا محمد بن إسماعيل الحمصي حدثني أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: ((إنّ ربّي عز وجل وعدني من أمّتي سبعين ألفًا لا يحاسبون مع كلّ ألف سبعون (1) ألفًا)).

الحديث في سنده محمد بن إسماعيل بن عيّاش وقد قال الحافظ في "التقريب": عابوا عليه أنّه حدث عن أبيه بغير سماع، وعمرو بن إسحاق بن

(1) في الأصل: ((سبعين))، والظاهر:((سبعون)) لأنّها مبتدأ، وهي ((سبعون)) في تفسير ابن كثير (ج1 ص392)، ومسند أحمد (ج5 ص281)، ومجمع الزوائد (ج10 ص407). وأما في الأسماء والصفات للبيهقي ص (329) فهي ((سبعين)) فيكون نصبها على المفعولية، والله أعلم.

ص: 135

زبريق لم أطلع على ترجمته بعد البحث في المصادر لديّ ولكن لا يضر الحديث محمد بن إسماعيل، وجهالتي لعمرو بن إسحاق لأنّه قد رواه أحمد (ج5 ص280) من طريق أبي اليمان ثنا إسماعيل بن عياش به، إلا أنه لم يذكر فيه شيخ شريح وهو أبوأسماء، وقد قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (ج1 ص392): لعل ذكر أبي أسماء هو المحفوظ، والله أعلم. اهـ

والحديث لم يتكلم عليه الهيثمي في "المجمع"(ج10 ص407) بشيء ولم يزد على أن عزاه لأحمد والطبراني.

85 -

قال الإمام أحمد بن عبد الله أبونعيم الأصبهاني رحمه الله تعالى في "الحلية"(ج2 ص344): حدثنا محمد بن أحمد بن مخلد قال: ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي (1) قال: ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا أبوهلال عن قتادة عن أنس عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((وعدني ربّي عز وجل أن يدخل من أمّتي الجنّة مائة ألف)) فقال أبوبكر رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله زدْنا. قال: ((وهكذا)) -وأشار سليمان بن حرب بيده كذلك- قال: يا رسول الله زدْنا. فقال عمر: إنّ الله عز وجل قادر أنْ يدخل النّاس الجنّة بحفنة واحدة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((صدق عمر)).

هذا حديث غريب من حديث قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه، تفرد به أبوهلال، واسمه محمد بن سليم الراسبي ثقة (2) بصري.

(1) في الأصل: (البلوي). والصواب: (البلدي)، كما في الميزان واللسان.

(2)

قال الحافظ في التقريب: صدوق فيه لين.

ص: 136

أما رجال الإسناد: فشيخ أبي نعيم الظاهر أنّه وقع فيه تصحيف، وأنه محمد بن أحمد بن مخزوم، فقد ذكروا من شيوخه إبراهيم بن الهيثم، وقد ضعّف، وقيل: كان يكذب، كما في "الميزان".

وإبراهيم بن الهيثم: ثقة تكلم فيه بكلام غير مؤثر كما في "الميزان" و"اللسان".

وبقية رجال السند من رجال "التقريب".

ثم وجدت الحديث في "مسند أحمد"(ج3 ص193) من حديث بهز وهو ابن أسد عن أبي هلال عن قتادة عن أنس، فالحديث حسن لغيره، والحمد لله.

- قال الإمام أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي في "الأسماء والصفات" ص (329): أخبرنا أبوالحسين بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((إنّ الله عز وجل وعدني أنْ يدخل الجنّة من أمّتي أربعمائة ألف)) فقال أبوبكر: زدْنا يا رسول الله. قال: ((وهكذا -وجمع يديه-)) قال: زدنا يا رسول الله. قال: ((وهكذا)) فقال عمر رضي الله عنه: حسبك. فقال أبوبكر رضي الله عنه: دعْني يا عمر وما عليك أنْ يدخلنا الجنّة كلّنا؟ فقال عمر رضي الله عنه: إن شاء أدخل خلقه الجنّة بكف واحدة. فقال صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((صدق عمر)).

ورواه خلف بن هشام عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس أو عن النضر بن أنس عن أنس رضي الله عنه بالشك، أخبرناه أبوعبد الله

ص: 137

الحافظ ثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق ثنا خلف ثنا عبد الرزاق فذكره.

ورواه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، مرّةً عن أبي بكر بن عمير عن أبيه ومرةً عن أبي بكر بن أنس عن أبي بكر بن عمير عن أبي عمير وقال: فقال عمر رضي الله عنه: إنّ الله تبارك وتعالى إن شاء أدخل النّاس الجنّة جملةً واحدةً. وقال في ابتدائه فقال: عمير، بدل: أبي بكر.

الحديث قال الحافظ ابن كثير (ج1 ص394): قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس، وذكر الحديث، ثم قال: هذا الحديث بهذا الإسناد تفرد به عبد الرزاق.

قلت: وهو على شرط الشيخين.

وقد أخرجه أحمد في "مسنده"(ج3 ص165) بهذا السند، وفيه الشك كما في حديث خلف عند البيهقي، أهو عن معمر عن قتادة عن أنس -أو عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس- ولا يضر هذا الاختلاف لأن قتادة قد سمع من أنس، وإن كان مدلّسًا فالحديث في الشواهد والمتابعات. وأما رواية معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة فسيأتي الكلام عليها إن شاء الله.

86 -

قال الطبراني رحمه الله في الكبير (ج17 ص64): حدثنا محمد بن صالح ابن الوليد النرسي ومحمد بن يحيى بن مندة الأصبهاني قالا: ثنا أبوحفص بن علي (1) ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أبي بكر بن عمير عن أبيه عن النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((إنّ الله تعالى وعدني أنّ

(1) في النهاية: (عمر بن علي)، والصواب:(عمرو بن علي) وهو الحافظ الشهير بالفلاس.

ص: 138

يدخل من أمّتي ثلاثمائة ألف الجنّة)) فقال عمير: يا نبيّ الله زدْنا. فقال عمر: حسبك يا عمير. فقال: ما لنا ولك يا ابن الخطّاب، وما عليك أن يدخلنا الله الجنّة؟ فقال عمر: إنّ الله جلّ وعزّ إنْ شاء أدخل النّاس الجنّة بحفنة أو بحثية واحدة. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((صدق عمر)).

الحديث ضعيف لأن في سنده أبا بكر بن عمير، قال الحافظ في "الإصابة" (ج3 ص38): لا أعرف من وثّقه.

قال أبوعبد الرحمن: وقد ذكره البخاريّ في "التاريخ الكبير" في (الكنى) وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، ولم يذكرا راويًا عنه سوى أبي بكر بن أنس، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً فهو مجهول العين، ثم إن الحافظ في "الإصابة" ذكر أن معمرًا قد خالف هشام بن أبي عبد الله الدستوائي فرواه معمر عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس كما في "الإصابة"، وأيضًا معاذ ابن هشام كان لا يذكر في أول أمره أبا بكر بن أنس، وفي آخر أمره كان يزيده. اهـ مختصرًا من "الإصابة" بتصرف.

والحاصل أن هذا الحديث ضعيف لجهالة أبي بكر بن عمير، والله أعلم.

ص: 139