المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الشفاعة في خروج الموحدين من النار - الشفاعة

[مقبل بن هادي الوادعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌تقديم

- ‌المقدمة

- ‌الشّفاعة في اللغة:

- ‌فصل الآيات الواردة في الشّفاعة والجمع بينها

- ‌الآيات الواردة في نفي الشّفاعة والشفيع:

- ‌الآيات في إثبات الشّفاعة والشفيع:

- ‌الجمع بين الآيات المثبتة والآيات النافية:

- ‌تنبيه:

- ‌الشّفاعة العظمى

- ‌فصل في أثر موقوف عن ابن مسعود يخالف ما تقدم في أن نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول شافع

- ‌فصل في شفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأمته في دخول الجنة وكونه أول شفيع

- ‌الشّفاعة لأهل الكبائر

- ‌خاتمة الفصل

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس قد أمر بهم إلى النار

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس يدخلون الجنة بغير حساب

- ‌فصل في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رفع درجات بعض من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه عمله

- ‌فصل في شفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمه أبي طالب في تخفيف العذاب عنه

- ‌فصل

- ‌فصل في الشفاعة في خروج الموحدين من النار

- ‌فصل ذكر خبر ظاهره يخالف ما تقدم من الأحاديث الدالة على خروج الموحدين من النار وتوجيهه

- ‌فصل في أول من يشفع له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌فصل في طلب الشفاعة من المخلوق فيما يقدر عليه

- ‌فصل

- ‌فصل في شفاعة المؤمنين

- ‌فصل في شفاعة الأولاد لآبائهم

- ‌فصل المسلم الذي لا تقبل شفاعته

- ‌أسباب الشفاعة

- ‌شفاعة القرآن

- ‌سكنى المدينة والموت بها

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وطلب الوسيلة له

- ‌زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌شفاعة المصلين على الميت الواحد له

- ‌أعمال متنوعة من أسباب الشفاعة

- ‌فصل الأسباب المانعة من الشفاعة

- ‌الشفاعات الدنيوية

- ‌فصل ما لا تحل الشفاعة فيه

الفصل: ‌فصل في الشفاعة في خروج الموحدين من النار

‌فصل في الشفاعة في خروج الموحدين من النار

الأحاديث الدالة على خروج الموحدين من النّار متواترة، وقد تقدم بعض الأحاديث الدالة على ذلك، منها: حديث أنس بن مالك رقم (2)، وحديثه أيضًا رقم (3)، وحديث أبي بكر رقم (5)، وحديث ابن عباس رقم (6)، وحديث أنس رقم (32)، وحديث ابن عباس رقم (33)، وأحاديث أخر، والأحاديث الآتية إن شاء الله.

93 -

قال البخاري رحمه الله (ج2 ص292): حدثنا أبواليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبرهما أنّ النّاس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال: ((هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟)) قالوا: لا يا رسول الله. قال: ((فهل تمارون في الشّمس ليس دونها سحاب؟)) قالوا: لا. قال: ((فإنّكم ترونه كذلك، يحشر النّاس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئًا فليتّبع. فمنهم من يتّبع الشّمس، ومنهم من يتّبع القمر، ومنهم من يتّبع الطّواغيت، وتبقى هذه الأمّة فيها منافقوها، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: هذا مكاننا حتّى يأتينا ربّنا، فإذا جاء ربّنا عرفْناه. فيأتيهم الله فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: أنت ربّنا. فيدعوهم فيضرب الصّراط بين

ص: 151

ظهراني جهنّم، فأكون أوّل من يجوز من الرّسل بأمّته، ولا يتكلّم يومئذ أحد إلاّ الرّسل، وكلام الرّسل يومئذ: اللهمّ سلّم سلّم. وفي جهنّم كلاليب مثل شوك السّعدان، هل رأيتم شوك السّعدان؟)) قالوا: نعم. قال: ((فإنّها مثل شوك السّعدان غير أنّه لا يعلم قدر عظمها إلاّ الله، تخطف النّاس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثمّ ينجو، حتّى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النّار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السّجود، وحرّم الله على النّار أن تأكل أثر السّجود (1)، فيخرجون من النّار، فكلّ ابن آدم تأكله النّار إلاّ أثر السّجود، فيخرجون من النّار قد امتحشوا (2) فيصبّ عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل، ثمّ يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنّة والنّار وهو آخر أهل النّار دخولاً الجنّة مقبل بوجهه قبل النّار، فيقول: يا ربّ اصرفْ وجهي عن النّار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها. فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعزّتك.

فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النّار، فإذا أقبل به على الجنّة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثمّ قال: يا ربّ قدّمني عند باب الجنّة. فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الّذي كنت سألت؟ فيقول: يا ربّ لا أكون أشقى خلقك. فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل

(1) فقد يدخل النار ولا تأكل موضع سجوده، ونؤمن بذلك لأن النار مخلوقة لله مأمورة له سبحانه لا تتجاوز ما أمرها الله سبحانه به.

(2)

امتحشوا: احترقوا.

ص: 152

غيره؟ فيقول: لا وعزّتك لا أسأل غير ذلك. فيعطي ربّه ما شاء من عهد وميثاق فيقدّمه إلى باب الجنّة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النّضرة والسّرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول: يا ربّ أدخلني الجنّة. فيقول الله: ويحك يا ابن آدم ما أغدرك أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الّذي أعطيت. فيقول: يا ربّ لا تجعلني أشقى خلقك. فيضحك الله عز وجل منه، ثمّ يأذن له في دخول الجنّة فيقول: تمنّ. فيتمنّى حتّى إذا انقطع أمنيّته قال الله عز وجل: من كذا وكذا. أقبل يذكّره ربّه، حتّى إذا انتهت به الأمانيّ قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه)) قال أبوسعيد الخدريّ لأبي هريرة رضي الله عنهما: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((قال الله لك ذلك وعشرة أمثاله)) قال أبوهريرة: لم أحفظ من رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إلاّ قوله: ((لك ذلك ومثله معه)). قال أبوسعيد: إنّي سمعته يقول: ((ذلك لك وعشرة أمثاله)).

الحديث أخرجه البخاري أيضًا (ج11 ص444) و (ج13 ص419)، ومسلم (ج1 ص163 - 164)، والنسائي (ج2 ص181) مختصرًا، وأحمد (ج2 ص275، 293)، وأبوعوانة (ج1 ص159 - 160)، وعبد الرزاق (ج11 ص407).

94 -

قال البخاري رحمه الله (ج13 ص420): حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد (1) عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا: يا رسول الله هل نرى ربّنا

(1) زيد: هو ابن أسلم.

ص: 153

يوم القيامة؟ قال: ((هل تضارون في رؤية الشّمس والقمر إذا كانت صحوًا؟)) قلنا: لا. قال: ((فإنّكم لا تضارون في رؤية ربّكم يومئذ إلاّ كما تضارون في رؤيتهما، -ثمّ قال:- ينادي مناد: ليذهب كلّ قوم إلى ما كانوا يعبدون. فيذهب أصحاب الصّليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كلّ آلهة مع آلهتهم، حتّى يبقى من كان يعبد الله من برّ أو فاجر وغبّرات من أهل الكتاب، ثمّ يؤتى بجهنّم تعرض كأنّها سراب فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنّا نعبد عزيرًا ابن الله. فيقال: كذبتم لم يكنْ لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا. فيقال: اشربوا. فيتساقطون في جهنّم، ثمّ يقال للنّصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنّا نعبد المسيح ابن الله. فيقال: كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا. فيقال: اشربوا. فيتساقطون في جهنّم، حتّى يبقى من كان يعبد الله من برّ أو فاجر فيقال: لهم ما يحبسكم وقد ذهب النّاس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منّا إليه (1) اليوم، وإنّا سمعنا مناديًا ينادي: ليلحق كلّ قوم بما كانوا يعبدون، وإنّما ننتظر ربّنا. قال: فيأتيهم الجبّار في صورة غير صورته الّتي رأوه فيها أوّل مرّة. فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: أنت ربّنا. فلا يكلّمه إلاّ الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: السّاق.

فيكشف عن ساقه فيسجد له كلّ

(1) في التعليق على صحيح البخاري -طبعة إحياء التراث العربي-: ((إليه)) كذا في جميع الأصول متونًا وشروحًا بضمير الإفراد، وتقدم الحديث في (تفسير سورة النساء) بلفظ:((إليهم)) بضمير الجمع. اهـ كتبه مصححه.

ص: 154

مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياءً وسمعةً فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا، ثمّ يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنّم)) قلنا: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: ((مدحضة مزلّة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة (1) لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السّعدان، المؤمن عليها كالطّرف وكالبرق وكالرّيح وكأجاويد الخيل والرّكاب فناج مسلّم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنّم، حتّى يمرّ آخرهم يسحب سحبًا، فما أنتم بأشدّ لي مناشدةً في الحقّ قد تبيّن لكم من المؤمن يومئذ للجبّار، وإذا رأوا أنّهم قد نجوا (2) في إخوانهم يقولون: ربّنا إخواننا الّذين كانوا يصلّون معنا، ويصومون معنا ويعملون معنا. فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيْمان فأخرجوه. ويحرّم الله صورهم على النّار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النّار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا ثمّ يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه. فيخرجون من عرفوا ثمّ يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرّة من إيمان فأخرجوه. فيخرجون من عرفوا)).

قال أبوسعيد: فإن لم تصدّقوني فاقرءوا {إنّ الله لا يظلم مثقال ذرّة وإن تك حسنةً يضاعفها} .

((فيشفع النّبيّون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبّار: بقيت شفاعتي. فيقبض قبضةً من النّار فيخرج أقوامًا قد امتحشوا، فيلقون في نهر بأفواه

(1) أي فيها اتساع وعرض كما في الفتح (ج13 ص429).

(2)

هنا سقط لعله يكون: (ناشدوا الله في إخوانهم).

ص: 155

الجنّة يقال له ماء الحياة، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبّة في حميل السّيل قد رأيتموها إلى جانب الصّخرة، وإلى جانب الشّجرة، فما كان إلى الشّمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظّلّ كان أبيض، فيخرجون كأنّهم اللّؤلؤ فيجعل في رقابهم الخواتيم، فيدخلون الجنّة، فيقول أهل الجنّة: هؤلاء عتقاء الرّحمن، أدخلهم الجنّة بغير عمل عملوه ولا خير قدّموه. فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه)).

الحديث أخرجه مسلم (ج1 ص167)، وأحمد (ج3 ص16)، وأبوعوانة (ج1 ص166، 181 - 182)، وابن خزيمة ص (307 - 308)، والطيالسي (ج2 ص222) من "ترتيب المسند".

95 -

قال مسلم رحمه الله (ج1 ص172): وحدثني نصر بن علي الجهضمي حدثنا بشر -يعني ابن المفضل- عن أبي مسلمة (1) عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((أمّا أهل النّار الّذين هم أهلها فإنّهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النّار بذنوبهم -أو قال: بخطاياهم- فأماتهم الله إماتةً، حتّى إذا كانوا فحمًا أذن بالشّفاعة فجيء بهم ضبائر (2) فبثّوا على أنْهار الجنّة، ثمّ قيل: يا أهل الجنّة أفيضوا عليهم. فينبتون نبات الحبّة تكون في حميل السّيل)) فقال رجل من القوم: كأنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قد كان بالبادية.

الحديث أخرجه ابن ماجة (ج2 ص1441)، وأحمد (ج3 ص78 - 79)،

(1) أبومسلمة: هو سعيد بن يزيد، وأبونضرة: هو المنذر بن مالك.

(2)

الضبائر: هم الجماعات في تفرقة، واحدتها ضبارة مثل عمارة وعمائر، وكل مجتمع ضبارة. اهـ نهاية.

ص: 156

وابن خزيمة ص (279 - 280، 282، 283، 286)، والدارمي (ج2 ص331 - 332)، وأبوعوانة (ج1 ص186)، والآجري في "الشريعة" ص (145)، وحسين المروزي في "زوائد زهد ابن المبارك" ص (449).

- قال ابن خزيمة رحمه الله ص (283): حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال: حدثني أبي قال: ثنا حبان -يعني ابن علي- وقال: ثنا سليمان التيمي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم خطب فأتى على هذه الآية: {منْ يأت ربّه مجرمًا فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيى، ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات} يريد الآية كلّها، فقال النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:((أمّا أهلها الّذين هم أهلها فإنّهم لا يموتون ولا يحيون، وأمّا الّذين ليسوا من أهلها فإنّ النّار تميتهم إماتةً، ثمّ يقوم الشّفعاء فيشفعون، فيحصل ضبائر، فيؤتى بهم نهر (1) يقال له: الحياة، أو الحيوان، فينبتون فيه كما تنبت الغثاء في حميل السّيل)).

الحديث رجاله رجال الصحيح إلا حبان بن علي وفيه كلام حاصله أنه يصلح في الشواهد والمتابعات، وهو هنا متابع تابعه معتمر بن سليمان وابن أبي عدي كما في "التوحيد" لابن خزيمة.

- قال ابن خزيمة ص (282): حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا ابن أبي عدي عن سليمان التيمي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((أمّا أهل النّار الّذين هم أهلها فلا يموتون ولا يحيون، وأمّا من يريد الله بهم الرّحمة، فتميتهم النّار فيدخل

(1): نهرًا.

ص: 157

عليهم الشّفعاء، فيأخذ الرّجل الضبارة (1) فيبثهم على نهر الحياة -أو الحيوان أو الحيا، أو قال: نهر الجنّة- فينبتون نبات الحبّة في حميل السّيل))، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:((أو ما ترون الشّجرة تكون خضراء ثمّ تكون صفراء -أو قال: تكون صفراء ثمّ تكون خضراء)) فقال رجل: كأنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كان من أهل البادية.

الحديث أخرجه أحمد (ج3 ص5)، ورجاله رجال الصحيح.

- وقال ابن خزيمة أيضًا ص (283): حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا المعتمر عن أبيه قال: ثنا أبونضرة عن أبي سعيد الخدري قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم خطبةً أراه ذكر طولها، قال:((أمّا أهل النّار الّذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون، وأمّا ناس يريد الله بهم الرّحمة فيميتهم فيدخل عليهم الشّفعاء فيحمل الرّجل منهم الضبارة فيبثهم -أو قال: فيبثّون- على نهر الحياة -أو قال: الحيوان أو نهر الحيا- فينبتون نبات الحبّة في حميل السّيل)) قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((ألم تروا إلى الشّجرة تكون خضراء، ثمّ تكون صفراء، ثمّ تكون خضراء)) قال: يقول القوم: كأنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كان بالبادية.

الحديث أيضًا رجاله رجال الصحيح.

- قال الإمام أحمد رحمه الله (ج3 ص11): ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا

(1) الضبارة: الجماعة، وفي كتاب التوحيد:(الصبارة) -بالصاد المهملة-، في مواضع وهو غلط من النساخ.

ص: 158

محمد بن إسحاق قال: حدثني عبيد الله (1) بن المغيرة بن معيقيب عن سليمان ابن عمرو بن عبد العتواري أحد بني (2) ليث -وكان يتيمًا في حجر أبي سعيد- قال أبوعبد الرحمن: قال أبي: سليمان بن عمرو هو أبوالهيثم الذي يروي عن أبي سعيد قال: سمعت أبا سعيد يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: ((يوضع الصّراط بين ظهري (3) جهنّم عليه حسك كحسك السّعدان، ثمّ يستجيز النّاس فناج مسلّم، ومجدوح به، ثمّ ناج ومحتبس به منكوس فيها، فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين العباد يفقد المؤمنون رجالاً كانوا معهم في الدّنيا، يصلّون بصلاتهم ويزكّون بزكاتهم، ويصومون صيامهم، ويحجّون حجّهم، ويغزون غزوهم، فيقولون: أي ربّنا عباد من عبادك كانوا معنا في الدّنيا يصلّون صلاتنا، ويزكّون زكاتنا، ويصومون صيامنا، ويحجّون حجّنا، ويغزون غزونا، لا نراهم. فيقول: اذهبوا إلى النّار فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه. قال: فيجدونهم قد أخذتْهم النّار على قدر أعمالهم فمنهم من أخذته إلى قدميه، ومنهم من أخذته إلى نصف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، ومنهم من أزرته، ومنهم من أخذته إلى ثدييه، ومنهم من أخذته إلى عنقه ولم تغش الوجوه، فيستخرجونهم منها فيطرحون في ماء الحياة)) قيل: يا رسول الله

(1) في المسند: (عبد الله)، والصواب:(عبيد الله)، كما في تقريب التهذيب وسائر المصادر التي سيعزى الحديث إليها.

(2)

في المسند: حدثني ليث، والصواب ما أثبتناه، كما في كتاب التوحيد لابن خزيمة.

(3)

هكذا في المسند وموضح أوهام الجمع والتفريق. وأما في التوحيد لابن خزيمة والزهد لابن المبارك: فـ ((ظهراني)) بزيادة ألف ونون، وزيادتهما للتأكيد كما في النهاية.

ص: 159

وما الحياة؟ قال: ((غسل أهل الجنّة فينبتون نبات الزّرعة -وقال مرّة فيه: كما تنبت الزّرعة- في غثاء السّيل ثمّ يشفع الأنبياء في كلّ من كان يشهد أن لا إله إلاّ الله مخلصًا، فيخرجونهم منها، قال: ثمّ يتحنّن الله برحمته على من فيها، فما يترك فيها عبدًا في قلبه مثقال حبّة من إيمان إلاّ أخرجه منها)).

الحديث أخرجه ابن خزيمة ص (325)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(ج2 ص116)، وحسين المروزي في "زوائد الزهد لابن المبارك" ص (448)، والحاكم (ج4 ص585) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

كذا قال ولم يتعقبه الذهبي والحديث ليس على شرط مسلم فأبوالهيثم وعبيد الله بن المغيرة وابن إسحاق ثلاثتهم ليسوا من رجال مسلم، وما روى مسلم لابن إسحاق إلا قدر خمسة أحاديث في الشواهد والمتابعات، كما في "الميزان". والحديث بهذا السند حسن.

96 -

قال ابن حبان رحمه الله كما في "موارد الظمآن" ص (646): أخبرنا محمد بن الحسين (1) بن مكرم حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح حدثنا أبوأسامة عن أبي روق حدثنا صالح بن أبي طريف، قال: قلت لأبي سعيد الخدري: أسمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول في هذه الآية: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسْلمين} ؟ فقال: نعم، سمعته يقول: ((يخرج الله أناسًا من المؤمنين من النّار بعد ما يأخذ نقمته منهم، قال: لمّا أدخلهم الله النّار مع المشركين قال المشركون: أليس

(1) محمد بن الحسين بن مكرم له ترجمة في تذكرة الحفاظ (ج2 ص735)، قال إبراهيم بن فهد: ما قدم علينا من بغداد أعلم بالحديث من ابن مكرم، وقال الدارقطني: ثقة.

ص: 160

كنتم تزعمون في الدّنيا أنّكم أولياؤه؟ فما لكم معنا في النّار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشّفاعة فتشفع لهم الملائكة والنّبيون حتّى يخرجوا بإذن الله، فلمّا أخرجوا قالوا: يا ليتنا كنّا مثلهم فتدركنا الشّفاعة فنخرج من النّار. فذلك قول الله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسْلمين} قال: فيسمّون الجهنّميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: ربّنا أذهبْ عنّا هذا الاسم، فيغتسلون في نهر في الجنّة، فيذهب ذلك منهم (1)).

الحديث أخرجه الطبراني كما في "تفسير ابن كثير"(ج2 ص546)، وفي "موارد الظمآن": صالح بن أبي طريف، وفي "تفسير ابن كثير": صالح ابن أبي شريف، وكلاهما لم أقف له على ترجمة (2).

97 -

قال البخاري رحمه الله (ج11 ص416): حدثنا أبوالنعمان (3) حدثنا حماد عن عمرو عن جابر رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((يخرج من النّار بالشّفاعة كأنّهم الثّعارير (4)) قلت: ما

(1) في تفسير ابن كثير (ج2 ص546): ((فيذهب ذلك الاسم عنهم)).

(2)

ثم وقفت عليه في الثقات لابن حبان (ج4 ص376) قال: صالح بن أبي طريف أبوالصيداء، يروي عن أبي سعيد روى عنه أبوروق عطية بن الحارث الهمداني. اهـ فعلى هذا فما وقع في تفسير ابن كثير تصحيف. وأبوروق: صدوق كما في التقريب.

(3)

أبوالنعمان هو محمد بن الفضل، وحماد هو ابن زيد، وعمرو هو ابن دينار، وجابر هو ابن عبد الله الأنصاري، كذا في الفتح.

(4)

في النهاية في تفسير (الثعارير): هي القثّاء الصغار شبّهوا بها لأن القثّاء ينمي سريعًا، وقيل هي رؤوس الطراثيث تكون بيضًا، شبّهوا ببياضها، واحدتها: طرثوث، وهو نبت يؤكل.= =وقال في تفسير (الضغابيس): هي صغار القثاء، واحدها: ضغبوس، وقيل: هي نبت ينبت في أصول الثمام يشبه الهليون، يسلق بالخل والزيت ويؤكل. اهـ

ص: 161

الثّعارير؟ قال: الضّغابيس. وكان قد سقط فمه. فقلت لعمرو بن دينار: أبا محمّد سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: ((يخرج بالشّفاعة من النّار))؟ قال: نعم.

الحديث أخرجه مسلم (ج1 ص178)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(ج2 ص212 - 213)، والطيالسي في "المسند"(ج2 ص229) من "ترتيب المسند".

98 -

قال مسلم رحمه الله (ج1 ص177): حدثني عبيد الله بن سعيد وإسحاق بن منصور كلاهما عن روح قال عبيد الله: حدثنا روح بن عبادة القيسي حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبوالزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود، فقال: نجيء نحن يوم القيامة عن (كذا وكذا انظر أيّ ذلك فوق النّاس)(1) قال: فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأوّل فالأوّل ثمّ يأتينا ربّنا بعد ذلك، فيقول: من تنظرون؟ فيقولون: ننظر ربّنا. فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: حتّى ننظر إليك. فيتجلّى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم ويتّبعونه، ويعطى كلّ إنسان منهم منافق أو مؤمن نورًا، ثمّ يتّبعونه وعلى جسر جهنّم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثمّ يطفأ نور المنافقين، ثمّ ينجو المؤمنون، فتنجو أوّل زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر

(1) في التعليق ما حاصله: أنه وقع تصحيف فيما بين القوسين، وصوابه: فأكون أنا وأمتي على تل كما في حديث كعب بن مالك. اهـ قلت: وكذا وقع التصحيف في مسند أحمد فلعله من بعض رجال السند.

ص: 162

سبعون ألفًا لا يحاسبون، ثمّ الّذين يلونهم كأضوإ نجم في السّماء، ثمّ كذلك، ثمّ تحلّ الشّفاعة ويشفعون حتّى يخرج من النّار من قال لا إله إلاّ الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرةً، فيجعلون بفناء الجنّة ويجعل أهل الجنّة يرشّون عليهم الماء، حتّى ينبتوا نبات الشّيء في السّيل، ويذهب حراقه ثمّ يسأل حتّى تجعل له الدّنيا وعشرة أمثالها معها.

الحديث أخرجه أحمد (ج3 ص283).

99 -

وقال مسلم رحمه الله (ج1 ص179): وحدثنا حجاج بن الشّاعر حدثنا الفضل بن دكين حدثنا أبوعاصم -يعني محمد بن أبي أيوب- قال: حدثني يزيد الفقير قال: كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحجّ، ثم نخرج على النّاس، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يحدّث القوم جالس إلى سارية عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: فإذا هو قد ذكر الجهنّميّين، قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله ما هذا الّذي تحدّثون والله يقول: {إنّك من تدخل النّار فقد أخزيته} و {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا} فما هذا الّذي تقولون؟ قال: فقال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمّد عليه السلام -يعني الّذي يبعثه الله فيه-؟ قلت: نعم. قال: فإنّه مقام محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم المحمود الّذي يخرج الله به من يخرج. قال: ثمّ نعت وضع الصّراط ومرّ النّاس عليه، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك، قال: غير أنّه قد زعم أنّ قومًا يخرجون من النّار بعد أن يكونوا فيها، قال: يعني فيخرجون كأنّهم عيدان السّماسم، قال: فيدخلون نهرًا من أنْهار الجنّة، فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنّهم

ص: 163

القراطيس، فرجعنا قلنا: ويحكم أترون الشّيخ يكذب على رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ فرجعنا فلا والله ما خرج منّا غير رجل واحد -أو كما قال أبونعيم-.

الحديث أخرجه أبوعوانة (ج1 ص180)، وفي آخره: وقال عبد الواحد ابن سليم (وهو أحد رجال السند عند أبي عوانة) في آخر حديثه: قال جابر: الشّفاعة بيّنة في كتاب الله {ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلّين، ولم نك نطعم المسكين، وكنّا نخوض مع الخائضين، وكنّا نكذّب بيوم الدّين، حتّى أتانا اليقين، فما تنفعهم شفاعة الشّافعين} .

- قال الإمام البخاري رحمه الله في "الأدب المفرد" ص (285): حدثنا موسى قال: حدثنا القاسم بن الفضل عن سعيد بن المهلب عن طلق بن حبيب قال: كنت أشدّ النّاس تكذيبًا بالشّفاعة فسألت جابرًا فقال: يا طليق سمعت النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: ((يخرجون من النّار بعد دخول)) ونحن نقرأ الّذي تقرأ.

الحديث أخرجه أبونعيم في "الحلية"(ج2 ص66)، وابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير"(ج2 ص54)، وفي "النهاية"(ج2 ص194).

والحديث حسن لغيره لأنّ فيه سعيد بن المهلب، وقد قال فيه الذهبي: لا يعرف، وثّق. اهـ وذكر الحافظ في "تهذيب التهذيب" عنه راويين، وأنّه وثّقه ابن حبان. اهـ فهو صالح في الشواهد والمتابعات.

وأخرجه عبد الرزاق (ج11 ص412) عن معمر عن رجل عن طلق بن حبيب قال: قلت لجابر بن عبد الله: أرأيت هذه الآية {يريدون أن يخرجوا من النّار وما هم بخارجين منها} وأنت تزعم أنّ قومًا يخرجون من النّار؟

ص: 164

قال: أشهد أن هذه الآية نزلتْ على رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فآمنّا بها قبل أن تؤمن بها، وصدّقْنا بها قبل أن تصدّق بها، وأشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول ما أخبرك:((إنّ قومًا يخرجون من النّار)) فقال طلق: لا جرم والله لا أجادلك أبدًا.

الحديث في سنده مبهم، ولكنه لا يضر لما تقدم له من المتابعات.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(ج1 ص219) فقال: أخبرنا علي ابن أحمد بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا سعيد بن عثمان الأهوازي (1) ثنا عاصم بن علي ثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن (2) طلق بن علي عن أبيه قال: كنت من أشدّ النّاس تكذيبًا بالشّفاعة، حتّى أتيت جابر ابن عبد الله، فقرأت عليه كلّ آية أقدر عليها في ذكر خلود أهل النّار، فقال لي: يا طلق أنت أعلم بكتاب الله منّي؟ وأعلم بسنة النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم منّي؟ إنّ الّذي قرأت لهم أهلها، ولكن هؤلاء أصابوا ذنوبًا فعذّبوا ثمّ أخرجوا منها ونحن نقرأ كما قرأت.

الحديث في سنده أيوب بن عتبة يحدث من حفظه فيغلط، ولكنه لا يضر لأنه في الشواهد.

100 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج3 ص325): ثنا أبوالنضر ثنا زهير (3) ثنا

(1) سعيد بن عثمان، ترجمته في تاريخ بغداد (ج1 ص97)، قال الخطيب: إنه ثقة. وقال الدارقطني: صدوق حدّث ببغداد. اهـ

(2)

في الأصل: (قيس عن طلق)، وصوابه:(قيس بن طلق بن علي عن أبيه).

(3)

في الأصل: (ابن زهير)، والصواب ما أثبتناه، وهو أبوخيثمة زهير بن معاوية كما في ترجمة أبي النضر بن القاسم، وهو كما قلنا في النهاية لابن كثير (ج2 ص193).

ص: 165

أبوالزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((إذا ميّز أهل الجنّة وأهل النّار فدخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، قامت الرّسل فشفعوا فيقول: انطلقوا أو اذهبوا فمن عرفتم فأخرجوه. فيخرجونهم قد امتحشوا فيلقونهم في نهر أو على نهر يقال له الحياة قال: فتسقط محاشّهم على حافة النّهر ويخرجون بيضًا مثل الثّعارير، ثمّ يشفعون فيقول: اذهبوا أو انطلقوا فمن وجدتم في قلبه مثقال قيراط من إيمان فأخرجوهم. قال: فيخرجون بشرًا ثمّ يشفعون، فيقول: اذهبوا أو انطلقوا فمن وجدتم في قلبه مثقال حبّة من خردلة من إيمان فأخرجوه. ثمّ يقول الله عز وجل: أنا الآن أخرج بعلمي ورحمتي. قال: فيخرج أضعاف ما أخرجوا وأضعافه فيكتب في رقابهم عتقاء الله عز وجل، ثمّ يدخلون الجنّة فيسمّون فيها الجهنّميّين)).

الحديث حسن لغيره لأن فيه أبا الزبير وهو مدلس ولم يصرح بالتحديث.

101 -

قال البخاري رحمه الله (ج11 ص418): حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن الحسن (1) بن ذكوان حدثنا أبورجاء حدثنا عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((يخرج قوم من النّار بشفاعة محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فيدخلون الجنّة يسمّون الجهنّميّين)).

الحديث رواه أبوداود (ج5 ص107)، والترمذي (ج4 ص114)، وابن

(1) هكذا في جميع المراجع التي أشرنا إليها: (الحسن)، إلا في كتاب الشريعة للآجري، فـ (حسين)، وهو تصحيف.

ص: 166

ماجه (ج2 ص1443)، وأحمد (ج4 ص434)، وابن خزيمة ص (276)، والآجري في "الشريعة" ص (344)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وأبورجاء العطاردي اسمه: عمران بن تيم، ويقال: ابن ملحان.

فائدة: هذا الحديث يدور على الحسن بن ذكوان وقد ضعفه أحمد وابن معين وأبوحاتم والنسائي وابن المديني كما في "مقدمة الفتح".

قال الحافظ في "مقدمة الفتح": روى له البخاري حديثًا واحدًا في كتاب الرقاق، وذكر له هذا الحديث بهذا السند، ثم قال: ولهذا الحديث شواهد كثيرة. اهـ المراد من "المقدمة".

102 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج2 ص400): حدثنا سليمان بن داود ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد (1) قال: أخبرني صالح بن أبي صالح مولى التوءمة قال أخبرني أبوهريرة قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((ليتحمّدنّ الله يوم القيامة على أناس ما عملوا من خير قطّ فيخرجهم من النّار بعدما احترقوا، فيدخلهم الجنّة برحمته بعد شفاعة من يشفع)).

الحديث ضعيف لأن في سنده صالح بن أبي صالح مولى التوءمة، وهو صالح بن نبهان مختلط.

103 -

قال الطبراني رحمه الله في "المعجم الصغير"(ج1 ص40 - 41): حدثنا أحمد بن محمد بن مقاتل الرازي ببغداد حدثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة

(1) عبد الرحمن: ضعيف، وقيل ما رواه عنه سليمان الهاشمي فهو حسن. وقد أوردت له في الصحيح المسند حديث عائشة يرويه عن أبيه وهشام بن عروة عن عروة قال النبي لحسان:((إنّ روح القدس مع حسّان ما نافح عن رسول الله)). وأما رواية عبد الرحمن عن غير أبيه وهشام فضعيفة.

ص: 167

حدثنا أبوزهير عبد الرحمن بن مغراء حدثنا عيسى الجهني عن عبد الملك بن ميسرة الزراد عن مجاهد أنه سمع عبد الله بن عمرو (1) يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((يدخل من أهل هذه القبلة النّار من لا يحصي عددهم إلاّ الله بما عصوا الله، واجترءوا على معصيته، وخالفوا طاعته، فيؤذن لي في الشّفاعة فأثني على الله جلّ ذكره ساجدًا كما أثني عليه قائمًا)) وذكر الحديث. اهـ

تمام الحديث كما في "الترغيب والترهيب"(ج2 ص436 - 437): ((فيقال لي: ارفعْ رأسك، وسلْ تعطه، واشفعْ تشفّعْ)).

رجال الإسناد غير المشهورين:

1 -

أحمد بن محمد بن مقاتل: ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد"(ج5 ص98)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وقال: إنّه حدّث ببغداد عن أبيه والحسين بن عيسى بن ميسرة وأحمد بن بكر بن سيف، روى عنه عبد الباقي ابن قانع وأبوالقاسم الطبراني والحسين بن مهدي المروزي.

2 -

الحسين بن عيسي بن ميسرة: صدوق كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم.

3 -

أما عيسى الجهني فهو تصحيف، وصوابه: موسى وهو ابن عبد الله وقيل ابن عبد الرحمن، ثقة عابد وهو يروي عن عبد الملك بن ميسرة وعنه أبوزهير هذا كما في "تهذيب الكمال".

(1) في الأصل: (ابن عمر)، والصواب ما أثبتناه كما في الترغيب والترهيب للمنذري (ج4 ص436)، ومجمع الزوائد (ج10 ص376)، وكنْز العمال (ج14 ص414).

ص: 168

وقد حسّن الحديث المنذري رقم (5325)، والهيثمي في "مجمع الزوائد"(ج10 ص376) والله اعلم.

104 -

قال ابن خزيمة رحمه الله ص (300): حدثنا الحسين بن الحسن قال: حدثنا المعتمر بن سليمان عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: ((يلقى النّاس يوم القيامة من الحبس ما شاء الله أن يلقوه، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم. فينطلقون إلى آدم فيقولون: يا آدم اشفعْ لنا إلى ربّك. فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا إلى خليل الله إبراهيم. فينطلقون إلى إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم اشفعْ لنا إلى ربّك. فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا إلى من اصطفاه الله برسالاته. فينطلقون إلى موسى، فيقولون: يا موسى اشفعْ لنا إلى ربّك. فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا (1) إلى من جاء اليوم مغفورًا له، ليس عليه ذنب. فينطلقون إلى محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فيقولون: يا محمّد اشفعْ لنا إلى ربّك. فيقول: أنا لها، وأنا صاحبها. قال: فأنطلق حتّى أستفتح باب الجنّة، قال: فيفتح فأدخل، وربّي عز وجل على عرشه فأخرّ ساجدًا، وأحمده بمحامد لم يحمدْه بها أحد قبلي -وأحسبه قال: ولا أحد بعدي-، فيقال: يا محمّد ارفعْ رأسك، وقلْ يسمع، وسلْ تعطه، واشفعْ تشفّعْ، فأقول: يا ربّ يا ربّ. فيقول: أخرجْ من كان في قلبه مثقال شعيرة (2) من الإيمان. قال: فأخرّ ساجدًا وأحمده بمحامد لم يحمدْه بها أحد قبلي -وأحسبه قال: ولا أحد بعدي-، فيقال: يا محمّد ارفع رأسك وقل يسمعْ، وسلْ تعطه، واشفعْ تشفعْ. فأقول: يا ربّ يا ربّ. فيقول: أخرجْ

(1) ساقطة من الطبعة القديمة واستدركها الشهوان في تحقيقه لكتاب التوحيد (ج2ص717).

(2)

في الموضعين: ((من كان في قلبه مثقال شعيرة من الإيمان)).

ص: 169

من النّار من كان في قلبه مثقال شعيرة من الإيمان. قال: فأخرّ ساجدًا، وأحمد بمحامد لم يحمدْه بها أحد قبلي -وأحسبه قال: ولا أحد بعدي- فيقال: يا محمّد ارفعْ رأسك قلْ يسمعْ، وسلْ تعط، واشفعْ تشفّع. فأقول: يا ربّ. فيقول: أخرجْ من كان في قلبه أدنى شيء فيخرج ناس من النّار يقال لهم الجهنّميون، وإنه لفي الجنّة))

فقال له رجل يا أبا حمزة: أسمعت هذا من رسول الله صلّى عليه وعلى آله وسلّم قال: فتغيّر وجهه، واشتدّ عليه وقال: ليس كل ما نحدّث سمعناه من رسول الله صلّى عليه وعلى آله وسلّم ولكن لم يكن يكذّب بعضنا بعضًا.

الحديث رجاله رجال الصحيح إلا الحسين بن الحسن وهو ابن حرب السلمي. وقد قال أبوحاتم: إنه صدوق، ووثّقه ابن حبان ومسلمة كما في "تهذيب التهذيب". وحميد الطويل مدلس ولم يصرح بالتحديث، وقد قال شعبة: لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثًا والباقي سمعها من ثابت، أو ثبّته فيها ثابت. وقال حماد: عامة ما يرويه حميد عن أنس سمعه من ثابت. كما في "تهذيب التهذيب".

لكن لا يضر الحديث هنا لأنه في الشواهد والمتابعات.

- وقال ابن خزيمة رحمه الله ص (303): حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن رافع -وهذا حديث بندار قال: حدثنا حماد بن مسعدة قال: ثنا ابن عجلان عن حوثة (1) بن عبيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله

(1) في التوحيد لابن خزيمة: (حوثة) بالحاء المهملة في ثلاثة مواضع، وفي الإكمال لابن ماكولا: جوثة بن عبيد

روى عن أنس بن مالك وأبي سلمة بن عبد الرحمن، حدث عنه ابن عجلان ويزيد بن أبي حبيب وعياش بن عباس، وقال حماد بن مسعدة: عن ابن عجلان، حوثة بحاء مهملة، قاله البخاري في التاريخ عن أبي موسى، وقال: الصحيح جوثة -بالجيم-. اهـ

ص: 170

عليه وعلى آله وسلّم قال: ((يؤتى آدم عليه السلام يوم القيامة فيقال: اشفعْ لذرّيتك. فيقول: لست بصاحب ذلك، ائتوا نوحًا فإنّه أوّل الأنبياء وأكبرهم. فيؤتي نوح فيقول: لست بصاحبه، عليكم بإبراهيم فإنّ الله اتخذه خليلاً. فيؤتي إبراهيم فيقول: لست بصاحبه عليكم بموسى فإنّ الله كلّمه تكليمًا. قال: فيؤتى موسى فيقول: لست بصاحبه، عليكم بعيسى فإنّه روح الله وكلمته. فيؤتى عيسى، فيقول: لست بصاحب هذا، ولكن أدلكم على صاحبه ولكن ائتوا محمّدًا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وعلى جميع الأنبياء. قال: فأوتى، فاستفتح فإذا نظرت إلى الرّحمن وقعْت له ساجدًا، فيقال لي: ارفعْ رأسك يا محمّد، وقل يسمعْ، واشفعْ تشفّعْ، وسل تعطه. فأقول: يا ربّ أمّتي. قال: فيقال: اذهبوا فلا تدعوا في النّار أحدًا في قلبه مثقال دينار إيمان إلاّ أخرجتموه. ويخرج ما شاء الله، ثمّ أقع الثّانية ساجدًا، قال: فيقال: ارفع يا محمّد، فقل يسمعْ، واشفعْ تشفّعْ، وسل تعطه. فأقول: أي ربّ أمّتي. قال: فيقال: اذهبوا فلا تدعوا في النّار أحدًا في قلبه نصف دينار إيمان إلاّ أخرجتموه. قال: فيخرج بذلك ما شاء الله، قال: ثمّ أقع الثّالثة ساجدًا، قال: فيقال: ارفعْ رأسك يا محمّد، وقل يسمع لك، واشفع تشفّعْ، وسلْ تعطه. قال: فأقول: يا ربّ أمّتي، فيقول: اذهبوا فلا تدعوا في النّار أحدًا في قلبه مثقال ذرّة إيمان إلاّ أخرجتموه. فلا يبقى إلاّ من لا خير

ص: 171

فيه)).

جوثة بن عبيد ترجمه البخاري في "التاريخ الكبير"(ج2 ص253)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(ج2 ص549)، وابن ماكولا في "الإكمال"(ج2 ص196)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلاً، لكنّهم ذكروا جماعة من الرواة عنه فهو مستور الحال يصلح حديثه في الشّواهد والمتابعات، وينظر في قوله في الحديث:((إنّ نوحًا أوّل الأنبياء)) هل توبع عليها فإن المعروف أن أول الأنبياء آدم، وأول الرسل نوح (1) والله أعلم.

فائدة: في "تاريخ البخاري" من الرواة عن (جوثة): (عياش) مهمل -أي: غير منسوب-، وفي "الجرح والتعديل" و"الإكمال" لابن ماكولا و"الثقات" لابن حبان:(عياش بن عباس)، وفي "التوحيد" لابن خزيمة ص (305):(عياش بن عقبة)، وترجمتهما في "تهذيب التهذيب"، فهل رويا عنه كلاهما، أم الصواب أحدهما، أما عياش بن عقبة فقد ذكر الحافظ في "تهذيب التهذيب" من شيوخه جوثة بن عبيد، وليس هناك ما يمنع من أن يكونا قد رويا عنه فهما متقاربا الطبقة مصريان وجوثة مصري، والله أعلم.

105 -

قال الإمام أحمد (ج5 ص43): ثنا عفان ثنا سعيد بن زيد (2) قال:

(1) فإن توبع عليها فيحمل على أنه أول الأنبياء من ذرية آدم، وإلاّ فقد ثبت أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:((كان آدم نبيًا مكلمًا وكان بينه وبين نوح عشرة سنين قرون)) أخرجه ابن حبان في الموارد رقم (2085)، والحاكم (ج2 ص262)، ورجاله ثقات، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة رقم (2668) المجلد السادس القسم الأول.

(2)

سعيد بن زيد: هو أخو حماد بن زيد.

ص: 172

سمعت أبا سليمان العصري (1) حدثني عقبة بن صهبان قال: سمعت أبا بكرة عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((يحمل النّاس على الصّراط يوم القيامة، فتقادع بهم جنبة الصّراط تقادع الفراش في النّار، قال: فينجي الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء، قال: ثمّ يؤذن للملائكة والنّبيّين والشّهداء أن يشفعوا فيشفعون ويخرجون، ويشفعون ويخرجون، ويشفعون ويخرجون -وزاد عفّان مرّة فقال أيضًا: ويشفعون ويخرجون- من كان في قلبه ما يزن ذرّةً من إيمان)).

الحديث أخرجه البخاري في "التاريخ"(ج9 ص37)، والطبراني في "الصغير"(ج2 ص57)، وقال الهيثمي (ج10 ص359): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في "الصغير" و"الكبير" بنحوه، ورواه البزار أيضًا ورجاله رجال الصحيح.

106 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (ج5 ص325): ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن راشد بن داود الصنعاني عن عبد الرحمن بن حسان عن روح بن زنباع عن عبادة بن الصامت قال: فقد النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ليلةً أصحابه، وكانوا إذا نزلوا أنزلوه أوسطهم، ففزعوا وظنّوا أنّ الله تبارك وتعالى اختار له أصحابًا غيرهم، فإذا هم بخيال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فكبّروا حين رأوه، وقالوا: يا رسول الله أشفقنا أن يكون الله تبارك وتعالى اختار لك أصحابًا غيرنا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((لا، بل أنتم أصحابي في الدّنيا والآخرة، إنّ

(1) أبوسليمان العصري: اسمه خليد بن عبد الله كما في تهذيب التهذيب.

ص: 173

الله تعالى أيقظني فقال: يا محمّد إنّي لم أبعث نبيًّا ولا رسولاً إلاّ وقد سألني مسألةً أعطيتها إيّاه، فاسأل يا محمّد تعط. فقلت: مسألتي شفاعتي لأمّتي يوم القيامة)). فقال أبوبكر: يا رسول الله وما الشّفاعة؟ قال: ((أقول يا ربّ شفاعتي الّتي اختبأت عندك. فيقول الرّبّ تبارك وتعالى: نعم. فيخرج ربّي تبارك وتعالى بقيّة أمّتي من النّار فينبذهم في الجنّة)).

قال الهيثمي (ج10 ص368): رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات على ضعف في بعضهم.

وقال الحافظ ابن كثير في "النهاية"(ج2 ص194): تفرد به أحمد.

وأقول: هذا الحديث في سنده راشد بن داود وقد وثّقه ابن معين ودحيم، وقال البخاري: فيه نظر. وقال الدارقطني: ضعيف لا يعتبر به.

فالحديث ضعيف جدًا، لأن قول البخاري (فيه نظر) من أردى عبارات التجريح كما في "فتح المغيث"(ج1 ص344).

وفي الحديث أيضًا إسماعيل بن عياش، ولكن شيخه شامي فلا يضره إذ رواية إسماعيل عن الشاميين مقبولة.

107 -

قال الطبراني رحمه الله في "الكبير"(ج10 ص215): حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ثنا كثير بن يحيى صاحب البصري ثنا أبوعوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الحارث بن سويد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لا تزال الشّفاعة بالنّاس وهم يخرجون من النّار، حتى إنّ إبليس الأبالس ليتطاول لها رجاء أن تصيبه.

قال الهيثمي في "المجمع"(ج10 ص380): رواه الطبراني موقوفًا وفيه

ص: 174

كثير بن يحيى صاحب البصري وهو ضعيف (1).

108 -

وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج5 ص402): ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا: ثنا شعبة عن جابر عن ربعي عن حذيفة -قال شعبة: رفعه مرةً إلى النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم- قال: ((يخرج الله قومًا منتنين قد محشتهم النّار بشفاعة الشّافعين فيدخلهم الجنّة فيسمّون الجهنّميّون -قال حجّاج: الجهنّميّين-)).

الحديث أخرجه ابن خزيمة ص (275 - 276)، والآجري في "الشريعة" ص (346) كما عند أحمد، والحسين بن الحسن المروزي في "زوائد زهد ابن المبارك" ص (447) موقوفًا.

وقال الهيثمي (ج10 ص380): رواه أحمد من طريقين ورجالهما رجال الصحيح.

وقال الحافظ في "المطالب العالية"(ج4 ص382) بعد عزوه لأبي بكر ابن أبي شيبة: حسن صحيح.

109 -

قال الإمام أبوحاتم محمد بن حبان البستي رحمه الله كما في "الموارد" ص (645): أخبرنا محمد بن الحسين (2) بن مكرم حدثنا سريج بن يونس حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبومالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة عن

(1) كثير بن يحيى: شيعي له مناكير كما في الميزان ونهى عباس العنبري عن الأخذ عنه. وكل السند سواه ثقات إلا شيخ الطبراني واسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث أبوإسحاق يعرف بابن نائلة وهي أمه. ترجم له أبونعيم في أخبار أصبهان (ج1 ص188) وأبوالشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (ج2 ص103).

(2)

في الأصل: (محمد بن الحسن)، وصوابه:(ابن الحسين) كما في تذكرة الحفاظ ص (735).

ص: 175

النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((يقول إبراهيم يوم القيامة: يا ربّاه. فيقول الله جلّ وعلا: يا لبّيكاه. فيقول إبراهيم: يا ربّ حرّقت بنيّ. فيقول: أخرجوا من النّار من كان في قلبه ذرّة أو شعيرة من إيمان)).

الحديث رجاله رجال الصحيح (1)، وشيخ ابن حبان محمد بن الحسين بن مكرم، قال الدارقطني: ثقة، كما في "تذكرة الحفاظ".

110 -

قال أبونعيم رحمه الله في "الحلية"(ج7 ص253): حدثنا عبد الله بن الحسين بن بالويه الصوفي ثنا محمد بن محمد بن علي ثنا محمد بن عبدك ثنا مصعب بن خارجة ثنا أبي (2) ثنا مسعر عن عطية عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: {((عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} قال: يخرج الله قومًا من النّار من أهل الإيمان والقبلة بشفاعة محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فذلك المقام المحمود، فيؤتى بهم إلى نهر يقال له: الحيوان، فيلقون فيه فينبتون كما ينبت الثعارير، ويخرجون فيدخلون الجنّة فيسمّون: الجهنّميّين، فيطلبون إلى الله أن يذهب عنهم ذلك الاسم فيذهب عنهم)).

غريب من حديث مسعر لم نكتبه إلا من حديث مصعب عن أبيه.

الحديث في سنده عطية بن سعد العوفي، وخارجة بن مصعب ومصعب ابن خارجة.

أما عطية فضعيف وشيعي ومدلس. قال الحافظ الذهبي في "الميزان":

(1) وإسناده على شرط مسلم لأن أبا مالك سعد بن طارق روى له مسلم والبخاري خارج الصحيح.

(2)

أبوه: هو خارجة بن مصعب.

ص: 176

وقال أحمد: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير، وكان يكنيه (1) بأبي سعيد: فيقول: قال أبوسعيد. قال الحافظ الذهبي: قلت: يوهم أنه أبوسعيد الخدري. اهـ

وأما خارجة بن مصعب فقال الحافظ الذهبي في "الميزان": وهّاه أحمد، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال أيضًا كذّاب. وقال البخاري: تركه ابن المبارك ووكيع. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه. اهـ

وأما ولده مصعب بن خارجة فقال الحافظ الذهبي في "الميزان": مجهول. اهـ

فالحديث بهذا السند ضعيف جدًا.

111 -

قال الآجري رحمه الله في "الشريعة" ص (346): أخبرنا ابن (2) ذريح العكبري قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبومعاوية عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد بلغت الشّفاعة يوم القيامة حتى أنّ الله عز وجل ليقول للملائكة: أخرجوا برحمتي من كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان. قال: ثمّ يخرجهم حفنات بيده بعد ذلك.

هذا الأثر في سنده إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، قال الحافظ الذهبي في "الميزان": قال البخاري: تركوه. ونهى أحمد عن حديثه، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تحل الرواية عندي عن إسحاق

(1) في الميزان: (وكان يكنى). فنقلت العبارة المناسبة من تهذيب التهذيب.

(2)

في الأصل: (أبوذريح). والصواب ما أثبتناه وقد تقدمت ترجمته التعليق (1) ص (78).

ص: 177

ابن أبي فروة. وقال أبوزرعة وغيره: متروك. اهـ

112 -

قال الإمام ابن عدي في "الكامل"(ج3 ص1178): ثنا أبويعلى ثنا أبوالربيع الزهراني عن سلمة بن صالح ثنا سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((ليدخلنّ الجنّة قوم من المسلمين قد عذبوا في النّار برحمة الله وشفاعة الشّافعين)).

الحديث منكر فيه سلمة بن صالح ضعيف جدًا.

وأبوالزعراء ترجمه الذهبي في "الميزان" فقال: عبد الله بن هانئ أبوالزعراء صاحب ابن مسعود، قال البخاري: لا يتابع على حديثه، سمع منه سلمة بن كهيل حديثه عن ابن مسعود في الشفاعة: ثمّ يقوم نبيكم صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم رابعًا (1).

والمعروف أنه عليه الصلاة والسلام أول شافع. قاله البخاري. وقد أخرج النسائي الحديث مختصرًا. اهـ

(1) تقدم هذا الأثر برقم (30) ص (61).

ص: 178