المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(كتاب اليمين والنذر) - الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني - جـ ١٤

[أحمد البنا الساعاتي]

الفصل: ‌(كتاب اليمين والنذر)

-164 -

النهي عن الحلف بغي الله عز وجل

-----

(كتاب اليمين والنذر)

(باب في أن اليمين لا تكون إلا بالله عز وجل والنهي عن الحلف بالآباء)

(عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله عز وجل وكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم (عن سعد بن عبيدة) قال كنت مع ابن عمر في حلقة فسمع رجلا في حلقة أخرى وهو يقول لا وأبي، فرماه ابن عمر بالحصى وقال إنها كانت يمين عمر فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال أنها شرك (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال من حلف بشيء دون الله تعالى فقد أشرك، وقال الآخر وهو شرك (عن عمر رضي الله عنه أنه قال لا وأبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (عن سالم عن أبيه) أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع عمر وهو يقول وأبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فإذا حلف

(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيد بن أبي قرة ثنا سليمان يعني ابن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر الخ (غريبة) أي من كان مريدا للحلف فلا يحلف إلا بالله عز وجل، أي بأسمائه وصفاته وماعدا ذلك يكره الحلف به سواء في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم والكعبة والملائكة ونحو ذلك وجه النهي أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، والعظمة مختصة بالله تعالى حقيقة فلا يضاهي به غيره، وأما الله عز وجل فله أن يحلف بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه وأنشد في هذا المعنى:(ويقبح من سواك الشيء عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا)(تخريجه)(ق نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة الخ (غريبة) معناه أن من حلف بأبيه أو بشيء دون اسم الله عز وجل أو صفة من صفاته فقد أشرك كما صرح بذلك في الطريق الثانية (قال الحافظ) والتعبير بقوله فقد كفر أو أشرك للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك، وقد تمسك به من قال بتحريم ذلك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن أبيه والأعمش ومنصور عن سعد بنم عبيدة عن ابن عمر قال كان عمر يحلف وأبي فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم الخ معناه أن بعض الرواة قال فقد أشرك وبعضهم قال وهو شرك (تخريجه)(د ك حب مذ) وقال هذا حديث حسن ولفظه مختلف والمعنى واحد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا إسرائيل ثنا سعيد بن مسروق عن سعد ابن عبيدة عن ابن عمر عن عمر الخ (غريبة) هو اسم فعل أمر بمعنى انكفف (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما الخ

ص: 164

-165 -

النهي عن الحلف بالآباء والطواغيت

-----

أحدكم فليحلف بالله أو ليصمت قال عمر فما حلفت بها بعد ذاكرا ولا آثرا (عن عمر رضي الله عنه بنحوه) وفيه: قال عمر فو الله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ولا تكلمت بها ذاكرا ولا آثرا (وعنه أيضا) قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فحلفت لا وأبي فهتف بي رجل من خلفي فقال لا تحلفوا بآبائكم فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم (عن عبد الرحمن بن سمرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت وقال يريد والطواغي (باب ما جاء في الحلف بالكعب)(عن سعد بن عبيده) قال كنت جالسا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فجئت سعيد بن المسيب وتركت عنده

(غريبه) بضم الميم أي يسكت عن الحلف بغير الله وظاهره أن اليمين بالله عز وجل مباحة، لأن أقل مراتب الأمر الإباحة، وإليه ذهب الأكثر وهو الصحيح نقلا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلف كثيرا وأمره الله به حيث قال (قل إي وربي إنه لحق) ونظرا لأنه تعظيم لله تعالى (بمد الهمزة وكسر المثلثة أي حاكيا عن غيري أي ما حلفت بأبي عامدا ولا حاكيا من غيري، واستشكل بأن الحاكي لا يسمى حالفا، وأجيب بأن العامل محذوف أي ولا ذكرتها آثرا عن غيري، أو ضمن حلفت معنى تكلمت، أو معناه يرجع إلى التفاخر بالآباء فكأنه قال ما حلفت بآبائي بن شعيب بن أبيس حمزة قال حدثني أبي عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر فو الله الخ (تخريجه)(ق. والأربعة. وغيرهم)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله الزبيري ثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي صاح (تخريجه)(ش) سنده عن الإمام أحمد جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا هشام عن ابن عون عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة الخ (غريبة) هو جمع طاغوت وهو الصنم، ويطلق على الشيطان أيضا، ويكون الطاغوت واحدا وجمعا ومذكرا ومؤنثا قال تعالى (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها) وقال تعالى (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) معناه أن يزيد بن هارون أحد الرواة قال في روايته (والطواغي) والطواغي هي الأصنام كما قال أهل اللغة واحدها طاغية، ومنه هذه طاغية دوس أي صنمهم ومعبودهم سمى باسم المصدر لطغيان الكفار بعبادته لأنه سبب طغيانهم وكفرهم، وعلى هذا فقوله (والطواغي) عطف تفسير على الطواغيت لأنه معناه والله أعلم (تخريجه)(م نس جه)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن سعد بن عبيدة قال كنت جاسا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الخ (غريبة) يعني عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

ص: 165

-166 -

النهي عن الحلف بالكعبة وأن المشيئة لا تكون إلا الله عز وجل

-----

رجلا من كنده فجاء الكندي مروعا (أي خائفا) فقلت ما وراءك؟ قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمر آنفا فقال أحلف بالكعبة؟ فقال احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحلف بابيك فإنه من حلف بغير الله فقد أشرك (عن قتيلة بنت صيفي) الجهنية رضي الله عنها قالت أتى حبر من الأحبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون قال سبحان الله وما ذاك قال تقولون إذا حلفتم والكعبة قالت فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قالت إنه قد قال فمن قال ما شاء الله فليفصل

لفظ الترمذي فقد كفر أو أشرك، وفي بعض نسخ الترمذي فقد كفر وأشرك بواو العطف

(تخريجه)(مذ) وقال هذا حديث حسن وتفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله فقد كفر أو أشرك على التغليظ اهـ (قلت) في إسناده عند الإمام أحمد رجل لم يسم، وإنما حسنه الترمذي لأنه رواه عن سعد عن عبيدة عن ابن عمر وقد ثبت سماع سعد بن عبيدة من ابن عمر من طريق وكيع عن الأعمش، وتقدم في الحديث الثاني من الباب السابق، ورواه أيضا الحاكم في المستدرك عن عبيدة عن ابن عمر وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا يحيى المسعودي قال حدثني معبد بن خالد عن عبد الله بن يسار عن قتيلة بنت صيفي الخ (قتيلة) بضم القاف ثم تاء مثناة فوق مفتوحة ثم ياء تحتية ساكنة صحابية، قال أبو عمر كانت من المهاجرات الأول، وروى عنها عبد الله بن يسار (غريبة) بفتح الحاء المهملة وكسرها هو العالم جمعه أحبار، وكان يقال لابن عباس الحبر لعلمه وسعته، والمراد هنا عالم من علماء اليهود جاء في رواية النسائي (إن يهوديا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إنكم تنددون "أي تجعلون لله أندادا " وإنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت)(وقوله هنا لولا أنكم تشركون) أي تجعلون لله شركاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم (سبحان الله) أي أنزه الله عن أن يكون له شريك، فمعنى سبحانه التقديس والتنزيه، وتكون أيضا بمعنى التعجب فكأنه يتعجب من قول اليهودي إنهم يشركون بالله أي تقسمون بها مع أن القسم لا يكون إلا باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، فكأنهم لما أقسموا بالكعبة جعلوا لله شريكا فيما هو مختص به أي آخر الجواب عن اليهودي شيئا من الزمن (ثم قالت) يعني (إنه قد قال) تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (فمن حلف فليحلف برب الكعبة) يعني يقول ورب الكعبة لا يقول والكعبة أي مماثلا بفتح التاء المثناة من فوق يعني أنهم يشركون النبي صلى الله عليه وسلم في مشيئته فيقولون ما شاء الله وشاء محمد، وقد جاء ذلك صريحا في حديث حذيفة بن اليمان

ص: 166

-167 -

كلام العلماء في حكم من حلف باللات والعزى ومن قال لصاحبه تعال أقامرك

-----

بينهما ثم شئت (باب من حلف باللات والعزى ومن قال لصاحبه تعال أقامرك)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال في حلفه واللات فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق بشيء (عن مصعب بن سعد) عن أبيه رضي الله عنه قال حلفت باللات والعزى فقال أصحابي قد قلت هجرا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن العهد كان قريبا وإني حلفت باللات والعزى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا إله إلا الله وحده ثلاثا ثم انفث عن يسارك ثلاثا

وتقدم في الباب الأول رقم 38 من الجزء الأول في كتاب التوحيد فارجع إليه أي يفصل بينهما بلفظ ثم، فيقول ما شاء الله ثم شئت (تخريجه)(نس طب) وابن سعد وصححه النسائي وأخرجه أيضا (ك) في المستدرك وصححه وأقره الذهبي (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة الخ (غريبة) هو اسم صنم اتخذوه إلاها يعبدونه اشتقوا له إسما من أسماء الله تعالى فقالوا من الله اللات يعنون مؤنثة منه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وحكى عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أبي أنس أنهم قرءوا اللات بتشديد

التاء وفسروه بأنه كان رجلا يلث للحجيج في الجاهلية السويق فلما مات عكفوا على قبره فعبدوا إنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لا اله إلا الله لأنه تعاطى تعظيم صورة الأصنام حين حلف بها: فقوله لا اله إلا الله ينافي تعظيم الأصنام: وفيه رجوع إلى الله عز وجل واعتراف له بالوحدانية، وللعلماء كلام منهما أن يغلب على صاحبه في فعل أو قول ليأخذ مالا جعلاه للغالب: وهذا حرام بالإجماع، إلا أنه استثنى منه سباق الخيل بالكيفية التي تقدمت في بابه (وقوله بشيء)(تخريجه)(ق نس. وغيرهم)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه الخ (مصعب) أبوه سعد بن أبي أبي وقاص الصحابي أحد العشرة المبشرين بالجنة (غريبة) أي بلا قصد بل على طريق جري العادة بينهم لأنهم كانوا قريبي عهد بالجاهلية بدليل قوله إن العهد كان قريبا، واللات تقد الكلام عليه (والعزى) مشتقة من العزيز قال بن جرير كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف كانت قريش يعظمونها كما قال أبو سفيان يوم أحد. لنا العزي ولا العزى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا الله مولانا ولا مولا لكم بضم فسكون هو القبيح من الكلام زاد النسائي لا شريك له، وإنما أمره بذلك استدراكا لما فاته من تعظيم الله تعالى في محله ونفيا من تعظيم الأصنام صورة، وأما من قصد الحلف بالأصنام تعظيما لها فهو كافر نعوذ بالله من ذلك أي إتفل كما صرح بذلك في رواية

ص: 167

-168 -

حكم من حلف بملة سوى الإسلام

-----

وتعوذ ولا تعد (باب من حلف بملة سوى الإسلام ومن قال أنه برئ من الإسلام)(عن ثابت بن الضحاك) الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف بملة سوى الإسلام كاذبا فهو كما قال (عن ابن بريدة عن أبيه) قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم من حلف أنه بريئ من الإسلام فإن كان كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما (باب من حلف باسم من أسماء الله عز وجل أو صفة من صفاته)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه سمع رسول اله صلى الله عليه وسلم قال والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كانت

النسائي ولفظه (وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات واتفل عن يسارك ثلاث مرات ولا تعدله)(تخريجه)(نس جه) وسنده حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا هشام ويزيد قال أنا هشام قال حدثني يحيى عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعن المؤمن كقتله: ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به في الآخرة، وليس على رجل مسلم نذر فيما لا يملك، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله، ومن حلف بملة سوى الإسلام الخ (غريبة) الملة بكسر الميم وتشديد اللام الدين والشريعة، وهي نظرة في سياق الشرط فتعم جميع الملل من أهل الكتاب كاليهودية والنصرانية ونحوهم زاد مسلم وابن ماجة متعمدا: وظاهره أنه في اليمين على الماضي إذ الكذب حال اليمين يظهر فيه: ويمكن أن يقال كاذبا حال المقدرة: أي مقدار كذبه فينطبق على اليمين في المستقبل (فهو كما قال) ظاهره أنه يصير كافرا بضعفه في دينه وخروجه عن الكمال فيه (قال القاضي عياض) يستفاد من ذلك أن الحالف متعمدا إن كان مطمئن القلب بالإيمان وهو كاذب في التعظيم لها احتمل (تخريجه)(ق نس مذ جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب من كتابه حدثني حسين (بن واقد) حدثني ابن بريدة عن أبيه الخ (غريبة) قال الحافظ يحتمل أن يكون المراد بهذا الكلام التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم كأنه قال فهو مستحق مثل عقاب ما قال، ونظيره (من ترك الصلاة فقد كفر) أي استوجب عقوبة من كفر، وقال ابن المنذر ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر بل المراد أنه كاذب كذب المعظم لتلك الجهة أي فيما علق عليه البراءة (فلن يرجع إلى الإسلام سالما) أي من اللوم لأنه بقوله هذا خرج عن الحد الكمال والله أعلم (تخريجه)(نس جه) وصححه النسائي (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث حيث أقسم صلى الله عليه وسلم باسم الله، وفيه استحباب كثرة الاستغفار والتوبة كل يوم وإن لم يذنب (تخريجه)(خ وغيره)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع

ص: 168

-169 -

كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم

-----

يمين النبي صلى الله عليه وسلم التي يحلف عليها: لا ومقلب القلوب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كنا مع رسول اله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فلما قمنا معه، فجاء أعرابي فقال أعطني يا محمد، قال فقال لا وأستغفر الله، فجذبه فخدشه قال فهموا به، قال دعوه، قال ثم أعطاه، قال وكانت يمينه أن يقول لا وأستغفر الله (وفي حديث عبد الله بن مسعود) قال: قام فينا رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال والذي لا اله إلا غيره لا يحل دم رجل مسلم الحديث (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه

ثنا سفيان عن موسى قال وكيع نرى أنه ابن عقبة عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبة) المراد باليمين المحلوف به: وقوله عليها بمعنى بها لا نفي الكلام السابق، ومقلب القلوب هو المقيم به، والمراد بتقلب القلوب تقلب أحوالها لا ذواتها، وفيه جواز تسمية الله عز وجل بما ثبت من صفاته على وجه يليق به، قال القاضي أبو بكر بن العربي في الحديث جواز تسمية الله عز وجل بما ثبت من صفاته على وجه يليق به، قال القاضي أبو بكر بن العربي في الحديث جواز الحلف بأفعال الله تعالى إذا وصف بها ولم يدرك اسمه تعالى والله أعلم، قال الراغب تقليب القلوب والأبصار صرفها عن رأي إلى رأي، قال ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة (تخريجه)(خ والأربعة وغيرهم) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب القرشي عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول كنا مع رسول اله صلى الله عليه وسلم في المسجد الخ (غريبة) قال الطبي الوجه في معناه أن يقال أن الواو في قوله واستغفر الله للعطف وهو يقتضي معطوفا عليه محذوفا والقرينة لفظ- لا- لأنها لا يخلوا إما أن تكون توطئة للقسم كما في لا أقسم، أورد للكلام السابق وإنشاء، وعلى كلا التقديرين المعنى لا أقسم بالله وأستغفر الله، ويؤيده ما قال المظهر من قوله إذا حلف رسول اله صلى الله عليه وسلم يمين اللغو كان يقول وأستغفر الله عقبة تداركا لما جرى على لسانه من غير قصد وإن كان الأمر على خلاف ذلك، وذلك وإن لم يكن يمينا لكنه مشابه من حيث أنه أكد الكلام فلذلك سماه يمينا والله أعلم (تخريجه)(د جه) وسنده جيد سيأتي حديث عبد الله بن مسعود بطوله وسنده وسرحه في باب ما يبيح دم المسلم من كتاب القتل والجنايات وهو حديث صحيح رواه (م. والثلاثة) هذا موضع الدلالة من الحديث حديث أبي هريرة تقدم بتمامه وسنده وشرحه في باب الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الأيمان رقم 71 صحيفة 101 من الجزء الأول وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره هذا موضع الدلالة من الحديث، والواو فيه للقسم والذي مبتدأ، وهو صفة لموصوف لم يذكر: تقديره والله الذي (وقوله نفس محمد) مبتدأ ثاني (بيده) من المتشابه المفوض علمه إلى الله عز وجل على طريقة السلف وهي أسلم

ص: 169

-170 -

الحلف بعزة الله عز وجل وصفاته

-----

الأمة الحديث (وعنه أيضا) من حديث طويل في قصة آخر رجل يخرج من النار، قال ويبقى رجل يقبل بوجهه إلى النار، فيقول أي رب قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فاصرف وجهي عن النار، فلا يزال يدعو حتى يقول فلعلى إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره، فيقول لا، وعزتك لا أسألك غيره الحديث (وجاء في حديث الإفك) أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فاستعذر من عبد الله بن أبي، فقام أسيد بن حضير، فقال لسعد بن عبادة رضي الله عنهما لعمر الله لنقتلنه الحديث (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة على قوم فطعن الناس في إمارته، فقال أن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه وإيم الله إن كان لخليقا للإمارة الحديث (باب) الاستثناء في اليمين والتورية والرجوع إلى النية) (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع (عن ابن عمر)

سيأتي هذا الحديث بطوله وسنده وشرحه في باب صفة النار من كتاب القيامة إن شاء الله تعالى، وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما (غريبة) أي سمني وكل مسموم وقشيب ومقشب: والمراد هنا الريح الكريهة التي يتأذى منها الذكاء شدة وهج النار يقال ذكيت النار (بالتشديد) إذا أتمت إشعالها ورفعتها، وذكت النار (بالتخفيف) أي اشتعلت هذا موضع الدلالة من الحديث ومعنى العزة القدرة والعظمة وهي صفة من صفات الذات، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مقررا له دليل على جواز الحلف به والله أعلم سيأتي حديث الإفك بتمامه وسنده وشرحه في غزوة بني المصطلق من أبواب الغزوات، وفي مناقب عائشة من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى، وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما هذا موضع الدلالة من الحديث وهو بفتح العين وسكون الميم العمر (بضم العين) قال في النهاية ولا يقال في القسم إلا بالفتح، وقال الراغب العمر بالضم والفتح واحد عمرك. وقال أبو القاسم الزجاجي العمر الحياة: فمنت قال لعمر الله فكأنه قال أحلف ببقاء الله واللام للتوكيد والخبر محذوف أي ما أقسم به، ومن ثم قالت المالكية والحنفية تنعقد بها اليمين لأنم بقاء الله تعالى ممن صفة ذاته اهـ (قلت) وللأئمة خلاف في ذلك ذكرته في الشرح الكبير حديث ابن عمر سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب مناقب أسامة بن زيد من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث لأن هذه الكلمة من الألفاظ القسم وفيها لغات كثيرة وتفتح همزتها وتكسر، وهمزتها وصل وقد تنقطع، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين، وغيرهم يقول هي اسم موضوع للقسم، وحكى أبو عبيدة أن أصلحا يمين الله، وتجمع على أيمن، فيقال وأيمن الله، ومن ذهب إلى ذلك إلى جعل همزتها همزة قطه، وذهب المبرد إلى أنها عوض من واو القسم وأن معنى قوله واسم الله، والله لأفعلن، ونقل عن ابن عباس أن يمين الله من أسماء الله

ص: 170

-171 -

الاستثناء في اليمين ومن قال إن شاء الله لم يحنث

-----

رضي الله عنهما قال أيوب لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف فاستثنى فهو بالخيار إنشاء أن يمضي على يمينه، وإن شاء أن يرجع غير حنث أو قال غير حرج (وعنه من طريق ثنا) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فهو بالخيار إن شاء فليمض وإن شاء فليترك (عن ابن عمر) رضي اله عنه عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث (عن سويد بن حنظلة) رضي الله عنه قال خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن جحر، فأخذه عدو له فتحرج الناس أن يحلفوا

ومنه قول امرئ القيس، فقلت يمين الله أبرح قاعدا. ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي. ومن ثم قالت المالكية والحنفية إنه يمين: وعند الشافعية أن نوى اليمين انعقدت: وإن نوى غير اليمين لم تنعقد يمينا: وإن أطلق فوجهان لا تنعقد إلا أن نوى، وعن الإمام أحمد روايتان أصحهما الانعقاد والله سبحانه وتعالى أعلم (غريبة) هو ابن أبي تميمة ثقة ثبت حجة قاله الحافظ في التقريب (وقوله لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن هذا الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني بقوله إن شاء الله كما صرح بذلك في الطريق الثانية بكسر المهملة وسكون النون أي من غير حنث في يمينه سواء فعل المحلوف عليه أو لم يفعل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان وهيب ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د مذ نس جه) وحسنه الترمذي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د فع نس مذ جه) وحسنه الترمذي وقد اختلف في رفعه ووقفه ورواه الحاكم أيضا في المستدرك من طريق كثير بن فرقد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا وقال هذا حديث صحيح ولم يخرجاه هكذا (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة الخ: وقال في آخره بعد قوله لم يحنث (قال عبد الرزاق وهو اختصره يعني معمرا) اهـ (قلت) سيأتي الحديث بطوله غير مختصر في ذكر نبي الله سليمان بن داود من كتاب أحاديث الأنبياء إن شاء الله تعالى (غريبة) أي سواء فعل المحلوف عليه أو تركه، وفيه دلالة على أن التقييد بمشيئة الله تعالى مانع من انعقاد اليمين أو يحل انعقادها: وللعلماء كلام في ذلك ذكرته في الشرح الكبير (أنظر القول الحسن شرح بدائع المنن ص 142 جزء ثان)(تخريجه)(خ وغيره)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا إسرائيل بن يونس ابن أبي إسحاق قال ثنا إبراهيم بن عبد الأعلى عن جدته عن أبيها سويد بن حنظله الخ (غريبة) الحرج معناه الإثم والضيق، يقال تحرج فلان إذا فعلا يحرج به (من الحرج) وهو الإثم والفسق.

ص: 171

-172 -

التورية في اليمين والتغليظ في الإيمان الكاذبة

-----

وحلفت أنه أخي فخلى عنه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال أنت كنت أبرهم وأصدقهم صدقت صدقت، المسلم أخو المسلم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينك على ما يصدقك به صاحبك (وفي لفظ)(بما يصدقك به صاحبك)

(باب التغليظ في اليمين الفاجرة وتعظيمها على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عبد الله بن مسعود) رصي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين يقتطع بها مال مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، وقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أو لائك لأخلاق لهم في الآخرة)

والمعنى إنهم امتنعوا عن الحلف خوفا من الوقوع في الإثم يعني أخوة الإسلام ويشترك في ذلك الحر والعبد، ويبر الحالف إن هذا المسلم أخوه ولا سيما إذا كان في ذلك قربة: وهي منع الإيذاء عن أخيه المسلم في حديث الباب، ولهذا استحسن النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك وقال أنت كنت أبرهم وأصدقهم ولذا قيل إن المعاريض المندوحة، قال الجوهري المعاريض هي خلاف التصريح: وهي التورية بالشيء عن الشيء، والمندوحة السعة (تخريجه)(د جه) ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أنا هشيم بن بشير أنا عبد الله بن صالح ذكوان عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة أي حلفك وهو مبتدأ خبره قوله (على ما يصدقك به صاحبك) أي خصمك ومدعيك ومحاورك كذا في المرقاة، لكن جاء في رواية مسلم عن أبي هريرة أيضا مرفوعا (اليمين علة نية المستحلف) وهو يفيد أن الاعتبار بقصد المحلف من غير فرق بين أن يكون المحلف هو الحاكم أو الغريم: وبين أن يكون المحلف ظالما أو مظلوما صادقا أو كاذبا، وقيل هو مقيد بصدق المحلف فيما ادعاه، أما لو كان كاذبا كان الاعتبار بنية الحالف (وقال ابن الملك) في شرحه يعني من استحلف غيره على شيء ونوى الحالف في حلفه غير ذلك الشيء سواء كان متبرعا في يمينه أو بقضاء يعتبر فيه نية المستحلف لا نية الحالف وتوريته، وهذا إذا استحلفه القاضي بالله، وأما إذا استحلفه بالطلاق فيعتبر فيه نية الحالف لأن القاضي ليس له إلزام الحالف بالطلاق اهـ (تخريجه)(م د مذ جه قط)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن جامع عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) يفتعل من القطع كأنه قطعة عن صاحبه أو أخذ قطعة من ماله بسبب الحلف المذكور (وقوله مال مسلم) قيد اتفاقي لا احترازي فالذمي كذلك حكمه حكم المسلم في ذلك أي يعامله معاملة المغضوب عليهم مصداق الشيء ما يصدقه أي يستبدلون (بعهد الله) إليهم في الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وأداء الأمانة (وإيمانهم) حلفهم به تعالى كاذبين أي متاعا من متاع الدنيا الزائل سواء كان قليلا أو كثيرا، وعبر بالقليل لأنه مهما كثر فهو قليل بالنسبة لمتاع الآخرة أي

ص: 172

-173 -

التغليظ في الإيمان الكاذبة ووعيد من حلف كاذبا

-----

ولا يكلمهم الله (وعنه من طريق ثان وزاد) قال فخرج الأشعث بن قيس يقرؤها قال في أنزلت هذه الآية، إن رجلا ادعى ركيالي فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال شاهداك أو يمينه فقلت أما إنه إن حلف حلف فاجرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمينه فقلت أما إنه إن حلف حلف فاجرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين صبرا يستحق بها مالا لقي الله وهو عليه غضبان (عن عدي بن عميرة) الكندي قال خاصم رجل من كندة يقال له امرؤ القيس بن عابس رجلا من حضر موت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض، فقضى على الحضرمي بالبنية فلم تكن له بينة، فقضى على امرئ القيس باليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أخيه لقي الله وهو عليه غضبان، قال رجاء وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) فقال امرؤ القيس ماذا لمن تركها يا رسول الله؟ قال الجنة، قال فاشهد أني قد تركتها له كلها (عن أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه قال اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه

لا نصيب لهم من الكرامة في الآخرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي ثنا منصور عن شقيق عن عبد الله بن مسعود قال من حلف على يمين صبرا يستحق بها مالا وهو فيها فاجر لقى الله وهو عليه غضبان، وإن تصديقها لفي القرآن (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) إلى آخر الآية قال فخرج الأشعث بن قيس الخ بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء التحتية، ويقال ركية بالتأنيث وهي البئر: والمعنى أن الرجل إدعى البئر له قال النووي معناه لك ما يشهد به شاهداك أو يمينك أي كاذبا يمين الصبر هي التي ألزم بها الحالف عند حاكم ونحوه وأصل الصبر هو الحبس والإمساك (تخريجه)(ق. فع والأربعة وغيرهم)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن جرير بن حازم قال ثنا عدي بن عدي قال أخبرني رجاء بن حيوة والعرس ابن عمرة عن أبيه عدى الخ (قلت) الضمير في قوله عن أبيه عدى يرجع إلى عدى بن عميرة الصحابي والدي (عدي) بن عدي، والمعنى أنهما حدثنا عدي بن عدي عن أبيه عدي بن عميرة (غريبة) هو ابن حيوه أحد رجال السند في رواية أخرى فنزلت (ظعن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) إلى آخرها (تخريجه)(نس قط) ورجاله كلهم ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله أبي ثنا حسين بن علي عن جعفر بن رقان عن ثابت بن الحجاج عن أبي موسى الأشعري قال اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض أحدهما من أهل حضر موت قال فجعل يحلف أحدهما، قال فضج الآخر وقال أنه إذا يذهب بأرضي، فقال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم إن هو اقتطعها بيمينه ظلما كان ممن لا ينظر الله عز وجل إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم، قال وورع الآخر فردها (تخريجه) (بز

ص: 173

-174 -

وعيد من حلف عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كاذبا

-----

(عن أبي هريرة) رضي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للكسب (وفي لفظ للبركة)(عن عمران بن حصين) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين كاذبة مصبورة متعمدا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار (عن أبي سود) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: اليمين الفاجرة يقتطع بها الرجل مال المسلم تعتقم الرحم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد أو أمة يحلف عند هذا المنبر على آثمة ولو على سواك رطب إلا وجبت له نار

عل طب طس) وحسن الهيثمي إسناده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن العلاء، وابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح الميم والفاء بينهما نون ساكنة من نفق البيع إذا راج ضد كسد (للسلعة) بكسر السين المهملة المتاع وما يتجر به (وقوله ممحقة) بفتح الميم والحاء المهملة بينهما ميم ساكنة من المحق أي مذهبة للكسب أي البركة كما صرح بذلك في اللفظ الآخر: وهو لابن جعفر أحد رجال السند، وجاء كذلك في رواية الشيخين (تخريجه)(ق د نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا هشام عن محمد عن عمران بن حصين الخ (غريبة) أي ألزم بها وحبس عليها من جهة الحاكم، وقيل لها مصبورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور كأنه إنما صبر من أجلها، أي حبس فوصفت بالصبر وأضيفت إليه مجازا أي فلينزل خارا بوجهه منزله من النار، يقال بوأه الله منزلا أي أسكنه إياه وتبوأت منزلا أي اتخذته، والمباءة المنزل (نه)(تخريجه)(د طب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى ابن آدم ثنا ابن المبارك عن معمر عن شيخ من بني تميم عن أبي سود (بضم السين المهملة وسكون الواو) التميمي الخ، ولم يقع لأبي سود في مسند الإمام أحمد إلا هذا الحديث (غريبة) أي الكاذبة يريد أنها تقطع الصلة والمعروف بين الناس: ويجوز أن يحمل على ظاهره (نه)(تخريجه)(طب) وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات: وأخرجه أيضا البغوي وابن منده وابن السكن عن معمر بإسناده الإمام أحمد، قاله الحافظ في الإصابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن بن يزيد بن فروخ الضمري من أهل المدينة قال سمعت أبا سلمة يقول سمعت أبا هريرة يقول أشهد الخ (غريبة) يعني منبر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما خص المنبر لزيادة حرمته ولأنه في أشرف بقعة من الأرض فقد ورد (مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي) رواه (ق. والإمام أحمد)(وقوله آثمة) أي كاذبة والمراد إثم صاحبها بكذبة ذكر السواك الرطب مبالغة في أن اليمين الكاذبة توجب لصاحبها النار ولو كانت على شيء تافه (تخريجه)(ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال

ص: 174

-175 -

قصة الرجل الذي حلف كاذبا وغفر الله له

-----

(عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلف أحد على منبري كاذبا (زاد في رواية يستحق بها مسلم) إلا تبوأ مقعده من النار (باب من حلف كاذبا وغفر الله له)(عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم المدعي البينة فلم يكن له بينة، فاستحلف المطلوب فحلف بالله الذي لا اله إلا هو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك قد فعلت (وفي لفظ قد حلفت) ولكن غفر الله لك بإخلاصك قول لا اله إلا الله (وعنه من طريق ثان) قال اختصم إلى الني صلى الله عليه وسلم رجلان، فوقت اليمين على أحدهما، فحلف بالله الذي لا اله إلا هو ماله عنده شيء، قال فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال كاذب، إن له عنده حقه، فأمره أن يعطيه حقه، وكفارة يمينه معرفة أن لا إله إلا الله أو شهادته (عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (بابا الأمر بإبرار المقسم والرخصة في ترك للعذر ومن كذب بصره وصدق الحالف)(عن مجاهد) قال كان رجل من المهاجرين

الهيثمي رجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق حدثني مالك عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص قال سمعت عبد الله بن نسطاس يحدث عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه)(دك) والإمامان وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس الخ (غريبة) يريد أنه ما فعل المخلوف عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قد فعلت (وفي لفظ قد حلفت) يعني كاذبا وقد علم ذلك بالوحي كما في الطريق الثانية معناه أن الله عز وجل غفر لهذا الرجل ذنب الحلف به كاذبا لأنه علم منه الإخلاص في التوحيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى الأعرج عن ابن عباس قال اختصم الخ أي المدعى عليه لأن المدعى عجز عن الإتيان بالبينة هذا يفيد أنه صلى الله عليه وسلم ألزمه بالدعوى وبطلان يمينه بمقتضى الوحي ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان أحيانا يقضي بالوحي أيضا أو للشك من الراوي قال أبو داود ويراه من هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالكفارة (تخريجه)(د نس هق) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان حدثنا حماد يعني ابن سلمة قال أخبرنا ثابت عن عبد الله بن عمران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل فعلت كذا وكذا؟ قال لا والذي لا اله إلا هو ما فعلت، قال فقال له جبريل عليه السلام قد فعل، ولكن غفر له بقول لا اله إلا الله، قال حماد لم يسمع هذا من ابن عمر. بينهما رجل. يعني ثابتا (تخريجه)(هق) وهو ضعيف لانقطاعه كما صرح بذلك حماد في آخر الحديث، قال البيهقي وروى من وجه آخر مرسلا (باب)(سنده) عبد الله

ص: 175

-176 -

الأمر بإبرار القسم

-----

يقال له عبد الرحمن بن صفوان، وكان له بلاء في الإسلام حسن، وكان صديقا للعباس، فلما كان يوم فتح مكة جاء بأبيه إلى رسل الله صلى الله عيه وسلم فقال يا رسول الله بايعه على الهجرة فأبى وقال إنها لا هجرة فانطلق إلى العباس وهو في السقاية، فقال يا أبا الفضل أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي يبايعه على الهجرة فأبى، قال فقام العباس معه وما عليه رداء، قال فقال يا رسول الله قد غرفت ما بيني وبين فلان وأتاك بأبيه لتبايعه على الهجرة فأبيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها لا هجرة: فقال العباس أقسمت عليك أن لتبايعنه، قال فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال، فقال له هات أبررت قسم عمي ولا هجرة (عن عائشة رضي الله عنها قالت أهدت إليها امرأة تمرا في طبق فأكلت بعضا وبقى بعض، فقالت أقسمت عليك إلا أكلت بقيته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبريها فإن الإثم على المحنث (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع قال فذكر ما أمرهم من عيادة المريض وإتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام وإبرار المقسم الحديث (عن ابن عباس) رضي الله عنهما في حديث رؤيا أعبرها (أي فسرها) أبو بكر رضي الله عنه

حدثني أبي ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد الخ (غريبة) يعني على الهجرة من مكة إلى المدينة: وهذا يشعر بأن أباه لم يهاجر معه ولم يسلم إلا حين فتح مكة يعني بعد فتح مكة كما صرح بذلك في بعض الروايات لصيرورتها إسلام: أوالي المدينة من أي موضع كان لظهور عزة الإسلام، وكانت الهجرة قبل ذلك واجبة على كل مسلم، فلما فتحت مكة انتفى وجوب الهجرة إلى المدينة، وأما الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ونحوها فهي واجبة على الدوام أي في مكان سقاية الحاج يسقي الناس معناه لم ينتظر أن يلبس رداءه لشدة اهتمامه بأمر صاحبه أي بايعه إبرارا لقسم عمه العباس ولكن لم يأذن له بالهجرة، وفيه أن قول القائل أقسمت أقسمت عليك قسم في حقه والله أعلم (تخريجه) (جه خز) وأبو نعيم وابن نعيم وابن السكن كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد وفيه كلام: أخرج له مسلم في المتابعات وضعفه الجمهور (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب قال ثنا معوية بن صالح قال أخبرني أبو الزاهرية عن عائشة الخ (غريبة) بضم الميم وكسر النون بينهما حاء مهلمة ساكنة اسم فاعل، أي أبريها في قسمها بأكل ما حلفت عليه فإن الإثم على المتسبب في الحنث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح هذا طرف من حديث سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب السباعيات من كتاب الأدب والحكم والمواعظ (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث ومعنى إبرار المقسم أن يفعل ما أراد الحالف ليصير بذلك بارا إذا لم يكن فيه محظور شرعا وإلا فلا (تخريجه) (ق: وغيرهما) هذا طرف من حديث طويل

ص: 176

-177 -

الرخصة في ترك إبرار المقسم- ومن كذب بصره وصدق الحالف

-----

أمام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال بعد تعبيرها أصبت يا رسول؟ قال أصبت وأخطأت قال أقسمت يا رسول الله لتخبرني فقال لا تقسم (وعنه أيضا) أن أبا بكر رضي الله عنه أقسم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تقسم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عيسى بن مريم عليه السلام رجلا يسرق، فقال له عيسى سرقت؟ قال كلا والذي لا إله إلا هو، قال عيسى آمنت بالله وكذبت عيني

(باب من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه)(عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكن عن يمينه (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها

سيأتي بسنده وطوله وشرحه في الباب الخامس من كتاب تعبير الرؤيا إن شاء الله تعالى (غريبة) لفظ البخاري فأخبرني يا رسول اله بأبي أنت وأمي أصبت أم أخطأت؟ فقال أصبت بعضا وأخطأت بعضا، قال فوا لله لتحدثني بالذين أخطأت، قال لا تقسم، وسيأتي إيضاح ذلك في شرح الحديث في الباب المشار إليه آنفا لأن المراد هنا ما يناسب الترجمة فقط، وهوان أبا بكر رضي الله عنه أقسم ولم يبر النبي صلى الله عليه وسلم قسمه مع أنه صلى الله عليه وسلم حض على إبرار القسم، وقد جمع العلماء بين ذلك بأن البر وعدمه يوران مع المصلحة وجودا وعما أي لا تحلف (تخريجه) (ق د مي) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن عبيه الله عن ابن عباس أن أبا بكر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد ويعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث (منها) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي آمنت بأنه بأنه عظيم ينبغي تصديق من حلف به (وكذبت عيني) أي فإن العين قد تخطئ فيمكن تصديق الحالف بتخطئتها، فمقتضى تعظيمه تعالى أن يصدق الحالف به تخطئة البصر (جه) ورجاله من رجال الصحيحين (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى، قال عبد الله وسمعته أنا من الحكم بن موسى ثنا مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر والخ (غريبة) سمى المحلوف عليه يمينا لتلبسه باليمين كأن يحلف أن لا يكلم والده مثلا أو ولده فإن فيه قطع الرحم يعني كلام والده أو ولده مثلا أي الذي يكون فعله خيرا من المضي في اليمين المذكرة (وليكفر عن يمينه) أي يؤد الكفارة وفيهع ندب الحنث إذا كان خيرا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير، وفيه مسلم ابن خالد الزنجي وثقة ابن حبان وغيره وضعفه أحمد وغيره (سنده) حدثنا عبد الله حدثني

ص: 177

-178 -

من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه

-----

فكفارتها تركها (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن أبي الأحوص) عن أبيه (مالك بن نضلة رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم إلا ما تدعو قال إلى الله والرحم، قلت يأتني الرجل من بنى عمى فأحلف أن لا أعطيه شيئا، ثم أعطيه ثم أعطيه، قال فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير، أرأيت لو كان لك عبدان أحدهما يطيعك ولا يخونك ولا يكذبك، ولا يكذبك، والآخر يخونك ويكذبك، قال قلت لا بل الذي لا يخونني ولا يكذبني ويصدقني الحديث أحب إلى، قال كذا كم أنتم عند ربكم عز وجل (عن عبد الرحمن بن سمرة) رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن بن سمرة إذا آليت على يمين فرأيت غيرها منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك

أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أدراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) يستفاد منه أن كفارتها ترك العمل بمقتضاها إذا كان الترك خيرا، قال أبو داود والأحاديث كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم (وليكفر عن يمينه) إلا ما لا يعبأ به (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث أبي سعيد وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام، لكن أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا خليفة بن خياط حدثني عمرو بن شعيب عن أبه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فتركها كفارتها (تخريجه) (د جه) رواه أبو داود مطولا وسنده عند الامام أحمد وأبي داود جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان بن عيينة مرتين قال ثنا أبو الزعراء عمرو بن عمرو عن عمه أبي الأحوص عن أبيه فذكر حديثا سيأتي قي باب النهي عن قتل الحيوان والإنسان صبرا الخ من كتاب القتل والجنايات: وفيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم إلى ما تدعو إلى آخره (غريبة) أي إلى توحيد الله عز وجل وعبادته وصلة الرحم لفظ النسائي قال قلت يا رسول الله أرأيت ابن عم لي أتيته أسأله فلا يعطيني ولا يصلني ثم يحتاج إلى فيأتيني فيسألني وقد حلفت أن لا أعطيه ولا أصله الخ، وهذا واضح المعنى يعني أيهما أحب إليك، والظاهر أن هذه الجملة أو نحوها سقط من النسخ أو حذفت للعلم بها ب\مما بعدها والله أعلم (تخريجه) (نس جه) مختصرا ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا منصور عن يونس عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة الخ (وله حديث آخر من طريق عفان وأسود سيأتي في باب النهي عن طلب الإمارة من كتاب الخلافة والإمارة لتعلقه بها) وزاد عبد الله لبن الامام أحمد في آخره: فقال: قال أبي اتفق عفان وأسود في حديثهما فقال (فكفر عن يمينك ثم أئت الذي هو خير) وقال وأبو الأشهب عن الحسن في هذا الحديث فبدأ بالكفارة (قلت) وهو صريح في تقديم الكفارة على الحنث واللائمة خلاف في ذلك ذكرته في الشرح الكبير (غريبة) بمد الهمزة أي حلفت وقد صرح بذلك في رواية أبي داود (وقوله على يمين) أي محلوف عليه (تخريجه)

ص: 178

-179 -

قصة أبي موسى الأشعري مع الرجل الذي لم يأكل الدجاج

-----

(عن عدي بن حاتم الطائي) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت هو خير وليكفر عن يمينه (وعنه من طريق ثان بنحوه، وفيه وليترك يمينه بدل وليكفر عن يمينه (عن تميم بن طرقة) قال سمعت عدي بن حاتم وأتاه رجل يسأله مائة درهم، فقال تسألني مائة درهم وأنا ابن حاتم؟ والله لأعطيك، ثم قال لولا أي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حلف على يمين ثم رأي غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير (عن زهدم الجرمي) قال كنا عند أبي موسى فقدم في طعامه لحم دجاج، وفي القوم رجل من بني تيم الله أحمر كأنه مولى فلم يدن، قال له أبو موسى ادن فإني قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منه، قال إني رأيته يأكل شيئا فقدرته فحلفت أن لا أطعمه أبدا، فقال ادن أخبرك عن ذلك، إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله وهو يقسم نعما من نعم الصدقة، قال أيوب أحسبه قال وهو غضبان، فقال لا والله

(ق. د نس وغيرهم)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن عمرو مولى الحسن بن علي يحدث عن عدي بن حتم الطائي الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة أخبرني عبد العزيز بن رفيع قال سمعت تميم بن طرفة الطائي يحدث عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرهما خيرا منها فليأت الذي هو خير وليترك يمينه (غريبة) ظاهر هذه الرواية أن ترك اليمين وإتيان الذي هو خير هو الكفارة وليس كذلك، بل المراد بالترك الحنث أي فليحنث بها ثم ليكفر أخذا من الطريق الأولى الموافقة لجميع الروايات والله أعلم (تخريجه)(م نس) بطريقيه، وأخرج الطريق الأولى (جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ثنا سماك عن تميم ابن طرفة الخ (غريبة) معناه كيف تسألني مائة درهم فقط وأنا ابن حاتم يعني حاتم الطائي الجواد المشهور بالكرم، فكأنه استقل ما سأله ولذلك غضب وحلف أن لا يعطيه جواب لولا محذوف في هذه الرواية وكذلك في رواية عند مسلم: وتقديره ما أعطيتك ثم أعطاه (زاد في رواية لمسلم) ولك أربعمائة في عطائي (تخريجه)(م نس جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عبد الله بن قيس اسم قبيلة ويقال لها أيضا تيم اللات قال الداودي يعني أنه من سبي الروم (وقوله قلم يدن) أي ليقرب من الطعام ليأكل منه أي من جنس الدجاج بكسر الذال المعجمة أي كرهته، وحكى الحافظ رواية يأكل قذرا: يعني أنه رأى الدجاج بكسر الذال المعجمة أي كرهته، وحكى الحافظ رواية يأكل قذرا: يعني أن رأى الدجاج يأكل قذرا الرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلى الأربعين، والرهط عشيرة الرجل وأهله (وقوله نستحمله) أي نطلب منه ما يحملنا وأثقالنا لغزوة العسرة يعني تبوك بفتح النون والعين فيهما (وقوله قال أيوب) هو

ص: 179

-180 -

قصة الأشعريين مع النبي صلى الله عليه وسلم حين حلف لا يحملهم ثم حملهم

-----

ما أحملكم وما عندي ما أحملكم، فانطلقنا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهب إبل، فقال أين هؤلاء الأشعريون، فأمر لنا بخمس ذود غر الذري فاندفعنا فقلت لأصحابي أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله فحلف أن لا يحملنا، ثم أرسل إلينا فحملنا فقلت نسى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه: والله لئن تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه لا نفلح أبدا، ارجعوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنذكره بيمينه، فرجعنا إليه فقلنا يا رسول الله أتيناك نستحملك فحلفت أن لا تحملنا ثم حملتنا، فعرفنا، أو ظننا أنك نسيت يمينك، فقال صلى الله عليه وسلم انطلقوا فإنما حملكم الله عز وجل وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرهما خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها (وعنه من طريق ثان)(بنحوه وفيه) إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني، أو قال إني كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن أبا موسى استحمل النبي صلى الله عليه وسلم فوافق منه شغلا فقال والله لا أحملكم فذكر نحوه مختصرا (عن أبي هريرة)

السختياني أحد رجال السند أحسبه قال أي أظن القاسم التميمي قال وهو أي النبي صلى الله عليه وسلم بفتح النون وسكون الهاء بعدها موحدة أي غنيمة، وأصله ما يؤخذ اختطافا بحسب السبق إليه على غير تسوية بين الآخذين الذي بفتح الذال المعجمة وسكون الواو من الإبل ما بين الثلاث إلى العشرة فهو كما قال النووي من إضافة الشيء إلى نفسه، والمراد خمس إبل من الذوذ لا خمس أذواذ (وقوله غر الذري) صفة لذود أي بيض الأسنمة والذري بضم الذال وكسرها وفتح الراء المخففة جمع بكسر الذال وضمها، وذروة كل شيء أعلاه، والمراد هنا الأسنمة أي سرنا مسرعين والدفع السير بسرعة بسكون اللام أي أخذنا منه ما أعطانا في حالة غفلته عن يمينه من غير أن نذكره بها لا نفلح الخ بسكون اللام والجزم قال المازري معناه أن الله أعطاني ما حملتكم عليه ولولا ذلك لم يكن عندي ما حملنكم عليه فيه بيان صيغة الاستثناء بالمشيئة أي حلالا بالكفارة عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد حدثني عجلان ابن جرير عن أبي بردة بن؟ أبي موسى عن أبيه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله فذكر نحو الطريق الأولى بدون قصة الدجاج (تخريجه)(ق د نس جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حميد عن أنس أن أبا موسى استحمل النبي صلى الله عليه وسلم فوافق منه شغلا قال والله لا أحملكم فلما قف دعاه فقال حلفت لا تحملنا قال وأنا أحلف لا حملتكم فحملهم، ورواه الامام أحمد أيضا بلفظ آخر قال حدثنا يحيى بن سعيد ثنا حماد عن حميد قال سمعت إنسا أن أبا موسى قال استحملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف لا يحملنا تم حملنا، قلت يا رسول الله إنك حلفت لا تحملنا، قال وأنا أحلف لا حملتكم (يعني إنما حملكم الله عز وجل كما في حديث أبي موسى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح (سنده)

ص: 180

-181 -

لا يمين في قطيعة رحم ولا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله عز وجل

-----

رضي الله عنه أن رسول الله قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير (وعنه أيضا) قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إذا استلجج أحدكم باليمين في أهله فإنه آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله عز وجل

(باب اليمين في قطيعة الرحم ومالا يملك)(عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله عز وجل، ولا يمين في قطيعة رحم (وعنه أيضا عن أبيه عن جده) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أسامة الخزاعي قال أنا مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه)(م مذ)(تنبيه) لم يأت في المسند ولا في كثير من الكتب السنة بيان كفارة اليمين إكتفاء بما في كتاب الله عز وجل، وقد بينت ذلك في كتابي القول الحسن شرح بدائع المنن مع ذكر مذاهب الأئمة الأربعة في ذلك صحيفة 144 - 145 - في الجزء الثاني فارجع إليه والله الموفق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن همام قال سمعت أبا هريرة يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) من اللجاج وهو اللغة الإصرار على الشيء بهمزة ممدودة وثاء مثلثة مفتوحة أي أكثر إثما مما يتوهم أن عليه إثما في الحنث مع أنه لا إثم عليه فقال صلى الله عليه وسلم الإثم عليه اللجاج أكثر لو ثبت الإثم المعنى أن الرجل إذا حلف يمينا تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه كالحلف على أن لا يكلمهم ولا يصل إليهم ويكون الحنث ليس بمعصية، فينبغي له أن يخنث فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن همام بن منيه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ بفتح اللام وهو لام القسم (ويلج) بفتح الياء التحتية واللام وتشديد الجيم من اللجام وتقدم تفسيره أي على تقدير الحنث، يعني أن من حلف على شيء يرى أن غيره خير منه يجب عليه أي يحنث ويكفر لأن الإثم أكثر في الإقامة على ذلك الحلف: قاله ابن مالك (تخريجه)(ق. والإمامان وغيرهما)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) مفهومه أنه لا نذر في معصية وهو كذلك بل ورد بهذا اللفظ، وسيأتي في أبواب النذر ومعناه أنه لا يصح الوفاء به بالاتفاق وهل يكفر عنه أم لا؟ فيه خلاف في المذاهب ذكرته في الشرح الكبير في أبواب النذر، ويقال مثل ذلك في قوله (ولا يمين في قطيعة رحم) أي لا يجوز الوفاء بها ولا العمل بمقتضاها وفيه خلاف أيضا في الكفارة وعدمها (تخريجه)(د هق) وسنده حسن

ص: 181

-182 -

من نذر أن يطيع الله عز وجل فليطعه ولا وفاء لنذر في معصية

-----

فيما لا يملك، ولا عتق لابن آدم فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك، ولا يمين فيما لا يملك

(أبواب النذر)

(باب النذر في طاعة الله عز وجل وجوب الوفاء به سواء في الجاهلية والإسلام)

(هن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نذر أن يطيع الله عز وجل فليطعه ومن نذر أن يعصه (عن علي رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني قد نذرت أن أنحر ناقتي وكيت وكيت قال أما ناقتك فأنحرها وأما كيت وكيت فمن الشيطان (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة، فقال له فأوف بنذرك

(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم الخ (غريبة) أي لا يجب إلزام هذا اليمين إنما عليه الكفارة عند الجمهور (تخريجه)(د نس هق ك) بألفاظ مختلفة وسنده عند الإمام أحمد حسن (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة الخ (غريبة) معنى الحديث أن من نذر طاعة الله عز وجل وجب عليه الوفاء بنذره، فإن كانت الطاعة مستحبة في الأصل صارت واجبة بالنذر، ومن نذر معصية حرم عليه الوفاء به، لأن النذر مفهومه الشرعي ايجاب قربة، وذا إنما يتحقق في الطاعة، والحديث صريح في الأمر بالوفاء بالنذر إذا كان في طاعة، وفي النهي عن الوفاء إذا كان في معصية، وهل يجب في الثاني كفرة يمين أولا؟ فيه خلاف عند الأئمة (تخريجه)(خ طح. والأربعة) زاد الطحاوي وليكفر عن يمينه، قال ابن القطان عندي شك في رفع الزيادة (قلت) سيأتي في الباب التالي من حديث عائشة مرفوعا (لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا إسرائيل عن جابر عن محمد بن علي عن أبيه عن علي الخ (غريبة) هو كناية عن الأمر نحو كذا وكذا الظاهر أن رجلا خلط في نذره فنذر طاعة وهي ذبح الناقة لله عز وجل، ونذر معصية أو شيئا لا ينبغي ذكره فعبر عنه بكيت وكيت: ولذلك نسبه للشيطان والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثقه شعبة والثوري (سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن عمر رضي الله عنه الخ (غريبة) أي الحال التي كنت عليها قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين وغير ذلك تمسك به من قال بصحة نذر الكافر: ومن منع وهو الصحيح يحمل الحديث على أنه (ص لم يأمره بالاعتكاف إلا تشبيها بما نذر لا عين

ص: 182

-183 -

ما جاء فيمن نذر طاعة الجاهلية

-----

(عن عمرو بن شعيب) عن ابنة كردم عن أبيها أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت أن أنحر ثلاثة من إبلي، فقال إن كان على جمع من جمع الجاهلية أو على عيد من أعياد الجاهلية أو على وثن فلا، وإن كان على غير ذلك فاقض نذرك، قال يا رسول الله إن على أم هذه الجارية مشيا أفأمشي (وفي رواية أفأمشي) عنها؟ قال نعم (عن عبد الله بن يزيد ابن مقسم) قال حدثني عمتي سارة بنت مقسم عن ميمونة بنت كردم إن أباها قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني نذرت أن أذبح عددا من الغنم قال لا أعلمه إلا قال خمسين شاة على رأس بوانة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عليها من هذه الأوثان شيء؟ قال لا، قال فأوف لله بما نذرت له، قالت فجمعها أبي فجعل يذبحها وانفلتت منه شاة فطليها وهو يقول اللهم أوف بنذري حتى أخذها فذبحها (عن كردم بن سفيان) رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ألوثن أو لنصب؟ قال لا ولكن لله تبارك

ما نذر، وتسميته بالنذر من مجاز التشبيه أو من مجاز الحذف، قال أبو الحسن القابسي لم يأمره الشارع على جعة الإيجاب، وإنما هو على جهة الرأي، وقيل أراد صلى الله عليه وسلم أن يعلمه أن الوفاء بالنذر من آكد الأمور فغلظ أمره بأن أمر عمر بالوفاء (تخريجه)(ق فع طح هق)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا ابن جعفر عن عمرو بن شعيب عن ابنة كردم الخ (وكردم) بوزن جعفر واسم بنته ميمونة كما صرح بذلك في الحديث التالي وهي من صغار الصحابة (غريبة) الجمع هنا اسم لجماعة الناس ويجمع على جموع، والمعنى إن كان المراد بنحر الإبل توزيعها على الناس الذين كانوا يجتمعون في الجاهلية أيام فراغهم للهو واللعب أو أيام أعيادهم أو تقربا لصنم فلا وفاء لذلك: لأنهم ما كانوا يجتمعون إلا على الميسر وشرب الخمر ونحوه، وإن كان على غير ذلك مما لم يحرمه الإسلام فاقض نذرك لم يذكر المشي إلى أين ولعله إلى قربة من القرب التي أقرها الإسلام كالمشي إلى البيت الحرام أو إلى مسجد قباء ونحو ذلك والله أعلم يعني أفتمشي الجارية عن أمها (تخريجه)(دج) بمعناه ورجاله ثقات هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده طوله في باب تزويج من لم تولد من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (غريبة) في الحديث السابق أنه نذر إبلا، وفي هذا أنه نذر غنما: ويجمع بينهما بأنه تكرر نذره، فمرة نذر إبلا ومرة نذر غنما والله أعلم بضم الموحدة هي هضبة من وراء ينبع قريبة من ساحل البحر، وقيل إنها بفتح الباء (تخريجه)(د جه) وفي إسناده سارة بنت مقسم قال الحافظ في التقريب لا تعرف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبو الحويرث حفص عن ولد عثمان بن أبي العاص قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب عن ميمونة بنت كردم عن أبيها كردم بن سفيان الخ (غريبة) الوثن كل من ماله جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة

ص: 183

-184 -

قصة الجارية التي نذرت أن تضرب عند النبي صلى الله عليه وسلم بالدف فرحا بنصره

-----

وتعالى، قال فأوف لله تبارك وتعالى ما جعلت له، انحر على بوانة وأوف بنذرك (عن عبد الله ابن بريدة) عن أبيه أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من بعض مغازيه، فقالت إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب عندك بالدف، قال إن كنت فعلت فافعلي، وأن لم تفعلي فلا تفعلي: فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ودخل غيره وهي تضرب، ثم دخل عمر قال فجعلت دفها خلفها وهي مقنعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليفرق منك يا عمر أنا جالس هاهنا ودخل هؤلاء، فلما أن دخلت فعلت ما فعلت (باب لا وفاء لنذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم)

(عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال كانت العضباء لرجل من بني عقيل وكانت من سوابق الحاج فأسر الرجل وأخذت العضباء معه الحديث (وفيه) حبس رسول الله

الآدمي تعمل وتنصب وتعبد، والنصب بضمتين حجر ينصب ويعبد من دون الله (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لا يعرف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد ابن الحباب ثنا حسين (يعني ابن واقد) حدثني عبد الله بن بريدة الخ (غريبة) الدف بضم المهملة نوعان دف الملاهي مدور جلده من رق أبيض ناعم في عرضه سلاسل يسمى الطار له صوت يطرب لحلاوة نغمته، وهذا لا إشكال في تحريمه وهو الذي يستعمله الناس في أفراحهم، وأما دف العرب فهو على شكل الغربال خلا أنه لا خروق فيه ولا سلاسل، وطوله إلى أربعة أشبار، وهو المراد هنا لأنه المعهود حينئذ الفرق بالتحريك الخوف والفزع من باب تعب أي يخاف منه ويفزع (تخريجه)(د هق) ورجاله ثقات، قال البيهقي رحمه الله يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم ورجوعه سالما، لا لأنه يجب بالنذر والله أعلم (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين الخ، وفي آخر الحديث (قال وهيب يعني ابن خالد وكانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، وزاد حماد بن سلمة فيه وكانت العضباء داجنا) أي تألف الناس ولا تنفر منهم ويألفونها (لا تمنع من حوض ولا نبت، قال عفان مجرسة) بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الراء مفتوحة أي مجربة مدربة في الركوب والسير، والمجرس من الناس الذي قد جرب الأمور وخبرها (معودة) بفتح الميم وضم المهملة أي مسنة، وفي القاموس المعود المسن من الإبل والشاء (غريبة) الحديث له بقية وهي: قال فمز به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في وثاق ورسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار عليه قطيفة فقال يا محمد تأخذوني وتأخذوا سابقة الحاج (يعني الناقة كانت تسبق قوافل الحج) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذك بحيرة حفائك ثقيف، قال وقد كانت ثقيف أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيما قال وإني مسلم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلتها وأنت تملك أمرك أفحت كل الفلاح، قال ومضى رسول الله

ص: 184

- 185 -

قصة المرأة التي نذرت أن تنحر ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

-----

صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله قال ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة فذهبوا بها وكانت العضباء فيه، قال وأسروا إمرة من المسلمين، قال فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم قال فقامت المرأة ذات ليلة بعد ما نوموا، فجعلت كلما أتت على بعير رغا حتى أتت على العضباء فأتت على ناقة ذلول مجرسة فركبتها ثم وجهتها قبل المدينة قال ونذرت إن الله عز وجل أنجاها عليها لتنحرهنها، قال فلما قدمت المدينة عرفت الناقة فقيل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنذرها أو أتته فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئسها جزتها أو بئسها جزيتها في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا يونس قال نبئت أن المسور بن مخرمة جاء إلى الحسن فقال إن غلاما لي آبق فنذرت إن أنا عايناته أن أقطع يده فقد جاء فهو الآن بالجسر، قال فقال الحسن لا تقطع يده، وحدثته أن رجلا قال لعمران بن حصين رضي الله عنه إن عبدا لي آبق وإني نذرت إن أنا عاينته أن أقطع يده، قال فلا تقطع يده فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤم فينا أو قال يقوم فينا فيأمرنا بالصدقة وينهانا

صلى الله عليه وسلم قال فقال يا محمد إني جائع فأطعمني وإني ظمآن فأسقني، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه حاجته: ثم فدى بالرجلين وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء اله. وتقدم شرح قصة هذا الرجل في شرح حديث رقم 3.8 قي باب إن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه من كتاب الجهاد أي اختارها لنفسه وأعدها لرحيله السرح والسارح والسارحة سواء الماشية قيل امرأة أبي ذر قاله أبو داود في آخر الحديث أي ينيخزها أمام بيوتها لترتاح بفتح النون والواو المشذدة مبالغة في نانمو (نه) أي صوت ذلك البعير يقال رغا يرغو رغاءا أي سهلة الانقياد

(مجرسة) تقدم ضبطه وتفسيره أي بئس نذرها الذي نذرته، وهو إن الله تبارك وتعالى أنجاها الخ ظاهره يدل على أن من نذر معصية كشرب الخمر ونحو ذلك فنذره باطل لا ينعقد ولا يلزمه كفاره يمين ولا غيرها، وفي ذلك خلاف بين الأئمة (وقوله ولا فيها لا يملك ابن آدم) قال العلماء هو محمول على ماذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه: كقوله إن شفي الله مريضي فله أن أعتق عبد فلان أو أتصدق بثوبه أو بداره أو نحو ذلك، فأما إذا التزم في الذمة شيئا لا يملكه فيصح نذره، مثال قال أن شفى الله مريضي فله عتق رقبة: وهو في ذلك الجال لا يملك رقبة ولا قيمتها فيصح نذره. وإن شفى المريض ثبت العتق في ذمته قاله النووي (تخريجه)(م فع د مذ) مطولا كما هنا وأخرجه (نس جه) مختصرا بدون قصة المرأة (حدثنا عبد الله)(غريبة) هو الحسن بن أبي الحسن البصري المشهور أي هرب وكان مملوكا له أو للشك من الراوي والظاهر يقوم فينا يعني خطيبا كما

ص: 185

-186 -

قوله صلى الله عليه وسلم لا نذر فيما لا تملكون- ولا نذر في معصية لله عز وجل

-----

عن المثلة (عن هياج بن عمران البرجمي) أن غلاما لا بيه أبق فجعل لله تبارك وتعالى عليه إن قدر عليه أن يقطع يده، قال فقدر عليه، قال فبعثني إلى عمران بن حصين رضي الله عنه، قال فقال إقرئ أباك السلام وأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة: فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه، قال وبعثني إلى سمرة فقال أقرئ أباك السلام وأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سحث في خطبته على الصدقة بينها وينهى هن المثلة فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه (عن عمرو بن شعيب) عن أبي عن جده عن النبي (ص قال لا طلاق فيما لا تملكون ولا نذر فيما لا تكون، ولا نذر في معصية الله عز وجل (عن عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص قال لا نذر في معصية الله عز وجل

يستفاد ذلك من الحديث التالي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده لم يسم، وهذا الحديث من رواية الأكابر عن الأصاغر لأن المسور من الصحابة والحسن من التابعين وحديث النهي عن المثلة ثابت في الصحيحين وغيرهما من عدة طرق عن جمع من الصحابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وعفان المعنى قال ثنا همام عن قتادة عن الحسن فقال عفان إن الحسن حدثهم عن هياج بن عمران البرجمي الخ (قلت) هكذا جاء في المسند (عن هياج بن عمران البرجمي) والظاهر إن هذه النسبة خطأ لأن البرجمي (بضم الموحدة والجيم بينها راء ساكنة) هو هياج بن بسطام التميمي أبو خالد الهروي كما في التقريب وغيره من كتب الرجال: يروى عن حميد الطويل وخالد الحذاء وعنه داود بن المحبر كذا في الخلاصة وهو ضعيف، وأما راوي حديث الباب فهو هياج بن عمران بن الفصيل (بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة) البصري، قال في الخلاصة روى عن سمرة بن جندب، وروى عنه الحسن البصري وثقه ابن سعد بكسر الراء يقال ""أقرئ فلانا السلام وأقرأ عليه السلام كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده أي عن نذره وإنما عبر عنه باليمين لاستوائهما في الكفارة، وسيأتي في الباب التالي عن عقبة بن عامر مرفوعا (إنما النذر يمين كفارتها كفارة يمين) والظاهر أن قوله فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه مدرجة من قول الصحابي في المرتين والله أعلم يعني ابن جندب الصحابي رضي الله عنه: فهذا الحديث مروى بهذا اللفظ عن إثنين من الصحابة عمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهما (تخريجه)(د) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) أي لا ينعقد ولا يصح قبل النكاح: وفي المسألة خلاف سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى وتقدم شرح بقية الحديث في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه)(يز هق والأربعة) وقال الترمذي حديث حسن وهو أحسن شيء في هذا الباب وكذلك قال البيهقي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان (يعني ابن عمر) قال ثنا يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ تقدم شرحه في شرح الحديث

ص: 186

-187 -

حديث لا نذر في معصية وكفارة يمين وكلام العلماء فيه

-----

وكفارته كفارة يمين (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا ثنا ابن جريج، وقال سليمان بن موسى قال جابر قال النبي (ص لا وفاء لنذر في معصية الله عز وجل (وبالسند المتقدم قالا أخبرنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا بن عبد الله رضي الله عنهما يقول لا وفاء لنذر في معصية الله عز وجل ولم يرفعاه (عن ثابت ابن الضحاك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على رجل نذر فيما لا يملك (عن عمران بن حصين)

الأول من أحاديث الباب (تخريجه لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة، وأخرجه (قط هق طح والأربعة ورواية أخرى للإمام أحمد من طريق الزهري من أبي سلمة عن عائشة، وأعله الحفاظ بأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة وإنما سمعه من سليمان ابن أرقم وسليمان متروك، وأورده الحافظ في التلخيص من عدة طرق عن عائشة وغيرها من الصحابة لكنها لم تخل من قال، قال وله طريق آخر لرواه أبو داود من حديث كريب عن ابن عباس وإسناده حسن، فيه طلحة ابن يحيى وهو مختلف فيه، وقال أبو داود موقوفا يعني وهو أصح، ومن الغريب أن الحافظ لم يأت برواية الإمام أحمد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة: والزهري سماعة من عروة في الصحيحين وغيرهما: وهذه الرواية من أصح الروايات: فكأن الحافظ لم يطع عليها، وقال النووي في الروضة (حديث لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين) ضعيف باتفاق المحدثين: قال الحافظ قد صححه الطحاوي وأبو علي بن السكن فأين الاتفاق اهـ (قلت) وكأن النووي رحمه الله لم يطلع أيضا على رواية الإمام أحمد التي هي من أصح الروايات والكمال لله وحده، قال الخطابي لو صح هذا الحديث لكان القول به واجبا (قلت) صح الحديث واحتج به الإمام أحمد وإسحاق والله أعلم (حدثنا عبد الله)(غريبة) هو الأموي أبو أيوب الدمشقي الأشدق الفقيه روى عن جابر مرسلا، وعنه ابن جريج الأوزاعي وغيرهما وثقه دحمو ابن معين: وقال ابن عدي تفرد بأحاديث وهو عندي ثبت صدوق، وقال النسائي ليس بالقوى وقال أبو حاتم محله الصدق في حديثه بعض الإضطراب (خلاصة) معناه أن عبد الرازاق ومحمد بن بكر لم يرفعا الرواية الثانية إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل أوقفها علة جابر كما هو ظاهر الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، والرواية الأولى مرفوعة، لكن قيل أن سليمان بن موسى لم يسمع من جابر، والرواية الثانية موقوفة ورجالها رجال الصحيح، ومع هذا فالحديث له شواهد من أحاديث الباب تعضده والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حرب ثنا يحيى قال حدثني أبو قلابة قال حدثني ثابت بن الضحاك الأنصاري وكان ممن بايع تحت الشجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين بملة سوى الإسلام كاذبا فهو فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملك (تخريجه)(ق وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد الله بن المثنى ثنا صالح بن

ص: 187

-188 -

لا يجب وفاء النذر فيه مثلة (بضم الميم وفتح اللام)

-----

رضي الله عنه قال ما قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا إلا أرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة قال وقال ألا إن المثلة أن ينذر الرجل أن يخرم أنفه، ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل يحج ماشيا فليلهد هديا وليركب

(باب من نذر نذرا مباحا؟ أو غير مشروع أو لا يطيقه وكفارة ذلك)

(عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج ماشية، قال إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا، لتخرج راكبة ولتكفر عن يبمينها (وعنه أيضا) أن عقبة بن عامر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت وشكى إليه ضعفها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله غني عن نذر أختك فلتركب ولتهد بدنة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدرك شيخا يمشي

رستم أبو عامر الخزار حدثني كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبة) المثلة بضم الميم وسكون المثلثة كخرم أنف الرجل أو قطعه أو قطع أذن أو يد أو رجل، بل كان ما يشوه الإنسان أو يلحق يبه ضررا يقال له مثلة: ولذلك نهى الشارع عن فعله معناه أن من نذر أن يحج ماشيا ولم يطق ذلك فليركب وعليه دم لأنه أدخل نقصا في الواجب لعدم وفائه بما يلزمه، وهو أرجه القولين عن الشافعية: وبه قال جماعة: والقول الثاني لا دم عليه بل يستحب قاله النووي (تخريجه)(ك) وصححه وأقره الذهبي (باب)(سنده) حدثني عبد الله حثني أبي ثنا أبو كامل ثنا شريك عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب عن ابن عباس الخ (غريبة) سمى النذر يمينا لكونه عقدة لله تعالى بالتزام شيء، والحالف عقد يمينه بالله تعالى ملتزما لشيء فأشبهه أحدهما الآخر من هذه الجهة، وإصلاح من هذا ما رواه الإمام أحمد وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا وسيأتي بلفظ (إنما النذر يمين كفارتها كفارة يمين) ويستفاد منه أن ما يصح كفارة لليمين يصح كفارة للنذر، وعلى هذا فمعنى قوله (ولتكفر عن يمينها) أي نذرها بما يصح كفارة لليمين والله أعلم (تخريجه)(د) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز أنا همام ثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) في رواية لأبي داود (فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هديا) وظاهر رواية أبي داود أن البقرة تجزيء وكذلك الشاة لأن الهدي يجوز بأحدهما وإنما خص البدنة هنا بالذكر لكونها أفضل من غيرها، والهدى مطلقا أفضل من الصدقة والصوم لأن المشي غالبا كما يكون إلا في حج أو عمرة، وأفضل القربات بمكة إراقة الدم إحسانا لفقراء الحرم والموسم (تخريجه)(ق وغيرهم) إلا أن الشيخين لم يذكرا فيه الهدى، قال القرطبي زيادة الأمر بالهدى رواتها ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سليمان أنبأنا إسماعيل أخبرني عمرو عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة

ص: 188

189 -

حكم من نذر أن يحج ماشيا وكلام في ذلك

-----

بين أبنيه متوكئا عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما شأن هذا الشيخ؟ فقال ابناه يا رسول الله كان عليه نذر، فقال اركب أيها الشيخ فإن الله عز وجل غني عنك وعن نذرك (وعن أنس ابن مالك) رضي الله عنه بنحوه، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل لغني أن يعذب هذا نفسه (عن عقبة بن عامر) رضي الله عنه أنه قال إن أختي نذرت أن تمشي إلى بيت الله عز وجل فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت النبي صلى الله عله وسلم فقال لتمش ولتركب قال وكان أبو الخير لا يفارق عقبة (وعنه أيضا) أن أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا، مرها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام (وعنه من)

الخ (غريبه) قال نووي هذا محمول على العاجز عن المشي فله الركوب وعليه دم (تخريجه)(م جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن عدي عن حميد عن أنس بن مالك قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يهادي بين أبنية قال ما هذا؟ قالوا نذر أنم يمشي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل الخ (غريبة) زاد في رواية للنسائي من حديث أنس (وأمره أن يركب) وتقدم في حديث أبي هريرة (فقال اركب أيها الشيخ) وراية للنسائي من حديث أنس (ذر أن يمشي إلا بيت أبي هريرة)(تخريجه)(ق. والثلاثة) وهذا الحديث من ثلاثيات الإمام أحمد، أي ليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة رجال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج أخبرني سعيد بن أبي، أيوب أن يزيد بن أبي حبيب أخبره أن أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال إن أختي نذرت الخ (غريبو) تقدم في حديث أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناذر أن يركب جزما، وهنا أمر أخت عقبة أن تمشي وأن تركب لأن الناذر في حديثي أبي هريرة وأنس كان شيخا ظاهرا العجز، وأنت وأخت عقبة لم توصف بالعجز فكأنه أمرها أن تمشي إن قدرت وتركب إن عجزت يريد أن أبا الخير راوي الحديث عن عقبة كان ملازما له لا يفارقه: وهذا يستدعي صحة النقل وسماع أبي الخير عن عقبة، والقائل ذلك هو يزيد بن أبي حبيب راوي الحديث عن أبي الخير، وفي تذكرة الحفاظ للذهبي أن أبا الخير كان مفتي أهل مصر في زمانه (تخريجه (ق وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زحر عن أبي سعيد الرعي عن عبد الله بن مالك اليحصي عن عقبة بن عامر أن أخته الخ (غريبة) أي غير ساترة رأسها بالخمار وهو ما يلف على رأس المرأة ورقبتها لسترهما قال الخطابي إنما أمره إياها بالاختمار فلأن النذر لم ينعقد فيه لأن ذلك معصية والنساء مأمورات بالاختمار والاستتار، وأما نذرها المشي حافية فالمشي قد يصح فيه النذر وعلى صاحبه أن يمشي ما قدر عليه، فإذا عجز ركب وأهدى هديا، وقد يحتمل أن تكون أخت عقبة كانت

ص: 189

-190 -

من نذر أن يحج حافيا أو مقرونا برجل

-----

طريق ثان) أن أخته نضرت في ابن لها لتحجن حافية بغير خمار فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تحج راكبة مختمرة ولتصم (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك رجلين وهما مقترنان يمشيان إلى البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال القران قلا يا رسول الله نذرنا أن نمشي إلى البيت مقترنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا نذرا فقطع قرانهما، قال سريج في حديثه إنما النذر ما ابتغى به وجه الله عز وجل (عن رجل من أهل البادية) عن أبيه عن جده أنه حج مع ذي قرابة له مقترنا به فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا قال

عاجزة عن المشي بل قد روى ذلك من رواية ابن عباس وقد ذكر أبو داود اهـ وتقدم في الحديث الثاني من أحاديث الباب أنه صلى الله عليه وسلم قال (فلتركب ولتهد بدنه) وفي رواية أبي داود (ولتهد هديا فكيف الجمع بينهما وبين رواية الصيام؟ جمع الخطابي بين ذلك بقوله (فأما قوله فلتصم ثلاثة أيام) فإن الصيام بدل من الهدي، خيرت فيه كما خير قاتل الصيد أن يفديه بمثله إذا كان له مثل، وإن شاء قومه وأخرجه إلى المساكين، وإن شاء صام بدل كل مدمن الطعام يوما وذلك قوله سبحانه وتعالى (أو عدل ذلك صياما) اهـ قال السندي في حاشية ابن ماجة (وأما الأمر بالصوم) فمن على أن كفارة النذر بمعصية كفارة اليمين وقيل عجزت عن الهدي فأمرها بالصوم والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن أبي سعيد جعل القتباني عن أبي تميم الجيشاني عن عقبة بن عامر أن أخته نذرت في ابن لها الخ (وقوله لا ي ابن لها) يشبه أن يكون ابنها مرض فنذرت أن شفا الله ابني لأحجن حافية الخ أو نحو ذلك والله أعلم (تخريجه)(الأربعة وغيرهم) وقال الترمذي حسن صحيح، قال المنذري وفي إسناده عبيد الله بن زحر وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة اهـ (قلت وفي إسناد الطريق الثانية ابن لهيعة، قال الحافظ ابن كثير إذا قال حدثنا فحديثه حسن (قلت) قد قال حدثنا فهو حسن والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسين بن محمد وسريج قالا حدثنا ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) أي ربط أحدهما نفسه بالآخرة كما يدل على ذلك حديث ابن عباس عند البخاري والإمام أحمد وتقدم في باب طواف أهل مكة من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صحيفة 65 أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده بإنسان يسير أو بخيط أو بشيء غير ذلك فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال قده بيده، وقد ذكرت للحافظ كل هناك فارجع إليه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وقال الحافظ رواه أحمد والفاكهي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا ابن عون ثنا رجل من أهل البادية الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم ويعضده الحديث الذي قبله

ص: 190

-191 -

من نذر أن يقف في الشمس ولا يقعد ولا يتكلم

-----

إنه نذر فأمر بالقرآن أن يقطع (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى أعرابي قائما في الشمس وهو يخطب فقال ما شأنك؟ فقال نذرت يا رسول الله أن لا أزال في الشمس حتى تفرغ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا نذرا، إنما النذر ما ابتغي به وجه الله عز وجل (عن ابن طاوس) عن أبيه عن أب إسرائيل رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وأبو إسرائيل يصلي، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم هودا يا رسول الله لا يقعد ولا يكلم الناس ولا يستظل وهو يريد الصيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليقعد وليكلم الناس وليستظل وليصم

(باب قوله صلى الله عليه وسلم لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين)

(عن محمد بن الزبير) حدثني أبي أن رجلا حدثه أنه سأل عمران بن حصين رضي الله عنه عن رجل نذر أن لا يشهد الصلاة في مسجد فقال عمران سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين (عن عقبة ابن عامر) رضي الله عنه قال سمعت

(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) يعني حتى تفرغ من خطبتك كما صرح بذلك في رواية الطبراني (وقوله ليس هذا نذرا) أي ليس فعلك هذا محبوبا عند الشارع حتى تجعله نذرا، بل هو أقرب إلى معصية منه إلى الطاعة، لأن فيه إيذاء للنفس: لا سيما وقد صرح في رواية الطبراني بأن هذا اليوم كان شديد الحر يعني أن النذر الذي يلزم شرعا ما كان بفعل شيء يتقرب به إلى الله عز وجل (تخريجه)(هق طب) وقال الحافظ في التلخيص رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بهذا وفيه قصة الرجل الذي نذر أن يقوم في الشمس: ورواه أبو داود بلفظ لا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله: ورواه البيهقي من وجه آخر برواية أحمد في قصة أخرى اهـ (قلت) وسكت عنه الحافظ وسنده حديث الباب جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جرير ومحمد ابن بكر قال أخبرني ابن جرير قال أخبرني ابن طاوس عن أبيه الخ (غريبة) إنما أقره النبي صلى الله عليه وسلم على الصيام فقط لأهله قربة بخلاف البرواقي، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم علم منه أن الصوم لا يشق عليه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ (أنظر حديث رقم 1220 في كتاب بدائع المنن)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا محمد بن الزبير الخ (غريبة) هكذا عند الإمام أحمد (في مسجد) وجاء في رواية النسائي (في مسجد قومه) والظاهر أن لفظ قومه سقط نمن الناسخ في رواية الإمام أحمد معناه لا وفاء لنذر يحمل عليه الغضب من العزم على ترك فعل الخير أو العزم على فعل المعصية (تخريجه)(نس ك هق) وفي إسناده رجل لم يسم وفيه أيضا محمد بن الزبير قال النسائي ضعيف لا يقوم بمثله حجة وقد اختلف عليه فيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد

ص: 191

-192 -

حديث لا نذر في غضب وكفار ة يمين- وحكم من نذر الصدقة بكل ماله

-----

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما النذر يمين كفارته كفارة اليمين (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كفارة النذر كفارة اليمين

(باب ما يذكر فيمن نذر الصدقة بماله كله)(عن كعب بن مالك) رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى الله تعالى وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك بعض مالك فهو خير لك، قال فقلت إني أمسك سهمي الذي بخيبر (عن الحسين بن السائب) بن أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه لمل تاب الله عليه

مولى بني هاشم قال ثنا بن لهيعة قال ثنا كعب بن علقمة قال سمعت عبد الرحمن بن الرحمن بن شماسة يقول أتينا أبا الخير فقال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) تقدم الكلام على تسمية النذر يمين في شرح الحديث الأول من الباب السابق فارجع إليه (سنده) حدثا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر بن عياش قال حدثني محمد مولى المغيرة بن شعبة قال حدثني كعب بن علقمة عن أبي الخير مرثد بن عبد الله عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ زاد الترمذي وابن ماجة (إذا لم يسمى) أي لم يعينه الناذر بأن قال إني نذرت نذرا أو على نذر ولم يعين أنه صوم مثلا أو غيره، وكفارة اليمين بسطت الكلام عليها في كتابي (القول الحسن شرح بدائع المنن) صحيفة 144 - 145 في الجزء الثاني مع ذكر مذاهب الأئمة فيها فارجع إليه (تخريجه) لم أقف على من أخرج الطريق الأولى بلفظ رواية الإمام أحمد وأخرج الطريق الثانية بلفظها (م د نس) ورواه (مذ جه) بلفظ (كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين) فزاد لفظ (إذا لم يسم) وصححها الترمذي والله أعلم باب هذا طرف من حديث طويل جدا سيأتي بسنده وطوله في تفسير سورة التوبة من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى، وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لمناسبة الترجمة وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (غريبة) بنون وخاء معجمة أي أعرى من مالي كما يعري الإنسان إذا خلع ثوبه، وجاء في رواية أبي داود (قلت يا رسول الله إن من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى خيبر) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من تصدق بعشر ماله الخ صحيفة 183 رقم 233 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع فارجع إليه ففيه كلام نفيس ويستفاد من حديثي الباب أن من نذر الصدقة بماله كله يجزئه التصدق بثل ماله وحديثا الباب وإن لم يكن فيهما تصريح بالنذر فإنهما يطابقان الترجمة من حيث أن كعب بن مالك جعل من توبته انخلاعه من ماله صدقة إلى الله ورسوله وفي الانخلاع معنى الالتزام، والنذر معناه في الشرع التزام المكلف شيئا لم يكن عليه منجزا أو معلقا (وقد اختلف العلماء) فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله فقالت الحنفية يتصدق بجميع أمواله الزكوية استحبابا، ولهم قول آخر أنه يتصدق بجميع ما يملكه، وبه قالت الشافعية، وقالت المالكية يتصدق

ص: 192

-193 -

ما جاء في أن النذر لا يرد شيئا من القدر

-----

قال يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي واساكنك، وأن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله، فقال رسول لله صلى الله عليه وسلم يجزيء عنك الثلث (باب النهي النذر وأنه لا يرد شيئا من القدر) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أقدره عليه ولكنه شيء استخرج به من البخيل يؤتيني عليه مالا يؤتيني على البخل (وعنه أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن النذر وقال أنه لا يقدم شيئا ولكنه يستخرج به من البخيل (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنذروا

بثلث جميع أمواله الزكوية وغيرها، وعن الإمام أحمد روايتان إحداهما يتصدق بجميع أمواله، والأخرى يرجع في ذلك إلى ما يراه من مال والله أعلم (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أن النذر لا يفيد ابن آدم ولا يدرك بسببه شيئا لم يقدره الله عز وجل المعنى أن البخيل لا تطاوعه نفسه بإدراج شيء من يده إلا في مقابلة عوض يستوفي أولا فليلتزمه في مقابلة ما سيحصل له ويعقله على جلب نفع أو دفع ضر، وذلك لا يسوق إليه خيرا لم يقدر له، ولا يرد عنه شرا قضى عليه، ولكن النذر قد يوافق القدر فيخرج من البخيل ما لو لاه لم يكن يريد أن يخرجه أي يعطيني على ذلك الأمر الذي سببه نذر كالشفاء مثلا ما لا يعطيني عليه من قبل النذر (وفي رواية ابن ماجة) فييسر عليه ما لم يكن ييسر عليه من قبل ذلك (وفي رواية مسلم) فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرجه وهي أوضح الروايات (تخريجه)(ق. نس مذ. جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي ولا يؤخره كما في رواية للبخاري من حديث ابن عمر، ومعناه لا يقدم شيئا من القدر الله تعالى ومشيئته ولا يؤخره، قال القاضي عياض عادة الناس تعليق النذر على حصول المنافع ودفع المضار فنهى عنه، فإن ذلك فعل البخلاء: إذا السخي إذا أراد أن يتقرب إلى الله عز وجل استعجل فيه وأتى بالمال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن الزهري عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنذروا الخ (غريبة) بفتح أوله وضم الذال وكسرها من بابي ضرب وقتل (فإن النذر لا يرد) أي لا يدفع شيئا من القدر، قال ابن الملك هذا التعليل يدل على أن النذر المنهى عنه ما يقصد به تحصيل غرض أو دفع مكروه على ظن أن النذر يرد من القدر شيئا، وليس مطلق النذر منهيا عنه، إذ لو كان كذلك لما لزم الوفاء به، وقد أجمعوا على لزومه لأن غير البخيل يعطي باختياره بلا واسطة النذر، والبخيل إنما يعطي بواسطة النذر الموجب عليه اهـ (تخريجه)(ق نس مذ جه وغيرهم)

ص: 193

-194 -

ما يفعل من نذر صوم يوم معين فصادف يوم العيد

-----

فإن النذر لا يرد شيئا من القدر، وإنما يستخرج به من البخيل (عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (باب من نذر صوم يوم معين فصادف يوم عيد) (عن زياد بن جبير) قال رأيت رجلا جاء إلى ابن عمر فسأله فقال أنه نذر أن يصوم كل يوم الأربعاء: فأتى ذلك على يوم أضحى أو نحر فقال ابن عمر أمر الله بوفاء النذر ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم النحر

(باب أن من نذر الصلاة في المسجد الأقصى أجزأه أن يصلي في مسجد مكة أو المدينة)(عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف) وعن رجال من ال، صار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح والنبي صلى الله عليه وسلم في مجلس قريب من المقام فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال يا نبي الله إني نذرت لئن فتح الله للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين مكة لأصلين في بيت المقدس، وأني وجدت رجلا من أهل الشام هاهنا في قريش مقبلا معي ومدبرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هاهنا فصل، فقال الرجل قوله هذا ثلاث مرات، كل ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم

(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن عبد الله بن مرة عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال أنه لا يرد من القدر شيئا إنما يستخرج به من البخيل (تخريجه)(ق د نس جه)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشم أنا يونس عن زياد بن جبير الخ (غريبة) يريد أنه صادف يوم عيد الأضحى، وأو للشك من الراوي يشك في اللفظ هل قال يوم الأضحى أو قال يوم نحر، والمعنى واحد إذ يوم الأضحى هو يوم النحر والمراد بهما يوم العيد هذا الجواب يشعر بالتوقف عن الجزم في المسألة، قال العلماء توقف ابن عمر عن الجزم بجوابه لتعارض الأدلة عنده وهذا من تورعه، ويحتمل أنه يشير للسائل بأن الاحتياط لك القضاء، فتجمع بين أمر الله عز وجل وهو قوله تعالى (وليوفوا نذورهم) فيصوم يوما مكان يوم النذر، وبين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمره بترك صوم يومي العيدين فيترك صوم يوم العيد (قال النووي رحمه الله أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين (يعني عيد الفطر وعيد الأضحى) بكل حال سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك، أو نذر صومهما متعمدا لعينهما، قال الشافعي والجمهور لا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤهما، وقال أبو حنيفة ينعقد ويلزمه قضاؤهما، قال فإن صامهما أجزأه وخالف الناس كلهم اهـ (تخريجه)(ق. وغيرهما)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني يوسف بن الحكم ابن أبي سنان أن حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف وعمرو بن حنة أخبراه عن عمر بن عبد الرحمن ابن عوف الخ (غريبة) يعني مقام إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لعله يريد بذلك مرافقته في السفر فيسهل عليه يعني في المسجد الحرام وإنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لما ثبت أن

ص: 194

-195 -

من نذر الصلاة في المسجد الأقصى أجزأه أن يصلي بمسجد مكة أو المدينة

-----

هاهنا فصل، ثم قال الرابعة مقالته هذه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فصل فيه، فو الذي بعث محمدا بالحق لو صليت هاهنا لقضى عنك كل صلاة في بيت المقدس (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد) عن ابن عباس أنه قال إن امرأة اشتكت شكوى فقالت لئن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس فبرأت فتجهزت تريدا الخروج، فجاءت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسلم عليها فأخبرتها ذلك، فقالت

فكلي ما صنعت وصلى في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة

(باب قضاء المنذورات عن الميت)

(عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله تعالى أنجاها أن تصوم شهرا: فأنجاها الله عز وجل فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال صومي (وعنه أيضا) أن سعد بن عبادة رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه فقال اقضه عنها

الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه رواه الإمام أحمد وأبو داود وسيأتي من حديث جابر في فضل المساجد الثلاثة من كتاب الفضائل وصححه الحافظ إسناده أي لما تقدم من فضل الصلاة في مسجد مكة (تخريجه)(د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال حدثنا ليث يعني ابن سعد قال ثنا نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد الخ (غريبة) أي مرضت مرضا ما أي كلي الزاد الذي صنعتيه لأجل السفر ولا تسافري أي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقد استدلت ميمونة رضي الله عنها بهذا الحديث لتمنعها من السفر إلى بيت المقدس وتكبد المشقة فإن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الصلاة في بيت المقدس يعني المسجد الحرام لما تقدم من أن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه (تخريجه)(م. وغيره)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) في بعض الروايات عن ابن عباس أيضا جاءت امرأة فقالت إن أختي ماتت فذكرت الحديث أي صومي عنها (تخريجه)(نس) وسنده جيد وروى نحوه الشيخان والإمام أحمد بلفظ آخر وتقدم في الجزء العاشر رقم 182 صحيفة 136 في باب قضاء الصوم عن الميت فارجع إليه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا الزهري

ص: 195