الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفرع الثالث في الزكاة]
[الخطبة الأولى في الزكاة وما تجب فيه]
الفرع الثالث
في الزكاة الخطبة الأولى
في الزكاة وما تجب فيه الحمد لله الذي أنعم علينا بالأموال، وأباح لنا التكسب بها عن طريق حلال، وشرع لنا تصريفها فيما يرضى الكبير المتعال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الإنعام والإفضال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أزهد الناس في الدنيا، وأكرمهم في بذلها على الإسلام صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، وأدوا ما أوجب الله عليكم في أموالكم التي رزقكم الله تعالى، فقد أخرجكم الله من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا، ولا تملكون لأنفسكم نفعا، ولا ضرا، ثم يسر الله لكم الرزق، وأعطاكم ما ليس في حسابكم، فقوموا أيها المسلمون بشكره، وأدوا ما أوجب عليكم لتبرؤا ذممكم، وتطهروا أموالكم، واحذروا الشح والبخل بما أوجب الله عليكم، فإن ذلك هلاككم، ونزع بركة أموالكم، ألا وإن أعظم ما أوجب الله عليكم في أموالكم الزكاة التي هي ثالث أركان الإسلام، وقرينة الصلاة في محكم القرآن، وجاء في منعها والبخل بها الوعيد بالنيران. قال الله عز وجل:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران: 180] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ - يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34 - 35] وقال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الآية الأولى: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع - وهي الحية الخالي رأسها من الشعر لكثرة سمها - مثل له شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - يقول: أنا مالك أنا كنزك» . (رواه البخاري) . وقال في تفسير الآية الثانية ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمى عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسن ألف سنة حتى يقضي بين العباد (رواه مسلم) . وحق المال هو الزكاة. أيها المسلمون إنه والله لا يحمى على الذهب والفضة في نار كنار الدنيا
إنما يحمى عليها في نار أعظم من نار الدنيا كلها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا.
أيها المسلمون إنه إذا أحمي عليها لا يكوى بها طرف من الجسم متطرف، وإنما يكوى بها الجسم من كل ناحية الجباه من الأمام والجنوب من الجوانب والظهور من الخلف.
أيها المسلمون إن هذا العذاب ليس في يوم ولا في شهر ولا في سنة، ولكن في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
فيا عباد الله يا من آمنوا بالله ورسوله، يا من صدقوا بالقرآن، وصدقوا بالسنة ما قيمة الأموال التي تبخلون بزكاتها؟ وما فائدتها؟ إنها تكون نقمة عليكم، وثمرتها لغيركم، إنكم لا تطيقون الصبر على وهج النار، فكيف تصبرون على نار جهنم، فاتقوا الله عباد الله، وأدوا الزكاة طيبة بها نفوسكم أيها المسلمون، إن الزكاة واجبة في الذهب والفضة على أي حال كانت سواء كانت جنيهات وريالات، أم قطعا من الذهب والفضة، أم حليا من الذهب والفضة للبس، أو للبيع أو للتأجبير، فالذهب والفضة، جاءت نصوص الكتاب والسنة بوجوب الزكاة فيهما عموما بدون تفصيل، وجاءت نصوص من السنة خاصة في إيجاب الزكاة في الحلي، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال: " أتعطين زكاة هذا، قالت: لا قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فخلعتهما، فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: هما لله ورسوله» . قال في بلوغ المرام (رواه الثلاثة وإسناده قوي) لكن لا تجب الزكاة في الذهب والفضة حتى يبلغا نصابا، فنصاب الذهب وزن أحد عشر جنيها سعوديا وثلاثة أسباع جنيه، فما دون ذلك لا زكاة فيه، إلا أن يكون للتجارة. ونصاب الفضة وزن ستة وخمسين ريالا سعوديا، فما دون ذلك لا زكاة فيه، أما مقدار الزكاة في الذهب والفضة فهو ربع العشر.
وتجب الزكاة أيضا في الأوراق النقدية إذا بلغت ما يساوي ستة وخمسين ريالا سعوديا من الفضة وفيها ربع العشر.
وتجب الزكاة في الديون التي للإنسان، وهي الأطلاب التي له على الناس إذا كانت من