الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل ما لا تحل الشفاعة فيه
228 -
قال البخاري رحمه الله (ج6 ص513): حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضى الله عنها أن قريشًا أهمّهم شأن المرأة المخزوميّة الّتي سرقت فقالوا: ومن يكلّم فيها رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلاّ أسامة بن زيد حبّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ فكلّمه أسامة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:((أتشفع في حدّ من حدود الله؟)) ثمّ قام فاختطب ثمّ قال: ((إنّما أهلك الّذين قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ، وايْم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها)).
الحديث أعاده البخاري (ج12 ص87) من طريق سعيد بن سليمان حدثنا الليث به، وأخرجه مسلم (ج3 ص1315)، وأبوداود (ج4 ص537)، والترمذي (ج2 ص442) وقال: حسن صحيح. وابن ماجة (ج2 ص851)، والنسائي (ج8 ص65،66)، وابن الجارود ص (273)، وأحمد (ج6 ص162)، والدارمي (ج2 ص173)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(ج2 ص276)، والبيهقي في "السنن"(ج8 ص332).
229 -
قال أبوداود رحمه الله (ج4 ص23): حدثنا أحمد بن يونس حدثنا
زهير حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد قال: جلسنا لعبد الله بن عمر فخرج إلينا فجلس فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: ((من حالت شفاعته دون حدّ من حدود الله فقد ضادّ الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتّى ينْزع عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتّى يخرج ممّا قال)).
الحديث أخرجه أحمد (ج2 ص70)، والحاكم (ج2 ص27)، والبيهقي (ج8 ص332)، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وسكت عليه الذهبي.
- طريق أخرى: قال أبوداود رحمه الله (ج4 ص23): حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم حدثنا عمر بن يونس حدثنا عاصم بن محمد بن زيد العمري حدثني المثنى بن يزيد عن مطر الوراق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بمعناه، قال:((ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله عز وجل).
الحديث في سنده المثنى بن يزيد، قال الذهبي في "الميزان": تفرد عنه عاصم بن محمد العمري.
وقال الحافظ في "التقريب": مجهول.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه: الصحيح موقوف عن ابن عمر. اهـ (ج2 ص183).
وقد روى الحديث البيهقي (ج8 ص332) من طريق سعيد بن بشير عن مطر الوراق، وسعيد ضعيف لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات.
- طريق أخرى: قال الإمام أحمد رحمه الله (ج2 ص82): حدثنا محمد ابن الحسن بن آتش أخبرني النعمان بن الزبير عن أيوب بن سلمان رجل من
أهل صنعاء قال: كنا بمكة فجلسنا إلى عطاء الخراساني إلى جنب جدار المسجد فلم نسأله ولم يحدثنا، قال: ثمّ جلسْنا إلى ابن عمر مثل مجلسكم هذا فلم نسألْه ولم يحدثنا قال: فقال: ما لكم لا تتكلّمون، ولا تذكرون الله، قولوا: الله أكبر والحمد لله، وسبحان الله وبحمده بواحدة عشرًا وبعشر مائةً من زاد زاده الله ومن سكت غفر له، ألا أخبركم بخمس سمعتهنّ من رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ قالوا: بلى. قال: ((من حالت شفاعته دون حدّ من حدود الله فهو مضادّ الله في أمره، ومن أعان على خصومة بغير حقّ فهو مستظلّ في سخط الله حتّى يترك، ومن قفا مؤمنًا أو مؤمنةً حبسه الله في ردغة الخبال عصارة أهل النّار، ومن مات وعليه دين أخذ لصاحبه من حسناته لا دينار ثمّ ولا درهم، وركعتا الفجر حافظوا عليهما فإنّهما من الفضائل)).
الحديث في سنده أيوب بن سلمان، قال الحافظ في "تعجيل المنفعة": فيه جهالة. وقال في "لسان الميزان": عن ابن عمر بحديث: ((من حالت شفاعته دون حدّ
…
)) الحديث، وعنه النعمان بن الزبير وحده، رواه أحمد في "المسند"، وأيوب لا يعرف حاله.
قال أبوعبد الرحمن: بما أنه انفرد عنه راو واحد، ولم يوثّقه معتبر فهو مجهول العين.
وأخرجه عبد الرزاق (ج11 ص425) عن معمر عن عطاء الخراساني عن ابن عمر موقوفًا، وهو منقطع لأن عطاء لم يسمع من ابن عمر ولا من أحد من الصحابة كما في "تهذيب التهذيب".
- طريق أخرى: قال الحاكم رحمه الله (ج4 ص383): حدثنا أبوبكر
ابن إسحاق أنبأ أحمد بن بشر (1) المرثدي ثنا بشر بن معاذ ثنا عبد الله بن جعفر حدثني مسلم بن أبي مريم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((من حالت شفاعته دون حدّ من حدود الله فقد ضادّ الله تعالى في أمره)).
الحديث قال الهيثمي (ج1 ص251): رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن جعفر المديني وهو متروك.
230 -
قال الإمام مالك رحمه الله في "الموطأ"(ج3 ص41): عن ربيعة ابن عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقًا وهو يريد أن يذهب به إلى السّلطان، فقال: فشفع له الزّبير ليرسله، فقال: لا، حتى أبلغ به السّلطان. فقال الزبير: إذا بلغت به السّلطان فلعن الله الشّافع والمشفّع.
الأثر موقوف ومعضل.
- قال الدارقطني رحمه الله (ج3 ص205): نا الحسين بن إسماعيل نا عمر بن شبة نا أبوغزية (2) الأنصاري نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام ابن عروة عن أبيه قال: شفع الزّبير في سارق، فقيل: حتى يبلغه الإمام. فقال: ((إذا بلغ الإمام فلعن الله الشّافع والمشفّع)) كما قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
قال الهيثمي (ج6 ص259): رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفيه أبوغزية: ضعفه أبوحاتم وغيره ووثّقه الحاكم.
(1) أحمد بن بشر: ترجمته في تاريخ بغداد (ج4 ص45) وثّقه ابن المنادي.
(2)
في الأصل: (أبوعرية) -بعين مهملة فراء-، والصواب:(أبوغزية)، كما ستراه في كلام الهيثمي.
- وقال الدارقطني رحمه الله: ثنا عبد الله بن جعفر بن خشيش نا سلم بن جنادة نا وكيع نا هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن الفرافصة الحنفي قال: مرّوا على الزّبير بسارق فشفع له، فقالوا: يا أبا عبد الله تشفع للسارق؟ قال: نعم، لا بأس به ما لم يؤت به الإمام، فإذا أتي به الإمام فلا عفا الله عنه إن عفا عنه.
الحديث أخرجه البيهقي (ج8 ص333) وفي سنده الفرافصة الحنفي: روى عنه القاسم بن محمد وعبد الله بن أبي بكر كما في "التاريخ الكبير" للبخاري و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً، ويضاف إليهما ما في هذا السند وهو عبد الله بن عروة، فيكون الفرافصة مجهول الحال يصلح حديثه في الشواهد والمتابعات.
- قال البيهقي رحمه الله (ج8 ص333): أخبرنا أبوعبد الله الحافظ ثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب ثنا العباس الدوري ثنا أبونعيم الفضل بن دكين ثنا إسرائيل عن أبي بكر بن أبي الجهم عن عروة بن الزبير عن أبيه الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: اشفعوا في الحدود ما لم تبلغ السّلطان، فإذا بلغت السّلطان فلا تشفعوا.
وهذا السند رجاله ثقات، وأبوبكر بن أبي الجهم: هو أبوبكر بن عبد الله ابن أبي الجهم، وثقه ابن معين كما في "تهذيب التهذيب".
فالظاهر صحة وقف الحديث على الزبير رضي الله عنه.
231 -
قال الدارقطني رحمه الله (ج3 ص204): نا القاضي أحمد بن كامل نا أحمد بن عبد الله الفرسي نا أبونعيم النخعي نا محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان صفوان بن أمية بن خلف نائمًا
في المسجد، ثيابه تحت رأسه، فجاء سارق فأخذها فأتى به النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فأقرّ السّارق، فأمر به النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أن يقطع، فقال صفوان: يا رسول الله أيقطع رجل من العرب في ثوبي؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((أفلا كان هذا قبل أن تجيء به؟)) ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((اشفعوا ما لم يتصل إلى الوالي، فإذا أوصل إلى الوالي فعفا فلا عفا الله عنه)) ثمّ أمر بقطعه من المفصل.
قال أبوالطيب في تعليقه على الدارقطني: الحديث ضعفه ابن القطان في كتابه، فقال: العرزمي متروك، وأبونعيم عبد الرحمن بن هاني النخعي لا يتابع على ما له من حديث. اهـ -يعني كلام ابن القطان- إلى أن قال أبوالطيب: لكن روي حديث صفوان من وجوه كثيرة، ولذا قال في "التنقيح": حديث صفوان حديث صحيح رواه أبوداود والنسائي وابن ماجة وأحمد في "مسنده" من غير وجه. اهـ
232 -
قال الترمذي رحمه الله (ج2 ص392): حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن حدثنا يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة وهو البصري عن أنس عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكًا يسدّده)).
هذا حديث حسن غريب، وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى. اهـ يعني حديثًا هذا بمعناه.
الحديث أخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" (ج2
ص7)، وقال المناوي في "فيض القدير": قال في "المنار" ولم يبيّن علّته: وقد خرجه من طريقين، ففيه من طريق خيثمة البصري (1) لم تثبت عدالته، وقال ابن معين: ليس بشيء، ومن الطريق الأخرى: بلال بن مرداس مجهول، وعبد الأعلى بن عامر ضعيف. اهـ
وبهذا ينتهي البحث حول أحاديث الشّفاعة والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
(1) في "فيض القدير": (النضري)، وهو تصحيف.