المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: عرض موجز لأهم آرائه حول السنة النبوية - العيوب المنهجية في كتابات المستشرق شاخت المتعلقة بالسنة النبوية

[خالد الدريس]

الفصل: ‌المبحث الثاني: عرض موجز لأهم آرائه حول السنة النبوية

‌المبحث الثاني: عرض موجز لأهم آرائه حول السنة النبوية

المبحث الثاني: عرض موجز لأهم آرائه في السنة النبوية

تتلخص أهم آراء المستشرق " جوزيف شاخت " في السنة النبوية في النقاط التالية:

1 -

إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن مهتماً ببيان أمور الشريعة –القانون-، كالقضايا المتعلقة بالمعاملات المالية والأحوال الشخصية والقضاء، وفي ذلك يقول: ((في الجزء الأكبر من القرن الأول لم يكن للفقه الإسلامي - في معناه الاصطلاحي - وجود كما كان في عهد النبي، والقانون - أي الشريعة - من حيث هي هكذا كانت تقع خارجة عن نطاق الدين

فقد كانت مسألة القانون تمثل عملية لا مبالاة بالنسبة للمسلمين)) (1) .

2 -

إن مفهوم السنة قديماً عند المدارس الفقهية القديمة، يعني الأمر المجتمع عليه، أو بمعنى آخر التطبيقات المثالية للجماعة، ويؤدي التسليم بهذه الحقيقة إلى أن مصطلح " السنة " لا علاقة له بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وقد بنت المدارس الفقهية القديمة مفهومها للسنة وفقاً للمعنى القديم (2) .

3 -

لم يكن الاحتجاج بالأحاديث ذات الأسانيد المتصلة إلى رسول صلى الله عليه وسلم معروفاً عند المدارس الفقهية في القرنين الأول والثاني الهجريين، وإنما بدأ هذا الأمر مع نشأة حزب معارض يقوده الإمام الشافعي يرى ضرورة إسناد الاستدلالات الفقهية إلى أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم أو أفعاله، مما أدى إلى ظهور أحاديث تفصيلية مكذوبة عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل إيجاد مصدر تشريعي

(1) المستشرق شاخت والسنة النبوية (1 / 69) .

(2)

أصول الفقه المحمدي للمستشرق شاخت دراسة نقدية (ص 10) .

ص: 15

لآراء الحزب الفقهية، إلا أن المدارس القديمة حاولت أن تقاوم هذا الحزب المعارض الجديد، ولكنها رأت أن ذلك أصبح صعباً؛ للقبول العام الذي وجده في الأوساط العامة، مما أدى حسب رأي " شاخت " أن تلك المدارس شاركت أيضاً في الكذب والوضع على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حتى تضمن الانتصار في المناظرات العنيفة مع الخصوم والمخالفين (1) .

4 -

بدأ الإسناد عند المسلمين بالظهور في أوائل القرن الثاني، أو أواخر نهاية القرن الأول الهجري (2) .

5 -

نتيجة لما تقدم يرى " شاخت " أنه قد أصبح من عادة العلماء - وبدون استثناء كما يظهر من عباراته - خلال القرنين الثاني والثالث الهجريين أن ينسبوا عباراتهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بذكر أسانيد اعتباطية تفتقر للتسويغ المنطقي الذي يدل على التنظيم والعناية (3) .

6 -

تم تطوير الأسانيد بشكل تدريجي من خلال التزوير والوضع. لقد كانت الأسانيد المتقدمة غير مكتملة (يعني: فيها إرسال، أو موقوفة، أو مقطوعة، أو منقطعة) ، لكن تم ملء كل الفراغات في وقت تدوين المصنفات المشهورة التي تسمى بالمجموعات التقليدية كالكتب الستة ومسند أحمد وأمثالها (4) .

(1) أصول الفقه المحمدي في كتابات الغربيين (ص650، 651، 652، 659، 661) ، وأصول الفقه المحمدي للمستشرق شاخت دراسة نقدية (ص 11) .

(2)

أصول الفقه المحمدي للمستشرق شاخت دراسة نقدية (ص 288) .

(3)

السابق (ص 289) .

(4)

السابق.

ص: 16

7 -

الأسانيد العائلية مثل عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وبهز ابن حكيم عن أبيه عن جده، كلها مختلقة سنداً ومتناً (1) .

8 -

كل حديث في إسناده راو مشترك (يعني الراوي الذي عليه مدار السند) ، يدل أن ذلك الراوي هو الذي اختلق سند ذلك الحديث (2) .

9 -

ابتكر " شاخت " قاعدة؛ ليستدل بها على أن كثيراً من الأحاديث لم تكن إبان فترة الإسلام الأولى، ونص هذه القاعدة:"السكوت عن الحديث في موطن الاحتجاج دليل على عدم وجوده"، ويوضح رأيه بجلاء في هذا النص حيث يقول:((إن أفضل سبيل لإثبات عدم وجود حديث ما في وقت من الأوقات، يكون بإثبات أن ذلك الحديث لم يستخدم دليلاً شرعياً في حجاج - يعني في مسألة خلافية - في الوقت الذي يكون الاستدلال به أمراً لازماً، هذا إذا كان الحديث نفسه موجوداً)) (3) .

10 -

النتيجة النهائية التي هي خلاصة آراء " شاخت " في السنة النبوية أنه لا يمكن الحكم بصحة أي حديث من أحاديث الأحكام المروية بالسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول:((من العسير أن يُعد أي من هذه الأحاديث صحيحاً فيما يتعلق بمسائل التشريع الديني)) (4) .

وفي ذلك يقول الأعظمي: ((وخلاصة ما وصل إليه من نتائج أنه ليس هناك حديث واحد صحيح، وخاصة الأحاديث الفقهية)) (5) .

(1) السابق.

(2)

السابق.

(3)

توثيق الأحاديث النبوية نقد قاعدة شاخت (ص 697) .

(4)

السابق.

(5)

دراسات في الحديث النبوي (ص ي) .

ص: 17

إن مجمل آراء هذا الرجل في السنة النبوية تؤكد حقيقة واحدة هي أن مجموع الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هي في واقع الأمر إلا نتاج تزييف ديني واسع النطاق (1) ، وعليه فإن علماء المسلمين من فقهاء ومحدثين - من وجهة نظره الفاسدة - إنما هم مجموعة من الكذابين.

(1) توثيق الأحاديث النبوية نقد قاعدة شاخت (ص 695) .

ص: 18