المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في مبتدأ التاريخ - الشماريخ في علم التاريخ

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌في مبتدأ التاريخ

‌الباب الأول

‌في مبتدأ التاريخ

قال ابن خيثمة في تاريخه1: قال علي بن محمد -هو المدائني- عن علي بن مجاهد، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، وعن محمد بن صالح، عن الشعبي، قال:

"لما أهبط آدم من الجنة، وانتشر ولده، أرخ بنوه من هبوط آدم، فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحا، فأرخوا ببعث نوح، حتى كان الغرق2 فهلك من هلك ممن كان على وجه الأرض.

فلما هبط نوح وذريته، وكل من كان في السفينة، قسم الأرض بين ولده أثلاثا، فجعل "سام" وسطا من الأرض،: ففيها: بيت المقدس، والنيل، والفرات، ودجلة، وسيحان وجيحان،

1 هو أبو بكر أحمد بن زهير النسائي، ثم البغدادي الحافظ المتوفى سنة 279 "تسع وسبعين ومائتين" وكتابه تأريخ كبير على طريقة المحدثين أحسن فيه وأجاد" كذا في "كشف الظنون".

2 يريد الطوفان الذي كان بسبب دعوة نوح صلى الله عليه وسلم.

ص: 7

وقاسيون1 وذلك ما بين قاسيون إلى شرقي النيل وما بين مجرى الريح "الجنوب"2 إلى مجرى الريح "الشمال".

وجعل "لحام" قسمة إلى غربي النيل فما وراءه إلى مجرى ريح الدبور3.

وجعل قسم "يافث" من قاسيون فما وراءه إلى مجرى ريح الصبا.

فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم.

فلما كثر بنو إبراهيم افترقوا فأرخ بنوا إسحاق من نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى مبعث ملك سليمان ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى بن مريم ومن مبعث عيسى بن مريم إلى مبعث محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم إلى بنيان البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل.

1 أحد جبال الشام.

2 ريح الشمال مهبها بين مطلع الشمس وبنات نعش أو من مطلع الشمس إلى مسقط النسر الطائر ويكون اسما وصفة ولا تكاد تهب ليلا. كذا من القاموس.

3 هي ريح تقابل الصبا.

ص: 8

ثم أرخ بنو إسماعيل من بنيان البيت إلى أن تفرقت بعد ذلك فكان كلما خرج قوم من تهامة1 أرخو بخروجهم.

ومن بقي من ولد إسماعيل يؤرخون من خروج سعد2 ونهد وجهينة حتى مات كعب3 بن لؤي فأرخوا من موته إلى الفيل4 فكان التاريخ من الفيل إلى أن أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وكان ذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة.

"أخرجه ابن جرير في تاريخه مختصرا إلى قوله من مبعث عيسى إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينبغي أن يكون هذا على تاريخ اليهود فأما أهل الإسلام فلم يؤرخوا إلا من الهجرة ولم يؤرخوا بشيء قبل ذلك.

غير أن قريشا كانوا يؤرخون قبل الإسلام بعام الفيل.

قال: وكان سائر العرب يؤرخون بأيامهم المذكورة كـ "يوم

1 في القاموس: "وتهامة- بالكسر- مكة شرفها الله تعالى".

2 لعله سعد بنضبة بن أد: خرج هو وأخيه سعيد- بضم السين فرجع سعد وفقد سعيد. كذا في القاموس. أو لعله يقصد خروج قبيلة بني سعد" لأنه عطف عليها نهد وجهينة ونهد وجهينة أسماء قبائل سميت باسم الجد الأعلى.

3 هو الجد السابع للنبي صلى الله عليه وسلم.

4 حادث الفيل وأبرهة مع الكعبة المشرفة وهو العام الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 9

جبلة" و"الكلاب الأول" و "الكلاب الثاني"1.

وكانت النصارى تؤرخ بعهد الإسكندر ذي القرنين2.

وكان الفرس يؤرخون بملوكهم.

وأخرج ابن عساكر في تاريخه3 من طريق خليفة بن خياط حدثني يحيى بن محمد الكعبي عن عبد العزيز بن عمران قال لم تزل للناس نؤرخ: "كانوا في الدهر الأول من هبوط آدم من الجنة" فلم يزل ذلك حتى بعث الله نوحا فأرخوا من الطوفان ثم لم يزل كذلك حتى حرق إبراهيم فأرخوا من تحريق إبراهيم وأرخت بنوا إسماعيل من بنيان الكعبة ولم يزل ذلك حتى مات كعب بن لؤي فأرخوا من موته فلم يزل كذلك حتى كان عام الفيل فأرخوا منه ثم أرخ المسلمون بعد: الهجرة"

1 وفي مراصد الاطلاع: "الكلاب" بالضم وآخره باء موحدة اسم لموضعين أحدهما بين الكوفة والبصرة قيل: ماء بين جبلة وشمام - بفتح الشين - وفيه كان كلاب الأول والكلاب الثاني من أيامهم المشهورة" وكذلك قال "جبلة- بالتحريك اسم لعدة مواضع منه موضع للعرب ينسب إليه وقعة يقال له "شعب جبلة" وهي هضبة حمراء ينجد بين "الشرف" و "الشريف" وهو ماء لبني نمير.

2 هو الإسكندر المقدوني "356- 323 ق. م" وهو يوناني الأصل وليس هو ذو القرنين المذكور لنا في القرآن لأنه كان نبيا.

3 هو "تأريخ دمشق" للحافظ أبي الحسن علي بن حسين المعروف بابن عساكر الدمشقي المتوفى سنة 571 واحد وسبعين وخمسمائة.

ص: 10