المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجمع بين الآيات المثبتة والآيات النافية: - الشفاعة

[مقبل بن هادي الوادعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌تقديم

- ‌المقدمة

- ‌الشّفاعة في اللغة:

- ‌فصل الآيات الواردة في الشّفاعة والجمع بينها

- ‌الآيات الواردة في نفي الشّفاعة والشفيع:

- ‌الآيات في إثبات الشّفاعة والشفيع:

- ‌الجمع بين الآيات المثبتة والآيات النافية:

- ‌تنبيه:

- ‌الشّفاعة العظمى

- ‌فصل في أثر موقوف عن ابن مسعود يخالف ما تقدم في أن نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول شافع

- ‌فصل في شفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأمته في دخول الجنة وكونه أول شفيع

- ‌الشّفاعة لأهل الكبائر

- ‌خاتمة الفصل

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس قد أمر بهم إلى النار

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس يدخلون الجنة بغير حساب

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رفع درجات بعض من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه عمله

- ‌فصل في شفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمه أبي طالب في تخفيف العذاب عنه

- ‌فصل

- ‌فصل في الشفاعة في خروج الموحدين من النار

- ‌فصل ذكر خبر ظاهره يخالف ما تقدم من الأحاديث الدالة على خروج الموحدين من النار وتوجيهه

- ‌فصل في أول من يشفع له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌فصل في طلب الشفاعة من المخلوق فيما يقدر عليه

- ‌فصل

- ‌فصل في شفاعة المؤمنين

- ‌فصل في شفاعة الأولاد لآبائهم

- ‌فصل المسلم الذي لا تقبل شفاعته

- ‌أسباب الشفاعة

- ‌شفاعة القرآن

- ‌سكنى المدينة والموت بها

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وطلب الوسيلة له

- ‌زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌شفاعة المصلين على الميت الواحد له

- ‌أعمال متنوعة من أسباب الشفاعة

- ‌فصل الأسباب المانعة من الشفاعة

- ‌الشفاعات الدنيوية

- ‌فصل ما لا تحل الشفاعة فيه

الفصل: ‌الجمع بين الآيات المثبتة والآيات النافية:

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: {ولا يملك الّذين يدعون من دونه} أي: من الأصنام والأوثان {الشّفاعة} أي: لا يقدرون على الشّفاعة لهم {إلا من شهد بالحقّ وهم يعلمون} هذا استثناء منقطع، أي: لكن من شهد بالحقّ على بصيرة وعلم فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له. اهـ

وقال تعالى: {وكم من ملك في السّموات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} (1).

هذه الآيات تدل على الشّفاعة المثبتة بشروط ستأتي إن شاء الله.

‌الجمع بين الآيات المثبتة والآيات النافية:

يتحصل من هذا أن النفي مقصود به الشّفاعة التي تطلب من غير الله، كما قال تعالى:{قل لله الشّفاعة جميعًا} (2) والشّفاعة المثبتة لا تقبل إلا بشروط:

1 -

قدرة الشافع على الشّفاعة كما قال تعالى في حق الشافع الذي يطلب منه وهو غير قادر على الشّفاعة: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبّئون الله بما لا يعلم في السّموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون} (3)، وقال تعالى: {ولا يملك الّذين يدعون من دونه الشّفاعة إلا من شهد بالحقّ

(1) النجم الآية: 36.

(2)

الزمر الآية: 44.

(3)

يونس الآية: 18.

ص: 19

وهم يعلمون} (1) فعلم من هذا أن طلب الشّفاعة من الأموات طلب ممن لا يملكها، قال تعالى:{والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبّئك مثل خبير} (2) وقال تعالى: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرّة في السّموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير، ولا تنفع الشّفاعة عنده إلا لمن أذن له} (3).

2 -

إسلام المشفوع له، قال الله تعالى:{ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع} (4)، والمراد بالظالمين هنا: الكافرون، بدليل الأحاديث المتواترة في الشّفاعة لأهل الكبائر، وستأتي إن شاء الله في موضعها. قال الحافظ البيهقي رحمه الله في "الشعب" (ج1 ص205): فالظالمون هاهنا هم الكافرون، ويشهد لذلك مفتتح الآية إذ هي في ذكر الكافرين. اهـ

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: أي ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم، ولا شفيع يشفع فيهم، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير. اهـ

ويستثنى من المشركين أبوطالب، فإن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يشفع له حتى يصير في ضحضاح من نار كما سيأتي في

(1) الزخرف الآية: 86.

(2)

الزمر الآية:13 - 14.

(3)

سبأ الآية: 22.

(4)

غافر الآية: 18.

ص: 20

الأحاديث في مواضعها إن شاء الله.

3 -

الإذن للشافع، كما قال تعالى:{من ذا الّذي يشفع عنده إلا بإذنه} (1).

4 -

الرّضا عن المشفوع له كما قال تعالى: {وكم من ملك في السّموات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} (2) وقال تعالى: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} (3).

وبهذا تنتهي المقدمة، ونستعين بالله في الشروع في ذكر الأحاديث بأسانيدها مع العزو إلى بقيّة المخرجين بحسب الاستطاعة، فإن في ذكر الحديث بسنده طمأنينةً لطالب علم الحديث، وحذف الأسانيد خسارة كبيرة، إذ الإسناد من الدين، وما كان سلفنا رحمهم الله يقبلون من محدث حديثًا حتى يسنده، وينظروا في رجاله رجلاً رجلاً، كما هو معروف من سيرهم رحمهم الله.

وأما التخريج فهو يعين طالب العلم على جمع طرق الحديث، والحديث كلما كثرت طرقه ازداد قوة، والتخريج أيضًا يعين طالب العلم على الوقوف على شروح الحديث، في الكتب التي قد شرحت، فربّ حديث يكون عامًا قد خصّص، أو يكون منسوخًا، أو يكون مطلقًا قد قيّد، من أجل هذا فإنه لا غنى لنا عن الرجوع إلى الشروح غير مقلدين لأصحابها،

(1) البقرة الآية: 255.

(2)

النجم الآية:36.

(3)

الأنبياء الآية: 28.

ص: 21

ولكن مستفيدين من جهودهم التي بذلوها في خدمة السنة، فجزاهم الله عن الإسلام خيرًا.

هذا ويستفاد من التخريج وجمع الطرق أنّ الحديث ربّما يكون ظاهره الصحة، وبجمع الطرق تظهر فيه علّة من اضطراب أو انقطاع أو إرسال أو وقف أو غيرها مما يعلّ بها الحديث. فمن ثمّ يقول علي بن المديني: إن الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبيّن خطؤه. وإليك مثالاً على ذلك: حديث جابر في "صحيح البخاري" فيمن يقول مثل ما يقول المؤذن، ثم يقول:((اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامة، والصّلاة القائمة، آت محمّدًا [وفي "معاني الآثار" للطحاوي: آت سيّدنا محمدًا] الوسيلة والفضيلة، وابعثْه مقامًا محمودًا الذي وعدته))، وفي "سنن البيهقي" زيادة:((إنّك لا تخلف الميعاد))، فبسبب جمع الطرق علم أنّ هاتين الزيادتين شاذتان كما سيأتي إن شاء الله، في (أسباب الشّفاعة).

هذا وقد أذكر بعض الأحاديث الشديدة الضعف والموضوعة لبيان حالها لا للاحتجاج بها، فإنّ بعض الأحاديث الموضوعة تستغلها بعض الطوائف المنحرفة لترويج باطلها، وإليك مثالاً على ذلك وهو ما قرأناه في "العقد الثمين في معرفة رب العالمين" (1) ونحن بصعدة (2):((ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي)) فهذا حديث ليس له أصل، إنّما هو من أباطيل المعتزلة، كما في "أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب".

(1) من رسائل الهادوية الشيعة، وليس هو كتاب الفاسي. ويدرس في صعدة عند الشيعة.

(2)

باليمن وهي بلدنا.

ص: 22