الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث
في فوائد شتى تتعلق به
الأولى: إنما يؤرخ بالأشهر الهلالية التي قد تكون ثلاثين وقد تكون تسعا وعشرين كما ثبت في الحديث1 دون الشمسية الحسابية التي هي ثلاثون أبدا فتزيد عليها قال تعالى في قصة أهل الكهف - {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً} 2.
قال المفسرون: "زيادة التسعة باعتبار الهلالية وهي ثلاث مائة فقط: شمسية".
وإنما كان التاريخ لحديث: "إنا أمة لا نحسب ولا نكتب" 3 وحديث: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".
وآلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا ودخل عليهن في التاسع والعشرين فقيل له فقال: "الشهر تسع وعشرون".
1 قوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدد ثلاثين" ورد من عدة طرق بألفاظ مختلفة ومن رواته الإمام البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم.
2 الآية 25 من سورة الكهف.
3 متفق عليه ورواه أبو داود والنسائي.
قال والد شيخنا البلقيني في التدريب1: "كل شهر في الشرع فالمراد به الهلالي إلا شهر المستحاضة وتخليق الحمل".
الثانية: إنما يؤرخ بالليالي لأن الليلة سابقة على يومها إلا يوم عرفة شرعا قال الله تعالى: {كَانَتا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} 2. قالوا - ولا يكون مع الإرتقاق إلا الظلام فهو سابق على النور
وروى السدي عن محمد بن إسحاق: "أول ما خلق الله النور والظلمة ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا والنور نهارا".
قلت: وقد ثبت أن القيامة لا تقوم إلا نهارا3 فدل على أن ليلة
1 التدريب في الفروع - فقه شافعي لمؤلفه سراج الدين: عمر بن رسلان البقليني الشافعي المتوفى سنة 805هـ خمس ثمانمائة بلغ فيه إلى كتاب الرضاع ثم اختصره وسماه "التأديب" ولوده علم الدين صالح المتوفى سنة 868 تكملة لهذا الكتاب ا. هـ من كشف الظنون.
2 سورة الأنبياء الآية 30 وفي تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى عند هذه الآية قال سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة قال: سئل ابن عباس: الليل كان قبل أو النهار؟ فقال: أرأيتم السماوات والأرض حين كانتا رتقا هل كان بينهما إلا ظلمة؟ ذلك لتعلموا أن الليل قبل النهار.
3 لعل الشيخ رحمه الله تعالى يقصد ما جاء في صحيح البخاري: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورأوها آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يبتاعانه ولا يطويانه ولتقومن الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها".
وللحديث لفظ آخر في مسلم بمعناه.
ولكن -والله تعالى أعلم- أن قصد الحديث أن الساعة تقوم والناس في أعمالهم.
وقوا الله تبارك وتعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً} يفيد أن أمرهفي قيام الساعة مجهول وبالنسبة للأرض -وهي كرة عندما يأتيها الأمر بقيام الساعة يكون النهار في جانب والليل في جانب.
والمقصود من الحديث الشريف - والله أعلم بمراد رسوله صلى الله عليه وسلم أن الساعة تقوم وكل أحد من الخلق في حالة: لا يتمها بل تقوم وهو متلبس بها فالسكران في سكره والنائم في نومه والبائع في بيعه والزارع في زرعه كل لا يتم ما هو فيه حتى تفجأه الساعة على ما هو عليه وليس المقصود أنها تكون في النهار دون الليل.
وكونها تقوم يوم الجمعة وهو اليوم الذي تصيح البهائم مصيخة فيه خشية قيام الساعة كذلك قد يكون هذا اليوم هنا بالنهار. والخطيب على المنبر مثلا وفي مكان آخر ليل دامس على أن اليوم في الشهور العربية يبتدئ بعد غروب الشمس وينتهي بغروبها والله أعلم.
اليوم سابقة إذ كل يوم له ليلة
الثالثة: يقال أول ليلة في الشهر: "كتب لأول ليلة منه" أو لغرته1 أو لمهله أو لمستهله أول يوم لليلة خلت ثم لليلتين خلتا ثم لثلاث خلون إلى عشرة فخلت إلى النصف وللنصف من كذا وهو أجود من لخمس عشرة خلت أو لست ثم لأربع عشرة بقيت إلى العشرة ثم لعشر بقين إلى.. آخره فلآخر ليلة فلسلخه أو انسلاخه. وفي اليوم بعدها لآخر يوم أو لسلخه أو انسلاخه.
وقيل إنما يؤرخ بما مضى مطلقا وإنما قيل للعشرة فما دونها: "خلون" و"بقين" لأنه مميز بجميع فيقال: عشر ليال إلى ثلاث ليال ولما فوق ذلك "خلت" لأنه مميز بمفرد نحو إحدى عشرة ليلة ويقال في العشر: الأول والأواخر ولا يقال: الأوائل والأواخر.
وقد أجاب ابن الحاجب عن حكمة ذلك بجواب طويل نقلناه بحروفه في التذكرة2 وحاصله أنه: قيل الأول لأنه مفرد العشرة الأولى لأنه لليالي والأولى يجمع على: فعل قياسا مطردا كالفضلى والفضل ولا يجمع على الأوائل إلا أول: المذكر ومفرد العشر يؤنث أما الأواخر فهي جمع آخره كفاطمة وفواطم والأخر جمع أخرى وإنما يتعين تقديره الآخر ههنا دون الأخرى لأن المقصود هنا الدلالة على التاخر الوجودي ولا يفيده إلا ذلك بخلاف الأخرى. فإنها أنثى أخر وهما إنما يدلان على وصف مغاير لمقدم ذكره سواء كان في الوجود متاخرا أو متقدما: مررت بزيد ورجل
1 استهلال القمر. وغرة الهلال: طلعته.
2 والتذكرة في العربية "هو مؤلف كبير للسيوطي في ثلاث مجلدات".
آخر فلا يفهم من ذلك إلا وصفه للمتقدم وهو زيد دون كونه متاخرا وجودا.
ولهذا عدلوا عن ربيع الآخر -بفتح الخاء- وجمادى الآخرى- إلى ربيع الآخر- بالكسر وجمادى الآخرة حتى تحصل الدلالة على مقصودهم في التاخر الوجودي
الرابعة: تحذف تاء التانيث من لفظ العدد ويقال: إحدى واثنتان: إن أرخت بالليلة أو السنة ويثبت ويقال: "أحد""اثنان" إن أرخت باليوم والعام فإن حذفت المعدود: جاز حذف التاء. ومنه الحديث: "وأتبعه ستا من شوال"1. أما العشر: فيذكر مع الذكر ويؤنث مع المؤنث.
قال المتاخرون: ويذكر شهر فيما أوله "را" فيقال: شهر ربيع مثلا دون غيره فلا يقال: "شهر صفر". والمنقول عن سيبويه: جواز إضافة "شهر" إلى كل الشهور: وهو المختار اهـ.
الخامسة: في ألفاظ الأيام والشهور:
الأحد: هو أول الأيام وفي شرح المهذب2 ما يقتضي أنه أول الأسبوع.
1 نص الحديث: "من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصوم الدهر" رواه الإمام أحمد والإمام مسلم والأربعة.
2 في فروع الشافعية للإمام أبي إسحق إبراهيم بن محمد الشيرازي الشافعي المتوفى سنة 476هـ وقد شرحه كثير من العلماء وأشهرهم محيي الدين يحيى بن شرف النووي إلى باب "الربا".
وروى ابن عساكر في "تاريخه" بسنده إلى إبن عباس قال: أول ما خلق الله الأحد فسمي الأحد وكانت العرب يسمونه الأول. وقال متاخروا أصحابنا: إن أول الأسبوع: السبت وهو الذي في "الشرح" و"الروضة"1 و"المنهاج"2 لحديث مسلم: "خلق الله التربة يوم السبت والجبال يوم الأحد والشجر يوم الإثنين والمكروه يوم الثلاثاء والنور يوم الاربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة"3.
وقال ابن إسحق يقول أهل التوراة: ابتدأ الله الخلق يوم الأحد ويقول أهل الإنجيل: يوم الاثنين ونقول نحن المسلمون -فيما انتهى إلينا- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم السبت4.
وروى ابن جرير عن السدي عن شيوخه: ابتدأ الله الخلق يوم الأحد وإختاره وما إليه طائفة.
1 الشرح هو "شرح المهذب" والروضة هو "الروضة" في الفروع للإمام أبي زكريا: محيي الدين يحيى بن شرف النووي.
2 "منهاج الطالبين" فقه الشافعي.
3 ولفظ الحديث: "خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد عصر الجمعة في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل" رواه الإمام أحمد والإمام مسلم.
4 والحديث السابق دليله.
وقال ابن كثير - وهو أشبه بلفظ الأحد ولهذا يكمل الخلق يوم الجمعة فاتخذه المسلمون عيدهم وهو اليوم الذي ضل عنه أهل الكتاب.
قال: وأما حديث مسلم السابق ففيه غرابة شديدة لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ثم السموات في يومين.
وقد قال البخاري: قال بعضهم" عن أبي هريرة عن كعب الأحبار وهو أصح.
فائدة: يكره صوم الأحد على إنفراده. صرح به ابن يونس في "مختصر التنبيه". ويجمع على آحاد -بالمد - وإحاد - بالكسر ووجود الاثنين: قال في شرح المهذب: "يسمى به لأنه ثاني الأيام ويجمع على أثانين وكانت العرب تسميه "أثيونا".
وروى الطبراني عن عاصم بن عدي قال: "قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الإثنين".
وروى ابن أبي الدنيا مثله.
عن فضاله بن عبيد: أن الثلاثاء بالمد يجمع على ثلاثاوات وأثالث. وكانت العرب تسميه "جبارى".
الأربعاء: ممدود ومثلث1 الباء وجمعة أربعاوات وأرابيع وكان اسمه عند العرب دبارا واشتهر على ألسنة الناس أنه المراد في قوله تعالى: {يَوْم نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} 2 وتشاءموا به لذلك وهو خطأ فاحش لأن الله
1 أي الباء. يقبل الحركات الثلاث: الفتحة والضمة والكسرة.
2 سورة القمر آية 19.
تعالى قال: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} 1. - وهي ثمانية أيام فيلزم أن تكون الأيام كلها نحسات وإنما المراد نحس عليهم.
الخميس: جمعة أخمسة وأخماس وكانوا يسمونه: مؤنسا
الجمعة: يجمع على جمعات وفي ميمها الضم والسكون وكانت تدعى: العروبة.
وفي رواية: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها"2. وفي رواية "وفيه مات وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شئيا إلا أعطاه".
وفي حديث عند الطبراني: "أفضل الأيام: يوم الجمعة وأفضل الليالي: ليلة القدر وأفضل الشهور: رمضان".
1 سورة فصلت. الآية 16 وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ، تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} كانت تأتي أحدهم فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار ثم تنكسه على أم رأسه فيسقط إلى الأرض فتثلغ رأسه فيبقى جثة بلا رأس ولهذا قال {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} .
2 وبقيته "
…
ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة". رواه الإمام مسلم والإمام أحمد والترمذي.
وفي حديث رواه البيهقي في "شعب الإيمان" أنه كان يقول: "ليلة الجمعة ليلة غراء ويوم أزهر".
فائدة: يكره إفراده بالصوم لأحاديث في ذلك في الصحيحين وغيرهما.
وأما حديث البزار: "ما أفطر صلى الله عليه وسلم قط يوم الجمعة" فضعيف.
السبت: يجمع على أسبت وسبوت وكان يدعى "شبارا" ويكره إفراده بالصوم فإن ضم إلى الأحد أو الجمعة فلا "*".
وقد ألغز بذلك فيقال: "مكروهان إذا اجتمعا زالت الكراهة"1 وقصة اليهود في السبت مشهورة2.
فائده: روى أبو يعلي -في مسنده- عن ابن عباس قال: يوم الأحد يوم غرس وبناء ويوم الاثنين يوم سفر ويوم الثلاثاء يوم دم ويوم الأربعاء يوم أخذ ولا عطاء فيه ويوم الخميس يوم الدخول على السلطان ويوم الجمعة يوم تزوج وباء.
ورأيت بخط الحافظ شرف الدين الدمياطي أبياتا ذكر أنها تعزى إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهي هذه:
فنعم اليوم يوم السبت حقا
…
لصيد إن أردت بلا امتراء
وفي الأحد البناء لأن فيه
…
تبدى الله في خلق السماء
1 أي اللغز: يومان إذا صيم كل منهما مفردا كره فإذا اجتمعا زالت الكراهة.
2 وهي التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى في الآية: 164 من سورة الأعراف {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} . "*" أي فلا يكره.
ويوم الاثنين إن سافرت فيه
…
فترجع بالسلامة والهناء
وإن ترد الحجامة في الثلاثا
…
ففي ساعاته هرق الدماء
وإن شرب امرؤ منكم دواء
…
فنعم اليوم يوم الأربعاء
وفي الخميس قضاء حاج
…
فإن الله يأذن بالقضاء
وفي الجمعات تزويج وعرس
…
ولذات الرجال مع النساء
قلت: "في نسبتها إلى الإمام علي رضي الله عنه نظر".
المحرم: يجمع على: محرمات ومحارم ومحاريم. ومن العرب من يسميه "مؤتمن" والجمع مآمن ومآمين.
وفي الصحيحين: "أفضل الصوم -بعد رمضان- شهر الله المحرم"1
صفر: جمعة أصفار. قال ابن الأعرابي: "والناس كلهم يصرفونه إلا أبا عبيدة فخرق الإجماع بمنع صرفه فقال: للعلمية والتانيث بمعنى الساعة قال ثعلب: "سلح2 وهو لا يدري لأن الأزمنة كلها ساعات".
ومن العرب من يسميه "ناجز" وكانوا يتقاسمون به ولهذا
1 وفي لفظ رواه النسائي رحمه الله تعالى "أفض الصيام بعد رمضان الشهر الذي تدعونه محرم".
2 أي تبرز والمقصود أخطأ خطأ فاحشا.
ورد في الحديث ردا عليهم: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"1.
ربيع: قال الفراء: يقال: "الأول" ردا على الشهر "والأولى" ردا على ربيع وفيه ولد صلى الله عليه وسلم وهاجر ومات.
ومنهم من يسميه "خوانا"2 والجمع "أخونة" ويسمى "الآخر""وبصان" والجمع وبصانات.
جمادى: جمعه: "جمادات" قال الفراء: كل الشهور مذكرة إلا جماديان تقول: جمادى الأولى والآخرة.
1 وبقية الحديث "
…
وفر من المجذوم كما نفر من الأسد" رواه البخاري والإمام أحمد وللحديث روايات كثيرة ورواة آخرون.
والمعنى -والله تعالى أعلم- أن هذه الأشياء ليست هي التي تفعل وإنما الفاعل هو الله تبارك وتعالى فقد يصيب الإنسان عدوى ثم يبرأ منها وقد يتطير من شيء ثم لا يحدث له شيء مما تطير منه والأمور كلها بيد الله.
وقوله: "ولا صفر" قال في القاموس: "والصفر بالتحريك: داء في البطن يصفر الوجه وتأخير المحرم إلى صفر ومنه: ولا صفر أو من الأول لزعمهم أنه يعدي" ثم قال: والصفران" شهران من السنة سمي أحدهما في الإسلام المحرم" اهـ
…
وقول النبي صلى الله عليه وسلم "ولا صفر" تشمل الأولى والثانية.
2 في القاموس: "والخوان كشداد -بفتح الخاء- ويضم: شهر ربيع الأول. جمعه أخونه.
ومنهم من يسمي الأولى "حنين" والجمع "حنائن" و "وأحنة" و "حنن"1.
والآخرة "ورنه" الجمع "ورنات"2.
مسألة: أجل السلم "*" إلى ربيع أو جمادى فقيل: لا يصح للإبهام3.
والأصح: الصحة ويحمل على الأول.
رجب: جمعه "أرجاب" و "رجاب" و "رجبات"4 ويقال له "الأصم" إذ لم يكن يسمع فيه قعقعة سلاح لتعظيمهم له والوصف بوصف الإنسان5 و "الأصب"6 و "منصل الأسنة"7.
وورد في فصل صومة أحاديث لم يثبت منها شيء بل هي ما بين منكر وموضوع
1 الحنين -كأمير، وحنين- كسكيت وباللام: اسمان لجمادى الأولى والآخرة.
2 بسكون الراء في القاموس: وورنة: اسم ذي القعدة.
"*" السلم: بفتح السين المشددة: الاقتراض والسلف.
3 لأنه لا يدرى أي الربيعين أو الجمادين لا بد من تحديد أحدهما.
4 الذي في القاموس: جمعه أرجاب ورجوب ورجاب ورجبات محركة.
5 رجب فلان فلانا بقول سيء: رجمه به. والله تعالى أعلم.
6 تصب فيه الرحمات صبا.
7 كناية عن أن القبائل لا يحارب بعضها بعضا فيه.
شعبان: جمعه: "شعابين" و"شعبانات" ومنهم من يسميه "وعلا" والجمع "أوعال""وعلات".
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا كاملا بعد رمضان سواه ويحرم الصوم إذا انتصف لمن لم يصله بما قبله1
رمضان: مشتق من الرمضاء وهي شدة الحر وجمعه "رمضانات" و "أرمضه" و "رماض". قال النحاة: "شهر رمضان" أفصح من ترك الشهر.
قلت: روى ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: لا تقولوا "رمضان" فإنه من أسماء الله ولكن قولوا "شهر رمضان".
ومن العرب من يسميه: "ناتقا" والجمع "نواتق".
شوال: جمعه "شواويل" و "شيايل" وشوالات وكان يسمى "عاذلا" والجمع "عواذل" وهو أول أشهر الحج.
عقد النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة وتزوج بها فيه وكانت عائشة تستحب النكاح فيه2.
1 ولعل هذا معتمد الذين يصومون الأشهر الثلاثة.
2 أي تدعو الناس إلى أن يتزوجوا فيه تيمنا واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
القعدة والحجة: وفي أول كل منهما الفتح والكسر وفتح الأول وكسر الثاني أفصح من العكس وجمعها ذوات القعدة وذوات الحجة وكان يسمى الأول "هواعا" والجمع "أهوعه" و "هواعات" والثاني "برك" والجمع "بركات"
فائدة: أخرج ابن عساكر - من طريق الأصمعي قال: كان أبو عمرو ابن العلاء يقول: "إنما سمي المحرم لأن القتال حرم فيه" و "صفر" لأن العرب كانت تنزل فيه بلادا يقال لها "صفر" وشهرا "ربيع" كانوا يرتبعون فيهما. أي يقيمون فيهما و "جماديان": كان يجمدون فيهما الماء و "رجب" كانوا يرجبون1 فيه النخل و "شعبان" تتشعب فيه القبائل و "رمضان" رمضت فيه الفصال من الحر و "شوال" شالت فيه الإبل بأذنابها للضراب2 و "ذو القعدة" قعدوا فيه عن القتال و "ذو الحجة" كانوا يحجون فيه.
وإنما سقنا هذه الفوائد لأنها مهمة إذ لا يليق بالكاتب والمؤرخ جهلها.
والحمد لله وحده ثم الصلاة على من لا نبي بعده اهـ.
"تمت رسالة السيوطي رحمه الله تعالى ورضي عنه بمن الله تبارك وتعالى وفضله".
1 ترجيب النخل: تدعيمها ببناء يحميها من السقوط إذا مالت. أو ضم أعذاقها إلى سعفاتها.
2 الضراب: طلب الذكر.