الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-196 -
ما جاء في قضاء المنذورات عن الميت- ومقدمة كتاب الأذكار
-----
(عن سعد بن عبادة) رضي الله عنه أنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال أعتق عن أمك (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك، فقال أرأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضية؟ قال نعم، قال فاقضوا لله عز وجل فهو أحق بالوفاء
كتاب الأذكار والدعوات
عن عبيد الله عن ابن عباس أن سعد بن عبادة الخ (قلت) ولم يعين في الحديث النذر المذكور فقيل كان صياما، وقيل كان عتقا وقيل صدقة، وقيل نذرا مطلقا أو معينا عند سعد والله أعلم (تخريجه)(ق لك د نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا سليمان بن كثير أبو داود عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة الخ (غريبة) الظاهر أن نذر أم سعد كان عتقا لقوله أفيجزيء عنها أن أعتق عنها فيكون هذا الحديث مبينا لما أبهم في الحديث مبينا لما أبهم في الحديث الذي قبله (قال الحافظ) ويستحمل أن تكون نذرت نذرا مطلقا غير معين فيكون في الحديث حجة لمن أفتى في النذر المطلق بكفارة يمين، والعتق أعلى كفارات الأيمان فلذلك أمره أن يعتق عنها اهـ والله أعلم (تخريجه)(نس لك) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس الخ (غريبة) لم تسم هذه المرأة في رواية البخاري (فأتى رجل) قال القسطلاني هو عقبة بن عامر الجهني اهـ، فعلم من ذلك أن المرأة المذكورة هي أخت عقبة بن عامر استدل به على أن حق الله عز وجل مقدم على دين الآدمي وهو أحد أقوال الشافعية، وقيل بالعكس وقيل هما سواء، والجمهور على أنه إذا اجتمع حق الله عز وجل وحق العباد يقدم حق العباد، وأجابوا عن هذا الحديث بأن إذا كنت تراعي حق الناس فلأن تراعي حق الله كان أولى، ولا دخل فيه للتقديم والتأخير إذ ليس معناه أحق بالتقديم والله أعلم (تخريجه)(خ وغيره) (كتاب الأذكار والدعوات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم المراد بالذكر هنا الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها مثل الباقيات الصالحات، وهي سبحان الله، والحمد لله ولا اله إلا الله، والله أكبر وما يتلحق بها من الحوقلة والبسملة والحسبلة والاستغفار ونحو ذلك والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، ويطلق ذكر الله أيضا ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه: كتلاوة القرآن وقراءة الحديث ومدارسة العلم والتنقل بالصلاة، ثم الذكر يقع تارة باللسان ويؤجر عليه الناطق، ولا يشترط استحضاره لمعناه، ولكن يشترط أن لا يقصد به غير معناه، وإن إنضاف إلى النطق الذكر بالقلب فهو أكمل، فإن إنضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائض عنه ازداد كمالا، فإن وقع ذلك في عمل صالح مهما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما ازداد كمالا، فإن صحح التوبة وأخلص لله تعالى في ذلك فهو أبلغ الكمال قاله الحافظ (وقال
-197 -
ما جاء في فضل الذكر مطلقا- وشرح حديث كل أمر ذي بال الخ
-----
(باب ما جاء في فضل الذكر مطلقا والاجتماع عليه)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر أو قال أقطع (عن معاذ بن جبل) رضي
النووي في الأذكار أعلم أن فضيلة الذكر منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله تعالى، كذا قال سعيد بن جبير وغيره من العلماء، وقال عطاء رحمه الله مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج وأشباه هذا اهـ (تنبيه) اعلم هداني الله وإياك لطاعته أن ما جاء في هذا الكتاب (أعني كتاب الأذكار والدعوات) ليس كل ما جاء في مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى من الأذكار، فقد جاء فيه أذكار كثيرة وضعتها في كتب أخرى لتعلقها بها كأذكار الوضوء والصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك ليسهل تناولها على الطالب، وما ليس له تعلق بكتب مخصوصة جعلته مستقلا في هذا الكتاب مرتبا على الأبواب لتسييره على الطلاب فتنبه لذلك والله الموفق (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن آدم ثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أو للشك من الراوي يشك هل قال كل كلام أو كل أمر والمشهور في الرواية الأخيرة، وهو أعم من الكلام لأنه قد يكون فعلا، ولذا جاء بلفظ (كل أمر) في أكثر الروايات، قال ابن البنكي رجمه الله والحق أن بينهما عموم وخصوص من وجه، فالكلام قد يكون أمرا وقد يكون نهيا وقد يكون خبرا: والأمر قد يكون فعلا وقد يكون قولا اهـ (وقوله ذي بال) أي حال شريف محترم ومهتم به شرعا كما يفيده التوين المشعر بالتعظيم (والبال أيضا القلب كأن الأمر ملك قلب صاحبه لاشتغاله به جاء في أكثر الروايات (لا يبدأ) ولم أقف على رواية (لا يفتتح) لغير الإمام أحمد (وقوله بذكر الله) هكذا في المسند، وعند أبي داود وابن ماجة البيهقي (بالحمد لله) ولأبي داود والرهاوي في الأربعين (بسم الله الرحمن الرحيم) وعنه البغوي (بحمد الله) وأعم الجميع رواية الإمام أحمد (بذر الله) فهي شاملة لكل ما ورد في هذا الباب لأنه لا يخرج عن ذكر الله عز وجل أو للشك من الراوي، وأبتر، وأقطع بمعنى واحد (وفي رواية فهو أجذم) ومعنى الجميع أي ناقص غير معتد به شرعا وقليل البركة (تخريجه) (د هق قط حب) بألفاظ مختلفة وكلهم رووه عن أبي هريرة: وفي إسناد الجميع قره بن عبد الرحمن فيه كلام، وأخرج له مسلم مقرونا بغيره: وصححه بعض الحفاظ وحسنه بعضهم، وبعضهم ضعفه، وألف فيه السخاوي جزءا وقال النجم رواه عبد القادر الرهاوي بلفظ (كل أمر ذي بال لا يبتدأ به بحمد الله والصلاة على فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن المثنى ثنا عبد العزيز يعني ابن أبلي سلمة عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة أنه بلغه عن
-198 -
هل الذكر أفضل أم الجهاد؟ وكلام العلماء في ذلك
-----
الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، وقال معاذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من تعاطي الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم غدا فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا بلى يا رسول الله، قال ذكر الله عز وجل (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا |أنبئكم بخير أعمالكم فذكر مثله (حدثنا عبد الله)
حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد هو يشك يعني الأعمش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله وملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى
معاذ بن جبل أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي أكثرها ثوابا عند الله عز وجل يستفاد من هذا الحديث أن الذكر أفضل الأعمال وخيرها على العموم، وقد استشكل بعض أهل العلم تفضيل الذكر على الجهاد مع ورود الأدلة الصحيصة أنه أفضل الأعمال، وقد أجاب العلماء بأجوبة كثيرة، أظهرها أن ما ورد من الأحاديث المشتملة على تفضيل بعض الأعمال على بعض آخر، وما ورد منها مما يدل على تفضيل البعض المفضل عليه باختلاف الأشخاص والأحوال، فمن كان مطيقا للجهاد وقوي الأثر فيه لأفضل أعماله الجهاد، ومن كان كثير المال فأفضل أعماله الجهاد، ومن كان كثير المال فأفضل أعماله الصدقة، ومن كان غير متصف بأحد الصفحتين المذكورتين فأفضل أعماله الذكر والصلاة ونحو ذلك، وتقدم مثل هذا الجمع في غير موضع فتدبر (تخريجه)(ك) أخرج الحاكم الجزء الأول منه موقوفا على معاذ، والجزء الثاني مرفوعا عن أبي الدرداء بسند واحد عن زياد بن أبي زياد وأبي بحرية عن أبي الدرداء، وأبو بحرية اسمه عبد الله بن قيس سمع من أبي الدرداء، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال المنذري رواه أحمد من حديث معاذ بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعا وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش لم يدرك معاذا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحي بن سعيد عن عبد الله بن سعيد عن زياد بن أبي زياد عن أبي بحرية عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم قال مكى وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا وذاك ما هو يا رسول الله؟ قال ذكر الله عز وجل (تخريجه)(مذ جه ك طب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه المنذري والهيثمي وهو يؤيد حديث معاذ المتقدم (حدثنا عبد الله الخ)(غريبة) معناه أن الأعمش يشك هل قال أبو صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، ورواية الشيخين عن أبي صالح عن أبي هريرة بغير الشك أي يسيرون في الأرض ويطوفون بها فقد جاء عند مسلم بلفظ (ملائكة سيارة) وعند البخاري
-199 -
فضل الاجتماع على الذكر والتفاف الملائكة حول المجتمعين وما أعد الله لهم من الثواب العظيم
-----
بغيتكم فيجيئون فيحفون بهم إلى السماء الدنيا فيقول الله أي شيء تركتم عبادي يصنعون؟ فيقولون تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويذكرونك، فيقول هل رأوني؟ فيقولون لا، فيقول فكيف لو رأوني؟ فيقولون لو رأوك لكانوا أشد تحميدا وتمجيدا وذكرا، فيقول فأي شيء يطلبون؟ فيقولون الجنة، فيقول وهل رأوها؟ فيقولون لا، فيقول فكيف لو رأوها؟ فيقولون لو رأوها كانوا اشد عليها حرصا وأشد لها طلبا، قال فيقول ومن أي شيء يتعوذون؟ فيقولون من النار فيقول وهل رأوها؟ فيقولون لا فيقول فكيف لو رأوها؟ فيقولون لو رأوها كانوا اِد منها هربا وأشد منها خوفا، قال فيقول إني أشهدكم أني قد غفرت لهم، قال فيقولون فإن فيهم فلانا الخطاء لم يردهم إنما جاء لحاجة، فيقول هم القوم لا يشقى بهم جليسهم (عن أنس بنم مالك) رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملاء ذكرته
(ملائكة يطوفون في الطريق)(وقوله فضلا عن كتاب الناس) قال القاضي عياض بفتح الفاء وإسكان الضاد هكذا الرواية عند جمهور شيوخنا في البخاري ومسلم، قال العلماء معناه أنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم، وإنما مقصود حلق الذكر اهـ (وقوله عن كتاب الناس) بضم الكاف وتشديد التاء الفوقية يعني كتبة أعمال الناس من الملائكة، وهذا التصريح يفيد أن السياحيين غير الكتبة ويؤيد ما قاله العلماء (وقوله هلموا) أي أقبلوا وتعالوا إلى حاجتكم بفتح الياء التحتية وضم الحاء المهملة أي يطوفون بهم ويدورون حولهم بعضهم فوق بعض من مجلس الذكر إلى السماء الدنيا، ويؤيد هذا ما في رواية مسلم (وحف بعضهم بعضا فوق بعض من مجلس الذكر إلى السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال فيسألهم الله تعالى الخ) إن قيل كيف يسأل الله عز وجل ملائكته عن حال الذاكرين وهو أعلم بهم منهم (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)(فالجواب) أن المراد بهذا السؤال وما بعده من الأسئلة إظهار شرف الذاكرين في عالم الملائكة زاد مسلم فأعيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا يعني كثير الخطأ والذنوب (وقوله لم يردهم) أي لم يأت إليهم لأجل الذكر معهم إنما جاء لحاجة فجلس معهم تعريف الخبر يدل على الكمال أي هم القوم كل القوم الكاملون فيما هم فيه من السعادة فيكون قوله (لا يشقى بهم جليسهم) استئنافا فالبيان الموجب، وفي هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين، فلو قيل يسعد بهم جليسهم لكان ذلك في غاية الفضل، لكن التصريح بنفي الشقاء أبلغ في الحصول المراد (تخريجه)(ق مذ حب طب بز) بألفاظ متقاربة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن أنس بن ما تلك الخ (غريبة) تطلق النفس في اللغة على معان، منها الدم ومنها نفس الحيوان وهذان مستحيلان على الله عز وجل، وقد ورد في كتابه جل شأنه إطلاق النفس عليه التي
-200 -
قول الله تعالى في الحديث القدسي يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي الخ
-----
في ملاء من الملائكة أو في ملاء خير منهم وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا، وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا، وإن أتيتني تمشي أتيتك أهرول، قال قتادة فالله تعالى؟ أسرع بالمغفرة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل أنا مع عبدي حين يذكرني (وفي لفظ أنا عند حسن ظنه عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني) فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي الحديث (عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يذكر الله عز وجل
من معانيها الذات والله تعالى له ذات حقيقية، وهو المراد بقوله في الحديث (في نفسي) ومنها الغيب، وهو أحد الأقوال في قوله عز وجل (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) قال ابن عباس تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك، والمراد بذكر الله تعالى لعبده في نفسه إثباته بما لا يطلع عليه أحد من خلقه وعبر عن ذلك بالذكر مشاكلة، فهو كقوله تعالى (فاذكروني أذكركم) الآية والمراد بذكر العبد ربه في نفسه الذكر الشفاهي على جهة السر دون الجهر والله أعلم بفتح الميم واللام مهموز أي في جماعة جهرا هم الملأ الأعلى لا يلزم من ذلك تفضيل الملائكة على بني آدم لاحتمال أن يكون المراد بالملأ الذين هم خير من ملأ الذاكرين الأنبياء والشهداء فلم ينحصر ذلك في الملائكة بكسر الشين المعجمة أي مقدار شبر (وقوله دنوت منك ذراعا) بكسر الذال المعجمة أي بقدر ذراع أي بقدر باع وهو طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره قال النووي وهذا الحديث من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره، قال ومعناه من تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة، وإن زاد زادت، فإن أتاني يمشي أتيته هرولة، أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود، والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه والله أعلم (تخريجه) (خ. والطيالسي) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية وابن نمير قالا حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) قال العلماء هي معنية خصوصية أي معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية والإعانة فهي غير المعية المعلومة من قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) فإن معناها المعية بالعلم والإحاطة هذا اللفظ لابن نمير (بضم النون وفتح الميم مصغرا) اسمه عبد الله: وهو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، يعني أنه زاد في روايته (أنا عند ظن عبدي بي) وقد جاءت هذه الزيادة عند الشيخين أيضا، ومعناه إرجاء وتأميل العفو، وتقدم الكلام على ذلك مستوفى في باب حسن الظن بالله في الجزء السابع صحيفة 39 من كتاب الجنائز فارجع إليه الحديث بقيته= وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملاء هم خير منهم، وإن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا، وإن اقترب إلى ذراعا اقتربت إليه باعا فإن أتاني يمشي أتيته هرولة، وتقدم شرحه في الحديث السابق (تخريجه)(ق مذ)(سنده) حدثنا
-201 -
فضل الذكر في المساجد وثواب الذاكرين
-----
على كل أحيانه (عن الأغر أبي مسلم) قال أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما
شهدا لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وأنا أشهد عليهما ما قعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفت بهم الملائكة وتنزلت عليهم السكينة وتغشتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده، ومن أبطأ بع عمله لم يسرع به نسبه (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي العباد أفضل؟ قال الذاكرون الله كثيرا، قال قلت يا رسول الله ومن الغازي؟ قال لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة
عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة المخزومي عن البهي عن عروة عن عائشة اله (غريبة) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى بقلبه ولسانه بالذكر الثابت عنه تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك (على كل أحيانه) أي في كل أوقاته متطهرا ومحدثا وجنبا وقائما وقاعدا ومضطجعا وراكبا وماشيا ومسافر ومقيما، فكأن ذكر الله عز وجل يجري مع أنفاسه إلا في حالة الجماع وقضاء الحاجة فيكره الذكر حينئذ باللسان كما ذهب إليه الجمهور، ويستثني من ذلك أيضا تلاوة القرآن للجنب، لحديث علي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بجعبته عن القرآن شيء ليس الجنابة) رواه الأربعة والإمام أحمد وتقدم في باب حجة من قال الجنب لا يقرأ القرآن رقم 435 صحيفة 120 من كتاب الطهارة في الجزء الثاني وتقدم الكلام عليه هناك (تخريجه)(م د مذ جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم الخ (غريبة) جملة (وأنا أشهد عليهما) معترضة بين القول ومقولة، ولم تأت هذه الجملة في رواية مسلم أي بأي ذكر كان من تسبيح أو تهليل أو تكبير أو تلاوة قرآن أو مدارسة علم أو نحو ذلك (وقوله إلا حفت بهم الملائكة) أي أحاطت بهم أي الطمأنينة والوقار (وتخشتهم الرحمة) أي عمتهم (وذكرهم الله) مباهاة وافتخارا (فيمن عنده) من الملائكة (تخريجه)(م مذ جه)(عن أبي هريرة) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب الترغيب في إعانة المسلم وتفريج كربه الخ في قسم الترغيب إن شاء الله تعالى معناه أن من قصر في الأعمال الصالحة اتكالا على أنه ابن الحسين مثلا لا يلحقه نسبة إلى الحسين بدرجة العاملين، فقد وعد الله عز وجل الطائع بالجنة وغن كان عبدا حبشيا: وأوعد العاصي بالنار وإن كان شريفا قرشيا (إن أكرمكم عند الله أتقاكم (تخريجه)(م. وغيره)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخ (غريبة) تقدم الكلام على معنى هذا
-202 -
فضل الاجتماع على الذكر وتبديل سيئات الذاكرين حسنات
-----
(عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يبيت على ذكر الله طاهرا فيتعار من الليل فيسأل الله عز وجل خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات (عن سهل بن معاذ) بن أني الجهني عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل الذكر على النفقة في سبيل الله تعالى بسبعمائة ألف ضعف (وفي لفظ بسبعمائة ضعف)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جلس قوم مجلسا فلم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترة، وما من
التفضيل في شرح حديث معاذ الثاني من أحاديث الباب (تخريجه)(مذ) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث دراج اهـ (قلت) يعني دراج السهمي فيه كلام وضعفه الدارقطني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح وحسن بن موسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن شهر بن حوشب عن أبي ظبية عن معاذ ابن جبل الخ (غريبة) ظاهر قوله يبيت إن ذا خاص بنوم الليل (وقوله على ذكر الله) يعني أي ذكر كان من قراءة وتسبيح ونحوه (وقوله طاهرا) يفيد اشتراط الطهر من الحديثين والخبث، أي متوضئا، فقد روى البيهقي أن الأرواح يعرج بها في منامها فتؤمر بالسجود عند العرش، فمن بات طاهرا سجد عند العرش: ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدا عنه وفيه ندب الوضوء للنوم بفتح التاء المثناة بعدها عين مهملة مفتوحة وبعد الألف راء مشددة مفتوحة: ومعناه يستيقظ من النوم، وأصل التعار السهر والتقلب على الفراش ليلا مع كلام، كذا في القاموس (وقوله من الليل) يفيد أي وقت كان جاء في الأصل بعد هذه الجملة- قال حسن في حديثه قال ثابت البناني فقدم علينا هاهنا فحدث بهذا الحديث عن معاذ قال أبو سلمة أظنه أعنى أبا ظبية اهـ وعند أبي داود قال ثابت البناني قدم علينا أبو ظبية فحدثنا بهذا الحديث عن معاذ بن جبل (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وحسنه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا ميمون المرئي (بفتح الميم والراء وكسر الهمزة) ثنا ميمون بن سياه (بكسر المهملة بعدها باء تحتية) عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (عل بز طس) وفي إسناده ميمون المرئي: قال الهيثمي وثقه جماعة وفيه ضعف وبقية رجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا لهيعة عن خير بن نعيم الحضرمي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني الخ (تخريجه)(طب) وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن أبي ذئب قال ثنا سعيد عن إسحاق عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر التاء الفوقية وفتح الراء مخففة هي النقص، وقيل التبعة، والتاء عوض عن الواو كعدة
-203 -
فضل الإكثار من الذكر وقوله صلى الله عليه وسلم أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون
-----
رجل يمشي طريقا فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة، وما من رجل أوى إلى فراشه فلم يذكر الله إلا كان عليه ترة (عن عبد الله بن بسر) رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيان فقال أحدهما من خير الرجال يا محمد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم من طال عمره وحسن عمله، وقال الآخر إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع، قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل (عن سهل بن معاذ) بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله فقال أي الجهاد أفضل أجرا؟ قال أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا، قال فأي الصائمين أعظم أجرا؟ قال أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا، ثم ذكر لنا الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا فقال أبو بكر رضي الله عنه يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل (عن أب سعيد الخدري) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون
جاء في الأصل بعد هذه الجملة قال أبي ثنا روح قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن إسحاق مولى عبد الله بن الحارث ولم يقل إذا أوى إلى فراشه (تخريجه)(د نس حب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي عياش ثنا حسان بن نوح عن عمرو بن قيس عن عبد الله بن بسر (بضم الموحدة وسكون المهملة) الخ (غريبة) يريد أن شعب الإسلام وخصاله الفاضلة الدالة على صدق إسلام فاعلها تعددت وبلغت حد الكثرة التي عجزنا عن العمل بجميعها وتحيرنا في اختيار الأفضل منها لجهلنا بذلك: فدلنا على باب جامع من الشرائع يكون عمله قليلا وأجره كثيرا نتمسك بع ونواظب عليه معناه داوم على الذكر باللسان والجنان في سائر الأحوال حتى أنه لا يزال لسانك رطبا الخ، وهذا يختلف بإختلاف الناس وأحوالهم وقوة إيمانهم وطاقتهم، وهو يفيد الحث على كثرة الذكر وعدم الغفلة عنه قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) الآية (تخريجه)(مذ جه ك حب ش) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ الخ (غريبة) معناه أي المجاهدين أفضل كما يدل على ذلك سياق الحديث أي نعم، وقد استدل بهذا على أن أفضل عباد الله أكثرهم له ذكرا وأن كل عمل يصحبه الذكر يكون أفضل من غيره العاري عن الذكر (تخريجه) (د طب) وفيه ابن لهيعة وزبان (بفتح الزاي وتشديد الموحدة) ابن فايد كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخ (غريبة) أي حتى يقول الغافلون عن الذكر: أو حتى يقول الذين لا رغبة لهم في الذكر، أو المنافقون، ويدخل المنافقون في هذا دخولا أوليا، وقد استدل بهذا الحديث على جواز الجهر
-204 -
بيان أن حلق الذكر رياض الجنة
-----
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال:/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق المفردون، قالوا ومن المفردون؟ قال الذين يهترون في ذكر الله
(باب ما جاء في فضل حلق الذكر ومجالسه في المساجد)
(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر
بالذكر، ويؤيده حديث (من ذكرني في ملأ) وتقدم في الباب السابق، ويمكن أن يكون سبب نسبتهم الجنون إليه ما يرونه من إدامة واشتغاله بطاعة الله عز وجل، وكثيرا ما يرى من لا شغل له بالطاعات أو من هو مشتغل بمعاصي الله يظهر السخرية بأهل الطاعات والاستهزاء بهم، لأنه قد طبع على قلبه وصار في عداد المخذولين، وقد حصل مثل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاستهزأ به الكفار ونسبوه إلى الجنون: فأبره الله مما قالوا ونصره عليهم أذاهم وكف أذاهم عنه قال تعالى (إن كفيناك المستهزئين) الآية (تخريجه) حب عل طب ك هب) وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وفي إسناده دراج ضعفه جمع وبقية رجال أحمد ثقات اهـ (قلت) صححه الحافظ في أماليه، وصححه السيوطي في الجامع الصغير، وذلك لأنه دراجا غير متفق على ضعفه فقد وثقه جماعة من الحفاظ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا علي يعني ابن المبارك عن يحيى يعني ابن أبي كثير عن ابن يعقوب قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بتشديد الراء وتخفيفها مكسورة، قال النووي والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد اهـ وعناه المنفردون المعتزلون عن الناس بذكر الله وعبادته بضم أوله وسكون ثانية وفتح التاء المثناة فوق ومعناه الذين يولعون بذكر الله ولا يتحدثون بغير، قاله جمع من العلماء، وجاء في رواية لمسلم قالوا وما المفردون؟ قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات (تخريجه)(مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي ورواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا محمد حدثني أبي عن أنس بن مالك الخ (غريبة) جمع روضة وهو الموضع المشتمل على النبات المعجب (بضم الميم وكسر الجيم) بالزهور الرتع هو الأكل والشرب في خصب وسعة، وأراد برياض الجنة ذكر الله عز وجل وشبه الخوض فيه بالرتع بكسر الحاء المهملة وفتح اللام جمع حلقه كقصعة وقصع، وهي الجماعة من الناس مستعدون كحلقة الباب وغيره (ومعنى الحديث) إذا مررتم بحلق الذكر فادخلوا فيها لتنالوا الأجر العظيم والفوز بجنات النعيم، ففيه الحث على الذكر ومشاركة أهله فيه، وإطلاق الذكر هنا يشمل ما يذكر بالله عز وجل من قراءة قرآن ومدارسة علم وتسبيح وتهليل ونحو ذلك، ولا سيما وقد فسرت رياض الجنة في حديث ابن عباس بمجالس العلم رواه الطبراني، وفسرت في حديث أبي هريرة بالمساجد رواه الترمذي، وفسرت في حديث
-205 -
فضل حلق الذكر في المساجد ومباهات الله عز وجل بهم الملائكة
-----
(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال خرج معاوية على حلقة في المسجد، فقال ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله عز وجل، قال آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذاك، قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال ما أجلسكم؟ قالوا نذكر الله عز وجل ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن علينا بك، قال آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال أما إني أستحلفكم تهمة لكم، وإنه أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة (وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الرب عز وجل يوم القيامة سيعلم أهل الجمع من أهمل الكرم، فقيل ومن أهل الكرم يا رسول الله؟ قال مجالس الذكر في المساجد
الباب بحلق الذكر، ولا مانع من إرادة الكل وأنه إنما ذكر في كل حديث بعضا، لأنه خرج جوابا عن سؤال معين، فرأى أن الأولى بحال السائل هنا حلق الذكر، وثم مجالس العلم والله أعلم (تخريجه)(مذ) البيهقي في شعب الإيمان، وقال الترمذي حسن غريب، وقال المناوي شواهده ترتقي إلى الصحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر قال حدثني مرحوم بن عبد العزيز قال حدثني أبو نعامة السعدي عن أبي عثمان النهدي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) بالمد والجر وما هذه نافية، قال السيد جمال الدين قيل الصواب بالجر لقول المحقق الشريف في حاشيته همزة الاستفهام وقعت بدلا عن حرف القسم ويجب الجر معها اهـ قال النووي هي بفتح الهاء وإسكانها (يعني مع ضم التاء الفوقية) من الوهم والتاء بدل من الواو، واتهمته به إذا ظننت به ذلك (وقوله وما كان لأحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) يريد أنه كان له منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه كان محرما لأم حبيبة أخته إحدى أمهات المؤمنين، ولكونه كان من كتبة الوحي، وما كان أحد بهذه المنزلة أقل حديثا منه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصل البهاء الحسن والجمال وفلان يباهي بماله أي يفخر، والمعنى أن الله عز وجل يظهر فضل الذاكرين لملائكته ويريهم حسن عملهم ويثني عليهم عندهم (تخريجه)(م نس مذ)(سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا سريج ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الرب عز وجل الخ (غريبة) جاء في رواية سيعلم أهل الجمع اليوم الخ، والمراد بأهل الخلائق المجتمعون يوم القيامة (وقوله من أهل الكرم) يعني أهل الكرامة الذين يكرمهم الله عز وجل في ذلك اليوم على رؤوس الملأ ويخصهم بمزيد نعمه وإحسانه يعني أصحاب مجالس الذكر في المساجد وخص المساجد بالذكر لكونها محل العبادة: والذكر من أفضل العبادات فهو فيها أفضل منه في غيرها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بإسنا دين وأحدهما حسن وأبو يعلى كذلك اهـ (قلت)
-206 -
استحباب الذكر في الخفاء إذا خاف على نفسه الرياء أو التشويش على مصل
-----
(باب ما جاء في الذكر الخفي)(عن سعد بن مالك) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي (عن أبي موسى الأشعري) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم ما تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذين تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله
الإسناد الحسن الذي أشار إليه الحافظ الهيثمي هو ما ذكرناه، والثاني فيه ابن لهيعة بدل عمرو بن الحارث ورواه أيضا (حب هق)(باب)(سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا وكيع أسامة بن زيد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن سعد بن مالك الخ، (غريبة) فيه أن الإسرار بالذكر أفضل من الجهر به، ولكن تقدم ما يفيد الجهر بالذكر كحديث (أكثر واذكر الله حتى يقولوا مجنون) وحديث (وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) وقد جمع العلماء بين أحاديث السر والجهر وبأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فقد يكون الجهر أفضل إذا أمن الرياء وكان في الجهر تذكير للغافلين: وقد يكون الإسرار أفضل إذا خشي الرياء أو التشويش على نحو مصل والله أعلم أي ما يقنع به ويرضى على الوجه المطلوب شرعا، وإلا فلا يملأ عين ابن آدم إلا التراب (تخريجه)(عل) وفي إسناده ابن أبي لبيبة (بفتح اللام وكسر الموحدة الأولى وفتح الثانية) وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي أبو محمد ثنا خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبة) الشرف بفتح الشين المعجمة والراء العلو والمكان العالي (وقوله ولا نعلوا شرفا) معناه أنهم كانوا يجهرون بالتكبير في أثناء صعودهم إلى المكان المرتفع وعند استوائهم عليه وعند هبوطهم إلى المكان المنخفض بهمزة وصل وبفتح الموحدة معناه ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه، وأنتم تدعون الله تعالى وهو سميع بصير أقرب إليكم من حبل الوريد، وهو معكم بالعلم والإحاطة أينما كنتم، وهذا يدل عل خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه: وتقدمت الاشارة إلى ذلك في شرح الحديث السابق قال العلماء معنى الكنز هنا أنه ثواب مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس كما أن الكنز أنفس أموالكم معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، قال النووي حكى هذا عن ابن مسعود (قلت) جاء عند البزار بسند حسن عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله: وقال أهل اللغة الحول الحركة والحيلة، أي لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى (تخريجه)(ق. وغيرهما)
-207 -
فضل أسماء الله الحسنى وأن من أحصاها دخل الجنة
-----
(باب ما جاء فضل أسماء الله الحسنى)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة أنه وتر يحب الوتر (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها كلها دخل الجنة
(باب) قال القرطبي في تفسيره سمى الله سبحانه أسماءه الحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وأفضاله، والحسنى مؤنث الأحسن كالكبرى تأنيث الأكبر اهـ باختصار حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد (يعني ابن هارون) أنا محمد (يعني ابن سيرين) عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبة) اسما بالنصب على التمييز (مائة) بدل من تسعة وتسعين (وغير) منصوب على الاستثناء (قال العلماء) والحكمة في قوله مائة غير واحد بعد قوله تسعة وتسعين أن يتقرر ذلك في نفس السامع جمعا بين جهتي الإجمال والتفصيل أو دفعا للتصحيف الخطي لاشتباه تسعة بسبعة وسبعين جاء في رواية البخاري بلفظ (لا يحفظها أحد عن ظهر قلبه إلا دخل الجنة) وهذا اللفظ مفسر لما جاء هنا بلفظ (أحصاها) والحفظ يستلزم التكرار أي تكرار مجموعها، وقيل معنى أحصاها الاعتبار بمعانيها والعمل بها (وقوله دخل الجنة) أي كان جزاءه دخول الجنة، وذكر الجزاء بلفظ الماضي تحقيقا لوقوعه وتنبيها على أنه وإن لم يقع فهو في حكم الواقع لأنه كائن لا محالة بكسر الواو وفتحها أي فرد، ومعناه في حق الله عز وجل أنه الواحد الأحد الذي لا نظير له في ذاته (وقوله يحب الوتر) أي من شيء: أو كل وتر شرعه وأثاب عليه لأنه أدعى إلى معاني التوحيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن هشام ويزيد يعني ابن هارون قال أنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (ق) وأخرج الطريق الثانية (ق مذ جه)(هذا) ولم يأت في مسند الامام أحمد ولا عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي حديث فيه تعيين الأسماء التسعة والتسعين مسرودة مفصلة وذلك لأن ما ورد مفصلا فيه اختلاف واضطراب، حتى قال بعض العلماء إن تعيين الأسماء مدرج من بعض الرواة (قال الداودي) لم يئبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عين الأسماء المذكورة (وقال أبو الحسن القابسي) أسماء الله تعالى وصفاته لا تعلم إلا بالتوفيق من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ولا يدخل فيها القياس (يعني أن كل اسم ورد في هذه الأصول وجب إطلاقه في صفة تعالى، وما لم يرد فيها لا يجوز إطلاقه في وصفه وإن صح معناه) قال ولم يقع في الكتاب ذكر عدد معين، وثبت في السنة أنها تسعة وتسعون: فأخرج بعض الناس من الكتاب تسعة وتسعين اسما والله أعلم بما أخرج من ذلك، لأن بعضها ليست أسماء يعني صريحة اهـ (واختلف العلماء) في هذا العدد هل المراد به حصر الأسماء الحسنى في التسعة والتسعين أو أنها أكثر من ذلك ولكن اختصت هذه بأن من أحصاها دخل الجنة؟ فذهب الجمهور إلى الثاني
-208 -
كلام العلماء في عدد أسماء الله الحسنى وأصح ما ورد في ذلك
-----
(أبواب ما جاء في فضل صيغ مخصوصة)(باب فضل لا إله إلا الله)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الإيمان أربعة وستون بابا
ونقل النووي اتفاق العلماء عليه، فقال ليس في الحديث حصر أسماء الله تعالى وليس معناه أنه ليس معناه أنه ليس له اسم غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه الأسماء اهـ (قلت) ويؤيد ذلك ما جاء عند الإمام أحمد من حديث ابن مسعود وسيأتي في الدعوات (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك) وعند الإمام مالك عن كعب الأحبار في دعاء وأسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم (وممن ذكر هذه الأسماء) من المحدثين في كتبهم (مذ جه حب خز ك) والبيهقي في شعب الإيمان وأصحها ما رواه الترمذي، قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوز جاني حدثني صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) فذكرها، ثم قال آخر الحديث هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولا نعرفه إلا من حديث صفوان ابن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نعلم ذكر الأسماء في شيء من الروايات له إسناد صحيح إلا هذا الحديث، وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه الأسماء وليس له إسناد صحيح اهـ (قلت) يشير الترمذي رحمه الله تعالى إلى أن أوجود الأحاديث التي ذكرت فيها الأسماء هو الذي أثبته في كتابه بسنده المذكور (قال الحافظ) رواية الوليد عن شعيب (يعني سند الترمذي) هي أقرب الطرق إلى الصحة وعليها عول غالب من شرح الأسماء الحسنى اهـ (قلت) وحسنه النووي في الأذكار، أما قول الترمذي ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح فلا يقدح فيه بعد قوله وهو ثقة عند أهل الحديث، ومع هذا فقد قال الحافظ لم ينفرد به صفوان، فقد أخرجه البيهقي من طريق موسى بن أيوب النصيبي وهو ثقة عن الوليد أيضا اهـ والله أعلم (باب) (عن أبي هريرة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن عمارة بن غزرية عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي ثمراته وفروعه فأطلق الإيمان: وهو الإقرار والتصديق على هذه الأبواب مجازا لكونها من حقوقه ولوازمه (وقوله أربعة وستون بابا) هكذا جاء في هذه الرواية عند الإمام أحمد والترمذي، وجاء في رواية للبخاري (بضع وستون شعبة) بدل (أربعة وستون بابا) ومعناها في الروايتين الخصال (والبضع) بفتح الموحدة وكسرها من ثلاث إلى تسع على الأصح، والشعبة بضم الشين المعجمة الخصلة، وأصلها الطائفة من الشيء والغصن من الشجرة، قال الكرماني شبه الإيمان بشجرة
-209 -
أصل الإيمان وأفضل شعبة قول لا إله إلا الله
-----
أرفعها وأعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال قالت يا رسول الله أوصى، قال إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها، قال قلت يا رسول الله أمن الحسنات لا اله إلا الله؟ قال هي أفضل الحسنات (عن عثمان بن عفان) رضي الله عنه قال تمنيت أن أكون سألت النبي صلى الله عليه وسلم ماذا ينجينا مما يلقى الشيطان في أنفسنا، فقال أبو بكر رضي الله عنه قد سألته عن ذلك، فقال ينجيكم من ذلك أن تقولوا
ذات أغصان وشعب كما شبه حديث (بني الإسلام على خمس) بخباء ذي أعمدة وأطناب اهـ والمراد التكثير لا حصر على حد قوله تعالى (أن تستغفر لهم سبعين مرة) أي أو أكثر من ذلك أي أفضل هذه الأبواب وهي المعبر عنها بالشعب في بعض الروايات، وهي الخصال كما تقدم: أفضلها هذا الذكر، فوضع القول موضع الذكر لا موضع الشهادة فإنها من أصله لا من شعبه، والتصديق القلبي خارج عنهما إجماعا، قال القاضي عياض وقد نبه صلى الله عليه وسلم على أن أفضلها التوحيد المتعين على كل أحد والذي لا يصح شيء من الشعب إلا بعد صحته (وأدناها) ما يتوقع ضرره بالمسلمين من إماطة الأذى عن طريقهم، وبقي بين هذين الطريقين أعداد لو تكلف المجتهد تحصيلها بغلبة الظن وشدة التتبع لأمكنه، وقد فعل ذلك بعض من تقدم، وفي الحكم (بضم الحاء المهملة وسكون الكاف) بأن ذلك مراد النبي صلى الله عليه وسلم صعوبة، ثم إنه لا يلزم معرفة أعيانها ولا يقدح جهل ذلك في الإيمان، إذ أصول الإيمان وفزوعه معلومة محققة، والإيمان بأنها هذا العدد واجب في الجملة اهـ والله أعلم (تخريجه)(ق. والأربعة وغيرهم)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شمر بن عطية عن أشياخه عن أبي ذر الخ (غريبة) أي فإنها تمحها، قال القاضي عياض صغائر الذنوب مكفرات بما يتبعها من الحسنات وكذا ما خفي من الكبائر لعموم قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات) وقوله صلى الله عليه وسلم (أتبع السيئة الحسنة تمحها) أما ما ظهر منها وتحقق عند الحاكم فلا يسقط إلا بالتوبة اهـ (قلت) التوبة الصحيحة تكفر الذنب مطلقا سواء كان كبيرا أو صغيرا ظاهرا أو خافيا إلا إذا كان فيه حد وبلغ الإمام فلا بد من إقامة الحد عليه، أو كان حقا لآدمي فلا بد من إرضائه متى أمكن ذلك والله أعلم يعني أمن الحسنات محوا للسيئات (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، قال الهيثمي ورجاله ثقات إلا أن شمر بن عطية حدث به عن أشياخه عن أبي ذر ولم يسم أحدا منهم (عن عثمان بن عفان)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد العزيز بن محمد وسعيد ابن سلمة بن أبي الحسام عن عمرو عن أبي الحويرث عن محمد بن جبير بن مطعم أن عثمان رضي الله عنه قال تمنيت أن أكون الخ (غريبة) يعني من الوساوس والأمور المذمومة شرعا
-210 -
من لقن عند الموت لا اله إلا الله دخل الجنة
-----
ما أمرت به عمي أن يقوله فلم يقله (وعنه أيضا) قال توفى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم قبل أن نسأله عن نجاة هذا الأمر، قال أبو بكر قد سألته عن ذلك، قال فقمت إليه فقلت له بأبي أنت وأمي أنت أحق بها، قال أبو بكر قلت يا رسول الله ما نجاة هذا الأمر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي فردها على فهي له نجاة (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا اله إلا الله (عن زادان أبي عمر) قال حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من لقن عند الموت لا اله إلا الله دخل الجنة (عن أبي الأسود الديلي) عن أبي ذر رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض فإذا هو نائم، ثم أتيته أحدثه فإذا هو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فجلست
يريد كلمة لا اله إلا الله، فقد ثبت عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم من حديث أبي هريرة وسيأتي في تفسير سورة القصص من كتاب تفسير القرآن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه (يعني أبا طالب عند احتضاره) قل لا اله الله أشهد لك بها يوم القيامة، قال: لولا أن تعيرني قريش يقولون أنتما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك، فأزل الله عز وجل (إنك لا تهدي من أحببت) فهذه الرواية مفسرة بما أبهم هنا والأحاديث يفسر بعضها بعضا هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب تأثير وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى يعني نجاة بني آدم من وساوس الشيطان وما يلقيه في أنفسهم من أنواع الشر ويؤيد ذلك بل يفسره قوله في الطريق ألأولى (مذ ينجينا مما يلقي الشيطان في أنفسنا الخ) يعني لا إله إلا الله كما تقدم، في هذا الحديث والذي قبله دلالة على أن كلمة لا إله غلا اله أعظم الحسنات محوا للسيئات: وأنها تحفظ قائلها من وساوس الشيطان وتضمن له حسن الخاتمة إذا قالها عند الموت (تخريجه)(طس عل بز) وسنده جيد وروى نحوه الشيخان والإمام أحمد أيضا من حديث أبي هيريرة هذا الحديث أعني حديث أبي سعيد وحديث زاد ذالك والذي بعده تقدما في باب ما جاء في المحتضر وتلقينه كلمة التوحيد من كتاب الجنائز من الجزء السابع وتقدم الكلام عليها سندا وشرحا وتخريجا، وإنما أثبتهما هنا للاستدلال بهما على فضل كلمة التوحيد أنها تنفه قائلها في الصحة وعند الموت (ومنعى قوله موتاكم) أي من حضره الموت وقرب منه، وسمى ميتا باعتبار متا يؤول عليه مجازا فهو من قبيل قوله صلى الله عليه وسلم (من قتل قتيلا فله سلبه) الديلي بكسر المهملة ويقال الدؤلي بالضم بعدها همزة مفتوحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنى عبد الصمد حدثني أبي ثنى حسين عن ابن بريدة أن يحيى بن يعمر (بوزن جعفر) حدثه أن أبا الأسود الديلي حدثه أن أبا ذر قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) قال الكرماني فائدة ذكر الثوب والنوم تقرير التثبت والاتقان فيما يرويه في آذان السامعين ليتمكن في
-211 -
ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة
-----
إليه، فقال ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق ثلاثا، ثم قال في الرابعة على رغم أنف رأبي ذر، قال فخرج أبو ذر بجر ردائه وهو يقول وإن رغم أنف أبي ذر، قال فكان أبو ذر يحدث بهذا بعد ويقول وإن رغم أنف أبي ذر (عن تميم الداري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله إلا الله واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد عشر مرات كتب له أربعون ألف حسنة (عن عبد الله بن عمرو) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه، فقال إني قاصر عليكما الوصية، آمركما باثنين وأنها كما عن اثنتين، أنها كما عن الشرك والكبر، آمركما بلا اله إلا الله: فإن السماوات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفة الميزان ووضعت لا اله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح
قلوبهم يعني موحدا لا يشرك بالله شيئا كما في رواية أخرى أي لأن الكبيرة عند أهل السنة لا تسلب اسم الإيمان ولا تحبط الطاعة ولا تخلد صاحبها في النار بل عاقبته أن يدخل الجنة، وفيه رد على المبتدعة من الخوارج ومن المعتزلة الذين يدعون وجوب خلود من مات مرتكبا للكبائر من غير توبة هو من رغم إذا لصق بالرغام وهو التراب، ويستعمل مجازا بمعنى كره أو ذل إطلاقا لاسم السبب على المسبب، وتكرير النبي صلى الله عليه وسلم لانكاره استعظامه وتحجيره واسعا فإن رحمة الله تعالى واسعة (قال العلماء) ظاهر الحديث أن من مات مسلما دخل الجنة قبل النار أو بعدها، وهذا في حقوق الله تعالى باتفاق أهل السنة، أما حقوق العباد فلا بد من ردها عند الأكثر أو أن الله تعالى يرضى صاحب الحق بما شاء، وان من مات مصرا على الذنب من غير توبة فمذهب أهل السنة انه في مشيئة الله إن شاء عفا عنه لا يسئل عما يفعل اهـ (تخريجه)(ق مذ)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى يعني الطباع قال حدثني ليث بن سعد قال حدثني الخليل بن مرة عن الأزهر بن عبد الله عن تميم الداري الخ (غريبة) الصمد هو السيد الذي انتهى إليه أي بقصد (تخريجه)(مذ) وفيه الخليل بن مرة ضعيف هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده في باب تحريم لبس الحرير على الرجال من كتاب اللباس وقد اقتصرت على هذا الجزء منه هنا لمناسبة الترجمة (غريبة) أي بقول لا اله إلا الله مع اعتقاد معناها وهو أنه عز وجل واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له في ملكه ولا رب سواه بكسر الكاف لاستدارتها وكل شيء مستدير كفة بالكسر كما أن كل شيء مستطيل كفة بالضم أي لعظم قدرها وعلو شأنها وكثرة ثوابها
-212 -
لو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا اله الله لقصمتها
-----
ولو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا إله إلا الله عليها لقصمتها، وآمركما بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق كل شيء (عن ثابت حدثنا رجل من الشام وكان يتبع عبد الله بن عمرو بن العاص ويسمع، قال كنت معه فلقي نوفا، فقال نوف ذكر لنا أن الله تعالى قال لملائكته ادعوا لي عبادي، قالوا يا رب كيف والسماوات السبع دونهم والعرش فوق ذلك؟ قال إنهم؟ إذا قالوا لا إله إلا الله استجابوا (وعنه أيضا) عن أبي أيوب أن نوفا وعبد الله بن عمرو ابن العاص: اجتمعا فقال نوف لو أن السموات والأرض وما فيهما وضع في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في الكفة
الأولى بالفاء والثانية بالقاف، قال في النهاية القصم بالقاف كسر الشيء وإبانته، وبالفاء كسره من غير إبانة اهـ (قلت فقوله أو للشك من الراوي، والمعنى أن السماوات والأرض لو جعلتها حائلا بين كلمة التوحيد وبين العرش لكسرتهما حتى تخلص إلى الله عز وجل، ويؤيد ذلك ما سيأتي في الحديث التالي بلفظ (ولو أن السماوات والأرض وما فيهن كن طبقا من حديد فقال رجل لا اله إلا الله لخرقتهن حتى تنتهي إلى الله وبحمده) وببركته يرزق الله كل شيء، ـ ومصداق ذلك في قوله تعالى (وإن من شيء إلا يسبح بحمده الآية) (تخريجه) (ش هق بز ك) وصححه الحاكم ورجاله البزار ثقات: وقال الهيثمي ورجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا سليمان يعني ابن المغيرة عن ثابت حدثنا رجل من الشام الخ (غريبة) هو أبو أيوب الآتي ذكره في الحديث التالي وسيأتي الكلام عليه بفتح النون وسكون الواو ابن فضالة بفتح الفاء الحميري البكالي بكسر الموحدة وتخفيف الكاف الشامي ابن امرأة كعب الأحبار: روى عن علي وثوبان: وروى عنه سعيد ابن جبير وأبو إسحاق وغيرهم له ذكر في الصحيحين (خلاصة) ليس هذا آخر الحديث وله بقية لا تعلق لها بالباب، وهي كما جاء في الأصل بعد قوله (استجابوا) قال يقول له عبد الله بن عمرو صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرع كأني أنظر إلى رفعه إزاره ليكون أحب له في المشي، فانتهى إلينا فقال ألا أبشروا: ها ذاك ربكم أمر باب السماء الوسطى أو قال بباب السماء ففتح ففاخر بكم الملائكة قال انظروا إلى عبادي أدوا حقا من حقي ثم هم ينتظرون أداء حق آخر يؤدونه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي سنده انقطاع لأن نوفا قال ذكر لنا ولم يصرح باسم من روى عنه، لكن يؤيده الحديث الذي قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان يعني ابن سلمة عن ثابت عن أيوب الخ (غريبة) قال الذهبي في ميزان الاعتدال أبو أيوب الأزدي المراغي اسمه بن مالك وقيل حبيب بن مالك عن عبد الله بن عمرو، وعنه قتادة وثابت وثقه النسائي
-213 -
من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة
-----
الأخرى لرجحت بهن، ولو أن السماوات والأرض وما فيهن كن طبقا من حديد، فقال رجل لا اله إلا الله لخرقتهن حتى تنتهي إلى الله عز وجل (عن كثير بن مرة) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، قال لنا معاذ في مرضه قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كنت أكتمكوه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة
(باب الأصل في الاجتماع على الذكر بقول لا اله إلا الله)
(عن يعلى بن شداد) قال حدثني أبي شداد بن أوس وعبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل فيكم غريب؟ يعني أهل الكتاب، فقلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب وقال ارفعوا أيديكم وقولوا لا اله إلا الله، فرفعنا أيدنا ساعة، ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال الحمد لله الذي بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة وإنك
ليس هذا آخر الحديث وبقيته كما في الأصل بعد قوله (حتى تنتهي إلى الله عز وجل فقال عبد الله بن عمرو صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فذكر حديثا تقدم رقم 33 في باب انتظار الصلاة صحيفة 208 في الجزء الثاني (تخريجه)(جه) وقال البوصري في زوائد ابن ماجة هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات وأورد هي المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه ابن ماجة عن أبي أيوب عنه (يعني عن عبد الحميد يعني ابن جعفر ثنا صالح يعني ابن أبي غريب عن كثير بن مرة الخ (غريبة) إنما كتمه مدة حياته خوفا من اتكال الناس على ذلك، وأخبر بذلك عند موته خشية كتمان العلم، وقد جاء معنى ذلك عند البخاري من حديث معاذ مرفوعا (ما من حد يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقا من قلبه إلا حرم الله على النار، قال يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال إذا يتكلوا، وأخبر بها معاذ عند موته تأثما) أي خوفا من الإثم بالكتمان العلم أي مع الاعتراف للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة كما يستفاد من رواية البخاري المذكرة آنفا (وقوله وجبت له الجنة) أي وجب له دخول الجنة وصار حتما لا بد منه (قال القاضي عياض) يجوز في حديث من كان آخر كلامه لا اله إلا الله دخل الجنة أن يكون خصوصا لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه وإن كان قبل مخلطا (أي له أعمال صالحة وأعمال سيئة) فيكون سببا لرحمة الله تعالى إياه ونجاته رأسا من النار وتحريم عليها وفضل الله واسع (تخريجه)(د ك) وقال الصحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال التاج السبكي حديث صحيح وأخرجه الشيخان بلفظ آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن راشد ين داود عن يعلى بن شداد الخ (غريبة) أي من اليهود أو النصارى يعني كلمة التوحيد وهي (لا اله إلا الله)(وقوله وأمرتني بها) أي يقولها وتبليغ الناس أن يقولوها أيضا (ووعدتني عليها الجنة) أي لكل من يقولها مخلصا وفيه دلالة على استحباب رفع اليد عند قول
-214 -
قوله صلى الله عليه وسلم أسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله إلا الله خالصة من قبل نفسه
-----
لا تخلف الميعاد، ثم قال أبشروا فإن الله عز وجل قد غفر لكم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جددوا إيمانكم، قيل يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا؟ قال أكثروا من قوله لا اله إلا الله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم من أسعد الناس بشفاعة يوم القيامة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا اله إلا الله خالصة من قبل نفسه
لا إله إلا الله وجواز قولها جماعة، والظاهر أن هذا أصل اجتماع الناس على الذكر بقول لا اله إلا الله والله أعلم (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد بإسناد حسن والطبراني وغيره وأورده الهيثمي أيضا وقال رواه أحمد وفيه راشد بن داود وقد وثقه غير واحد وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات اهـ قلت رواه الحاكم في المستدرك وقال الذهبي راشد ضعفه الدارقطني وغيره ووثقه دحيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود يعني الطياليسي ثنا صدقة بن موسى السلمي الدقيقي ثنا محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال ربكم عز وجل لو أن عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمسي بالنهار، ولما أسمعتهم صوت الرعد: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حسن الظن بالله عز وجل من حسن عبادة الله، وقال الله صلى الله عليه وسلم جددوا إيمانكم الخ (غريبة) معناه أن المداومة على قول لا إله إلا الله والإكثار منها تجدد الإيمان في القلب، وتملؤه نورا وتزيد يقينا وتفتح له أسرارا يدركها أهل البصائر ولا ينكرها الأكل ملحد جائر (تخريجه)(طب هق ك) وأورده المنذري وقال إسناد أحمد حسن اهـ وكذلك الهيثمي وقال رجال أحمد ثقات وكذلك قال البيهقي، وفيه دلالة على أن هذه الكلمة الشريفة لما كانت محصلة للإسلام ابتداء تكون مجددة له ومحصلة لمثل الثواب السابق، وكلما أكثر من ذكرها ازداد قوة في الإيمان وكثرة في الثواب وفضل الله واسع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان أنبأنا إسماعيل أخبرني عمرو عن سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي أحظاهم وأولادهم بضم اللام وفتحها على حد قراءتي (وحسبوا أن لا تكون) بالرفع والنصب لوقوع أن بعد الظن، واللام في لقد جواب القسم المحذوف: أي والله لقد ظننت أو للتأكيد برفع أول صفة لأحد أو بدل منه أي أقدم منك، من الإقدام وهو الجرأة أو بالنصب على الحال، أي لغا يسألني أحد سابقا لك، ولا يضر كونه نكرة لأنها في سياق النفي كقولهم ما كان أحد مثلك أي مع قوله محمد الله صلى الله عليه وسلم واكتفى بالجزء الأول عن كلمتي الشهادة لأنه صار شعارا لمجموعها (وقوله خالصة) يعني كلمة لا اله إلا الله وقيد القول بالإخلاص ليخرج المنافق فإنه يقول بلسانه ولا يعتقد بقلبه: والإخلاص في التوحيد تصفيته من التشريك في الألوهية وموطنه القلب لا وعاء له سواه، ولذلك جاء في رواية البخاري خالصا من قلبه يعني القول (وقوله من قبل نفسه)
-215 -
فضل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد الخ
-----
(باب ما جاء في قول لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد الخ)
(عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائتي مرة في يوم لم يسبقه أحد كان قبله ولا يدركه أحد بعده إلا بأفضل من علمه (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من منح منحة ورق أو منحة لبن أو هدى زقاقا فهو كعتاق نسمة، ومن قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فهو كعتاق نسمة الحديث (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة لا اله إلا الله وحده لا شريك له، الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
أي لا يحمله على قول لا اله إلا الله رياء أو نحوه، ولما كان كل أحد يحصل له سعد بشفاعته صلى الله عليه وسلم فإنه يشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب كما صح في حق أبي طالب، ويشفع في بعض المؤمنين بالخروج من النار بعد دخولها: وفي بعضهم بعدم دخولها بعد أن استوجبوا دخولها، وفي بعضهم بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات فيها: لما كان كذلك صرح بأن أسعدهم بها المؤمن المخلص في إيمانه والله أعلم (تخريجه)(خ) في كتاب الإيمان (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني وداود بن أبي هند عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) معناه لم يأت أحد تقدمه أو تأخر عنه بأفضل من عمله أي أكثر في العدد، ويحتمل أن يكون المراد بالأكثرية الزيادة من أعمال الخير سواء كانت من التهليل أو من غيره أو منه ومن غيره واستظهره النووي، (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال كل يوم، ورجال أحمد ثقات، وفي رجال الطبراني من لم أعرفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا محمد ابن طلحة عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب الخ (غريبة) المنحة بكسر الميم وسكون النون العطية: والورق بكسر الراء الفضة، ومنحة الورق قرض الدراهم، ومنحة اللبن أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويردها الزقاق بضم الزاي الطريق يريد من دل الضال أو الأعمى على طريقة (وقوله فهو كعتاق نسمة) بفتح النون والمهملة أي كان كأجر من أعتق رقبة مملوكة الحديث له بقية تقدمت في باب الحث على تسوية الصفوف ورصها الخ رقم 1462 صحيفة 310 من أبواب الجماعة في الجزء الخامس (تخريجه)(م ش) ورواه الترمذي باختصار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا محمد بن أبي حميد أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبة) عبر عن هذه الصيغة بالدعاء لكونها بمنزلته في ابتغاء المنفعة، فإن الداعي يطلب من الله عز وجل منفعة تعود عليه: والذاكر يبتغي ثواب الذكر وهو أعظم منفعة تعود على الإنسان، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء بهذه الصيغة قي يوم عرفة لأنه يوم يتجلى الله فيه على عباده ويباهي بهم الملائكة
-216
من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة
-----
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائتي مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة وحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر نمن ذلك (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي الدرداء، قال فخرجت لأنادي بها في الناس، قال فلقيني عمر، فقال ارجع فإن الناس إن علموا بهذه اتكلوا
وخص هذه الصيغة لأنها جمعت من أنواع الثناء على الله عز وجل وتوحيده والاعتراف له بالقدرة والعظمة ما لم يكن في غيرها والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده محمد بن أبي أحمد ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر العين المهملة وفتحها بمعنى المثل: أي كان أجره مثل أجر من أعتق عشر رقاب (تقدم شرح هذه الجملة في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه)(ق. وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله أن أبا الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) لفظ في حديث أبي ذر المتقدم في الباب السابق (ما من عبد قال لا اله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة) فحديث أبي ذر مقيد بالموت على ذلك وحديث الباب مطلق: فيحمل المطلق على المقيد، ويكون المراد أن مكن مات على ذلك وكان آخر كلامه، وإنما قلت وكان آخر كلامه أخذا من حديث معاذ المتقدم فغي الباب السابق أيضا (بلفظ من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة، والأحاديث يفسر بعضها بعضا، وتقدم الكلام في شرح حديث أبي ذر في الباب السابق بما لا يعني عن شرح بقية حديث الباب لأنه بمعناه (تخريجه)(طب هق) وابن أبي الدرداء هذا غير حديث أبي ذر وإن كان فيه بعض معناه اهـ (قال الحافظ) وهما قصتان متقاربان وإن اشتركا في المعنى الأخير وهو سؤال الصحابي بقوله وإن زنى وإن سرق، واشتركا أيضا في قوله وإن رغم، (وفي الباب) عند الإمام أحمد أيضا قال حدثنا حجاج ثنا شيبان ثنا منصور عن سالم بن أبي الجعد عن سلمة بن نعيم قال وكان من أصحاب النبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق) وسنده جيد وأخرجه البخاري والإمام أحمد
-217 -
فضل سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر والحوقلة
-----
عليها، فرحت فأخبرته صلى الله عليه وسلم فقال صدق عمر (عن مصعب بن سعد) عن أبيه (يعني سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال إن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال علمني كلاما أقوله؟ قال قل لا اله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم خمسا، قال هؤلاء لربي فمالي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارزقني واهدني وعافني (باب فضل سبحان الله والحمد لله الخ وأنها الباقيات الصالحات)(خط عن أم هانئ) بنت أبي طالب رضي الله عنهما قالت مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني قد كبرت وضعفت أو كما قالت، فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة، قال سبحي الله مائة تسبيحة فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملينها عليها في سبيل الله عز وجل، وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنه مقلدة متقلبة، وهللي الله مائة تهليلة
بهذا اللفظ من حديث أنس ما عدا (وإن زنى وإن سرق)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن موسى الجهني حدثني مصعب بن سعد الخ (غريبة) أي هذا يختص بتوحيد الله وتعظيمه والثناء عليه، فماذا يختص بنفسي (قال قل اللهم اغفر لي الخ) دله صلى الله عليه وسلم على دعاء يشمل له مصالح الدنيا والآخرة، ومعناه اغفر لي ذنوبي السابقة وارزقني ما أستعين به على طلاعتك، واهدني إلى سبيل الموصل إليك، وعافني من الأمراض الحسية والمعنوية التي تعيقني عن هذا السبيل زاد مسلم وارحمني (تخريجه)(م وغيره)(باب) خط (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي بخط يده ثنا سعيد بن سلايمان قال ثنا موسى بن خلف قال حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أم هانئ الخ (غريبة) أي قولي سبحان الله، ومعناه أنزه الله عز وجل عما لا يليق به من الشريك والولد والصاحبة والنقائص مطلقا وسمات الحدوث مطلقا أي من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا الصلاة السلام، وخص بني إسماعيل بالذكر لأنهم أشرف العرب أي قولي الحمد لله مائة مرة: ومعنى الحمد الثناء على الله عز وجل بجميل صفاته جاء في بعض الروايات يحمل عليها، والمعنى أن من قال الحمد لله مائة كان له مثل ثواب من تصدق بمائة فرس مسرجة ملجمة لحمل المجاهدين في سبيل الله عز وجل أي قولي الله أكبر: ومعنى التكبير التعظيم أي أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم البدنة بالتحريك تقع على الذكر والأنثى من الإبل وسميت بدنة لعظم بدنها وسمنها: والمراد هنا الهدى الذي يهدي إلى مكة زمن الحج: وأفضلها ما كان من الإبل، وتقليدها هو أن يعلق بعنقها قطعة من الجلد أو نعل ليعلم أنها هدى فلا يتعرض لها بسوء (وقوله متقلبة) أي مقبولة لأن صاحبها أهداها إلى بيت الله خالصة لوجه الله تعالى لا يقصد رياء ولا سمعة أي
-118 -
سبحان الله والحمد لله الخ تكفر الذنوب عن قائلها ولو كانت مثل زبد البحر
-----
قال ابن خلف أحسبه قال تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل إلا أن يأتي بمثل ما أتيت به (عن عاصم بن أبي النجود) عن جرى قال التقى رجلان من بني سليم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما لصاحبه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول سبحان الله نصف الميزان، والحمد لله يملؤه، والله أكبر يملأ ما بين السماء والأرض، والصوم نصف الصبر، والوضوء نصف الإيمان (عن عبد الله بن عمرو) (يعني ابن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على الأرض رجل يقول لا اله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إلا كفرت عنه ذنوبه ولو
قولي لا إله إلا الله وهي كلمة التوحيد هو موسى بن خلف العمى بفتح المهملة وتشديد الميم مكسورة أحد رجال السند: يظن أن عاصم بن بهدلة قال في حديثه وهللي الله مائة تهليلة تملأ ما بين السماء والأرض ومعناه لو قدر ثواب التهليل جسما لملأ ما بين السماء والأرض (تخريجه)(نس جه هق طب طس) بالفاظ مختلفة وسنده عند الجميع حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد ابن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن جري (بضم الجيم وفتح الراء) ابن كليب النهدي الخ (وله طريق أخرى عند الإمام أحمد) قال حدثنا معاذ أنا شعبة أنا أبو إسحاق الهداني عن جري النهدي عن رجل من بني سليم فذكره (غريبة) معناه أن من ذكر الله عز وجل بلفظ سبحان الله ملأ ثوابه إحدى كفى الميزان يوم القيامة، وظاهره إن قال ذلك ولو مرة (والحمد لله يملأه) بأن تأخذ الكفة الأخرى، وقد يراد تفضيل الحمد على التسبيح وأن ثوابه ضعف ثواب التسبيح أي لو قدر تجسم ثواب التكبير لملأ ما بين السماء والأرض أي لأن جماع العبادات فعل وترك، والصوم يقمع الشهوة فيسهل الترك وهو شرط الصبر: فهما صبران صبر عن أشياء وصبر على أشياء: والصوم معين على أحدهما: فهو نصف الصبر ذكره الحليمي جاء في الطريق الثانية (والطهور) بدل الوضوء وهو أعم فيشمل الوضوء والغسل ونحوهما: ومعنا كونه نصف الإيمان أن الإيمان يطهر الباطن والطهور يطهر الظاهر: وقيل غير ذلك والله أعلم (تخريجه)(هق مذ) وقال حديث حسن وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن بكر قال حاتم بن أبي صغيرة (بكسر الغين المعجمة) عن أبي بلج (بفتح أوله وسكون اللام) عن عمر بن ميمون عن عبد الله بن الأعمال أخذا من حديث مسلم وغيره (عن أبي هريرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر: فقيد التفكير باجتناب الكبائر لأن الكبيرة لا يكفرها إلا التوبة أو عفو الله عز وجل والله أعلم (تخريجه) (نس مذ
-219 -
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا تفتح لها أبواب السماء
-----
كانت أكثر من زبد البحر (عن أبي الزبير) أخبرنا عون بن عبد الله أنه سمع عبد الله ابن عمر يقول كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عون ما تركتها منذ سمعتها من ابن عمر (عن ابن أبي أوفى) رضي الله تعالى عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لا أستطيع أخذ شيء من القرآن فعلمني ما يجزئني، قال قل سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال يا رسول الله عز وجل، فما لي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارقني، ثم أدبر وهو ممسك كفيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما ها فقد ملأ يديه من الخير (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة، قيل وما هي يا رسول الله؟
ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير أخبرنا عون بن عبد الله الخ البكرة أول النهار والأصيل آخره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة وقد قال حدثنا فالحديث إن لم يكن صحيحا فهو على الأقل حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن يزيد أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكسكي (بفتح المهملتين بينهما كاف ساكنة) عن ابن أبي أوفى الخ، وجاء في آخر الحديث قال مسعر فسمعت هذا الحديث من إبراهيم السكسكي عن ابن أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم وتبتني فيه غيري اهـ، والمعنى أن مسعرا ثبت عنده هذا الحديث حينما رأى غيره رواه عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفي كما رواه هو (ومسعر) بوزن منبر هو ابن كدام بكسر الكاف أخرج له الستة ولم يذكر في سند هذا الحديث (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه ابن أبي الدنيا عن الحجاج ابن أرطاة عن إبراهيم السكسكي عنه، ورواه البيهقي مختصرا وزاد ولا حول ولا قوة إلا بالله: وإسناده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) أي استكثروا من قول الباقيات عند الله لقائلها بمعنى أنها مدخرة ومحفوظة عنده ليثاب عليها قائلها: ولذلك وصلها بقوله الصالحات يعني الدين، وسمى التكبير والتهليل الخ ملة لأنه جمع أصل الدين وهو توحيد الله عز وجل وتعظيمه وتنزيهه والله أعلم (تخريجه)(حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى
-220 -
سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات
-----
قال التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله (وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث له ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات (عن أبي سعيد الخدري) وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله اصطفى من الكلام أربعا، سبحان الله والحمد لله والله أكبر فمن قال سبحان الله كتب له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة، ومن قال الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال لا اله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتب له أو كتبت له ثلاثون حسنة وحط أو حطت عنه ثلاثون سيئة (عن أبي صالح) عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الكلام سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غصنا فنفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فانتفض فقال، رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر
إلا أنه قال وما هن بدل وما هي وإسنادهما حسن سيأتي حديث النعمان بن بشير المشار إليه بسنده وشرحه وتخريجه في باب إمارة السفهاء من كتاب الخلافة والإمارة لأنه يختص بها، وفي آخره ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر الخ الحديث، وقد ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة الباب. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا إسرائيل عن أبي سنان عن أبي صالح الحنفي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة الخ (غريبة) أي اختار لملائكته أو لعبادة كما في رواية عند مسلم يعني من عن نفسه زيادة عن الأربع المتقدمة بدون سبب يحمله على ذلك، لأن الحمد لا يقع غالبا إلا بعد سبب كأكل أو شرب أو حدوث نعمة فكأنه وقع في مقابلة ما أسدى إليه، فلما حمد الله لا في مقابلة شيء زاد في الثواب والله أعلم (تخريجه)(ك) والضياء المقدسي، وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم (قيلت وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجالها رجال الصحيح، أخرجه أيضا من حيثهما ابن أبي الدنيا والبيهقي وزاد في آخره، ومن أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن أبي صالح الخ (غريبة) أي كلام الآدميين قاله النووي، وقال القاضي عياض المراد كلام البشر، لأن الثلاث الأول وإن وجدت في القرآن لكن الرابعة لم توجد فيه، ولا يفضل ما ليس فيه على ما فيه ولأنه روى في خبر أفضل الذكر بعد كتاب الله تعالى سبحان الله الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي حدثنا سنان ثنا أنس بن مالك الخ (غريبة) نفض من باب نصر: والنفض كما في الصحاح وغيره تحريك الثوب ونحوه ليزول عنه الغبار، ونفض الورق من
- 221 -
من قال سبحان الله الخ فله بكل واحد عشر حسنات ومن زاد زاده الله
-----
تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها (عن حميض بنت ياسر) عن جدتها يسرية وكانت من المهاجرات، قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة، وأعقدن بالأنامل فإنهم مسئولات مستنطقات (عن أيوب بن سلمان) رجل من أهل صنعاء قال كنا بمكة فجلسنا إلى عطاء الخراساني على جنب جدار المسجد فلم نسأله ولم يحدثنا: قال ثم جلسنا إلى ابن عمر مثل مجلسكم هذا فلم نسأله ولم يحدثنا، قال فقال مل لكم لا تتكلمون ولا تذكرون الله، قولوا الله أكبر والحمد لله وسبحان الله وبحمده، بواحدة عشرا، وبعشرة مائة من زاد الله ومن سكت
الشجر حركة ليسقط أي تسقط الذنوب، والمراد بها الصغائر كما تقدم، واستعمال النفض هنا مجاز (تخريجه) أورده المنذري، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والترمذي وقال حديث غريب ولا نعرف للأعمش سماعا من أنس إلا أنه رآه ونظر إليه اهـ قال المنذري لم يروه أحمد من طريق الأعمش اهـ (قلت) وهو كما قال المنذري رحمه الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر قال ثنا هانئ بن عثمان الجهني عن أمه حميضة بنت ياسر الخ (غريبة) أي بقول لا اله إلا الله (والتسبيح) يعني سبحان الله (والتقديس) أي قول سبوح قدوس رب الملائكة والروح، قالوا والفرق بين التسبيح والتقديس أن التسبيح للأسماء والتقديس للآلاء، وكلاهما يؤدي إلى العظمة بضم التاء المثناة فوق وسكون النون وفتح السين المهملة أي لا تتركن الذكر فتحرمن من الرحمة الأنامل رءوس الأصابع/ والمراد الأصابع كلها من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، والمعنى أعددن عدد مرات التسبيح بالأصابع (وقوله فإنهن مسئولات) يعني يوم القيامة عن عمل صاحبها (مستنطقات) للشهادة عليه قال تعالى (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) فأما المؤمن فتنطق عليه بخيره وتسكت عن شره تسترا من الله، والكافر بالعكس فإن خيره لغير الله وذو هباء قال تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا)(تخريجه)(د مذ ش ك) وسكت عنه الحاكم وصححه الذهبي والحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن الحسن بن أقيش أخبرني النعمان بن الزبير عن أيوب بن سليمان الخ (غريبة) الجار والمجرور متعلق بمحذوف جواب الأمر تقديره يكتب الله لكم، وهو إما أن يكون حذف للعلم به أو سقط من الناسخ هكذا بالأصل (ومن سكت غفر له) وجاء هذا الحديث عند الترمذي ولفظه عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم لأصحابه قولوا سبحان الله وبحمده مائة مرة، من قالها مرة كتبت له عشرا: ومن قالها عشرا كتبت له مائة ومن قالها مائة كتبت له ألفا، ومن زاده الله، ومن استغفر غفر الله له اهـ: ففي رواية الترمذي (ومن استغفر) بدل (ومن سكت) وهي أظهر وأوفق بالسياق، فالمعول على رواية الترمذي لجملة أمور (أولا) أن الحديث مرفوع عند الترمذي وموقوف عند الإمام أحمد:(ثانيا) أن
-222 -
أفضل الكلام ما اصطفاه الله لعباده- سبحان الله وبحمده
-----
غفر له الحديث (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهي من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت، سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر (باب ما جاء في أنواع شتى من التسبيح)
(قر عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكلام أفضل؟ قال ما اصطفاه الله عز وجل لعباده، سبحان الله وبحمده (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يدع رجل منكم أن يعمل الله ألف حسنة حين يصبح، يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة فإنها ألف حسنة فإنه لا يعمل إن شاء الله مثل ذلك يومه من الذنوب ويكون ما من عمل من خير سوى
رواية الإمام أحمد فيها حذف بعد قوله وبحمده، ورواية الترمذي كاملة مستقيمة المعنى (ثالثا) أن رواية الترمذي فيها زيادة (ومن قالها مرة كتبت له ألفا) ولم تأت هذه الزيادة في رواية الإمام أحمد والله أعلم (وفي قوله في حديث الباب من زاد زاده الله) دلالة على التضعيف غير مختص بهذا العدد المنصوص، بل هو ثابت في كل عدد وإن زاد، كما تدل عليه الأدلة القاضية بأن الحسنة بعشر أمثالها، (وليس قوله ومن سكت غفر له) آخر الحديث بل له بقية طويلة فيها خصال متعددة خارجة عن ترجمة الباب ستأتي بتهامها في باب الخماسيات من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في كتاب الكبائر إن شاء الله تعالى (تخريجه)(نس مذ) والطيالسي وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن هلال بن يساف عن سمرة بن جندب الخ (غريبة) معناه أن التسبيح والتحميد والتهليل ثابت في القرآن بهذا اللفظ والتكبير بمعناه، وهذه مزية منضمة إلى مزية كونها أفضل الكلام بعد القرآن والله أعلم (تخريجه)(م نس جه) ولم يأت في مسلم وهي من القرآن وذكرها النسائي (باب) قر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي غفرت ذنوبه الصغائر، وزيد البحر ما يقذفه البحر من الرغوة على الشاطئ (تخريجه)(م مذ نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أبو مسعود الحريري عن أبي عبد الله الجسري عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر الخ (غريبة جاء عند الترمذي بلفظ (سبحان الله وبحمده سبحان ربي وبحمده)(تخريجه)(م نس مذ)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي مرير الغساني قال ثنا أبو الأحوص حكيم بن عمير وحبيب بن عبيد عن أبي الدرداء الخ (غريبة) أي باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها معناه أنه ببركة هذا التسبيح لا يقع منه ذنوب في هذا
-223 -
من سبح مائة تسبيحة كتب له ألف حسنة ومحي عنه ألف سيئة
-----
ذلك وافرا (عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أيعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة؟ قال ومن يطيق ذلك؟ قال يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألفي حسنة وتمحى عنه ألف سيئة (عن سهل عن أبيه) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال سبحان الله العظيم نبت له غرس في الجنة (عن جويرية بنت الحارث) زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة وأنا أسبح، ثم انطلق لحاجته ثم رجع قريبا من نصف النهار فقال ما زلت قاعدة؟ قلت نعم، قال ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلتهن أو لو وزن بهن وزنتهن، يعني بجميع ما سبحت سبحان الله عدد خلقه ثلاث مرات، سبحان الله زنة عرشه ثلاث مرات، سبحان الله رضا
اليوم تساوي سيئاتها الحسنات (ويكون ما عمل من خير) أي سوى الذكر كثواب الوضوء مثلا والصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك وافرا أي مدخرا زائدا على حسنات الذكر (تخريجه)(طب ك) وفي إسناده ابن أبي مريم ضعيف ضعفه الهيثمي والذهبي و|إن كان الحاكم صححه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي عبد الله مولى جهينة قال سمعت ابن سعد يحدث عن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) لفظ مسلم فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألفى حسنة؟ قال يسبح الخ يعني يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة كما صرح بذلك في الحديث السابق (تخريجه)(م وغيره)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل عن أبيه الخ (سهل) هو ابن معاذ وأبوه معاذ بن أنس الجهني (غريبة) أطلق الغرس في هذا الحديث ولم يقيده بنوع من الشجر، وقد جاء مقيدا في حديث ابن عمر عند ابن أبي شيبة وابن حبان في صحيحه والبزار ولفظه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة) وصححه ابن حبان، فينبغي أن يحمل المطلق على المقيد فيكون المغروس هنا في الجنة هو النخلة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث سهل عن أبيه لغير الإمام أحمد وأخرج نحوه (ش بز حب) من حديث ابن عمر، إلا قال غرست له نخلة في الجنة وصححه ابن حبان وجوده إسناده البزار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حجاج ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة قال سمعت كريبا مولى ابن عباس يحدث عن ابن عباس عن جويرية الخ (غريبة) الغدوة بالضم ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس يعني قبيل الظهر لفظ مسلم ما زالت على الحال التي فارقت عليها، يعني دائبة على التسبيح كما يستفاد ذلك من الحديث التالي معناه لو وزن لرجحن بما قلت كما في الحديث التالي، وفسر في هذا الحديث (بجميع ما سبحت) أي مقدار وزن عرشه سبحانه مع عظم قدره وكون السماوات والأرض بالنسبة
-224 -
قصة جويرية في التسبيح وفضل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
-----
نفسه ثلاث مرات سبحان الله مداد كلماته، ثلاث مرات (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بعد ما صلى، فجاء جويرية فقالت ما زلت بعدك يا رسول الله دائبة قال فقال لها قلت بعدك كلمات لو وزن لرجحن بما قلت، سبحان الله عدد ما خلق الله، سبحان الله رضاء نفسنه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله عدد كلماته (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (عن النعمان ابن بشير) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين من جلال الله
إليه كحلقة في فلاة كما جاء في بعض الأحاديث بكسر الميم قيل معناه مثلها في العدد، وقيل مثلها في أنها لا تنفذ، وقيل مثلها في الثواب والله أعلم (تخريجه)(م د مذ نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أسود بن عامر ثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن كريب عن ابن عباس قال كان اسم جويرية برة فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كره فسماها جويرية كراهة أن يقال خرج من عند برة من دأب في العمل إذا جد فيه وتعب، والمعنى ما زالت مستمرة على التسبيح حتى تعبت يريد أنها لو قالت هذه الكلمات الأربع كل كلمة ثلاث مرات كما يستفاد من الحديث الذي قبله ثوابها أكثر من ثواب ما أجهدت نفسها فيه من التسبيح في هذه المدة الطويلة، ويستفاد منه أن يقال أن من قال سبحان الله عدد كذا وزنة كذا كتبت له ذلك القدر وفضل الله واسع، ولا يتجه هاهنا أن يقال إن مشقة من قال هكذا أخف من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ إلى مثل ذلك العدد، فإن هذا باب منحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباد الله وأرشدهم ودلهم عليه تخفيفا عليهم وتكثيرا لأجورهم من دون تعب ولا نصب فلله الحمد، وقد جاء ما يقوي هذا في كثير من الأحاديث والله أعلم (تخريجه)(م وغيره)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي لا كلفة في النطق بهما على النطاق لخفة حروفهما، وذلك أنه ليس فيهما حرف من حروف الاستعلاء ولا من حروف الإطباق غير الظاء، ولا من حروف الشدة غير الباء والدال يعني أن ثوبهما جسيم ولهما في ميزان الحسنات أثر عظيم (وقوله حبيبتان إلى الرحمن) تثنية حبيبة وهي المحبوبة، والمراد أن قائلها محبوب لله، ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير له والتكريم، وخص الرحمن من الأسماء الحسنى للتنبيه على سعة رحمة الله حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل، ولما فيها من التنزيه والتحميد والتطعيم (تخريجه)(ق مذ نس جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا موسى يعني ابن أسلم الطحان عن عون بن عبد الله عن أبيه أو عن أخيه عن النعمان بن بشير الخ (غريبة) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد بلفظ (إن الذين يذكرون من
-225 -
فضل سبحان الله العظيم وبحمده
-----
من تسبيحه وتكبيه وتهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوى كدوى النحل يذكرن يصاحبهن ألا يحب أحدكم أن يزال له عند الله شيء يذكر به (عن قبيصة بن المخارق) رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا قبيصة ما جاء بك؟ قلت كبرت سني ورق عظمي فأتيتك لتعلمني ما ينفعني الله عز وجل به، قال يا قبيصة ما مررت بحجر ولا شجر ولا مدر إلا أستغفر لك، يا قبيصة إذا صليت الفجر فقل ثلاثا سبحان الله العظيم وبحمده تعافى من العمي والجذام والفالج، يا قبيصة قل اللهم إني أسألك مما عندك واقض على من فضلك وانشر على رحمتك وأنزل على من بركاتك
جلال الله وتسبيحه وتحميده الخ) وجاء في رواية ابن ماجة بلفظ (إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش الخ) فالتسبيح فيها بالنصب اسم إن والجار والمجرور خبر مقدم (ومن جلال الله) أي تعظيمه بيان للموصول المجرور وجملة (ينعطفن: أي يملن ويدرون) استئناف لبيان حال التسبيح وغيره، وهذا مبني على تشكيل الأعمال والمعاني بأشكال، وقد وردت أحاديث كثيرة تؤيد ذلك قاله السندي بفتح الدال المهملة وكسر الواو وتشديد الياء التحتية هو ما يظهر من الصوت ويسمع عند شدته وبعده في الهواء شبيها بصوت النحل (يذكرون) جاء في الأصل يذكرون وهو مخطأ، وعند ابن ماجة تذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له، أو لا يزال له من يذكر به) وهو من التذكير لا من الذكر وهذه الرواية أظهر، والمعنى أن التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل من تعظيم الله عز وجل وأنها (تذكر بتشديد الكاف) بصاحبها أي يكون منها هذا الدوي حول العرش لأجل التذكير في المقام الأعلى بقائلها ولهذا قال في آخر الحديث (ألا يحب أحدكم أن يزال له عند الله شيء يذكر به) وفي هذا حض على الذكر بهذه الألفاظ، وتقدم فضل الذكر بها فلا نطيل بإعادته (تخريجه)(جه ك) وصححه الحاكم وفي زوائد ابن ماجة للبوصري إسناده صحيح ورجال ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون عن الحسن عن أبي كريمة حدثني رجل من أهل البصرة عن قبيصة بن المخارق الخ (غريبة) المدر جمع مدرة كقصب وقصبة، وهو التراب المتلبد، قال الأزهري المدر قطع الطين وقيل هو الطين المتماسك الذيل يخالطه رمل: والعرب تسمى القرية مدرة بالتحريك لأن بنيانها غالبا من المدر وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه جاء من بلد بعيد لطلب العلم: وفيه دلالة على فضل طلب العلم ويؤيده ما تقدم في باب الرحلة في طلب العلم رقم 13 صحيفة 149 في الجزء الأول من حديث أبي الدرداء وغيره الفالج بكسر اللام مرض يحدث في أحدا شقي البدن طولا يبطل إحساسه وحركته وربما كان في الشقين ويحدث بغنه، وهو الذي يقال له الشلل نعوذ بالله منه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات، ويؤيده ما جاء في باب الرحلة في طلب العلم من حديث أبي الدرداء وغيره المشار إليه، وفيه من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة
-226 -
فضائل صيغ الحمد وأنواعه
-----
(باب ما جاء في التحميد وفضله)
(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في الحلقة إذ جاء رجل فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم والقوم، فقال الرجل السلام عليكم رحمة الله، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فلما جلس الرجل قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا يحمد وينبغي له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كيف قلت؟ فرد عليه كما قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد ابتدرها عشرة أملاك كلهم حريص على أن يكتبها فما دروا كيف يكتبونها حتى رفعوها إلى ذي العزة، فقال اكتبوها كما قال عبدي (عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول، اللهم لك الحمد كله. ولك الملك كله. بيدك الخير كله. إليك يرجع الأمر كله. علانيته وسره. فأهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لي ما مضى من ذنبي. واعصمني فيما بقي من عمري. وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك ملك أتاك يعلمك تحميد ربك (عن سالم) أن أبا أمامه رضي الله عنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال، من قال الحمد للبه عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في
(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا خلف بن خليفة حدثني حفص بن عمر عن أنس الخ (غريبة) فيه استحباب لفظ وبركاته في رد السلام فإن اقتصر على مثل ما قال المسلم جاز، والأفضل الزيادة لقوله تعالى (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) أي خالصا لوجهه (مباركا فيه) يعني كثيرا ثوابه يعني أعاد ما قال للنبي صلى الله عليه وسلم أي استبق إلى كتابتها عشرة أملاك أي عجزوا عن كتابتها لعظم قدرها وكثرة ثوابها أي لأنه سبحانه هو الذي يقدر ثوابها ويكافئ عليها (تخريجه)(نس حب) ووثق رواته المنذري والهيثمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا الحجاج ابن فرافصة حدثني رجل عن حذيفة بن اليمان الخ (غريبة) معناه أن جميع الخير حسيا كان أو معنويا في تصرفك لأن الكل عندك كالشيء المقبوض عليه يجري بقضائك لا يدرك من غيرك أي ناميا زائدا ثوابه يعني أن المتكلم بهذا الكلام ليس من البشر وإنما هو ملك أرسله الله عز وجل ليعلم حذيفة كيف يحمد الله عز وجل، وفيه منقبة عظيمة لحذيفة رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن عبد الملك ثنا أبو عوانة عن حصين عن سالم الخ (غريبة) ملء بالنصب على الأشهر صفة لمصدر محذوف تقديره أحمد الله حمدا ملء ما خلق يعني من الأماكن والأجرام، والمعنى أحمد حمدا لو جسم لملأ هذه الأجرام
-227 -
فضائل صيغ الحمد وأنواعه
-----
السماوات والأرض، والحمد لله ملء ما في السماوات والأرض، والحمد لله عدد ما أحصى كتبه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء وسبحان الله مثلها فأعظم ذلك (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان يلقلى الرجل فيقول يا فلان كيف أنت؟ فيقول بخير أحمد الله، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم جعلك الله بخير فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال كيف أنت يا فلان؟ فقال بخير؟ إن شكرت، قال فسكت عنه فقال يا نبي الله إنك كنت تسألني فتقول جعلك بخير وإنك اليوم سكت عني، فقال له إني كنت أسألك فتقول بخير أحمد الله فأقول جعلك الله بخير، وإنك اليوم قلت إن شكرت فشككت فسكت عنك (باب ما جاء في قول لا حول ولا قوة إلا بالله وفضلها)
(عن قيس بن سعد بن عبادة) رضي الله عنهما أن أباه دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخدمه قال فأتى على النبي صلى الله عليه وسلم وقد صليت ركعتين، فقال ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟
المذكورة وهذا تمثيل وتقريب لأن الكلام لا يقدر بالمكاييل، وإنما المراد منه تكثير العدد حتى لو قدر أن تكون تلك الكلمات أجساما تملأ الأماكن لبلغت من كثرتها ما يملأ ما ذكر في الحديث يعني ومن قال سبحان الله مثل ما قال في الحمد كأن يقول سبحان الله عدد ما خلق وسبحان الله ملء ما خلق وهكذا إلى آخر الحديث (فأعظم ذلك) أي ذكر له أجرا عظيما وثوابا جسيما (تخريجه)(نس خز حب ك) وحسنه الحافظ المنذري وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه ابن أبي الدنيا مطولا مرمل ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا إسحاق بن عبد الله عن؟ أنس ابن مالك الخ (غريبة) دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير لما وجد عنده من الشكر على النعمة وحمد المنعم عز وجل يعني لم يدع له النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة لعدم إتيانه بحمد الله كعادته ولما رآه عنده من عدم اليقين يستفاد منه أن حمد الله عز وجل مطلوب من العبد في جميع أحواله مرغب فيه في السراء والضراء لأنه لا يأتي إلا بخير يؤيد ذلك ما جاء عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا (عجبت من قضاء الله عز وجل للمؤمن إن إصابة خير حمد ربه وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد ربه وصبر، المؤمن يؤجر في كل شيء حتى اللقمة يرفعها إلى في امرأته) رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي: وسيأتي في الباب الأول من كتاب الصبر وفي هذا المعنى في الباب المشار إليه أحاديث كثيرة من غير واحد من الصحابة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام |أحمد وسنده جيد (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب ابن جرير ثنا أبي قال سمعت منصور بن زاذان يحدث عن ميمون بن أبي قيس بن سعد اله (غريبة) لما نضمت كلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) براءة النفس من حولها وقوتها إلى حول الله وقوته كانت موصلة إلى الجنة، والباب ما يتوصل به إلى مقصود، فشبهت بأحد أبواب الجنة لأنه
-228 -
لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة
-----
قلت بلى، قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة (وفي لفظ ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟) قال وما هو؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة، قال وما هو؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي هريرة) فقال يا أبا هريرة هلك المكثرون إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ثلاث
لا يتوصل إليها إلا به معناه لا تحول للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله فهي كما قال النووي كلمة استسلام وتفويض، يضير إلى أن العبد لا يملك لنفسه شيئا وأنه لا قدرة له على دفع ضرر ولا قوة له على جلب خير إلا بقدرة الله تعالى وإرادته (تخريجه)(مذ ك) وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد عن ثابت البناني وعلي ابن زيد والجريري عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبة) قال الخطابي معنى الكنز في هذا الحديث الأجر الذي يحرزه قائلا والثواب الذي يدخر له الجنة (تخريجه)(ق. والأربعة وغيرهم)(سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عمار بن محمد عن الأعمش عن مجاهد عن الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذر صحيح ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى يزيد عن عبد الملك عن أبيه عن سعيد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أخرجه ابن عدي وفيه ضعف، إلا أنه روى بهذا اللفظ من حديث أبي أيوب أخرجه (عل طب حب) بسند صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي رزين عن معاذ الخ (غريبة) تقدم شرحه في شرح الحديث أول من أحاديث الباب (تخريجه)(طب) إلا أنه قال ألا أدلك على مكنز من كنوز الجنة بدل باب ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي إسحاق عن كميل بن زياد عن أبي هريرة الخ (غريبة) يعني أصحاب الأموال الكثيرة القول هنا بمعنى الفعل يعني إلا من فعل هكذا وهكذا وهكذا وأشار بيده كمن يقبض شيئا ثم رمى به عن يمينه ثم فعل مثل ذلك عن يساره ثم بين يديه، يريد إلا من أدى زكاة ماله وتصدق على القريب والبعيد وأنفق ماله في سبل الخير
-229 -
فضل لا حول ولا قوة إلا بالله على الناس وحق الناس على الله
-----
مرات حثى بكفه عن يمينه وعن يساره وبين يديه وقليل كماهم، ثم مشى ساعة فقال يا أبا هريرة ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت بلى يا رسول الله، قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله ولا ملجأ من الله إلا إليه، ثم مشى ساعة فقال يا أب هريرة هل تدري ما حق الناس على الله وما حق الله على الناس؟ فقلت الله ورسوله أعلم، قال فإن حق الله على الناس أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، فإذا فعلوا ذلك فحق عليه أن لا يعذبهم (عن أبي بلج) عن عمرو بن ميمون قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة أدلك على كلمة كنز من كنوز الجنة تحت العرش؟ قال قلت نعم فداك أبي وأمي، قال أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله قال أبو بلج وأحسب أنه قال فإن الله عز وجل يقول أسلم عبدي واستسلم قال فقلت لعمرو قال أبو بلج قال عمرو قلت لأبي هريرة لا حول ولا قوة إلا بالله؟ فقال لا إنها في سورة الكهف (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله)(عن أيوب الأنصاري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على إبراهيم (عليه الصلاة السلام) فقال من معك يا جبريل؟ قال هذا محمد، فقال إبراهيم مر أمتك فليكثروا من غراسة الجنة فإن تربتها
وهذا الصنف قليل في الناس أي لا اعتصام ولا استناد بغير الله ولا عدول عنه إلى غيره، وإنما الاعتصام والالتجاء إليه وحده جل شأنه معناه أنه محقق وقوع ما وعدهم به لا محالة وهو الذي أوجب ذلك على نفسه لعباده تفضلا منه ورحمة بهم قال تعالى (كتب ربكم على نفسه الرحمة)(تخريجه)(بز) ورجاله رجال الصحيح بلج بفتح الموحدة وسكون اللام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بكر بن عيسى ثنا أبو عوانة عن أبي بلج الخ (غريبة) معناه أن أبا بلج يظن أن عمرو بن ميمون قال في روايته بعد قوله لا حول ولا قوة إلا بالله يظن أنه قال هذه الحماة وهي قوله (فإن الله عز وجل يقول أيلم عبدي واستسلم) وجعلها من الحديث المرفوع (وقوله قال فقلت لعمرو الخ) هكذا جاء بالأصل وهو غير ظاهر، وأورد الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وعزاه للإمام أحمد وفيه بعد قوله أسلم عبدي واستسلم (قال عمرو قلت لأبي هريرة الخ) ومعناه ظاهر وهو أن عمرا سأل أبا هريرة عن اللفظ الذي أمرو النبي صلى الله عليه وسلم يقوله وهو (لا قوة إلا بالله) هل يقصد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم (لا حول ولا قوة إلا بالله) فقال أبو هريرة لا أنها في سورة الكهف يعني (لا قوة إلا بالله) بدون لا حول والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والزار إلا أنه قال ألا أدلكم على كلمة من كنز الجنة من تحت العرش) ورجالهما رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أخبرني أبو صخر أن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر أخبره عن سالم بن عبد الله أخبرني أبو أيوب الأنصاري الخ (غريبة) أي من
-230 -
فضل الاستغفار وأنه سيدفع كيد الشيطان
-----
طيبة وأرضها واسعة، قال وما غراس الجنة؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله
(باب ما جاء في الاستغفار وفضله)(خط عن ابن عباس) رضي عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن إبليس قال لربه بعزتك وجلالك لا أبرح أغوى بني آدم ما دامت الأرواح فيهم، قال الله عز وجل فبعزتي وجلالي لا أبرح اغفر لهم ما استغفروني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة
قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه يغرس له بكل مرة شجرة في الجنة كما ورد في بعض الأحاديث (وقوله فإن تربتها طيبة وأرضها طيبة واسعة) يعني أن تربها طيب خصب وأرضها واسعة تسع كثير من الشجر مهما كثر، ففيه الحث على الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن عمر بن الخطاب وهو ثقة لم يتكلم فيه أحد ووثقه ابن حبان (باب) خط (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا الوليد يعني ابن مسلم عن الحكم بن مصعب عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس الخ (غريبة) في رواية للبيهقي من لزم الاستغفار الخ قال تعالى (استغفروا ربكم أنه كان غفار يرسل السماء عليكم مدرارا الآية) وهو من أعظم خصال التقوى قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)(تخريجه)(د جه هق ك) والنسائي والليلة زفي إسناده الحكم بن مصعب قال الحافظ في التقريب مجهول اهـ قال الحافظ العراقي وضعفه أبو حاتم وقال الصدر المناوي فيه الحكم بن مصعب لا يحتج به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة أنا ليث عن زيد بن الهاد عن عمرو عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) أي لا يزال أضل عبادك المكلفين الأدميين يعني لأجتهدن في إغوائهم بأي طريق ممكن مدة حياتهم أي لا أبرح أغفر لهم مدة طلبهم منى الغفران لذنبهم مع الندم على ما كان منهم والإقلاع والخروج من المظالم والعزم على عدم العودة، وفي الحديث إشعار بتوهين كيد الشيطان ووعد كريم من الرحمن بالغفران (تخريجه)(عل ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال الهيثمي أحمد إسنادي أحمد صحيح وكذا أحدا إسنادي أبي يعلى اهـ (قلت) وهي التي أثبتها هنا: وللإمام أحمد عن طريق أخرى في إسنادها ابن لهيعة ودراج بن سمعان وكلاهما فيه كلام أعرضت عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) المراد بقوله أكثر من سبعين مرة التكثير لا التحديد لأن لفظ أكثر مبهم ويحمل أن يفسر بحديث ابن عمر الآتي بعده وظاهر حديث
-231 -
فضل الاستغفار وأنه يجلو صدأ القلب
-----
وأتوب إليه (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته استغفر مائة مرة ثم يقول اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم أو أنك أنت تواب غفور (عن الأغر المزني) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم إنه ليغان على قلبي وإني لاستغفر الله كل يوم مائة مرة (عن فضالة بن عبيد) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العبد آمن من عذاب الله عز وجل ما استغفر الله عز وجل (عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه، قالت يا رسول الله مالي أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال إن ربي عز وجل
الباب أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة، ويحتمل أن يكون المراد قول هذا اللفظ بعينه وهو (أستغفر الله وأتوب إليه) وإنما كان صلى الله عليه وسلم يقول ذلك تصفية للقلب وإزالة للغاشية، وهو وإن لم يكن له ذنب لكنه يجب أن يكون دائم الحضور فإذا التفتت نفسه إلى ما هو صورة حظ بشري كأكل وشرب ونحو ذلك مما قد يخل بكمال الحضور عده ذنبا واستغفر الله منه إظهارا للعبودية وافتقار الكرم الربوبية وتعليما منه لأمته، نسأل الله أن يطهرنا من الذنوب وأن يستر مالنا من العيوب (تخريجه)(خ نس مذ جه طس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك زهير ثنا أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر الخ (غريبة) فيه أنه ينبغي الأخذ بالأكثر من العدد وهو رواية المائة ثم يقول اللهم اغفر لي وارحمني الخ (تخريجه)(حب والأربعة) وصححه ابن حبان والترمذي وله ألفاظ عندهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن أبي بردة عن الأغر المزني الخ (غريبة) بالغين المعجمة مبني للمجهول والغين هو الغيم الذي يكون في السماء كما قال أبو عبيد وغيره من أئمة اللغة، والمراد هنا ما يغشى القلب ويغطيه، وقيل هو غشاء رقيق دون الران، والران المذكور في قوله تعالى (كلا بل ران على قلوبهم) هو فوق الغين لأنه الطبع والتغطية، والمراد هنا مات يعرض من غفلات القلوب عن مداومة الذكر والسهو الذي لا يخلو منه البشر وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني) وإنما أستغفر منه صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن ذنبا لعلو مرتبته وارتفاع منزلته حتى كأنه لا ينبغي له أن يغفل عن ذكر الله عز وجل في وقت من الأوقات، فإن عرض له وقتا ما عرض بشري يشغله من أمور الأمة والملة ومصالحها عد ذلك ذنبا وتقصيرا فيفزع إلى الاستغفار (تخريجه)(م د نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا رشيد قال حدثني معاوية سعيد التيجي عمن حدثه عن فضالة بن عبيد الخ (تخريجه) لم وأقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن داود وربعي بن إبراهيم
-232 -
أصل التثليث في صيغ الأذكار والاستغفار والدعوات
-----
كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي، وأمرني إذا رأيتها |أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا فقد رأيتها (إذا جاء نصر الله والفتح ورأت الناس يدخلون في دين الله أفراجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا)(باب في أصل التثليث في صيغ الأذكار والاستغفار والدعوات)(عن ابن مسعود) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا
(أبواب الأذكار المؤقتة)(باب ما يقال في الصباح والمساء وعند إرادة النوم)
عن أبي بكر رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعي من الليل، اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة
قال ثنا داود عن الشعبي عن مسروق قال: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) هي علامة قرب أجله ومفارقة الدنيا إلى الرفيق الأعلى، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: المراد بالفتح هنا فتح مكة قولاً واحداً فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون إن ظهر على قومه فهو نبي، فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجاً، فلم تمض سنتان حتى استوقت جزيرة العرب إيمانا ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام ولله الحمد والمنة قال ابن عباس لما نزلت هذه السورة علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه نعيت إليه نفسه، قال الحسن أنه اعلم أنه قد اقترب أجله فأمر بالتسبيح والتوبة ليختم له بالزيادة في العمل الصالح، قال قتادة ومقاتل عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة سبعين يوماً والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى بن آدم ثنا إسرائيل وأبو أحمد ثنا إسرائيل عن أبي اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: قال أبو أحمد عن ابن مسعود إلخ (غريبة). بفتح الواو (وقوله ثلاثاً) تنبيه على الأقل بدليل ورود الأكثر، وكلما أكثر كلما ازداد الثواب، أما في الدعاء فلحديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله يحب الملحين في الدعاء) رواه ابن عدي والبيهقي في الشعب، وأما في الاستغفار فلقوله صلى الله عليه وسلم:(إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة) وتقدم في الباب السابق، وخص الثلاث هنا بالذكر للتأكيد ولكونها وتراً وقد ورد (إن الله وتر يحب الوتر) رواه (مذ جه) والإمام أحمد وتقدم في الباب الأول من أبواب الوتر في الجزء الرابع صحيفة 273 (تخريجه) وسنده جيد وحسنه الحافظ السيوطي (باب)(تنبيه) الصباح من طلوع الفجر، والمساء من غروب الشمس (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا هاشم بن القاسم ثنا شيبان عن ليث عن مجاهد قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بفتح الميم والجيم بينهما ضاد ساكنة أي إذا أردت النوم بفتح الراء أي خالقهما ومبدعهما ومخترعهما على غير مثال سبق أي ما غاب عن العباد من الأسرار والأمور المخبئات: وما ظهر لهم من الآيات والمعجزات
-233 -
فضائل أذكار تقال في الصبح والمساء
-----
أنت رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وان محمداً عبدك ورسولك أعوذ من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم.
(عن أبي راشد الحُبراني) قال أتيت عبد الله بن عمرو فقلت له حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى بين يدي صحيفة فقال هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فيها فإذا فيها أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر قل اللهم فاطر السماوات والأرض فذكر نحو الحديث المتقدم.
(عن أبي أيوب الأنصاري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا صلى الصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كن كعدل أربع رقاب وكتب له بهن عشر
أي مالكه وقاهره أي شر هواها المخالف للهدى، قال تعالى: ومن أضل بمن اتبع هواه بغير هدى من الله) (وشر الشيطان) أي وسوسته وإغوائه وإضلاله، ثم يحتمل أن يكون جنس الشياطين أو رئيسهم وهو إبليس (وشركه) يروى بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وهو ما يدعو إليه من الإشراك بالله عز وجل ويوسوس، وبفتح الشين والراء أي ما يفتن به الناس من حبائله، والشرك بالتحريك حبالة الصائد والواحد شركة يقال قرف الذنب واقترفه إذا عمله، وقارف الذنب وغيره إذا داناه ولاصقه، معناه أنه يستعيذ من ارتكاب الذنب أو التسبب فيه لمسلم غيره والله أعلم (تخريجه)(د مذ نس حب ك) وصححه الحافظ والنووي وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ (قلت) واقره الذهبي، الحبراني بضم الحاء المهملة وسكون الموحدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا ابن عباس عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي راشد الخ (غريبة) فيه دلالة على جواز كتابة الحديث، انظر صحيفة 172 في الجزء الأول من كتاب العلم بقيته بعد قوله فاطر السماوات والأرض (عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي ومن الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم. اهـ: وهذا الحديث من مسند عبد الله بن عمرو، والحديث الذي قبله من مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنهما (تخريجه)(طب) وحسنَّ الهيثمي رواية الإمام أحمد وصحح رواية الطبراني، (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ثنا سلمة بن الفضل حدثني محمد بن إسحاق عن يزيد بن يزيد بن جابر عن القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن يعيش عن أبي أيوب الأنصاري الخ (غريبة)، في رواية للشيخين كان كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، وهذا آخر الحديث عندهما وهو مطلق عندهما غير مقيد بوقت (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني
-234 -
مما يقال في الصباح والمساء لا إله إلا الله وحده لا شريك له الخ وثواب قائلها
-----
حسنات، ومحي عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن لها حرسا من الشيطان حتى يمسي، وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك.
(عن أبي داود) عن أبي محمد الحضرمي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة نزل عليّ فقال لي: يا أبا أيوب ألا أعلمك؟ قال: قلت بلى يا رسول الله، قال: ما من عبد يقول حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك إلا كتب له بها عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات وإلا كنَّ له عند الله عدل عشر رقاب محررين، وإلا كان في جُنة من الشيطان حتى يمسي ولا قالها حين يمسي إلا كذلك، قال: فقلت لأبي محمد أنت سمعتها من أبي أيوب قال: آلله لسمعته من أبي أيوب يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وعن أبي أيوب أيضاً) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط الله عنه بها عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكنَّ له كعشر رقاب، وكنَّ له مسلحة من أول النهار إلى آخره، ولم يعمل يومئذ عمل يقهرهن، فإن قال حين يمسي فمثل ذلك
باختصار، وفي إسناد أحمد محمد بن اسحاق وهو مدلس، وفي إسناد الطبراني بحمد بن أبي ليلى وهو ثقة سيء الحفظ وبقية رجالهما ثقات اهـ (قلت) وأخرجه أيضاً النسائي وابن حبان وصححه، وليس فيه عتق الرقاب، وأخرجه الشيخان والنسائي والترمذي إلى قوله أربع رقاب كما تقدم، فيؤخذ من مجموع هذه الروايات تصحيح حديث الباب: ولاسيما وله شاهد من حديث البراء بن عازب: وتقدم في باب ما جاء في قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلخ صحيفة 215 رقم 36 والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر المدائني أنا عبدا بن العوام عن سعيد بن إياس عن أبي الورد إلخ (غريبة). بفتح العين المهملة وكسرها ومعناه المثل (وقوله محررين) أي صاروا أحراراً بسبب العتق. (بضم الجيم أي وقاية من الشيطان أي من وسوسته وضرره بالإنسان. القائل فقلت هو أبو الورد سأل أبا محمد الحضرمي أنت سمعتها من أبي أيوب؟ وغرضه بذلك التوثق من الحديث فأقسم له أنه سمعه من أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه)(طب) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن خالد بن معدان عن أبي رُهم السمعي عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم (غريبة). زاد في هذه الرواية لفظ (يحيي ويميت) وجاءت من عدة طرق عن غير واحد من الصحابة وبعضها ضعيف وبعضها حسن. المسلحة بفتح الميم وسكون المهملة القوم الذين يحفظون الثغور من العدو وسموا مسلحة لأنهم يكونون ذوي سلاح، والمعنى أنها تكون سلاحاً له يحفظه الله بها من كل أذى يصيبه في ذلك اليوم. أي يغلبهن يعني يفوقهن في الفضل إلا من عمل أفضل من عمله كما في بعض الروايات
-235 -
من قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق حفظ من لدغ كل ذي سم
-----
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، من قالها حين يصبح كتب له مائة حسنة ومحي عنه بها مائة سيئة، وكانت له عدل رقبة وحفظ بها يومئذ حتى يمسي، ومن قالها مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك.
(عن أبي سهيل) عن أبيه عن أبي عياش الزُرَقِيّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كان له كعدل رقبة من ولد إسماعيل وكتب له بها عشر حسنات وحُط عنه بها عشر سيئات ورفعت له بها عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، وإذا أمسى مثل ذلك حتى يصبح، قال فرأى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم، فقال يا رسول الله إن أبا عياش يروي عنك كذا وكذا، قال صدق أبو عياش.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أمسى ثلاث مرات أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضره حمة تلك الليلة؛ قال فكان أهلنا قد تعلموها فكانوا يقولونها فلدغت
والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أبي أيوب لغير الإمام أحمد، وله شاهد عند الترمذي من حديث أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجليه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات إلخ لا يخرج عن معناه (وقال الترمذي) هذا حديث حسن غريب صحيح، وروى نحوه الطبراني عن ابن عمر، والبزار عن أبي المنذر الجهني وفيهما ضعف، والترمذي عن عمارة بن شبيب وقال لا نعرف لعمارة سماعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلها فيها (يحيي ويميت) ولم يرد هذا اللفظ في الصحيحين والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مكي بن إبراهيم ثنا عبد الله يعني ابن سعد عن سميّ عن أبي صالح عن أبي هريرة إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). قال الهروي وغيره الكلمات هي القرآن، والتامات قيل هي الكاملات، والمعنى أنه لا يدخلها نقص ولا عيب كما يدخل في كلام الناس، وقيل هي النافعات الكافيات الشافيات من كل ما يتعوذ منه. الحمة بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم مفتوحة هو السم، وقيل لدغة كل ذي سم، وقيل غير ذلك، وظاهره أن الله تعالى يحفظه ولم يصبه بشيء من ذلك، ويحتم أنه إذا أصيب لم تضره الإصابة، ويؤيد ذلك
-236 -
من قال اللهم أنمت ربي لا اله إلا أنت خلقتني الخ ثم مات من يومه دخل الجنة
-----
جارية منهم فلم تجد لها وجعا.
(وعنه أيضاً) أن رجلاً من أسلم قال لما نمت هذه الليلة لدغتني عقرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات م نشر ما خلق لم يضرك.
(عن سهيل بن أبي صالح) عن أبيه عن رجل من أسلم أنه لدغ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو أنك قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك: قال سهيل فكان أبي إذا لدغ أحد منا يقول: قالها؟ فإن قالوا نعم: قال كأنه يرى أنها لا تضره.
(عن ابن بريدة) عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: م نقال حين يصبح أو حين يمسي اللهم أن تربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فمات من يومه أو من ليلته دخل الجنة.
(عن شداد بن أوس) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت
قوله (فلدغت جارية منهم فلم تجد لها وجعاً)(تخريجه)(م. والأربعة) بألفاظ مختلفة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا اسحاق أنبأنا مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (تخريجه)(م. وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن رجل من أسلم إلخ (غريبة). معناه أن أباه كان يفهم من الحديث أن من قالها لا يلدغ، فإن لدغ وقد قالها فلا تضره (تخريجه)(م. والأربعة) من حديث أبي هريرة المتقدم ولم أقف عليه لغير الإمام أحمد عن رجل من أسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا الوليد بن ثعلبة الطائي عن ابن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) إلخ (غريبة). أي سواء قالها في الصباح أو في المساء، فإن قالها في الصباح تحصل على جزائها في اليوم كله، وإن قالها في المساء تحصل على جزائها في الليل كله. أي مقيم على ميثاقك الذي أخذت بقولك (ألست بربكم) أو على ما عاهدتني وأمرتني به في كتابك من الإيمان بك وبنبيك وكتابك (وقوله ووعدك) أي مصدق ومؤمن بوعدك الذي لا يخلف، الذي وعدت به أهل الإيمان وراجٍ رحمتك بمقتضاه (ومعنى ما استطعت) أي قدر استطاعتي، فما مصدرية، وفيه اعتراف بالعجز والقصور: أي لا أقدر أن أقوم بعهدك حق القيام به ولكن أجتهد قدر طاقتي. بهمزة في آخره أي أعترف لك، وقد جاء في رواية شداد بن أوس الآتية بعد هذا (أبوء لك) في الموضعين بزيادة لك. أي دخولاً أولياً إن مات على الإيمان، وقيل هو بشارة بحسن الخاتمة لا أحرمنا الله منها (تخريجه) (نس د جه) وسنده جيد: ويؤيده حديث شداد بن أوس الآتي بعده. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي ثنا حسين يعني المعلم عن عبد الله بن بريدة عن بشير بن كعب عن شداد بن أوس إلخ (غريبة). إنما كان سيد الاستغفار لما فيه من المزايا التي لا توجد في غير
-237 -
من قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا الخ في الصباح والمساء أرضاه الله
-----
(فذكر الحديث المتقدم ثم قال) من قالها بعدما يصبح موقنا بها فمات من يومه كان من أهل الجنة، ومن قالها بعدما يمسي موقنا بها فمات من ليلته كان من أهل الجنة.
93 -
(عن أبي سلام) قال كنا قعوداً في مسجد حمص إذ مر رجل فقالوا هذا خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهضت فسألته فقلت حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتداوله الرجال فيما بينكما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يقول حين يمسي أو يصبح (وفي لفظ حين يصبح وحين يمسي) رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله عز وجل أن يرضيه يوم القيامة (وعنه من طريق ثان بمثله) إلا أنه قال يقول ثلاث مرات
ففيه الإقرار لله وحده بالألوهية بقوله اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت (وبقية الحديث) خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) وفيه الاعتراف بأن الله عز وجل هو الخالق: وفيه الاعتراف على نفسه بالعبودية والإقرار بالعهد الذي أخذه الله عليه والرجاء بما وعده به والاستغفار م نشر ما جنى على نفسه، وإضافة النعم إلى موجدها وهو الله عز وجل وإضافة الذنب إلى نفسه ورغبته في المغفرة: واعترافه بأنه لا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل، وفي ذلك إشارة إلى الجمع بين الشريعة والحقيقة لأن تكاليف الشريعة لا تحصل إلا إذا كان عون من الله وتوفيق منه جل شأنه فسأله التوفيق بمنه وكرمه. أي مخلصاً بقلبه مصدقاً بثوابها. أي مع السابقين إن شاء الله تعالى: والعبرة بالإخلاص في العمل وحسن النية (تخريجه)(خ مذ نس طب وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا عقيل يحدث عن سابق بن ناجية عن أبي سلام الخ (أبو سلام) بتشديد اللام اسمه ممطور من التابعين (غريبة). أي لم يكن بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم واسطة في سماعه. قال النووي وقع في رواية أبي داود وغيره (وبمحمد رسولا) وفي رواية الترمذي (نبيا) فيستحب أن يجمع الإنسان بينهما فيقول رسولاً نبياً، ولو اقتصر على أحدهما كان عاملاً بالحديث اهـ (قلت) ويصح أن نقول نبياً ورسولاً بواو العطف لأن المراد إثبات الوصفين له صلى الله عليه وسلم عملاً بقضية الخبرين (وقوله حقاً على الله) أي واجباً على الله وجوب تفضل ورحمة وهو الذي أوجب ذلك على نفسه حيث قال جل شأنه (كتب ربكم على نفسه الرحمة) والمعنى أن الله عز وجل يحقق لهذا العبد ما وعده وهو إعطاؤه من واسع فضله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة قال أبو عقيل أخبرني قال سمع سابق بن ناجية رجلاً من أهل الشام يحدث عن أبي سلام البراد رجل من أهل دمشق قال كنا قعوداً في مسجد حمص فذكره (تخريجه)(ش طب ك والأربعة) وأورده الهيثمي وقال رجال أحمد والطبراني ثقات اهـ وقال الحاكم هذا حديث صحيح
-238 -
فضل من قال أصبحنا على فطرة الإسلام الخ والتعوذ من عذاب القبر
-----
إذا أصبح وثلاث إذا أمسى.
(عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي) عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى أصبحنا على فطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين (ز).
(وعن أبيّ بن كعب) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد بعد قوله من المشركين (وإذا أمسينا مثل ذلك).
(عن عبد الله بن القاسم) قال حدثتني جارة للنبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند طلوع الفجر: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة القبر (ز).
(عن عثمان) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال بسم الله
الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن سلمة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه الخ (غريبة). أي دين الإسلام، وكلمة الإخلاص هي لا إله إلا الله. قال الأزهري معنى الحنيفية في الإسلام الميل إليه والإقامة على عقده، وقال ابن سِيدة في محكمه: الحنيف المسلم الذي يتحنف عن الأديان أي يميل إلى الحق: قال وقيل هو المخلص (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضاً ابن السني وصححه النووي. ز (سنده) حدثنا عبد الله حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل حدثني أبي عن أبيه عن سلمة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن أبيّ بن كعب الخ (غريبة). إلا أنه يقول في المساء أمسينا وفي الصباح أصبحنا (تخريجه) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه، وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله وفيه إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل وهو متروك اهـ (قلت) يؤيده ما قبله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن يعني المقري ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب حدثني عيسى الخراساني عن عبد الله بن القاسم (غريبة). جاء في الأصل في آخر هذا الحديث بعد قوله من فتنة القبر ما نصه قال أبو عيسى فقلت لعبد الله أرأيت إن جمعهما إنسان؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال اهـ (قلت) معناه أن أبا عيسى الخراساني راوي الحديث عن عبد الله بن القاسم سأله عما إذا جمعهما إنسان يريد بذلك والله أعلم اختصارهما بأن يقول (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وفتنته) فقال عبد الله بن القاسم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، يعني أننا نقول مثل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تختصر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات. (ز)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن إسحاق المسيبي ثنا أنس بن عياض عن أبي مودود عن محمد بن كعب عن أبان بن عثمان الخ (أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة يصرف ولا يصرف والأول أشهر لكونه على وزن فعال وعلى الثاني يجعل على وزن أفعل، (وعثمان) هو ابن عفان والدأبان (غريبة). لفظ ابن ماجة ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الخ
-239 -
أذكار شتى تقال في الصبا وفي المساء وبيان فضلها
-----
الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم تفجأه فاجئة بلاء حتى الليل، ومن قالها حين يمسي لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يصبح إن شاء الله.
(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير.
(عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي، اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي.
يعني إن قال ذلك في الصباح يحفظه الله من كل ضرر مفاجئ حتى تغرب الشمس، ومن قالها في المساء يحفظه الله كذلك حتى يطلع الفجر. زاد أبو داود قال فأصاب أبا عثمان الفالج (بكسر اللام) فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، فقال له مالك تنظر إلي؟ فوالله ما كذبت على عثمان: ولا كذب عثمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني، غضبت فنسيت أن أقولها (تخريجه)(ش حب ك والأربعة) وصححه ابن حبان والحاكم، وقال الترمذي حسن غريب صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود الخ (غريبة). زاد مسلم في روايته بعد قوله لا شريك له (قال الحسن) فحدثني الزبيد أنه حفظ عن إبراهيم في هذا له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر - (زاد في رواية أخرى) وإذا أصبح قال ذلك أيضاً أصبحنا وأصبح الملك لله اهـ (تخريجه)(م د). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة). زاد أبو داود والترمذي - وإذا أمسى قال اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور - فأفادت هذه الزيادة أن هذه الكلمات تقال في الصباح وفي المساء، وأن لفظ المصير في الصباح، ولفظ النشور في المساء (وتقديم بك على ما أصبحنا وما بعده) يفيد الاختصاص، والباء للاستعانة (تخريجه) (حب. والأربعة) وأبو عوانة في صحيحه: وابن السني في عمل اليوم والليلة، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وصححه ابن حبان والنووي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عُمارة بن مسلم الفزاري حدثني جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مُطعِم سمعت عبد الله بن عمر يقول لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة). هكذا بالجمع عند الإمام أحمد وابن أبي شيبة، جمع روعة والروعة الفزع، وعند الباقين، اللهم استر
-240 -
من قال سبحان الله العظيم وبحمده في الصباح وفي المساء لم يأت أحد بأفضل مما جاء به
-----
اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال قال يعني الخسف.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يُصبح وحين يُمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه.
(عن أبي أُمامة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأن أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهله حتى تطلع الشمس أحب إلى من أن أعتق رقبتين أو أكثر (وفي لفظ أربع رقاب) من ولد إسماعيل، ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل.
(عن سهيل عن أبيه) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا أخبركم لما سمى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفىّ؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى (فسبحان الله حين تمسون وحين
عورتي وأمن روعتي بالإفراد فيهما، والعورة كل ما يستحيا منه إذا شهر، والروعة الفزع كما تقدم. بضم الهمزة أي أهلك من حيث لا أشعر يريد به الخسف، وقد فسره بذلك الراوي في آخر الحديث وهو وكيع شيخ الإمام أحمد كما صرح بذلك في رواية أبي داود (تخريجه)(د نس جه ش حب ك) وصححه ابن حبان والحاكم، وقال النووي رويناه بالأسانيد الصحيحة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد قال حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م نس مذ) ورواه أبو داود بلفظ (سبحان الله العظيم وبحمده) ورواه الحاكم بلفظ (م نقال إذا أصبح مائة مرة وإذا أمسى مائة مرة سبحان الله العظيم وبحمده غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) وقال الحكم صحيح على شرط مسلم: ورواه أيضاً (حب) في صحيحه بلفظ رواية الحاكم وكلهم رووه عن أبي هريرة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن يزيد عن أبي طالب الضبعي عن أبي أمامة الخ (غريبة). يعني من صلاة الصبح حتى تطلع الشمس كما صرح بذلك في رواية أخرى. أي من بعد صلاة العصر كما صرح بذلك في رواية له أخرى (تخريجه)(طب) وحسن إسناده الحافظ الهيثمي، ورواه أبو داود من حديث أنس وحسن إسناده العراقي والسيوطي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زيان بن فايد عن سهيل عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهيني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة). جاء في تفسير قوله عز وجل (وإبراهيم الذي وفى) أقوال (منها) أنه بلغ ما أمر به أي وفى لله بالبلاغ (ومنه) وفى طاعة الله وأدى رسالته إلى خلفه (ومنها) ما جاء في هذا الحديث والله أعلم (تخريجه) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير في تفسيريهما وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وفيه ضعفاء وثقوا ولم يعزه للإمام أحمد فكأنه غفل عن ذلك، ورواية الإمام أحمد ليس فيها إلا ضعيف واحد وهو زيان بن فايد أما ابن لهيعة فقد قال الحافظ ابن كثير إذا قال حدثنا فحديثه وقد قال حدثنا
-241 -
فضل قراءة أواخر الحشر وصيغ أخرى في الصباح والمساء
-----
تصبحون حتى يختم الآية.
(عن معقل بن يسار) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيداً ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة.
(عن عبد الرحمن بن أبي بكرة) أنه قال لأبيه: يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت تعيدها ثلاثاً حين تصبح وثلاثاً حين تمسي، وتقول اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وأعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت تعيدها حين تصبح ثلاثاً وثلاثاً حين تمسي، قال نعم يا بني، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأحب أن أستن بسنته، قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين أصلح لي شأني كل لا إله إلا أنت
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا خالد يعني ابن طهمان أبو العلاء الخفاف حدثني نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار الخ (تخريجه)(مذ) قال الشوكاني في تحفة الذاكرين أخرجه الترمذي وقال بعد إخراجه حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأخرجه أيضاً الدارمي وابن السني، قال النووي بإسناد ضعيف اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا عبد الجليل حدثني جعفر بن ميمون حدثني عبد الرحمن بن أبي بكرة الخ (غريبة). يعني من الآلام والأسقام. خص السمع والبصر بالذكر بعد ذكر البدن مع أنه مشتمل عليهما لأن العين هي التي تنظر آيات الله المثبتة في الآفاق، والسمع يدرك الآيات المنزلة: فهما جامعان لدرك الآيات العقلية والنقلية، وغليه سر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر، اللهم أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا. يريد أنه لا يدفع المرض ولا يشفي السقيم إلا أنت يا الله. استعاذ صلى الله عليه وسلم من الكفر مع استحالته من المعصوم لغرض الاقتداء به في أصل الدعاء، وقرن الفقر بالكفر لأنه قد يجر غليه. يعني أنه لا يستعاذ من جميع المخاوف والشدائد إلا بك أنت. أي من أصابه هم وكرب. من طرف طرفة إذا أطبق أحد جفنيه على الآخر. الشأن يطلق على الأمر والحال واخطب (بسكون الطاء المهملة) وجمعه شئون: والمراد هنا إصلاح حاله وما يحتاج إليه من أمره في حياته وبعد موته (تخريجه)(د) والنسائي في اليوم والليلة وقال فيه جعفر بن ميمون ليس بالقوي اهـ (قلت) وأخرجه الحاكم م حديث مسلم بن أبي بكرة قال سمعني أبي وأنا أقول اللهم إني أعوذ بك من الهم والكسل وعذاب القبر، فقال يا بني ممن سمعت هذا؟ قلت سمعتك تقولهن، قال الزمهن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولهن وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وأخرج الجزء المختص بالمكروب منه (حب طب) وحسن إسناده
(أبواب آداب النوم وأذكاره)
(باب ما جاء في الوضوء قبل النوم وغلق الباب وإطفاء السراج وغير ذلك)
108 -
(عن عائشة) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد توضأ وضوءه للصلاة.
109 -
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه.
110 -
(عن سالم بن عبد الله) عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون.
111 -
(عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيتن النار في بيوتكم فإنها عدو.
112 -
(عن أبي أمامة) رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجيفوا أبوابكم
الحافظ الهيثمي والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا همام قال ثنا عفان قال ثنا يحيى بن أبي كثير أن أبا سلمة حدثه أن عائشة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). أي وضوءاً كاملاً كوضوئه للصلاة، والحكمة في ذلك أنه ربما بغته الموت فيكون على طهارة وهيئة كاملة، وللوضوء قبل النوم أيضاً أصدق الرؤيا وأبعد من تلعب الشيطان به، وحمله الأئمة على الاستحباب (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد، نعم رواه (د نس جه) عن عائشة أيضاً بلفظ (كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوء الصلاة). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل وهاشم قالا ثنا زهير ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). بفتح الغين المعجمة والميم بعدها راء أي ريح لحم أو دسمه. أي إيذاء من بعض الحشرات (فلا يلومن إلا نفسه* أي لتعرضه لما يؤذيه من الهوام، وذلك لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده وهو نائم لريح الطعام فتؤذيه (تخريجه)(د مذ ك) والبخاري في التاريخ، قال الحافظ وسنده صحيح على شرط مسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا معمر أنا الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) إلخ (غريبة). لعله أراد بالنار ناراً بخصوصها وهي ما يخاف منه الانتشار، قال النووي هذا عام يشمل السراج وغيره، وأما القنديل المعلق فإن خيف منه شمله الأمر بالإطفاء وإلا فلا لانتفاء العلة (تخريجه)(ق د مذ جه). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد عن عبد الله بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر إلخ (غريبة). جعل النار عدوا لبني آدم بجامع الضرر في كل، فكما أن العدو لا يؤمن ضرره فكذلك النار (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات، وابن لهيعة قال حدثنا فحديثه حسن ويؤيده ما قبله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النصر ثنا الفرج ثنا نعمان قال سمعت أبا أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). بفتح الهمزة وكسر الجيم أي ردوا وأغلقوا، يقال جفأت الباب غلقته قاله الفراء، والمعنى أغلقوا أبوابكم مع ذكر الله تعالى كما في رواية عند أبي داود وغيره
وأكفئوا آنيتكم وأوكثوا أسقيتكم وأطفئوا سُرُجكم فإنه لم يؤذن لهم بالنسور عليكم.
113 -
_عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال: احترق بيت بالمدينة على أهله فحُدث النبي صلى الله عليه وسلم بشأنهم، فقال إنما هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم.
114 -
(عن جابر) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أغلقوا الأبواب وأوكثوا الأسقية وخمروا الإناء وأطفئوا السرج فإن الشيطان لا يفتح غَلَقاً ويحُل وكاءً ولا يكشف إناءً فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت.
(باب هيئة اضطجاع للنوم وما يفعل من أراد ذلك والنهي عن ضجعة أهل النار وغير ذلك)
قال القاضي عياض رويناه بقطع الألف المفتوحة وكسر الفاء رباعي، ووصلها وفتح الفاء وهما فصيحتان والمعنى اقلبوا آنيتكم ولا تتركوها للعق الشيطان ولحس الهوام، قال الزمخشري كفأ الإناء قلبه على فمه. بكسر الكاف ثم همزة أي اربطوا أسقيتكم جمع سقاء ظرف الماء من جلد، يعني شدوا فم القربة بنحو خيط واذكروا اسم الله تعالى. أمر من الإطفاء (وقوله سرجكم) بضم المهملة والراء جمع سراج ككتب وكتاب أي اذهبوا نورها، والمعنى أطفئوا النار من بيوتكم عند النوم وتقدمت العلة في ذلك. يعني الشياطين ولم يُذكروا استهجاناً لذكرهم ومبالغة في تحقيرهم وذمهم (وقوله بالنسور عليكم) يقال تسورت الحائط وسورته أي علوته، والمعنى أن الله عز وجل لم يأذن لهم أن يأتوكم من أعلى الجدار ولم يجعل لهم قدرة على ذلك إذا ذكر اسم الله تعالى عند كل ما ذكر لخبر أبي داود وغيره واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً (تخريجه)(عل) وقال الهيثمي رجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا أبو أسامة عن يزيد بن أبي بُردة عن أبي بردة عن أبي موسى الحديث (تخريجه)(ق. وغيرهما). (سنده (حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر إلخ (غريبة). أي غطوه. بالتحريك جمعه أغلاق مثل سبب وأسباب وهو ما يمنع الداخل من الخروج والخارج من الدخول فلا يفتح إلا بالمفتاح (وقوله لا يحل) بضم المهملة (وكاء) بكسر الواو هو رباط السقاء. زاد مسلم فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرُض على إنائه عوداً ويذكر اسم الله فليفعل، يعرض بضم الراء أي يضعه عليه بعرضه، ويراد به أن التخمير يحصل بذلك وإن لم يوجد غيره. بضم الفاء وفتح الواو تصغير فاسقة والمراد بها الفأرة لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها (وقوله تضرم) من الإضرام إيقاد النار وإشعالها يقال أضرم النار وضرمها واستضرمها إذا أوقدها كذا في القاموس، ولفظ البخاري فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت (تخريجه)(ق مذ. وغيرهم) وفي الباب أيضاً حديث عبد الله بن سرجس وتقدم في الجزء الأول رقم 99 ص 257. (باب) هيئة
115 -
(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا نام وضع يمينه تحت خده وقال اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك.
116 -
(عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه قال: كان يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده وقال: رب يعني قني عذابك يوم تجمع أو تبعث عبادك.
117 -
(عن حفصة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً مثله وفيه يوم تبعث عبادك ثلاثاً.
118 -
(عن أبي اسحاق) عن أبي عبيدة ورجل عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام توسد يمينه ويقول: اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك، قال: فقال أبو اسحاق وقال الآخر يوم تبعث عبادك.
119 -
(عن يعيش بن طهفة الغِفاري) عن أبيه قال ضفت رسول الله صلى الله عليه وسلم
الاضطجاع للنوم والنهي عن ضجعة أهل النار وغير ذلك. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن المثنى ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله إلخ (غريبة). أي إذا أراد النوم أو المراد اضطجع لينام. يستحب أن يقول ذلك ثلاث مرات كما سيأتي في حديث حفصة (تخريجه)(جه) ورجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عبد الملك عن ربعي عن حذيفة إلخ (غريبة). بقصر الهمزة أي أتى إلى فراشه لأجل النوم. أو للشك من الراوي يشك هل قال تبعث أو تجمع وتقدم في رواية ابن مسعود (تجمع) بغير شك وسيأتي في حديث حفصة (تبعث) بغير شك فأي الروايتين قال جاز له ذلك (تخريجه)(بن مذ) وقال الترمذي حسن صحيح اهـ (قلت) وصححه أيضاً الحافظ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن سواء الخزاعي عن حفصة ابنة عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده وقال: رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاثاً (تخريجه)(د مذ بن ش) وقال الترمذي حسن صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي اسحاق إلخ (غريبة). لم أقف على اسم هذا الرجل. معناه أن أبا إسحاق روى عن أبي عبيدة يوم تجمع عبادك وروى عن الرجل الآخر يوم تبعث عبادك (تخريجه)(د مذ) والنسائي في اليوم والليلة ورجاله رجال الصحيح. طهفة بطاء مهملة ثم هاء ثم فاء بوزن طلحة، وقيل بكسر الطاء والغفاري بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء نسبة إلى غفار بن مليك بن ضمرة وهو ابن قيس الغفاري من أهل الصفة وقد اختلف في اسمه على أقوال: منها طهفة كما في هذه الرواية، ومنها طخفة بالخاء المعجمة بدل الهاء ورجحها البخاري وستأتي في الطريق الثانية للإمام أحمد وكذلك عند (د نس حب). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن يعيش بن طهفة الغفاري إلخ (غريبة). أي نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً يقال ضفت الرجل إذا
فيمن تضيفه من المساكين فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل يتعاهد ضيفه فرآني منبطحاً على بطني فركضني برجله وقال لا تضطجع هذه الضجعة فإنها ضجعة يبغضها الله عز وجل (وعنه من طريق ثان) قال أخبرني أنه ضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفر قال فبتنا عنده فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل يطلع فرآه منبطحاً على وجهه فركضه برجله فأيقظه وقال هذه ضجعة أهل النار.
120 -
(عن إبراهيم بن ميسرة) أنه سمع عمرو بن الشديد يقول بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو راقد على وجهه فقال هذا أبغض الرقاد إلى الله عز وجل.
121 -
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل مضطجع
نزلت به في ضيافته وأضفته إذا أنزلته، وتضيفته إذا نزلت به وتضيفني إذا أنزلني. أي فيمن نزل به من الأضياف المساكين يعني أهل الصفة وكان طهفة أو طخفة منهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أطعمهم وسقاهم لبناً إن شئتم بتم وإن شئتم انطلقتم إلى المسجد، قال طخفة لا بل ننطلق إلى المسجد فذهبوا إلى المسجد ليناموا، فانبطح طخفة على بطنه ونام، وقد جاء هذا في المعنى في حديث طويل لطخفة سيأتي بطوله في باب اشتراك المسلمين وتعاونهم في قِري الأضياف إذا كثروا من باب الضيافة في كتاب البر والصلة. أي مستلقياً على بطني في المسجد (فركضني) أي ضربني برجله. الضجعة بكسر الضاد المعجمة وسكون الجيم. أي لأنها ضجعة أهل النار كما صرح بذلك في الطريق الثانية قال تعالى (يوم يسحبون في النار على وجوههم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا زهير يعني ابن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن نعيم بن عبد الله عن ابن طخفة الغفاري قال أخبرني أبي إلخ. أي نزل به في ضيافته، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (ضافها ضيف فأمرت له بملحفة) الحديث تقدم في الجزء الأول في باب ما جاء في المني صحيفة (251) رقم 88 (تخريجه)(د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا زكريا ثنا إبراهيم بن ميسرة إلخ (وله طريق أخرى) عند الإمام أحمد أيضاً قال حدثني مكي بن إبراهيم ثنا ابن جريج قال أخبرني إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي الصحابي لأن أغلب رواية عمرو كانت عن والده المذكور والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح، وأورد الطريق الثانية الحافظ الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وهو مرسل أيضاً. (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمر ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث
على بطنه فقال إن هذه الضجعة لا يحبها الله عز وجل.
122 -
(عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده.
(باب ما يقرأ من القرآن عند النوم)
123 -
(عن شداد بن أوس) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل يأوي إلى فراشه فيقرأ سورة من كتاب الله عز وجل إلا بعث الله عز وجل ملكاً يحفظه من كل شيء يؤذيه حتى يهُبَّ متى هب.
124 -
(عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى إلى فراشه في كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات.
125 -
(عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك.
126 -
(عن العرباض بن سارية) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبقية رجاله رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبيدة الحداد عن عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر إلخ (غريبة). الوحدة بفتح الواو الانفراد. أي منفرداً ليس معه أحد، ومثل الرجل المرأة بل هي أولى بذلك، وإنما نهي عن الانفراد لما فيه من الوحشة أو هجوم عدو أو لص أو مرض، فوجود الرفيق معه يدفع عنه طمع العدو واللص ويسعفه في المرض ومثل ذلك المسافر بل هو أشد احتياجاً إلى ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون ثنا أبو مسعود الجريري عن أبي علاء بن الشخير عن الحنظلي عن شداد بن أوس إلخ (غريبة). بضم الهاء من الهبّ وبابه نصر وزاد في رواية (من نومه) أي يستيقظ من نومه متى استيقظ (تخريجه)(مذ) وابن السني وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (سنده (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان قال ثنا الفضل قال حدثني عقيل بن خالد الإيلي عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة الحديث (غريبة). من النفث وهو إخراج الريح من الفم مع شيء من الريق (وقوله وقرأ فيهما) جاء في رواية البخاري (فقرأ فيهما) بالفاء التي تفيد التعقيب. أي يبدأ بالمسح بيديه على رأسه إلخ، قال في شرح المشكاة قوله يبدأ بيان لجملة مسح بهما ما استطاع من جسده. أي ثم ينتهي إلى ما أدبر من جسده قاله في شرح المشكاة (تخريجه)(خ. وعيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا حسن بن صالح عن ليث عن أبي الزبير عن جابر إلى (تخريجه)(مذ) ورجاله من رجال الصحيحين. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا بقية بن الوليد قال حدثني نجير بن سعد عن خالد بن سعدان عن ابن أبي بلال عن عرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ
كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد وقال إن فيهن آية أفضل من ألف آية.
(باب ما يقال من الأذكار غير القرآنية عند النوم)
127 -
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه كان يقول يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع جبينه يقول باسمك ربي وضعت جنبي فإن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.
128 -
(وعنه أيضاً) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السموات السبع رب الأرض ورب كل شيء فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت
(غريبه). بكسر الموحدة وهي السور التي افتتحت بلفظ التسبيح، قال النسائي قال معاوية يعني ابن صالح إن بعض أهل العلم كانوا يجعلون المسبحات ستا سورة الحديد، والحشر، والحواريين (يعني الصف) وسورة الجمعة، والتغابن وسبح اسم ربك الأعلى اهـ. أبهم الآية هنا كما أبهم ساعة الإجابة في يوم الجمعة وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان محافظة على قراءة الكل كما حوفظ بذينك على؛ ياء جميع يوم الجمعة والعشر الأواخر، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره الآية المشار إليها في الحديث هي والله أعلم قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) والظاهر أنه رحمه الله قال ذلك عن توقيف ولأنه لا دخل للاجتهاد في مثل هذا والله أعلم (تخريجه)(د نس مذ) وقال حديث حسن وحسنه أيضاً الحافظ. (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا ابن عجلان وقرئ على سفيان عن سعيد عن أبي هريرة إلخ (غريبة). هذه الجملة وهي قوله (يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع جنبه يقول) من تفسير سفيان أحد رجال السند. أي قبضت روحي في نومي فارحمها وفي رواية البخاري فاغفر لها. أي رددت الحياة لي وأيقظتني من النوم فاحفظها إشارة إلى قوله تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها) وذكر الرحمة والمغفرة عند الموت والحفظ عند الإيقاظ لمناسبته له (تخريجه)(ق. وغيرهم) باختلاف في بعض الألفاظ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). تقدم أنه بقصر الهمزة ومعناه الاضطجاع للنوم. أي الذي يشق حب الطعام ونوى التمر ونحوهما للإنبات، والتخصيص لفضلهما أو لكثرة وجودهما في بلاد العرب. لم يذكر الزبور لأنه ليس فيه أحكام إنما هو مواعظ. معناه أعوذ بك من شر كل دابة مؤذية وفي قوله (أنت آخذ بناصيته) دلالة على أن قدرة الله عز وجل فوق قدرة كل مخلوق، وأن بطشه فوق كل ذي بطش. أي أنت القديم الذي لا ابتداء له (وأنت الآخر) أي الباقي بعد فناء خلقه لا انتهاء
الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر.
129 -
(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يأوي إلى فراشه، استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت مثل رمل عالج، وإن كانت مثل عدد ورق الشجر.
130 -
(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، وكم ممن لا كافي له ولا مؤوي.
131 -
(عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
له ولا انقضاء لوجوده (وأنت الظاهر) أي الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه. أي فليس فوق ظهورك شيء من الأشياء الظاهرة، وقيل ليس فوقك شيء أي لا يقهرك شيء (وأنت الباطن) يعني الذي حجب أبصار الخلائق عن إدراكه (فليس دونك شيء) أي لا يحجبه شيء عن إدراك مخلوقاته، قال القرطبي تضمن هذا الدعاء من أسمائه تعالى ما تضمنه قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن)(تخريجه)(م. والأربعة وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري إلخ (غريبة).هكذا الرواية عند الإمام أحمد والترمذي (استغفر الله الذي إلخ) وقد اشتهر على ألسنة الناس استغفر الله العظيم الذي إلخ، ولم أقف على أصل هذه الزيادة فليحرر. أي المتعلقة بحق الله عز وجل أو الذنوب مطلقاً إن قصد بذلك التوبة وعدم العود والعجز عن إرضاء أصحاب الحقوق فلا يبعد أن الله عز وجل يقبل توبته ويرضي خصومه من عنده وفضل الله واسع. بوزن نافع، قال: في مرآة الزمان عالج موضع بالشام رمله كثير. زاد الترمذي وإن كانت عدد أيام الدنيا (تخريجه)(مذ) وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد اهـ (قلت) الوصافي (بفتح الواو وتشديد المهملة وبعد الألف فاء) وشيخه ضعيفان. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس إلخ (غريبة).أي دفع عنا شر المؤذيات، أو كفى مهماتنا وقضى حاجاتنا فهو تعميم بعد تخصيص (وقوله وآوانا) بالمد على الأفصح لأنه متعد، ومعناه رزقنا مساكن وهيأ لنا المأوى (وقال النووي) معنى أوانا هنا أي جمعنا اهـ (وقوله كم ممن) جاء عند مسلم فكم بالفاء التي تفيد التعليل. بضم الميم وكسر الواو بينهما همزة ساكنة بصيغة الفاعل ولفظ له مقدر، والمعنى فكم من شخص لا يكفيهم الله شر الأشرار، بل تركهم وشرهم حتى غلب عليهم أعداؤهم ولا يهيئ لهم مأوى، بل تركهم يهيمون في البوادي ويتأذون بالحر والبرد كذا في المرقاة (تخريجه)(م د مذ نس). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي
رجلاً من الأنصار أن يقول إذا أخذ مضجعه اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مات مات على الفطرة. (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أويت إلى فراشك فتوضأ ونم على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك فذكر الحديث المتقدم بلفظه إلا أنه قال فإن مت مت على الفطرة (وعن من طريق ثالث) مثل ما تقدم فذكره بإسناده ومعناه وقال وتوضأ وضوءك للصلاة وقال اجعلهن آخر ما تتكلم به، قال فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت آمنت بكتابك الذي أنزلت، فقلت وبرسولك؟ قال: لا، وبنبيك الذي أرسلت (زاد في رواية أخرى) فإن مت من ليلتك مت على الفطرة، وإن أصبحت أصبحت وقد أصبت خيراً كثيراً. (وعنه من طريق رابع) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اضطجع الرجل فتوسد
ثنا عفان ثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب إلخ (غريبة). أي استسلمت وجعلت نفسي منقادة لك طائعة لحكمك، قال العلماء الوجه والنفس هنا بمعنى الذات كلها: يقال سلم وأسلم واستسلم بمعنى. أي أسندته إلى حفظ لما علمت أنه لا سند يتقوى به إلا سواك ولا ينفع إلا حماك. أي طمعاً في ثوابك وخوفاً من عقابك (وقوله لا ملجأ ولا منجا إلخ) قال الحافظ ملجأ مهموز ومنجا مقصور، وقد يهمز منجا للازدواج، وقد يعكس أيضاً لذلك، ويجوز التنوين مع القصر اهـ والمعنى لا مهرب ولا ملاذ ولا مخلص من عقوبتك إلا برحمتك، وهذا معنى ما ورد أعوذ بك منك، أي أعوذ بمظاهر صفات جمالك ومعاني إكرامك من غاية صفات جلالك ومهاوي انتقامك. أي الأحلام. أي الإسلام. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبي يحيى بن آدم ثنا فضيل يعني ابن عياض عن منصور عن سعد عن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم إلخ. أي وضوءك للصلاة كما سيأتي في الطريق الثالثة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن إسحاق أنا عبد الله بن مبارك أنا سفيان عن منصور عن سعد عن عبيدة فذكر بإسناده ومعناه إلخ. بتشديد المهملة الأولى مفتوحة وسكون الثانية أي كررها وأعادها للاستذكار أما النبي صلى الله عليه وسلم. جاء عند مسلم (قل آمنت بنبيك الذي أرسلت) وفي رده عليه الصلاة والسلام توجيهات للعلماء أوجبها إما أنه ذكر ودعاء فينبغي أن يقتصر على اللفظ الوارد بحروفه ويجوز أن يتعلق الجزاء بتلك الحروف، وإما أنه أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بهذه الألفاظ ولا يجوز تغييرها وتبديلها والله أعلم. أي جعل الله لك ثواباً كثيراً باهتمامك بهذا الذكر ومتابعتك أمر الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عاصم أنا حصين ابن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اضطجع الرجل إلخ
يمينه ثم قال اللهم إليك أسلمت نفسي (فذكر مثل ما تقدم وفيه) ومات على ذلك بني له بيت في الجنة أو بوِّئ له بيت في الجنة.
132 -
(عن أبي إسحاق) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام وضع يده على خده ثم قال اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك.
133 -
(عن الوليد بن الوليد) أنه قال: يا رسول إني أجد وحشة، قال: فإذا أخذت مضجعك فقل أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون فإنه لا يضرك وبالتحري أن لا يقربك.
134 -
(عن أب يعبد الرحمن الحبلي) قال أخرج لنا عبد الله بن عمرو بن العاص قرطاساً وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا، يقول اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت رب كل شيء، وإله كل شيء، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك والملائكة يشهدون، أعوذ بك من الشيطان وشركه وأعوذ بك أن أقترف على نفسي إثماً أو أجره على مسلم، قال أبو عبد الرحمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه عبد الله بن عمرو أن يقول ذلك حين يريد أن ينام.
135 -
(عن علي رضي الله عنه أن فاطمة رضي الله عنها شكت إلى النبي أثر العجين في يديها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم
يعني الطريق الأولى. بني بضم أوله وكذلك بوِّئ الآتي وكلاهما مبني للمفعول أي أعد الله له بيتاً في الجنة وأسكنه فيه، وأو للشك من الراوي والله أعلم (تخريجه)(ق. والأربعة، وغيرهم) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد. حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو داود الجعفري عن سفيان عن أبي إسحاق إلخ (تخريجه)(د نس مذ) وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن الوليد بن الوليد إلخ (غريبة). بفتحات قال في النهاية أما همزه يعني الشيطان فالموتة (بضم الميم) قال والموتة الجنون، قال والهمز النخس والغمز: وكل شيء دفعته فقد غمزته اهـ (قلت) والمراد نزغاتهم بما يوسوسون. بفتح الحاء وكسر الراء أي الأجدر والأخلق والأولى أن لا يقربك شيطان (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن محمد بن يحيى بن حبان لم يسمع من الوليد بن الوليد. الحبلي بضم المهملة والموحدة اسمه عبد الله بن يزيد المعافري من التابعين التقاة مات سنة مائة بإفريقية. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي (بضم أوله ويائين من تحت الأولى مفتوحة) أن أنا عبد الرحمن الحبلي حدثه قال أخرج لنا عبد الله ابن عمرو إلخ (غريبة). أي اكتسب ذنباً أو أدانيه وألاصقه. هو الحبلي راوي الحديث عن عبد الله بن عمرو (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ثنا علي رضي الله عنه إلخ (غريبة). عند البخاري وأبي داود
بسبى فأتته تسأله خادماً فلم تجده فرجعت، قال فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا قال فذهبت لأقوم فقال مكانكما فجاء حتى جلس حتى وجدت برد قدميه: فقال أل أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أخذتما مضجعكما سبحتما الله ثلاثاً وثلاثين وحمدتماه ثلاثاً وثلاثين وكبرتماه أربعاً وثلاثين. (وعنه أيضاً في حديث طويل) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما تسبحان في دبر كل صلاة عشراً، وتحمدان عشراً وتكبران عشراً، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين إلخ.
136 -
(عن ابن أعبد) قال: قال لي علي رضي الله عنه ألا أخبرك عني وعن فاطمة رضي الله عنها؟ كانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أكرم أهله عليه وكانت زوجتي، فجرّت بالرحى حتى أثر الرحى بيدها، وأسقت القرية بنحرها، وقيمت البيت حتى أغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها فأصابها من ذلك ضرر، فقُدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي أو خدم، قال: فقلت لها انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأليه خادماً يقيك حر ما أنت فيه، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده خدماً أو خداماً ولما تسأله فذكر الحديث
شكت ما تلقى في يدها من الرحى أي بسبب طحنها الشعير للخبز بنفسها وهو سبب آخر من أسباب الشكوى، وبقي أسباب أخرى سيأتي ذكرها في الحديث التالي. جاء عند البخاري وأبي داود (فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته، قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا) إلخ. أي جاء النبي صلى الله عليه وسلم حال كوننا مضطجعين (فذهبت لأقوم) يعني أنا وفاطمة وفي رواية أبي داود (فذهبنا لنقوم) فقال مكانكما أي اثبتا على ما أنتما عليه من الاضطجاع. لفظ أبي داود فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وفيه غاية التلطف على ابنته وصهره، وإذا جاءت الألفة رفعت الكلفة. أي خير لكما عند الله وأكثر ثواباً، وفي هذا تحريض على الصبر على مشقة الدنيا، وقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيماً لأجرها، لأن الذكر أكثر نفعاً لها في الآخرة من الخادم، والخادم يطلق على الذكر والأنثى. خصص التكبير بالزيادة إيماء إلى المبالغة في إثبات العظمة والكبرياء (تخريجه) (ق د نس. وغيرهم). سيأتي هذا الحديث بسنده وطوله وشرحه وتخريجه في باب زواج علي بفاطمة رضي الله عنهما في حوادث السنة الثانية من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني العباس بن الوليد النرسي ثنا عبد الواحد بز زياد ثنا سعيد الجريري عن أبي الورد عن ابن أعبد قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا ابن أعبد، هل تدري ما حق الطعام؟ قال: قلت وما حقه يا ابن أبي طالب؟ قال: تقول بسم الله اللهم بارك فيما رزقتنا، قال: وتدري ما شكره إذا فرغت؟ قال: قلت وما شكره؟ قال: تقول الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، ثم قال: ألا أخبرك عني وعن فاطمة إلخ (غريبة). أي كنسته، والقمامة الكناسة، والمِقَمّة المِكنَسة. أو للشك من الراوي يشك هل قال خدماً أو خداماً وكلاهما جمع
فقال ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم؟ إذا أويت إلى فراشك سبحي الله ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبري أربعاً وثلاثين، قال فأخرجت رأسها وقال رضيت عن الله ورسوله مرتين.
137 -
(عن عبد الله بن الحارث) عن عبد الله بن عمر أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه قال اللهم إنك خلقت نفسي وأنت توفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم أسألك العافية: فقال له رجل سمعت هذا من عمر؟ فقال من خير من عمر، من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
138 -
(وعن ابن عمر أيضاً) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا تبوأ مضجعه الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني، والذي من علي وأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حال، اللهم رب كل شيء، وملك كل شيء، وإله كل شيء، ولك كل شيء أعوذ بك من النار.
(باب ما يقال عند النوم خشية الفزع فيه والأرق والوحشة)
139 -
(عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلك يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وإن يحضرون، قال فكان عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) يعلمها
خادم (وقوله لم تسأله) أي لأنها لم تجده كما مر في الحديث السابق (وقوله فذكر الحديث) هكذا بالأصل، ولعله يشير إلى ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة بمنزلهما وما جرى بينه وبينهما كما في الحديث السابق. أي من تحت الغطاء (وقولها رضيت عن الله ورسوله) أي رضيت بما رضي به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكررت ذلك مرتين تأكيداً للرضا والامتثال رضي الله عنها (تخريجه)(د. وغيره) وسنده حسن. (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خالد ثنا عبد الله بن الحارث إلخ (غريبة). أي بيدك حياتها وموتها. في الحديث ذكر الموت والحياة والدعاء للنفس على تقدير الحياة بالحفظ وعلى تقدير الموت بالمغفرة، وذلك أن النوم شبيه بالموت لأن الله تعالى يتوفي فيه نفس النائم كما قال تعالى في كتابه العزيز (الله يتوفى الأنفس حين موتها) فناسبه ذكر المجيء بهذا الدعاء على التقديرين (تخريجه)(م نس). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أبي حسين يعني المعلم عن ابن بريدة حدثني ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). أي دفع عني كل شر مؤذ من خلقه (وآواني) بمد الهمزة أي ردني إلى مأوى وهو المنزل الذي أسكن فيه يقيني الحر والبرد وأحرز فيه متاعي وأحجب به عيالي (تخريجه)(نس د) وأخرجه أيضاً أب عوانة وابن حبان في صحيحهما وسنده جيد. (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلخ (غريبة). الفزع بالتحريك الخوف، وبابه تعب والمراد هنا أن من ينتبه من نومه فزعاً خائفاً فليقل بسم الله إلى آخره
-----
(*) جاء في الأصل عن أبي بريدة أبي بدل ابن، وهو خطأ وصوابه ما ذكرنا واسمه عبد الله بن بريدة بن الخصيب
من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه.
(باب ما يقول ويفعل من قام من الليل لحاجة وما يقال عند الانتباه من النوم أثناء الليل وعند التيقظ منه في آخره)
140 -
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم فراشه (وفي لفظ إذا قام أحدكم من الليل ثم رجع إلى فراشه) فلينزع داخلة إزاره ثم لينفض بها فراشه فإنه لا يدري ما حدث عليه بعده، ثم ليضطجع على جنبه الأيمن ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما حفظت به عبادك الصالحين.
141 -
(عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال رب اغفر لي أو قال ثم دعا استُجيب له: فإن عزم فتوضأ تُقبُلت صلاته.
142 -
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال يعقد الشيطان
(1) استدل بهذا الحديث القائلون بجواز تعليق التمائم إذا كانت من ذكر الله للتبرك، وذهب آخرون إلى المنع وقالوا إن فعل هذا صحابي لا يحتج به، وسيأتي الكلام على ذلك في أبواب الرقى والتمائم من كتاب الطب إن شاء الله تعالى (تخريجه)(د نس مذ) وقال حديث حسن غريب اهـ وأخرجه أيضاً الحاكم وقال صحيح الإسناد (قلت) سقط هذا الحديث من تلخيص المستدرك المذهبي. (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد الأموي قال ثنا عبيد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). بكسر الزاي وفي رواية لمسلم (فليحل داخلة إزاره) والمراد بداخلة الإزار طرفه الذي يلي الجسد، قال الإمام مالك رحمه الله داخلة الإزار ما يلي الجسد منه (قال النووي) والمعنى أنه يستحب أن ينفض فراشه قبل أن يدخل فيه لئلا يحصل في يده مكروه وإن كان هناك. يعني بعد مفارقة فراشه من وجود شيء كهوام أو تراب أو نحو ذلك وهذه عند غيره، وهو قوله (وإذا استيقظ فليقل الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد إلي روحي)(تخريجه)(ق. والأربعة وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي حدثني عمير بن هانئ العفسي حدثني جنادة بن أبي أمية قال حدثني عبادة بن الصامت إلخ (غريبة). بفتح التاء الفوقية وتشديد الراء، قال أكثر أهل اللغة التعار اليقظة مع صوت، وقال ابن التين ظاهر الحديث أن معنى تعارّ استيقظ لأنه قال (من تعار فقال) فعطف القول على التعار اهـ (تخريجه)(خ والأربعة). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج
على قافية (1) رأس أحدكم ثلاث عقد بكل عقدة يضرب عليك ليلا طويلا فارقد، وقال مرة يضرب عليه بكل عقدة ليلا طويلا، وقال إذا استيقظ فذك الله عز وجل انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت عقدتان، فإذا صلى انحلت العقد وأصبح طيب النفس نشيطاً، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان.
143 -
(عن جابر) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ذكر ولا أنثى إلا وعلى رأسه جرير معقود ثلاث عقد حين يرقد، فإذا استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإذا قام فتوضأ انحلت عقدة، فإذا قام إلى الصلاة انحلت عقده كلها.
144 -
(عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن النبي كان إذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، قال شعبة هذا أو نحو هذا المعنى، وإذا قام قال اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت
عن أبي هريرة إلخ (غريبة). أي مؤخر عنقه وقافية كل شيء مؤخره، وفي النهاية القافية القفا وقيل مؤخر الرأس، وقيل وسطه، وظاهر قوله أحدكم التعميم في المخاطبين ومن في معناهم، ويمكن أن يخص منه من ورد في حقه أنه معصوم من الشيطان كالأنبياء، ومن تناوله قوله تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) وكمن قرأ آية الكرسي عند نومه: فقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح؛ قاله الحافظ. بكل عقدة متعلق بيضرب أي يضرب بكل عقدة كما جاء في الرواية الثانية (وقوله ليلا طويلا) هكذا بالأصل ليلا طويلا بالنصب: وكذا عند مسلم أيضاً، قال النووي هكذا هو في معظم نسخ بلادنا بصحيح مسلم: وكذا نقله القاضي من وراية الأكثرين (عليك ليلا طويلا) بالنصب على الإغراء ورواه بعضهم (عليك ليل طويل) بالرفع أي بقي عليك ليل طويل، واختلف العلماء في هذه العقد فقيل يحتمل أن يكون فعلا يفعله الشيطان كفعل النفاثات في العقد، وقيل هو مجاز كنيّ به عن تثبيط الشيطان عن قيام الليل والله أعلم. في رواية البخاري (يضرب على كل عقدة) أي يضرب بيده على العقدة تأكيداً أو إحكاماً لها قائلاً ذلك، وقيل معنى يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ ومنه قوله تعالى (فضربنا على آذانهم) أي حجبنا الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا والله أعلم. انحلال هذه العقد إنما حصل ببركة الذكر (أيّ ذكر) والوضوء والصلاة، وفيه الحث على ذكر الله عز وجل عند الاستيقاظ والتحريض على الوضوء حينئذ وعلى الصلاة (تخريجه)(ق. وغيرهما). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر إلخ (غريبة). الجرير بالجيم بوزن حرير حبل من أدّم أي جلد نحو الزمام، ويطلق على غيره من الحبال (وقوله معقود ثلاث عقد) أي يعقدها الشيطان كما تقدم في الحديث السابق (تخريجه)(خز حب) وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج أنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال سمعت أبا بكر بن أبي موسى يحدث عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ إلخ (غريبة). جعل النوم موتاً لكونه شبيهاً به من حيث عدم الإحساس وفقد الإدراك (وإليه النشور) أي البعث
145 -
(عن أبي ذر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال باسمك اللهم نموت ونحيا، وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.
146 -
(عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قَمِناً أن يقول إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت، فإذا استيقظ من الليل قال الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور.
(أبواب الأذكار تقال في أحوال شتى)
(باب ما يقال لدخول المنزل والخروج منه وفي السوق وعند انفضاض المجلس)
147 -
(عن أبي الزبير) أنه سأل جابراً أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته فليذكر اسم الله حين يدخل وحين يطعم قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء ها هنا، وإذا دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال أدركتم المبيت والعشاء؟ قال نعم.
148 (عن أم سلمة) رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك من أن نزل أو نضل أو نَظلِم أو نُظلَم أو نَجهل أو يُجهل علينا
يوم القيامة بعد الموت الحقيقي (تخريجه)(م. وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شيبان ثنا منصور عن ربعي عن خرشة بن الحر عن أبي ذر إلخ (غريبة). أي بإرادتك وقدرتك (تخريجه)(ج وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا شريك بن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حراش عن حذيفة بن اليمان إلخ (غريبة). أي خليقاً وجديراً بالذكر أن يقول إلخ (تخريجه)(خ د نس مذ). (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير أنه سأل جابراً (يعني ابن عبد الله) أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته يسلم، والمؤمن يأكل في معي واحد؟ قال: نعم، قال وسألت جابراً أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته إلخ (غريبة). أي كان يقول بسم الله أو نحوه من أسماء الله عز وجل. يعني لإخوانه وأعوانه ورفقته، قال النووي في الخبر استحباب ذكر الله تعالى عند دخول البيت وعند الطعام (تخريجه)(م د نس جه حب). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن منصور عن الشعبي عن أم سلمة إلخ (غريبة). بفتح أوله وكسر ثانيه أي من زلة القدم كناية عن وقوع الذنب من غير قصد (أو نضل) من الضلالة وهي عدم الاهتداء إلى الصراط المستقيم (أو نظلم) بفتح أوله وكسر اللام بينهما ظاء معجمة ساكنة أي نعتدي على الناس بغير حق (أو نظلم) بضم أوله وفتح اللام أي يفعل بنا ذلك (أو نجهل) أوه نون مفتوحة أي نفعل فعل الجهال من الإضرار أو الإيذاء (أو يجهل علينا) بضم الياء التحتية أي يفعل الناس بنا ذلك
149 -
(عن عثمان بن عفان) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يخرج من بيته يريد سفراً أو غيره فقال حين يخرج بسم الله آمنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله إلا رزق خير ذلك المخرج وصرف عنه شر ذلك المخرج.
150 -
(عن عمر) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في سوق لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير كتب الله له بها ألف ألف حسنة ومحي عنه بها ألف ألف سيئة وبني له بيتاً في الجنة.
151 -
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كفارة المجالس أن يقول العبد سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك
(تخريجه)(الأربعة وغيرهم) وقال الترمذي حسن صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا أبو جعفر الرازي عن عبد العزيز بن عمر عن صالح بن كيسان عن رجل عن عثمان بن عفان إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عثمان، وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار مولى أبي الزبير عن سالم عن أبيه عن عمر إلخ (غريبة). في رواية لصاحب المصابيح في شرح السنة بلفظ (من قال في سوق جامع يباع فيه) فزاد لفظ جامع يباع فيه، قال وهذه الرواية طلب ذلك وهو الأقرب، لأن حكمة ترتب هذا الثواب العظيم على هذا الذكر اليسير أنه ذاكر لله تعالى في الغافلين فهو بمنزلة المجاهد مع الغازين، وظاهر الحديث حصول الثواب لقائل هذا الذكر سراً أو جهراً، والأفضل الجهر به لأنه فيه تذكير للقائلين حتى يقولوا مثل قوله، ففيه القول والنفع المتعدي لاسيما وقد ورد في بعض الروايات تقييده بالجهر، قال بعض العلماء وإنما خص السوق بالذكر لأنه مكان الاشتغال عن الله تعالى وعن ذكره بالتجارة والبيع والشراء: فمن ذكر الله تعالى فيه دخل في زمرة من قيل فيهم (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) وورد أن الأسواق محل الشياطين فيستحب طردهم منها بذكر الله عز وجل. جاء عند الترمذي بعد قوله له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير في رواية الترمذي (ورفع له ألف ألف درجة) بدل وبني له بيتاً في الجنة (تخريجه)(مذ) وقال حديث غريب، وأورده المنذري وقال إسناده حسن متصل ورواته ثقات أثبات، قال ورواه أيضاً ابن ماجه وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه: كلهم من رواية عمرو بن الزبير قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده، ورواه الحاكم أيضاً من حديث ابن عمر مرفوعاً وقال صحيح الإسناد كذا قال: وفي إسناده مرزوق بن المرزبان قال أبو حاتم ليس بالقوي ووثقه غيره اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم حدثنا إسماعيل ابن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). يعني إذا حصل فيها غيبة أو نميمة أو هذيان وضجة (وقوله أن يقول العبد) يعني قبيل انصرافه من المجلس سبحانك اللهم إلخ
(باب ما يقول من استجد ثوباً)
152 -
(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه قميصاً أو عمامة ثم يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له.
(باب ما يقال عند نزول المطر وسماع الرعد والصواعق ورؤية الهلال)
153 -
(عن عائشة) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً من أفق من آفاق السماء ترك عمله وإن كان في صلاته ثم يقول اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه، فإن كشف الله حمد الله، وإن مطرت قال اللهم صيباً نافعاً (وعنها من طريق ثان) أن رسول الله
فببركة هذا الذكر يغفر الله له ما كان في مجلسه، ولفظه عند الترمذي (عن أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك (تخريجه)(د حب والثلاثة) وقال الترمذي حسن صحيح غريب من هذا الوجه اهـ (قلت) وله شواهد منها عن عائشة وأبي برزة وغيرهما. (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن مبارك عن أبي سعيد الجريري عن أبي سعيد الخدري إلخ (غريبة). معناه أن يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتني هذا القميص أو هذه العمامة أو نحو ذلك، ثم يقول أسألك من خيره إلخ. زاد أبو داود في هذا الحديث قال أبو نضرة فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوباً جديداً قيل له تُبِلى ويُخلف الله (تخريجه)(د نس مذ ك حب) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وابن حبان. (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن المقدام ابن شريح عن أبيه عن عائشة إلخ (غريبة). أي سحاباً لم يتكامل اجتماعه مقبلاً من أفق من الآفاق كما صرح بذلك في رواية ابن ماجه، والأفق بضمتين الناحية من الأرض ومن السماء (ترك عمله) أي لاهتمامه بأمر ذلك السحاب خوفاً من أن يكون رسول عذاب كما أرسل إلى قوم هود قال تعالى (فلما رأوه عارضاًً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض مطرنا، بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم، تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم). أي وإن كان العمل صلاة، ومعنى تركها والله أعلم عدم الإتيان بغيرها بعد فراغه منها، فإن كانت فرضاً أتمها ولا يتنفل بعدها، وإن كانت نفلاً سلم من ركعتين ولم يأت بنفل آخر حتى يطمئن. يعني إن أزال الله السحاب حمد الله لأنه لم يحصل منه ضرر (وإن مطرت قال اللهم صيباً نافعاً) الصيب بفتح أوله وتشديد التحتية مكسورة، هو ما سال من المطر من صاب إذا نزل قاله ابن عباس (وقوله نافعاً) صفة للصيب ليخرج بذلك الصيب الضار وجاء في بعض الروايات (اللهم سيباً) بالسين المهملة المفتوحة وسكون التحتية من سبب إذا جرى أي مطراً جارياً على وجه الأرض من كثرته. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد عن عبد ربه
صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال اللهم اجعله صيباً هنيئاً.
154 -
(عن سالم عن أبيه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك.
155 -
(عن بلال بن يحيى) بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهِله علينا باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله.
156 -
(عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال كان رسول الله
قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ. أي من غير تعب: وكل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيء (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (نس فع جه) لكن بلفظ سيباً بالسين المهملة بدل صيباً وتقدم ضبطها وتفسيرها، وعند الشافعي بلفظ اللهم سقياً نافعاً: وأخرج الطريق الثانية منه البخاري إلا أنه قال صيباً نافعاً بدل هنيئاً، وللإمام أحمد مثله وتقدم في آخر أبواب الاستسقاء وظاهره أن يقول ذلك مرة واحدة، لكن جاء عند ابن أبي شيبة بلفظ (اللهم سيباً نافعاً مرتين أو ثلاثاً، فأفاد أنه لا بد من التكرار: وينبغي أن يقوله ثلاثاً عملاً بالأكثر والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحجاج حدثني أبو مطر عن سالم عن أبيه إلخ (غريبة). 'نما دعا النبي بذلك لأن الرعد والصواعق قد تكون عذاباً لأهل الأرض، فقد روي عن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ويقول إن هذا الوعيد شديد لأهل الأرض رواه (لك) والبخاري في كتاب الأدب ولقوله تعالى (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء إلخ الآية) قال الحافظ بن كثير أي يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء ولهذا تكثر في آخر الزمان اهـ، وقال البغوي قال محمد بن علي الباقر الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر. معناه وعافانا من البلايا والخطايا المقتضية للعذاب والغضب قبل وقوع ما ينتظر: والمراد بالدعاء بأن لا يقع شيء من ذلك (تخريجه)(مذ ك) والبخاري في الأدب وحسنه الحافظ العراقي وصححه الحاكم وأقره الذهبي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا سليمان بن سفيان المدائني حدثني بلال بن يحيى إلخ (غريبة). بفتح الهمزة وكسر الهاء وتشديد اللام مفتوحة دعاء بصيغة الأمر من الإهلال ويقال أهِل الهلال واستهل إذا رؤى: وأهله الله أطلعه؛ وأصل الإهلال رفع الصوت لأنهم كانوا إذا رأوا الهلال رفعوا أصواتهم بالتكبير، ومنه الإهلال بالإحرام رفع الصوت بالتلبية. قال الحكيم الترمذي اليًمن السعادة، والإيمان الطمأنينة بالله كأنه يسأل دوامهما، والسلامة والإسلام أن يدوم الإسلام ويسلم له شهره فإن لله تعالى في كل شهر حكمة وقضاءً وشأناً في الملكوت اهـ وفي قوله (ربي وربك الله) الرد على من كان يسجد للقمرين من دون الله من أهل الجاهلية (تخريجه)(مي مذ) وقال حديث حسن غريب وأخرجه أيضاً (حب) في صحيحه وزاد بعد قوله والإسلام قوله (والتوفيق لما تحب وترضى) وحسّن الحافظ حديث الباب. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر
صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال الله أكبر الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شر القدر ومن سوء الحشر.
(باب ما يقال عند صياح الديكة ونُهاق الحمار ونِباح الكلاب)
157 -
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم صياح الديكة من الليل فإنما رأت ملكاً سلوا الله من فضله، وإذا سمعتم نُهاق الحمار فلعله رأى شيطاناً فتعوذوا بالله من الشيطان.
158 -
(عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): إذا سمعتم نباح الكلاب ونهاق الحمير من الليل فتعوذوا بالله، فإنها ترى ما لا ترون؛ وأفلوا الخروج إذا هدأت الرجل فإن الله سبحانه وتعالى يبُث في ليله من خلقه ما شاء،
ابن أبي شيبة ثنا محمد بن بشير ثنا عبد العزيز بن عمر حدثني من لا أتهم من أهل الشام عن عبادة بن الصامت إلخ (غريبة). بفتح القاف والدال المهملة وهو ما يقدره الله عز وجل على عباده (وقوله من سوء الحشر) بفتح الحاء المهملة وسكون الشين المعجمة وهو اجتماع الناس في مكان واحد يوم القيامة، وفي بعض الروايات (ومن سوء يوم المحشر) أي موضع الحشر بمعنى المحشور أي المجموع فيه الناس، ولا شر ولا خير أعظم من يوم المحشر، كيف وهو يوم الفزع الأكبر (تخريجه)(طب) وقال الحافظ العراقي رواه عنه (يعني عن عبادة بن الصامت) أيضاً أن ابن أبي شيبة وأحمد في مسنديهما وفيه من لم يسم، بل قال الراوي حدثني من لا أتهم اهـ وقال الحافظ غريب ورجاله موثقون إلا من لم يسم. (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا ليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة إلخ (غريبة). الديكة (كنية) جمع ديك وهو ذكر الدجاج. قال القاضي عياض كأن السبب فيه رجاء تأمين الملائكة على دعائه واستغفارهم له وشهادتهم له بالإخلاص اهـ، قال القاضي عياض وفائدة الأمر بالتعوذ لما يخشى من شر الشيطان الرجيم (تخريجه)(ق د مذ. وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن محمد بن إسحاق ح ويزيد قال أنا محمد بن إسحاق المعني عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن جابر بن عبد الله إلخ (غريبة). نباح الكلاب بضم النون وكسرها صياحها (ونهاق الحمير) بضم النون أي صوته، والحمير بفتح الحاء المهملة جمع حمار بكسرها. خصه بالليل لأن انتشار الشياطين والجن فيه أكثر، وكثرة فسادهم فيه أظهر؛ فهو بذلك أجدر وإن كان النهار كذلك في طلب التعوذ. معناه أن الكلاب والحمير بل وسائر البهائم ترى من الجن والشياطين ما لا يراه بنو آدم (وقوله وأفلوا الخروج) يعني من المنازل (إذا هدأت) بالتحريك أي سكنت في القاموس هدأ كمنع سكن (والرجل) بكسر فسكون أي سكن الخلق عن المشي بأرجلهم في الطريق. أي يغرق وينشر في ليله من خلقه ما شاء من إنس وجن وشياطين وهوام وغيرها، فمن أكثر الخروج
وأجيفوا الأبواب واذكروا اسم الله عليها فإن الشيطان لا يفتح باباً أجيف وذكر اسم الله عليه وأوكثوا الأسقية (وفي رواية القِرَب) وغطوا الجرار وأكفئوا الآنية.
(أبواب أذكار تقال لما يهم الإنسان من عوارض وآفات)
(باب ما يقال لدفع كيد الشياطين وتمردهم على الإنسان وعبثهم به)
159 -
(عن أبي التياح) قال سأل رجل عبد الرحمن بن خَنْبِش كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كادته الشياطين؟ قال جاءت الشياطين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية وتحدرت عليه من الجبال وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فرعب: قال جعفر أحسبه قال جعل يتأخر، قال وجاء جبريل عليه السلام، فقال يا محمد قل: قال فما أقول؟ قال قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من
حين ذاك لغير غرض شرعي أوشك أن يحصل له أذى لمخالفته للمشروع. أي أغلقوها (وقوله أجيف) بضم الهمزة يعني أغلق، ومعناه أنهم لم يؤذن لهم في ذلك من قِبَل خالقهم. جمع قربة وهو وعاء الماء من جلد، أي اربطوا فمها لئلا يدب عليها شيء أو تتنجس (تخريجه)(د حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه أيضاً البخاري في الأدب المفرد، وقال البغوي حديث حسن. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا جعفر بن سليمان ثنا أبو النياح إلخ (غريبة). الرجل المبهم هنا هو أبو النياح نفسه راوي الحديث عن عبد الرحمن المذكور كما صرح بذلك في الطريق الثانية حيث قال: قلت لعبد الرحمن بن خنبش إلخ، وخنبش (بوزن جعفر) ضبطه الحافظ في الإصابة بمعجمة ثم نون ثم موحدة التميمي قال ابن حبان له صحبة. الظاهر أن ذلك كان في الليلة التي جاءوا فيها بعد استماع جن نصيبين للقرآن، قال ابن عباس وكانوا سبعة من جن نصيبين فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلاً إلى قومهم وقد جاء ذلك في كتاب الله عز وجل قال تعالى (وإذا صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن - إلى قوله - ويُجِركُم من عذاب أليم) قال ابن عباس فاستجاب لهم من قومهم سبعون رجلاً من الجن فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافوه بالبطحاء فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم، ذكره البغوي (قلت) فيحتمل أن هذا العفريت حضر معهم وكان من شياطينهم ليكيد للنبي صلى الله عليه وسلم كما كان يفعل المنافقون من الإنس فحفظه الله منه، فقد روى البيهقي في الأسماء والصفات من طريق داود بن عبد الرحمن عن يحيى بن سعيد قال: سمعت رجلاً من أهل الشام يحدث عن ابن مسعود قال: لما كان ليلة الجن أقبل عفريت في يده شعلة فذكره اهـ. قيل هي صفاته تعالى القائمة بذاته، وقيل العلم لأنه أعم الصفات، وقيل القرآن، وقيل جميع ما أنزله الله عز وجل على أنبيائه لأن الجمع المضاف إلى المعارف يعم (والتامات) يعني الكاملة فلا يدخلها نقص ولا عيب، وقيل النافعة
-261 -
ما يقال لدفع ضرر كل شيء- وما يقول من خاف رجلا أو قوما
-----
السماء (1) ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن، فطفئت نار الشياطين وهزمهم الله عز وجل (عنه من طريق ثان) قال قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي وكان كبيرا أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، قلت كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة كادته الشياطين؟ فقال إن الشياطين تحدرت تلك الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية فذكر نحو الحديث المتقدم (باب ما يقال لدفع ضرر كل شيء -وما يقول من خاف رجلا أو قوما)(عن أبان بن عثمان) عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يضره شيء (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
(وقوله التي لا يجاوزهن الخ) أي لا يتعداهن (بر) بفتح الموحدة أي التقى (ولا فاجر) أي مائل عن الحق، والمعنى لا ينتهي علم أحد إلى ما يزيد عليها، وهذا يشمل كل شيء خلقه الله (وذرأ) يقال ذرأ الله الخلق يذرؤهم إذا خلقهم، وكأن الذرء مختص يخلف الذرية (وبرأ) أي خلق الخلق لا عن مثال سبق، ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل فيس غير الحيوان، فيقال برأ الله النسمة وخلق السموات والأرض (نه) أي من العقوبات كالصواعق (ومن شر ما يعرج فيها) مما يوجب وهو الأعمال السيئة أي ومن شر ما خلق في الأرض على ظهرها (ومن شر ما يخرج منها) أي ما خلقه في بطنها من الهوام ونحوها أي الواقعة فيهما وهو من الإضافة إلى الظرف الطارق ما جاءك ليلا، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات (ومن طوارق الليل) أي حوادثه التي تأتي ليلا، وإطلاقه على الآتي بالنهار على سبيل الإتباع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سيار بن حاتم أبو سلمة العنزي قال ثنا جعفر يعني ابن سليمان قال ثنا أبو التياح قال قلت لعبد الرحمن الخ (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة أخرجه أبو زراعة الرازي فيمن اسمه عبد الرحمن، وأحمد من طريقي عفان وسيار بن حاتم اهـ باختصار (قلت) وأخرجه أيضا (بز ش) وسنده جيد (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة بن أبي قرة ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن أبان بن عثمان عن أبيه الخ (غريبة) هو عثمان بن عفان رضي الله عنه زاد في رواية عند الأربعة وعبد الله بن الإمام أحمد وتقدمت في باب ما يقال في الصباح والمساء لفظ (ثلاث مرات) وهنا أطلق فيحمل المطلق على المقيد، لا سيما وكلما تكرر الذكر كان أفضل أي من وقت قوله ذلك الذكر إلى آخر النهار إن كان قاله نهارا، ومن وقت قوله إلى آخر الليل إن كان قاله ليلا، أخذا من الرواية المشار إليها فقد صرح فيها بأن من قاله ثلاث مرات نهارا لم تفجأه فاجئه بلاء حتى الليل: ومن قاله حين يمسي لم تفجأه فاجئه بلاء حتى يصبح إن شاء الله (تخريجه)(حب ك والأربعة) وقال الترمذي حسن غريب صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم (سنده) حدثنا عبد الله
- 262 -
ما يقال لتفريج الهم والكرب والغم
-----
خاف من رجل أو من قوم قال اللهم إني أجعلك (وفي لفظ أنا جاعلك) في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم (باب ما يقال لتفريج الهم والكرب والغم- وما يقول من غلبه أمر)
(عن أسماء بنت عميس) رضي الله عنها قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولها عند الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئا (عن أبي بكرة) رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت (عن علي) رضي الله عنه قال علمني (وفي لفظ لقنني) رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بي كرب (زاد في رواية أو شدة) أن أقول لا اله إلا الله الحليم الكريم (وفي لفظ الحكيم بدل الحليم) سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (عن عبد الله) (يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب أحد قط هم وحزن فقال اللهم إني عبدتك أبن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيا حكمك عدل
حدثني أبي ثنا سليمان بن داود قال أنا عمران عن قتادة عن أبي بردة عن أي موسى الخ (غريبة) أي نجعلك حائلا بيننا ودافعا عنا: فهو كناية عن الاستعانة بالله في دفعهم إذ لا حول ولبا قوة إلا به سبحانه، وأصله جعلت فلانا في نحر العدو أي مقابلته ليحول بيني وبينه ويدفعه عني، وخص النحر لأن العدو يستقبل به عند التصاق القتال (وقوله ونعوذ بك من شرورهم) هو كالعطف التفسيري (تخريجه)(د نس ك حب هق) وصححه النووي (باب) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد العزيز قال ثنا هلال مولانا عن ابن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر عن أمه أسماء بنت عميس الخ (غريبة) ظاهره أنه يكتفي بهذا الدعاء مرة واحدة، وقد رواه (د نس) بتكرير لفظ الجلالة مرتين، ورواه أنه يقال مرتين ويكرر لفظ الجلالة مرتين في كل مرة: ورواه الطبراني أنه يقال ثلاثا ويكرر لفظ الجلالة في كل مرة مرتين. فينبغي العمل بهذه الرواية عملا بالأكثر وهو الأفضل (تخريجه)(د نس حب طب) وسنده جيد هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يقال في الصباح والمساء رقم 107 صحيفة 241 فارجع إليه حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا أسامة بن زيد عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن عبد الله بن جعفر عن علي الخ (غريبة) ما ذكر في هذا الحديث هو ذكر لا دعاء: ولعل المراد أنه يستفتح به الدعاء فيقوله ابتداء ثم يدعو بعد ذلك، ويؤيده ما جاء في بعض روايات هذا الحديث عند البخاري بعد قوله والحمد لله رب العالمين اللهم إني أعوذ بك من شر عبادك الله ونعم الوكيل (وفي لفظ حسبي) فينبغي تقديم هذا الذكر ثم تعقيبه بالاستعاذة من شر عباد الله ثم يختم بقوله حسبنا الله ونعمة الوكيل (تخريجه)(خ نس ش حب ك) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا فضيل بن مرزوق ثنا أبو سلمة
-163 -
ما يقوله إذا أحزنه أمر وضاق به صدره
-----
في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا، قال فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها (عن عبد الله بن جعفر) رضي الله عنهما أنه زوج ابنته من الحجاج بن يوسف، فقال لها إذا دخل بك فقولي لا اله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، وزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أحزنه أمر قال هذا، قال حماد فظننت أنه قال فلم يصل إليها (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قلنا يوم الخندق لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل من شيء تقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال نعم، اللهم استر عوراتنا وأمن روعاتنا، قال فضرب الله عز وجل
الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله الخ (غريبة) يستفاد منه أن لله عز وجل أسماء غير التسعة والتسعين المتقدم ذكرها، والاستئثار الانفراد بالشيء، أي انفردت بعلمه عندك لا يعلمه إلا أنت أي أسألك أن تجعل القرآن كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان، وكذلك القرآن ربيع القلوب، والمراد أن يجعل قلبه مرتاحا إلى القرآن مائلا إليه راغبا في تلاوته وتدبره منورا لبصيرته والنور مادة الحياة وبه معاش العباد، وسأله أيضا أن يجعله جلاء حزنه وذهاب همه أي شفاء لذلك ليكون بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ويعيد البدن إلى اعتداله وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو المطبوع والأصدية فيه الحث على تعلم هذا الدعاء والعمل به وقت الحزن والهم والغم وان من فعل ذلك أذهب الله عنه ما يجد وأبدله مكان الهم والغم فرحا (تخريجه)(بز حب ك) وصححه الحاكم وابن حبان، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد و (عل طب بز) ورجال أحمد وأبو يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد عن حماد بن سلمة عن ابن أبي رافع عن عبد الله ابن جعفر الخ (غريبة) هو الحجاج ابن يوسف الثقفي الوالي الظالم الذي اشتهر بظلمه وسفكه للدماء، سيأتي ذكره في خلافة عبد الله بن الزبير من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى إنما أمرها بذلك لأن زواجها بالحجاج أحزنها ولم يكن على مرادها لما اشتهر عنه من الظلم وسفك الدماء، وإنما زوجها أبوها به خوفا من الفتك به (قال حماد) أحد رجال السند (فظننت أنه) يعني ابن أبي رافع (قال فلم يصل إليها) يعني الحجاج ولم يقربها ببركة هذا الذكر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا الزبير بن عبد الله حدثني ربيح بن أبي سعيد عن أبيه قال قلنا يوم الخندق الخ (غريبة) أي زالت عن أماكنها حتى بلغت الحلوق من شدة الخوف والفزع، والحناجر جمع حنجرة وهي جوف الحلقوم، وهذا على التمثيل عبر به عن شدة الخوف، قال
-164 -
ما يقال لطلب المغفرة ووفاء الدين
-----
وجوه أعدائه بالريح فهزمهم الله عز وجل بالريح (عن عوف بن مالك الأشجعي) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين، فقال المقضى عليه لما أدبر حسبي الله ونعمة الوكيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله نعم الوكيل (باب ما يقال لطلب المغفرة- ووفاء الدين)(عن علي) رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك كلمات إذا قلتن غفر لك مع أنك غفور لك، لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا اله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين (ز)(عن أبي وائل)
الفراء معناه أنهم جبنوا، وسبيل الجبان إذا اشتد به خوفه أن تنتفخ رئته: فإذا انتفخت الرئة رفعت القبل إلى الحنجرة (قوله روعاتنا) جمع روعة وهي المرة الواحدة من الروع والفزع نزل في ذلك قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها الآيات)(تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وإسناد البزار متصل ورجاله ثقات وكذلك رجال أحمد إلا أن في نسختي من المسند عن ربيح بن أبي سعيد عن أبيه وهو في البزار عن أبيه عن جده (قلت) وهو كذلك في نسخة المسند التي بين أيدينا كنسخة الحافظ الهيثمي، وربيح بموحدة ومهملة مصغرا ابن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري المدني يقال (اسمه سعيد وربيح لقب) مقبول قاله الحافظ في التقريب حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح وإبراهيم ابن أبي العباس قالا ثنا بقية قال حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن سيف (يعني الشامي) عن عوف بن مالك الخ يشير بذلك إلى أن خصمه أخذ ماله باطلا، والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى لخصمه بيمينه فقد ترجم له أبو داود (باب الرجل يحلف على حقه) أي لا يرضى عن العجز، وهو التساهل في عواقب الأمور وعدم الأخذ بالحزم بفتح الكاف وسكون التحتية ضد العجز وهو التيقظ في عواقب الأمور والحذر من الوقوع في المكروه معناه كان ينبغي لك أن تتيقظ في معاملتك وتتدبر فيما يعود عليك بالمصلحة بالنظر إلى الأسباب واستعمال الفكر، فإذا غلبك الخصم بعد ذلك قلت حسبي الله وأما قولك حسبي الله بلا تيقظ كما فعلت فهو من الضعف فلا ينبغي ذلك (تخريجه)(دنس) وسنده حسن (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا علي بن صالح عن أبي إسحاق عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي الخ (غريبة) فيه منقبة عظيمة للإمام علي رضي الله عنه حيث بشره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مغفور له (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا السياق، وتقدم هذا الذكر في الباب السابق في تفريج الكرب والشدة: ويحتمل أنه صالح لطلب المغفرة أيضا وتقدم تخريجه هناك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله
-265 -
الحث على الدعاء وما جاء في فضله وأنه ينتفع مما نزل ومما لم ينزل
-----
قال أتى عليا رضي الله عنه رجل، فقال يا أمير المؤمنين عجزت عن مكاتبتي فأعني، فقال علي رضي الله عنه ألا أعلمك كلمات علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دنانير لأداه الله عنك؟ قلت بلى، قال قل اللهم أكفني بحلالك عن حرامك وأعنني بفضلك عمن سواك (أبواب الدعاء وما جاء وما جاء فيه)(باب الحث على الدعاء وما جاء في فضله وآدابه وأنه ينفع لا محالة (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لن ينفع حذر من قدر ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم بالدعاء عباد الله (عن ثوبان) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر
ابن عمر حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل الخ (غريبة) بكسر الصاد بعدها ياء تحتية ثم راء: جبل بطيء بهمزة وصل وكسر الفاء من كفى كفاية، أي قني واحفظني بالحلال عن الوقوع في الحرام (تخريجه)(مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق القرشي بعضهم وثقه وبعضهم ضعفه والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم ابن موسى قال عبد الله قال عبد الله قال وثناه الحكم بن موسى ثنا ابن عياش ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن معاذ الخ (غريبة) أي لا يجدي إذ لا مفر من قضائه تعالى فهو واقع على كل حال (والحذر) بالتحريك الاستعداد والتأهب للشيء (والقدر) بالتحريك أيضا القضاء الذي يقدره الله تعالى على العبد أي مما نزل بالفعل ومما هو في علم الله. وذلك بأن يلطف الله به ويذخره له في الآخرة: أو يصرف عنه من السوء مثله كما سيأتي في حديث أبي سعيد أي ألزموه يا عباد الله (تخريجه)(عل طب) وحسنه الحافظ السيوطي، لكن أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وشهر بن حوشب لم يسمع من معاذ، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان الخ (غريبة) أي يحرم بعض ثواب الآخرة أو بعض نعم الدنيا من نحو صحة ومال بمعنى محق البركة منه (وقوله بالذنب يصيبه) أي بشؤم كسبه الذنب ولو بأن تسقط منزلته من القلوب ويستولي عليه أعداؤه، ولا يقدح فيه ما يرى من أن الكفرة والفسقة أعظم مالا وصحة من العلماء والصالحين، لأن الكلام في مسلم يريد الله رفع درجته في الآخرة فيعفيه من ذنوبه في الدنيا: فاللام في الرجل للعهد، والمعهود بعض الجنس من المسلمين، ويحتمل أن يكون الحرمان بالنسبة إلى الرزق المعنوي والروحاني: وقد يكون من الرزق الظاهر المحسوس والله أعلم معنى رد القدر هنا تهوينه وتيسير
-266 -
الدعاء ينفع صاحبه ما لم يدع بائم أو قطيعة رحم
-----
(ز)(عن عبادة الصامت) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله عز وجلب دعوة إلا أتاه الله إياه، أو كف عنه السوء مثلها، منا لم يدع بإثم أو قطيعة رحم (عن أبي سعيد الخدري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها اثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن تجعل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه السوء مثلها، قالوا إذا نكثر، قال الله أكثر ثم قرأ (ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)
الأمر فيه حتى يكون النازل كأنه لم ينزل، وفي الحديث المتقدم (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) أما نفعة مما نزل فصبره عليه ورضاه به (ومما لم ينزل) فهو أن يصرفه عنه أو يخفف عنه أعباء ذلك إذا نزل به، فينبغي للإنسان أن يكثر من الدعاء (وقوله لا يزيد في العمر إلا البر) البر هو كل عمل صالح يرضى الله تعالى، والمراد بالزيادة هنا البركة والمعنى أن من وفق للإكثار من الأعمال الصالحة يزيد الله تعالى في أجره حتى يكون أكثر من أجر من هو أطول منع عمرا، وإلا فالعمر مقدر في علم الله ع وجل لا زيادة فيه ولا نقص (تخريجه)(نس جه حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله ثنا إسحاق بن منصور الكوسج أنا محمد بن يوسف ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبادة بن الصامت الخ (غريبة) مثال الإثم أن يقول اللهم يسر لي قتل فلان أو زنا بفلانة أو نحو ذلك (أو قطيعة رحم) كأن يقول اللهم باعد بيني وبين أبي مثلا وإن كان هذا من الإثم أيضا فهو تخصيص بعد تعميم (تخريجه) أورده النووي في الأذكار بزيادة (فقال رجل من القوم إذا نكثر فقال الله أكثر) وعزاه للترمذي وقال قال الترمذي حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا علي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخ (غريبة) أي نكثر من الدعاء لعظم فوائده (وقوله الله أكثر) يعني أكثر إجابة (تخريجه)(عل بز طس ك) وقال الهيثمي ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير على بن على الرفاعي وهو ثقة (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش ومنصور عن ذر عن يسيع الكندي عن النعمان بن بشير الخ (غريبة) قال الطيبي أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللام ليدل على الحصر وأن العبادة ليست غير الدعاء، وقال غيره المعنى هو من أعظم العبادة فهو كخبر (الحج عرفة) أي ركنة الأكبر، وذلك لدلالته على أن فاعله يقبل بوجهه إلى الله معرضا عما سواه: ولأنه مأمور به وفعل المأمور بع عبادة: وسماه عبادة ليخضع الداعي ويظهر ذلته ومسكنته وافتقاره: إذ العبادة ذل وخضوع ومسكنة أي صاغرين وأتى بالآية ليستدل بها على أن الدعاء يسمى عبادة لأنه عز وجل
-267 -
ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء- من لم يدع الله غضب عليه
-----
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدع الله غضب عليه (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم ينصب وجهه الله عز وجل في مسألة إلا أعطاه إياها إما أن يعجلها له، وإما أن يدخرها له (عن سلمان الفارسي)
أمر فيها بالدعاء ثم قال (إن الذين يستكبرون عن عبادتي) فأفاد ذلك أن الدعاء عبادة وأن ترك دعاء الرب سبحانه وتعالى من الاستكبار، وتجنب ذلك واجب لا شك فيه، ومما يؤيد ذلك قوله عز وجل (أمن يجيب المضطر إذا دعاء ويكشف السوء) فإن هذا الاستفهام هو للتقريع والتوبيخ لمن ترك دعاء ربه (تخريجه)(ش حب ك) والبخاري في الأدب، وقال الترمذي حسن صحيح اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سليمان بن داود حدثنا عمران عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي الحسن عن أبي هريرة الخ (غريبة) قيل وجه ذلك أنه يدل على قدرة الله تعالى وعجز الداعي: قال الشوكاني في تحفة الذاكرين والأولى أن يقال أن الدعاء لما كان هو العبادة بل كان مخ العبادة (قلت يثير إلى حديث أنس عند الترمذي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء مخ العبادة لما كان كذلك) كان أكرم على الله من هذه الحيثية، لأن العبادة هي التي خلق الله سبحانه الخلق لها كما قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)(تخريجه)(مذ جه طب ك) والبخاري في الأدب وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا
وكيع قال ثنا أبو يلج (بوزن عمرو) المدني سمعه من أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدع الله غضب عليه (غريبة) فيه دلالة على انم الدعاء من العبد لربه من أهم الواجبات لأن تجنب ما يغضب الله منه لا خلاف في وجوبه: وقد انضم إلى هذا الأوامر القرآنية، ومنها قوله تعالى (ادعوني استجب لكم) الآية وفي قوله (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) دلالة على أن ترك الدعاء من الاستكبار: وتجنب ذلك واجب لا شم فيه، وأقره الذهبي، وأخرجه أيضا الترمذي بلفظ (من لم يسأل الله يغضب عليه) والمعنى واحد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهوب عن عمه عبيد الله بن عبد الله بن وهب عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر المهملة من باب ضرب أي يقيم وجهه ويرفعه زاد الترمذي (وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا) وفيه دلالة على أن دعاء المسلم لا يهمل بل يعطى ما سأل إما معجلا وإما مؤجلا وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر إخلاصه في الدعاء تفضلا من الله عز وجل (تخريجه) (خ) في الأدب: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف، وأورده المنذري وقال رواه أحمد بإسناد لا بأس به اهـ (قلت) له شواهد كثيرة تؤيده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سليمان التيمي عن أبي
-268 -
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء
-----
رضي الله عنه قال إن الله عز وجل ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا تمنى أحدكم فلينظر ما الذي يتمنى، فإنه لا يدري ما الذي يكتب له من أمنيته (عن عائشة) رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء
عثمان (النهدي) عن سلمان الفارسي الخ (غريبة) من الحياء لا من الحياة، واطلاق الحياء على الله تعالى مجاز، |إذ هو تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب ويذم بسببه، وهو محال على الله عز وجل، والمراد هنا لازمة وهو الإحسان إلى السائل، وبسط اليد عند السؤال مدها ورفعها كما جاء في بعض الروايات أي من غير فائدة تعود على السائل، بل لا بد من فائدة تعود عليه إذا كان مخلصا، إما استجابة دعائه، وإما بصرف السوء عنه، وإما أن يدخره له في الأخيرة (تخريجه) (ك) بسند حديث الباب ولفظه: وقال هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين (قلت) وأقرها الذهبي وهو موقوف على سلمان: وللإمام أحمد رواية أخرى من طريق جعفر بن ميمون عن أبي عثمان (النهدي) عن سلمان الفارسي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله، ومن طريق جعفر بن ميمون رواه (د مذ جه ك) بألفاظ متقاربة، وجعفر بن ميمون مختلف فيه، فبعضهم وثقه وبعضهم ضعفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شعبة ثنا قتادة عن أنس الخ (غريبة) قال القرطبي في المفهم قيل معنى ظن عبدي بي ظن الإجابة عند الدعاء. وظن القبول عند التوبة. وظن المغفرة عند الاستغفار. وظن المجازاة عند فعل العبادة بشرودها تمسكا بصادق وعده (وقوله وأنا معه) أي بعلمي حسب ما قصد من دعائه أو ذكره لي: وهو كقوله عز وجل (إنني معكما أسمع وأرى)(تخريجه)(عل) قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (قلت) وأخرجه (ق مذ نس جه) عن أبي هريرة ولفظ مسلم كحديث الباب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان حدثنا أبو عوانة حدثنا عمر ابن أبلي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي إذا اشتهى حصول أمر مرغوب فيه، والتمني إرادة تتعلق بالمستقبل فإن كان في خير فمحبوب وإلا فمذموم أي ما لا يقدر له منها فليحسن أمنيته ويدعو بما يراه خيرا: لأن في الأوقات ساعات لا يوافقها سؤال سائل ألا وقع المطلوب على الأثر: فالحذر من تمنى المذموم ثم الحذر (تخريجه)(خ) في الأدب والبيهقي في شعب الايمان وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن الأسود بن شيبان عن أبي نوفل قال سألت عائشة أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسامح عنده الشعر؟ فقالت كان أبغض الحديث إليه: وقال عن عائشة كان يعجبه الخ (غريبة) أي يحب الدعاء بالكلمات التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، وتجمع الأغراض الصالحة، وقيل هي ما كان لفظها
-269 -
من سنن الدعاء استقبال القبلة ورفع اليدين
-----
ويدع ما بين ذلك (باب استقبال القبلة ورفع اليدين في الدعاء وما يستفتح به ومسح الوجه باليدين عند الفراغ من الدعاء)(عن ابن جريج) أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة اخبره عن عمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء مكانا من دار يعلى نسيه عبيد الله استقبل البيت فدعا، قال روح عن أبيه، وقال بكر عن أمه (وعنه من طريق ثان) قال أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة أخبره عن أمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكانا من دار يعلى نسيه عبيد الله استقبل البيت فدعا، قال وكنت أنا وعبد الله بن كثير إذا جئنا ذلك الموضع استقبل البيت فدعا (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمد يديه حتى لأرى بياض إبطيه
قليلا ومعناها كثيرا كقوله تعالى (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة)(وقوله ويدع ما بين ذلك) أي يترك غير الجوامع من الدعاء، ولفظ أبي داود (ويدع ما سوى ذلك)(تخريجه)(دك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جرير الخ (غريبة) الذي عليه المحققون واعتمده أكثر المحدثين أنه عن أمه كما في أكثر الروايات وسيأتي ذلك هو ابن أمية الصحابي رضي الله عنه (وقوله نسيه عبيد الله) يعني نسي المكان الذي وقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلا للبيت روح وبكر لم يذكرا في سند الحديث ولعلهما قالا ذلك في رواية أخرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن الحجاج ثنا عبد الله ابن علقمة ثنا عبد الله وعلي بن إسحاق أنا عبد الله بن المبارك أنا ابن جرير أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد الخ هذا هو الصوب كما تقدم أنه عن أمه، وهذه الرواية هي المفوظة عند أكثر المحدثين يعني عبد الله بن كثير اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وفيه استحباب استقبال القبلة عند الدعاء، ويؤيد ذلك ما رواه مسلم وغيره عن جابر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الموقف بعرفة واستقبل القبلة ولم يزل يدعو حتى غربت الشمس) وروى النسائي من حديث أسامة بن زيد (كنت ردفة يعني النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديع يدعو) ورجاله ثقات (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة رواه البخاري في تاريخه والبغوي والطبري من طريق أبي عاصم، ورواه (د نس عب) من طريق ابن جرير فقالوا جميعا عن أمه: قال ورواه الطبراني وابن شاهين من طريق ابن جريج إلا أنه قال عن أبيه، قال رواه البرساني عن ابن جريج فقال عن عمه، قال فهذا اضطراب يعل الحديث لكن يقوي أنه عن أمه لا عن أبيه ولا عن عمه أن في آخر الحديث عند أبي نعيم (فنخرج معه يدعو ونحن مسلمات) والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سليمان يعني التيمي عن بركة عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة الخ (غريبة) يفيد المبالغة في رفع اليدين عند الدعاء، فإن قيل كيف يرى بياض إبطيه وهو لابس ثيابه؟ (قلت) يحتمل أنه في هذا الوقت لم يكن على النصف الأعلى منه ثوب غير الرداء (وقوله
-270 -
كيفية رفع اليدين عند الدعاء- واختلاف الصحابة في ذلك
-----
قال سليمان يعني في الاستسقاء (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وافقا بعرفة يدعو هكذا ورفع يديه حيال ثندونتيه وجعل كفيه مما يلي الأرض (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه وباطنها مما يلي الأرض (عن قتادة) أن أنسا حدثهم قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء من دعائه (وفي لفظ الدعاء) إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه (عن خلاد بن السائب) الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سأل جعل باطن طفيه إليه (وفي لفظ إلى وجهه) وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه
قال سليمان الخ) يعني أحد رجال السند يقول أن رفع اليدين والمبالغة فيه كان في دعاء الاستسقاء وقد تقدم كلام في ذلك في باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء في الجزء السادس (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار عن شيخه محمد بن يزيد ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) لم يعزه الحافظ الهيثمي للإمام أحمد مع أن رجاله كلهم ثقات وليس فيهم محمد بن يزيد، فيحتمل أنه غفل عن ذلك والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن بشر بن حرب عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) تثنية ندوة بضم أوله ويجوز الفتح ثم نون ساكنة ثم دال مهملة مضمومة وهما للرجل كالثديين للمرأة فمن ضم الثاء همز ومن فتحها لم يهمز، أراد أنه لم يرفعها زيادة عن صدره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي اسناده بشر بن حرب، قال الحافظ في التقريب صدوق لين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا حماد بن لسمة عن ثابت البناني عن أنس الخ | (تخريجه)(د) إلا أنه قيده بالاستسقاء كما سيأتي في الحديث التالي وسنده حديث الباب صحيح هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء في الجزء السادس، وظاهره يوهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وليس كذلك، بل ثبت رفع يديه صلى الله عليه وسلم في الدعاء في مواطن كثيرة غير الاستسقاء وهي كثيرة جدا، وفي أحاديث الباب شيء منها (قال النووي) ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث بياض إبطيه إلا في الاستسقاء: أو أن المراد لم أره رفع وقد رآه غيره: فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك: ولا بد من تأويله لما ذكرناه والله أعلم اهـ (قلت) وتقدم الكلام على ذلك مما فيه الكفاية في أحكام باب رفع اليدين المشار إليه في الجزء السادس فارجع إليه والله الموفق وهذا الحديث أخرجه (م د. وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن حبان (بفتح المهملة) ابن واسع عن خلاد بن السائب الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو مرسل لأنم خلاد بن السائب ليس بصحابي وإنما الصحابي أبوه السائب بن خلاد وقد جاء هذا الحديث في الأصل في مسند السائب بن خلاد
-271 -
استفتاح الدعاء بسبحان ربي الأعلى الوهاب
-----
(عن عطاء) قال قال أسامة بن زيد رضي الله عنهما كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها قال فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى (عن سهل بن سعد) رضي الله عنهما قال ما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهرا يديه قط على منبر ولا غيره، ما كان يدعو إلا يضع يديه حذو منكبيه ويشير بإصبعه إشارة (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاء إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى العلي الوهاب (عن السائب بن يزيد عن أبيه) أن
الصحابي، وغالب ما فيه من الأحاديث مروى عن خلاد بن السائب عن أبيه إلا هذا الحديث فلم يصرح بذكر أبيه فيه فهو مرسل لذلك، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد مرسلا وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عبد الملك ثنا عطاء الخ (غريبة) الخطام تقدم تفسيره غير مرة وهو الحبل الذي يقاد به البعير (تخريجه)(نس) وجوه الحافظ اسناده، ويستفاد منه تأكيد رفع اليدين عند الدعاء في غير الاستسقاء أيضا، ويؤيده حديث عائشة قالت (كان رسول الله) صلى الله عليه وسلم يرفع يديه يدعو حتى إني لأسأله مما يرفعهما) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بثلاثة أسانيد ورجالها كلها رجال الصحيح (قلت) ومعنى قولها (إني لأسأم له) أي أمل وأضجر إشفاقا عليه من رفع يديه مع طول الدعاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي بن إبراهيم ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن معاوية عن أبي ذبابة عن سهل بن سعد الخ (غريبة) أي مبالغا رفعها وهذا باعتبار ما رأى: وإلا قد ثبت وصح عن غيره من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه في الاستسقاء حتى ظهر بياض إبطيه يحتمل أن يكون ذلك في الدعاء عند التشهد الأخير في الصلاة: ويحتمل أن يكون عند الدعاء في الخطبة على المنبر لأنه ورد في كل منهما ما يؤيده وتقدم في بابه والله أعلم (تخريجه)(د نق) وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق وعبد الرحمن بن معاوية وفيهما مقال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا عمر بن راشد اليمامي قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال ما سمعت الخ (غريبة) ليس هذا آخر حديث (وبقيته) وقال سلمت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن بايعه تحت الشجرة ثم مررت به بعد ذلك ومعه قوم فقال بايع يا سلمة، فقلت قد فعلت، قال وأيضا بايعته الثانية (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الإمام أحمد والطبراني بنحوه، وفيهى عمر بن راشد اليمامي وثقه غير واحد وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد الخ (وفي آخر هذا الحديث بعد قوله مسح وجهه بيديه) قال عبد الله وقد خالفوا قتيبة في إسناد هذا الحديث وأبي حسب قتيبة وهم فيه، يقولون عن خلاد بن السائب عن أبيه اهـ ومعناه أن عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله يقول قد خالف المحدثون
-272 -
تأكيد حضور القلب عند الدعاء واستحباب تعميمه
-----
النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه (باب تأكيد حضور القلب عند الدعاء واستحباب تعميمه بالدعاء لغير والبدء بنفسه)(عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب لعبد دعاء عن ظهر قلب (وعنه أيضا) أن رجلا قال اللهم اغفر لي ولمحمد وحدنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حجبتها عن ناس كثيرين (ز)(عن ابن عباس) عن أبي بن كعب رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر الأنبياء (وفي لفظ إذا دعا لأحد) بدأ بنفسه فقال
قتيبة في إسناد هذا الحديث، وأبي يظن أن قتيبة وهم أي غلط فيه لأنهم يقولون عن خلاد بن السائب عن أبيه، وقتيبة يقول في روايته عن السائب بن يزيد عن أبيه، وقد روى هذا الحديث أبو داود في سننه بسنده ولفظه كما هنا ولم يتعقبه بشيء وكذلك المنذري (تخريجه)(د) بسند حديث الباب ولفظه وفي إسناده ابن لهيعة وحفص بن هاشم فيهما كلام، وله شاهد عند الترمذي من حديث عمر قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه) والحكمة في ذلك التفاؤل والتيمن بأن كفيه ملأتا خيرا فأفاض منه على وجهه فيتأكد ذلك للداعي ذكره الحليمي (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبي بكر بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) أي كالأوعية تحفظ ما فيها، وبعض القلوب أوعى أي أحفظ للأمور تعقلا وفيهما من البعض الآخر أي كونوا على حالة تستحقون بها الرجاء، وذلك باستجماع شرائط الدعاء وآدابه كاستحضار القلب والتوجه إلى الله عز وجل والخضوع والتضرع واعتقاد أن الله يجيب دعائكم، لأن الكريم لا يخيب راجيه، لا سيما وقد قال في كتابه العزيز (ادعوني أستجب لكم) أي معرضا عن الله تعالى وعما يسأله فهذا لا يستجيب الله دعاءه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده المنذري، وقال رواه أحمد بإسناد حسن وكذلك قال الهيثمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال الخ (غريبة) الظاهر أن هذا الرجل هو الذي بال في المسجد وله قصة تقدمت في الجزء الأول صحيفة 248 رقم 47 في باب تطهير الأرض من نجاسة البول فارجع إليه أي جعلت حائلا بين الناس وبين رحمة الله تعالى، وهذا ليس في إمكان مخلوق لأن الله تعالى يقول (ورحمتي وسعت كل شيء) وإنما قال ذلك الأعرابي لجهله وكونه كان حديث عهد الإسلام، فالمطلوب أن يدعو الإنسان لنفسه ولإخوانه من المسلمين ليزداد ثوابه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد ابن عبد الرحيم أبو يحيى البزار ثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال قيس ثنا عن أبي إسحاق عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني إذا دعا لأحد بخير بدأ بنفسه ثم ثنى بغيره ثم عمم
-273 -
استحباب دعاء الإنسان لأخيه المسلم بظهر الغيب
-----
رحمة الله علينا وعلى هود صالح (عن طلحة بن عبيد الله بن كريز) قال سمعت أم الدرداء قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه يستجاب للمرء بظهر الغيب لأخيه فما دعا لأخيه بدعوة إلا قال الملك ولك بمثل (عن أبي الزبير) عن صفوان بن عبد الله وكانت تحبه أم الدرداء فأتاهم فوجد أم الدرداء، فقالت له أتريد الحج العام فقال نعم، قالت
اقتداء بأبيه إبراهيم صلى الله عليه وسلم حيث قال (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) فتتأكد المحافظة على ذلك وعدم الغفلة عنه، وإذا كان لا أحد أعظم من الوالدين ولا أكبر حقا على المؤمن منهما. ومع ذلك قدم الدعاء لنفسه عليهما في القرآن في غير موضع، فيكون على غيرهما أولى (تخريجه)(حب ك) وأبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح (قلت) وصححه أيضا الحاكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا فضيل يعني ابن غزوان قال سمعت طلحة بن عبيد الله بن كريز (بوزن كريم) الخ (غريبة) لفظ مسلم عن طلحة أيضا قال (حدثتني أم الدرداء قالت حدثني سيدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل) فزاد في روايته قالت (حدثني سيدي) قال النووي تعتني زوجها أبا الدرداء ففيه جواز تسمية المرأة زوجها سيدها وتوقيره، قال وأم الدرداء هذه هي الصغرى التابعية واسمها هجيمة (بوزن بثينة) وقيل جهيمة (بتقديم الجيم على الهاء) اهـ (قلت) لكن قولها في رواية الإمام أحمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم اله يعين أنها الكبرى الصحابية واسمها خيرة، ويجمع بين الحديثين بأن طلحة سمع الحديث من كلتيهما، فالصغرى روته عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة زوجها أبي الدرداء، والكبرى روته بدون واسطة، هذا ما ظهر لي والله أعلم أي في غيبة المدعو له وفي سره لأنه أبلغ في الإخلاص أي ولك مثل ما دعوت له به، فالباء زائدة، قال النووي هو بكسر الميم وإسكان الثاء، هذه الرواية المشهورة، قال القاضي (يعني عياضا) ورويناه بفتحها أيضا، يقال هو مثله ومثيله بزيادة الياء أي عديلة سواء، وفي هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا الجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا الجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة لأنها تستجاب ويحصل له مثلها (تخريجه)(م د) ورواية أبي داود كرواية مسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن هارون أنا عبد الملك عن أبي الزبير الخ هكذا جاء في المسند (وكانت تحبه أم الدرداء) بموحدة بعد الحاء المهملة من المحبة لكن جاء في صحيح مسلم بلفظ (وكانت تحته الدرداء) بتاء مثناة بعد الحاء بدل الموحدة، ومعنى رواية مسلم أن صفوان كان زوجها للدرداء، ومعنى رواية الإمام أحمد أن أم الدرداء كانت تحب صفوان زوج بنتها الدرداء كما هي عادة النساء، هذا لم يكن في رواية الإمام أحمد تصحيف من الناسخ، والافرواية مسلم أظهر والله أعلم جاء عند مسلم قال قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت
-274 -
كراهة الدعاء بقوله اللهم اغفر لي إن شئت بل يعزم المسألة
-----
فادع لنا بخير، فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إن دعوة المرء المسلم مستجابة لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملك موكل به، كلما دعا ل؟ أخيه بخير قال آمين ولك مثل، قال فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا (باب النهي عن قول الداعي اللهم اغفر لي إن شئت وعن استبطاء الإجابة وكراهة السجع في الدعاء)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دعا أحدكم فلا يقولن اللهم إن شئت ولكن ليعظم رغبته فإن الله عز وجل لا يتعاظم عليه شيء أعطاه (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة فإنه لا مكره له (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قالوا يا رسول الله
أم الدرداء فقالت أتريد الحج الخ (تخريجه)(م جه)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة قال سمعت العلاء يحدث عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي اللهم اغفر لي وارحمني ان شئت كما صرح بذلك في الحديث التالي، وقد حمل ابن عبد البر هذا النهي على التحريم فقال لا يجوز لأحد أن يقول اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك، وحمله النووي على كراهة التنزيه، وقيل سبب النهي عن قوله ذلك أن فيه صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه، وقال ابن بطال في الحديث إنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريما، وقد قال ابن عيينة لا يمنعن أحدا ما لم يعلم في نفسه يعني التقصير، فإن الله عز وجل قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس (قال رب فانظرني يوم يبعثون، قال فإنك من المنظرين) معناه أنه يبالغ في تكرار الدعاء والإلحاح، ويحتمل أنه يراد به الأمر بطلب الشيء العظيم الكثير، ويؤيد ذلك ما جاء بعده من التعليل بقوله (فإن الله عز وجل لا يتعاظم عليه شيء أعطاه) يعني مهما عظم وتعدد (تخريجه)(ق. وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) قال الداودي معنى قوله ليعزم المسألة أن يجتهد ويلح ولا يقل إن شئتن كالمستثنى ولكن دعاء البائس الفقير، قال الحافظ وكأنه أشار بقوله كالمستثنى إلى أنه إذا قالها على سبيل التبرك لا يكره وهو جيد (تخريجه)(ق د مذ)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء ولا يقل اللهم إن شئت فأعطني فغن الله عز وجل لا مستكره له (تخريجه)(ق. والنسائي في اليوم والليلة)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه لا يزال العبد يستجاب دعاؤه (ما لم يستعجل) أي ما لم يستبطئ الإجابة ويسأم الدعاء
-275 -
كراهة استبطاء الإجابة- وقصة عائشة مع القاص
-----
كيف يستعجل؟ قال يقول دعوت ربي فلم يستجب لي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي (عن الشعبي) قال قالت عائشة رضي الله عنها لابن أبي السائب قاص أهل المدينة ثلاثا لتبايعني عليهم أو لأنا جزنك، فقال ما هن؟ بل أنا أبايعك يا أم المؤمنين، قالت اجتنب السجع من الدعاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا لا يفعلون ذلك وقال إسماعيل مرة فقالت إني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم لا يفعلون ذاك، وقص على الناس في كل جمعة مرة، فإن أبيت فثلثين، فإن أبيت فثلثا، فلا تمل الناس هذا الكتاب
فلا يستجاب له حينئذ بفتح الياء التحتية وكسر الجيم من الاستجابة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه و (بز طس) وفيه أبو هلال الراسي وهو ثقة وفيه خلاف وبقية رجال أحمد وأبي يعلى رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن أبي العباس قال ثنا أويس قال قال الزهري أن أبا عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي يستجاب دعاء كل واحد منكم إذا المفرد المضاف يفيد العموم على الأصح (وقوله فيقول) بالنصب لا غير وهو وما بعده بيان لقوله ما لم يعجل (تخريجه)(ق د مذ جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل قال ثنا داود عن الشعبي الخ (غريبة) اسمه الوليد بن سليمان القرشي ثقة من السادسة كذا في التقريب (وقوله قاص أهل المدينة) القاص هو الذي يعظ الناس ويقص عليهم أخبار الأمم السالفة والقاص أيضا الذي يأتي بالقصة على وجهها كأنه يتتبع معانيها وألفاظها بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديره اذكر ثلثا (لتبايعني) بنون التوكيد الثقيلة (عليهن) أي على الطاعة فيما آمرك بشأنهن هو موالاة الكلام على روى واحد، ومنه سجعت الحمامة إذا رددت صوتها قاله ابن دريد، وقال الأزهري هو الكلام المقفى من غير مراعاة وزن، والمعنى لا تقصد إلى السجع في الدعاء ولا تشغل فكرك به لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء إن قيل ثبت في الأحاديث الصحيحة (اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب)(وجاء أيضا) لا اله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده (وأجيب) بأن المكروه ما يقصد ويتكلف فيه كما ذكرنا، وأما ما ورد على سبيل الاتفاق فلا بأس به هو ابن إبراهيم بن مقسم الأسدي القرشي ابن علية وهي أمه، قال الإمام أحمد إليه المنتهى في التثبيت، وقال ابن معين كان ثقة مأمونا ورعا تقيا اهـ وهو أحد رجال السند يعني أنه قال مرة في روايته فقالت إني هدت رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم الخ بضم أوله وكسر الميم وتشديد اللام المفتوحة من الإملال وهي السآمة والناس نصب على المفعولية
-276 -
كراهة الاعتداء في الدعاء وهو تجاوز الحد وطلب ما يستحيل شرعا
-----
ولا الفينك تأتي القوم وهو في حديثهم فتقطع عليهم حديثهم ولكن اتركهم فإذا جرءوك عليه وامروك به فحدثهم (باب كراهة الاعتداء في الدعاء)(عن أبي النعامة) إن عبد الله بن نغفل رضي الله عنه سمع ابنه يقول اللهم أني أسلك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها (وفي لفظ اللهم إني أسألك الفردوس وكذا) فقال يا بني سل الله تبارك وتعالى الجنة وعذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون قوم (وفي لفظ يكون في هذه الأمة قوم) يعتدون في الدعاء والطهور (عن مولى لسعد بن أبي وقاص)(10)
وهو كالبيان الحكمة الأمر بعدم الإكثار (والكتاب) مفعول ثان أو بنزع الخافض وهو القرآن كما صرح به عند البخاري، أي لا تملهم عن القرآن، وقد ثبت في حديث ابن مسعود عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا) بضم الهمزة وسكون اللام وكسر الفاء وفتح التحتية وتشديد النون المؤكدة أي لا أصادفنك ولا أجدنك في رواية البخاري من حديث ابن عباس، ولكن أنصت بهمزة قطع مفتوحة وكسر الصاد أي اسكت مع الاصفاء (فإذا جرءوك) أي التمسوا منك أن تقص عليهم وتحدثهم ويكون قوله (وأمروك) عطف مرادف (تخريجه) (بز طب) وسنده جيد: و (خ) من حديث ابن عباس (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن الجريري، وقال عفان في حديثه أنا جرير عن أبي نعامة الخ (غريبة) هو الدار الكبيرة المشيدة سمي بذلك لقصر النساء وحبسهم فيه أي عن يمين الداخل ففي الكلام حذف هو وسط الجنة وأعلاها بضم المهملة وسكون المعجمة أي التجيء إليه تعالى وتحصن به من عذاب النار، يقال عذت بفلان واستعذت به أي لجأت إليه، قال التوربيشتي إنما أنكر عبد الله على ابنه هذا الدعاء لأنه طمع في مالا يبلغه عملا حيث سأل منازل الأنبياء، وجعله من الاعتداء في الدعاء لما فيه من التجاوز عن حد الأدب نظر الداعي لنفسه بعين الكمال هذا تعليل المحذوف فكأنه قال له تسأل شيئا معينا من أمور الآخرة لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ الاعتداء في كل شيء هو تجوز الحد فيه، ويكون الاعتداء في الدعاء أيضا بطلب ما يستحيل شرعا، وقد قال العلماء إنه لا يجوز أن يدعو الإنسان بتحول الجبل الفلاني ذهبا أو يحيي الله له الموتى، وقيل الاعتداء في الدعاء أن يدعو بإثم أو قطيعة رحم وهو وجيه (والاعتداء في الطهور) بضم الطاء المهملة بمعنى الفعل يكون يتجاوز الحد بالزيادة في الغسل والمسح على العدد المشروع، ويحتمل أن يكون بفتح الطاء بمعنى الماء، ويكون الاعتداء فيه بإراقة الكثير منه والإسراف فيه كما يفعل الموسوسون، والوسوسة من الشيطان (تخريجه)(د جه ك هق حب) وصححه الحاكم والنووي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن المهدي ثنا شعبة عن زياد بن مخراق قال سمعت
-277 -
استجابة الدعاء من ثلث الليل الأول إلى طلوع الفجر كل ليلة
-----
أن سعدًا رضي الله عنه سمع ابنا له يدعو وهو يقول اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوا من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال لقد سألت الله خيرا كثيرا وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء وقرأ هذه الآية (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) وإن حسبك أن تقول اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل (باب ما جاء في أوقات يستجاب فيها الدعاء)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا تبارك اسمه كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا فيقول من يدعوني ف؟ أستجيب له؟ من يستغفرني فاغفر له؟ حتى يطلع الفجر، فلذك كانوا يفضلون صلاة آخر الليل على صلاة أوله (وعنه من طريق ثان) فذكر مثله وفيه، من ذا الذي يسترزقني فأرزقه، من ذا الذي يستكشف الضر فأكشفه عنه حتى ينفجر الفجر (عن رفاعة الجهني) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مضى نصف الليل أو قال ثلثا الليل ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا فيقول
أبا عباية عن مولى لسعد بن أبي وقاص الخ (غريبة) ما غلظ من الديباج جمع غل بضم المعجمة وهو طوق من حديد يجعل من العنق أي يتجاوزون الحد فيه: ولعل سعدا أنكر على ابنه حيث سأل نعيم الجنة وإستبرقها بعد سؤال الجنة، وحيث استعاذ من سلاسل النار وأغلالها بعد استعاذته من النار فهو من قبيل تحصيل الحاصل فيكون من الاعتداء في الدعاء والله سبحانه وتعالى أعلم أي كافية أن تقول الخ (تخريجه)(د) وسنده جيد، إلا أن مولى سعد لم يعرف من هو (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا ليث ثنا إبراهيم ثنا ابن شهاب عن الأغر وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذا الحديث من أحاديث الصفات، نؤمن به كما جاء ونكل علمه إلى الله عز وجل مع تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل يزيد أنا هشام وعبد الوهاب أنا هشام عن يحيى بن أبي جعفر أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(ق. وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني فذكر حديثا طويلا تقدم بطوله في الجزء الأول رقم 30 صحيفة 50 من كتاب الإيمان، وهذا الطرف الأخير منه (غريبة) جاء في هذه الرواية إذا مضى نصف الليل، وله ولا بي سعيد في رواية أخرى عند مسلم مرفوعا إن الله يمهل حتى إذا مضى ثلث الليل الأول نزل إلى سماء الدنيا الحديث، وقد جمع النووي بين هذه
-278 -
من الدعوات المستجابة دعوة ذي النون والدعاء بيا ذا الجلال والإكرام
-----
لا أسأل عن عبادي أحدا غيري، ومن ذا يستغفر فأغفر له؟ من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه حتى ينفجر الفجر (عن نافع بن جبير) عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ينزل الله عز وجل في كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر (باب دعوات يستجاب بها الدعاء، ومنها دعوة ذي النون: والدعاء بيا ذا الجلال والإكرام)(عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت (لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له (عن معاذ ابن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي على رجل وهو يقول يا ذا الجلال
الروايات باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به، ثم أعلم بالآخر في وقت آخر فأعلم به: وكل من الرواة أخبر بما سمع (تخريجه)(طب حب) والبغوي والبارودي وابن قانع. ورواه ابن ماجة مختصرا كما هنا، وأورده الهيثمي بطوله، وقال رواه أحمد وعند ابن ماجة بعضه ورجاله موثقون (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن أبيه الخ (قلت) أبوه هو جبير بن مطعم رضي الله عنه (تخريجه)(بز عل طب) ورجاله رجال الصحيح هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب ذكر نبي الله يونس من كتاب أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (غريبة) أي صاحب النون وهو يونس بن متى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والنون اسم الحوت والمراد هنا الحوت الذي ابتلعه بأمر الله عز وجل عقوبة له وصحت الإضافة إليه هذه النسبة، وستأتي قصته مفصلة في الباب المشار إليه آنفا إن شاء الله تعالى شرط الاستجابة أن يستحضر ذنبه ويرجع إلى الله عز وجل خاضعا ذليلا كما حصل من نبي الله يونس عليه السلام، وإلا فمجرد ذكر الألفاظ بدون التجاء إلى الله وخضوع لا ينفعه (تخريجه) أورده الهيثمي بطوله وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبوار ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وهو وثقه وعند الترمذي طرق منه اهـ (قلت) ورواه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا الجريري عن أبي الورد عن اللجلاج حدثني معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل وهو يصلى وهو يقول في دعائه اللهم إني أسألك الصبر، قال سألت البلاء فسل الله العافية، قال وأتى على رجل وهو يقول اللهم إني أسألك تمام نعمتك، فقال ابن آدم هل تدري ما تمام النعمة؟ قال يا رسول الله قد دعوت بها أرجو بها الخير، قال فإن تمام النعمة فوز (أي نجاة) من النار ودخول الجنة، وأتى على رجل وهو يقول يا ذا الجلال والإكرام الخ
-279 -
الدعوات التي فيها اسم الله الأعظم سبحانه جل شأنه
-----
والإكرام فقال قد استجيب لك فسل (عن ربيعة بن عامر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام (باب ما جاء في اسم الله الأعظم)(عن أنس بم مالك) رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن صامت الزرقي رضي الله عنه وهو يصلي وهو يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت يا منان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى (وعنه أيضا) قال كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلقة ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد جلس وتشهد، ثم دعا فقال اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت (زاد في رواية وحدك لا شريك لك) حنان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام ياحي ياقيوم إني قيوم إني أسألك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون بما دعا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم (وفي رواية باسمه الأعظم) الذي إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى:(عن عبد الله بن بريدة) عن أبيه رضي الله عنه قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول اللهم
(غريبه)(1) يعني قد سمع نداءك فسل الله ما شئت (تخريجه)(مذ) وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم ابن إسحاق ثنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن حسان من أهل البيت المقدس وكان شيخا كبيرا حسن الفهم عن ربيعة بن عامر الخ (غريبة) بفتح الهمزة وكسر اللام وبظاء معجمة مشددة، أي الزمو هذه الدعوة وأكثروا منها، قال الزمخشري ألظ وألب وألح أخوات في معنى اللزوم والدوام (تخريجه) (نس مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب (قلت) وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن إسحاق عن عبد العزيز بن مسلم بن عاصم عن إبراهيم ابن عبيد بن رفاعة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) المنان كثير العطاء من المنة بمعنى النعمة (والبديع) أي المبدع من الإبداع أي أي مبدعهما على غير مثال سبق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الصغير ورجال أحمد ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس وإن كان ثقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد وعفان قالا ثنا خلف بن خليفة ثنا حفص بن عمر عن أنس قال كنت جالسا الخ هو أبو عياش زيد بن صامت الزرقي المصرح به في الحديث السابق منادي منصوب حذف منه باء النداء: ومثله ذا الجلال والإكرام، وقد ثبتت الياء التحتية فيهما في الحديث السابق جاء عند الحاكم أسألك الجنة وأعوذ بك من النار (تخريجه)(د نس جه هب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن مالك بن مغول ثنا يحيى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه الخ (قلت) أبوه هو بريدة الأسلمي
-280 -
ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم
-----
إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا اله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولمخ يولد ولم يكن له كفوا أحد، فقال قد سأل باسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعى به أجاب (وفي لفظ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده، أو الذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم (عن أسماء بنت يزيد) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين الله لا اله إلا هو الحي القيوم، وألم الله لا اله إلا هو الحي القيوم إن فيهما اسم الله الأعظم
(باب ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وإسرافي وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله إلا أنت) (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يقول الهم إني أسألك الهدى والتقى والعفة والغنى
الصحابي رضي الله عنه (وقوله رجلا) الظاهر أن هذا الرجل هو أبو موسى الأشعري لورود حديث بشير إلى هذا سيأتي في مناقب أبي موسى من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى والله أعلم (تخريجه)(د مذ جه حب ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال الحافظ أبو الحسن المقدسي إسناده لا مطعن فيه ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا عبيد الله بن أبي زياد قال ثنا شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الخ (تخريجه)(د مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا المسعودي عن علقمة بن مرثد عن أبي الربيع عن أبي هريرة الخ | (غريبة) أستغفر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك مع أنه الطاهر المعصوم لأنه صلى الله عليه وسلم كان دائما في الترقي فإذا ارتقى إلى درجة استغفر مما قبلها، أو امتثالا لأمر الله عز وجل (وأستغفره إنه كان توابا) وإلا فالأنبياء صلوات الله عليهم أعرف بربهم وهم أشد خوفا لله تعالى ممن دونهم، وخوفهم خوف إكبار وإجلال، فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون (والإسراف) مجاوزة الحد في كل شيء، قال الكرماني يحتمل أن يتعلق بالإسراف فقط، ويحتمل أن يتعلق بجميع ما ذكر وقع في رواية لمسلم والإمام أحمد من حديث علي وتقدم في باب الأدعية الواردة عقب الصلاة صحيفة 56 رقم 777 في الجزء الرابع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول هذا الدعاء عقب السلام من الصلاة (تخريجه)(ق. وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) أي الهداية إلى الصراط المستقيم (والتقى) الخوف من الله والحذر من مخالفته (والعفة) الصيانة والتنزه كما لا يباح والكف عنه (والغنى) أي غنى النفس والاستغناء عن الناس وعما في أيديهم (قال الطيبي) أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي
-281 -
من أدعيته صلى الله عليه وسلم اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي
-----
(وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المجلس يقول رب اغفر لي وتب على انك أنت التواب الغفور مائة مرة (عن أبي صرمة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أسألك غناي مولاي (عن زيد بن أبي القموص) عن وفد عبد القيس رضي الله عنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اجعلنا في عبادك المنتخبين الغر المحجلين
أن يهدي إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق، وكلما يجب أن يتقي منه من شر ومعصية وخلق ديني (تخريجه)(م مذ جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محاضر ابو المورع ثنا عاصم عن عوسجة بن الرماح عن عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بفتح المعجمة وسكون اللام يعني صورتي وكان (ص من أحسن الناس صورة (فأحسن خلقي) بضم المعجمة واللام، وفيه إشارة إلى قول عائشة رضي الله عنها (كان خلقه القرآن) وقد مدح الله عز وجل خلقه صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز أبلغ مدح وأكده بقوله عز وجل (وإنك لعلى خلق عظيم)(تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وقال (فحسن خلقي) ورجالها رجال الصحيح غير عوسجة بن الرماح وهو ثقة اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن النمير عن مالك يعني ابن مغول عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه)(مذ نس جه حب) وقال الترمذي حسن صحيح غريب ولفظه (إنك أنت التواب الرحيم) وصححه أيضا حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا يحيى بن سعيد أن محمد بن يحيى بن حبان أخبره أن عمه أبا صرمة كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) قال الزمخشري هو كل ولي كالأب والأخ وابن الاخ والغم وابنه والعصبة كلهم، وعد في القاموس من معانيه التي يمكن أرادتها هنا الصاحب والقريب والجار والحليف والناصر والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر، والمراد بالغنى الذي سأله غنى النفس لا غنى المال (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد رجاله رجال الصحيح، وكذا إسناد الطبراني غير لؤلؤة مولاة الأنصار وهي ثقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا محمد بن عبد الله العمري ثنا أبو سهل عوف بن أبي جميلة عن زيد بن أبي القموص الخ (وقوله عن وفد عبد القيس) الوفد الجماعة المختارة للتقدم في لقي العظماء: وتقدم الكلام على وفد عبد القيس مستوفي في باب من وفد على النبي صلى الله عليه وسلم من العرب للسؤال عن الإيمان والإسلام في كتاب الإيمان في الجزء الأول صحيفة 70 رقم 14 فارجع إليه المنتخبون من الناس المختارون، والانتخاب الاختيار والانتقاء (والغر المحجلون) وهم بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام، استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من
-282 -
ومنها اللهم اغفر لي ذنبي وخطئي وعمدي
-----
المتقبلين، قال فقالوا يا رسول الله ما عباد الله المنتخبون؟ قال عباد الله الصالحون، قالوا فما العز المحجلون؟ قال الذين يبيض منهم مواضع الطهور، قالوا فما الوفد المتقبلون؟ قال وفد يفدون من هذه الأمة مع بينهم إلى ربهم تبارك وتعالى (عن أبي يعلى) عن عثمان بن أبي العاص وامرأة من قيس رضي الله عنهما أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم قال احدهما سمعته يقول اللهم اغفر لي ذنبي وخطئي وعمدي وقال الآخر سمعته يقول اللهم أستهديتك لأرشد أمري وأعوذ بك من شر نفسي (عن أبي السليل) عن عجوز من بني نمير أنها رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالأبطح تجاه البيت قبل الهجرة قالت فسمعته يقول اللهم اغفر لي ذنبي خطئي وجهلي (عن محمد بن كعب القرظي) قال قال معاوية على المنبر اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد من يرد الله به خيرا
البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد من لم أعرفهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح وعبد الصمد قالا ثنا حماد قال روح قال أنا الجريري عن أبي العلاء الخ عن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم عد ترك الأولى ذنبا وإلا فالمعصوم لا يتعمد اقتراف ذنب وقد عصمه الله، وقيل كان قبل النبوة، وقيل هو تعليم لأمته أي أطلب منك الهداية (لأرشد أمري) أي أفضله وأحسنه، والمراد التوفيق لصالح الأعمال (تخريجه) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه (يعني الطبراني) قال وامرأة من قريش ورجالها رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال أنا شعبة عن سعد الجريري عن أبي السليل الخ (غريبة) يعني أبطح مكة وهو مسيل واديها ويجمع على البطاح والأباطح أي ما وقع سهوا وما لم أعلمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا السليل ضريب بن نفير (بالتصغير فيهما) لم يسمع من الصحابة فيما قيل اهـ (قلت) جاء هذا الحديث عند الشيخين والإمام أحمد من حديث طويل لأني موسى الأشعري سيأتي بعد حديثين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا أسامة بن زيد عن محمد بن كعب القرظي الخ (غريبة) يعني منبر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة لقوله في آخر الحديث سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر اشتهر على الألسنة زيادة (ولا راد لما قضيت) قال الحافظ وهي في مسند عبد ين حميد من رواية معمر عن عبد الملك بن عمير لكن حذف قوله (ولا معطى لما منعت) الجد مضبوط في جميع الروايات بفتح الجيم (قال النووي) وهو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه بالفتح، وهو الحظ في الدنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السلطان، والمعنى لا ينجيه حظه منك وإنما ينجيه فضلك ورحمتك اهـ (قلت) جاء في حديث المغيرة بن شعبة عند الشيخين والإمام أحمد تقدم وتقدم في الجزء الرابع في باب جامع لأذكار
-283 -
ومنها اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا على من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
-----
يفقهه (1) في الدين سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر (عن بسر بن أرطاة القرشي) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الدعوات اللهم اغفر لي خطاياي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي، كل ذلك عندي (عن عبد الله بن عمرو) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو يقول اللهم اغفر ثنا ذنوبنا وظلمنا وهزلنا وجدنا وعمدنا وكل ذلك عندنا (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفى غير مفتون، وأسألك حبك وحب
وتعوذات عقب الصلاة صحيفة 65 رقم 789 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول هذا الذكر عقب السلام من الصلاة الفقه في الأصل الفهم فقوله يفقه أي يفهمه علوم الدين وأسرار الشريعة مع العمل بما يعمل، وفيه شرف العلم وفضل العلماء وأن التفقه في الدين مع العمل علامة على حسن الخاتمة (تخريجه)(لك) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم بن خارجة ثنا محمد بن أيوب ابن ميسرة بن حليس قال سمعت أبي يحدث عن بسر بن أرطاة الخ (بسر) بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة، وفي آخر الحديث قال عبد الله يعني بن الإمام أحمد وسمعته أنا من هيثم ومعناه أن عبد الله روى هذا الحديث مرتين مرة عن أبيه عن هيثم ومرة عن هيثم بغير واسطة أبيه (تخريجه)(طب) وزاد (من كان ذلك دعاؤه مات قبل أن يصيبه ابلاء) قال الهيثمي ورجال أحمد وأحد أسانيد الطبراني ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن موسى الخ (غريبة) هما متضادان (وخطئ وعمدي) هما متقابلان (كل ذلك عندي) أيمكن أي أنا متصف بهذه الأمور فاغفرها لي، قاله تواضعا أو أراد ما وقع سهوا أو ما قبل النبوة أو محض تعليم لامته (تخريجه)(ق. وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه)(طب) وقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب الترغيب في خصال مجتمعة من كتاب الترغيب في صالح الأعمال إن شاء الله تعالى (غريبة) أي المأثورات من أفعال الخير والمعنى أطلب منك يا الله الأقدار على فعلها والتوفيق لذلك (وترك المنكرات) أي المنهيات (وحب المساكين) قال الباجي هو من فعل القلب ومع ذلك فيختص بالتواضع، وفيه إن فعل الثلاثة إنما هو بفضل الله وتوفيقه أي بلايا ومحن، والفتنة لغة: الاختبار والامتحان، وتستعمل عرفا لكشف ما يكره قاله القاضي عياض، وتطلق على القتل والإحراق والنميمة
-284 -
ومنها اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي
-----
من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها الحق فادرسوها وتعلموها (عن ابن القعقاع) عن رجل جعل يرصد نبي الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول في دعائه اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي فما رزقتني، ثم رصده الثانية فكان يقول مثل ذلك (عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا استغفروا (عن ابن بريدة) قال حدثت عن الأشعري أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أستغفرك لما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت إنك أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير (عن أم سلمة) رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول رب اغفر لي وارحمني وأهدني للطريق الأقوم
وغير ذلك، وفيه إشارة إلى طلب العافية واستدامة السلامة إلى حسن الخاتمة يعني أن هذه الكلمات كلمات حق (فادرسوها) أي تعهدوها بالقراءة والحفظ وادعوا الله بها، وفيه الحث على حفظ هذه الدعوات والدعاء بها (تخريجه)(لك) في الموطأ بلاغا إلى قوله غير مفتون، قال ابن عبد البر رواه طائفة عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أسألك الخ: منهم عبد الله ابن يوسف النيسي قال هو حديث صحيح عب
الرحمن بن عائش وابن عباس وثوبان وأبي أمامه الباهلي اهـ (قلت) ورواه الحاكم من حديث معاذ أيضا ومن حديث عبد الرحمن بن عائش وصححهما وأقرهما الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعيبة عن أبي مسعود عن ابن القعقاع الخ (غريبة) أي يترقبه عند الدعاء أي محل سكني في الدنيا لأن ضيق مرافق الدار يضيق الصدر ويشتت الأمتعة ويجلب الهم ويشغل البال، أو المراد القبر إذ هو الدار الحقيقية، وعلى الأول فالمراد التوسعة بما يقتضيه الحال لا الترفه والتبسط في الدنيا والمراد قدر الكفاية لا أزيد ولا أنقص إذ الزيادة سرف والنقص تقتير البركة في الرزق كونه محفوفا بالنماء والزيادة في الخير والرضا بما قسم منه وعدم التلفت إلى غيره (تخريجه)(مذ طب) وزاد فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عنهن فقال وهل تركن من شيء؟ قال النووي في الأذكار إسناده صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا حماد بن سلمة عن علي بن يزيد عن أبي عثمان النهدي عن عائشة الخ (تخريجه)(جه هق) وفيه على بن يزيد بن جدعان مختلف فيه وبقية رجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا حسين عن ابن بريدة الخ وتقدم شرحه في حديث أبي هريرة السابق أول الباب (تخريجه)(ق. وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن أم سلمة الخ (غريبة) يعني الطريق المستقيم طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
-285 -
ومنها اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت الخ
-----
(وفي لفظ) رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله | صلى الله عليه وسلم كان يدعو رب أعني ولا تعن على وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدي إلي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى إلي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا لك أذكار، لك رهابا لك مطواعا إليك مختبا، لك أواها منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي وأهد قلبي وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت، أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي
والصالحين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه وأبو يعلى باسنا دين حسنين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى قال أملاه على سفيان إلى شعبة قال سمعت عمرو بن مرة حدثني عبد الله ابن الحارث المعلم حدثني طليق ينم قيس الحنفي أخو أبي صالح عن ابن عباس الخ (غريبة) أي على طاعتك وعلى أعدائي (ولا تعن على) أحدا منهم بضم الكاف فيهما والمراد ألحق عذابك بأعدائي لا بي: والمكر في الأصل الخداع وإظهار خلاف ما في الباطن وهو محال على الله تعالى، والمراد لازمه من العذاب والانتقام، وقيل هو استدراج العبد بالطاعة فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة بما وقع فيها من الرياء والسمعة جاء هو وما بعده على صيغة المبالغة، ومعناه الكثرة أي كثير الشكر وهو الاعتراف بالنعمة للمنعم، وقدم الجار والمجرور على عامله للاهتمام وقصد التخصيص أي كثير الخوف من عذابك أي كثير الطاعة (وقوله مخبتا لك) من الاختبارات وهو الخشوع والتواضع، وقيل من الخبث بفتح فسكون وهو الاطمئنان قال تعالى (وأخبتوا إلى ربهم) اطمأنوا إلى ذكر هـ وسكنت نفوسهم لأمره يعنه كثير التأوه والبكاء ومنه قوله تعالى (لأواه حليم)(وقوله منيبا) من الإنابة وهو الرجوع إلى طاعة الله عز وجل أي أزل خطيئتي وإثمي فالحوبة الإثم أي قولي وإيماني في الدنيا وعند جواب الملكين (وسدد لساني) أي أنطقه بصواب القول أي أخرج الحقد والحسد من قلبي فالسخيمة بفتح المهملة وكسر المعجمة الحقد والحسد، وسلها إخراجها وتنقية القلب منها من سل السيف إذا أخرجه من الغمد (تخريجه)(د نس جه مذ) وقال حسن صحيح وأخرجه أيضا (حب ك) وصححاه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا انقدت وبك صدقت قال النووي في إشارة إلى الفرق بين الإسلام والإيمان أي رجعت وأقبلت بهمتي (وبك خاصمت) أي بك احتج وأدفع وأخاصم (أعوذ بعزتك) أي بقوة سلطانك كلمة تضلني متعلقة أعوذ أي أعوذ بعزتك من أن تضلني وكلمة (لا اله إلا أنت) لتأكيد العزة (تخريجه)(ق وغيرهما)
-286 -
ومنها اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ونفس لا تشبع ودعاء لا يسمع الخ
-----
الذي لا تموت والجن والإنس يموتون (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال دعوات سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أتركها ما عشت حيا، سمعته يقول اللهم اجعلني أظم شكرك وأكثر ذكرك وأتبع نصيحتك وأحفظ وصيتك (عن يحيى بن حسان) عن رجل من بني كنافة قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح فسمعته يقول اللهم لا تخزني يوم القيامة، قال ابن المبارك، يحيى بن حسان من أهل بيت المقدس وكان شيخا كبيرا حسنت الفهم (عن عبد الله بن أبي أوفى) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد اللهم طهر قلبي من الخطايا كما طهرت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين ذنوبي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، نفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع، وعلم لا ينفع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع، اللهم إني أسألك عيشة نقية وميتة سوية ومردا غير مخزي (باب ما جاء في أدعية كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر
(1)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم أبو النضر قال ثنا الفرج يعني ابن فضالة ثنا أبو سعيد المدني عن أبي هريرة الخ (غريبة) المراد بالوصية المذكورة قوله تعالى (ولقد وصينا الذين أتو الكتاب من قبلكم وإياكم أن إتقو الله) فغنها للأولين والآخرين، وهي التقوى والتسليم لله العظيم في جميع الأمور، والرضا بالمقدور على ممر الدهور (تخريجه)(مذ) وقال هذا الحديث غريب (قلت) في سنده الفرج بن فضالة وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ثنا ابن مبارك عن يحيى بن حسان الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا ليث عن مدرك من حديث عبد الله بن أبي أوفى الخ (غريبة) معناه طهرني المن الذنوب والخطايا، ووقع في رواية البخاري من حديث عائشة بلفظ (اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد)(البرد) بفتحتين ماء متجمد ينزل من السماء يشبه الحصى ويسمى حب الغمام وحب المزن (وقوله والماء البارد) لعله يريد ماء الثلج بعد ذوبانه بدليل قوله في رواية البخاري (بماء الثلج) قال الحافظ وحكمة العدول عن الماء الحار إلى الثلج والبرد مع أن الحار في العادة أبلغ في إزالة الوسخ، الإشارة إلى أن الثلج والبرد ما آن طاهران لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال، فكان ذكرهما آكد في هذا المقام الدنس بفتحتين الوسخ وهذه الجملة مؤكدة للجملة قبلها ومجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها، وخص الثوب الأبيض لأن ظهور الدنس فيه أظهر من ظهوره في غيره: وخص القلب بالذكر في هذه الجملة لأن محل الإيمان وملك الأعضاء واستقامتها باستقامته أي مشرق الشمس ومغربها: والغرض إبعاد الذنوب عنه والحيلولة بينه وبينها بالكلية ذكر الأربع إجمالا بعد ذكرها تفصيلا للتوكيد، ولا يقال إن هذا سجع في الدعاء وهو مكروه: لأنه صدر منه صلى الله عليه وسلم بغير قصد، ولذلك جاء في غاية الانسجام أي زكية
-287 -
ومنها ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
-----
الدعاء بها (منها) ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا) (عن قتادة أنه سأل أنسا) أي دعوة كان أكثر ما يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال نعم كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله لا تطيقه ولا تستطيعه فهلا قلت (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)؟ قال فدعا الله
راضية مرضية (وميتة) بكسر الميم وسكون التحتية وهي حالة الموت (سوية) بفتح فكسر ثم تحتية مفتوحة مشددة أي معتدلة فلا أرذل العمر ولا أقاسي مشاق الهرم (ومراد غير مخزي) بإثبات الياء التحتية مشددة وضم الميم وبالزاي المكسورة أي مرتجعا إلى الآخرة غير مذل ولا يوقع في بلاء (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد: ورواه الترمذي مختصرا إلى قوله من الدنس وقال حديث حسن صحيح غريب: وروى الشيخان طرفه الأول إلى قوله بين المشرق والمغرب من حديث عائشة، وروى ما بعد هذه الجملة إلى قوله اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع (مذ نس) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (د نس جه ك) من حديث أبي هريرة، وروى الباقي منه (بز طب ك) وقال على شرط مسلم، قال الهيثمي إسناد الطبراني جيد اهـ، ورواه مسلم من حديث زيد بن أرقم بدون قوله اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع، وأبدلها بقوله (ومن دعوة لا يستجاب لها) والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز قال سأل قتادة أنسا (يعني ابن مالك) الخ (غريبة) الحسنة تشمل كل مطلوب دنيوي، وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن ومن الفزع الأكبر وتيسير الحساب وغير ذلك من الأمور الأخروي (وأما النجاة من النار) فهو يقتضي تيسير أسباب في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام يعني إذا أراد أن يختصر في الدعاء دعا بها، وإن أراد أن يدعو بدعوات طويلة دعا بها ضمن دعواته لحرصه عليها (تخريجه)(ق. وغيرهما) ابن أبي عدي عن حميد وعبد الله بن بكر السهمي ثنا حميد عن ثابت ابن أنس الخ (غريبة) أي مريضا أضعفه المرض حتى صار ضعيفا مثل الفرخ وهو ولد الطير عند خروجه من البيضة يعني فاستجاب الله دعاءه وابتلاه بالمرض (تخريجه) قال النووي في هذا الحديث النهي عن الدعاء بتعجيل العقوبة وفيه فضل الدعاء باللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة الخ، وفيه كراهة تمنى البلاء لئلا يتضجر منه فيحرم
-288 -
ومنها مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
-----
عز وجل فشفاه الله عز وجل (ومنها مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)(عن شهر بن حوشب) قال سمعت أم سلمة رضي الله عنها تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت قلت يا رسول الله أو إن القلوب لتتقلب؟ قال نعم، ما من خلق الله من بني آدم من بشر إلا وقلبه بين إصبعيه من أصابع الله فإن شاء الله عز وجل أقامه وإن شاء أزاغه فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة أنه هو الوهاب، قالت قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي، قال بلى- قولي اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا (عن النواس بن سمعان الكلابي) رضي الله عنه قال سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع رب العالمين إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه، وكان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، والميزان بين الرحمن عز وجل يخفضه ويرفعه (عن عائشة رضي الله عنها قالت دعوات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الثواب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا عبد الحميد قال حدثني شهر بن حوشب الخ (غريبة) قال الراغب تقلب الشيء تغييره من حال إلى حال، والتقليب التصرف: وتقليب الله القلوب والبصائر صرفها من رأى إلى رأى اهـ (وقال البيضاوي) في نسبه تقلب القلوب إلى الله عز وجل إشعار بأنه يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه، وفي دعائه صلى الله عليه وسلم (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ورفع توهم من يتوهم من يتوهم إنهم يستثنون من ذلك، وخص نفسه بالذكر إعلاما بأن نفسه الزكية إذا كانت مفتقرة إن تلجأ إلى الله سبحانه فافتقار غيرها ممن هو دونه أحق بذلك هذا ونحوه من المتشابه الذي نؤمن به كما جاء من غير تشبيه ولا تمثيل ونكل علمه إلى الله عز وجل وقد تقدم نحوه في غير موضع أي إقامة على الهدى ودين الحق، وإن شاء أزاغه يعني أضله وصرفه عن الحق إلى الباطل قال تعالى (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله) فيه استحباب الدعاء بهذه الآية وهي قوله تعالى (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا- إلى قوله إنك أنت الوهاب) وقد ورد ما يؤيد ذلك (تخريجه) رواه ابن جرير وابن مردودية، وروى الترمذي الطرف الأول منه إلى قوله ثبت قلبي على دينك، وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت يعني ابن جابر يقول حدثني بسر بن عبد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) تقدم شرحه في الحديث السابق (وقوله والميزان بيد الرحمن الخ) تقدم الكلام عليه مطولا في كتاب التوحيد في الجزء الأول في باب عظمة الله تعالى صحيفة 40 فارجع إليه (تخريجه)(جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس قال ثنا حماد يعني ابن يزيد
-289 -
ومنها يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك
-----
يكثر يدعو بها، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت فقلت يا رسول الله إنك تكثر تدعو بهذا الدعاء؟ فقال إن قلب الآدمي بين إصبعين من أصابع الله عز وجل، فإذا شاء أزاغه، وإذا شاء أقامه (عن أنس بن مال) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقال له أصحابه وأهله يا رسول الله أتخاف علينا وقد آمنا بك وبما جئت به؟ قال إن القلوب بيد الله عز وجل يقلبها (عن عبد الله بن عمرو) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه كيف يشاء، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم مصرف القلوب أصرف قلوبنا إلى طاعتك (عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء إلا قال يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك، (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمي القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا لبطن (ومنها اللهم اغفر لي ما أخطأت وما تعمدت الخ)
عن المعلى بن زياد وهشام ويونس عن الحسن أن عائشة قالت دعوات الخ (تخريجه)(نس) قال العراقي وسنده جيد (قلت) وأصله ثابت في الصحيحين وغيرهما من طرق كثيرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا سليمان بن مهران عن أبي سفيان عن أنس ابن مالك الخ (تخريجه)(مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وروى نحوه (عل) من حديث جابر، وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أخبرنا أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلى أنه سمع عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) أنه سمع رسول الله (الخ)(غريبة) معناه أنه يتصرف في جميع قلوبهم كتصرف في قلب رجل واحد لا يشغله قلب عن قلب، وفيه دلالة على كامل قدرته وأنه لا يقدر على ذلك غيره سبحانه ما أعظمه (تخريجه)(م)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ثنا حاتم بن إسماعيل عن مسلم بن محمد بن زائدة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده مسلم بن محمد بن زائدة (قال الحافظ) في تعجيل المنفعة شيخ الحاتم بن إسماعيل كذا وقع في رواية، وإنما هو صالح بن محمد بن زائدة الليثي وهو في تهذيب اهـ (قلت) صالح محمد الذي أشار إليه الحافظ تكلم فيه بعضهم، وقال الامام أحمد لا بأس به (خلاصة)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن أبي كبشة قال سمعنا أبا موسى يقول على المنبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي لكثرة تقلبه وعدم ثبوته على حالة واحدة شبه القلب بالريشة لسرعة تقلبها بالقليل من الريح لا سيما إذا كانت معلقة ووصفها بالتعليق لأنه أبلغ في كثرة تقلب المعلق بالريح من الملقى على الأرض قال المظهر ظهرا
-290 -
أدعية جامعة كان يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه (منها) دعاء سلمان الفارسي
-----
(عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال كان عامة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ما أخطأت وما تعمدت، وما أسررت وما أعلنت، وما جهلت وما تعمدت
(باب أدعية جامعة كان يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى سلمان الخير قال إن نبي الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن ترغب إليه فيهن وتدعو بهن بالليل والنهار قال، اللهم إني أسألك صحة إيمان وإيمانا في خلق حسن ونجاحا يتبعه فلاح يعني ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوانا (عن عبد الله بن عباس) عن أبيه العباس رضي الله عنهما أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أنا عمك قد كبرت سني واقترب
بدل بعض من الضمير في يقلبها، واللام في بطن بمعنى إلى، ويجوز أن يكون ظهرا لبطن مفعولا مطلقا أي يقلبها تقليبا مختصا، وأن يكون حال أي يقلبها مختلفة، ولهذا الاختلاف سمى القلب قلبا اهـ (تخريجه)(جه هق طب) قال الحافظ العراقي وسنده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ثنا معاذ حدثني أبي عن عون وهو العقيلي عن مطرف عن عمران ابن حصين الخ (غريبة) المراد بالتعميم هنا الكثرة أو باعتبار ما علم عمران وإلا فدعاؤه صلى الله عليه وسلم بغير هذا الدعاء لا يحصى كرر العمد مرتين لأن عقابه أشد، والمراد تعليم الأمة لأن الله عز وجل عصمه من ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني بنحوه ورجالهم رجال الصحيح غير عون العقيلي وهو ثقة (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد ثنا عبد الله بن الوليد عن ابن حجيرة عن أبي هريرة الخ (غريبة) يعني سلمان الفارسي، ويقال له سلمان الخير أيضا رضي الله عنه يعني قوة اليقين في الإيمان أي وأسألك إيمانا يصحبه حسن خلق (بضم اللام)(وقوله ونجاحا) أي حصولا للمطلوب يتبعه فلاح أي فوز بغية الدنيا والآخرة بالنصب مفعول لفعل محذوف، أي وأسألك رحمة منك وعافية من البلايا والمصائب (ومغفرة منك) أي سترا للعيوب (ورضوانا) منك فإنه فوز بغية الدنيا والآخرة جاء في المسند بعد قوله ورضوانا قال (يعني عبد الرحمن بن الإمام أحمد) قال أبي وهن مرفوعة في الكتاب (يتبعه فلاح ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوانا) يريد والله أعلم أن هذه الجملة وهي قوله (يتبعه فلاح الخ) مرفوعة يعني من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا من كلام الراوي والله أعلم (تخريجه) (طس ك) وصححه الحاكم. وسكت عنه الذهبي. وقال الهيثمي رجاله رجال ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن بكر ثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة حدثني بعض بني المطلب قال قدم علينا على بن عبد الله بن عباس في بعض تلك المواسم قال فسمعته يقول: حدثني أبي عبد الله بن عباس
-291 -
ومنها دعاء العباس وأبي بكر رضي الله عنهما
-----
أجلي فعلمني شيئا ينفعني الله به، قال يا عباس أنت عمي ولا أغنى عنك من الله شيئا، ولكن سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة قالها ثلاثا، ثم أتاه عند قرن الحول فقال له مثل ذلك (عن رفاعة بن رافع) قال سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فبكى أبو بكر حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سرى عنه ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذا القيظ عام الأول سلوا الله العفو والعافية واليقين في الآخرة والأولى (عن الحسن) أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إن الناس لم يعطوا في الدنيا خيرا من اليقين والمعافاة فسلوهما الله عز وجل
عن أبيه العباس الخ (غريبة) أي تنجيك قرابتي من عذاب الله أن كنت مقصرا في حقوقه ولكن سل ربك العفو والعافية، ومعنى محو الذنب، ومعنى العافية السلامة من الأسقام والبلاء وضعف الإيمان وما يترتب عليه من ارتكاب الذنوب، قال بعض العارفين أكثروا من سؤال العافية فإن المبتلى وإن اشتد بلائه لا يأمن ما هو أشد منه (وقوله في الدنيا والآخرة) يتضمن إزالة الشرور الماضية والآتية، وهذا منه جوامع الكلم، إذ ليس شيء يعمل للآخرة يتقبل إلا اليقين، وليس شيء من أمر الدنيا يهنأ به صاحبه إلا مع الأمن والصحة وفراغ القلب فجمع أمر الآخرة كله في كلمة وأمر الدنيا كله في كلمة أي عند آخر الحول وأول الثاني، والمراد بحول السنة (تخريجه)(طب) بأطول من هذا واختلاف في بعض الألفاظ وبأسانيد متعددة، قال الهيثمي ورجال بعضها رجال الصحيح غير يزيد بن أبي زياد (يعني عند الطبراني) وهو حسن الحديث اهـ (قلت) ورواه (مذ ك) وصححاه لكن في إسناده عند الإمام أحمد من لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر قالا ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله يعني ابن محمد بن عقيل عن معاذ بن رفاعة الأنصاري عن أبيه (يعني رفاعة بن رافع) الخ (غريبة) يعني غلبه البكاء عند قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان في ذاك الوقت لم يمض على وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عام واحد بدليل قوله (في هذا القيظ عام الأول) يعني من العام الماضي، والقيظ زمن شدة الحر بضم المهملة وكسر الراء مشددة أي ذهب عنه ما يجد من البكاء تقدم تفسير العفو والعافية في شرح الحديث السابق، والمراد باليقين هنا الإيمان الكامل فإن ذلك أصل جميع النعم (وقوله في الآخرة والأولى) يعني الدنيا والآخرة (تخريجه)(مذ جه) وقال الترمذي حسن غريب، ورواه النسائي من طرق أحد أسانيدها صحيح قاله المنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم عن يونس عن الحسن (يعني البصري) أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس الخ (غريبة) تقدم معنى اليقين وهو الإيمان الكامل (والمعافاة) مفاعلة من العافية ومعناه يعافيك الله عن الناس بصرف أذاهم عنك وأذاك عنهم، وقيل مفاعله من العفو يعني عفوك عنهم وعقوهم عنك والمآل واحد (فسلوهما
-292 -
ومنها دعاء أنس وأبي وموسى زيد بن ثابت رضي الله عنهم
-----
(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه من الغد فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه اليوم الثالث فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت (عن أي موسى) أن عليا رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم سل الله تعالى الهدى والسداد، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، واذكر بالسداد تسديدك السهم (عن زيد بن ثابت) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه دعاء وأمره أن يتعاهد به أهله كل يوم قال، قل كل يوم حين تصبح لبيك اللهم لبيك وسعديك والخير في يديك ومنك وبك واليك، اللهم ما قلت من قول أو نذرت
الله عز وجل أي لأنهما قد جمعا بين عافيتي الدنيا والآخرة والدين (تخريجه)(مذ جه) وحسنه الترمذي ولكن ليس من طريق الحسن فإن لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه فحديثه عند الإمام أحمد ضعيف لانقطاعه ولكن تعضده الأحاديث الأخرى والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا زياد بن عبد الله بن علاثة ثنا سلمة بن وردان المدني قال سمعت أنس بن مالك قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي فزت وظفرت وإنما لم يأمره صلى الله عليه وسلم بغير هذا الدعاء بعد إلحاح الرجل ثلاث مرات في ثلاث أيام لأنه متضمن للعفو عن الماضي والآتي فالعافية في الحال والعفو في الاستقبال، فهو طلب دوام العافية واستمرارها لهذا سمي أفضل الدعاء، وهو من جوامع الكلم كما تقدم (تخريجه)(جه مذ) وقال هذا حديث حسن غريب إسنادا اهـ (قلت) وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف ثنا خالد عن عاصم بن كليب عن أبي بردة عن أبي موسى (يعني الأشعري) أن عليا الخ (غريبة) الهدى بضم الهاء وفتح الدال المهملة معناه الرشاد إلى الطريق المستقيم ويذكر ويؤنث (والسداد) بفتح السين المهملة أصله الاستقامة والقصد في الأمور، ومعنى اذكر بالهدى هدايتك الطريق لا يضل عنه، ومسدد السهم يحرص على تقويمه ولا يستقيم رميه حتى يقومه، وكذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد علمه وتقويمه ولزومه السنة والجماعة، ففي استحضاره هداية الطريق وتسديد السهم حال الدعاء تنبيه له (تخريجه)(م د نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا ضمرة بن حبيب بن صهيب عن أبي الدرداء عن زيد بن ثابت الخ (غريبة) تقدم الكلام مبسوطا في معنى لبيك وسعديك في باب التلبية من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 174 والمراد بالتلبية هنا الإخبار بالملازمة على الطاعة والعبادة أي عبادة كانت، (ومعنى سعديك) أي مساعدة لطاعتك بعد مساعدة (والخير في يديك)
-293 -
دعاء زيد بن ثابت رضي الله عنه
-----
من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه، ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بك إنك على كل شيء قدير، اللهم وما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت إنك أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين أسألك الله الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الممات ولذة نظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة أعوذ بك اللهم أن أظلم أو أظلم أو أعتدي أو يعتدى علي أو أكتسب خطيئة محبطة أو ذنبا لا يغفر، الله فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلال والإكرام فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا وأشهدك وكفى بك أني أشهد أن لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك والحمد، وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك، وأشهد أن وعدك حق ولقاءك حق والجنة حق والساعة آتية لا ريب فيها، وأنت تبعث من في القبور، وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة
رواية مسلم بيديك بالباء الموحدة بدل الفاء: والمعنى واحد وهو أن الخير كله بيد الله عز وجل، ومنه وبتوفيقه وإليه يرجع الفضل في ذلك كله، وهذا معنى قوله (ومنك وبك وإليك)(والتاء مضمومة) في قوله ما قلت ونذرت وحلفت لأنها تاء المتكلم جاء في بعض الروايات (فمشيئتك بين ذلك كله) روى برفع مشيئتك على الابتداء، ومعناه الاعتذار بسابق الأقدار العائقة عن الوفاء بما ألزم به نفسه (وروى بنصب مشيئتك) على تقدير أقدم مشيئتك في ذلك وأنوى الاستثناء فيه طرحا للحنث متى عند وقوع الحلف، وقد جاءت الأحاديث بأن تقييد اليمين ونحوها بالمشيئة يقتضي عدم لزومها، فهذا القول يقتضي أن جميع ما يقوله الذاكر بهذا الذكر من الأقوال في حلف ونذر وغيرهما مقيد بالمشيئة الربانية الواو المتكلم أيضا، ومعنى الصلاة هنا الدعاء (وقوله فعلى من صليت) بفتح التاء لأنها ضمير المخاطب وهو الله عز وجل، والصلاة من الله الرحمة وكذا قوله (وما لعنت) من لعن بضم التاء أيضا (فعلى من لعنت) بفتحها في بعض الروايات الرضا بعد القضاء، قيل وهي أبلغ من الرضا بالقضاء فإنه قد يكون عزما فإذا وقع القضاء تنحل العزيمة، وإذا حصل الرضا بالقضاء بعد القضاء كان حالا وليس المراد الرضا بالذنوب التي قضاها الله تعالى، بل الرضا بما قضى به من مصائب الدنيا أو ما يبتلي العبد به (وقوله وبرد العيش) أي الراحة الدائمة بعد الموت في البرزخ وفي القيامة، وأصل البرد في الكلام السهولة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) رواه (عل طب هق) والإمام أحمد أيضا من حديث عامر بن مسعود هكذا بالأصل (ولذة النظر) وفي المستدرك (ولذة النظر) بالألف واللام أي إلى ضياع وتلف، والضيعة في الأصل المرة من الضياع وهو المراد هنا: ولها معان غير هذا، والمراد بالعورة هنا العيب والخلل، وكل عيب وخلل في شيء يقال له عورة، والمعنى إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضياع وتلف وعيب وخلل (تخريجه) (طب. ك
-294 -
ومنها دعاء حذيفة وشداد بن أوس رضي الله عنهما
-----
وإني لا أثق إلا برحمتك فاغفر لي ذنبي كله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب على إنك أنت التواب الرحيم (عن الحجاج بن فرافصة) حدثني رجل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، بيدك الخير كله، إليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره فأهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لي جميع ما مضى منن ذنبي واعصمني فيما بقي من عمري، وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني قال سمعت رسول الله (ص يقول إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلبن سليما، وأسألك لسانا صادقا وأسألك من خير ما تعلم وأستغفرك لما
وابن السني) وصححه الحاكم، وتعقيبه الذهبي فقال أبو بكر ضعيف فأين الصحة، وأبو بكر الذي أشار إليه الذهبي ابن أبي مريم المذكور في سند الحديث، وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وأحد أسانيدى الطبراني رجاله وثقوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا الحجاج بن فرافضة الخ (غريبة) أي مباركا متقبلا يعني أن الثناء والدعاء الذي سمعته ليس من بشر، بل من ملك أرسله الله إليك ليعلمك تحميد ربك، وفي هذا منقبة جليلة لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا روح قال ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال كان شداد بن أوس رضي الله عنه في سفر فنزل منزلا فقال لغلامه ائتنا بالسفرة نعبث بها: فأنكرت عليه: فقال ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا كلمتي هذه فلا تحفظوها على واحفظوا متى ما أقول لكم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه إذا حرص الناس طلاب الدنيا على حفظ الذهب والفضة لرفع قيمتها ولكونهما من أعظم متع الدنياـ، فاحرصوا انتم على حفظ هذه الكلمات فإنها أرفع قيمة من الذهب والفضة ومن أعظم متاع الآخرة مع ملاحظة أن متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى الثبات في الأمر الدوام على الدين والاستقامة بدليل ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم ثبت قلي على دينك أراد الثبات عند الاحتضار أو السؤال بدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان دفن الميت قال (سلوا له التثبت فإنه الآن يسئل) ولا مانع من إرادة الكل (والعزيمة) عقد القلب على إمضاء الأمر (والرشد) حسن التصرف في الأمر بما يرضي الله عز وجل أي مخلصا خاليا من العقائد الفاسدة والميل إلى الرياء واللذات والشهوات أي ما تعلمه أنت ولا أعلمه أنا، وهذا سؤال جامع للاستعاذة من كل شر وطلب كل خير: وختم هذا الدعاء الذي هو من جوامع الكلم بالاستغفار الذي عليه بقوله (وأستغفرك لما تعلم) أي أطلب منك أن
-295 -
ومنها دعاء عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما
-----
تعلم إنك علام الغيوب (عن أم كلثوم) بنت أبي بكر عن عائشة رضي الله عنهم أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يكلمه وعائشة تصلي: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالكوامل أو كلمة أخرى (وفي لفظ عليك بالجوامع الكوامل) فلما انصرفت عائشة سألته ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك من الخير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأستعيذك مما إستعاذك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا (وفي لفظ) وأسألك أن تجعل كل قضاء تقضيه لي خيرا (عن أم سلمة) رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال بلى، قولي اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا (عن عمران بن حصين أو غيره) أن حصينا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد لعبد (بفتح أوله وثانيه) المطلب كان خيرا لقومه منك، كان
تغفر لي ما عملته مني من تقصير وإن لم أحط به علما (تخريجه)(نس مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جبر بن حبيب عن أم كلثوم الخ (غريبة) أو للشك من الراوي يشك هل قال عليك بالكوامل أو قال كلمة أخرى بمعناها، وقد جاء في اللفظ الآخر (عليك بالجوامع الكوامل) وهي التي جمعت معاني كثيرة في لفظ مختصر وجيز الآجل على وزن فاعل هو خير الآخرة، والعاجل هو خير الدنيا معناه ما قضيته لي في علمك سواء وقع منه شيء أو لم يقع: وسواء علمته بضم المثناة أو لم أعلم، وكذلك يقال في الاستعاذة من الشر قال الحليمى هذا من جوامع الكلم التي استحب الشارع الدعاء به، لأنه إذا دعا بهذا فقد سأل الله من كل خير وتعوذ به من كل شر، ولو اقتصر الداعي على طلب حسنة بعينها أو دفع سيئة بعينها كان قد قصر في النظر لنفسه أي خيرا كما في اللفظ الآخر هذا اللفظ رواه الإمام أحمد عن عفان قال ثنا حماد بسند حديث الباب (تخريجه) (جه ك) والبخاري في الأدب وصححه الحاكم وأقره الذهبي هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب الأدعية التي كان صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء بها رقم 225 وإنما ذكرنه هنا لمناسبة ترجمة الباب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسين ثنا شيبان عن منصور عن ربعي بن حراش عن عمران بن حصين أو غيره الخ (وقد جاء هذا الحديث) عند الحاكم بلفظ (عن عمران بن حصين عن أبيه) أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم الخ: وهو يفيد أن حصينا والد عمران كان إذ ذاك كافرا لم يسلم، وقد أرسله كفار قريش ليخاصم النبي
-296 -
ومنها دعاء حصين والد عمران وقصة إسلامه
-----
يطعمهم الكبد والسنام وأنت تنحرهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول له، فقال له تأمرني أن أقول؟ قال قل اللهم قني شر نفسي وأعزم لي أرشد أمري، قال فانطلق فأسلم الرجل ثم جاء فقال إني أتيتك فقلت لي قل اللهم قني شر نفسي وأعزم لي على أرشد أمري فما أقول الآن؟ قال قل اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت وما أطأت وما عمدت وما علمت وما جهلت (عن أبي مالك الأشجعي) قال حدثني أبي طارق بن أشيم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم من أسلم يقول اللهم اغفر وارحمني وارزقني، وهو يقول هؤلاء يجمعن لك خير الدنيا والآخرة (وعنه أيضا) قال حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أتاه الإنسان يقول كيف يا رسول الله أقول حين أسأل ربي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارحمني وأهدني وارزقني وقبض أصابعه الأربع إلا الإبهام فإن هؤلاء يجمعن لك دنياك وآخرتك
صلى الله عليه وسلم في أمرهم وكان عمران إذ ذاك مسلما (غريبة) معناه أن عبد المطلب كان يكرمهم وينحر لهم الإبل ويطعمهم أعظم شيء منها وأنت تنحرهم بدل أن تنحرهم بدل أن تنحر لهم، أي تكيدهم وتعظيهم، يريد حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذهم بالشدة وعدم التلطف بهم، وهذا على زعم حصين، وما كانت الشدة من خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما كان يعاملهم إلا بكل لطف ولين: يعلم ذلك من تتبع سيرته صلى الله عليه وسلم يعني من الترغيب في الإسلام وإظهار مزاياه، والظاهر أن حصينا ركن إلى الإسلام وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء يزداد به انشراحا للإسلام، فقال له قل اللهم قني شر نفسي الخ أي قو عزيمتي على ما فيه الخير لي (وقوله فانطلق) أي ذهب وحبب الله إليه الإسلام ببركة الدعاء فأسلم ورجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أتيتك فقلت لي قل اللهم قني شر نفسي الخ (فما أقول الآن) يعني بعد إسلامي (تخريجه)(نس مذ خز ك) وصححه الحافظ في الإصابة، وصححه أيضا الحاكم وأقره الذهبي: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ ويستفاد منه أن الدعاء الأول كان قبل أن يسلم والدعاء الثاني كان بعد إسلامه وأن عمرا كان مسلما صحابيا قبل إسلام أبيه رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد يعني ابن زياد ثنا أبو مالك الأشجعي الخ (غريبة) لفظ مسلم كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة: ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني: ففي رواية مسلم زيادة (إهدني وعافني) فينبغي للداعي العمل بهذه الرواية لما فيها من زيادة: وجاء في الحديث التالي للإمام أحمد زيادة أهدني أما خير الآخرة ففي قوله اغفر لي وارحمني، أما خير الدنيا ففي كقوله ارزقني وأهدني كما في الحديث التالي وعافني كما في رواية مسلم (تخريجه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال حدثنا يزيد (يعني ابن هارون) قال أنا أبو مالك الأشجعي قال حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) يعني بعدها أربعا يقبض أصابعه الأربع إلا الإبهام
-297 -
الدعاء بياذا الجلال والإكرام والتعوذ من النار وسؤال الجنة
-----
(عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى رجل وهو يصلي وهو يقول اللهم إني أسألك تمام نعمتك، فقال ابن آدم هل تدري ما تمام نعمتك؟ قال يا رسول الله دعوة دعوة بها أرجو بها الخير، قال فإن تمام النعمة فوز من النار ودخول الجنة، وأتى على رجل وهو يقول يا ذا الجلال والإكرام، فقال قد استجيب لك فسل (عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص ما استجار عبد من النار ثلاث مرارا إلا قالت النار اللهم أجره مني ولا يسأل الجنة ثلاث مرار إلا قالت الجنة الله أدخله إياي (عن عون بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ص قال من قال اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك فيس هذه الحياة الدنيا إني أشهد أن لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا نوفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، إلا قال الله لملائكته يوم القيامة إن عبدي قد عهد إلي عهدا فأوفوه إياه فيدخله الله الجنة، قال سهيل فأخبرت القاسم بن عبد الرحمن أن عونا أخبر بكذا وكذا، قال ما في أهلنا جارية إلا وهي تقول هذا في خدرها
فإنه لم يقبضها (تخريجه)(م جه)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا الجريري عن أبي الورد عن اللجلاج حدثني معاذ الخ (تخريجه)(مذ) وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قران ابن تمام عن يونس عن أبي إسحاق عن بريدة (بالتصغير) ابن أبي مريم عن أنس بن مالك الخ (تخريجه)(نس جه حب ك) ورجاله ثقات أثبات: ورواه البزار من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ (ما استعاذ عبد النار سبعا الخ وقد جاء في حديث الباب ثلاثا بدل سبعا فينبغي العمل بالأكثر عددا على سبيل الاحتياط في التعوذ والسؤال والله أعلم)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا سهيل ابن أبي صالح وعبد الله بن عثمان بن خيثم عن عون بن عبد الله الخ (غريبة) أي خالقها على غير مثال سبق أي ما غاب وما شوهد أي إن تتركني إلى نفسي بدون عنايتك وتوفيقك لا يمكنني فعل الخير ولا دفع الشر عن نفسي هو ابن أبي صالح راوي الحديث عن عون بن عبد الله يعني ابن عبد الله ابن مسعود الخدر بكسر الخاء المعجمة الستر، ويطلق الخدر على البيت إذا كان فيه امرأة: ويستفاد منه أن هذا الدعاء كان مشهورا في بيت عبد الله بن مسعود حتى إن ربات الخدور يعرفنه ويقلنه: وما ذلك إلا لأن عبد الله بن مسعود سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وعلمهن إياه والله أعلم
-298 -
دعاء الأعمى الذي توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في رد بصره
-----
(باب دعاء الأعمى الذي توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في رد بصره)
(عن عثمان بن حنيف) رضي الله عنه أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله ادع الله أن يعافيني، فقال إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك وإن شئت دعوت لك، قال لا بل ادع الله لي، فأمره أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء، اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى وتشفعني فيه وتشفعه في (وعنه من طريق ثان) أن
(تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن مسعود بهذا السياق لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه |أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن عون بن عبد الله لم يسمع من ابن مسعود اهـ (قلت) جاء نحو هذا الحديث في دعاء زيد بن ثابت رقم 249 رواه الإمام أحمد و (طب ك) ورجاله عند الإمام أحمد وبعض طرق الطبراني ثقات (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا شعبة عن أبي جعفر المدني قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف الخ (غريبة) لفظ الترمذي (إن شئت دعوت وإن شئت صبرت) ولفظ أخرت في حديث الباب يحتمل الخطاب والتكلم فيجوز فيه النصب والرفع، بخلاف لفظ دعوت فإنه للمتكلم بقرينة قوله بل ادع الله لي، ومعناه إن شئت أخرت جزاءه إلى الآخرة وهو أفضل: وإن شئت دعوت الله لك (قال الطيبي) أسند النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء إلى نفسه، وكذا طلب الرجل أن يدعو هو صلى الله عليه وسلم ثم أمره صلى الله عليه وسلم أن يدعو هو أي الرجل كأنه صلى الله عليه وسلم لم يرض منه اختياره الدعاء لما قال الصبر خير لك لكن في جعله شفيعا له ووسيلة في استجابة الدعاء ما يفهم أنه صلى الله عليه وسلم شريك فيه اهـ أي المبعوث رحمة العالمين أي استشفع بك إلى ربي قال الطيبي الباء في بك للاستعانة (وقوله إني أتوجه بك) بعد قوله (أتوجه إليك) فيه معنى قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) جاء في رواية ابن ماجة بلفظ (لتقضي لي) أي ليقضيها لي ربي بشفاعة، سأل الله أولا أن لنبيه أن يشفع له، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم ملتمسا شفاعة له، ثم كر مقبلا على ربه أن يقبل شفاعته هكذا وقع لفظ (وتشفعني فيه) في هذا المكان من هذا الحديث عند الإمام أحمد، وهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء كذلك في المستدرك للحاكم، ولم يقع هذا اللفظ في رواية الترمذي وابن ماجة، وعندهما بعد قوله (لتقضي) اللهم فشفعه في، ووافقهما الإمام أحمد في رواية أخرى ستأتي (وقوله وتشفعه في) هو من كلام الرجل وهو آخر الحديث عند الجميع، لكن زاد الإمام أحمد في هذه الرواية بعد قوله (وتشفعه في) قال فكان يقول هذا مرارا: ثم قال بعد أحسب أن فيها أن تشفعني فيه: قال ففعل الرجل فبرأ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل قال ثنا حماد يعني ابن سلمة قال ثنا أبو جعفر الخطمي (كبكرى) عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخ
-299 -
كلام العلماء في تخريج حديث التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وتصحيحه
-----
رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب بصره فذكر الحديث (وعنه أيضا) أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله أن يعافيني: قال إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذلك فهو خير، فقال ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء، اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم شفعه في
(1) جاء هذا الطريق في مسند عقب الحديث السابق مختصرا إلى قوله فذكر الحديث يعني الحديث السابق (وتخريجه)(مذ جه ك) وصححه الحاكم وأره الذهبي، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي اهـ (قلت) كلهم رووه من طريق أبي جعفر المديني إلا الإمام أحمد فقد رواه عن أبي جعفر الخطمي في هذه الطريق الثانية فقط: وفي سائر الروايات عن أبي جعفر المديني والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر أنا شعبة عن أبي جعفر قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر الخ (غريبة) لفظ الترمذي (وإن شئت صبرت فهو خير لك) يعني الصبر لأن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي (من أذهبت حبيبته يعني عينيه فصبر واحتسب لم أرض له بثواب دون الجنة) رواه الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريرة بصيغة المجهول أي فتقضى لي حاجتي بشفاعتك (اللهم شفعه في) بتشديد الفاء والياء أي أقبل شفاعته في حاجتي (تخريجه)(مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي آخره عند ابن ماجة قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح: وتقدم قول الترمذي فيه في تخريج الحديث السابق (قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي) وأخرجه النسائي وزادي في آخره فرجع وقد كشف الله عن بصره، قال وأخرجه أيضا ابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وزاد فيه (فدعا بهذا الدعاء فقام وقد أبصر) وأخرجه الطبراني وذكر في أول قصته (وهي) أن رجلا كان يختلف إلى عثمان رصي الله عنه في حاجة له. وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان ابن حنيف فشكى ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين: ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه ورح إلى حتى أروح معك: فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة وقال ما حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها، ثم قال ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليها حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل ضرير (فذكر حديث الباب) ثم قال الطبراني بعد ذكر طرقه
-300 -
التعوذ من البخل والجبن ومن همز الشيطان ونفثه ونفخه
-----
(باب ما جاء في التعوذ وصيغه وفضله)
(عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه أنه كان يأمر بهؤلاء الخمس ويخبر بهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر (عن عبد الله ابن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه قال وهمزة الموتة، ونفثه الشعر، ونفخه الكبرياء (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات، اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو وشماتة الأعداء (وعنه أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم
والحديث صحيح كذا في الترغيب اهـ (قلت) يستفاد منه أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم يجوز في حياته وبعد موته: وللعلماء خلاف طويل في ذلك جمعة العلامة الشوكاني في رسالة له أسماها (الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد) فارجع إليها والله الموفق (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر شعبى عن عبد الملك بن عمير عن سعد بن أبي وقاص الخ (غريبة) البخل ضد الكرم والجبن ضد الشجاعة، والشجاعة قوة القلب والإقدام على الأمور المهمة كالحرب ونحوها والجبن بعكسه بضم الهمزة وفتح الراء والدال المهملة المشددة وأرذل العمر أخسة يعني الهرم والخرف فسرها الراوي عند البخاري بفتنة الدجال، وهو لفظ عام يشمل كل فتنة في الدنيا: وعذاب القبر من فتنة الآخرة نسأل الله النجاة من ذلك كله (تخريجه)(ق نس مذ)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الجواب ثنا عمار بن رزيق عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) قال وهمزة الخ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بديل ما جاء في حديث جبير بن مطعم وتقدم في باب دعاء الافتتاح والتعوذ من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 178 رقم 507 قلت يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال أما همزة فالموتة الخ بضم الميم وسكون الواو وفتح المثناة من فوق الجنون: وفسرت في بعض روايات الحديث بالصرع: وهو نوع من الجنون يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه عقله أصل النفث قذف النفس (بفتح الفاء) مه شيء من الريق وهو شبيه بالنفخ وأقل من التفل: وكأن الشعر من نفث الشيطان لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه، وذمه لأن الشيطان يحمل الشعراء على المدح والتعظيم والتحقير في غير موضعها فسر النفخ بالكبر لأن الشيطان ينفخ في الشخص بالوسوسة فيعتقد عظم نفسه وحقارة غيره (تخريجه)(جه) وسنده جيد وله شاهد عند (د جه حب ك) من حديث جبير بن مطعم الذي أشرنا إليه وصححه الحاكم وابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثني حي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه)(نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده)
-301
التعوذ من علم لا ينفع وقلب لا يخشع ونفس لا تشبع ومن العجز والكسل
-----
قال اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع. وقلب لا يخشع. ومن علم لا ينفع. ومن دعاء لا يسمع اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع. وعمل لا يرفع. وقلب لا يخشع. وعلم لا ينفع (عن عبد الله بن الحارث) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والهرم والجبن والبخل وعذاب القبر اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ونفس لا تشبع وعلم لا ينفع دعوة لا يستجاب لها، قال فقال زيد بن أرقم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا هن ونحن نعلمكموهن (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والغرم والمأثم
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا يزيد بن عطاء عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل حدثني شيخ قال دخلت مسجدا بالشام فصليت ركعتين ثن جلست، فأتى شيخ يصلي إلى السارية فلما انصرف ثاب الناس إليه فسألت من هذا؟ يريد أن يمنعني أحدثكم وإن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أعوذ بك الخ (وله طريق أخرى عند الإمام أحمد) قال حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي سنان عن عبد الله ابن عمرو قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من علم لا ينفع. ودعاء لا يسمع. وقلب لا يخشع. ونفس لا تشبع. (تخريجه) (نس مذ) وقال هذا حديث صحيح غريبة من هذا الوجه اهـ (قلت) وتقدم نحوه من حديث عبد الله بن أبي أوفى في باب ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم رقم 232 صحيفة 286 (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وثنا أبو كامل قال ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس الخ (تخريجه) (حب طب ك) وسنده جيد وله شواهد كثيرة: منها حديث زيد بن أرقم الآتي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث الخ (غريبة) هو الفتور عن الشيء مع القدرة على عمله إيثارا لراحة البدن على التعب (والهرم) بفتح الهاء والراء من باب تعب هو الزيادة في كبر السن المؤدية إلى ضعف الأعضاء تقدم الكلام على عذاب القبر وأحواله في الجزء الثامن في أبواب عذاب القبر صحيفة 106 من كتاب الجنائز وأطلنا الكلام فيه بما لم تظفر بمثله في كتاب آخر فارجع إليه قال الطيبي ينبغي أن تفسر التقوى بما يقابل الفجور كما في آية (فألهمها فجورها وتقواها) هي الاحتراز عن متابعة الهوى والفواحش (وقوله وزكها) أي طهرها من كل خلق ذميم أي من قساوة القلب وتعلق النفس بالآمال البعيدة والحرص والطمع والشره (تخريجه)(م نس) وعبد بن حميد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعني ابن الهاد عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) هو الدين
-302
التعوذ من فتنة المحيا والممات وعذاب النار وعذاب القبر
-----
وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من عذاب النار (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب العجز والكسل والجبن والهرم والبخل وعذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله كان يعلمهم الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول قولوا (وفي لفظ كان يعلمهم هذا الدعاء) اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك أن أموت غما أو هما أو أن أموت غرقا أو أن يتخبطني الشيطان
فيما لا يحل أو فيما يحل لكن يعجز عن أدائه (والمأثم) أي ما يأثم به الإنسان أو ما فيه إثم أو ما يوجب الإثم أو الإثم نفسه وضعا للمصدر موضع الاسم: والمغرم والمأثم كلاهما بفتح أوله وثالثه وسكون ثانية سيأتي الكلام على الدجال وأحواله وفتنته في باب أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بخروج الدجال من كتاب الفتن إن شاء الله تعالى (تخريجه)(نس) وسنده جيد وله شواهد صحيحة عن أنس وعائشة وأبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا سليمان التيمي ثنا أنس ابن مالك الخ (غريبة) أي مما يعرض للإنسان في مدة حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها وزخرفها ونحو ذلك (وفتنة الممات) قيل هي فتنة القبر كسؤال الملكين، والمراد من شر ذلك وإلا فأصل السؤال واقع لا محالة (تخريجه) (خ والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاوس اليماني عن عبد الله بن عباس الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد وله شواهد كثيرة تعضده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبة) الفقر معلوم وهو الاحتياج إلى الغير (والقلة) بكسر القاف قلة المال التي يخاف منها قلة الصبر على الإقلال وتسلط الشيطان بذكر تنعم الأغنياء: أو المراد القلة في أبواب البر وخصال الخير، أو قلة العدد والمدد أو الكل (والذال) بكسر الذال المعجمة المشددة يقال ذليل والجمع أذلاء وأذلة ويتعدى بالهمز فيقال أذلة الله بالبناء للفاعل أي أجور أو اعتدى (أو ظلم) بالبناء للمفعول أي يجور على أحد أو يتعدى على، والظلم وضع الشيء في غير محله (تخريجه)(د نس جه ك) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود ثنا إسرائيل عن إبراهيم بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبة) الغم هو الحزن محركاً يقال
-303
التعوذ من البرص والجنون والجذام ومن الشقاء وشماتة الأعداء
-----
عند الموت أو أن أموت لديغا (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من هؤلاء الثلاثة درك الشقاء وشماتة الأعداء وسوء القضاء قال سفيان زدت أنا واحدة
غمه الشيء غما من باب قتل غطاء، ومنه قيل للحزن غم لأنه يغطى السرور والحلم وهو غمه أي حيرة ولبس (والهم) هو الحزن الذي يذيب الإنسان، يقال أهمني المرض بمعنى إذا بنى وهو أقصى درجات الغم والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم استعاذ منهما خشية اشتغال صاحبها عن الاستعداد للموت للموت كالنطق بالشهادتين والوصية ونحو ذلك والله أعلم (والغرق) بفتحات مصدر غرق من باب تعب: وجاء غارق وغريق أي مات غريقا، استعاذ منه صلى الله عليه وسلم مع ما فيه من قبل الشهادة لأنه يعد فجأة: وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من موت الفجأة لأنه لا يمكنه توبة ولا وصية أي يصرعني ويلعب بي ويفسد ديني أو عقلي عند الموت بنزغاته التي تزل بها الأقدام، وكل هذا تعليم للأمة فإنه صلى الله عليه وسلم معافى من هذه الأمور فعيل بمعنى مفعول: واللدغ بدال مهملة وغين معجمه يستعمل في ذوات السم كحية وعقرب: وبذال معجمه وعين مهملة يستعمل في الإحراق بنار كالكي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه إبراهيم بن إسحاق ولم أجد من وثقه، وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) قال الحافظ في التقريب إبراهيم بن إسحاق صدوق يغرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وحسن بن موسى قالا ثنا حماد ثنا قتادة عن أنس الخ (غريبة) البرص بفتحتين علة تحدث في الأعضاء بياضا رديئا (والجنون) زوال العقل (والجذام) علة تسقط الشعر وتفتت اللحم وتجري الصديد مننه يعني الأمراض الفاحشة الرديئة المؤدية إلى فرار الحبيب وقلة الأنيس لكونها معدية أو منفرة، ولم يستعذ صلى الله عليه وسلم من سائر الأسقام لأن منها ما إذا تحامل الإنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته كحمى وصداع ورمد ونحو ذلك، واعلم أن الأمراض المنفرة لا تجوز على الأنبياء، بل يشترط في النبي سلامته من كل منفر وإنما ذكرها تعليما للأمة كيف تدعو (تخريجه) (د نس) وسنده صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح الراء وسكونها (والشقاء) بفتح المعجمة بمعنى الشقاوة نقيض السعادة: ودرك الشقاء اسم من الإدراك لما يلحق الإنسان من تبعه الشقاوة (قال الحافظ) هو الهلاك، وقيل هو واحد درجات جهنم، ومعناه من موضع أهل الشقاوة وهي جهنم أو من موضع يحصل لنا فيه شقاوة هي فرح العدو بلبية تنزل بمن بعاديه (وسوء القضاء) المراد به المقضى لأن قضاء الله كله حسن لا سوء فيه، وهذا عام في أمر الدارين أي ما ينشأ عنه سوء في الدين والدنيا والبدن والمال والخاتمة أو للشك من سفيان أحد رجال السند يشك هل قال سوء القضاء أو جهد القضاء: والظاهر أن سفيان كان يجمع بينهما في الذكر احتياطاً
-304 -
التعوذ من الغم والهدم والتردي والغرق والحريق
-----
لا أدري أيتهن هي (عن أبيس اليسر السلمي) رصي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول، اللهم إني أعوذ بك من الهدم والتردي والهرم (زاد في رواية وأعوذ بك من الغم) والغرق والحريق وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأن أقتل في سبيلك مدبرا وأن أموت لديغا (عن شتير بن شكل) عن أبيه قال (وفي لفظ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله علمني دعاء أنتفع به، قال قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي (عن أبي موسى الأشعري) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول
ولذلك قال زدت أنا واحدة يعني خصلة لا يدري أيتهن هي، ولكن جاء هذا الحديث عند الشيخين أن الخصال أربعة ما ذكر هنا: والرابعة جهد البلاء فينبغي المصير إلى رواية الشيخين لأن فيها زيادة (وجهد البلاء) بفتح الجيم على الأفصح وتضم أي مشقته إلى الغاية وشدته إلى النهاية، وفسره ابن عمر بقلة المال وكثرة العيال (تخريجه)(ق نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن بحر قال ثنا أبو ضمرة قال حدثني عبد الله بن سعيد عن جده أبي هند عن صيفي عن أبي اليسر السلمي الخ (أبو اليسر) بقتحتين (والسلمي) بفتحتين أيضا اسمه كعب بن عمرو بن عباد السلمي الأنصاري صحابي بدري بسكون الدال المهملة أي سقوط البناء ووقوعه على الشيء (والتردي) أي السقوط من مكان عال كالجبل والسطح أو الوقوع في مكان سفلي كالبئر (والهرم) تقدم شرحه جاءت هذه الزيادة عند الحاكم أيضا، وهي كقوله في حديث أبي هريرة السابق (اللهم إني أعوذ بك أن أموت غما) وتقدم الكلام عليه وعلى الغرق في رواية والحرق بدل الحريق وهو الالتهاب بالنار، وتخبط الشيطان تقدم شرحه في شرح حديث أبي هريرة قبل حديثين وكذلك الموت لديغا استعاذ من أن يموت في سبيل الله مدبرا لأن ذلك من الفرار من الزحف وهو كبائر الذنوب (تخريجه)(د نس ك) ورجاله ثقات وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال حدثني سعد بن أوس عن بلال بن يحيى شيخ لهم عن شتير بن شكل عن أبيه الخ (غريبة) شتير أوله شين معجمه مضمومة ثم تاء مثناة مصغرا (ابن شكل) بفتح المعجمة والكاف عن أبيه شكل بمن حميد صحابي ليس له في السند سوى هذا الحديث هو أن يغلب عليه حتى يقع في الزنا أو مقدماته (تخريجه)(د مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن نمير ثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان العزرمي عن أبي علي رجل من بني كاهل قال خطبنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقالا والله لتخرجن مما قلت أو لتأتين عمر، مأذون لنا أو غير مأذون: قال بل أخرج مما قلت، خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) الشرك نوعان أحدهما نوعان أحدهما أحبر وهو الكفر والعياذ بالله
-305 -
التعوذ من الشرك الأكبر والأصغر- ومن الطمع
-----
وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال قولوا اللهم أنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع يهدي إلى غير مطمع ومن طمع حيث لا مطمع (عن فروة بن نوفل) قال سألت عائشة رضي الله عنها قلت أخبريني بشيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به (وفي لفظ عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أدعو الله به فينفعني الله به: قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول، اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل (وفي لفظ قالت كان يقول اللهم إني أعوذ بك من شر
تعالى، والثاني أصغر وهو الرياء، والظاهر أن المراد هنا الثاني لأنه صلى الله عليه وسلم يخاطب الصحابة وهم مؤمنون بالله عز وجل، ولكنه خشي عليهم الرياء فحذرهم منه لخفائه على كثير من الناس وأمرهم بالتعوذ منه، وقد يراد التعوذ من الشرك الأصغر والأكبر معا أي شركا أصغر أو أكبر وهما الكفر أو الرياء كما تقدم أي نطلب منك المغفرة لما لا نعلم من الذنوب التي صدرت منا جهلا (تخريجه)(طب عل) باسناد جيد إلا أن أبا يعلى قال فيه كل يوم ثلاث مرات فينبغي العمل بذلك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل الخ (غريبة) الطمع بالتحريك الحرص الشديد، وقوله يهدي بفتح أوله أي يدل ويقرب أو يجر إلى طبع بالتحريك أيضا، وهو بالباء الموحدة بدل الميم في سابقه: ومعناه العيب وأصله الدنس ولو معنويا كالعيب والعار، وأصله من صيغ العموم: والمعنى تعوذوا بالله من طمع يسوقكم إلى شين في الدين وإزدراء بالمروءة: واحذروا التهافت على جمع الحطام وتجنبوا الحرص والتكالب على الدنيا أي إلى تأميل ما يبعد حصوله والتعلق به أي ومن طمع في شيء حيث لا مطمع فيه بالكلية لتعذره حسا أو شرعا، وهذه الثالثة أحط مراتب الزيادة في مطمع وأقبحها، فإن حيث من صيغ العموم في الأحوال والأمكنة والأزمنة، وقال يحيى بن كثير لا يعجبك حلم امريء حتى يغضب ولا أمانته حتى يطمع (تخريجه)(طب ك) وقال الحاكم مستقيم الإسناد وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه (طب بز) وأحمد وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين قال ثنا شيبان عن منصور عن هلال بن يساف عن فروة بن نوفل الخ (غريبة) بتقديم الميم على اللام من العمل أي من شر يحتاج إلى العفو بتقديم الميم على اللام أيضا أي بأن ما ينسب إليه إفتراءا ولم يعلمه، وقد استعاذ (في بعض الروايات وتقدمت) من شر الأمور التي يعلمها ومن شر الأمور التي لا يعلمها: وهذا تعليم لأمته ليقتدوا به: وإلا فجميع ألعماله صلى الله عليه وسلم سابقها ولا حقها كلها خير لا شر فيها
-306 -
التعوذ من عذاب النار وفتنة الغنى والفقر
-----
ما عملته نفسي) (عن عائشة رضي الله عنها قالت فزعت ذات ليلة وفقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمددت يدي فوقعت على قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما منتصبان وهو ساجد وهو يقول أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا احصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك (فذكر مثل حديث عائشة حرفا بحرف) (عن عائشة رضي الله عنها أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات اللهم فإني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني
وجميع ما يعلمه سابقه ولا حقه هو ميسر لخيره ومعصوم من شره (تخريجه)(م د نس جه ش)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن محمد بن يحيى عن عبد الرحمن الأعرج عن عائشة الخ (غريبة) بكسر الزاي من باب تعب أي خافت ذات ليلة لكونها لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفراش بفتح الخاء المعجمة من باب تعب، والسخط بالضم اسم منه وهو الغضب، والمعنى أعوذ بما يرضيك عما يغضبك استعاذ بمعافاته بعد استعاذته برضاه لأنه يحتمل أن يرضى عنه من جهة حقوقه ويعاقبه على حقوق غيره (وأعوذ بك منك) أي برحمتك من عقابك يعني قوله تعالى (فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض ورب العالمين) وهذا اعتراف بالعجز والتقصير عن أداء ما أوجب الله عليه تعالى وأن الله عز وجل هو المثنى والمثنى عليه وأن الكل منه وإليه (كل شيء هالك إلا وجهه)(تخريجه)(م والأربعة)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وأبو كامل قالا ثنا حماد قال بهز قال أنبأنا هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام المخزومي عن علي الخ (غريبة) بينت هذه الرواية أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك في آخر الوتر (تخريجه)(الأربعة وغيرهم) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبة) قال الطيبي قوله فتنة النار أي فتنة تؤدي إلى عذاب النار وإلى عذاب القبر لئلا يتكرر إذا فسر بالعذاب أي البطر والطغيان والتفاخر وصرف المال في المعاصي أي كحسد الأغنياء والطمع في مالهم والتذلل لهم بما يدنس العرض ويثلم الدين ويوجب عدم الرضا بما قسم سمي مسيحا لكون إحدى عينية ممسوحة فعيل بمعنى مفعول أو لمسحة الأرض وقطعها في أمد قليل فهو معنى فاعل، ووصف بالدجال احترازا عن عيسى عليه السلام من الدجل وهو الخلط أو التغطية أو الكذب: وإنما استعاذ منه مع كونه لا يدرك نشرا لخبره بين أمته جيلا بعد جيل لئلا يلتبس كفره على مدركه، وبقية الحديث تقدم شرحه أحاديث تقدمت
-307 -
التعوذ من البخل والجبن وأرذل العمر
-----
وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم فإني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من البخل والجبن وعذاب القبر وأرذل العمر وفتنة الصدر، قال وكيع فتنة الصدر أن يموت الرجل وذكر وكيع الفتنة لم يتب منها (وعنه من طريق ثان) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من خمس من البخل والجبن وفتنة الصدر وعذاب القبر وسوء العمل
(باب وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وحيثما فصلوا على فإن صلاتكم تبلغني (وعنه أيضا) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا على فإنها زكاة لكم
في هذا الباب والله أعلم (تخريجه)(ق. ك والأربعة)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) أي قساوة القلب وحب الدنيا وأمثال ذلك، وقيل ما ينطوي عليه من الحقد والعقائد الباطلة والأخلاق السيئة وغيرها معناه كأن يرتكب شيئا من الخصال المتقدمة ثم يموت قبل أن يتوب منها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ هكذا في الأصل (وسوء العمل) والظاهر أنه خطأ من الناسخ لأنه جاء في هذا الحديث نفسه عند أبي داود بلفظ (وأرذل العمر) وكذلك عند ابن ماجة لأن أرذل العمر وسوء العمر معناهما واحد لا سيما والراوي واحد: ولم يذكر النسائي هذه الخصلة في حديث عمر، وذكرها في حديث ابن مسعود بلفظ (وسوء العمر أيضا وهي تؤيد رواية أبي داود والله أعلم)(تخريجه)(د نس جه حب) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح
(باب) أنظر باب ما جاء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأخير صحيفة 19 في الجزء الرابع وأقرأ الأحكام في آخره: وسيأتي مزيد بحث في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومعناها في تفسير قوله تعالى في سورة الأحزاب (إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية) من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال ثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ أنظر شرح هذا الحديث والكلام عليه بما يشفي الغليل في الجزء الثاني عشر في آخر باب استلام الركن ال|أسود من كتاب الحج صحيفة 39 (تخريجه)(د ص) والضياء المقدسي وسنده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسين ابن محمد حدثنا شريك عن ليث عن كعب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي طهارة لكم من الذنوب لأن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مشتملة على ذكر الله عز وجل وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم والتقرب
-308 -
ما جاء في حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره وذم تاركها
-----
واسألوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في أعلى الجنة لا ينالها إلا رجل وأرجو أن أكون أنا هو (باب ذم تارك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
(عن أبي هريرة) رض ي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرغم أنف رجل ذكرت عنده
إلى الله عز وجل بامتثال أمره لقوله (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه الآية) وقال ابن عبد السلام ليست صلاتنا عليه صلى الله عليه وسلم شفاعة له فإن مثلنا لا يشفع له، لكن الله أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، وفائدة الصلاة ترجع إلى المصلى عليه (فائدة) قال البارزي في الخصائص من خواصه صلى الله عليه وسلم أنه ليس في القرآن ولا غيره صلاة من الله على غيره فهي خصيصة تختصه الله بها دون سائر الأنبياء أي المنزلة العلية كما فسرها بقوله فإنها درجة في أعلى الجنة (وفي لفظ أعلى درجة الجنة) قال القاضي عياض وأصل الوسيلة ما يتقرب به إلى غيره قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) أي بفعل الطاعات، ومن وسل إلى كذا تقرب إليه قال لبيد: أرى الناس لا يدرون قد أمرهم ألا كل ذي لب إلى الله واسل: وإنما سميت وسيلة لأنها منزلة يكون الواصل إليها قريبا من الله، فتكون كالوصلة التي يتوسل بالوصول إليها والحصول فيها إلى الزلفى منه تعالى والانخراط في الملأ الأعلى، ولأنها منزلة سنية ومرتبة علية يتوسل الناس بمن اختص بها ونزل فيها إلى الله تعالى شفيعا مشفعا يخلصهم من أليم عذابه عبر صلى الله عليه وسلم بالرجاء مع أنه صاحبها وأهلها ولا تكون لأحد غيره تأدبا مع الله عز وجل وتواضعا منه قال ابن القيم هكذا الرواية (أن أكون أنا هو) ووجهه أن الجملة خبر عن اسم كان المستتر فيها، ولا يكون فصلا ولا توكيدا بل مبتدءا (تخريجه)(مذ) في المناقب من حديث كعب عن أبي هريرة وقال غريب، إسناده ليس بالقوي وكعب غير معروف اهـ ورواه أيضا البزار بنحوه (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي بن إبراهيم قال أبي وهو أخو إسماعيل بن إبراهيم يعني ابن علية قال أب وكان يفضل على أخيه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد عن أبي سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر الغين المعجمة أي لصق أنفه بالرغام أي التراب، هذا أصله ثم استعمل في الذل والهوان له (وقوله أنف رجل) إنسان سواء كان ذكرا أو أنثى، وذكر الرجل وصف طردي بالبناء المفعول ذكر إسمي عنده والمعنى خاب وخسر من قدر أن ينطق بأرع كلمات توجب لنفسه عشر صلوات من الله ورفع عشر درجات وحط عشر خطيئات فلم يفعل، لأن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عبارة عن تعظيمه، فمن عظمه عظمة الله، ومن لم يعظمه أهانه الله وحقر شأنه (والفاء) في قوله (فلم يصل على) للتعقيب فهي تفيد ذم التراخي عن تعقيب الصلاة عليه بذكره صلى الله عليه وسلم. وليس هذا آخر الحديث، وبقيته، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له: ورغم أنف رجل أدرك أبواه عند الكبر فلم يدخلاه الجنة، قال ربعي لا أعلمه إلا قد قال أو أحدهما (يعني أحد أبويه)(تخريجه)(مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب من هذا الوجه (قلت) وسكت عنه الحاكم
-309 -
ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
-----
فلم يصل على (عن عبد الله بن علي بن حسين) عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصل على (باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومضاعفة أجر فاعلها (عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والسرور يرى في وجهه، فقالوا يا رسول الله إنا لنرى السرور في وجهك، فقال إنه أتاني ملك فقال يا محمد أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا قال بلى (ومن طريق طلحة أيضا)(نحوه وفيه) من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله عز وجل له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها
والذهبي وقال الحافظ له شواهد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو وأبو سعيد قالا ثنا سليمان بن بلال عن عمارة بن غزية عن عبد الله بن علي بن الحسين الخ (غريبة) هكذا في الأصل (عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أنه خطأ والصواب عن أبيه عن جده ويؤيد ذلك أن هذا الحديث نفسه جاء عند الترمذي والحاكم من طريق سليمان بن بلال بهذا السند عن أبيه عن جده، وأبوه هو علي زين العابدين: وجده هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، والظاهر أن لفظ جده سقط من الناسخ والله أعلم معناه البخيل الكامل في البخل من ذكر إسمي بمسمع منه (ثم لم يصل على) يعني أنه بخل على نفسه حين حرمها صلاة الله عليه عشرا إذا هو صلى واحدة، ومنع أن يكتال له الثواب بالمكيال الأوفى، وفهو كمن أبغض الجود حتى لا يحب أن يجاد عليه، وهو يؤذن ب؟ أن من تكاسل عن الطاعة يسمى بخيلا، قال الفاكهي وهذا أقبح بخل وأشنع شح لم يبق بعده إلا الشح بكلمة الشهادة، وهو يقوى القول بوجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر (تخريجه)(مذ نس حب ك) وهو حديث صحيح صححه الحاكم وأقره الذهبي (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد يعني ابن سلمة عن ثابت عن سليمان مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه الخ (وله طريق ثان) عند الإمام أحمد قال حدثنا عفان قال ثنا حماد ثنا ثابت قال قدم علينا سليمان مولى الحسن ابن علي زمن الحجاج فحدثنا عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه فذكره (غريبة) مصداق ذلك قوله تعالى (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)(وقوله قال بلى) أي نعم يرضى ذلك واغتبط به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال ثنا أبو معشر عن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر فذكر نحو الحديث المتقدم وفيه الخ أي أزال يقال محوته محوا ومحيته محيا أزلته، وذلك بأن يمحوها من صحف الحفظة وأفكارهم أي رتبا عاليا في الجنة والدرجات الطبقات من المراتب (وقوله ورد عليه مثلها) أي رحمه وضاعف أجره (تخريجه)
-310 -
مضاعفة أجر من صلى وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
-----
(عن أنس بن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى على واحدة صلى الله عليه عشرا (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه وملائكته بها سبعين صلاة فليقل عبد من ذلك أو ليكثر (وفي حديث عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إن جبريل عليه السلام قال لي ألا أبشرك أن الله عز وجل يقول لك من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه (زاد في رواية) فسجدت لله عز وجل شكرا (عن عامر بن ربيعة)
(نس حب ك مي) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن فضيل ثنا يونس بن عمرو يعني ابن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أنس بن مالك الخ (غريبة) زاد في رواية ورفع له عشر درجات (تخريجه)(نس حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن زهير، وأبو عامر ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه)(م. والثلاثة)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذه الجملة مفسرة لقوله في الحديث السابق صلى الله عليه عشرا أي كتب الله عز وجل لع عشر حسنات (زاد النسائي) من حديث أنس وحط عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات (تخريجه) (مذ) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن مريح (بالمهملة والتصغير) الخولاني سمعت أبا القيس مولى عمرو بن العاص سمعت عبد الله بن عمرو يقول من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) في الأحاديث المتقدمة إن من صلى مرة صلى الله عليه بها عشرا: وفي هذا سبعين صلاة، ولا منافاة لأنه يمكن الجمع بينه وبين ما تقدم بأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم بهذا الثواب شيئا فكلما علم بشيء قاله والله أعلم بكسر اللام والثاء المعجمة وضم الياء التحتية وسكون الكاف، وليس هذا آخر الحديث وسيأتي بطوله في الباب الأول من كتاب فضائل القرآن وتفسيره إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا اللفظ، وأورده الهيثمي والمنذري وقالا رواه أحمد باسناد حسن (قلت) هو موقوف على عبد الله بن عمرو، ولكن له حكم الرفع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي لا سيما وقد رواه (م د مذ) مرفوعا عن عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا) فففيه تأييد لرقفعه حديث الباب والله أعلم هذا طرف من حديث طويل تقدكم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في سجدة الشكر في الجزء الرابع صحيفة 144 رقم 921 فارجع إليه والله الموفق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال أنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة
-311 -
من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وجبت له الشفاعة- ومن سلم عليه في الحجرة رد عليه
-----
رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول من صلى على صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى على فليقل عبد من ذلك أو ليكثر (عن رويفع بن ثابت الأنصاري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى على محمد وقال اللهم أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له شفاعتي (عن عبد الله)(يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ملائكة في الأرض سياحين يبلغوني من أمتي السلام (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يسلم على إلا رد الله عز وجل
عن عاصم بن عبيد الله قال سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة وابن ماجة كلهم عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن أبيه، وعاصم وإن كان واهي الحديث فقد مشله بعضهم صحح له الترمذي، وهذا الحديث حسن في المتابعات والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة قال ثنا بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن وفاء الحضرمي عن رويفع بن ثابت الخ (غريبة) معناه أرفع درجة في الجنة، وفي الحديث الجمع بين الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وسؤال الله عز وجل أن ينزله المقعد المقرب عنده يوم القيامة، فمن وقع منه ذلك استحق الشفاعة المحمدية وكانت واجبة له (تخريجه) (بز طب طس) قال المنذري وبعض أسانيدهم حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن النمير أنبأنا سفيان عن عبد الله بن السائب عن زاذان قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بفتح السين المهملة وتشديد التحتية من السياحة وهو السير: يقال ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها، وأصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط قال العلماء الاقتصار في هذا الحديث على السلام لا ينافي إبلاغ الصلاة إليه فحكمهما وواحد، وفي هذا غاية التعظيم للمصطفى صلى الله عليه وسلم وإجلال منزلته حيث سخر الله عز وجل الملائكة الكرام لتبليغ السلام إليه صلى الله عليه وسلم ممن بعد قطره وتناءت داره، وقد ثبت في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم السلام حين يبلغه، أما من كان حاضرا بالحجرة الشريفة فإنه صلى الله عليه وسلم يسمعه بدون واسطة ويرد عليه كما يستفاد من حديث أبي هريرة الآتي (تخريجه)(نس حب ك) وصححه الحاكم وابن حبان وأرقه الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ العراقي الحديث متفق عليه دون قوله سياحين والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا حيوة ثنا أبو صخر أن يزيد بن عبد الله بن قسيط أخبره عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) ذكر الشيخ الموفق ابن قدامة في هذا الحديث زيادة (عند قبري) بعد قوله على، وفيه تأييد لما تقدم من أن من سلم حاضرا بالحجرة سمعه صلى الله عليه وسلم ورد عليه: ويزيده تأييدا حديث أبي هريرة مرفوعا (من صلى علي
-312 -
من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله ما أهمه من دنياه وآخرته
-----
إلى روحي حتى أرد عليه السلام (عن أبي بن كعب) رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك
عند قبري سمعته: ومن صلى على نائيا أبلغته، رواه والبيهقي في شعب الإيمان وله شواهد تعضده وهو يؤيد ما تقدم من أن الصلاة في السماع والتبليغ حكمها حكم السلام امراد برد الروح النطق لأنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره وروحه لا تفارقه، لما صح أن الأنبياء أحياء قبورهم كذا قال ابن الملقن وغيره (وقال الحافظ) الأحسن أن يؤول الفكر كما قالوه في خبر (يغان على فلبي) وقال الطيبي معناه أنها تكون روحه القدسية في الحضرة الإلهية، فإن بلغه السلام من أحد من الأمة رد إليه روحه في تلك الحالة إلى رد سلام من يسلم عليه، وفي المقام أجوبة كثيرة اقتصرنا على أحسنها، وقد أودع الحافظ السيوطي ما قيل في ذلك في جزء والله أعلم (تخريجه)(د) وقال النووي في الأذكار إسناده صحيح وكذا قال في الرياض، وقال الحافظ رواته ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بنم عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال قال رجل يا رسول الله الخ (غريبة) المراد بالصلاة هنا الدعاء ومن جملته الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس المراد الصلاة ذات الركوع والسجود في هاتين الخصلتين جماع خيري الدنيا والآخرة فإن من كفاه الله همه سلم من محن الدنيا وفتنها، لأن كل محنة لا بد لها نمن تأثير الهم وإن كانت يسيرة، ومن غفر الله ذنبه سلم من محن الآخرة لأنه لا يوبق العبد فيها أي يهلكه إلا ذنوبه نسأل الله التوفيق والهداية إلى أقوم طريق (تخريجه)(نس مذ حب طب ك) وقال الترمذي حسن صحيح وصححه الحاكم أيضا وأقره الذهبي
_________
وإلى هنا قد انتهى الجزء الرابع عشر من كتاب الفتح الرباني، مع شرحه مختصر بلوغ الأماني
من أسرار الفتح الرباني، وبانتهائه ينتهي النوع الأول (وهو العبادات) من القسم الثاني
من الكتاب (أعني قسم الفقه) وقد وافق الفراغ من طبعه في اليوم الثامن عشر
من شهر ذي الحجة سنة 1370 هجرية (ويليه الجزء الخامس عشر)
وأوله كتاب البيوع والكسب، نسأل الله تعالى الإعانة على طبع
ما بقي من الكتاب وأن ينفع به المسلمين إنه على ما يشاء
قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله على سيدنا محمد
خاتم النبيين، وإما المرسلين وأله وصحبه،
ومن تبع هداهم إلى يوم الدين،
وسلم تسليمًا كثيرا.