المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الزَّنَادِقَة الَّذين يظهرون الْإِسْلَام ويبطنون أعظم الْكفْر وَيجب عُقُوبَة كل - الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية

[مرعي الكرمي]

الفصل: الزَّنَادِقَة الَّذين يظهرون الْإِسْلَام ويبطنون أعظم الْكفْر وَيجب عُقُوبَة كل

الزَّنَادِقَة الَّذين يظهرون الْإِسْلَام ويبطنون أعظم الْكفْر وَيجب عُقُوبَة كل من انتسب إِلَيْهِم أَو ذب عَنْهُم أَو أثنى عَلَيْهِم أَو عظم كتبهمْ أَو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم أَو كره الْكَلَام فيهم أَو أَخذ يعْتَذر لَهُم بِأَن هَذَا الْكَلَام لَا يدْرِي مَا هُوَ وأمثال هَذِه المعاذير الَّتِي لَا يَقُولهَا إِلَّا جَاهِل أَو مُنَافِق فَكيف وهم أشبه النَّاس بالقرامطة الباطنية وَلِهَذَا يقرونَ الْيَهُود وَالنَّصَارَى على مَا هم عَلَيْهِ ويجعلونهم على حق كَمَا يجْعَلُونَ عباد الْأَصْنَام على حق

وكل وَاحِدَة من هَذِه أعظم الْكفْر وَمن كَانَ محسنا للظن بهم وَادّعى أَنه لم يعرف حَالهم عرف حَالهم فَإِن لم يباينهم وَيظْهر لَهُم الْإِنْكَار وَإِلَّا ألحق بهم وَجعل مِنْهُم

وَأما من قَالَ لكلامهم تَأْوِيل يُوَافق الشَّرِيعَة فَإِنَّهُ من رؤوسهم وأئمتهم فَإِنَّهُ إِن كَانَ ذكيا فَإِنَّهُ يعرف كذب نَفسه فِيمَا قَالَ وَإِن كَانَ مُعْتَقدًا لهَذَا بَاطِنا وظاهرا فَهُوَ أكفر من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالله تَعَالَى أعلم إنتهى كَلَام ابْن تَيْمِية مُلَخصا رحمه الله

‌تَنْبِيه

قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِير سُورَة الْمَائِدَة من تَفْسِير النَّهر وَتَفْسِير الْبَحْر

ص: 96

وَمن بعض اعتقادات النَّصَارَى استنبط من تستر بِالْإِسْلَامِ ظَاهرا وانتمى إِلَى الصُّوفِيَّة حُلُول الله تَعَالَى فِي الصُّور الجميلة وَمن ذهب من ملاحدتهم إِلَى القَوْل بالاتحاد والوحدة كالحلاج وَالثَّوْري وَابْن أحلى وَابْن عَرَبِيّ وَابْن الفارض وَاتِّبَاع هَؤُلَاءِ كَابْن سعيد والششتري تِلْمِيذه وَابْن مظفر والصفار وَابْن لباج وَابْن الْحسن

وَمِمَّنْ رَأَيْنَاهُ يَرْمِي بِهَذَا الْمَذْهَب الملعون الْعَفِيف التلسماني وَابْن عَيَّاش المالقي الْأسود وَعبد الْوَاحِد بن الْمُؤخر والأيكي العجمي وَأَبُو يَعْقُوب بن بشر تلميذ الششتري كَانَ بحارة زويلة بِالْقَاهِرَةِ

وَإِنَّمَا سردت أَسمَاء هَؤُلَاءِ نصحا لدين الله يعلم الله ذَلِك وشفقة على ضعفاء الْمُسلمين ليحذروهم فهم شَرّ من الفلاسفة الَّذين يكذبُون الله وَرَسُوله وَيَقُولُونَ بقدم الْعَالم

وَقد أولع جهلة من ينتمي للتصوف بتعظيم هَؤُلَاءِ وادعائهم أَنهم صفوة الله تَعَالَى وأولياؤه وَالْأَمر فيهم كَمَا ذكرت

وَقَالَ أَبُو حَيَّان أَيْضا فِي تَفْسِير سوة ر الْأَعْرَاف وَقد ظهر فِي هَذَا الزَّمَان العجيب نَاس يتسمون بالمشايخ يلبسُونَ ثِيَاب شهرة عِنْد الْعَامَّة بالصلاح ويتركون الِاكْتِسَاب ويرتبون أذكارا لم ترد فِي الشَّرِيعَة يجهرون بهَا فِي الْمَسَاجِد ويجمعون لَهُم خداما يجلبون النَّاس إِلَيْهِم لاستخدامهم ونتش أَمْوَالهم ويذيعون عَنْهُم كرامات ويرون الْوُصُول إِلَى

ص: 97

الله تَعَالَى بِأُمُور يقررونها فِي خلوات وأذكار لم يَأْتِ بهَا كتاب منزل وَلَا نَبِي مُرْسل ويتعاظمون على النَّاس بالانفراد على سجادة وَنصب أَيْديهم للتقبيل وَقلة الْكَلَام وإطراق الرؤوس وَتَعْيِين خَادِم يَقُول الشَّيْخ مَشْغُول فِي الْخلْوَة رسم الشَّيْخ قَالَ الشَّيْخ الشَّيْخ لَهُ نظر إِلَيْك الشَّيْخ كَانَ البارحة يذكرك إِلَى نَحْو هَذِه الْأَلْفَاظ الَّتِي يحشدون الْعَامَّة ويجلبون بهَا عقول الجهلة هَذَا إِن سلم الشَّيْخ من الِاعْتِقَاد الَّذِي غلب على متصوفة هَذَا الزَّمَان من الْحُلُول وَالْقَوْل بالوحدة فَإذْ ذَاك يكون منسلخا عَن شَرِيعَة الْإِسْلَام بِالْكُلِّيَّةِ

وَالْعجب لمثل هَؤُلَاءِ كَيفَ ترَتّب لَهُم الرَّوَاتِب وتبنى لَهُم الرَّبْط وَتوقف عَلَيْهِم الْأَوْقَاف وتخدمهم النَّاس مَعَ عدولهم عَن سَائِر الْفَضَائِل وَلَكِن النَّاس أقرب إِلَى أشباههم

قَالَ وَقد أطلنا فِي هَذَا رَجَاء أَن يقف عَلَيْهِ مُسلم عَاقل فينتفع بِهِ جزاه الله عَن مقْصده أحسن الْجَزَاء الْمُبين وجزى سَائِر عُلَمَاء الْمُسلمين الذابين عَن شَرِيعَة سيد الْمُرْسلين القامعين بأقوالهم للمارقين الْمُلْحِدِينَ

رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وارحمنا إِذا توفيتنا وتوفنا غير مفتونين وَلَا ضَالِّينَ وَلَا مضلين على العقيدة الحقة الصرفة الَّتِي لَا يشوبها كدر وَهِي مَا كَانَ عَلَيْهَا مثل أبي بكر وَعمر رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَصلى الله على جَمِيع النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ وعَلى آل كل وَصَحبه أَجْمَعِينَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

تمّ بِخَط مُؤَلفه

قَالَ مُؤَلفه سامحه الله فرغت من جمع هَذِه الفرائد ورقم هَذِه الْفَوَائِد بالجامع الْأَزْهَر نَهَار الْجُمُعَة وَقت الْخطْبَة سادس عشر ذِي الْقعدَة الْحَرَام سنة ثَلَاثِينَ وَألف

ص: 98