المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(كتاب الشركة والقراض) - الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني - جـ ١٥

[أحمد البنا الساعاتي]

الفصل: ‌(كتاب الشركة والقراض)

-[جواز إخراج ميزاب المطر إلى الشارع - وقصة عمر مع العباس بشأن ميزابه]-

يجعل جشبة في حائط جاره، والطريق الميتاء (1) سبعة أذرع * (عن ابى هريرة)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا اختلفوا في الطريق رفع (3) من بينهم سبعة أذرع * (ز)(عن عبادة ابن الصامت)(4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الرّحبة (5) تكون بين الطريق ثم يريد أهلها البنيان فيها فقضى أن يترك للطريق فيها سبع أذرع، قال وكانت تلك الطريق تسمى الميتاء (6)(باب جواز إخراج ميازيب المطر إلى الشارع بشرط كيف الضرر عن المارّة) * (عن عبيد الله بن عباس)(7) بن عبد المطلب أخى عبد الله رضى الله عنهم قال كان للعباس ميزاب (8) على طريق عمر بن الخطاب رضى الله عنه فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان فلما وافى الميزاب صب ماء بدم الفرخين فأصاب عمر، وفيه دم الفرخين، فأمر عمر بقلعه (9) ثم رجع عمر فطرح ثيابه وليس ثياباً غير ثيابه ثم جاء فصلى بالناس فأتاه العباس فقال والله إنه للموضع الذي وضعه النبى صلى الله عليه وسلم فقال عمر للعباس وأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهرى حتى تضعه في الموضع الذي وضعه النبى صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك العباس ‌

(كتاب الشركة والقراض)

(10)

ضرر صاحبه بغير جهة الاعتداء بالمثل ، وفيه تحريم سائر أنواع الضرر إلا بدليل (1) بميم مكسورة وتحتانية ساكنة وبعدها تاء مثناة ومد ، بوزن مفعال من الإتيان والميم زائدة ، قال أبو عمر والشيباني الميتاء أعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس فيها: وقال غيره هي الطريق الواسعة ، وقيل العامرة} تخريجه {(جه هق طب عب) وله عدة طرق يقوي بعضها بعضا وما فيه من جعل الطريق سبعة أذرع ثابت في الصحيحين والموطأ ومسند الشافعي * (2)} سنده {حدثنا هشين أنا خالد عن يوسف أو عن أبيه عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة الخ} غريبه {(3) أي ترك من بين الشركاء للطريق سبعة أذرع} تخريجه {(ق لك فع د مذ جه هق) * (ز) (4) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وتخريجه في باب جامع قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب القضاء والشهادات} غريبه {(5) الرحبة بسكون الحاء المهملة المكان الواسع (6) تقدم تفسيره قبل حديث والله أعلم} باب {* (7)} سنده {حدثنا أسباط بن محمد ثنا هشام بن سعد عن عبيد الله بن عباس الخ} غريبه {(8) الميزاب معروف وهو ما يوضع على سطوح المنازل لتصريف ماء المطر إلى الشارع (9) أي فقلع كما يستفاد من السياق} تخريجه {(هق) من أوجه أخر ضعيفة ومنقطعة ولفظ أحدها (والله ما وضعه حيث كان إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده) وسنده عند الإمام أخنج جيد ، وأورده الحاكم في المستدرك وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف: قال الحاكم ولم يحتج الشيخان بعبد الرحمن أهـ ورواه أبو داود في المراسيل من حديث أبي هارون المدني قال كان في دار العباس ميزاب فذكره ، وهو يدل على إخراج الميازيب إلى الطريق إذا أمن ضررها وإلا منعت لأحاديث المنع من الضرر: وفيه انقياد الصحابة لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك بآثاره رضي الله عنهم} كتاب الشركة والقراض {(10) القراض بكسر للقاف ويقال له المضاربة أيضا على لغة أهل العراق ، ولغة أهل الحجاز القراض: وكان في الجاهلية فأقر في الإسلام وعمل به النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة قبل البعثة ونقلته الكافة عن الكافة كما نقلت الدية

ص: 111

-[ما جاء في الشركة والقراض والوكالة وكلام العلماء في ذلك]-

* (عن أبي المنهال)(1) أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه وما كان بنسيئة فردوه (عن رويفع بن ثابت الأنصارى)(2) أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكان أحدنا يأخذ الناقة على النصف مما يغنم حتى إنّ لأحدنا القدح (وفى لفظ حتى إن أحدنا ليطير له القدح) وللآخر النصل والريش (كتاب الوكالة)(3)(باب ما يجوز التوكيل فيه) * (عن أبى موسى الأشعرى)(4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الخازن الأمين الذي يعطى ما أمر به كاملاً موّفراً طيبة به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين (عن عبد الله بن أبى أوفى)(5) قال كان الرجل إذا أتى صلى الله عليه وسلم بصدقة ماله قال اللهم صل عليه فأتيته بصدقة مال أبى فقال اللهم صل على آل أبى أوفى (ز)(عن عبد الرحمن بن أبى ليلى)(6) عن على رضى الله عنه أن النبي

ولا خلاف في جوازه ، قال في المختار قارضه قراضا دفع إليه مالا ليتجر فيه ويكون الربح بينهما على ما شرطا والوضيعة على المال (أي نفقات السفر والنقل)(1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الصرف وهو بيع الورق بالذهب نسيئة اله وإنما ذكرته هنا لأنه يدل على جواز الشركة في الدراهم والدنانير وهو إجماع كما قال ابن بطال لكن لا بد أن يكون نقد لكل منهما مثل نقد صاحبه ثم يخلط ذلك حق لا يتميز ثم يتصرف جميعا إلا أن يقيم أحدهما الآخر مقام نفسه ذكره الحافظ في الفتح في باب الاشتراك في الذهب والفضة (2) حديث رويفع بن ثابت تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل إعانة المجاهد الخ ص 25 رقم 81 من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ، وإنما ذكرته هنا لكونه يدل على أن تكون الغنيمة شركة بينهما ، هذا وفي القراض آثار عن الصحابة جاء بعضها في بدائع المنن وذكرت البعض الآخر في شرحه القول الحسن 195 و 196 في الجزء الثاني فارجع إليه ، قال ابن حزم في مراتب الإجماع كل أبواب الفقه فلها أصل من الكتاب والسنة حاشا القراض فما وجدنا له أصلا فيهما البتة ولكنه إجماع صحيح مجرد ، والذي يقطع به أنه كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فعلم به وأقره ولولا ذلك لما جاز أهـ والله أعلم (3) الوكالة بفتح الواو وقد تكسره التفويض واحفظ ، تقول وكلت فلانا إذا استحفظه ووكلت الأمر إليه بالتخفيف إذا فوضته إليه ، وهي في الشرع إقامة الشخص غيره مقام نفسه مطلقا أو مقيدا ، وقد استدل على جواز الوكالة من القرآن الكريم بقوله تعالى (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة) ، وقوله تعالى (اجعلني على خزائن الأرض) وقد استدل على جوازه بأحاديث كثيرة ، منها ما سيذكر في هذا الباب وما بعده من الأبواب} باب {* (4) حديث أبي موسى تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب العاملين على الصدقة من كتاب الزكاة صحيفة 57 رقم 96 في الجزء التاسع وذكرته هنا للاستدلال به على جواز التوكيل في الصدقة لقوله فيه (الذي يعطي ما أمر به كاملا) وفيه منقبة عظيمة للخازن الأمين (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب المبادرة إلى إخراج الزكاة صحيفة 23 رقم 74 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع أيضا وذكرته هنا للاستدلال على جواز توكيل صاحب الصدقة من يوصلها إلى الإمام. (ز)(6) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ذبح الإبل قائمة مقيدة

ص: 112

-[جواز التوكيل في البيع والشراء والصدقة]-

صلى الله عليه وسلم بعث معه بهديه فأمره أن يتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها (باب من وكل في شراء شئ فاشترى بالثمن أكثر منه وتصرف في الزيادة)(حدّثنا سفيان) عن شبيب أنه سمع الحى يخبرون عن عروة بن أبى الجعد البارقى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بدينار يشترى له أضحية: وقال مرة أو شاة فاشترى له اثنتين فباع واحدة بدينار وأتاه بالأخرى (1) فدعا له بالبركة في بيعه فكان لو اشترى التراب لربح فيه (باب من وكل في التصدق بماله فدفعه إلى ولد الموكل)(عن أبى الجويرية)(2) أن معن بن يزيد حدثه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنا وأبى (3) وجدى وخطب علىّ (4) فأنكحنى وخاصمت إليه (5) فكان أبي

صحيفة 52 رقم 73 من كتاب الهدي لرجل أن يتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها بكسر الجيم وتشديد اللام المفتوحة جمع جل بضم الجيم وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه (وفي الباب) أحاديث كثيرة تدل على جواز الوكالة (منها) حديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا فأتته إبل من إبل الصدقة فقال أعطوه الخ ، وتقدم في باب حسن القضاء والتقاضي من كتاب القرض والدين في هذا الجزء ص 86 رقم 283 (ومنها) قول النبي صلى الله عليه وسلم اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها: وسيأتي في أبواب حد الزنا من كتاب الحدود (ومنها) حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما فقسمها بين أصحابه وتقدم في باب السن الذي يجزئ في الأضحية ص 16 رقم 49 من كتاب البيوع والكسب في هذا الجزء (ومنها) غير ذلك كثير لا نطيل بذكره في هذا المختصر والله أعلم ، قال في رحمة الأمة الوكالة من العقود الجائزة في الجملة بالإجماع وكل ما جازت النيابة فيه من الحقوق جازت الوكالة فيه كالبيع والشراء والإجازة وقضاء الديون والخصومة في المطالبة بالحقوق والتزويج والطلاق وغير ذلك} باب {*} حدثنا سفيان الخ {} غريبه {(1) يعني مع الدينار كما يستفاد من رواية أخرى عند الإمام أحمد أيضا وستأتي في مناقب عروة من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى وفيها فجئت بالدينار وجئت بالشاة فقلت يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم الحديث} تخريجه {(خ فع د مذ جه قط)} باب {(2)} سنده {حدثنا مصعب بن المقدام ومجمد بن سابق قالا ثنا إسرائيل عن أي الجويرية الخ} غريبه {(3) هو يزيد بن الأخنس السلمي بضم المهملة الصحابي (وقوله وجدي) هو الأخنس بن حبيب السلمي صحابي رضي الله عنهم (4) من الخطبة بكسر الخاء المعجمة أي طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ولي المرأة أن يزوجها مني (وقوله فأنكحني) أي طلب لي النكاح فأجبته (5) هكذا في مسند الإمام أحمد في هذه الرواية (وخصمت إليه فكان أبي الخ) ومثله عند البخاري ، قال الزركشي والبرماوي كأنه سقط هنا من البخاري ما ثبت في غريه وهو (فأفلجني) بالجيم يعني حكم لي أي أظفر بي بمرادي (وغلبني على خصمي) يقال فلج الرجل على خصمه إذا ظفر به أهـ (قلت) ثبت لفظ فأفلجني عند الإمام أحمد عن طريق أخرى قال ثنا هشام بن عبد الملك وسريج بن النعمان قال ثنا أبو عوانة عن

ص: 113

-[كلام العلماء في معنى المساقاة والمزارعة]-

يزيد (1) خرج بدنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد (2) فأخذتها فأتيته بها فقال والله ما إياك أردت بها (3) فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لك ما نويت يا يزد (4) ولك يا معن ما أخذت (5)(كتاب المساقاة (6) والمزارعة وكراء الأرض) (باب ما جاء في المساقاة والمزارعة) * (عن ابن عمر)(7) أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها وكانت الأرض حين ظهر عليها لله تعالى ولرسوله وللمسلمين، فأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرّهم بها على أن يكفوا عملها (8) ولهم نصف

أبي الجويرية ح وحدثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال ثنا أبو الجويرية عن معن بن يزيد قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي وخاصمت إليه فأفلجني وخطب علي فانكحني أهـ ومقصود معن من ذلك بيان أنواع علاقاته بالنبي صلى الله عليه وسلم من المبايعة وغيرها من الخطبة عليه وانكاحه وعرض الخصومة عليه (1) بالرفع عطف بيان لقوله أبي (2) فيه حذف تقديره وأذم له أن يتصدق بها على من يحتاج من إليها إذنا مطلقا من غير تعيين ناس ، فجئت فأخذتها يعني من الرجل باختيار منه لا بطريق الغصب (فأتيته بها) أي أتيت أبي بالصدقة (3) أي بأخذها على الخصوص بل أردت عموم الفقراء أي من غير حجر على الوكيل أن يعطي الولد وقد كان الولد فقيرا (وقوله فخاصمته) يعني خاصم أباه وهذه المخاصمة تفسير لقوله في أول الحديث وخاصمت إليه أي رفعت أمري معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) أي من أجر الصدقة لأنك نويت الصدقة على محتاج (5) أي لأنه يحتاج إليها وإنما أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه دخل في عموم الفقراء المأذون للوكيل في الصرف إليهم} تخريجه {(خ هق) (6) المساقاة مفاعلة من السقي لأنه معظم عملها وأصل منفعتها وأكثرها مؤنة خصوصا بالحجاز لأنهم يسقون من الآبار ، والبعل يجوز مساقاته ولا سقي فيه ، لأن ما فيه من المؤن يقوم مقام السقي والمفاعلة للواحد نحو عافاك الله أو لوحظ العقد وهو منهما (قال العلماء) وصورة المساقاة أن يعقد على النخل أو الكرم أو جميع الشجر الذي يثمر لمن يتعهده بجزء معلوم مما يخرج منه ، وبذلك قال الجمهور: وخصها داود بالنخل ، وقالت المالكية تجوز في الزرع والشجر ولا تجوز في البقول عند الجميع ، وروي عن ابن دينار أنه أجازها فيها (والمزارعة) أن يعقد على أرض لمن يزرعها بجزء معلوم مما يخرج منها ، وفي القاموس المزارعة المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها أهـ قالت الشافعية فإن كانت البذور من العامل فهي مخابرة ، وفي القاموس المخابرة أن يزرع على النصف ونحوه أهـ وقيل إن المساقاة والمزارعة والمخابرة بمعنى واحد ، وإلى ذلك يشير كلام الإمام الشافعي ، فإنه قال في الأم في باب المزارعة ، وإذا دفع رجل إلى رجل أرضا بيضاء على أن يزرعها المدفوع إليه فما خرج منها من شيء فله منه جزء من الأجزاء فهذه المحاملة والمخابرة والمزارعة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهـ وإلى نحو ذلك يشير كلام البخاري وهو وجه للشافية} باب {* (7)} سنده {حدثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج حدثني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ} غريبه {(8) يكفوا بوزن يعفوا وفي رواية مسلم (على أن يعتملوها من أموالهم) قال النووي بيان لوظيفة عامل المساقاة وهو أنه عليه

ص: 114

-[حينما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على أرض خيبر أقرهم على زرعها ولهم النصف مما يخرج منها]-

الثمر (1) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم بها على ذلك ما شئنا (2)، فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء (3)(عن بشير بن يسار)(4) عن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أدركهم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر على خيبر وصارت خيبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ضعف عن عملها فدفعوها إلى اليهود يقومون عليها وينفقون عليها على أن لهم نصف ما خرج منها الحديث (5)(عن ابن عباس)(6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع خيبر أرضها ونخلها مقاسمة على النصف * (عن ابن عمر)(7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر (8) ما خرج من زرع أو ثمر الحديث (9)(أبواب ما جاء في كراء الأرض)(باب النهى عن كراء الأرض مطلقاً) * (عن رافع بن خديج)(10) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تستأجر الأرض بالدراهم

كل ما يحتاج إليه في إصلاح الثمر واستزادته مما يتكرر كل سنة كالسقي وتنقية الأنهار وإصلاح منابت الشجر وتلقيحه وتنحية الحشيش والضبان عنه وحفظ الثمرة وجذاذها ونحو ذلك ، وأما ما يقصد به حفظ الأصل ولا يتكرر كل سنة كبناء الحيطان وحفر الأنهار فعلى المالك والله أعلم (1) فيه بيان الجزء المساقى عليه من نصف أو ربع أو غيرهما من الأجزاء المعلومة فلا يجوز على مجهول كقوله على أنًّ لك بعض الثمر ، واتفق المجوزون للمساقاة على جوازها بما اتفق المتعاقدان عليه من قليل أو كثير (2) قال العلماء هو عائد إلى مدة العهد والمراد إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ثم نخرجكم إذا شئنا لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازما على إخراج الكفار من جزيرة العرب كما أمر بع في آخر عمره وكما دل عليه هذا الحديث وغيره (وقوله فقروت بها) أي استقروا زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلافه الصديق وصدرا من خلافة عمر إلى أن أجلاهم عمر رضي الله عنه (3) هما ممدودتان وتيماء بوزن حمراء وهما قريتان معروفتان: الأولى بجزيرة العرب والثانية بالشام ، قال النووي وفي هذا دليل على أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب إخراجهم من بعضها وهو الحجاز خاصة ، لأن تيماء من جزيرة العربي لكنها ليست من الحجاز} تخريجه {(ق وغيرهما) * (4)} سنده {حدثنا محمد بن فضيل قال حدثتا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار الخ} غريبه {(5) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في تقسيم خيبر من غزوة خيبر في كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى} تخريجه {(م د نس) * (6)} سنده {حدثنا سريج بن النعمان ثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم ابن عباس الخ} تخريجه {(جه) وسنده جيد (7)} سنده {حدثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ} غريبه {(8) الشطر هنا بمعنى النصف كم في الحديث السابق وقد يأتي بمعنى النمو والقصد ومنه قوله تعالى (فول وجهك شطر المسجد الحرام) أي نحوه (9) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في باب ما جاء في الإقطاعات والحمى الخ من كتاب إحياء الموات} تخريجه {(ق والأربعة. وغيرهم)} باب {* (10)} سنده {حدثنا وكيع قال ثنا شريك عن أبي حصين عن مجاهد عن رافع بن خديج الخ} تخريجه {(مذ) بنحوه من طريق مجاهد عن رافع أيضا بأطول من هذا: واحتج به القائلون بعدم كراء الأرض مطلقا سواء كان بما يخرج منها أو بذهب أو فضة وهم الظاهرية وطاوس والحسن وخالفهم الجمهور ، وأجابوا عن هذا الحديث بأنه ضعيف وأعله النسائي بأن مجاهدا لم يسمع من رافع ، وأجابوا أيضا بما رواه (م حم)

ص: 115

-[حجة من منع كراء الأرض مطلقاً]-

المنقودة أو بالثلث والربع * (عن أبى النجاشى)(1) مولى رافع بن خديج قال سالت رافعاً عن كراء الأرض فقلت إن لى أرضا أكريها (2)؛ فقال رافع لا تكرها بشئ، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كانت له أرض فليزرعها (3)، فإن لم يزرعها فليزرعها (4) أخاه، فإن لم يفعل فليدعها (5)، فقلت له أرأيت أن تركته وأرضى فإن زرعها ثم بعث إلىّ من التبن (6)؟ قال لا تأخذ منها شيئاً ولا تبنا، قلت إنى لم أشارطه إنما أهدى إلىّ شيئاً، قال لا تأخذه منه شيئاً * (عن أبى الزبير عن جابر)(7) قال كناب نخابر (8) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصيب من القصرى (9) ومن كذا، فقال من كانت له أرض فليزرعها أو ليحرثها (10) أخاه وإلا فليدعها (عن مجاهد)(11) عن ابن رافع بن خديج عن أبيه قال جاءنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان يرفق (12) بنا وطاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أرفق (13)، نهانا أن نزرع أرضاً يملك أحدنا رقبتها (14) أو منحة رجل

وسيأتي عن رافع بن خديج نفسه قال كنا أكثر الأنصار حقلا قال كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك وأما الورف فلم ينهنا ، وهذا للفظ مسلك وفي رواية (حم لك فع) فأما بالذهب والفضة فلا بأس به (1)} سنده {حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا عكرمة عن أبي النجاشي الخ} غريبه {(2) بضم الهمزة من الكراء بالمد (3) بفتح الياء التحتية والراء أي يزرعها بنفسه (4) بضم الياء التحتية وكسر الراء أي يجعلها مزرعة لأخيه المسلم ، ومعناه يعيرها إياه بلا عوض (5) أي فليتركها بغير زراعة ، وليس في إضاعة بعين المال أو المنفعة المنهي عنهما لأن الأرض إذا تركت بغير زرع لم تتعطل منفعتهما فإنها قد تنبت من الحطب والحشيش وسائر الكلاء ما ينفع في الرعي وغيره ، وعلى تقدير أن لا يحصل ذلك فقد يكون في تأخير الزرع عن الأرض إصلاح لها فتخلفا في السنة التي تليها ما لعله فات في سنة الترك ، وفيه دلالة على المنع من كراء الأرض مطلقا لقوله (فإن لم يفعل فليدعها) ولكن ينبغي أن يحمل هذا المطلق على المقيد بشرط فيه غرر كما سيأتي أو يكون الأمر للندب فقط (6) معناه إن خليت الأرض بينه وبين أرضي ليزرعها بدون كراء فزرعها ثم بعث إلىَّ الخ (قال لا تأخذ منها) أي ممن زرع أرضك ، وليس فيه حجة وإنما قاله تورعا} تخريجه {أخرج مسلم البيهقي المرفوع منه * (7)} سنده {حدثنا حسن ثنا زهير عن أبي الزبير الخ} غريبه {(8) من المخابرة وهي أن يزرع على النصف ونحوه والمخابرة قيل مشتقة من الخبار بفتح الخاء المعجمة وتخفيف الموحدة وهي الأرض الرخوة، وقيل هي مشتقة من خيبر لأن أول هذه المعاملة كانت فيها (9) بوزن القبطي وهو ما بقي من الحب في السنبل بعد الدياس ، ويقال له القصارة بضم القاف ، وهذا الاسم أشهر من القصري قاله النووي (1) بضم التحتية وكسر الراء أي يجعلها مزرعة لأخيره بلا عوض وذلك بأن يعيره إياها} تخريجه {(م هق وغيرهما) (11)} سنده {حدثنا وكيع ثنا عمر بن ذر عن مجاهد الخ} غريبه {(12) بوزن يضرب أي ذا رفق والرفق لين الجانب والمراد كنا نرى فيه مصلحتنا: يقال منه يفق بضم الفاء في الماضي وسكرها في المضارع (1) أي أصلح وأنفع (14) أي تكون ملكا له أو عارية من أحد الناس

ص: 116

-[النهي عن كراء الأرض مطلقاً]-

(عن أسيد بن ظهير)(1) بن أخى رافع بن خديج قال كان أحدنا إذا استغنى عن أرضه أعطا بالثلث والربع والنصف ويشترط ثلاث جداول (2) والقصارة وما سقى الربيع (3) وكان العيش إذ ذاك شديداً (4) وكان يُعمل فيها بالحديد وما شاء الله ويصيب منها منفعة فأتانا رافع ابن خديج فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاكم عن أمر كان لكم نافعاً، وطاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفع لكم، أن النبى صلى الله عليه وسلم ينهاكم عن الحقل (5) ويقول من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه (6) أو ليدع، وينهاكم عن المزابنة، والمزابنة أن يكون الرجل له المال العظم من النخل (7) فيأتيه الرجل فيقول قد أخذته بكذا وسقاً من تمر (عن رافع بن خديج)(8) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحقل، قال الحكم (9) والحقل الثلث والربع (عن جابر بن عبد الله)(10) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من كانت له أرض فليزرعها فإن لم يستطع أن يزرعها وعجز عنها فليمنحها أخاه المسلم

بلا عوض} تخريجه {(د) وسنده جيد ومعناه في الصحيحين * (1)} سنده {حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن أسيد بن ظهير (وقوله والقصارة) بضم القاف فقال في نهاية القصارة بالضم ما يبقى من الحب في السنبل مما لا يتخلص بعد ما يداس ، وأهل الشام يسمونه القصري بوزن القبطي أهـ (3) هو الساقية الصغيرة وجمعه أربعاء كنبي وأنبياء وربعان كصبي وصبيان (4) يريد أن المعيشة كانت ضيقة في ذاك الوقت (وقوله يعمل فيها) أي في الأرض (بالحديد) يعني آلات الزراعة كالفؤرس ونحوها ، ومعنى هذه الألفاظ أنهم كانوا يدفعون الأرض إلى من يزرعها على أن يكون لمالك الأرض ما اشترطه والباقي للعامل فنهوا عن ذلك لما فيه من الغرر فربما هلك دون ذاك وعكسه (5) بفتح الحاء المهملة وإسكان القاف من المحاقلة ولها معان ، والمراد هنا المزارعة على نصيب معلوم كالثلث والربع ونحوهما ، وقد فسرها الحكم بذلك في الحديث التالي ، ويطلق أيضا على الأرض التي تزرع ، وقد بين البخاري المحاقل التي نهى عنها صلى الله عليه وسلم في رواية لرافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قله (ما تصنعون بمحاقلكم؟ قلت نؤاجرها على الربع وعلى الأوسق من التمر والشعير ، قال لا تفعلوا ازرعوها أو أمسكوها: قال رافع قلت سمعا وطاعة) (6*) أي يجعلها منحة له ، والمنحة العارية أن يعيره إياها بلا عوض (وقوله أو ليدع) بكسر اللام وفتح المهملة وسكون للعين أي يتركها بغير زراعة كما تقدم في شرح الحديث الثاني من أحاديث الباب (7) يعني الثمر الكثير على رءوس النخل رطبا فيبيعه بيابس وهو غير جائز لما فيه من الغرر} تخريجه {(جه هق) وأخرجه أيضا (د نس) بدون كلام أسيد بن ظهير ورجال إسناده رجال الصحيح * (8)} سنده {حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن رافع بن خديج الخ} غريبه {(9) هو أحد رجال السند فسر الحقل المنهي عنه بكراء الأرض بالثلث أو الربع مما يخرج منها ، وليس على إطلاقه بل ينبغي أن يقيد هو وأمثاله من أحاديث النهي المطلقة بما في الحديث السابق من الشروط المقتضية للجواز والله أعلم} تخريجه {(د نس جه هق) ورجاله من رجال الصحيحين (10) حدثنا إسحاق بن يوسف

ص: 117

-[النهي عن كراء الأرض مطلقاً]-

ولا يؤاجرها (وعنه من طريق ثان)(1) قال كانت لرجال فضول أرضين فكانوا يؤاجرونها على الثلث والربع والنصف (2) فقال النبى صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه (3)(وعنه من طريق ثالث)(4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له فضل أرض أو ماء فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا تبيعوها: فسألت سعيداً ما: لا تبيعوها الكراء؟ (5) قال نعم * (عن نافع عن ابن عمر)(6) قال قد علمت أن الأرض كانت تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الأربعاء (7) وشئ من التبن لا أدرى كم هو، وأن ابن عمر كان يكرى أرضه في عهد أبى بكر وعهد عمر وعهد عثمان وصدر إمارة معاوية حتى إذا كان في آخرها بلغة أن رافعاً يحدث في ذلك بنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه وأنا معه فسأله فقال نعم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع: فتركها ابن عمر فكان لا يكريها (8) فكان إذا سئل يقول زعم ابن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع * (عن سالم بن عبد الله)(9) أن عبد الله بن عمر قال يا ابن خديج ماذا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كراء الأرض؟ قال رافع لقد سمعت عمّيىّ (10) وكانا قد شهدا بدراً يحدثنا أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض * (عن رافع ابن خديج)(11) قال كنا نحاقل بالأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى (12)، فجاء ذات يوم رجل من عمومتى (13) فقال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر

أن عبد الملك عن عطاء عن جابر بن عبد الله الخ (1)} سنده {حدثنا أبو المغيرة ومحمد بن مصعب قالا حدثنا الأوزاعي حدثني عطاء وقال مصعب بن أبي رباح عن جابر قال كانت لرجال فضول الخ} غريب {(2) قال الحافظ الواو في الموضعين (يعني من قوله النصف والربع) بمعنى أو ، أشار إليه التيمي أهـ (3) أي لا يمتحها ولا يكريها وتقدم توجيه ذلك في شرح الحديث الثاني من أحاديث الباب (4)} سنده {حدثنا عفان حدثنا سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) معناه أن سليم بن حيان سأل سعيدا ما يريد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (لا تبيعوها أيريد الكراء؟ قال سعيد نعم)} تخريجه {(ق هق: وغيرهم) (6)} سنده {حدثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ} غريبه {(7) جمع ربيع بفتح الراء وكسر الموحدة وتقدم شرحه في حديث أسيد بن ظهير والمراد ما ينبت على حافة النهر (وقوله وشيء من التبن الخ) يعني مجهول المقدار (وفي رواية فأما شيء معلوم مضمون لا بأس به) وهذا يفيد أن الكراء بالمجهول لا يصخ لما فيه من الغرر (8) لم يترك ابن عمر كراء أرضه لكونه يرى أن ذلك غير جائز ، وإنما تركه تورعا} تخريجه {(ق فع هق وغيرهما) * (11)} سنده {حدثنا إسماعيل ثنا أيوب عن يعلي بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج الخ} غريبه {(12) هذا تفسير لقوله كنا نحاقل ، والمراد بالطعام كل حب يقتات ، وقد صرح في بعض الروايات بأنه التمر والشعير (13) هو ظهير

ص: 118

-[حجة من منع كراء الأرض ببعض ما يخرج منها وأجازه بالذهب والفضة]-

كان لنا نافعاً وطاعة الله ورسوله أنفع لنا، نهانا أن نحاقل بالأرض فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، وأمر رب الأرض أن يزرعها أو يُزرِعها وكره كراءها وما سوى ذلك (1)(عن ثابت ابن الحجاج)(2) قال قال زيد بن ثابت نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة، قلت وما المخابرة؟ قال يؤجر الأرض بنصف أو بثلث أو بربع (زاد في رواية) أو بأشباه هذا. (عن ابن عمر رضى الله عنهما)(3) قال كنا نخابر ولا نرى بذلك بأساً حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه فتركناه (باب حجة من منع كراء الأرض ببعض ما يخرج منها إلا بالذهب والفضة). (عن حنظلة بن قيس)(4) عن رافع بن خديج قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع، قال قلت بالذهب والفضة؟ قال لا: إنما نهى عنه ببعض ما يخرج منها، فأما بالذهب والفضة فلا بأس به (5)(حدّثنا عفان قال ثنا شعبة قال الحكم أخبرنى عن مجاهد (6) عن رافع ابن خديج قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحقل، قلت وما الحقل (7)؟ قال الثلث والربع، فلما سمع ذلك إبراهيم (8) كره الثلث والربع ولم ير بأساً بالأرض البيضاء (9) يأخذها بالدراهم.

(عن ابن طاوس)(10) عن أبيه عن ابن عباس قال لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها كذا وكذا لشئ معلوم، قال قال ابن عباس وهو الحقل (11) بلسان الأنصار المحاقلة (عن حنظلة الزرقى)(12) عن رافع بن خديج أن الناس كانوا يكرون المزارع في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماذيانات (13) وما سقى الربيع وشئ من التبن، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم كراء المزارع

ابن رافع عم رافع بن خديج (1) يعن وكره ما سوى زرعها أو إزراعها} تخريجه {(م د هق) (2)} سنده {حدثنا كثير بن جعفر ثنا ثابت بن الحجاج الخ} تخريجه {(د هق) وسنده جيد (3)} سنده {حدثنا سفيان قال سمع عمرو ابن عمر قال كنا نخابر الخ} تخريجه {(م هق. وغيرهما)} باب {(4)} سنده {حدثنا يحيى بن سعيد عن مالك بن أنس قال حدثني ربيعة عن حنظلة ابن قيس الخ} غريبه {(5) يحتمل أنه قال ذلك اجتهادا أو علم ذلك بالنص على جوازه ، وقد روى أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن ابن المسيب عن رافع قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة ، وقال إنما يزرع ثلاثة ، رجل له أرض ، ورجل منح أرضا ، ورجل أكرى أرضا بذهب أو فضة) وهذا يرجح ما قاله مرفوع ، لكن بين النسائي من وجه آخر أن المرفوع منه منهي عن المحاقلة والمزابنة وأن بقيته مدرج من كلام بن المسيب والله أعلم} تخريجه {(ق لك فع هق)} حدثنا عفان الخ {} غريبه {(6) معناه أن شعبة قال أخبرني الحكم عن مجاهد (7) السائل شعبة والمسئول الحكم (8) لم يتقدم لإبراهيم هذا ذكر في السند ولعله إبراهيم النخعي والله أعلم (9) أي التي لا زرع فيها} تخريجه {(د نس هق جه) ورجاله رجال الصحيح (10)} سنده {حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن طاوس الخ} غريبه {(11* تقدم تفسير الحقل في الحديث السابق وهو الثلث أو الربع ، والمعنى أن إكراء الأرض بشيء معين هو الحقل المعبر عنه في لسان الأنصار بالمحاقلة} تخريجه {(ق جه هق) * (12)} سنده {حدثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة الزرقي الخ} غريبه {(13) قال النووي بذال معجمة مكسورة ثم ياء مثناة تحت ثم ألف ثم مثناة فوق هذا هو

ص: 119

-[حجة من رأى جواز كراء الأرض بكل شئ معلوم وحمل النهى على الكراهة]-

بهذا ونهى عنها، وقال رافع ولا بأس بكرائها بالدراهم والدنانير (وعنه من طريق ثان)(1) عن رافع بن خديخ أنه قال حدثنى عمى (2) أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ينبت على الأربعاء وشئ من الزرع يستثليه (3) صاحب الزرع فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقلت لرافع كيف كراؤها؟ ابا الدينار والدرهم؟ فقال رافع ليس بها بأس بالدينار والدرهم (عن سعد بن أبى وقاص)(4) أن أصحاب المزارع في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقى من الزرع وما سعد بالماء (5) مما حول النبت فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختصموا في بعض ذلك فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكروا بذلك، وقال أكروا بالذهب والفضة. (باب حجة من رأى الجواز بالجميع وحمل النهى على كراهة التنزيه)(عن عمرو بن دينار)(6) قال سمعت ابن عمر يقول كنا نخابر ولا نرى بذلك بأساً حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه، قال عمرو ذكرته لطاوس فقال طاوس قال ابن عباس إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنح أحدكم أخاه الأرض خير له (7) من أن يأخذ لها خراجاً معلوماً.

(عن معاذ بن جبل)(8) قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى قرى عربية فأمرنى أن آخذ حظّ الأرض (9)، قال سفيان حظ الأرض الثلث والربع.

المشهور ، وحكى القاضي عياض عن بعض الرواة فتح الذال في غير صحيح مسلم وهي مسايل المياه ، وسيل ما ينبت على حافتي مسيل الماء: وقيل ما ينبت حول السواقي ، وهي لفظة معربة ليست عربية (1)} سنده {حدثنا يونس قال ثنا ليث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس عن رافع بن خديج الخ (2) هو ظهير بن رافع (3) هو من الاستثناء كأنه يشير إلى استثناء الثلث والربع كذا قال الحافظ} تخريجه {(م د نس هق. وغيره) ولفظ مسلم عن حنظلة بن قيس الأنصاري قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا فلم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به * (4)} سنده {حدثنا يعقوب قال سمعت أبي يحدث عن محمد بن عكرمة عن محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص الخ} غريبه {(5) بفتح السين وكسر العين المهملتين ، قيل معناه ما جاء من الماء سيحا لا يحتاج إلى ساقية ، وقيل معناه ما جاء من الماء من غير طلب ، وقال الأزهري والسهيد الهر مأخوذ من هذا ، وسواعد النهر التي تنصب إليه مأخوذة من هذا (وفي رواية ما صعد) بالصاد بدل السين أي ما ارتفع من النبت بالماء دون ما سفل منه ، والمراد أقوى الزرع وأحسنه} تخريجه {(خ د جه هق)} باب {(6)} سنده {حدثنا وكيع ثنا سفيان بن عمرو بن دينار الخ} غريبه {(7) هذا موضع الدلالة من الحديث ومعناه أن إعارة الأرض بدون عوض للمحتاج إليها أفضل من أخذ الكراء وهذا يفيد أن ابن عباس لم يبلغه النهي ، أو بلغه وحمله على كراهة التنزيه والله أعلم} تخريجه {(م نس هق) * (8)} سنده {حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن جابر عن عبد الرحمن بن الأسود عن محمد بن زيد عن معاذ الخ} غريبه {(9) يعني نصيبها والظاهر أن هذه الأرض كانت لبيت مال المسلمين

ص: 120

-[حجة من رأى جواز كراء الأرض بكل شئ معلوم وحمل النهى على الكراهة]-

(حدّثنا محمد بن جعفر)(1) ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس وعطاء ومجاهد عن رافع بن خديج قال إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهانا عن أمر كان لنا نافعاً وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خير لنا مما نهانا عنه، قال من كانت له أرض فليزرعها أو ليذرها (2) أو ليمنحها، قال فذكرت ذلك لطاوس وكان يرى أن ابن عباس من أعلمهم (3)، قال قال ابن عباس إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض أن يمنحها أخاه خير له (4)، قال شعبة وكان عبد الملك بجمع هؤلاء. طاوساً وعطاءاً ومجاهداً (5)، وكان الذي يحدّث عنه مجاهد قال شعبة كأنه صاحب الحديث * (عن عروة بن الزبير)(6) قال قال زيد بن ثابت يغفر الله لرافع بن خديج أنا والله أعلم بالحديث منه، إنما أتى رجلان قد اقتتلا (7) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان هذا شأنكم فلا تكروا (8) المزارع، قال فسمع رافع قوله (9) لا تكروا المزارع (كتاب الإجارة (10)(باب مشروعية الإجارة وقول الله عز وجل فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن (11) (وبيان أجرة العامل

وكانت تعطى مزارعة لبعض الناس فبعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا لجباية نصيب الأرض وهو الثلث أو الربع كما فسره سفيان والله أعلم} تخريجه {أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وقال قال الأشجعي يعني الثلث والربع: وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثقه شعبة وسفيان أهـ (قلت) وروى نحوه ابن ماجه بسنده عن مجاهد عن طاوس أن معاذ بن جبل أكري ألأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعثمان وعمر على الثلث والربع فهو يعمل به إلى يومك هذا ، قال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله موثقون لأن أحمد بن ثابت قال فيه ابن حبان في الثقات مستقيم الأمر ، قال البوصيري وباقي رجال الإسناد محتج يهم في الصحيح والله أعلم (1)} حدثنا محمد بن جعفر {} غريبه {(2) أي يتركها بدون زرع وتقدم الكلام على ذلك (وقوله أو ليمنحها) أي يعيرها إلى أحد المسلمين الفقراء (3) يريد أن طاوسا كان يريد أن ابن عباس من أعلم الصحابة وهو كذلك (4) يعني أن منحها أفضل من كرائها ، وتقدم الكلام على ذلك في شرح حديث عمرو بن دينار أول الباب (5) أي يجمعهم في الرواية لكن يخص رواية مجاهد بالذكر كأنه الراوي للحديث وحده والله أعلم} تخريجه {(م هق. وغيرهما) (6)} سنده {حدثنا إسماعيل ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن الوليد بن أبي الوليد عن عروة بن الزبير الخ} غريبه {(7) أي تشاجرا وتضاربا (8) معناه إن كان الكراء يؤدي إلى التنازع والخصام فلا تكروا ، مفهومه أنه إذا لم يؤد إلى ذلك فلا نهي (9) أي قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تركوا الزراع ولم يعلم أنه علق على الشرط السابق وهو صورة النزاع والجبال فتعميم رافع غير صحيح ، وهل هذا الخبر لما بلغ رافعا رجع عن التعميم لما ثبت عنه في أحاديث الباب السابق أنه قال لا بأس بكرائها بالدراهم والدنانير؟} تخريجه {(جه هق) وفي إسناده الوليد بن أبي الوليد فيه لين ، أنظر أحكام هذا الباب والاثنين قبله ومذاهب الأئمة في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 199 - و 200 في الجزء الثاني منه تجد ما يسرك (10) الإجارة بكسر الهمزة على المشهور وحكي ضمها (وهي لغة) الإنابة قال آجرته بالمد وغير المد إذا أثبته (واصطلاحا) تمليك منفعة بعوض (11) أي إذا وضعن حملهن وهن طوالق فقد بن بانقضاء عدتهن ، ولها حينئذ أن ترضع الولد ، ولها أن تمتنع منه ، ولكن بعد

ص: 121

-[الدليل على مشروعية الإجارة من الكتاب والسنة]-

وصفة العمل) وقوله تعالى} قالت إحداهما (1) يا أبت استأجره (2) إن خير من استأجرت القوى الأمين {* (عن أبى سعيد الخدرى (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره (4) وعن النجش واللمس وإلقاء الحجر (5)(عن عوف بن مالك الأشجعى)(6) قال غزونا وعلينا عمرو بن العاص (7) فأصابتنا مخمصة فمروا على قوم قد نحروا جزورا، فقلت أعالجها لكم (8) على أن تطعمونى منها شيئاً؟ فعالجتها ثم أخذت الذي أعطونى (9) فأتيت به عمر بن الخطاب فأبى أن يأكله، ثم أتيت به ابا عبيدة بن الجراح فقال مثل ما قال عمر بن الخطاب فأبى أن يأكل (10) ثم إنى بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في فتح مكة فقال أنت صاحب الجزور؟ فقلت نعم يا رسول الله لم يزدنى على ذلك (11) (عن علي رضي الله تبارك

أن تغذيه باللبأ ، وهو باكورة اللبن الذي لا قوام له للمولود غالبا إلا به ، فإن أرضعت استحقت أجر مثلها ولها أن تعاقد أباه أو وليه على ما يتفقان عليه من أجرة ، ولهذا قال تعالى (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) وفيه مشروعية الإجارة (1) أي إحدى ابنتي الرجل الذي استأجر موسى عليه السلام ، قيل هو نبي الله شعيب وقيل غيره: ولم يرد تعيينه من طريق صحيح تقوم به حجة ، قيل وهذه البنت هي التي أرسلها ألوها لاستدعاء موسى عليه السلام ، وهي التي صارت زوجا له بعدُ (2) أي لرعية هذه الغنم قال عمر وابن عباس وشريح القاضي وأبو مالك وقتادة ومحمد بن إسحاق وغير واحد لما قالت (إن خير من استأجرت القوي الأمين) قال لها أبوها وما علمك بذلك؟ قالت إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال ، وإني لما جئت معه تقدمت أمامه فقال لي كوني من ورائي فإذا اختلف عليَّ الطريق فاحدفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليه * (3)} سنده {حدثنا أبو كامل ثنا حماد عن إبراهيم عن أبي سعيد الخدري الخ} غريبه {(4) استدل به القائلون بوجوب تعيين قدر الأجرة وهم الشافعية وأبو يوسف ومحمد ، وقال الإمامان مالك أحمد وابن شبرمة لا يجب للعرف واستحسان المسلمين (5) تقدم الكلام على النجش واللمس وإلقاء الحجر في البيوع المنهي عنها كل في بابه وإلقاء الحجر هو بيع الصحابة ، وتقدم الكلام عليه في باب النهي عن بيوع الغرر} تخريجه {أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ، قال وقد رواه النسائي موقوفا ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن إبراهيم النخعي وأبو داود في المراسيل والنسائي في الزراعة غير مرفوع ولفظ بعضهم (من استأجر أجيرا فليتم له أجرته) * (6)} سنده {حدثنا إبراهيم بن إسحاق وعلي بن إسحاق قالا ثنا ابن مبارك قال أنا سعيد بن أبي أيوب قال ثنا يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط عن مالك بن هرم عن عور بن مالك الأشجعي الخ} غريبه {(7) زاد في رواية عند البيهقي وفينا عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح (وقوله فأصابتنا مخمصة) المخمصة الجوع والمجاعة (8) عند البيهقي فقلت إن شئتم كفيتم نحرها وعملها الخ (9) زاد عند البيهقي فصنعته (يعني سوَّاه للأكل) ثم أتيت عمر بن الخطاب فسألني من أين هو فأخبرته: فقال أسمعك قد تعجلت أجرك وأبى أن يأكله (10) زاد عند البيهقي فلما رأيت ذلك تركتها (وقوله ثم إني بعثت الخ) بضم أوله مبني للمجهول معناه أنهم أرسلوه بعد هذه الغزوة برسالة إلى النبي صلة الله عليه وسلم في فتح مكة (11) يريد

ص: 122

-[وعيد من استأجر إنساناً ولم يوفه أجره]-

وتعالى عنه) (1) قال جعت مرة بالمدينة جوعاً شديداً فخرجت أطلب العمل في عوالى المدينة فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا (2) فظننتها تريد بله فأتيتها كل ذنوب (3) على تمرة فمددت ستة عشر ذنوباً حتى مجلت (4) يداى ثم أتيت الماء فأصبت منه (5) ثم أتيتها فقلت بكفّىّ هكذا بين يديها (6) وبسط إسماعيل (يعنى ابن إبراهيم أحد الرواة) يديه وجمعها فعدّت لى ست عشرة تمرة فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأكل معى منها (وفى لفظ) ثم أتيت الماء فاستعذبت يعنى شربت ثم أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فأطعمته بعضه وأكلت أنا بعضه. (باب متى يستحق الأجير أجره - ووعيد من لم يوفّ حقه) * (عن أبى هريرة)(7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ثلاثة (8) أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنتب خصمه خصمته (9) رجل أعطى بى ثم غدر ورجل باع حرافاً كل ثمنه (10)، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره (11) *

أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على أخذ الأجرة على العمر في الجزور ولم يقل شيئا بشأنها ، وربما احتج بذلك القائلون بجواز الإجارة مع جهالة الأجرة لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم له على ذلك وفيه نظر ، وحجة القائلين بعدم الجواز أقوى والله أعلم وتقدم ذكرهم} تخريجه {(هق) وسنده عند الإمام أحمد جيد ورجاله رجال الصحيح إلا مالك بن هرم ولم أجد من ترجمة ، وله عند البيهقي إسناد أن أحدهما فيه ابن لهيعة والثاني بسند الإمام أحمد *} سنده {حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أنبأنا أيوب عن مجاهد قال قال علي رضي الله عنه الخ} غريبه {(2) أي طينا متماسكا (وقوله فظننتها تريد بله) بتشديد اللام أي بالماء ليلين فتطين به شيئا (3) الذنوب بفتح الذال المعجمة هو الدلو مطلقا أو التي فيها ماء ، والمراد هنا الدلو الممتلئة ماءا (وقوله فمددت الخ) بالميم والدال المهملة من المد وهو مد الحبل على رأس البئر بالدلو ثم جذبه لإخراجه ، والمراد أنه ملأ ستة عشر ذنوبا (4) بفتح أوله وكسر الجيم أي غلظت وتنفطت وبفتحها غلظت فقط ، والمجلة جلدة رقيقة يجتمع فيها ماء من أثر العمل (5) يعني شربت كما في الرواية الثانية (6) يريد أنه بسط كفيه لتضع له فيها التمر الذي استحقه أجرة عمله (7) فيه دلالة على جواز الإجارة معاددة يعني أن يفعل الأجير عددا معلوما من العمل بعدد معلوم من الأجرة وإن لم يبين في الابتداء مقدار جميع العمل والأجرة ولم أقف على مخالف لذلك ، وفيه بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الحاجة وشدة الفاقة والصبر على الجوع وبدل النفس وإتعابها في تحصيل القوام من العيش للتعفف عن السؤال} تخريجه {(جه) وجوّد الحافظ إسناد الإمام أحمد وصحح ابن السكن إسناد ابن ماجه} باب {* (7) {سنده} حدثنا إسحاق حدثنا يحيى بن سليم سمعت إسماعيل بن أمية يحدث عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ {غريبه} (8) ذكر الثلاثة ليس للتقييد فإنه خصم كل ظالم لكنه أراد التغليظ عليهم لقبح فعلهم (9) بكسر الصاد أي غلبته لأن الله عز وجل لا يغلبه غالب (وقوله رجل أعطى بي) المفعول محذوف أي أعطى أمانا باسمي أو بذكري أو بما شرعته من الدين كأن يقول أقسم بالله أو عليَّ عهد الله أو ذمته (ثم غدر) أي نقض العهد الذي عاهد عليه ولم يف به (10) يعني انتفع به على أي وجه كان: وخص الأكل لأنه أخص المنافع ، وذلك لأن من باع حرا فهو غاصب لعبد الله الذي ليس لأحد غير الله عليه سبيل فالمغصوب منه وهو الله عز وجل خصم الغاصب (11) هو في معنى من باع حرا وأكل ثمنه لأنه استوفى

ص: 123

-[متى يستحق الأجير أجره - وما جاء في أجرة الحجام]-

(وعنه أيضاً)(1) في حديث له عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه يغفر لأمته في آخر ليلة من رمضان، قيل يا رسول الله أهى ليلة القدر؟ قال لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله (باب ما جاء في أجرة الحجام)(عن ابن عباس)(2) قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخدعين (3) وبين الكتفين حجمه عبد لبنى بياضة (4) وكان أجرة مداً ونصفاً (5) فكلم أهله حتى وضعوا عنه نصف مد، قال ابن عباس وأعطاه أجره (6) ولو كان حراماً (وفى لفظ سجتا) ما أعطاه (7)((ز) عن على رضى الله عنه) (8) احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال للحجام حين فرغ كم خراجك؟ قال صاعان (9) فوضع عنه صاعاً وأمرنى فأعطيته صاعاً (عن أنس بن مالك)(10) قال حجم أبو طيبة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه صاعاً من طعام وكلم أهله فخففوا عنه (وعنه أيضاً)(11) قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وكان لا يظلم أحداً (12)

نفقته بغير عوض فكأنه أكلها ولأنه استخدمه بغير أجرة فكأنه استعبده {تخريجه} (خ جه هق)(1) هذا طرف من حديث تقدم بتمامه وسنده وشرحه في الجزء التاسع في باب فضل شهر رمضان والعمل فيه صحيفة 229 رقم 26 من كتاب الصيام ، وإنما ذكرته هنا لمنسابة الترجمة: وموضع الدلالة منه قوله (ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله) فهو يدل على أن الأجرة تستحق بانتهاء العمل {باب} (2){سنده} حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس الخ {غريبه} (3) هما عرقان في جانبي العنق (4) اسمه نافع وقيل غير ذلك ، وبنو بياضة هم جماعة من الأنصار (5) المراد بالأجر هنا الضريبة بفتح المعجمة فعيلة بمعنى مفعولة ما يقدره السيد على عبده في كل يوم: جمعها ضرائب ، ويقال لها خراج وغلة بالغين المعجمة وأجر ، وقد وقع جميع ذلك في الأحاديث (وقوله فكلم أهله) يعني ساداته فوضعوا عنه من ضريبته نصف يد (6) يعني أجرة الحجامة (7) يشير إلى حديث رافع بن خديج حيث قال فيه (وكسب الحجام خبيث رواه (حم م د مذ) وتقدم في باب ما جاء في كسب الحجام صحيفة 14 رقم 29 من كتاب البيوع والكسب في هذا الجزء: وتقدم الكلام عليه هناك ، انظر مذاهب الأئمة في حكم كسب الحجام في الجزء الثاني من القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 201 {تخريجه} (ق فع. وغيرهم) * (8)(ز){سنده} (قال عبد الله بن الإمام أحمد) حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ثنا وكيع وثنا عبد الرحمن قال وثنا سفيان بن وكيع ثنا أبي عن أبي جناب عن أبي جميلة الطهوري قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (9) تقدم في الحديث السابق أن ضريبة الحجام كانت مدا ونصفا فكلم النبي صلى الله عليه وسلم أهله فوضعوا عنه نصف مد ، وفي هذا الحديث أن خراجه يعني ضريبته صاعان ، ومعلوم أن الصاع أربعة مداد ، وهذا ينافي ما تقدم ، ويجمع بينهما باحتمال أن هذا الحجام غير ذاك ، والضرائب تختل فباختلاف القوة وكثرة العمل والله أعلم {تخريجه} لم أقف عليه لغير عبد الله بن الإمام أحمد ، وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد وفيه أبو جناب الكلبي وهو مدلس وقد وثقه جماعة (1){سنده} حدثنا معمر عن حميد عن أنس الخ {تخريجه} (ق. وغيرهما)(11){سنده} حدثنا وكيع عن مسعر عن عمرو بن عامر قال سمعت أنسا يقول احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (12) فيه إثبات إعطائه صلى الله عليه وسلم أجرة الحجام بطريق الاستنباط

ص: 124

-[الزجر عن قراءة القرآن للتعيش به والاستكثار من الدنيا]-

(باب ما جاء في الأجرة على القرب) * (عن عبد الرحمن بن شبل)(1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرءوا القرآن ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به (2) ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه (عن عمران بن حصين)(3) أنه مرَّ برجل وهو يقرأ على قوم فلما فرغ سأل، فقال عمران إنا لله وإنا إليه راجعون، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قرأ القرآن فليسأل الله تبارك وتعالى (4) به فإنه سيجئ قوم يقرءون القرآن يسالون الناس به (5)(عن عبادة بن الصامت)(6) قال علمت ناساً من أهل الصفة الكتابة والقرآن فأهدى إلىّ رجل منهم قوساً فقلت ليس لى بمال وأرمى عنها في سبيل الله تبارك وتعالى، فسالت النبى صلى الله عليه وسلم فقال إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها (7)

بخلاف الحديث الذي قبله ففيه الجزم بذلك على طريق التنصيص {تخريجه} (خ) وفي الباب أحاديث غير هذه تقدمت بسندها وشرحها وتخريجها في هذا الجزء في باب ما جاء في كسب الحجام من كتاب البيوع صحيفة 14 لأنها تناسب الباب هناك: وهذه تناسب الباب هنا {باب} * (1){سنده} حدثنا وكيع عن الدستوائي يعني هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد (يعني الحراني) عن عبد الرحمن ابن شبل الخ {غريبه} (2) أي لا تجعلوه سببا لمعايشكم والإكثار من الدنيا ، (ولا تجفوا عنه) أي لا تبعدوا عن تلاوته (ولا تغلوا فيه) أي لا تتجاوزوا حده من حيث لفظه أو معناه بأن تتأولوه بباطل أو المراد لا تبذلوا جهودكم في قراءته وتتركوا غيره من العبادات فالجفاء عنه التقصير والغلوّ التعمق فيه وكلاهما شنيع: وقد أمر الله بالتوسط في الأمور فقال (ولم يسرفوا ولم يقتروا){تخريجه} (عل طب طس) وقال الهيثمي رجاله ثقات ، وقال الحافظ سنده قوي (3){سنده} حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش عن خيثمة أو عن رجل عن عمران بن حصين الخ {غريبه} (4) أي بأن يدعو بعد ختمه بالأدعية المأثورة أو أنه كلما قرأ آية رحمة سألها أو آية إذا تعوذ منه ونحو ذلك ، قال النووي يندب الدعاء عقب ختمه وفي أمور الآخرة آكد (5) فيه الزجر عن سؤال الناس بالقرآن والتعيش بذلك {تخريجه} (مذ) في فضائل القرآن وقال هذا حديث حسن ورمز لحسنه الحافظ السيوطي ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبيّ أنه مر على قاصّ يقرأ ثم يسأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث * (6){سنده} حدثنا وكيع ثنا مغير بن زياد عن عبادة بن نسيّ هن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصمت الخ {غريبه} (7) فيه وعيد شديد لمن يأخذ على تعليم القرآن أجرا ، وقيه عدم جواز قبول الهدية من المتعلم للمعلم {تخريجه} (د جه) قال المنذري وفي إسناده المغيرة بن زياد أبو هاشم الموصلي وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وتكلم فيه جماعة ، وقال الإمام أحمد ضعيف الحديث حدث بأحاديث مناكير وكل حديث رفعه فهو منكر ، وقال أبو زرعة الرازي لا يحتج بحديثه أهـ (قال الخطابي) اختلف الناس في معنى هذا الحديث وتأويله ، فذهب قوم من العلماء إلى ظاهره فرارا أن أخذ الأجرة والعرض على تعليم القرآن غير مباح ، وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه ، وقالت طائفة لا بأس به ما لم يشترط وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي ، وأباح ذلك آخرون وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور واحتجوا بحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهرا زوجتكها على ما معك من القرآن رواه (حم د. وغيرهما) وسيأتي في أبواب الصداق من

ص: 125

-[ما جاء في أخذ الأجرة على الأذان وقراءة القرآن وتعليمه]-

(عن عثمان بن أبى العاص)(1) قال قلت يا رسول الله أجعلنى إمام قومى، قال أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً (عن أنس بن مالك)(2) قال بينما نحن نقرأ فينا العربى والعجمى والأسود والأبيض إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنتم في خير (3) تقرءون كتاب الله وفيكم رسول الله، وسيأتى على الناس زمان يثقفونه كما يثقفون القدح يتعجلون أجورهم (5) ولا يتأجلونها (عن أبى سعيد الخدرى)(6) قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية (7) ثلاثين راكباً قال فنزلنا بقوم من العرب قال فسألناهم أن يضيفونا فأبوا قال فلدغ (8) سيدهم قال فأتونا فقالوا فيكم أحد يرقى من العقرب؟ قال فقلت نعم، أنا ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئاً قالوا فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، قال فقرأت عليها الحمد لله سبع مرات قال فبرأ (وفى لفظ قال فجعل

كتاب النكاح: وتأولوا حديث عبادة عن أنه أمر كان تبره به ونوى الاحتساب فيه ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع ، فحذره النبي صلى الله عليه وسلم إبطال أجره وتوعده عليه: وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من رد ضالة الرجل أو استخرج له متاعا قد غرق في بحر تبرعا وحسبة فليس له أن يأخذ عليه عوضا ، ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة كان ذلك جائزا ، وأهل الصفة قوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ الرجل المال ودفعه إليهم مستحب ، وقال بعض العلماء أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات ، فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حلّ له أخذ الأجرة عليه لأن فرض ذلك لا يتعين عليه ، وإذا كان في حال أو موضع لا يقوم به غيره لم يحل له أخذ الأجرة وعلى هذا تأويل اختلاف الأخبار فيه أهـ * (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن أخذا الأجرة على الأذان في الجزء الثالث صحيفة 27 رقم 226 وموضع الدلالة منه قوله (واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أحرا) فهو يفيد النهي عن أخذ الأجرة على الأذان لأنه من القرب بضم القاف وفتح الراء وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة وأحمد وقال مالك وأكثر أصحاب الشافعي يجوز ، أنظر تفصيل ذلك في أحكام الباب المشار إليه * (2){سنده} حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن وفاء الخولاني عن أنس الخ {غريبه} (3) أي في خير مجلس لأنكم تقرءون كتبا الله لله تعبدا أو في خير زمن يقرئ فيه كتاب الله لله وفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) أي يزينونه بالتجويد وحسن القراءة (كما يثقفون القدح) بكسب القاف يعني الرمح أي كما يقوّمون الرمح ويسوّونه ، وقد جاء في حديث آخر (يحقر أحدكم قراءته مع قراءتهم)(5) أي يطلبون أجورهم على القراءة من الناس ولا يتأجلونها إلى يوم القيامة ليوفيهم الله أجورهم ويزيدهم من فضله فهم قد أحرموا أنفسهم من هذا الفضل العظيم بسبب تعجلهم بأخذ الأجرة على القراءة من الناس {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث أنس وفي إسناده بن لهيعة قال الهيثمي حديثه حسن وفيه كلام أهـ (قلت) حديثه حسن إذا قال حدثنا وفيه كلام إذا اععنعن وهنا وقال حدثنا فهو حسن * (6){سنده} حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن جعفر ابن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخ {غريبه} (7) بفتح أوله وكسر ثانيه بوزن عطية ، هي طائفة من الجيش يبغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو (8) اللدغ بالدال المهملة والغين المعجمة اللسع ، وأما اللذع بالذال المعجمة والعين المهملة فهو الإحراق الخفيف ، واللدغ المذكور في الحديث هو ضرب نحو

ص: 126

-[جواز الرقية بالقرآن وأخذ الأجرة عليها وعلى كل نفع مباح]-

يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه (1) ويتفل فبرأ الرجل فأتوهم بالشاء، قال فلما قبضنا الغنم قال عرض في أنفسنا منها (2)، قال فكففنا حتى أتينا النبى صلى الله عليه وسلم (وفى لفظ فقال أصحابى لم يعهد إلينا النبى صلى الله عليه وسلم في هذا بشئ (3) لا نأخذ منه شيئاً حتى نأتى النبى صلى الله عليه وسلم قال فذكرنا ذلك له فقال أما علمت أنها رقية (4) اقسموها واضربوا لى معكم بسهم (5)(وفى لفظ فقال كل وأطعمنا معك وما يدريك أنها رقية (6)؟ قال قلت ألقى في روعى (7)(باب ما يجوز الاستئجار عليه من النفع المباح)(عن رافع بن رفاعة)(8) قال نهانا نبى الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء إلا ما عملت بيدها وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش (عن جابر بن عبد الله)(9) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجتنى الكباث (10) فقال عليكم بالأسود منه فإنه أطيب، قال قلنا وكنت ترعى الغنم يا رسول الله؟ قال نعم، وهل من نبى إلا قد رعاها (11)(عن أبي سعيد الخدري)(12)

حية أو عقرب ، وأكثر ما يستعمل في العقرب (1) أي ريقه أو يتفل وهو نفخ معه قليل بزاق ، قال ابن أبي جمرة مجحل التفل في الرقبة يكون بعد القراءة لنحصل على بركة القراءة في الجوارح الذي يمر عليها الريق (2) أي شككنا في حلها وارتبنا في ذلك (فكففنا) أي امتنعنا عن التصرف فيها بنحو ذبح أو بيع حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم (3) أي لم نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا في حكم الريقة وأخذ الأجرة عليها ، وفي رواية للبخاري من حديث ابن عباس فكرهوا ذلك وقالوا أخذت على كاب الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا: فقال رسول الله إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله (4) بضم الراء وسكون القاف وفيه تقرير لما فعله وأن الفاتحة رقية (5) أي اجعلوا لي معكم نصيبا والأمر بالقسمة من باب مكارم الأخلاق وإلا فالجميع للراقي ، وإنما قال اضربولي الخ تطييبا لقلوبهم ومبالغة في أنه حلال لا شبهة فيه (6) أي ما الذي أعلمك أنها رقية؟ (7) أي خطر بقلبي ذلك من غير أن يخبرني أحد: وهو ظاهر في أنه لم يكن عنده علم متقدم بمشروعية الرقي الفاتحة {تخريجه} (ق د مذ جه قط) وفيه دلالة على جواز الرقية بشيء من كتاب الله تعالى ، وفيه أيضا جواز أخذا الراقي الأجرة لا سيما إذا كان محتاجا وفيه غير ذلك {باب} (8) هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء منه للاستدلال به على جواز استئجار ما فيه نفع مباح (9){سنده} حدثنا عثمان بن عمر ثنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر الخ {غريبه} (10) بفتح الكاف وهو النضيج من ثمر الأراك (11) لفظ البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم ، فقال أصحابه وأنت فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ، وكذلك رواه ابن ماجه إلا أنه قال كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط ،قال سويد بن سعيد يعني كل شاة بقيراط أهـ وقال السندي في حاشيته على ابن ماجه القيراط جزء من أجزاء الدينار وهو نصف عشره في أكثر البلاد ، وأهل الشم يجعلونه جزءا من أربعة وعشرين أهـ (قلت) وكذلك عندنا بالقطر المصري {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث جابر وسنده جيد ويعضده حديث أبي هريرة عند البخاري وابن ماجه (12){سنده} حدثنا

ص: 127

-[جواز أخذ الأجرة على رعى الغنم - وما جاء في العارية والترغيب فيها]-

قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعث موسى عليه السلام وهو يرعى غنماً على أهل وبعثت وأنا أرعى غنماً لأهلى بحياد (1)(عن سويد بن قيس)(2) قال جلبت أنا ومخزمة العبدىّ ثياباً من هجر (3) قال فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا في سراويل (4) وعندنا وزانون يزنون بالأجر (5) فقال للوزان زن وأرجح (6) كتاب الوديعة (7) والعارية) (باب ما جاء في جواز العارية والترغيب فيها)(عن أنس بن مالك)(8) قال كان فزع (9) بالمدينة فاستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً لنا (10) يقال له مندوب قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وجدنا من فزع وإن وجدناه (11) لبحراً قال حجاج يعنى الفرس (عن جابر بن عبد الله)(12) قال قال رجل يا رسول الله ما حق الإبل قال حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنيحتها وحمل عليها في سبيل الله

عفان ثنا حماد بن سلمة أنا حجاج بن أرطاة عن عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري قال افتخر أهل الإبل والغنم عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم الفخر والخيلاء في أهل الإبل ، والسكينة والوقار في أهل الغنم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث موسى الخ {غريبه} (1) هو اسم موضع بأسفل مكة معروف من شعابها {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس أهـ (قلت) يعضده حديث أبي هريرة عند البخاري وابن ماجه وتقدم لفظه في شرح الحديث السابق (2){سنده} حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سماك عن سويد بن قيس الخ {غريبه} (3) بفتح الهاء والجيم وهي مدينة قرب البحرين بينها وبينها عشر مواحل (4) هذا اللفظ معرّب جاء على لفظ الجمع وهو واحد أشبه بما لا ينصرف وهو اسم لما يلبس موضع الإزار من السرة إلى الساق (5) أي بالأجرة وهذا موضع الدلالة من الحديث ، وفيه دلالة على جواز الاستئجار على الوزن لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الوزان أن يزن ثمن السراويل (6) بفتح الهمزة وكسر الجيم أي أعطه راجحا {تخريجه} (الأربعة. وغيرهم) وصححه الترمذي وسكت عنه أبو داود والمنذري * (7* الوديعة فعيلة بمعنى مفعولة يقال أودعت فلانا ما لا دفعته إليه ليكون عنده وديعة وجمعها ودائع لصاحبها عند الطلب ، قال تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)(والعارية) إعطاء الرجل شيئا ينتفع به زمنا ثم يرده إلى صاحبه: وقد اتفق الأئمة على أنها قربة مندوب إليها * {باب} (8){سنده} حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك الخ {غريبه} (9) أي خوف فاستغاث أهل المدينة يقال فزعت إليه فأفزعني أي استغثت إليه فأغاثني (10) أي لأبي طلحة الأنصاري كما صرح بذلك في بعض الروايات ، وإنما قال أنس فرسا لنا لأن أبا طلحة كان زوج أم أنس وكان أنس في حجره (11) الضمير يرجع إلى الفرس كما قال الحجاج أحد رجال السند ، ومعنى البحر هنا الفرس الواسع الجري ، ومنه سمي البحر بحرا لسعته: وتبحر فل ان في العلم إذا اتسع فيه ، زاد في رواية للبخاري (فكان بعد ذلك لا يجارى){تخريجه} (خ. وغيره) وفيه دلالة على مشروعية العارية وجوازها لقوله (فاستعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا) * (12) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب افتراض الزكاة في الجزء الثامن رقم 14

ص: 128

-[ما جاء في ضمان الوديعة والعارية وكلام العلماء في ذلك]-

(باب ما جاء في ضمان الوديعة والعارية) * (عن سمرة بن جندب)(1) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال على اليد ما أخذت (2) حتى تؤديه ثم نسى الحسن قال لا يضمن (3) * (عن ابن عمر)(4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن لقمان (5) الحكيم كان يقول إن الله عز وجل إذا استُودع شيئاً حفظه (6) * (عن صفوان بن أمية)(7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدرعاً فقال أغصبا (8) يا محمد، قال لا بل عارية مضمونه، (9) قال فضاع بعضها فعرض عليه رسول الله

صحيفة 198 من كتاب الزكاة وأتيا بهذا الطريق منه هنا للاستدلال به على جواز العارية وأنه مرغب فيها ، لقوله وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنيحتها: أي إعطاؤها لرجل فقير ينتفع بلبنها ووبرها زمنا ثم يردها لصاحبها وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره * (1){سنده} حدثنا يحيى بن سعيد ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة الخ {غريبه} (2) قال الطيبي ما موصولة مبتدأ وعلى اليد خبره والراجح محذوف ، أي ما أخذته اليد ضمان على صاحبه ، والإسناد إلى اليد على المبالغة لأنها هي المتصرفة فمن أخذ مال غيره لزمه رده ، وبه استدل من قال بأن الوديع والمستعير ضامنان: وفي ذلك خلاف بين العلماء ، أنظره في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة رقم 203 في الجزء الثاني (وقوله حتى تؤديه) أي حتى ترده إلى مالكه (3) لفظ الترمذي قال قتادة ثم نسى الحسن فقال هو أمينك لا ضمان عليه ، ومعناه أن قتادة راوي الحديث عن الحسن البصري يقول إن الحسن البصري نسى الحديث فقال لا يضمن المستعير مع أن الحديث يفيد الضمان ، ولكن لا يلزم من قول الحسن عدم ضمان المستعير لكونه نسي الحديث {تخريجه} (د مذ جه هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي: وسماع الحسن من سمرة فيه خلاف مشهور وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح * (4){سنده} حدثنا علي بن إسحاق أنا ابن المبارك أنا سفيان أخبرني نهشل بن مجمع الضبي قال وكان مريضا عن فزعه عن ابن عمر الخ {غريبه} (5) لقمان هو الذي ذكره الله عز وجل في القرآن بقوله تعالى (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن أشكر لله) وقد اختلف السلف فيه هل كان نبيا أو عبدا صالحا من غير نبوة؟ انظر تفسير ابن كثير أو غيره في الكلام على هذه الآية موضع الدلالة من هذا الحديث حفظ الوديعة وردّها إلى صاحبها عند طلبها ، وذلك لأن العبد الطائع لمولاه ملزم أن يتصف بصفات سيده وأن يسير على منهجه ليكون محبوبا عنده حائزا لرضاه فإذا كان الله عز وجل مع عظمته وكبريائه واحتياج الخلق جميعا إليه إذا استودع شيئا حفظه لصاحبه الذي هو أحد عبيده فواجب على العبد أن يحفظ وديعة من أئتمنه ليكون حائزا لرضا الله عز وجل {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد * (7){سنده} حدثنا يزيد بن هارون قال أنا شريك عن عبد الرحمن بن رفيع عن أمية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (8) بالنصب مفعول لفعل محذوف هو مدخول الهمزة أي أتأخذها غصبا ولا تردّها علىّ؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم بقوله بل عرية مضمونة (9) جاء عند أبي داود في رواية أخرى مرسلة فأعاره ما بين الثلاثين على الأربعين درعا وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فلما هزم المشركون جمعت دروع صفوان ففقد منها أدرعا فقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لصفوان أنا قد فقدنا من أدراعك أدرعا فها نغرم لك؟ قال لا يا رسول الله لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ ، قال أبو داود وكان أعاره قبل أن يسلم ثم أسلم {تخريجه} (د نس

ص: 129

-[قوله صلى الله عليه وسلم العارية مؤداة والمنحة مردة والدين مقضى والزعيم غارم]-

صلى الله عليه وسلم أن يضمها له فقال أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب * (عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه)(1) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا أتتك رسلى فأعطهم أو قال فادفع إليهم ثلاثين درعاً وثلاثين بعيراً أو أقل من ذلك، فقال له العارية مؤداة يا رسول الله؟ (2) قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم نعم * (عن ابى أمامة الباهلى)(3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع العارية (4) مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضى (5) والزعيم غارم * (عن عبد الله بن عمرو)(6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربع إذا كن فلا عليك ما فاتك من الدنيا، (منها) حفظ أمانة * (عن عبادة بن الصامت)(7) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أضمنوا لى ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة (منها) وأدوا إذا أئتمنتم (كتاب إحياء الموات واشتراك الناس في الماء وما جاء في الإقطاعات والحمى)(باب فضل من أحيا أرضاً ميتة)(عن جابر بن عبد الله)(8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا أرضاً ميتة (9) فله فيها يعنى أجراً، (10)

هق ك) وسكت عنه أبو داود والمنذري وأورد له الحاكم شاهدا من حديث ابن عباس ولفظه (بل عارية مؤداه) * (1){سنده} حدثنا بهز بن أسد ثنا همام عن قتادة عن عطاء عن صفوان بن يعلي بن أمية عن أبيه (يعني يعلي بن أمية) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (2) أي واجب على المستعير أداؤها وإيصالها إلى المعير ، وينطبق هذا على القولين أعني القول بوجوب الضمان فيهما مطلقا ، والقول بعدم وجوب الضمان إن تلفت / لكن على الأول تؤدى عينا حال القيام وقيمته عند التلف {تخريجه} (د نس هق) وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص ، وقال ابن حزم إنه أحسن ما ورد في هذا الباب * (3) {سنده} حدثنا أبو المغيرة ثنا إسماعيل بن عياش ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني قال سمعت أبا أمامة الباهلي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (4) العارية والمنحة تقدم تفسيرهما في الباب السابق (5) أي يجب قضاؤه (والزعيم) أي الكفيل (غارم) قال في النهاية الغارم الذي يلتزم ما ضمنه وتكفل به ويؤديه والغرم أداء شيء لازم {تخريجه} (د مذ جه هق) وقال الترمذي حديث أبي أمامة حديث حسن أهـ (قلت) وصححه ابن حبان (6) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في الباب الرابع من كتاب الأدب والمواعظ والحكم إن شاء الله تعالى: وذكرت هذا الطرف منه للاستدلال له على وجوب حفظ الأمانة (7) هذا طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه آنفا وذكرت هذا الطرف منه للاستدلال به على وجوب أداء الأمانة عند الطلب {باب} (8){سنده} حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن جابر الخ {غريبه} (9) بتشديد الياء التحتية: قال الحافظ العراقي ولا يقال بالتخفيف لأنه إذا خفف تحذف منه تاء التأنيث أهـ والأرض الميتة هي التي لم تعمر شبهت عمارتها بالحياة وتعطيلها بالموت ، والإحياء أن يعمد إنسان إلى أرض لم يتقدم ملك عليها لأحد فيحييها بالسقي أو الزرع أو الغرس أو البناء فتصير بذلك ملكه كما يستفاد من أحاديث الباب (10) يفيد أن الله عز وجل يثيبه على هذا العمل زيادة عما ينتفع به من الأرض لأن في إحيائها منفعة للناس والدواب

ص: 130

-[ما جاء في إحياء الموات وكلام العلماء في ذلك]-

وما أكلت العوافي (1) منها فهو له صدقة * (وعنه أيضاً)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحاط حائطاً على أرض فهى له (3) * (عن سمرة بن جندب)(4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاط حائطاً على أرض فهى له * (عن عائشة رضى الله عنها)(5) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمّر (6) أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها * (عن العلاء بن الحارث)(7) عن مكحول رفعه قال أيما شجرة أظلت على قوم فصاحبه (8) بالخيار من قطع ما أظل (9) أو أكل ثمرها (باب ما جاء في الرجل يحيى الأرض بغرس شجر أو حفر بئر فماذا يكون حرمها؟) * (عن أبى هريرة)(10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حريم البئر أربعون ذراعاً (11) من حواليها كلها لأعطان الإبل والغنم، (12) وابن السبيل أول شارب، (13) ولا يمنع فضل ما، (14) ليمنع به

والطيور وغيرها (1) جمع عافية ، والعافي كل طالب رزق من إنسان أو طائر ، {تخريجه} (نس هق حب) ورجاله ثقات ، وذكره ابن حبان في صحيحه في النوع الأول من القسم الأول ثم قال وفي هذا الخبر دليل على أن الذمي إذا أحيا أرضا ميتة فهي له ، وقال الترمذي حديث حسن صحيح (2){سنده} حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد بن أبي عروبة ثنا قتادة عن سليمان بن قيس البشكري عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحاط الخ {غريبه} (3) فيه أن التحويط على الأرض كاف في تملكها ، وإلى ذلك ذهب الإمام أحمد في أشهر الروايات عنه لكن بشرط أن يكون الحائط منيعا مما تجرى العادة بمثله أو ما يسمى حائطا في اللغة ، وأكثر العلماء على أن التملك إنما هو بالإحياء ، والتحجير ليس هو من الإحياء في شيء {تخريجه} (مذ هق نس) بلفظ من أحيا أرضا ميتة فهي له ، وقال الترمذي حديث حسن صحيح * (4){سنده} حدثنا عبد الوهاب الخفاف ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ {تخريجه} (طب د هق) وصححه ابن الجارود وهو من رواية الحسن عن سمرة وفي سماعه منه خلاف (5){سنده} حدثنا موسى بن داود قال أنا لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة الخ {غريبه} (6) بفتح العين المهملة وتخفيف الميم ، ووقع في البخاري (مَن أعمر) بزيادة الهمزة في أوله وخُطئ راويها ، وقيل قد سمع فيه الرباعي: يقال أعمر الله بك منزلك {تخريجه} (خ هق) * (7){سنده} حدثنا هشيم قال حدثنا عبد الله بن ميمون الأشعري عن العلاء بن الحارث الخ {غريبه} (8) تذكير الضمير في صاحبه باعتبار المذكور أو بتأويل لفظ الشجر (9) عند ابن عساكر (ما أظل منها وأكل ثمرها) وهذا محمول على الشجر المغروس في أرض مباحة أو مملوكة بإذن صاحبها فإن للغارس الحق في أكل ثمره وقطع ما أظل منه لأنه ملكه ، أما إذا كان في أرض مغصوبة فله حكم آخر سيأتي في كتاب الغصب {تخريجه} أخرجه أيضا ابن عساكر وهو مرسل وفي بعض رجاله كلام {باب} * (10){سنده} حدثنا هشيم قال أنا عوف عن رجل حدثه عن أبي هريرة الخ {غريبه} (11) معناه أن من حفر بئرا في أرض موات فحريمها الذي يحرم الانتفاع به على غير من له الاختصاص بها أربعون ذراعا من جميع نواحيها (12) أي لأجل أعطان الإبل والغنم التي تخصه ، والأعطان جمع عطن بفتحان وهو مبرك الإبل ومراح الغنم حول الماء (13) معناه أن ابن السبيل يقدم في الشرب عن غيره (14) قال الحافظ هو محمول عند الجمهور على ماء البئر المحفورة في الأرض

ص: 131

-[قوله صلى الله عليه وسلم المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار وشرح ذلك]-

الكلأ (1) * (ز)(عن عبادة بن الصامت)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في النخلة أو النخلتين أو الثلاث فيختلفون (3) في حقوق ذلك، فقضى أن لكل نخلة من أولئك مبلغ جريدتها حيز لها (4)(باب المسلمون شركاء في ثلاث والنهى عن منع فضل الماء والكلأ وشرب الأرض العليا قبل السفلى إذا اختلفوا) * (عن أبى خراش)(5) عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلون شركاء في ثلاث، (6) في الماء والكلأ والنار * (عن سليمان بن موسى)(7) أن عبد الله بن عمرو (بن العاص) كتب إلى عامل له على أرض له أن لا تمنع فضل مائك فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من منع فضل الماء ليمنع به الكلأ (8) منعه الله يوم القيامة فضله (9)

المملوكة وكذلك في الموات إذا كان لقصد التملك ، والصحيح عند الشافعية ونص عليه في القديم وحرملة أن الحافر يملك ماءها ، وماء البئر المحفورة في الموات لقصد الارتفاق لا التملك فإن الحافر لا يملك ماءها ، بل يكون أحق بها إلى أن يرتحل ، وفي الصورتين يجب عليه بذل ما يفضل عن حاجته ، والمراد حاجة نفسه وعياله وزرعه وماشيته ، هذا هو الصحيح عند الشافعية (1) بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة وهو النبات رطبه ويابسه ، والمعنى أن يكون حول البئر كلأ ليس عنده ماء غيره ولا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا مكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعي فيستلزم منعهم من الرعي ، وإلى هذا التفسير ذهب الجمهور {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رجل لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح * (ز)(2) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله وتخريجه في باب جامع قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأقضية والأحكام إن شاء الله تعالى {غريبه} (3) جاء عند ابن ماجه البيهقي بلفظ (قضى في النخلة والنخلتين والثلاثة للرجل في النخل فيختلفون الخ) ومعناه أن الرجل يكون له نخلة أو نخلتين أو ثلاث بين ظهراني نخيل لغيره في أرض موات أو مملوكة وكانت النخلة أو النخلتان أو الثلاث عرّية من صاحب الأرض فيختلفان في حريمها (4) أي حريم لها ولفظ ابن ماجه (فقضى أنل كل نخلة من أولئك من الأسفل مبلغ جريدها حريم لها) والمعنى أن تقطع جريدة من النخلة فتذرع بها الأرض من كل جانب من أسفل النخلة ، فما بلغت الجريدة يكون حريما النخلة أي لشربها والتقاط ثمرها وغير ذلك {باب} * (5) {سنده} حدثنا وكيع ثنا ثور الشامي عن حريز بن عثمان عن أبي خراش الخ {غريبه} (6) أي ثلاث خصال هي الماء والكلأ والنار (أما الماء) فالمراد به ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها (وأما الكلأ) فتقدم ضبطه وهو النبات رطبه ويابسه: والمراد هنا الذي ينبت في الأرض الموات فلا يختص به أحد (وأما النار) فالمراد بها الحطب الذي يحتطبه الناس من الشجر المباح فيوقدونه ، والحجارة التي توري النار ويقدح بها إذا كانت مواتا أو هو على ظاهره ، قال البيضاوي المراد بالاشتراك في النار أن يمنع الاستصباح منها والاستضاءة بضوئها ، لكن للموقد أن يمنع أخذ جذوة منها لأنه ينقصها ويؤدي إلى إطفائها {تخريجه} (د ش) وحسنه الحافظ السيوطي وجهالة الصحابي لا تضر ، قال الحافظ في بلوغ المرام رواه (حم د) ورجاله ثقات * (7){سنده} حدثنا أبو النضر ثنا محمد يعني ابن راشد عن سليمان بن موسى الخ {غريبه} (8) تقدم شرح هذه الجملة في الباب السابق (9) فيه زجر شديد لمن منع فضل الماء والكلأ لأن منعه

ص: 132

-[النهي عن منع فضل الماء والرعى وسقى الأرض العليا قبل السفلى]-

(عن أبي هريرة)(1) يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يُمنع فضل ماء بعد أن يستغنى عنه ولا فضل مرعى (2) * (وعنه أيضاً)(3) يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ (4) * (عن عائشة رضى الله عنها)(5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع نقع (6) ماء ولا رهو (7) بئر (ز)(عن عبادة بن الصامت)(8) قال إن من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (فذكر أحكاماً متنوعة منها) وقضى بين أهل المدينة في النخل (9) لا يمنع نقع بئر، وقضى بين أهل البادية أن لا يمنع فضل ماء ليمنع فضل الكلأ (10)(وقضى) في شرب النخل من السبيل أن الأعلى يشرب قبل الأسفل ويترك الماء إلى الكعبين (11) ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه وكذلك (12) حتى

من فضل الله يوم القيامة بدل على غضب الله عليه نعوذ بالله من ذلك {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه محمد بن راشد الخزاعي وهو ثقة وقد ضعفه بعضهم (1) حدثنا يزيد أنا المسعودي عن عمران بن عمير قال شكوت إلى عبيد الله بن عبد الله قوما منعوني ماء فقال سمعت أبا هريرة قال المسعودي ولا أعلم إلا قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (2) معناه أنع لا يجوز منع ما زاد على الحاجة من ماء أو كلأ {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده عمران بن عمير فيه كلام * (3){سنده} حدثنا سفيان أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (4) جاء في الأصل بعد قوله ليمنع به الكلأ ، قال سفيان يكون حول بئرك الكلأ فتمنعهم فضل مائك فلا يعودون أن يُدعوا أهـ (قلت) يدعوا بضم أوله وفتح المهملة وتشديد العين المهملة مضمومة ، ومعناه فلا يعودون خشية أن يطردوا ويدفعوا بعنف {تخريجه} (ق. وغيرهما) * (5){سنده} حدثنا حسين قال ثنا أبو أويس قال ثنا أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة عن عائشة الخ {غريبه} (6) بفتح النون وسكون القاف فسره صاحب النهاية بفضل ماء البئر لأنه قال لأنه ينقع به العطش أي يروي ، وشرب حتى نقع أي روى ، قال وقيل النقع الماء الناقع وهو المجتمع (7) بفتح الراء وسكون الهاء أراد مجتمعة ، سمي رهوا باسم الموضع الذي هو فيه لانخفاضه ، والرهوة الموضع الذي يسيل إليه مياه القوم (نه){تخريجه} (جه هق) وسنده عند الإمام أحمد جيد ، وله طرق عند البيهقي منها الجيد ومنها الضعيف: وفي سنده عند ابن ماجه عبد الله بن إسماعيل وهو ابن أبي خالد الكوفي مجهول (8)(ز) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وتخريجه في باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأقضية الأحكام {غريبه} (9) أي في النخل الذي يسقى من الآبار بالمدينة ، (وقوله نقع بئر) تقدم أن نقع البئر ما بقى فيها من الماء بعد حاجة صاحبها فلا يجوز منعه عن جاره المحتاج لسقي نخله (10) فيه إشارة إلى أنه لا يجوز منع الكلأ النابت في الموات عن مواشي ألب البادية لأنه يلزم من منع الماء منع المواشي عن الرعي فإنها إذا أكلت احتاجت إلى الشرب فيتعين عدم منع الماء عن أهل البادية ومواشيهم (11) معناه أن الأرض العليا تستحق الشرب من ماء المطر الذي يسيل في الأودية قبل الأرض السفلى: ولصاحب العليا أن يمسك الماء حتى يبلغ إلى الكعبين ثم يرسله إلى السفلى بعد ذلك (12) أي يمسك الأعلى الماء عن الأسفل حتى يتم سقي البساتين أو يفنى الماء ، وهو يفيد أن الماء إذا لم يستوف البساتين كلها ليس لصاحب الأسفل النزاع من الأعلى

ص: 133

-[قصة الزبير بن العوام مع الأنصارى في سقي أرضهما]-

تنقصى الحوائط أو يفنى الماء * (عن عبد الله بن الزبير)(1) قال خاصم رجل من الأنصار الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج (2) الحرة التي يسقون بها (3) النخل، فقال الأنصارى للزبير سرّح الماء، فأبى فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسق (4) يا زبير ثم أرسل إلى جارك فغضب الأنصارى فقال يا رسول الله أن (5) كان ابن عمتك فتلون وجهه (6) ثم قال احبس الماء حتى يبلغ إلى الجدر، (7) قال الزبير والله أنى لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك} فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم - إلى قوله ويسلموا (8) تسليما {(أبواب ما جاء في القطائع (9) والحمى)

في أخذ الماء ما لم يبلغ للأعلى إلى الكعبين * (1){سنده} حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا ليث ابن سعد قال وحدثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن الزبير الخ {غريبه} (2) بكسر الشين المعجمة آخره جيم جمع شرج بفتح أوله وسكون الراء بوزن بحر وبحار وهي بحاري الماء الذي يسيل من الحرة بفتح المهملة والراء المشددة موضع معروف بالمدينة ، وإنما أضيفت الشراج إلى الحرة لكونها فيها (3) أي التي يسقون بمائها نخلهما وذلك أن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري فيحبسه لإكمال سقي أرضه ثم يرسله إلى أرض جاره فلم يقبل ذلك الأنصاري وقال له تسرح الماء بضم أوله وفتح السين وكسر الراء المشددة بعدها حاء أي أطلق الماء عند مروره ولا تحبسه فأبى الزبير (4) بهمزة وصل ويجوز القطع أي اسق يا زبير شيئا يسيرا دون حقك (ثم أرسل) بهمزة قطع مفتوحة يعني أرسل الماء (إلى جارك) (5) بفتح الهمزة وهي للتعليل مقدرة باللام أي حكمت له بالتقديم والترجيح لأجل أنه ابن عمتك يعني صفية بنت عبد المطلب (6) أي تغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم من الغضب لانتهاك حرمات النبوة وقبيح كاتم هذا الرجل ولم يعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم لما اتصف به صلى الله عليه وسلم من الحلم وكرم الخلق (7) بفتح الجيم وسكون المهملة: قال القرطبي هو أن يصل الماء إلى أصول النخل أهـ قال في شرح السنة قوله صلى الله عليه وسلم في الأول (اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك) كان أمرا للزبير بالمعروف وأخذا بالمسامحة وحسن الجوار لترك بعض حقه دون أن يكون حكما منه ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الأنصاري يجهل موضع حقه أمر الزبير باستيفاء تمام حقه (8) سيأتي الكلام على تفسيره إن شاء الله تعالى {تخريجه} (ق. وغيرهما)(9) القطائع جمع قطيعة كسفينة يقال أقطع الإمام الجند البلد إقطاعا بكسر الهمزة جعل لهم غلتها رزقا ، واستقطعته سألته الإقطاع ، قال العلماء والمراد بالإقطاع جعل بعض الأراضي الموات مختصة ببعض الأشخاص سواء كان ذلك معدنا أو أرضا فيصير ذلك البعض أولى به من غيره ولكن بشرط أن يكون من الموات التي لا يختص بها أحد ، وهذا أمر متفق عليه (وقال الحافظ) حكى عياض أن الإقطاع تسويغ الإمام من مال الله شيئا لمن يراه أهلا لذلك ، وأكثر ما يستعمل في الأرض وهو أن يخرج منها لمن يراه أهلا لحيازته إما بأن يُملكه إياه فيعمره وإما بأن يجعل له غلته مدة أهـ قال السبكي والذي يظهر للمقطع بذلك اختصاص كاختصاص المتحجر ولكنه لا يملك الرقبة بذلك وبهذا جزم الطبري ، وحكى الحافظ عن ابن التين أنه إنما يسمى إقطاعا إذا كان من أرض أو عقار وإنما يقطع من الفيء ولا يقطع من حق مسلم ولا معاهد {والحمى} أصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلا مخصبا

ص: 134

-[جواز إقطاع الأرض غير المملوكة لمن احتاج إليها]-

(باب إقطاع الأراضي) * (عن ابن عمر)(1) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اقطع الزبير حضر (2) فرسه بأرض يقال لها ثريرٌ (3) فأجرى الفرس حتى قام (4) ثم رمى بسوطه فقال أعطوه حيث بلغ السوط * (عن عروة بن الزبير)(5) أن عبد الرحمن بن عوف قال أقطعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا فذهب الزبير إلى آل عمر فاشترى نصيبه فأتى عثمان بن عفان فقال إن عبد الرحمن بن عوف زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه وعمر ابن الخطاب أرض كذا وكذا وأنى اشتريت نصيب آل عمر، فقال عثمان عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه (6) * (عن أنس بن مالك)(7) أن النبى صلى الله عليه وسلم دعا الأنصار ليقطع لهم البحرين (8)

استعوى كلبا على مكان عال فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره: ويرعى هو مع غيره فيما سواه (والحمى) هو المكان المحمي وهو خلاف المباح: ومعناه أن يمنع من الإحياء في ذلك الموات ليتوفر فيه الكلأ وترعاه مواشي مخصوصة ويمنع غيرها ، هذا كان دأب العرب في الجاهلية ، أما في الإسلام فيجوز للإمام أن يحمي بعض أراضي الموات من الرعي ليتوفر فيه الكلأ لخيل الجهاد وإبل الصدقة ونحوها لما فيه مصلحة للمسلمين ولا يضر بأحد منهم على معنى ما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الوجه الذي حماه: لا على ما كان يحميه العرب في الجاهلية ، ولذا جاء في الحديث (لا حمى إلا لله ولرسوله)(خ فع حم) وسيأتي في الباب التالي * {باب} (1){سنده} حدثنا حماد بن خالد الخياط عن عبد الله يعني العمري عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (2) بضم الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة أي أعطاه من أرض المدينة كما جاء في رواية قدر عدوِ فرسه أي جريه (3) بضم المثلثة وفتح الراء وسكون الياء التحتية موضع بأرض المدينة كما تقدم (4) أي حتى انتهى عدوه ووقف (ثم رمى بسوطه) أي ثم رمى الزبير بسطوه إلى الأرض أي جعل مكان السوط حدا لآخر عدو الفرس ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم أعطوه حث بلغ السوط {تخريجه} (د هق) وفي إسناده عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وفيه مقال وهو أخو عبيد الله بن عمر العمري (5) {ينده} حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا هشام بن عروة عن عروة الخ {غريبه} (6) فيه منقبة لعبد الرحمن بن عوف لأن عثمان زكاه وقبل شهادته لنفسه في أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرض كذا وكذا: أو على نفسه في كونه اعترف أن عمر كان شريكا له في هذا الأرض ، وبمقتضى هذه الشهادة ثبت للزبير ما اشتراه من آل عمر رضي الله عنهم أجمعين ، وموضع الدلالة من الحديث قوله (أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا){تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين (7){سنده} حدثنا سفيان عن يحيى قيل لسفيان يعني سمع من أنس يقول دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار الخ {غريبه} (8) على صيغة التثنية للبحر ، وهي من ناحية نجد على شط بحر فارس بين عمان والبصرة وهي ديار القرامطة ولها قري كثيرة ، وفي رواية للبخاري عن أنس أيضا بلفظ (دعى النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار ليكتب لهم بالبحرين) وله في أخرى (أن يقطع لهم من البحرين ، قال العيني والظاهر أن معناه ليكتب لهم طائفة بالبحرين ويحتمل أن يكتب لهم البحرين كللها ، ويؤيد هذا ما رواه في مناقب الأنصار من رواية سفيان عن يحيى (إلى أن يقطع لهم البحرين) أهـ قال الخطابي يحتمل أنه أراد الموات منها ليتملكوه بالإحياء ، ويحتمل

ص: 135

-[كلام العلماء في الأرض التي يجوز إقطاعها للمحتاج]-

فقالوا لا حتى نقطع لإخواننا المهاجرين مثلنا، فقال إنكم ستلقون بعدى أثرة (1) فاصبروا حتى تلقونى * (عن كلثوم عن زينب)(2) أن النبى صلى الله عليه وسلم ورّث النساء خططهن (3)(وعنها من طريق ثان)(4) قالت كانت زينب (5) تَفلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) وعنده امرأة عثمان بن مظعون

أنه أراد العامر منها لكن في حقه من الخمس لأنه كان ترك أرضها فلم يقسمها ، وتعقب بأنها فتحت صلحا وضربت على أهلها الجزية ، فيحتمل أن يكون المراد أنه أراد أن يخصهم بتناول جزيتها ، وبه جزم إسماعيل القاضي ، ووجهه ابن بطال بأن أرض الصلح لا تقسم فلا تملك ، قال الحافظ والذي يظهر لي أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يخص الأنصار بما يحصل من البحرين أما الناجز يوم عرض ذلك عليهم فهو الجزية لأنهم كانوا سخوا عليها ، وأما بعد ذلك إذا وقعت الفتوح فخرج الأرض أيضا ، وقد وقع منه صلى الله عليه وسلم ذلك في عدة أراض بعد فتحها وقبل فتحها (منها) إقطاعه تميما الداري بيت إبراهيم فلما فتحت في عهد عمر نجز ذلك لتميم واستمر في أيدي ذريته من ابنته رقية وبيدهم كتاب من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقصته مشهورة ذكرها ابن سعيد وأبو عبيد في كتاب الأموال وغيرها أهـ (1) بفتح الهمزة والمثلثة على المشهور وأشار صلى الله عليه وسلم بذالك إلى ما وقع من استئثار الملوك من قريش على الأنصار بالأموال والتفضيل بالعطاء وغير ذلك فأراد أن يخصهم بشيء ينفعهم في ذلك الوقت الذي يهضم حقهم فيه ، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ، وفيه منقبة للأنصار ، وما كانوا فيه من الإيثار على أنفسهم كما وصفهم الله عز وجل في كتابه العزيز فقال (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة){تخريجه} (خ هق. وغيرهما) * (2){سنده} حدثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك عن الأعمش عن جامع بن شداد عن كلثوم عن زينب الخ (كلثوم) بضم الكاف وسكون اللام هي بنت عمرو القرشية كذا في الخلاصة بواو بعد المثلثة ، وفي التهذيب والكامل والتقريب (كلثم) بدون واو قال الحافظ في التقريب ويقال أم كلثوم القرشية لا يعرف حالها أهـ (وقوله عن زينب) هكذا جاءت غير منسوبة عند الإمام أحمد وغيره: وسيأتي الكلام عليها في الطريق الثانية (3) قال في النهاية الخطط جمع خطة بالكسر وهي الأرض يختطها الإنسان لنفسه بأن يعلم عليها علامة ويخط عليها خطا ليًُعلم أنه قد اختارها وبها سميت خطط الكوفة والبصرة: ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى نساء منهم أم عبد خططا يسكنها بالمدينة شبه القطائع لا حظ للرجال فيها أهـ (4){سنده} حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن كلثوم قالت كانت زينب الخ {غريبه} (5) هي زينب المذكورة في الطريق الأولى وقد اختلف العلماء في تعيينها فقال بعضهم هي زينب امرأة عبد الله بن مسعود وجاز لها أن تفلي النبي صلى الله عليه وسلم لأن هذه القصة كانت في السنة الثانية من الهجرة قبل نزول آية الحجاب وقبل اشتراط المحرمية في التفيلة وغيرها بدليل أن امرأة عثمان بن مظعون كانت مع من جئن يشتكين منازلهن ، قال الحافظ في الإصابة وكانت وفاة بن مظعون بعد شهوده بدرا في السنة الثانية ، قال وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين وأول من دفع بالبقيع منهم أهـ (قلت) ويؤيد أنها زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وتعقب بأنها لم تكن في ذاك الوقت زوجا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا محرما له وإنما تزوجها صلى الله عليه وسلم في السنة الخامسة من الهجرة كما ثبت ذلك عند المحدثين والمفسرين وأصحاب السير الصحيحة: وفيها نزلت آية الحجاب والله أعلم (6) بفتح التاء المثناة بعدها فاء ساكنه من

ص: 136

-[إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم الدور لأرامل المهاجرين بالمدينة]-

ونساء من المهاجرات يشتكين منازلهن وأنهن يخرجن منه ويضيّق عليهم فيه (1) فتكلمت زينب (2) وتركت رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست تكلمين بعينك، تكلمى واعملى عملك، فأمر رسول الله أن يُورّث من المهاجرين النساء (3) فمات عبد الله (بن مسعود) فورثته امرأته داراً بالمدينة * (عن علقمة بن وائل)(4) عن أبيه (وائل بن حجر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً قال فارسل معى معاوية أن أعطها إياه أو قال إعلمها غياه، (5) قال فقال لى معاوية أردفنى خلفك (6) فقلت لا تكون من أرداف الملوك، (7) قال فقال أعطنى نعلك، (8) فقلت انتعل ظل الناقة (9) قال فلما استخلف معاوية أتيته فأقعدنى معه على السرير فذكرني

باب رمى أي تطلب في رأسه القمل (1) ذكر الضمير باعتبار المنزل ، وفي رواية أبي داود (يشتكين منازلهن أنها تضيق عليهن ويخرجن منها) قال في فتح الودود إنها تضيق عليهن إذا مات زوج واحدة فالدار يأخذها الورثة وتخرج المرأة وهي غريبة في الغربة (يعني المدينة لأنها ليست وطنهن الأصلي) فلا تجد مكانا آخر فنتعب لذلك (2) في رواية الطبراني فقالت زينب فجعلت أشكو ضيق المسكن ، فقال (أي النبي صلى الله عليه وسلم هذا كما صنعت امرأة عثمان بن مظعون لم يسعها ما نزلت ، وهذه الرواية تؤيد ما تقدم (3) رواية أبي داود (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توّرث دور المهاجرين النساء ، فمات عبد الله الخ والمعنى أن نساء المهاجرين يرثن الدور بعد موت أزواجهن لا يشاركهن فيها احد من الورثة (قال الخطابي) أما توريثه صلى الله عليه وسلم الدور نساء المهاجرين خصوصا فيشبه أن يكون ذلك على معنى القسمة بين الورثة وإنما خصصهن بالدور لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهم فحاز لهن الدور لما رأى من المصلحة في ذلك {تخريجه} لم أقف على من أخرج الطريق الأولى منه غير الإمام أحمد وسندها جيد ، وأخرج الطريق الثانية (د هق) وفي إسنادهما عبد الواحد بن زياد العبدي ، قال في التقريب ثقة في حديثه عن الأعمش وحده مقال أهـ (قلت) تابعه شريك عن الأعمش كما في الطريق الأولى وإن لم يكن فيها ذكر القصة ففيها معنى الحديث المرفوع وعلى هذا فسنده جيد والله أعلم (4){سنده} حدثنا حجاج قال أنا شعبة عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل الخ {غريبه} (5) أو للشك من الراوي ومعناه أن يعلم عليها علامة ويخط عليها خطا ليعلم أنه قد احتازها وتسلمها (6) أي أركبني خلفك على الدابة (7) قال في النهاية أرداف الملوك هم الذين يخلفونهم في القيام بأمر المملكة بمنزلة الوزراء في الإسلام وأحدهم ردف ، والاسم الرادفة أهـ ، والمعنى أنك أحقر من ذلك ، وإنما قال ذلك ، لأنه كان من ملوك حمير ومعاوية في ذاك الوقت كان فقيرا لا يملك شيئا (8) إنما طلب معاوية من وائل نعله ليتقي به حرارة الأرض حيث أنه لم يقبل إردافه خلفه ، فلا أقل من أن يعطيه نعله ، فقال له وائل (انتعل ظل الناقة)(9) يريد أن ظل الناقة يقيك حرارة الأرض ، وفي هذا القول غاية الاحتقار والاستهزاء بمعاوية أن ظل الناقة لا يقي شيئا من حرارة الأرض ما دامت سائرة: والظاهر أن الذي حمل وائلا على ذلك كونه حديث العهد بالإسلام لم يمض عليه زمن يدرس فيه أدب الدين الإسلامي وتعاليمه ، وكان قيه بقية من عظمة ملوك الجاهلية فكيف يطلب منه معاوية أن يردف خلفه أو يعطيه نعله: لهذا احتقره وسخر منه ، ولو علم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يردف خادمه من خلفه في السفر وكانوا يتبادلون النعال كذلك

ص: 137

-[بيان ما أعطاه عمر رضى الله عنه لنساء النبى صلى الله عليه وسلم في خلافته]-

الحديث (1) فقال سماك (أحد الرواة) فقال وددت أنى كنت حملته بين يدىّ * (عن ابن عمر)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما خرج من زرع أو ثمر (3) فكان يعطى أزواجه كل عام مائة وسق (4) ثمانين وسقاً من تمر وعشرين وسقاً من شعير فلما قام عمر بن الخطاب (5) قسم خيبر فخير أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يقطع (6) لهن من الأرض أن يضمن لهن (7) الوسوق كل عام فاختلفوا فمنهن من اختار (8) أن يقطع لها الأرض ومنهن اختار الوسوق وكانت حفصة وعائشة ممن اختار الوسوق * (باب إقطاع المعادن)(عن كثير بن عبد الله)(9) بن عمرو بن عوف المزنى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث معادن القبلية (10) جلسيها وغوريها (11) وحيث يصلح للزرع من قُدس (12) ولم يعطه حق

لما احتقر معاوية (1) يعني حديث قصة الناقة: وفيه دلالة لما كان عليه معاوية من الحلم والكياسة وحسن السياسة ، ولذا ندم وائل على ما حصل منه ، وقال ودِدت أني كنت حملته بين يديّ {تخريجه} (د مذ هق حب طب) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح * (2){سنده} حدثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (3) في رواية للبخاري بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع أي بنصف ما يخرج منها (وقوله من زرع) إشارة إلى المزارعة (وقوله أو ثمر) بالثاء المثلثة إشارة إلى المساقاة وتقدم الكلام على ذلك في بابه (4) الوسق بفتح الواو وسكون المهملة ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ثمانين ، وعشرين ، بنصبهما على تقدير أعني ثمانين وسقا من تمر ، وعشرين معطوف عليه ووسقا في الموضعين منصوب على التمييز (5) أي لما قام عمر بأمر الخلافة (6) بضم الياء التحتية من الإقطاع بكسر الهمزة يقال أقطع السلطان فلانا أرض كذا إذا أعطاه وجعله قطيعة له (7) جاء بدل هذا اللفظ في رواية للبخاري (أو يمضي لهن) أي أو يجري لهن قسمتهن على ما كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان من التمر والشعير (8) جاء هذا اللفظ مذكرا باعتبار لفظ من {تخريجه} (خ) وفيه تخيير عمر رضي الله عنه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بين أن يقطع لهن من الأرض وبين إجرائهن على ما كن عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يملكهن ، لأن الأرض لم تكن موروثة عنه صلى الله عليه وسلم فإذا توفين عادت الأرض والنخل على أصلها وقفا مسبلا ، وكان عمر يعطيهن ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قال (ما تركت بعد نفقة نسائي فهو صدقة) قال ابن التين وقيل إن عمر كان يعطيهن سوى هذه الأوسق اثنى عشر ألفا لكل واحدة منهن وما يجري عليهن في سائر السنة والله أعلم {باب} (9) {سنده} حدثنا حسين ثنا أبو أويس ثنا كثير بن عبد الله الخ {غريبه} (10) بالتحريك بوزن ذهبية منسوب إلى قبل بفتح القاف والموحدة وهي ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيام: قال في القاموس والقبل محركة نشز من الأرض يستقبلك أو رأس كل أكمة أو جبل أو مجتمع رمل والمحجة الواضحة (وقوله جليسها) بفتح الجيم وسكون اللام وكسر المهملة بعدها ياء النسب مشددة مكسورة ، والجلس كل مرتفع من الأرض: ويطلق على أرض نجد كما في القاموس (11) بوزن جليسها نسبة إلى غور ، قال في القاموس إن الغور يطلق على ما بين ذات عرق إلى البحر ، وكل ما انحدر مغربا عن تهامة ، وموضع منخفض بين القدس وحوران مسيرة ثلاثة أيام في عرض فرسخين ، وموضع في ديار بني سليم وماء لبني العدوية أهـ والمراد بما هنا المواضع المرتفعة والمنخفضة من معادن القبلية والله أعلم (12) بضم القاف وسكون الدال المهملة بعدها سين مهملة ، قال

ص: 138

-[ما جاء في حمى بعض الأرض لخيل الجهاد ومواشى الفقراء]-

مسلم 01)، وكتب له النبى صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزنى أعطاه معادن القبلية جلبها وغوريها وحيث يصلح للزرع من قدس ولم يعطه حق مسلم (عن عكرمة عن ابن عباس)(2) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (باب الحمى لدواب بيت المال)(عن ابن عمر)(3) أن النبى صلى الله عليه وسلم حمى النقيع (4) لخيله (وله طريق ثان (5) عند الإمام أحمد أيضاً) قال حدّثنا حماد بن خالد عن عبد الله (6) عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم حمى النقيع للخيل قال حماد فقلت له (وفى لفظ فقلت له يا أبا عبد الرحمن (7)(يعنى العمرى) لخيله؟ قال لا، لخيل المسلمين * (عن الصعب بن جثامة الليثى)(8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى

في القاموس هو جبل عظيم بنجد أهـ وفي النهاية هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزرع (1) أي لم يعطه شيئا مملوكا لأحد من المسلمين {تخريجه} (د هق) وفي إسناده كثير بن عبد الله ، قال الحافظ في التقريب ضعيف ، ومنهم من كذبه أهـ (قلت) جاء هذا الحديث في مسند ابن عباس وليس منه * (2){سنده} حدثنا حسين ثنا أبو أويس قال حدثني ثور بن زيد مولى بني الديل بن بكر بن كنان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، هكذا جاء هذا الحديث في المسند مختصرا حديث كثير بن عبد الله وليس من اختصاري {تخريجه} (د هق) وقد جاء عندهما مختصرا عقب حديث كثير بن عبد الله كما صنع الغمام أحمد وفي إسناده عند الجميع أبو أويس عبد الله بن عبد الله أخرج له مسلم في الشواهد وضعفه غير واحد قال أبو عمر هو غريب من حديث ابن عباس لبس يرويه عن أبي أويس غير ثور أهـ (قلت) وللبيهقي في رواية أخرى من هذا الطريق عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ (أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جليسها وغوريها وحيث يصلح الزرع {باب} * (3){سنده} حدثنا فراد أنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (4) بفتح النون وكسر القاف بعدها ياء تحتية ساكنة ثم عين مهملة وهو موضع على عشرين فرسخا من المدينة ، وقدره ميل في ثمانية أميال كما ذكره ابن وهب في موطئه ، وهو في الأصل كل موضع يستنقع فيه الماء أي يجتمع فإذا نضب الماء نبت فيه الكلأ ، قال ياقوت ، وهو غير نقيع الخضمات الذي كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حماه (وقوله لخيله) ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم حماه لخيله نفسه وليس مرادا ، وإنما المراد خيل المسلمين كما صرح بذلك في الطريق الثانية ، ومعناه الخيل الذي يعود نفعها على المسلمين كالخيل التي ترصد للجهاد والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة ومواشي الضعفاء من الناس الذين ليس لهم أرض يرعون فيها ويخشى على مواشيهم الهلاك وإنما خص الخيل بالذكر تغليبا وأضافها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه الراعي الأكبر المسئول عن مصالح المسلمين (5) ذكرت هذا الطريق بسنده في المتن لارتباط كلام المتن ببعض رجال السند (6) هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن العمري (7) السائل حماد بن خالد والمسئول عبد الله بن عمر ابن حفص المذكور في السند وكنيته أبو عبد الرحمن {تخريجه} لم أقف على من اخرج الطريق الأولى منه بهذا اللفظ ، وأخرج الطريق الثانية (هق حب) وفي إسناد الطريقين عبد الله بن عمر بن حفص العمري ، قال الهيثمي ثقة وقد ضعفه جماعة * (8){سنده} حدثنا مصعب هو الزبيري قال حدثني عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحارث عبد الله بن عيَّاش المخزومي عن ابن شهاب عن عبيد الله

ص: 139

-[ما جاء في الغصب ووعيد فاعله]-

النقيع وقال لا حمى إلا لله ولرسوله (1)(كتاب الغصب)(باب النهى عن جده وهزله ووعيد من اغتصب مال أخيه) * (عن عبد الله بن السائب)(2) عن أبيه عن جده (3) أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يأخذنّ أحدكم متاع صاحبه (4) جاداً ولا لاعباً (5) وإذا وجد (وفى لفظ وإذا أخذ)(6) أحدكم عصا صاحبه فليرددها عليه * (عن عمرو بن يثربىّ الضمرىّ)(7) قال شهدت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فكان فيما خطب به أن قال ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه، قال فلما سمعت ذلك قلت يا رسول الله أرأيت لو لقيت غنم ابن عمى فأخذت منها شاة فاجتزرتها (8) هل علىّ في ذلك شئ؟ قال أن لقيتها نعجة تحمل شقرة (9) وزناداً فلا تمسها (ز)(وعنه من طريق ثان)(10) بمثله وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له إن لقيتها نعجة

ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس عن الصعب عن جثامة الخ {غريبه} (1) أي لا حمى لأحد يخص نفسه به يرعى فيه ماشيته دون سائر الناس إلا لله عز وجل ولرسوله ومن قام مقامه وهو الخليفة خاصة إذا احتيج إلى ذلك لمصلحة المسلمين كما فعل أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، وإنما يحمي الإمام ما ليس بمملوك كبطون الأودية والجبال والموات على معنى ما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الوجه الذي حماه ، وتقدم الكلام على أصل الحمى ومعناه في أول الباب الأول في الشرح فارجع إليه {تخريجه} (د هق) وسنده حسن ، وأخرجه (خ د نس هق) وفي رواية أخرى ليس فيها لفظ (حمى النقيع){باب} * (2){سنده} حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن أبي ذئب عن عبد الله ابن السائب الخ {غريبه} (3) هو يزيد بن السائب كما ترجم له بذلك في المسند ، وقيل هو يزيد بن سعيد الكندي واختاره الترمذي والله أعلم (4) المتاع على ما في القاموس المنفعة والسلعة وما تمتعت به من الحوائج والجمع أمتعة (5) أي لاعبا في الحال جادا في المآل ، ومعناه أن يأخذه على وجه الهزل وسبيل المزاح ثم يحبسه عنه ولا يرده فيصير ذلك جدا (6) معناه على اللفظ الأول إذا وجدها لقطة ، وعلى اللفظ الثاني إذا أخذها على سبيل المزاح: وعلى كلا اللفظين يجب عليه ردها لصاحبها {تخريجه} (د مذ) وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ذئب ، وسكت عنه أبو داود والمنذري وقال البيهقي إسناده حسن (7){سنده} حدثنا أبو عامر ثنا عبد الملك يعني ابن حسن الحارثي (ويقال له أيضا الجاري) ثنا عبد الرحمن بن أبي سعيد قال سمعت عمارة بن جارية الضمري يحدث عن عمرو بن يثربي الضمري الخ {غريبه} (8) أي ذبحتها (9) الشفرة بفتح الشين المعجمة بعدها فاء ساكنة المدية وهي السكين العريضة ، والجمع شفار مثل كلبة وكلاب وشفرات مثل سجدة وسجدات {والزناد} بكسر الزاي جمع زند بفتحها كسهم وسهام وهو الذي يقدح به النار وهو الأعلى ، وهو مذكر: والسفلى زندة بالهاء ، والمعنى إن وجدتها معها آلة الذبح والنار بحيث لا تتكلف لذبحها ولا لشيها شيئا فلا تأخذها ولا تمسها مبالغة في عدم جواز أخذها (10)(ز){سنده} قال عبد الله بن الإمام أحمد ثنا محمد بن عباد المكي ثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الملك بن حسن الجاري عن عمارة بن جارية عن عمرو بن يثربي قال

ص: 140

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه]-

تحمل شفرة وزناداً بخيت (1) الجيش فلا تهجها (2)، قال يعنى بخبت الجيش أرضاً بين مكة والجار (3) ليس بها أنيس (عن عبد الله)(4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتطع (5) مال امرئ مسلم بغير حق لقى الله عز وجل وهو عليه غضبان (6) * (عن أبى حميد الساعدى)(7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه، وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم (8)، قال عبد الله (9) قال أبى وقال عبيد بن أبى قرة ثنا سليمان حدثنى سهيل حدثنى عبد الرحمن بن سعد (10) عن أبى حميد الساعدى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يحل للرجل أن يأخذ عصا (11) أخيه بغير طيب نفس وذلك لشدة ما حرم رسول الله (12) صلى الله عليه وسلم مال المسلم على

خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثل الطريق الأولى (1) الخبت بخاء معجمة مفتوحة ثم موحدة ساكنة بعدها تاء مثناة هو الأرض الواسعة (والجميش) بجيم مفتوحة ثم ميم مكسورة بعدها ياء ساكنة ثم شين معجمة ، علم لأرض بين مكة والجار صحراء لا نبات فيها كأنها جمشت أي حلقت (بالحاء المهملة) وأضيف إليه الخبت من إضافة العام إلى الخاص (2) بفتح التاء الفوقية بعدها هاء مكسورة أي فلا تزعجها وتنفر ما بأخذ شيء منها (3) هذا تفسير الراوي (والجار) بتخفيف الراء مدينة على ساحل البحر الأحمر بينها وبين مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وليلة ، وإنما خص هذا المكان بالذكر لكونه موحشا قاحلا لا نبات به ولا أنيس ، فإذا سلكه الإنسان طال عليه وفنى واحتاج إلى مال أخيه المسلم ، والمعنى إذا عرضت لك هذه الحالة فلا تتعرض لنعم أخيك بوجه ولا سبب وإن كان ذلك سهلا متيسر الوجود آلة الذبح والنار والله أعلم {تخريجه} (طب طس هق) والطريق الأولى من مسند الإمام أحمد ، والطريق الثانية من زوائد ابنه عبد الله على المسند ولذا رمزت لها بحرف زاي ، وأورد الطريقين الهيثمي وقال رواه أحمد وابنه من زياداته أيضا والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد ثقات * (4) {سنده} حدثنا أسود ابن عامر قال ابن عامر قال أنا أبو بكر عن عامر عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن مسعود الخ) {غريبه} (5) افتعل من القطع وهو أن يأخذ مال غيره لنفسه متملكا (وقوله بغير حق) مخصص لهذا العموم ومخرج ما كان بحق كأخذ الزكاة كرها والشفعة وإطعام المضطر والغريب المعسر والزوجة وقضاء الدين وكثير من الحقوق المالية (6) قال العلماء الغضب والإعراض والسخط من الله تعالى هو إرادته إبعاد ذلك المغضوب عليه من رحمته وتعذيبه وإنكار فعله وذمه نعوذ بالله من ذلك {تخريجه} (ق د مذ جه) (7) {سنده} حدثنا أبو سعيد موسى بن هاشم ثنا سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي حميد الخ {غريبه} (8) لعله يريد قوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) ولا شك أن من أكل مال مسلم بغير حف فهو آكل له بالباطل (9) هو ابن الإمام أحمد رحمهما الله يريد أن أباه روى الحديث من طريقين: فرواه باللفظ الأول من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم عن سليمان بن بلال الخ ورواه باللفظ الثاني من طريق عبيد بن أبي قرة عن سليمان بن بلال عن سهيل بن بلال به (10) يعني سعد بن مالك وهو أبو سعيد الخدري المشهور بكنيته (11) خص العصا بالذكر لكونها من الشيء الحقير الذي يتساهل فيه ومع ذلك فقد حظر الشارع أخذها بغير طيب نفس وعلل التحريم بقوله (وذلك لشدة ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) والمعنى أنه يحرم أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه سواء كان المال جليلا أو حقيرا (12) إسناد التحريم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جائز لأنه

ص: 141

-[وعيد من اغتصب لبنا من ضرع ماشية غيره]-

المسلم (عن أبى سعيد الخدرى)(1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحل صرار (2) ناقة بغير إذن أهلها فإنه خاتمهم عليها (3)، فإذا كنتم بقفر (4) فرأيتم الوطب أو الراوية أو السقاء من اللبن فنادوا أصحاب الإبل ثلاثاً فإن سقاكم (5) فاشربوا وإلا فلا، وإن كنتم مرملين (6) ولم يكن معكم طعام فليمسكه رجلان منكم ثم اشربوا. (عن ابن عمر)(7) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ألا لا تحلبن ماشية امرئ إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته (8) فيكسر بابها ثم ينتشل (9) ما فيها فإن ما في ضروع (10) مواشيهم طعام أحدهم ألا فلا تجلبن ماشية امرئ إلا بإذنه أو قال بأمره (عن أبى هريرة)(11) قال كنا في سقر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرملنا وأنفضنا (12) فأتينا على إبل مصرورة بلحاء (13) الشجر وابتدرها القوم ليحلبوها

المبلغ عن الله عز وجل ، قال تعالى (وما ينطق عن الهوى){تخريجه} أخرج اللفظ الثاني منه (هق حب) وأورده الهيثمي باللفظين الأول والثاني وقال رواه (حم بز) وجال الجميع رجال الصحيح * (1){سنده} حدثنا حجاج وأبو النضر قال ثنا شريك عن عبد الله بن عاصم بن علوان قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (2) بوزن خيار وهو رباط الضرع وكان من عادة العرب أن تصر ضروع الحلوبات وحلبت فهي مصرورة ومصررة (نه)(3) أي بمنزلة الخاتم على الشيء لا يجوز فضه إلا بإذن صاحبه (4) أي مكان من الأرض خال من الماء (فرأيتم الوطب) بفتح الواو وسكون المهملة هو الزق الذي يكون فيه السمن واللبن ، وهو جلد الجذع فما فوقه: وجمعه أو طاب ووطاب (نه)(أو الرواية) قال في القاموس هي المزادة فيها الماء: والبعير والبغل والحمار يستقى عليه أهـ والمراد هنا المزادة وهي إناء كبير من جلد يجعل فيه الماء واللبن أيضا (والسقاء) أصغر من المزادة وهو ظرف الماء من الجلد أيضا يوضع فيه اللبن أو الماء للشرب منه (5) أي بطيب نفس منه فاشربوا ، وإن لم يأذن لكم فلا تشربوا (6) أي نفذ زادكم وأصله من الرمل بسكون الميم كأنهم لصقوا بالرمل كما قيل للفقير الترب وخشيتم ضررا فاشربوا مقدار ما يدفع عنكم الضرر قهرا عنه إن أبي بحيث يمسكه اثنان ويشرب الباقي لأن اللبن يقوم مقام الطعام عند فقده والله أعلم {تخريجه} أورده الهيثمي وقال روى ابن ماجه بعضه بغير سياقه ، ورواه أحمد ورجاله ثقات * (7){سنده} حدثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (8) المشربة بفتح الميم ، وفي الراء لغتان الضم والفتح ، وهي كالغرفة يخزن فيها الطعام وغيره ، والاستفهام للإنكار ، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم شبه اللبن في الضرع بالطعام المخزون المحفوظ في الخزانة في أنه لا يحل أخذه بغير إذن صاحبه (9) بالثاء المثلثة مبني للمفعول أي ينتثر كله ويرمي وفي بعض الروايات فينتقل بالقاف بدل الثاء أي يحول من مكان إلى مكان آخر (10) جمع ضرع بفتح أوله كفلس وفلوس وهو لذات الظلف كالثدي للمرأة {تخريجه} (لك فع ق جه هق)(11){سنده} حدثنا خلف قال ثنا عباد بن عباد قال ثنا الحجاج بن أرطاة عن الطهور (بضم المهملة وفتح الهاء) ذهيل عن أبي هريرة الخ {غريبه} (12) هو بمعنى أرملنا أي فنى زادهم كأنهم نفضوا مزاودهم لخلوها (13) اللحاء بالكسر والمد ، والقصر لغة: ما على العود من قشره: ولحوت العود لحوا من باب قال ، ولحيته لحيا من باب نفع أي

ص: 142

-[وعيد من اغتصب أو سرق شيئاً من الأرض ولو قيد شبر]-

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه عسى أن يكون فيها قوت أهل بيت من المسلمين، أتحبون لو أنهم أتوا على ما في أزوادكم (1) فأخذوه، ثم قال إن كنتم لابد فاعلين فاشربوا (2) ولا تحملوا. (باب من اغتصب أو سرق شيئاً من الأرض ولو قيد شبر أو ذراع)(عن أبى مالك الأشعرى)(3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الغلول (4) عند الله عز وجل يوم القيامة ذراع (5) من أرض يكون بين الرجلين أو بين الشريكين فيقتسمان فيسرق أحدهما من صاحبه ذراعاً من أرض فيطوقه (6) من سبع أرضين (وفى لفظ) إذا فعل ذلك طُوّفه من سبع أرضين (عن أبى مالك الأشجعى)(7) عن النبى صلى الله عليه وسلم (8) قال أعظم الغلول عند الله عز وجل ذراع

قشرته ، والمعنى أنهم أتوا على إبل مربوطة ضروعها بقشر الشجر (1) أي مزاودكم جمع مزود كمنبر وهو وعاء يعمل من أدم لحفظ زاد المسائر (وقوله فأخذوه) أي أخذوا ما فيه من الزاد ، والذي نعرفه أن أزواد جمع زاد لا مزود ، ولعله لغة فيه والله أعلم (2) أي بقدر الحاجة فقط ولا تحملوا شيئا معكم {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه ابن ماجه باختصار وفيه الحجاج بن أرطاة وهو ثقة ولكنه مدلس وفيه كلام أهـ (قلت) وفيه أيضا ذهيل الطهوري (بضم الطاء المهملة وفتح الهاء) قال الحافظ في التقريب مجهول {باب} (3){سنده} حدثنا وكيع عن شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشعري الخ {غريبه} (4) الغلول بضم المعجمة الخيانة وكل من خان شيئا في خفاء فقد غل ، ومنه الخيانة في الغنيمة ، وخص يوم القيامة بالذكر لأنه يوم وقوع الجزاء وكشف الغطاء (5) عبر بالذراع على سبيل التمثيل لا التحديد والمراد ذراعه أو أقل أو أكثر كما يفيده حديث (من ظلم قيد شبر من الأرض) وسيأتي في هذا الباب (6) يضم الياء التحتية على البناء للمفعول (وقوله من سبع أرضين) بفتح الراء ويجوز إسكانها ، قال الخطابي له وجهان (أحدهما) أنه يكلف نقل ما ظلم منها (يعني حفر ترابها وحمله) في القيامة إلى المحشر ويكون كالطوق في عنقه لا أنه طوق حقيقة (قلت) ويرشد إلى ذلك حديث يعلي بن أمية الآتي (الوجه الثاني) معناه أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقا في عنقه أهـ ، قال الحافظ ويحتمل أن يكون المراد بقوله يطوقه يكلف أن يجعله طوقا ولا يستطيع ذلك فيعذب به كما جاء في حق من كذب في منامه كلف أن يعقد شعيرة ويحتمل أن يكون التطويق تطويق الإثم ، والمراد به أن الظلم المذكور لازم له في عنقه لزوم الإثم ، ومنه قوله تعالى (ألزمناه طائره في عنقه) ويحتمل أن تتنوع هذه الصفات لصاحب هذه المعصية أو تنقسم بين من تلبس بها فيكون بعضهم معذبا ببعض وبعضهم بالبعض الآخر بحسب قوة المفسدة وضعفها ، هذا جملة ما ذكره الحافظ من الوجوه في تفسير المسألة والله أعلم {تخريجه} (ش طب) وحسنه الهيثمي والمنذري * (7){سنده} حدثنا عبد الملك بن عمرو قال ثنا زهير يعني بن محمد عن عبد الله يعني ابن محمد بن عقيل بن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشجعي الخ {غريبه} (8) هكذا في المسند عن أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم وترجم له في المسند بهذا اللفظ (حديث أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو مالك الأشجعي تابعي وعلى هذا فيكون الحديث مرسلا ، قال المناوي في فيض القدير قال ابن حجر (يعني العسقلاني) سقط الصحابي أو هو الأشعري فليحرر ، كذا رأيته بخطه ثم قال

ص: 143

-[قوله صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئاً من الأرض ظلماً خسف به إلى سبع أرضين]-

من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع (1) أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين إلى يوم القيامة (عن ابن مسعود)(2) قال قلت يا رسول الله أي الظلم أعظم؟ قال ذراع من الأرض ينتقصه من حق أخيه (3) فليست حصاة من الأرض أخذها إلا طوقها يوم القيامة إلى قعر الأرض ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها. (عن ابن عمر)(4) عن النبى صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئاً من الأرض ظلماً خسف (5) به إلى سبع أرضين (عن يعلى بن مرة الثقيفي)(6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذنا أرضاً بغير حقها (7) كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر (وعنه من طريق ثان)(8* قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل ظلم شبراً من الأرض كلفه الله عز وجل أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين ثم يطوقه إلى يوم القيامة حتى يقضى بين الناس (عن الأشعث بن قيس)(9) أن رجلاً

إسناده حسن أهـ قال المناوي والظاهر من احتمالية الأول: فإن أحمد خرّجه عن أبي مالك الأشعري ثم خرّجه بالإسناد نفسه عن أبي مالك الأشجعي فلعله سقط الصحابي سهوا (1) فيه استعارة لأنه شبه من أخذ من ملك غيره ووصله إلى ملك نفسه بمن اقتطع قطعة من شيء يجري فيه القطع الحقيقي {تخريجه} (ش طب) وحسنه الهيثمي والحافظ * (2){سنده} حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن ابن مسعود الخ {غريبه} (3) أي في الإسلام وإن لم يكن من النسب ، وذكر الأخ للغالب فالذمي كذلك ، وشمل الحق ملك الرقبة وملك المنفعة (وقوله فليست حصاة من الأرض الخ) فيه إشارة إلى أن ما فوق ذلك أعظم في الإثم وابلغ في الجرم والعقوبة ، والقصد بذكر الحصاة وغيرها مزيد من الزجر والتنفير من الغصب ولو لشيء قليل جدا وأنه من الكبائر {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وإسناد أحمد حسن * (4){سنده} حدثنا عارم ثنا عبد الله بن المبارك ثنا موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (5) بضم أوله مبني للمغول وتقدم تأويله والكلام عليه في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب {تخريجه} (خ. وغيره) * (6){سنده} حدثنا إسماعيل بن محمد وهو أبو إبراهيم المعقب ثنا مروان يعني الفزاري ثنا أبو يعقوب عن أبي ثابت قال سمعت يعلي بن مرة الثقفي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (7) يعني اغتصبها ظلما بدون مسوغ شرعي كلف نقل ما ظلم به إلى أرض المحشر قال المناوي في قيض القدير وهو استعارة لأن ترابها لا يعود إلى المحشر لفنائها واضمحلالها بالتبديل ، والحشر يقع على أرض بيضاء عفراء كما ورد في بعض الأخبار ، وهذا إنشاء معنى دعاء عليه أو إخبار والله أعلم (8){سنده} حدثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ثنا حسين ابن علي عن زائدة عن الربيع بن عبد الله عن أيمن بن نابل عن يعلي بن مرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {تخريجه} أورده الهيثمي بطريقيه وقال في الطريق الأولى منه رواه (حم طب) وقال في الطريق الثانية رواه (حم طب) والصغير بنحوه بأسانيد رجال بعضها رحال الصحيح ، وقال ثم يطوقه يوم القيامة (9){سنده} حدثنا عبد الله بن نمير ثنا الحارث بن سلمان ثنا كمردوس عن

ص: 144

-[قصة أروى بنت أويس مع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل]-

من كِندة (1) ورجلاً من حضرموت (2) اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض باليمن فقال الحضرمى يا رسول الله أرضى اغتصبها هذا وأبوه، فقال الكندى يا رسول الله أرضى ورثتها من أبى فقال الخضرمى يا رسول الله استحلفه أنه ما يعلم أنها أرضى وأرض والدى والذى اغتصبها أبوه فتهيأ الكندى لليمن: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا يقتطع عبد أو رجل بيمينه مالاً إلا لقى الله يوم القيامة وهو أجذم (3) فقال الكندى هى أرضه وأرض والده (عن أبى سلمة بن عبد الرحمن)(4) أنه دخل على عائشة وهو يخاصم في أرض (5) فقالت عائشة يا أبا سلمة اجتنب الأرض (6) فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد (7) شبر من الأرض طُوّقه يوم القيامة من سبع أرضين (فصل منه في قصة أروى بنت أويس مع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضى الله عنه) * (عن طلحة بن عبد الله بن عوف)(8) قال أتتنى أروى بنت أويس في نفر من قريش فيهم عبد الرحمن بن عمرو بن سهل فقالت إن سعيد بن زيد قد انتقص من أرضى إلى أرضه ما ليس له وقد أحببت أن تأتوه فتكلموه: قال فركبنا إليه وهو في أرضه بالعقيق فلما رآنا قال قد عرفت الذي جاء بكم، وسأحدثكم ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ من الأرض ما ليس له طوّفه إلى السابعة من الأرض يوم القيامة، ومن قتل دون ماله (9) فهو شهيد (وفى لفظ) ومن ظلم من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين (وفى لفظ) إلى سبع أرضين * (عن أبى سلمة)(10) قال قال لنا مروان انطلقوا فأصلحوا بين هذين، سعيد بن زيد وأروى بنت أويس (11)، فأتينا سعيد بن زيد فقال أترون أنى قد استنقصت من حقها شيئاً؟ أشهد لسمعت

الأشعث بن قيس الخ {غريبه} (1) هو امرئ القيس بن عابس الصحابي وهو غير امرئ القيس بن حجر الشاعر المشهور صاحب المعلقة (2) هو ربيعة بنن عبدان (بكسر أوله وسكون الموحدة) وسيأتي التصريح باسمه واسم خصمه في أبواب الدعاوى والبينات (3) فيه تشديد ووعيد شديد لمن اغتصب مال الغير بيمينه ، وفيه منقبة للرجل الكندي حيث رجح عن دعواه خوفا من الله عز وجل ، وفيه دلالة على أنها إذا طلبت يمكن العلم وجبت ، وعلى أن يستحب للقاضي أن يعظ من رام الحلف {تخريجه} (طس) ورجاله عند الإمام أحمد كلهم ثقات (4){سنده} حدثنا يونس ثنا أبان عن يحيى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الخ {غريبه} (5) في رواية لمسلم وكان بينه وبين قومه خصومة في أرض (6) أي فلا تغتصب منها شيئا (7) بكسر القاف وسكون الياء التحتية وفتح المهملة أي قدر شبر {تخريجه} (ق هق) ولمسلم والإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اقتطع شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين * (فصل)(8){سنده} حدثنا يزيد (يعني ابن هارون) أنبأنا محمد ابن إسحاق عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف الخ {غريبه} (9) يعني وهو يدافع المغتصب عن ماله {تخريجه} (عل خز) بلفظ حديث الباب وأخرجه أيضا (ق هق) مختصرا ومطولا بألفاظ متقاربة (10){سنده} حدثنا يزيد أخبرنا ابن أبي ذئب عن الحارث ابن عبد الرحمن عن أبي سلمة الخ (أبو سلمة) هو ابن عبد الرحمن بن عوف {غريبه} (11) هذا السياق يدل على أن أروى خاصمت

ص: 145

-[منقبة لسعيد بن زيد وقصة المرأة التي أخذت شاة وطبختها بغير إذن أهلها]-

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ (وفى لفظ من سرق) شبراً من الأرض بغير حقه طُوّفه من سبع أرضين، ومن تولى قوماً بغير إذنهم (1) فعليه لعنة الله، ومن اقتطع مال أخيه بيمينه فلا بارك الله له فيه (باب من أخذ شاة فذبحها وشواها أو طبخها بغير إذن أهلها) * (عن عاصم ابن كليب) (2) عن أبيه أن رجلاً من الأنصار أخبره قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما رجعنا لقينا داعى امرأة من قريش فقال يا رسول الله إن فلانة تدعوك ومن معك إلى طعام فانصرف فانصرفنا معه فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم (3) ثم جيء بالطعام فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ووضع القوم أيديهم ففطن له القوم (4) وهو يلوك لقمة لا يجيزها (5) فرفعوا أيديهم وغفلوا عنا ثم ذكروا فأخذوا بأيدينا فجعل الرجل يضرب اللقمة بيده حتى تسقط ثم أمسكوا بأيدينا (6) ينظرون ما ينصع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها فألقاها فقال أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها: فقامت المرأة فقالت يا رسول الله إنه كان في نفسى أن أجمعك ومن معك على طعام

سعيد بن زيد إلى مروان بن أحكم وكان إذ ذاك واليا على المدينة كما في بعض الروايات وكان عنده أبو سلمة وآخرون فقال لهم مروان انطلقوا فأصلحوا بين هذين ، وقد جاء ما يؤيد هذا التأويل في صحيح مسلم من حديث هشام بن عروة عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم فقال سعيدا ما كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين: فقال له مروان فما لك بينة بعد هذا (ولمسلم أيضا) وفي رواية أخرى من طريق عمرو بن محمد أن أباه حدثه عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أن أروى خاصمته في بعض داره فقال دعوها وإياها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه في سبع أرضين يوم القيامة ، اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها واجعل قبرها في دارها ، قال فرأيتها عمياء تلتمس الجُدر تقول أصابتني دعوة سعيد بن زيد فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في الدار فوقعت فيها فكانت قبرها (1) أي انتسب إليهم كذبا بقرابة أو مصاهرة أو مخالفة أو عتق أو نحو ذلك لكونهم من ذوي الجاه والشرف واليسار ليعتز بهم في الدنيا (وقوله بغير إذنهم) لا مفهوم له وإنما ذكر تأكيدا للتحريم (فعليه لعنة الله) دعاء عليه بالطرد من رحمة الله عز وجل ، وهو إخبار بأنه استحق ذلك بفعله هذا {تخريجه} (ق حب ك هق){باب} (2){سنده} حدثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن زائدة عن عاصم بن كليب الخ {غريبه} (3) معناه أن الصحابي راوي الحديث كان إذ ذاك غلاما وكان معه غلامان مثله مع أبائهم إلى هذا الطعام وجلسوا بين أيديهم ، ولهذا قال فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم (4) يعني الكبار من الصحابة ، وعند أبي داود فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ، أي يمضغها ، واللوك إدارة الشيء في الفم (5) أي لا يمكنه ابتلاعها (6) معناه أن الصحابة رضي الله عنهم لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم لا يقدر على ابتلاعها رفعوا أيديهم عن الطعام وغفلوا عن منع الغلمان عنه ، ثم تذكروا ذلك فأمسكوا بأيديهم وجعل الرجل منهم يضرب اللقمة التي بيد الغلام حتى تسقط

ص: 146

-[رد المغصوب بعينه إن كان باقياً - وقيمته إن كان من ذوات القيم]-

فأرسلت إلى البقيع (1) فلم أجد شاة تباع وكان عامر بن أبى وقاص ابتاع شاة أمس من البقيع فأرسلت إليه أن ابتُغِي لى شاة في البقيع فلم توجد فذُكِر لى أنك اشتريت شاة فأرسل بها إلىّ فلم يجده الرسول ووجد أهله فدفعوها إلى رسولى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعموها الأسارى (2) * (عن جابر بن عبد الله)(3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مروا بامرأة (4) فذبحت لهم شاة واتخذت لهم طعاماً فلما رجع (5) قالت يا رسول الله إنا اتخذنا لكم طعاماً فادخلوا فكلوا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكانوا لا يبدون حتى يبتدئ النبى صلى الله عليه وسلم فأخذ النبى صلى الله عليه وسلم لقمة فلم يستطع أن يسيغها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم هذه شاة ذبحت بغير إذن أهلها، فقالت المرأة يا نبى الله إنا لا نحتشم (6) من آل سعد بن معاذ ولا يحتشمون منا (7) نأخذ منهم ويأخذون منا.

(باب رد المغصوب بعينه إن كان باقياً، وقيمته إن كان من ذوات القيم أورد مثله إن كان من ذوات الأمثال إذا أتلفه الغاصب أو تلف في يده) * (عن سمرة بن جندب)(8) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال على اليد ما أخذت حتى تؤديه ثم نسى الحسن قال لا يضمن (عن عائشة)(9) رضى الله عنها قالت ما رأيت صانعة طعام مثل صفية (10) أهدت إلى النبى صلى الله عليه وسلم إناءاً فيه طعام

ثم أمسكوا بأيدي الصغار خشية أن تمتد إلى الطعام (1) اسم مكان متسع كانت فيه سوق أهل المدينة وهو غير بقيع الغرقد (2) أي لأنها في حكم المغصوب وما كان كذلك فالأول أن يتصدق به ولا يأكله وإن كانت المرأة ضامنة المثل: لكن الرجل كان غائبا فرأى من المصلحة أن يطعمها أن يطعمها الأسارى ثم تضمن لصاحبها والله أعلم {تخريجه} (د هق قط) وزاد البيهقي والدارقطني بعد قوله صلى الله عليه وسلم أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها (فقالت يا رسول الله أخي وأنا من أعز الناس عليه ولو كان خيرا منهما لم يغبر عليّ) أي لم يطالبني (وعليّ أن أرضيه بأفضل منها فأبى أن يأكل منها وأمر بالطعام للأسارى) وسنده حسن وجهالة الصحابي لا تضر (3){سنده} حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن حميد عن أبي المتوكل عن جابر الخ {غريبه} (4) الظاهر أن أنهم مروا بها وهم يشيعون الجنازة المذكورة في الحديث السابق (5) أي مع أصحابه من دفن الميت دعتهم بنفسها إلى الطعام: لكن في الحديث السابق أن رسولها هو الذي دعاهم ولا منافاة لأنه يجوز أنها أرسلت إليهم وقت مرورهم بالجنازة أولا ثم دعتهم بنفسها عند رجوعهم والله أعلم (6) أي لا تستحي والحشمة الاستحياء وهو يتحشم المحارم أي يتوقاها (7) ظاهر هذا السياق أن الشاة كانت لآل سعد بن معاذ ، وظاهر سياق الحديث السابق أنها كانت لعامر ابن أبي وقاص ، ويمكن الجمع بين الروايتين باحتمال أن امرأة عامر كانت من آل سعد بن معاذ والله أعلم {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، قال وروى النسائي بعضه {باب} (8) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الثاني من كتاب الوديعة والعارية وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة فارجع إليه هناك (9) {سنده} حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن فليت (بالتصغير) حدثني جسرة عن عائشة الخ {غريبه} (10) تعني بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم: والمعنى أنها تمدح صفية وتعجب من حسن صنعها الطعام: وفيه الاعتراف بمزايا

ص: 147

-[ماذا يستحق من زرع في أرض قوم بغير إذنهم؟]-

(وهو عندي)(1) فما ملكت نفسى أن كسرته (2)(قالت فنظر إلىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفت الغضب في وجهه فقلت أعوذ برسول الله أن بلغني اليوم)(3) فقلت يا رسول الله ما كفارته؟ فقال إناء بإناء وطعام بطعام (باب من زرع في أرض قوم بغير إذنهم ومن أخذ شيئاً من الثمر أو الزرع بغير إذن أهله) * (عن رافع بن خديج)(4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ (5) وترد عليه نفقته (6) * (ز. عن عبادة بن الصامت)(7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنه ليس لعرق ظالم (8) حق * (عن عمير مولى آبى اللحم)(9) قال أقبلت مع سادتى نريد الهجرة حتى أن دنونا من المدينة قال فدخلوا

الغير وإن كان منافسا له (1) لفظ (وهو عندي) زائد من رواية لها ستأتي الإشارة إليها ولذا جعلته بين قوسين (2) تريد أن شدة الغيرة تغلبت عليها (3) هذه الجملة التي بين قوسين جاءت في حديث آخر لعائشة أيضا سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب معاشرته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مع زوجاته من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى {تخريجه} (د نس هق) وحسن الحافظ إسناده * (4){سنده} حدثنا أسود بن عامر والخزاعي قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن رافع ابن خديج الخ {غريبه} (5) يعني ما حصل من الزرع يكون لصاحب الأرض ولا يكون لصاحب البذر إلا بذره (وترد عليه نفقته) أي على الغاصب ما أنفقه على الزرع من المؤنة في الحرث والسقي وقيمة البذر وغير ذلك (6) جاء في الأصل بعد قوله نفقته (قال الخزاعي ما أنفقه وليس له من الزرع شيء) والخزاعي هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث ، والمعنى أنه قال في روايته (ما أنفقه) بدل (نفقته) والمعنى واحد والخلاف في اللفظ فقط {تخريجه} (د مذ جه هق طب طل عل ش) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد الله ، قال وسألت محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) عن هذا الحديث فقال هو حديث حسن * (ز)(7) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وتخريجه في باب جامع في أقضية حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأقضية والأحكام إن شاء الله تعالى {غريبه} (8) رواية الأكثر بتنوين عرق ، وظالم نعت له ، قال في النهاية هو أن يجئ الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسا غصبا ليستوجب به الأرض: والرواية لعرق بالتنوين وهو على حذف المضاف أي لذي عرق ظالم فجعل العرق نفسه ظالما والحق لصاحبه ، أو يكون الظالم من صفة صاحب اعرق ، وإن روى عرق ظالم فجعل العرق نفسه ظالما والحق لصاحبه ، أو يكون الظالم من صفة صاحب العرق ، وإن روى عرق بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق والحق للعرق وهو أحد عروق الشجرة أهـ (قلت) بالغ الخطابي فغلط رواية الإضافة ، وقال ربيعة العرق الظالم يكون ظاهرا أو يكون باطنا فالباطن ما احتفره الرجل من الآبار واستخرجه من المعادن ، والظاهر ما بناه أو غرسه ، وقال غيره العرق الظالم من غرس أو زرع أو بنى أو حفر في أرض غيره بغير حق ولا شبهة والله أعلم * (9){سنده} حدثنا ربعي بن إبراهيم ثنا عبد الرحمن يعني ابن إسحاق حدثني أبي عن عمه ، وعن أبي بكر بن زيد بن المهاجر أنهما سمعا عميرا مولى آبى اللحم قال أقبلت مع سادتي الخ (قلت (آبى اللحم) بمد الهمزة مختلف في اسمه ، ولقب بذل لأنه كان لا يأكل مما ذبح للأصنام غفاري صحابي ، وعنه مولاه عمير استشهد يوم

ص: 148

-[ما حكم من قطع عذقاً أو أكثر من نخل غيره أو رمى النخل ليأكل من ثمره؟]-

المدينة وخلفوني في ظهرهم، قال فأصابنى مجاعة شديدة قال فمر بى بعض من يخرج إلى المدينة فقالوا لى لو دخلت المدينة فأصبت من ثمر حوائطها (1) فدخلت حائطاً فقطعت منه قنوين (2) فأتانى صاحب الحائط فأتى بى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره وعلىّ ثوبان فقال لى أيهما أفضل؟ فأشرت له إلى أحدهما فقال خذه وأعطى صاحب الحائط الآخر وخلى سبيلى (3) * (حدّثنا معتمر)(4) قال سمعت ابن أبى الحكم الغفارى يقول حدثتنى جدتى عن عم أبى رافع بن عمرو الغفارى قال كنت وأنا غلام أرمى نخلاً للأنصار فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فقيل إن هاهنا غلاماً يرمى نخلنا فأتى بى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا غلام لم ترمى النخل؟ قال قلت آكل قال فلا ترمى النخل وكل ما يسقط في أسافلها (5) ثم مسح رأسى وقال اللهم أشبع بطنه (باب ما جاء في جناية البهائم)(ز)(عن عبادة بن الصامت)(6) قال إن من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المعدن (7) جبار والبتر (8)

حنين سنة ثمان {غريبه} (1) جمع حائط المراد هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار (2) تثنية قنو بكسر القاف وهو العذق بما فيه من الرطب وجمعه أقناه (3) الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخذ منه الثوب وأعطاه لصاحب الحائط إلا لكونه أخذ أكثر من كفايته ، لأنه مهما اشتد به الجوع لا يأكل أكثر من قنو واحد: فالثوب في نظر القنو الثاني الزائد عن حاجته والله أعلم {تخريجه} (طب) وفي إسناده أبو بكر بن المهاجر: ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وبقية رجاله ثقات (4) {حدثنا معتمر الخ} هذا السند بلفظه عند أبي داود من طريق معتمر بن سليمان أيضا وكذلك عند ابن ماجه إلا أن عنده حدثتني جدتي عن عم أبيها رافع بن عمرة الغفاري الخ وفيه إبهام عند الجميع: لكن رواه الترمذي من غير هذا الطريق بدون إبهام فقال ، حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث الخزاعي ثنا الفضل ابن موسى عن صالح بن أبي جبير عن أبيه عن رافع بن عمرو قال كنت أرمي نخل الأنصار فأخذوني فذهبوا بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رافع لم ترمي نخلهم؟ قال قلت يا رسول الله الجوع ، قال لا ترم وكل ما وقع ، أشبعك الله وأرواك ، {غريبه} (5) أذن له النبي بالأكل مما سقط ولم يأذن له بالرمي لأن العادة جارية بمسامحة الساقط لا سيما للصغار المائلين إلى الثمار ، وقال المظهر إنما أجاز له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل مما سقط للاضطرار ، وإلا لم يجز له أن يأكل مما سقط أيضا لأنه مال الغير {تخريجه} (د مذ جه) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح {باب} * (ز)(6) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله وتخريجه في باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأقضية والأحكام {غريبه} (7) بفتح الميم وكسر الدال المهملة يطلق على المنبت أي المكان الذي يستخرج منه جواهر الأرض كالماس والذهب والفضة والحديد والنحاس ونحو ذلك ، وعلى الشيء المستخرج والمراد هنا الأول (وقوله جبار) بضم الجيم وتخفيف الموحدة أي هدر لا يغرم كما فسر في الحديث والمعنى أنه إذا استأجر إنسانا لاستخراج معدن من الأرض فانهارت عليه فلا ضمان عليه (8) البئر بهمزة ويبدل (جبار) أي هدر كما تقدم وهو على حذف مضاف أي تلف البئر جبار ومعنى

ص: 149

-[ما جاء في جنابة البهائم ومن الضامن لما أفسدته]-

جبار والعجماء (2) وجُرحها جُبار، والعجماء البهيمة من الأنعام وغيرها (2) والجبار هو الهدر الذي لا يغرم * (عن البراء بن عازب)(3) أنه كانت له ناقة ضارية (4) فدخلت حائطاً فأفسدت فيه (5) فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حفظ الحوائط بالبهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها وأن ما أصابت الماشية بالليل فهو على أهلها (6) * (عن حرام بن محيِّصة)(7) عن أبيه أن ناقة للبراء دخلت حائطاً فأفسدت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الأموال حفظها بالنهار وعلى أهل المواشى حفظها بالليل (باب دفع الصائل وإن أدى إلى قتله وأن المصول عليه يقتل شهيداً) * (عن قهيد بن مطرف)(8) الغفارى قال سأل سائل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن عدا علىّ عاد (9) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره (10) وأمّره بتذكيره ثلاث مرات (وفي لفظ

ذلك أن يحفرها إنسان في ملكه أو في موات فيتردى فيها إنسان أو تنهار على من استأجره لحفرها فيخلك فلا ضمان عليه: أما إذا حفرها في الجادة أي الطريق أو في ملك غيره فسيق فيها حيوان أو إنسان فتردى وجب الضمان (1) العجماء البهيمة من الأنعام كما فسرت في الحديث وهي الإبل والبقر والغنم وسميت عجماء لأنها لا تتكلم وكل ما لا يقدر على الكلام فهو أعجم (وقوله وجرحها جبار) ليس الحكم مختصا بالجرح بل هو مثال نبه به على غيره فالمراد أنها إذا انفلتت وصدمت إنسانا فأتلفته أو أتلفت مالا فلا غرم على المالك إذا حصل ذلك نهارا ولم يكن معها قائد ولا سائق ، فإن كان معها أحد فهو ضامن ، أما إذا حصل ليلا فصاحبها ضامن ولو لم يكن معها أحد لأنه قصر في ربطها ، إذ العادة أن تربط الدواب ليلا وتسرح نهارا (2) أي كالخيل والبغال والحمير ، وهذا الحديث له شاهد من حديث أبي هريرة رواه الشيخان والإمام أحمد والأربعة وتقدم في باب ما جاء في الركاز والمعدن رم 68 صحيفة 25 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع فارجع إليه إن شئت * (3){سنده} حدثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعي عن الزهري عن حرام بن محيصة عن البراء بن عازب الخ {غريبه} (4) بوزن جارية المواشي الضارية هي المعتادة لرعي زروع الناس (والحائط) تقدم تفسيره مرارا وهو البستان من النخيل والزرع إذا كان عليه حائط وهو الجدار (5) أي أتلفت شيئا من النخيل أو الزرع الذي فيه (6) المعنى أنه إذا حصل تلف من الماشية بالنهار فالتقصير منن صاحب الحائط فلا ضمان ، وإن حصل تلف منها بالليل فالتقصير من صاحبها فعليه الضمان وبه قال الجمهور {تخريجه} (د جه) وسنده جيد * (7){سنده} حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه الخ (حرام) بفتح الحاء والراء المهملتين هو ابن سعد وينسب إلى جده (محيصة) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الياء التحتية مكسورة ، قال البغوي في الإكمال وابن الأثير في جامع الأصول حرام بن سعد بن محيصة تابعي روى عن أبيه والبراء بن عازب وعنه الزهري وقال ابن سعد ثقة توفي سنة ثلاث عشرة ومائة {تخريجه} (د نس جه قط حب هق) والإمامان وصححه ابن حبان: قال الشافعي أخذنا به لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله * {باب} (8){سنده} حدثنا يعقوب ثنا عبد العزيز بن المطلب المخزومي عن أخيه الحكم بن المطلب عن أبيه عن قهيد الخ (قهيد) يضم القاف وفتح الهاء مصغرا (ومطرف) بضم أوله وفتح ثانيه ثم راء مشددة مكسورة {غريبه} (9) العادي الظالم وقد عدا يعدو عليه عدوانا ، وأصله من تجاوز الحد في الشيء ، والمعنى يريد أخذ مالي أو قتلي أو هتك بيتي (10) أي ذكره بأن هذا التعدي حرام وخوّفه من عقاب الله (وفي اللفظ)

ص: 150

-[ما جاء في دفع المعتدى بالتى هى احسن فان لم يرجع فليقاتل وان أدى الى قتله]-

فأمره أن ينهاه ثلاث مرات) فان أبى فقاتله فان قتلك فانك فى الجنة (1) وإن قتلته فانه فى النار (2)(عن أبى هريرة)(3) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن عدى (4) على مالى؟ قال قال فانشد الله (5)، قال فان أبوا علىّ؟ قال أنشد الله، قال فان أبوا علىّ؟ قال فانشد الله قال فان أبوا علىّ؟ قال فقاتل (6) فان قتلت ففى الجنة، وإن قتلت ففى النار. {عن قابوس بن المخارق} (7) عن أبيه قال أتى رجل النبى صلى الله عليه وسلم فقال أن أتأنى رجل يأخذ مالى؟ قال تذكره باللع تعالى، قال أرأيت أن ذكرته بالله فلم ينته (قال تستعين عليه بالسلطان، قال أرأيت ان كان السلطان منى نائيًا قال تستعين عليه بالمسلمين، قال أرأيت ان لم يحضرنى أحد من المسلمين وعجل علىّ؟ قال فقاتل حتى تحوز مالك أو تقتل فتكون فى شهداء الآخرة (8). (من زيد بن على بن الحسين)(9) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل دون (10) ماله فهو شهيد (عن ابن عباس)(11) عن النبى صلى الله عليه وسلم من قتل دون مظلمة فهو شهيد (كتاب الشفعة).

الآخر) فأمره أن ينهاه يعنى عن هذا الفعل الذميم الذى يعاقب الله فاعله عقابًا صارمًا (1) أى لأنه مات مظلومًا ولحديث (مر قتل دون ماله فهو شهيد) وسيأتى (2) أى لأنه تعدى حدود الله وظلم وعصى الله عز وجل والله تعالى يقول {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها} (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم طب بز) ورجالهم ثقات. (3)(سنده) حدّثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعنى ابن الهاد عن عمرو بن قهيد بن مطرف الغفارى عن أبى هريرة الخ (غريبه)(4) مبنى للمفعول أى إن تعدى قوم على مالى (5) أى أقسم عليهم بالله أن يكفوا عنك ويتركوك (6) أمره النبى صلى الله عليه وسلم بالمقاتلة بعد ان يناشدهم الله ثلاثًا، وفيه ان الدفاع عن المال واجب (وقوله فان قتلت) بضم اوله وكسر ثانيه (وان قتلت) بفتح أوله وثانيه (تخريجه)(م. وغيره). (7)(سنده) حدّثنا حسين بن محمد ثنا سليمان بن قرم عن سماك عن قابوس بن المخارق الخ (غريبه)(8) شهداء الآخرة هم الذين لهم حكم الشهداء فى ثوب الآخرة دون أحكام الدنيا كالمطعون والمبطون ومن قتل دون ماله، وتقدم تفصيل ذلك فى باب جامع الشهداء ص 34 من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر فارجع إليه (تخريجه)(نس) واسحاق بن راهويه فى مسنده وابن قانع فى معجم الصحابة وسنده جيدء (9)(سنده) حدّثنا أبو يوسف المؤدب يعقوب جارنا ثنا ابراهيم بن سعد عن عبد العزيز بن المطلب عن عبد الرحمن بن الحارث عن زيد على بن الحسين الخ (غريبه)(10) قال القرطبى دون فى أصلها ظرف مكان بمعنى تحت وتستعمل للخلفية على المجاز، ووجهه أن الذى يقاتل عن ماله غالبًا إنما يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل اهـ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات اهـ (قلت) وروى الشخيان مثله عن أبى هريرة. (11)(سنده) حدّثنا موسى بن داود قال ثنا ابراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن عباس الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد وقال الهيثمى رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وله شاهد من حديث بن مقرن أورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للنسائى والضياء المقدسى ورمز له بالصحة، وفى الباب عند الإمام احمد أحاديث أخرى عن عبد الله بن عمرو وسعد بن أبى وقاص وسعيد بن زيد وغيرهم من الصحابة تقدمت فى باب جامع الشهداء وأنواعهم ص 34

ص: 151

-[ما جاء في الشفعة وفى أى شيء تكون ولمن تكون]-

(باب الأمر بالشفعة)(1). (عن جابر بن عبد الله)(2) عن النبى صلى الله عليه وسلم أيكم كانت له أرض أو نخل فلا يبيعها (3) حتى يعرضها على شريكه (وعنه من طريق ثان)(4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه مزارعة (5) فأراد أن يبيعها فليعرضها على صاحبه فهو أحق بها بالثمن (6)(وعنه أيضًا)(7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان شريكًا فى ربعة (8) أو نخل فليس له أن يبيع حتى يؤذن (9) شريكه فان رضى أخذ وان كره ترك. (باب فى اى شئ تكون الشفعة ولمن تكون). (عن جابر بن عبد الله)(10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة فى كل شرك (11) ربعة (12) أو حائط، لا يصلح له أن يبيع حتى يؤذن شريكه (13) فان باع فهو أحق به حتى يؤذنه. (ز)(عن عبادة بن الصامت)(14) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة بين

في الجزء الرابع عشر من كتاب الجهاد (باب)(1) معنى الشفعة فى الشرع انتقال حصة الشريك إلى شريك كانت انتقلت إلى أجنبى بمثل العوض المسمى، ولم يختلف العلماء فى مشروعيتها إلا ما نقل عن أبى بكر الأصم من إنكارها قاله الحافظ. (2)(سنده) حدّثنا سفيان عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(3) هكذا فى الأصل بثبوت الياء التحتية بعد الموحدة على أن لا نافية ولكنها فى معنى النهى، وحمل الجمهور هذا النهى على الكراهة أى يكره بيعه قبل إعلامه شريكه (تخريجه)(جه) وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات (4)(سنده) حدّثنا الحجاج بن ارطاة عن أبى الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) قال فة القاموس المزارعة المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها اهـ وفيه الأمر بعرض المبيع على الشريك قبل بيعه للغير وأن الشفعة تكون فى الزرع أيضًا. وحمل الجمهور الأمر على الندب وخالف آخرون، انظر مذاهب الأئمة فى حكم الشفعة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 211 و 212 فى الجزء الثانى (6) اى يمثل الثمن الذى يبيعه الأجنبى (تخريجه)(م د ش هق). (7)(سنده) حدّثنا يحيى بن بكير زهير ثنا ابو الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان شريكًا الخ (غريبه)(8) تأنيث ربع وكلاهما بفتح الراء وسكون الموحدة وهو المنزل الذى يرتبعون فيه اى يقيمون فيه أيام الربيع ثم سمى به الدار والمسكن (9) أى يعلمه بالبيع (تخريجه)(م وغيره)(باب)(10)(سنده) حدّثنا اسماعيل عن ابن جريج عن ابى الزبير عن جابر الخ (غريبه)(11) بكسر المعجمة وسكون الراء من أشركته فى البيع إذا جعلته شريكًا لك (12) بدل من شرك وتقدم ضبطه وتفسيره فى شرح الحديث السابق (والحائط) ها هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار، وهو المعبر عنه فى الحديث السابق بقوله أو نخل (13) أى لا يباح له أن يبيع حصته حتى يؤذن شريكه اى يعلمه ارادة بيعها، قال ابن الملك وفى ذكر الشريك مطلقًا دلالة على ثبوت الشفعة للذمى على المسلم وهو مذهب الجمهور، وقال احمد لا تثبت والحديث حجة عليه اهـ (تخريجه)(م د ش هق). (ز)(14) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله وشرحه فى باب جامع فى قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتاب الأقضية والأحكام (تخريجه)(طب) وهو من رواية اسحق عن عبادة ولم يدركه قال الشوكاني

ص: 152

-[قوله صلى الله عليه وسلم جار الدار احق بالدار من غيره]-

الشركاء في الأرضين والدور (عن سمرة بن جندب)(1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جار الدار أحق بالدار من غيره (عن جابر بن عبد الله)(2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار احق بشفعة جاره (3) ينتظر بها وإن كان غائبًا إن كان طريقهما واحدًا (4)(عن الشريد بن سويد الثقفى)(5) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال جار الدار أحق بالدار من غيره (عن الحكم عمن سمع عليًا واين مسعود)(6) يقولان قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجوار (عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد)(7) قال قلت يا رسول الله أرض ليس لأحد فيها شرك (8) ولا قسم إلا الجوار، قال الجار أحق بسقبه (9)

ويشهد لصحته الأحاديث الواردة فى ثبوت الشفعة فيما هو اعم من الأرض والدار اهـ (قلت) واورده صاحب المنتقى وقال ويحتج بعمومه من أثبتها للشريك فيما تضره القسمة. (1)(سنده) حدّثنا بهز وعفان قالا ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة الخ (تخريجه)(د هق طب مذ) وقال الترمذى حديث سمرة حسن صحيح اهـ وقد استدل به القائلون بثبوت الشفعة للجار، وأجاب عنه القائلون بعدم الشفعة بالجوار بان المراد بالجار هو الشريك: انظر القول الحسن شرح بدائع المنن ص 211 و 212 فى الجزء الثانى. (2)(سنده) حدّثنا هشيم أنا عبد الملك عن عطاء عن جابر الخ (غريبه)(3) قال البغوى فى شرح السنة هذه اللفظة تستعمل فيمن لا يكون غيره أحق منه والشريك بهذه الصفة أحق من غيره وليس غيره أحق منه اهـ (وقوله ينتظر بها) مبنى للمفعول (وإن كان غائبًا) وفيه دلالة على أن شفعة الغائب لا تبطل وإن تراخى (قال الشوكانى) وظاهره أنه لا يجب عليه السير متى بلغه الطلب أو البعث برسول كما قال مالك، وعنده الهادوية أنه يجب عليه ذلك إذا كان مسافة غيبته ثلاثة أيام فما دونها، وإن كانت المسافة فوق ذلك لم يجب (4) أى طريق الجارين أو الدرين، وفى هذا القيد دلالة على أن الجواز بمجرده لا تثبت به الشفعة بل لابد معه من اتحاد الطريق، ويؤيد هذا الاعتبار قوله فى حديث جابر الآتى فى الباب التالى (فإذا وقعت الحدود وصرّفت الطرق فلا شفعة (تخريجه) (د مذ جه هق مى) وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب (قلت) ورجاله ثقات. (5) (سنده) حدّثنا عفان ثنا همام أنا قتادة عن عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد الخ (تخريجه) أخرجه ابن سعد فى الطبقات وسنده جيد. (6) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن منصور عن الحكم عمن سمع عليًا وابن مسعود الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفيه إبهام وإجمال: لأنه لم يسم الرجال الذى سمع من على وابن مسعود، قال البغوى ليس فى هذا الحديث ذكر الشفعة فيحتمل أن يكون المراد به الشفعة، ويحتمل أن يكون أحق بالبر والمعونة اهـ (قلت) ومع هذا فالحديث ضعيف لا يحتج به وفى الباب ما يغنى عنه والله اعلم (7)(سنده) حدّثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب حدثنى عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد الخ (غريبه)(8) بكسر أوله وسكون ثانيه وكذا (ولا قسم) اى نصيب (9) بفتح السين المهملة والقاف بعدها باء موحدة ويقال، بالصاد بدل السين المهملة، ويجوز فتح القاف وإسكانها وهو القرب والمجاورة، ومعناه الجار أحق بالدار الساقية اى القريبة (ما كان) اى مدة كونه جارًا، ومن لا يقول بشفعة الجار حمل الجار على الشريك فإنه يسمى جارًا، أو يحمل الباء على السببية أى أحق بالبر والمعونة بسبب قرب جاره، قال الحافظ السيوطى سئل الأصمعى عنه فقال لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم ان السقيب اللزيق (تخريجه) (د نس جه طل هق قط

ص: 153

-[قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فى كل ما لم يقسم وكلام العلماء فى ذلك]-

ما كان (عن أبى رافع)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجار أحق بصقبه أو بسبقه (2)(باب متى سقط الشفعة). (عن جابر بن عبد الله)(3) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فى كل ما لم يقسم (4) فاذا وقعت الحدود (5) وصرّفت الطرق بلا شفعة (كتاب اللقطة)(باب جامع لآداب اللقطة (6) وأحكامها). (عن خالد بن زيد الجهنى)(7) عن أبيه زيد بن خالد أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم أو أن رجلًا (8) سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن ضالة راعى (9)

حب) وسنده جيد. (1)(سنده) حدّثنا سفيان عن ابراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبى رافع الخ (غريبه)(2) أو للشك من الراوى يشك هل قال بصقبه بالصاد المهملة أو بسبقه بالسين المهملة بدل الصاد وكلا الأمرين جائز ومعناهما واحد وهو القرب، وتقدم الكلام على ذلك فى الحديث السابق (تخريجه)(خ) مطولًا وفيه قصة ولفظه- عن عمرو بن الشريد- قال وقفت على سعد بن أبى وقاص فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبى إذ جاء أبو رافع مولى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا سعد ابتع منى بيتىّ فى دارك فقال سعد والله ما ابتاعهما، فقال المسور والله لتبتاعنهيا، فقال سعد والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة، قال أبو رافع لقد أعطيت بها خمسمائة دينار ولولا أنى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول الجار أحق بسبقه ما أعطيتكها باربعة آلاف وأنا أعطى بها خمسمائة دينار فأعطاه إياها (باب). (3)(سنده) حدّثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا معمر عن الزهرى عن أبى سلمة عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(4) ظاهر هذا العموم ثبوت الشفعة فى جميع الأشياء وأنه لا فرق بين الحيوان والجماد والمنقول وغيره، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من العلماء ذكرتهم فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 211 فى الجزء الثانى فارجع إليه (5) أى حصلت قسمة الحدود فى البيع وانضحت بالقسمة مواضعها (وصرفت) بضم الصاد وتخفيف الراء المكسورة وقيل بتشديدها أى بينت مصارفها وشوارعها بأن تعددت وحصل لكل نصيب طريق مخصوص وقد استدل به من قال إن الشفعة لا تثبت إلا بالجلطة لا بالجوار (تخريجه)(خ د مذ جه وغيرهم)(باب)(6) اللقطة بضم اللام وفتح القاف ويجوز إسكانها، والمشهور عند المحدثين فتحها، قال الأزهرى وهو الذى سمع من العرب وأجمع عليه أهل اللغة والحديث، ويقال لقاطة بضم اللام، وهى فى اللغة، الشئ الملقوط، وشرعًا ما وجد من حق ضائع محترم غير محرز ولا ممتنع بقوته ولا يعرف الواجد مستحقه. (7)(سنده) حدّثنا عبد الرازق قال ثنا معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب عن خالد بن زيد الجهنى الخ (غريبه)(8) أو للشك من بعض الرواة هل المسائل زيد أو رجل آخر، وفى الطريق الثانية، جاء اعرابى، وهذه الرواية ترجح أن السائل غير زيد، ورجح الحافظ أنه سويد والد عقبة بن سويد الجهنى لما فى معجم البغوى بسند جيد أنه قال (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة) قال وهو أولى ما فسر به المبهم الذى فى الصحيح لكونه من رهط زيد بن خالد (9) هكذا هذه الرواية عند الإمام أحمد بزيادة لفظ راعى واضافة إليه فى الموضعين وباقى الروايات عنده وعند غيره بدون لفظ راعى وإنما بلفظ ضالة الغنم، ضالة الإبل كما سيأتى وكلاهما صحيح المعنى (فائدة) قال الأزهرى وغيره لا يقع اسم الضالة إلا على الحيوان، يقال ضل الإنسان والبعير وغيرهما من الحيوان

ص: 154

-[ما جاء في اللقطة وضالة الابل والغنم ونحوها]-

الغنم؟ قال هي لك أو للذئب (1)، قال يا رسول الله ما تقول فى ضالة راعى الإبل؟ قال ومالك ولها (2)، معها سقاؤها وحذاؤها (3) وتأكل من أطراف الشجر (4)، قال يا رسول ما تقول فى الورق (5) إذا وجدتها؟ قال اعلم وعاءها (6) ووكاءها وعددها (7) ثم عرفها سنة، فان جاء صاحبها فادفعها إليه وإلا فهى لك أو استمتع بها أو نحو هذا (8)(وعنه من طريق ثان)(9) قال جاء إعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم بلقطة فقال عرفها سنة فذكر نحو ما تقدم (10)(وعنه من طريق ثالث)(11) سئل النبى صلى الله عليه وعلى وآله وصحبه وسلم وعن ضالة الإبل فغضب واحمرت وجنتاه (12) وقال مالك ولها، معها الحذاء والسقاء، ترد الماء وتأكل الشجر حتى تجيئ ربّها، وسئل عن ضالة الغنم فقال خذها فإنما هى لك أو لأخيك (13) أو للذئب،

وهي الضوال، وأما الأمتعة وما سوى الحيوان فيقال لها لقطة ولا يقال ضالة (1) معناه الاذن فى أخذها لأنه إن لم يأخذها أخذها الذئب ولا سبيل إلى تركها للذئب فإنه إضاعة مال (2) استفهام إنكارى ومعناه النهى عن أخذها لأنها لا يخشى عليها الضياع ولا الجوع ولا العطش (معها سقاؤها) بكسر المهملة والمد جوفها، ومعناه أنها تقوى على ورود المياه وتشرب فى اليوم الواحد وتملأ كرشها بحيث يكفيها الأيام، أو المراد بالسقاء العنق أى ترد الماء وتشرب من غير ساق يسقيها (3) بكسر المهملة وبالذال المعجمة ممدودة أخفافها لأنها تقوى بها على السير وقطع البلاد الشاسعة (4) أى لا يخشى عليها الجوع لأنها إذا لم تجد كلأ أمكنها الأكل من أطراف الشجر بسهولة لعلوها وطول عنقها، والمراد النهى عن التعرض لها لأن الأخذ إنما هو للحفظ على صاحبها والابل لا تحتاج إلى حفظ لأنها محفوظة بما خلق الله فيها من القوة والمنعة وما يسر لها من الأكل والشرب (5) بكسر الراء الفضة: وفى بعض الروايات بلفظ اللقطة بدل الورق وفى بعضها الذهب والفضة كما فى رواية لمسلم وهو كالمثال وإلا فلا فرق بين ما ذكر وبين الجوهر واللؤلؤ وغير ذلك مما يستمتع به غير الحيوان فى تسميته لقطة واعطائه حكمها (6) بكسر الواو أى الكيس الذى يحفظ النفقة جلدًا كان أو غيره (والوكاء) بكسر الواو وبالهمزة ممدودًا الخيط الذى يشد به الصرة والكيس ونحوهما (7) أى عدد ما فيها من القطع، وفى وجوب هذه المعرفة وندبها قولان أظهرهما الوجوب لظاهر الأمر (وقوله ثم عرفها الخ) بكسر الراء الثقيلة أى اذكرها للناس سنة بمظان طلبها كأبواب المساجد والأسواق ونحوهما بقول من ضاعت له نفقة ونحو ذلك من العبارات ولا يذكر شيئًا من الصفات (8) معناه إن جاءها صاحبها فادفعها إليه وإلا فيجوز لك أن تتملكها بعد التعريف المتقدم (9)(سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن قال حدثنى يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهنى قال جاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (10) أى نحو ما تقدم فى الحديث السابق (11)(سنده) حدّثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن يزيد مولى المنبعث قال يحيى أخبرنى ربيعة أنه قال عن زيد بن خالد فسألت ربيعة فقال أخبرنيه عن زيد بن خالد سئل النبى صلى الله عليه وسلم الخ (12) الوجنة من الانسان ما ارتفع من لحكم خده، وإنما غضب صلى الله عليه وسلم لكونه كره السؤال عن أخذها مع عدم ظهور الحاجة اليه، ومال للغير لا يباح أخذه إلا لحاجة (13) يعنى لأخيك فى الدين: والمراد به ملتقط آخر، فلا معنى لتركها لآخر لا يعرف حاله يلتقطها أو للذئب

ص: 155

-[ما جاء في لقطة الذهب والفضة وما جاء فى معناهما من الأشعة]-

وسئل عن اللقطة، (1) فقال اعرف عفاصها (2) ووكاءها ثم عرفها سنة فإن اعرفت (3) وإلا فاخلطها بمالك. (عن عمرو بن شعيب)(4) عن أبيه عن جده قال سمعت رجلًا من مزينه يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يا رسول الله جئت أسألك عن الضالة من الابل؟ قال معها حذاؤها وسقاؤها تأكل الشجر وترد الماء فدعها حتى يأتيها باغيها، قال الضالة من الغنم؟ قال لك أو لأخيك أو للذئب تجمعها حتى يأتيها باغسها، قال الجريسة (5) التى توجد فى مراتعها، قال فيها ثمنها مرتين وضرب نكالٍ، وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن قال يا رسول الله فالثمار؟ وما أخذ منها فى أكمامها، قال من أخذ بفمه ولم يتخذ وخبنة فليس عليه شئ، ومن احتمل عليه ثمنه مرتين وضربًا ونكالًا، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن، قال يا رسول الله واللقطة نجدها فى سبيل العامر؟ (6) قال عرفها حولًا فإن وجد باغيها (7) فأدها إليه وإلا فهى لك، (8) قال ما يؤخذ فى الخرب (9) العادىّ قال فيه وفى الركاز (10) الخمس (باب ما جاء لقطة الذهب والفضة وما جاء فى معناهما من الأمتعة)(عن سلمة بن كهيل)(11) قال سمعت سويد بن غفلة قال غزوت مع زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة فوجدت سوطًا فأخذته فقالا لى أطرحه فقلت لا ولكن أعرسفه فإن وجدت من يعرفه وإلا استمتعت به فأبيا

يأكلها، والتعبير بالذئب ليس بقيد فالمراد جنس ما يأكل الشاة ويفترسها من السباع، وفى هذه الرواية التصريح بأخذ ضالة الغنم (1) عبر عن الحيوان بالضالة فقال ضالة الابل وضالة الغنم: ومن الأمتعة باللقطه وهذا التعبير يؤيد ما تقدم عن الأزهرى (2) بكسر العين المهملة الكيس الذى يحفظ النفقة جلدًا كان أو غيره (3) مبنى للمجهول أى عرفها صاحبها أو عرف هو: فان لم يعرف لها صاحب بعد التعريف فللملتقط أن يستمع بها وتكون وديعة عنده، فان جاء صاحبها أخذها (تخريجه)(ق لك فع هق. والأربعة)(4)(سنده) حدّثنا يعلى ثنا محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه)(5) هذه الجملة وما بعدها إلى قوله- قال يا رسول الله واللقطة نجدها- ستأتى ويأتى شرحها فى الباب الثانى من أبواب القطع فى السرقة من كتاب الحدود ان شاء الله تعالى (6) أى الطريق العامة المسماة بالجادة، وهى الطريق المسلوكة يأتيها عامة الناس (7) أى طالبها وهو صاحبها (وقوله فأدها اليه) أى بعد التحقق من كونها له بمعرفة عددها وصفاتها كما تقدم فى الروايات السابقة (8) أى بعد التعريف حولًا، وهذه الرواية تدل على أن التعريف حول فقط وبه قال الجمهور (9) بفتح المعجمة وكسر الراء ضد العامر والعادىّ بتشديد الياء التحتية أى القديم منسوب الى عاد لقدمه ولم يرد عادًا بعينها (10) بكسر الراء وتخفيف الكاف آخره زاى معجمة من الركز اذا دفنه والمراد الكنز الجاهلى المدفون فى الأرض، وقيل يشمل المعدن أيضًا وانما وجب الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه وتقدم الكلام على الركاز فى بابه من كتاب الزكاة فى الجزء التاسع صحيفة (تخريجه)(نس مذ جه هق ك) وحسنه الترمذى وصححه الحاكم (11)(سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت سويد بن غفلة (وقال عبد الله بن الامام احمد) حدثنى عبيد الله بن عمر القواريرى ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن شعبة حدثنى سلمة بن كهيل قال سمعت سويد بن غفلة الخ (تنبيه) هذا الحديث روى باسنادين كما ترى الأول للامام أحمد والثاني لابنه

ص: 156

-[وجوب تعريف اللقطة ومدة تعريفها]-

علي وأبيت عليهما، فلما رجعنا من غزاتنا حججت فأتيت المدينة فلقيت أبىّ بن كعب فذكرت له قولهما وقولى لهما، فقال وجدت صرّة فيها مائة دينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال عرّفها حولًا فلم أجد من يعرفها فقال عرّفها حولًا ثلاث مرات (1) ولا أدرى قال له ذلك فى سنة أو فى ثلاث سنين (2) فقال له فى الرابعة اعرف عددها ووكاءها فان وجدت من يعرفها وإلا فاستمتع بها، وهذا لفظ حديث يحيى بن سعيد وزاد محمد ابن جعفر فى حديثه قال فلقيه (3) بعد ذلك بمكة فقال لا أدرى ثلاثة أحوال أو حولًا واحدًا (وفى لفظ آخر)(4) من طريق حماد بن سلمة عن سلمة بن كهيل قال فعرِّفها عامين أو ثلاثة قال اعرف عددها ووعاءها ووكاءها واستمتع بها، فان جاء صاحبها فعرف (5) عدتها ووكاءها فأعطاه اياه. (ز)(عن أبى بن كعب)(6) قال التقطت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة دينار فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عرّفها سنة، فعرفتها سنة، ثم أتيته فقلت قد عرفتها سنة، فقال

عبد الله وكلاهما يجتمع فى شعبة (غريبه)(1) ثلاث مرات مفعول لأتيته أى أتيته ثلاث مرات كل مرة يقول عرفها حولًا، وليس مفعولًا لقال كما توهم عبارته، ويؤيد ذلك ما جاء فى رواية لمسلم من هذا الطريق نفسه أن أبيا أتى النبى صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وفى كل مرة يقول له عرفها حولًا ففعل ثم قال له بعد ذلك احفظ عددها ووكاءها فان جاء صاحبها والا فاستمتع بها، وما جاء فى رواية للامام احمد من طريق ابن نمير عن سفيان عن سلمة بن كهيل ايضًا بمثل رواية مسلم، ويؤيد ذلك أيضًا قوله فى هذه الرواية فقال لى فى الرابعة اعرف عددها الخ فهة رابعة باعتبار مجيئه وثالثه باعتبار التعريف (2) القائل لا أدرى هو سلمة بن كهيل راوى الحديث عن سويد بن غفلة عن أبىّ بن كعب يشك سلمة هل التعريف الذى أراده النبى صلى الله عليه وسلم يكون فى سنة أو فى ثلاث سنين (3)((القائل فلقيته)) هو شعبة يقول لقيت سلمة بن كهيل بعد ذلك بمكة فقال (أى سلمة) لا أدرى أى هل قال سويد بن غفلة ثلاثة أحوال أو حولًا واحد، وقد أزال هذا الشك ما جاء فى رواية لمسلم (قال شعبة فسمعته بعد عشر سنين يقول عرّفها (بلفظ الماضى) عامًا واحدًا (4) هذا اللفظ جاء عند الامام احمد بإسنادين (أحدهما) قال عبد الله بن الامام حدثنى أبى ثنا بهز ثنا حماد بن سلمة ح (والثانى) من زوائد عبد الله على مسند أبيه، قال عبد الله حدّثنا ابراهيم بن الحجاج الناجى ثنا حماد بن سلمة عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة قال حججت أنا وزيد بن صولجان وسلمان بن ربيعة فذكر الحديث قال فعرَّفتها عامين أو ثلاثة الخ (5) بفتحات وقوله عدتها بكسر أوله وتشديد المهملة أى عددها (قال النووى) قى هذا دلالة لمالك وغيره ممن يقول إذا جاء من وصف اللفطة بصفاتها وجب دفعها إليه بلا بينة، وأصحابنا يقولون لا يجب دفعها إليه إلا ببينة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله تعالى ويتأولون هذا الحديث على أن المراد أنه إذا صدقه جاز له الدفع إليه ولا يجب، فالأمر يدفعها بمجرد تصديقه ليس للوجوب والله أعلم (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه أعنى رواية شعبة (ق. والأربعة) وأخرج الثانية وهى طريق حماد بن سلمة (م د). (ز)(6)(سنده) قال عبد الله بن الامام احمد حدّثنا احمد بن أيوب بن راشد البصرى ثنا عبد الوارث ثنا محمد بن جحادة عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبى بن كعب الخ (غريبه)

ص: 157

-[وعيد من آوى ضالة ولم يعرّفها - وكلام العلماء فى مدة التعريف]-

عرفها سنة أخرى، فعرفتها سنة أخرى (1) ثم أتيته فى الثالثة فقال أحصى عددها ووكاءها واستمتع بها (باب وعيد من آوى ضالة ولم يعرفها). (عن زيد بن خالد الجهنى)(2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آوى ضالة (3) فهو ضال مالم يعرفها. (عن منذر بن جرير)(4) عن جرير بن عبد الله البجلى قال كنت مع أبى جرير بالبوازيج (5) فى السواد فراجعت البقر فرأى بقرة أنكرها فقال ما هذه البقرة؟ قال بقرة لحقت بالبقر فأمر بها فطردت حتى توارت، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يأوى الضالة إلا ضال. (عن الجارود)(6) قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) هذه الرواية صريحة فى أنه عرفها سنتين فقط، وفى روايات حديث زيد بن خالد أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بتعريفها سنة: وفى بعض روايات حديث أبىّ أنه صلى الله عليه وسلم أمر بتعريفها ثلاث سنين، وفى رواية سنة واحدة، وفى رواية أن الراوى شك قال لا أدرى قال حول أو ثلاثة أحوال، وفى رواية عامين أو ثلاثة (قال القاضى عياض) قيل فى الجمع بين الروايات قولان (أحدهما) أن يطرح الشك والزيادة ويكون المراد سنة فى رواية الشك، وترد الزيادة لمخالفتها باقى الأحاديث (والثانى) أنهما قضيتان: فرواية زيد فى التعريف سنة محمولة على أقل ما يجزئ، ورواية أبىّ بن كعب فى التعريف ثلاث سنين محمولة على الورع وزيادة الفضيلة، قال وقد أجمع العلماء بالاكتفاء بتعريف سنة، ولم يشترط أحد تعريف ثلاثة أعوام الأماروى عن عمر بن الخطاب ولعله لم يثبت عنه (تخريجه) لم أقف على من أخرجه بهذا اللفظ غير عبد الله بن الامام احمد فى زوائده على مسند أبيه وسنده جيد (باب) (2) حدّثنا يحيى بن اسحاق أنبأنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة قال عبد الله قال أبى وثنا سريج هو ابن النعمان قال ثنا ابن وهب عن عمرو ابن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبى سالم الجيشانى عن زيد بن خالد الجهنى الخ (غريبه) (3) أى من ضم إلى ماله ما ضل من البهيمة فهو ضال أى مائل عن الحق آثم: وهذا لمن أخذها ليتملكها كما يشعر به قيد مالم يعرّفها، قال ابن الملك معنى التعريف التشهير وطلب صاحبها، وأدناه أن يشهد عند الأخذ ويقول آخذها لأرد، قال شمس الأئمة الحلوانى فان فعل ذلك ولم يعرفها بعد كفى اهـ (تخريجه)(م هق)(4)(سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن أبى حيان قال حدثنى الضحاك خال المنذر بن جرير عن منذر ابن جرير عن جرير الخ (غريبه)(5) على وزن المصابيح، وجاء فى المسند براء وكذلك فى سنن البيهقى لكنه جاء فى سنن أبى داود بزاى بدل الراء وهو الصواب، قال السمعانى فى إنسابه تحت عنوان (البوازيجي) هذه النسبة إلى البوازيج وهى بلدة قديمة على دجلة، وورد ذكرها فى حديث جرير بن عبد الله البجلى اهـ (وقوله فى السواد) السواد قرى العراق وضياعها التى افتتحها المسلمون على عهد عمر رضى الله عنه سمى بذلك لسواده بالزروع والنخيل والأشجار لأنه حين تاخم جزيرة العرب التى لا زرع فيها ولا شجر كانوا إذا خرجوا من أرضهم ظهرت لهم خضرة الزرع والأشجار فيسمونه سوادًا كما إذا رأيت شيئًا من بعد قلت ما ذلك السواد وهم يسمون الأخضر سوادًا والسواد أخضر (تخريجه)(د نس جه هق على طب) وفيه ذم شديد لمن يأوى الضالة وسكت عنه أبر داود والمنذرى، ويؤيده الحديث الذى قبله. (6) حدّثنا اسماعيل أنا سعيد الجريرى عن أبى العلاء بن الشخير عن مطرف قال حدثيان بلغانى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرفت أنى صدقتها لا أدرى أيهما صاحبه: ثنا أبو مسلم

ص: 158

-[الأمر بإنشاد الضالة ووعيد من كتمها أو غيبها]-

في بعض أسفاره وفى الظهر (1) قلة اذ تذاكر القوم الظهر فقلت يا رسول الله قد علمت ما يكفينا من الظهر، فقال وما يكفينا؟ قلت ذود (2) ناتى عليهن فى جرفٍ (3) فنستمتع بظهورهن، قال لا: ضالة المسلم حرق (4) النار فلا تقر بنّها. ضالة المسلم حرق النار فلا تقربنها، ضالة المسلم حرق النار فلا تقربنها، وقال فى اللقطة (5) الضالة تجدها فانشدنها (6) ولا تكتم ولا تغيب فان عرفت (7) فأدّها والا فمال الله يؤتيه من يشاء (وعنه أيضًا)(8) أنه سأل النيى صلى الله عليه وسلم عن الضوال فقال ضالة المسلم حرق النار. (عن مطرف عن أبيه)(9) أن رجلًا قال يا رسول الله هو امى (10) الابل نصيبها؟ قال ضالة المؤمن حرق النار. (عن على رضى الله عنه)(11) قال كان للمغيرة بن شعبة رمح فكنا اذا خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزاة خرج به معه فيركزه (12) فيمر الناس عليه فيحملونه، فقلت لئن أتيت النبى صلى الله عليه وسلم لأخبرنه فقال (13) انك ان فعلت لم ترفع ضالة

الجذمي جذيمة عبد القيس ثنا الجارود الخ (قلت) قال التبريزى فى الاكمال الجارود بن المعلى العبدى اسمه بشر بن عمرو والجارود لقبه فى قول: وفيه خلاف كثير قدم على النبى صلى الله عليه وسلم سنة تسع فأسلم مع وفد عبد القيس اهـ (غريبه)(1) الظهر الابل التى يحمل عليها وتركب وجمعها ظهران بالضم (2) الذود من الابل ما بين الثنتين إلى التسع وقيل ما بين الثلاث إلى العشر ذود، وهى مؤنثة لا واحد لها من لفظها كالنعم، والجمع اذواد، وقال أبو عبيد الذود من الاناث دون الذكور (3) بضم الجيم وسكون الراء اسم موضع قريب من المدينة (4) بالتحريك لهيها وقد يسكن، والمعنى أن ضالة المسلم إذا أخذها إنسان ليتملكها أدنه لإلى النار (5) هذا أول الحديث الذى أشار إليه مطرف فى السند (6) بضم المعجمة وفتح المهملة وتشديد النون مفتوحة أى عرّفها (ولا تكتيم) ألا يجوز كتم اللقطة إذا جاء صاحبها (ولا تغيّب) أى لا تغيبها مبالغة فى الكتمان (7) بضم أوله مبنى للمجهول أى عرفها صاحبها فادفعها إليه وإلا فانتفع بها كالوديعة تؤدى لصاحبها وقت الطلب (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) بأسانيد رجال بعضها رجال الصحيح. (8) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود ثنا المثنى بن سعيد عن قتادة عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أبى مسلم الجذمى عن الجارود بن معلى العبدى أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (مى) والطيالسى وأورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للامام (حم مذ نس حب) ورمز له بالصحة (9) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد قال ثنا حميد يعنى الطويل ثنا الحسن عن مطرف عن أبيه ان رجلًا قال الخ. (قلت) مطرف بضم أوله وفتح الطاء المهملة وتشديد الراء المكسورة (وأبوه) هو عبد الله بن الشخير بكسر المعجمتين الثانية مشددة صحابى ذكره الحافظ فى الاصابة (10) جمع هائمه وهو الابل الشائدة الهائمة على وجهها لا تدرى أين تتوجه (تخريجه) (جه هق) قال البوصيرى فى زوائد بن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات. (11) (سنده) حدّثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن أبى اسحاق عن أبى الخليل عن على الخ (غريبه) (12) بضم الكاف من باب قتل أى يثبته بالأرض عمدًا ثم يتركه (13) أى النبى صلى الله عليه وسلم للمغيرة بعد أن ذكر له علىّ أمره (إنك ان فعلت) أى ركزته عمدًا (لم ترفع) بالبناء للمفعول (ضالة) بالنصب حال: والمعنى لا تفعل ذذلك عمدًا فإنك ان تعودت هذا الفعل تركها الناس: لأن المقصود من رفع الضالة هو حفظها لمن فقدها لا لمن تعمد تركها، فلو قدر أنك

ص: 159

-[الإشهاد على اللقطة ومدة التعريف على اليسير والكثير وكلام العلماء فى ذلك]-

(باب الإشهاد على اللقطة ومدة التعريف على اليسير والكثير منها). (عن عياض بن حمار)(1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد لقطة فليشهد ذوى عدل (2) وليحفظ عفاصها ووكاءها (3) فان جاء صاحبها فلا يكتم (4) وهو أحق بها، وان لم يجى صاحبها فلنه مال الله يؤتيه من يشاء (5)(عن يعلى بن مرة)(6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقط لقطة يسيرة درهمًا أو حبلًا أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة أيام فان كان فوق ذلك فليعرفه سنة (7)(باب ما جاء فى لقطة مكة). (عن أبى هريرة)(8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى خطبة خطبها في فضل

تركتها نسيانًا لا يعرفها أحد لفهمه أنك تركتها عمدًا، وإن رفعها لا يوصلها إليك بزعمه أنك تركتها عمدّا استغناءًا عنها والله اعلم (تخريجه)(جه) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه فى اسناده أبو الخليل وهو عبد الله بن أبى الخليل ذكره ابن حيان فى الثقات، وقال البخارى لا يتابع عليه ابو اسحاق مدلس وقد اختلط بآخر عمره اهـ (باب). (1)(سنده) حدّثنا هشيم أنا خالد عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أخيه مطرف ابن عبد الله بن الشخير عن عياض بن حمار الخ (قلت) حمار بكسر الحاء المهملة وميم مفتوحة مخففة وبعد الألف راء سمى والده باسم الحيوان الناهق وهو صحابى معروف (غريبه)(2) أى رجلين عدلين وهو أمر ظاهره الوجوب، وللعلماء خلاف فى ذلك، والحكمة فيه دفع طمع النفس وأن لا يعد من تركته على تقدير موت الفجأة وأن لا يدعى صاحبها الزيادة عن حقه (وجاء فى رواية أخرى) للامام احمد وابى داود (ذا عدل أو ذوى عدل) بالشك وإلى رواية عدل واحد ذهب ابن حزم وإلى رواية عدلين ذهب أبو حنيفة وأفاد هذا الحديث زيادة وجوب الاشهاد بعدلين على التقاطها ولا ينافى عدم ذكره فى غيره من الأحاديث (3) تقدم الكلام على الوكاء والعفاص (4) زاد فى رواية اخرى ولا يغيّب أى لا يجوز له كتم اللقطة ولا تغيبها مبالغة فى الكتمان: وتقدم الكلام على ذلك فى الباب السابق (5) جاء فى الأصل بعد هذه الجملة، قال أبو عبد الله فى الأصل بعد هذه الجملة، قال أبو عبد الرحمن يعنى عبد الله بن الامام أحمد قلت لأبى إن قومًا يقولون عقاصها (يعنى بالقاف) ويقولون عفاصها (يعنى بالفاء) قال عفاصها بالفاء اهـ (تخريجه) (د نس جه هق طب حب) واسحاق فى مسنده وصححه ابن حبان ورواه أيضًا ابن الجارود وابن خزيمة وصححاه (6) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا اسرائيل بن يونس حدثنى عمر بن عبد الله بن يعلى عن جدته حكيمة عن أبيها يعلى قال يزيد فيما يروى يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقط لقطة الخ (غريبه) (7) هكذا جاء فى المسند (فإن كان فوق ذلك فليعرفه سنة) ومعناه أن ما زاد عن الحبل والدرهم ونحوهما يعرف سنة مهما بلغت الزيادة: لكن جاء فى سنن البيهقى والمحلى لابن حزم والطبرانى بلفظ فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام، وأغرب من ذلك أن الحافظ أورده فى التلخيص والهيثمى فى مجمع الزوائد بلفظ ستة أيام وعزباء للامام أحمد ولم يقل أحد فيما أعلم بأن مدة التعريف ستة أيام لا فى قليل ولا فى كثير فالله اعلم: على أن هذا الحديث ضعيف كما سيأتى فى التخريج (تخريجه)(طب هق) وفى اسناده عمر بن عبد الله ابن يعلى ضعيف ضعفه ابن معين والنسائى وأبو حاتم (باب). (8) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله وتخريجه فى باب فضل مكة من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى

ص: 160

-[ما جاء في لقطة مكة المكرمة والحرم - والحث على الهدية]-

مكة يوم فتحها لا يعضد (1) شجرها ولا ينفّر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد (2)(عن ابن عباس)(3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى فضل مكة إن هذا البلد حرام فذكر الحديث وفيه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا لمعرّف (عن عبد الرحمن بن عثمان)(4) التيمى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج) (5)(كتاب الهبة (6) والهدية) (باب الحدث على الهدية واستحباب قبولها وفضل المهدى). (عن أبى هريرة)(7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تهادوا فان الهدية تذهب وغر (8) الصدر. (عن عائشة رضى الله عنها)(9) أنها سألت النبي

(1) بضم أوله وسكون المهملة وفتح الضاد المعجمة أى لا يقطع شجرها. وهذا النهى للتحريم أى يحرم ذلك كما يحرم تنفير صيدها (2) المنشد هو المعرف (بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الراء المكسورة) وأما طالبها فيقال له ناشد، وأصل النشد والإنشاد رفع الصوت، ومعنى الحديث لا تحل لقطتها لمن يريد أن يعرّفها عامًا ثم يتملكها كما فى باقى البلاد: بل لا تحل إلا لمن يعرّفها أبدًا ولا يتملكها، قاله النووى (تخريجه)(ق هق وغيرهم). (3) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله فى بابا فضل مكة من كتاب الفضال المشار إليه فى شرح الحديث السابق (تخريجه)(م هق وغيرهما)(4)(سنده) حدّثنا سريج وهارون قالا ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن عبد الرحمن بن عثمان التيمى الخ. وفى آخر الحديث قال عبد الله (يعنى ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من هارون (غريبه)(5) قال القاضى عياض يحتمل أن المراد النهى عن أخذ لقطتهم فى الحرم، وفى خبر آخر ما يدل عليه، ويحتمل أن المراد النهى عن أخذها مطلقًا لنترك مكانها وتعرَّف بالنداء عليها لأنه أقرب طريقًا إلى ظهور صاحبها لأن الحجاج لا يلبثون مجتمعين إلا أيامًا معدودة ثم يتفرقون ويصدرون مصادر شتى فلا يكون للتعريف بعد تفرقهم جدوى (تخريجه)(م د نس هق) وزاد أبو داود عقب الحديث (قال ابن وهب يعنى فى لقطة الحاج يتركها حتى يجدها صاحبها) وهذه الجملة ليست عند غيره (كتاب لالهبة الخ)(6) قال الحافظ تطلق الهبة بالمعنى الأهم على أنواع (الإبراء) وهوهبة الدين ممن هو عليه (والصدقة) وهى هبة ما يتمحص به طلب ثواب الآخرة (والهدية) وهى ما يلزم الموهوب له عوضه، ومن خصها بالحياة أخرج الوصية، وهى تكون أيضًا بالأنواع الثلاثة، وتطلق الهبة بالمعنى الأخص على ما لا يقصد له بدل، وعليه ينطبق قول من عرّف الهبة بأنها تمليك بلا عوض اهـ (باب). (7)(سنده) حدّثنا خلف قال ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبى هريرة الخ (غريبه)(8) بواو ثم غين معجمة مفتوحين وجاء عند الترمذى (وحر) بواو ثم حاء مهملة بدل الغين، ومعناهما واحد وهو الغل والحقد والحرارة، وأصله من الوغرة شدة الحر، وذلك لأن القلب مشحون بمحبة المال والمنافع فاذا وصله شئ منها فرح به وذهب من غمه وحرارته بقدر ما دخل عليه من فرحه (تخريجه)(مذ) وقال غريب وأبو معشر مضعف اهـ وأبو معشر هو المدنى ضعفه الحافظ أيضًا. (9)(سنده) حدّثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن أبى عمران عن طلحة قال ابن جعفر، ابن عبد الله عن عائشة الخ (قلت) معنى قوله فى السند قال ابن جعفر (ابن عبد الله) أن ابن جعفر قال في روايته طلحة

ص: 161

-[من أولى بالهدية؟ وقوله صلى الله عليه وسلم من أتاه الله من هذا المال شيئًا من غير أن يسأله فليقبله]-

صلى الله عليه وسلم فقالت ان لى جارين فإلى أيهما أهدى؟ (1) قال الى أقربهما منك بابا. (عن أبى هريرة)(2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من آتاه الله من هذا المال شيئًا من غير أن يسأله فليقبله فانما هو رزق ساقه الله عز وجل اليه (3). (عن عائذ بن عمرو)(4) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من عرض له شئ من هذا الرزق من غير مسألة ولا إشراف (5) فليوسع به فى رزقه، فان كان عنه غنيًا فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه (وعنه من طريق ثان)(6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آتاه الله تبارك وتعالى رزقًا من غير مسألة فليقبله، قال عبد الله (7) سألت أبى ما الإشراف؟ قال تقول فى نفسك سبيعث إلىّ فلان سيصلنى فلان. (عن خالد بن عدى)(8) الجهنى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بلغه معروف (9) عن أخيه من غير مسألة ولا اشراف نفس فليقبله (10) ولا يرده، فانما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه (عن النعمان بن بشير)(11) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من منح منيحة (12) ورقًا أو ذهبًا أو سقى

ابن عبد الله فنسبه حجاج الراوى الثانى، وهو طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله بن معمر التيمى قاله المزى (غريبه)(1) بضم الهمزة من الإهداء (وقوله أقربهما) أى أشدهما قربًا، قيل الحكمة فيه أن الأقرب أسرع إجابة لما يقع لجاره من المهمات ولا سيما فى أوقات الغفلة، وان الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها فيشرف لها بخلاف الأبعد (تخريجه) (ح د ص) وفى الباب عند الإمام أحمد أيضًا عن عمر بن الخطاب والمطلب بن حنطب وتقدمًا فى باب جواز قبول العطا الخ من كتاب الزكاة فى الجزء التاسع ص 117 و 118 (2) (سنده) حدّثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن قتادة عن عبد الملك عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) معنى الحديث أن من أعطى شيئًا من المال أو الطعام أو نحو ذلك بقصد الصدقة أو الهدية أو الهبة من غير مسألة ولا تطلع لذلك المال فلا يرده بل يقبله فانما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه ليوسع على نفسه به (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وكذلك أورده المنذرى وعزاه للإمام أحمد وقال رجاله محتج بهم فى الصحيح. (4)(سنده) حدّثنا حسن بن موسى ثنا أبو الأشهب عن عامر الأحوال قال قال عائذ بن عمؤو عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(5) الاشراف بالمعجمة التعرض للشئ والحرص عليه من قولهم أشرف على كدا إذا تطاول له وقيل للمكان المرتفع شرف لذلك (6)(سنده) حدّثنا وكيع ثنا أبو الأشهب عن عامر الأحول عن عائذ بن عمرو قال أبو الأشهب أراه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(7) لهو ابن الامام أحمد رحمهما الله (تخريجه)(طب عل) والبيهقى فى شعب الإيمان وقال الهيثمى رجال أحمد رجال الصحيح. (8)(سنده) حدّثنا عبد الله بن يزيد ثنا سعيد بن أبى أيوب حدثنى أبو الأسود عن بكير بن عبد الله عن بسر بن سعيد عن خالد بن عدى الجهنى الخ (غريبه)(9) المراد بالمعروف هبة أو هدية أو صدقة (10) فيه دلالة على وجوب القبول وعدم الرد، وحمله الجمهور على الندب والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل طب) إلا أنهما قالا (من بلغه معروف من أخيه) وقال أحمد عن أخيه ورجال أحمد رجال الصحيح. (11)(سنده) حدّثنا زيد بن الحباب ثنا حسين بن واقد حدثنى سماك بن حرب عن النعمان بن بشير الخ (12)(غريبه) المنيحة بفتح

ص: 162

-[ما جاء في فضل المهدى (بضم الميم) والحث على قبول الهدية وان كانت حقيرة]-

لبنا (1) أو أهدى زقاقًا فهو كعدل (2) رقبة) (عن البراء بن عازب)(3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من منح منيحة ورق أو منيحة لبن أو هدى (4) زقاقًا كان له كعدل رقبة، وقال مرة كعتق رقبة (باب قبول رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدية وإن كانت حقيرة لا الصدقة وان كانت عظيمة). (عن أبى هريرة)(5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أهديت إلى شراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت (6). (عن أنس بن مالك)(7) قال ثارت أرنب (8) فتبعها الناس فكنت فى أول من سبق اليها فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة قال فأمر بها فذبحت ثم سويت قال ثم أخذ عجزها (9) فقال أئت به النبى صلى الله عليه وسلم قال فأتيته به قال قلت إن أبا طلحة أرسل إليك بعجز هذه الأرنب، قال فقبله منى (وعنه من طريق ثان)(10) قال أنفجنا (11) أرنبًا

الميم وكسر النونن والمنحة بكسر الميم وسكون لنون معناهما واحد وهو العطية: وتكون فى الحيوان وغيره وفلا الرقبة والمنفعة: والمراد هنا منحة الورق بكسر الراء أى الفضة ومنحة الذهب أى قرض الدراهم والدنانير أو هبتهما (1) جاء فى الحديث التالى أو منيحة لبن وهى أن يعير إنسانًا ناقته أو شأنه فيحلبها مدة ينتفع بلبنها ثم يردها (وقوله أو أهدى زقاقًا) أهدى بهمزة قبل الهاء فى هذه الرواية من الهدية (وزقاقًا) بضم الزاى ثم قاف أى السكة (بكسر المهملة) من النخل وهى الطريقة المصطفة من النخل (2) بكسر العين وسكون الدال المهملتين معناه المثل أى كمثل عتق رقبة كما صرح بذلك فى الحديث التالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله كلهم ثقات. (م)(سنده) حدّثنا وكيع ثنا الأعمش عن طلحة بن مصرّف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(4) جاء فى هذه الرواية (هدى) محركة وبدون ألف قبل الهاء من الهداية (والزقاق) الطريق، قال فى النهاية يريد من دال الضال أو الأعمى على طريقه، وقيل أراد من تصدق بزقاق من النخل وهى السكة منها والأول أشبه لأن هدى من الهداية لا من الهداية اهـ وقال الطيبى يروى بتشديد الدال إما للبالغة من الهداية أو من الهدية أى من تصدق بزقاق من نخل وهو السكة والصدق من شجر اهـ (قلت) والظاهر أنه من الهدية لا سيما وقد جاء بلفظ (أهدى) فى الحديث السابق والله أعلم (تخريجه)(مذ حب) وقال الترمذى حديث حسن صحيح غريب (باب). (5)(سنده) حدّثنا أبو معاوية ووكيع قالا ثنا الأعمش عن أبى حازم عن أبى هريرة الخ (غريبه)(6) الذراع معلوم، والكراع بوزن غراب ما دون الركبة إلى الساق من نحو شاة أو بقرة، قال الحافظ وأغرب فى الإحياء فذكر الحديث بلفظ (كراع غنم) ولا أصل لهذه الزيادة قال: وخص الكراع والذراع بالذكر ليجمع بين الحقير والخطير، لأن الذراع كانت أحب إليه من غيرها والكراع لا قيمة له، وفى المثل اعط العبد كراعًا يطلب ذراعًا اهـ (تخريجه)(خ نس). (7)(سنده) حدّثنا على ثنا عبيد الله بن أبى بكر قال سمعت أنس بن مالك يقول ثارت أرنب الخ (غريبه)(8) الأرنب معروف وهو اسم جنس يشمل الذكر والأنثى (وثارت) أى وثبت وعدت عدوًا شديدًا (9) أى نصفها المؤخر (10)(سنده) حدّثنا وكيع ثنا شعبة عن هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك يقول أنفجنا أرنبًا الخ (11) بالنون والفاء والجيم أى أثرناه من مكانه، قال الجوهرى نفج الأرنب

ص: 163

-[كان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة]-

بمر الظهران (1) قال فسعى عليها الغلمان حتى لغبوا (2) قال فأدركتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها ثم بعث معى بوركها (3) الى النبى صلى الله عليه وسلم فقبل (4). (عن عبد الله بن يسر)(5) صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت أختى تبعثنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدية فيقبلها. (عن أبى هريرة)(6) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة. (وعن سلمان)(7) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله. (وعن عبد الله بن يس)(8) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله. (عن أنس بن مالك)(9) أن النبى صلى الله عليه وسلم أتر بلحم فقيل له تصدق به على بريرة (10) فمال هو لها صدقة ولنا هدية (11). (عن أم سلمة الله عنها)(12) أن امرأة أهدت لها رجل شاة (13) تصدق عليها بها فأمرها النبى صلى الله عليه وسلم

إذا ثار وأنفجته أنا والإنفاج الإثارة، وتقدم فى شرح الطريق الأولى معنى ثارت أرنب (مر الظهران بفتح الميم وتشديد الراء وفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء، قال النووى هو موضع قريب من مكة اهـ وهو الذى يعرف الآن يبطن ببطن مر (2) بفتح الغين المعجمة ومعناه تعبوا (3) فى رواية للبخارى بوركها أو فخذيها، والورك بفتح الواو وكسر الراء، وبكسر الواو وإسكان الراء وهو ما فوق الفخذ بكسر الخاء المعجمة وسكونها، قال شعبة فخذيها لا شك فيه (قلت) وهو يوافق ما فى الطريق الأولى من قوله عجزها (4) أى قبل ذلك منى مع حقارته (تخريجه)(ق. والأربعة). (5)(سنده) حدّثنا هشام بن سعيد أبو أحمد ثنا حسن بن أيوب الحضرمى قال حدثنى عبد الله بن يسر الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجالهما وجال الصحيح. (6)(سنده) حدّثنا أبو جعفر أنا عباد (يعنى ابن العوام) عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد عن أبى هريرة بهذا اللفظ وسنده جيد، وقال الحافظ العراقى متفق عليه (يعنى رواه الشيخان البخارى ومسلم) ولفظه (كان يأكل الهدية ولا يأكل الصداقة). (7)(سنده) حدّثنا يحيى بن اسحاق أنا شريك عن عبيد المكتب (يعنى ابن مهران) عن أبى اطلفيل عن سلمان (يعنى الفارسى) قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة قال عبد الله (يعنى ابن الامام احمد) وحدثناه على بن حكيم أنا شريك عن عبيد المكتب بإسناده نحوه (تخريجه)(طب) وصححه الحافظ السيوطى (8)(سنده) حدّثنا هشام ابن سعيد قال حدثنى الحسن بن أيوب الحضرمى قال حدثنى عبد الله بن بسر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة (تخريجه) أورده الهيثمى بهذا اللفظ وقال رآه (طب) وفيه هاشم بن سعيد وثقه ابن حبان وضعفه جماعه اهـ (قلت) لم يعزه الحافظ الهيثمى للإمام أحمد مع أن اللفظ واحد وهاشم بن سعيد الذى ذكره الهيثمى ليس من رجال هذا الحديث عند الإمام احمد والذى عنده هشام بن سعيد وثقة الامام احمد وابن سعد ولم أقف له على تجريح. (9)(سنده) حدّثنا ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن أنس الخ (10) بوزن جميلة مولاة عائشة رضى الله عنهما (11) معناه حيث أهدت بريرة إلينا فهو هدية، وذلك لأن الصدقة يجوز فيها تصرف الفقير بالبيع والهدية وغير ذلك لصحة ملكه لها كتصرفات سائر الملاك فى أملاكهم (تخريجه)(ق. د نس). (12)(سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أم سلمة الخ (غريبه)(13) قال فى القاموس الرجل بالكسر القدم أو من أصل الفخذ إلى القدم جمعه أرجل اهـ (قلت) والظاهر أن المراد هنا من

ص: 164

-[جواز قبول هدية الأعراب والأكل منها وتوزيعها على من يحب]-

أن تقبلها. (عن أم عطية الأنصارية)(1) قالت بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة من الصفقة فبعثت الى عائشة بشئ منها، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عائشة قال هل عندكم من شيء؟ (2) قالت لا إلا أن نسيبة (3) بعثت إلينا من الشاة الى بعثتم بها إليها، فقال إنها قد بلغت محلها (4)(عن أبى هريرة)(5) قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا أتى بطعام من غير أهله (6) سأل عنه فان قيل هدية أكل، وإن قيل صدقة قال كلوا (7) ولم يأكل (وعن بهز بن حكيم)(8) عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (عن عروة عن عائشة رضى الله عنها)(9) قالت أهدت أم سنبلة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لبنًا فلم تجده، فقالت لها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يأكل طعام الأعراب: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال ما هذا معك يا أم سنبلة؟ قالت لبنًا أهديت لك يا رسول الله، قال اسكبى أم سنبلة، فسكبت فقال ناولى أبا بكر ففعلت، فقال اسكبى أم سنبلة فسكبت (10) فناولت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب، قالت عائشة ورسول صلى الله عليه وسلم يشرب من لبن وأبردها (11)

أصل الفخذ والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح، وأورده فى موضع آخر من كتابه عن أم سلمة أيضًا بلفظ (ان امرأة وهبت لها رجل شاة به عليها) وقال رواه الطبرانى فى الكبر ورجاله رجال الصحيح. (1)(سنده) حدّثنا اسماعيل بن ابراهيم عن خالد عن حفصة عن أم عطية الخ (غريبه)(2) يعنى من الطعام (3) بضم النون وفتح المهملة والموحدة بينهما تحتية ساكنة هو اسم أم عطية الأنصارية رواية الحديث (4) بكسر الحاء المهملة أى وصلت إلى الموضع الذى تحل، وذلك أنه لما تصدق بها على نسبية صارت ملكًا لها فصح لها التصرففيها بالبيع وغيره: فلما أهدتها له صلى الله عليه وسلم انتقلت عن حكم الصدقة فجاز له قبولها والأكل منها (تخريجه)(ق هق. وغيرهم)(5)(سنده) حدّثنا عفان قال ثنا حماد عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(6) أى من عند ناس غير زوجاته سأل عنه، وفيه استعمال الورع والفحص عن أصل المآكل والمشارب (7) يعنى قال لأصحابه غير أهل بيته كلوا، وإنما قتلنا غير أهل بيته لأن الصدقة محرمة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أهل بيته بل وعلى مواليه كما ثبت ذلك فى الأحاديث الصحيحة (تخريجه)(م مذ هق. (8)(سنده) حدّثنا مكى بن ابراهيم أنا بهز ابن حكيم ان أبيه عن جده قال كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالشئ سأل عنه أهدية أم صدقة، فان قالوا هدية بسط يده وإن قالوا قال لأصحابه خذوا (تخريجه)(مذ نس) ورجاله ثقات وهو فى الدلالة والمعنى كالذى قبله. (9)(سنده) حدّثنا يحيى بن غيلان ثنا المفضل قال حدثنى يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمى عن عبد الله بن دينار الأسلمى عن عروة عن عائشة الخ (غريبه)(10) جاء فى مجمع الزوائد للهيثمى زيادة هذه الجملة قال (فناولى عائشة فناولتها فشربت، فقال اسكبى أم حنبلة فسكبت) فناولت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (11) هكذا بالأصل (من لبن وأبردها على الكبد) والظاهر أن قوله وأربردها معطوف على كلام حذف إما للعلم به وإما أن يكون سقط من الناسخ وهو الغالب وتقديره ما أطيبها وأبردها على الكبد) وقوله بعد ذلك (يا رسول الله) مقول لقوله قالت عائشة: وقوله

ص: 165

-[ما جاء في الثواب على الهدية بهدية مثلها أو أفضل منها]-

على الكبد، يا رسول الله كنت حدّثت أنك قد نهيت عن طعام الأعراب (1) فقال يا عائشة إنهم ليسوا بالأعراب (2)، هم أهل باديتنا (3) ونحن أهل حاضرتهم، وإذا دعوا (4) أجابوا فليسوا بالأعراب (عن جويرية بنت الحارث)(5) رضى الله عنها قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل من طعام؟ قلت لا الا عظمًا (6) أعطيته مولاةٌ لنا من الصدقة، قال صلى الله عليه وسلم فقريبه فقد بلغت محلها (باب الثواب على الهدية والهبة). (عن عائشة رضى الله عنها)(7) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها (8). (عن الرّبيّع بنت معوّذ)(9) بن عفراء قالت أهديت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قناعًا (10) من رطب وأجير زغب (وفى لفظ أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بقناع فيه رطب وأجر زغب) قالت فأعطانى ملء كفيه حليًا

(ورسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب إلى قوله على الكيد) جملة حالية معترضة بين القول ومقوله (1) الأعراب هم سكان البادية الجفاة القلوب الغلاظ الطباع، ومنهم المذموم ومنهم الممدوح: قال تعالى {ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق مغرمًا ويتربص بكم الدوائر} الآية ثم قال {ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله} الآية ولعل عائشة رضى الله عنها بلغها قصة الأعرابى الذى وهب النبى صلى الله عليه وسلم هبة فأثابه به النبى صلى الله عليه وسلم فلم يرض طالبًا الزيادة فزاده فلم يرض فزاده فرضى فى الثالثة فقال صلى الله عليه وسلم لقد هممت ألا اتهب هبة إلا من قرشى أو أنصارى أو ثقفى) وسيأتى الحديث بلفظه فى الباب التالى (2) أى ليسوا من الأعراب المذمومين الجفاة النائين فى البادية (3) أى ضواحى المدينة (4) أى لمهمة تختص بالنبى صلى الله عليه وسلم والمسلمين أجابوا الدعوة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل بز) ورجال أحمد رجال الصحيح. (5)(سنده) حدّثنا سفيان عن الزهرى عن عبيد بن السّباق عن جويرية بنت الحارث (يعنى زوج النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(6) أى مع لحم قليل ولذا عبرت عنه بالعظم (تخريجه)(م) وهو فى الدلالة والمعنى كحديث أم عطية المتقدم قبل ثلاثة احاديث (هذا) وفى الباب احاديث كثيرة تقدمت فى باب تحريم الصدقة على بنى هاشم وأزواجهم ومواليهم لا الهدية صحيفة 73 من كتاب الزكاة فارجع إليه فى الجزء التاسع. (باب)(7)(سنده) حدّثنا على بن بحر ثنا عيسى بن يونس قال ثنا هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة الخ (غريبه)(8) اى يعطى المهدى بدلها، والمراد بالثواب المجازاة، واقله ما يساوى قيمة الهدية، ولفظها ابن شيبة (ويثيب ما هو خير منها)(قلت) وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم والزيادة افضل (تخريجه)(خ د مذ). (9)(سنده) حدّثنا ابو سلمة الخزاعى قال انا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيّع بنت معوّذ الخ (قلت) الربيع بضم الراء وفتح الموحدة وكسر التحتية مشددة (ومعوذ) بوزن ربيه ايضًا وعفراء بوزن حمراء اسم ام معوذ، وهى الربيع بنت معوذ بن الحارث بن رفاعة الانصارية الصحابية وهى ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة بيعة الرضوان، روى عنها اهل المدينة، وابوها معوّذ: وهو أحد الذين قتلوا ابا جهل بن هشام عدو الله يوم بدر رضى عنهم (غريبه)(10) القناع الطبق الذى يؤكل عليه، ويقال له الفتح بالكسر والضم، وقبل القناع جمعه، والمراد قناع فيه رطب كما فى اللفظ الىخر وقوله (وأجرٍ زغبٌ)

ص: 166

-[ما جاء في قبول هدايا الكفار وعدمه]-

أو قال ذهبا فقال تحلى بهذا (زاد فى رواية واكتسى بهذا). (عن ابن عباس)(1) أن اعرابيًا وهب للنبى صلى الله عليه وسلم هبة فأثابه عليها قال رضيت؟ قال لا، فزاده قال رضيت؟ قال لا، قال فزاده قال رضيت؟ قال نعم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد هممت ألا أتهب هبة الا من قرشى أو أنصارى أو ثقفى (2)(باب ما جاء فى قبول هدايا الكفار). (عن أنس بن مالك)(3) أن ملك ذى يزن (4) أهدى الى النبى صلى الله عليه وسلمحلة قد آخذها بثلاثة وثلاثين بعيرًا أو ثلاث وثلاثين ناقة الى النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (5)(وعنه أيضًا)(6) أن ملك الروم (7) أهدى للنبى صلى الله عليه ةعلى آله وصحبه وسلم مستقة (8) من سندس فلبسها وكأني أنظر إلى يديها

ضبطه صاحب النهاية بفتح الهمزة وسكون الجيم بعدها راء مكسورة منونة فزاى مضمومة بعدها غين معجمة ساكنة ثم موحدة مضمومة منونة، ثم قال أى قثاء صغار قال والزغب جمع الأزغب من الزغب بالتحريك صغار الريش أول ما يطلع، شبه به ما على القثاء من الزغب أهـ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفى إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب الهاشمى صدوق فى حديثه لين قاله الحافظ فى التقريب. (1)(سنده) حدّثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس الخ (غريبه)(2) لفظ أبى داود وايم الله لا أقبل هدية بعد يومى هذا من أحد إلا أن يكون مهاجريًا أو قرشيًا أو انصاريًا أو دوسيًا أو ثقفيًا، ورواه الترمذى من حديث أبى هريرة ولفظه (اهدى رجل من فزارة إلى النبى صلى الله عليه وسلم ناقة من إبله فعوضه منها بعض العوض فتسخطه فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول إن رجالًا من العرب يهدى أحدهم الهدية فأعوضه عنها بقدر ما عندى فيظل يسخط علىّ الحديث (تخريجه)(حب) وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار وقال ان اعرابيًا أهدى بدل وهب والطبرانى فى الكبير، وقال وهب ناقة فأصابه عليها ورجال احمد الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه أيضًا (دنس مذ) من حديث أبى هريرة وبين الترمذى أن الثواب كان ست بكرات وكذا رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم. (باب). (2)(سنده) حدّثنا حسن ثنا عمارة عن ثابت عن أنس بن مالك الخ (غريبه)(4) قال فى القاموس يزن محركه ويمنع (يعنى من الصرف) لوزن الفعل أصله يزأن وبطن من حمير، قال وذو يزن ملك لحمير لأنه حمى ذلك الوادى اهـ (5) زاد أبو داود (فقبلها)(تخريجه)(د) وفى إسناده عمارة بن زاذان وثقه الامام احمد وضعفه الدار قطنى وسكت عنه أبو داود والحافظ فى التلخيص (6)(سنده) حدّثنا يونس واسحاق ابن عيسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أنس أن ملك الروم الخ (غريبه)(7) هو أكيدر دومة، وأكيدر تصغير أكدر (ودومة) بضم المهملة وسكون الواو بلد بين الحجاز والشام وهى دومة الجندل مدينة بقرب تبوك بها نخل وزرع وكان أكيدر ملكها وكان نصرانيًا وكان النبى صلى الله عليه وسلم أرسل إليه خالد بن الوليد فى سرية فأسره، وقتل أخاه حسان وقدم به المدينة فصالحه النبى صلى الله عليه وسلم على الجزية وأطلقه، ذكر ابن اسحاق قصته مطولة فى المغازى (8) بضم الميم وسكون المهملة بعدها تاء مثناة فروة طويلة الأكمام جمعها مساتق وأصلها فارسية فعربت (والسندس) مارقٌ من الحرير، والاستبرق ما غلط منه، وقال ابن التين الاستبرق أفضل من السندس لأنه غليظ الديباج، وكل ما غلظ من الحرير كان أفضل

ص: 167

-[ما يجوز من قبول هدية الكفار - وفضل سعد بن معاذ رضى الله عنه]-

تذبذبان (1) من طولها فجعل القوم يقولون ي رسول الله أنزلت عليك هذه من السماء؟ فقال وما يعجبكم منها فو الذي نفسي بيده ان منديلًا (2) من مناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير منها، ثم بعث بها الى جعفر بن أبى طالب فلبسها فقال النبى صلى الله عليه وسلم انى لم أعطكها لتلبسها، قال فما أصنع بها؟ قال ارسل بها الى أخيك النجاشى (3). (عن على بن أبى طالب)(4) رضى الله عنه قال أهدى كسرى (5) لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل منه وأهدى له قيصر (6) فقبل منه، وأهدت له الملوك فقبل منهم. (عن عامر بن عبد الله بن الزبير)(7) عن أبيه قال قدمت قبيلة (8) ابنة عبد العزى بن عبد أسعد من بنى مالك بن حسل (9) على ابنتها أسماء ابنة أبى بكر بهذا يا ضباب (10) وأقط وسمن وهى مشركة، فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها فسألت عائشة النبى صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم فى الدين الآتية الخ الآية} فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها (باب ما جاء فى عدم قبول هدية المشركين)(عن عبد الله بن المغيرة)(11) عن

من رقيقه (1) أى تتحركان وتضطربان يريد كميها (نه)(2) المنديل بكسر الميم يجمع على مناديل بفتحها وهى التى يمسح بها الغبارة، والمنديل فى الثياب أدناها لأنه معد للوسخ والامتهان فغيره أفضل منه وفى هذا إشارة إلى منزلة سع رضى الله عنه فى الجنة وأن أدنى ثيابه فيها خير من هذه المستقة ولعله صلى الله عليه وسلم خص سعدًا بالذكر لأن حاضرى ذلك المجلس كانوا من الأنصار من قوم سعد فأراد صلى الله عليه وسلم إظهار فضله لإدخال السرور عليهم والله اعلم (3) يعنى ملك الحبشة لأن جعفرًا هاجر الى الحبشة مع المستضعفين من المؤمنين فرارًا من كفار قريش فآواهم النجاشى وأكرههم غاية الإكرام ومنعهم من عدوهم (تخريجه)(ق د نس مذ). (4)(سنده) حدّثنا يزيد أنبأنا إسرائيل عن نوير بن أبى فأخته عن أبيه عن على الخ (غريبه)(5) كسرى ملك الفرس معرب خسر وأى واسه الملك جمعه أكاسرة وكساسرة (6) قيصر لقب ملك الروم قاله فى القاموس (تخريجه)(مذ بز) واورده الحافظ فى التلخيص ولم يتكلم عليه وحسنه الترمذى. (7)(سنده) حدّثنا عارم قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا مصعب بن ثابت قال ثنا عامر بن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه)(8) هكذا عند الامام احمد بباء موحدة بعد القاف المضمومة مصغرًا، وجاء فى بعض الروايات بتاء مثناة بدل الباء الموحدة، ووقع الزبير بن بكار أن اسمها قيلة بفتح القاف وسكون التحتية والله أعلم (9) بكسر الحاء وسكون السين المهملتين زاد ابن أبى حاتم والامام احمد فى رواية أخرى (فى عهد قريش ومدتهم التى كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفى لفظ) إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم (10) الضباب بكسر أوله جمع ضب بالفتح وهو الحيوان المعروف (والأقط) بفتح الهمزة وكسر القاف لبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به، وفى رواية أخرى للإمام احمد وقرظ بدل أقط (والقرظ) بقاف وراء مفتوحتين بعدهما ظاء معجمة هو ورق السلم بالتحريك يدبغ به الأديم وله منافع أخرى، وفى رواية لغيره زبيب وسمن وقرظ (تخريجه)(ك طل) وابن سعد، واورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وجوّدة فقال قدمت قبيلة بنت عبد العزى، وفيه مصعب بن ثابت ضعفه احمد وغيره ووثقه ابن حبان (باب). (11)(سنده) حدّثنا

ص: 168

-[ما جاء في عدم قبول هدية الكفار]-

عراك بن مالك أن حكيم بن حرام قال كان محمد صلى الله عليه وسلم أحبَّ رجل فى الناس إلىّ فى الجاهلية، فلما تنبأ وخرج إلى المدينة شهد حكيم بن حزام الموسم وهو كافر فوجد حلة لذى يزن تباع فاشتراها بخمسين دينارًا ليهديها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم بها عليه المدينة فأراده على قبضها هدية فأبى، قال عبيد الله حسبت أنه قال إنا لا نقبل شيئًا من المشركين ولكن ان شئت أخذناها بالثمن فأعطيته (1) حين أبى علىّ الهدية (عن الحسن عن عياض بن جمار)(2) المجاشعى وكان بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم معرفة قبل أن يبعث، فلما بعث النبى صلى الله عليه وسلم اهدى له هدية قال أحسبها إبلًا فأبى أن يقبلها وقال إنا لا نقبل زيد (3) المشركين، قال رفدهم هديتهم. (عن ذى الجوشن)(4) قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر فقلت يا محمد إنى قد جئتك بابن العرجاء (5) لتتخذه قال لا حاجة لى فيه، ولكن إن شئت أن أفيضك (6) به المختارة من دروع (7) بدر؟ فقلت ما كنت لأفيضك اليوم بعدة (8) قال فلا حاجة لى فيه، ثم ثال يا ذا الجوش ألا نسلم فتكون من أول هذا الأمر؟ قلت لا، قال لم؟ قلت إنى رأيت قومك قد ولعوا بك (9)، قال فكيف بلغك

عتاب بن زياد ثنا عبد الله يعنى ابن مبارك أنا ليث بن سعد حدثنى عبيد الله بن المغيرة عن عراك بن مالك الخ (غريبه)(1) أى فأعطيته إياها بالثمن حين أبى علىّ الهدية (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وزاد الطبرانى فلبسها فرأيتها عليه على المنبر فلم أر شيئًا احسن منه فيها يؤمئذ: ثم أعطاها أسامة بن زيد فرآها حكيم على أسامة فقال يا أسامة أنت تلبس حلة ذى بزر؟ قال فلم، والله لأنا خير من ذى يزن ولأبى خير من ابيه، قال حكيم فانطلقت إلى أهل مكة أعجهم بقول أسامة (أى رفع صوتى) قال الهيثمى وإسناد رجاله ثقات (2)(سنده) حدّثنا هشيم أنا ابن عون عن الحسن عن عياض بن حمار الخ (قلت) حمار بحاء مهملة مكسورة ثم ميم مفتوحة بعدها راء باسم الحيوان المشهور الناهق، وقد صحفه بعض المتنطعين من الفقهاء فجعل بدل الراء دالًا مهملة لظنه أن احدًا لا يسمى بذلك، أسلم بعد هذه القصة وحسن إسلامه وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم وروى عنه مطرّف بن عبد الله وأخوه يزيد بن عبد الله ابن الشخير والعلاء بن زياد وغيرهم رضى الله عنه (غريبه)(3) بفتح الزاى وسكون الموحدة بعدها دال مهملة، وفسره الراوى بأنه الرفد اى الهدية، يقال زبده بالكسر، وأما يزيده بالصم فهو إطعام الزبد (تخريجه)(د مذ) وصححه ابن خزيمة والترمذى. (4)(سنده) حدّثنا عفان بن خالد ثنا عيسى بن يونس بن ابى اسحاق الهمذانى عن أبيه عن جده عن دى الجوشن الخ (قال الحافظ فى الإصابة) ذو الجوشن الضبابى قبل اسمه اوس بن الأعور، وبه جزم المرزبانى، وقيل شر حبيل وهو الأشهر (غريبه)(5) هكذا فى الأصل العرجاء بعين مهملة وجيم مفتوحتين بينهما راء ساكنة، وجاء عن أبى داود القرحاء بقاف بدل العين وحاء مهملة بدل الجيم، وعلى كل حال هو اسم للعرس (6) بفتح الهمزة وكسر القاف أى أبدلك به واعوضك عنه وقد قاضه يقيضه مقايضة فى البيع إذا أعطاه متاعًا وأخذ منه متاعًا آخر لا نقد فيه (7) جمع درع بكسر أوله وسكون ثانية، وهو ما يصنع من الحديد كالقميص يلبس فى الحرب ليتقى به ضرب الرماح والحراب ونحوها والمعنى ان شئت ان أبدلك به الدروع المختارة أى الجيدة من دروع بدر فعلت (8) بضم العين المهملة أى آلة من آلات الحرب (9) بفتح اللام

ص: 169

-[حديث ذي الجوشن الضبابى - وكلام العلماء فى الجمع بين أحاديث قبول هدية الكفار]-

عن مصارعهم ببدر؟ قال قلت بلغنى أن تغلب على مكة وتقطنها، قال لعلك ان عشت أن ترى ذلك، قال ثم يا بلال خذ حقيبة (1) الرجل فزوده من العجوة، فلما أن أدبرت قال أما إنه من خير بنى عامر، قال فو الله انى لبأهلى بالغور (2) إذ أقبل راكب فقلت من أين؟ قال من مكة، فقلت ما فعل الناس؟ قال قد غلب عليها محمد، قال قلت هبلتنى (3) أمى فو الله لو أسلم يومئذ ثم أسأله الحيرة لأقطعينيها (4) (باب استحباب تقسيم الهدية فى الأهل والأصحاب ومن حضر) (عن المسور بن مخرمة) (5) قال أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية (6) مزررة بالذهب فقسمها فى أصحابه: فقال مخرمة يا مسور اذهب بنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه قد ذكر لى أنه قسم أقبية فانطلقنا فقال ادخل فادعه لى، قال فدخلت فدعوته اليه فخرج الىّ ودليله قباء منها، قال خبأت لك هذا يا مخرمة: فال فنظر اليه فقال رضى (7) وأعطاه اياه (عن أنس بن مالك)(8) قال أهدى

أي استخفوا بك وكدبوك (1) هى الوعاء الذى يجمع الرجل فيه زاده وله معان اخرى (2) بالغين المعجمة قال الأزهرى الغور تهامة وما يلى اليمن، وقال الأصمعى ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة (3) يقال هبلته أمه بكسر الموحدة تهبله بفتحها هبلًا بالتحريك أى فقدته (4) معناه انه لو اسلم بعد فراغ النبى صلى الله عليه وسلم من اهل بدر ثم طلب من النبى صلى الله عليه وسلم ان يعطيه الحيره (بكسر الحاء المهملة) البلد القديم يظهر الكوفه ومحله معروفة بنيسا بور على تقدير انه صلى الله عليه وسلم يملكها لأعط إياها، وذلك مبالغة فى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان شديد الرغبة فى إسلامه إذ ذاك ولكنه تأخر إسلامه الى ما بعد الفتح كما يستفاد من السياق (تخريجه)(د) مختصرًا الى قوله فلا حاجة لى فيه وسنده جيد، هذا وجاء فى مسند الامام أحمد عقب هذا الحديث ما نصه، حدّثنا ابو بكر بن ابى شيبة والحكم من موسى قال ثنا عيسى بن يونس عن ابيه عن جده عن ذى الجوشن عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه قال (يعنى الامام احمد من طريق آخر) ثنا محمد بن عباد قال ثنا سيف عن ابى اسحاق عن ذى الجوشن ابى شمر الضبابى نحو هذا الحديث قال سفيان فكان ابن ذى الجوشن جارًا لأبى اسحاق لا اراه الا سمعه منه اهـ (قلت) ليس لذى الجوشن فى المسند إلا هذا الحديث واحاديث هذا الباب تدل على عدم قبول الهدية من المشركين، واحاديث الباب الذى قبله تدل على جواز القبول، وقد جمع بعض العلماء بأن الامتناع فى حق من يريد بهديته التودد والموالاة، والتودد وموالاة الكفار كلاهما ممنوع، قال تعالى {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادّون من حادّ الله ورسوله الآية} وقال عز من قائل {ومن يتولهم منكم فانه منهم} والقبول فى حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الاسلام، وقيل غير ذلك وما ذكرناه اقوى والله اعلم. (باب)(5)(سنده) حدّثنا هاشم ثنا ليث حدثنى عبيد الله بن أبى مليكة عن المسور بن مخرمة الخ (قلت) مسور بوزن منبر ومخرمة بوزن مرحمة والده (غريبه)(6) جمع قباء بفتح القاف وبالموحدة ممدودة فارسى معرب، وقيل عربى واشتقاقه من القبو، وهو الضم، وجاء فى بعض الروايات (فروج حرير) بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة، قال القرطبى القباء والفروج كلاهما ثوب ضيق الكمين والوسط، مشقوق من خلف، يلبس فى السفر والحرب لأنه أعون على الحركة (7) لفظ البخارى (فقال رصى مخرمة) جزم الداودى أن قوله (رضى مخرمة) من كلام النبى صلى الله عليه وسلم على جهة الاستفهام أى هل رضيت، وقال ابن التين يحتمل أن يكون من قول مخرمة، قال الحافظ وهو المتبادر للذهن والله اعلم (تخريجه)(ق. والثلاثة). (8)(سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا سفيان يعنى ابن حسين

ص: 170

-[إستحباب تقسيم الهدية فى الأهل والأصحاب ومن حضر]-

الأكيدر (1) لرسول الله صلى الله عليه وسلم جرة من منّ (2) فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة مرَّ على القوم فجعل يعطى كل رجل منهم قطعة فأعطى جابرًا قطعة ثم انه رجع اليه فأعطاه قطعة أخرى فقال انك قد أعطيتنى مرة، قال هذا لبنات عبد الله، (3). (عن أم كلثوم بنت أبى سلمة)(4) قالت لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها إنى قد أهديت إلى النجاشى حلة وآواقي من مسك ولا أرى (5) النجاشى إلا قد مات ولا أدرى (6) إلا هديتى مردودة علىّ فان ردت على فهى لك (7) قالت وكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورّدت عليه هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة (باب جواز هبة الرجل لأولاده وكراهة تفضيل بعضهم فى الهبة). حدّثنا هشيم (8) أنا سيّار وأخبرنا مغيرة أنا داود عن الشعبى واسماعيل بن سالم ومجالد عن الشعبى (9) عن النعمان بن بشير قال تحلنى (10) أبى نجلا قال اسماعيل بن سالم من بين القوم نحله غلامًا (11) قال فقالت له أمي

عن علي بن زيد عن أنس بن مالك الخ (غريبه)(1) اسم ملك الروم وتقدم الكلام عليه فى شرح الحديث الثانى فى باب ما جاء فى قبول هدايا الكفار قبل باب (2) قال فى القاموس المن كل طل ينزل من السماء على شجر او حجر ويحلو وينعقد علا ويجف جفاف الصمغ كالشّبر خشت والنرّجين المعروف بالمن ما وقع على شجر البلوط اهـ (3) يعنى أخوات جابر بن عبد الله وأولاد عبد الله والد جابر (تخريجه) ام أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه على بن زيد وهو ضعيف (4) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون قال ثنا مسلم بن خالد عن موسى بن عقبة عن أبيه عن ام كلثوم قال ابى وحدثنا حسين بن محمد قال ثنا مسلم فذكره وقال عن امه ام كلثوم صلى الله عليه وسلم بموت النجاشى بطريق الوحى كما تقدم فى باب الصلاة على الغائب من كتاب الجنائز (6) بضم الهمزة ويجوز فتحها لاحتمال ان تكون عليه او تكون ظنية (7) ظاهر قوله فهى لك يعنى الهدية كلها ولذلك استشكل يعضهم تقسيم المسك علة نسائه صلى الله عليه وسلم ولي الأمر كذلك: فإن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم فهى لك يعنى الحلة لا الهدية كلها، فقد جاء فى سياق رواية ابن حبان ما يدل على ذلك وحينئذ فلا إشكال: افاده الحافظ فى الإصابة (تخريجه)(حب) وابن منده واورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه مسلم بن خالد الزنجى وثقه ابن معين وغيره وضعفه جماعة، وام موسى بن عقبة لم أعرفها وبقية رجاله رجال الصحيح (باب). (غريبه)(8) هشيم بضم اوله مصغرًا هو ابن بشير السلمى (وسيار) بفتح المهلمة وتشديد التحتية هو الغنوى بفتح الغين المعجمة والنون (ومغيرة) هو ابن مقسم (9) يستفاد من هذا الشند ان هشيمًا روى هذا الحديث من هذه الطرق جميعها عن الشعبى (والشعبى بفتح الشين المعجمة وسكون المهملة) اسمه عامر بن شراحيل الحميرى ابو عمرو الكوفى الامام من رجال الصحيحين (10) اى اعطانى ووهبى لى (نحلّا) بضم النون اى عطية (11) معناه انه لم يبين احد من الرواه نوع العطية إلا اسماعيل بن سالم فانه قال نحله غلامًا وسيأتى فى بعض طرق الحديث ما يؤيد ذلك من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قلت

ص: 171

-[ما جاء في هبة الرجل لأولاده وعدم تفضيل بعضهم على بعض فى الهبة]-

عمرة بنت رواحة (1) أئت النبى صلى الله عليه وسلم فأشهده، قال فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال انى نحلت ابنى النعمان نحلًا وان عمرة سألتنى أن أشهدك على ذلك، فقال ألك ولد سواه؟ قال قلت نعم، قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيت النعمان؟ فقال لا، فقال بعض هؤلاء المحدثين (2) هذا جوز، وقال بعضهم هذا تلجئة (3) فأشهد على هذا غيرى، وقال مغيرة فى حديثة أليس يسرك أن يكونوا لك فى البر واللطفة (4) سواء؟ قال نعم، قال فأشهد على هذا غيرى وذكر مجالد (5) فى حديثه إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك (ومن طريق ثان)(6) عن النعمان بن بشير أيضًا قال سألت أمى أبى بعض الموهبة لى فقالت لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأخذنى أبى بيدى وأنا غلام وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أن أم هذا ابنة رواحة زاولتنى (7) على بعض الموهبة (8) له وانى قد وهبتها له وقد أعجبها أن أشهدك، قال يثير ألك ابن غير هذا؟ قال نعم قال فوهبت له مثل الذى وهبت لهذا؟ قال لا، قال فلا تشهدنى إذا فانى لا أشهد على جور (9)(وفى رواية) فقال أكل ولدك قد نحلت؟ قال لا، قال فأورده (10)(وفى لفظ) قال فارجعها (11) وفى لفظ آخر) قال فسوّ بينهم. (وعنه أيضًا)(12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعدلوا بين أبنائكم (13)(وفى لفظ) قاربوا بين أبنائكم يعنى سوّوا بينهم. (عن جابر بن عبد الله)(14) قال قالت امرأة بشير انحل ابنى غلامك وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابنة فلان (15) سألتني أن أنحل

امرأة فبشير انحل ابنى غلامك وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) هى اخت عبد الله بن رواحة شاعر النبى صلى الله عليه وسلم (2) يعنى الذين رووا هذا الحديث وتقدم ذكرهم فى السند (هذا جور) اى ميل عن الاستواء والاعتدال (3) التلجئة بكسر الجيم تفعلة من الإلجاء كأنه قدألجاك إلى ان تأتى امرًا باطنه خلاف ظاهره واحوجك الى ان تفعل فعلًا تكرهه، والمراد هنا ان امرأة بشير قد الجأته وحملته على فعل ما يكره (4) اى الرفق (5) هو ابن سعيد بن عمير الهمذانى (6)(سنده) حدّثنا. ابو يعلى انا ابو حيان عن الشعبى عن النعمان بن بشير قال سألت امى الخ (7) اى عالجتنى وحاولتنى (8) ايهم الموهبة ايضًا وتقدم فى الطريق الاولى وشرحها تفسير ما ابهم هنا وهو ان الموهبة كانت غلامًا وسيأتى فى حديث جابر ايضًا (9) اى ظلم او ميل، فمن لا يجوّز التفضيل بين الأولاد يفسره بالاول، ومن يجوّزه على الكراهة يفسره بالثانى (10) أى رد ما أعطيت وإلا فسوّ بينهم فى العطية (11) يعنى العطية أو سوّ بينهم، جاء فى رواية للبخارى قال فرجع فرد عطيته (تخريجه)(ق والأمامان. والأربعة) وغيرهم بألفاظ مختلفة والمعنى واحد. (12)(سنده) حدّثنا ابراهيم بن الحسن الباهلى وعبيد الله القواريرى ومحمد بن أبى بكر المقدى قالوا ثنا حماد بن زيد عن حاجب بن المفضل بن المهلب عن ابيه أنه سمع النعمان بن بشير يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(13) كررها ثلاثًا للتأكيد ومعناها التسوية بينهم فى العطية كما تقدم (تخريجه)(ق. وغيرهما). (14)(سنده) حدّثنا أبو النضر وحسن بن موسى قالا ثنا زهير ثنا أبو الزبير قال حسن فى حديثه عن أبى الزبير عن جابر الخ (15) يعني امرأته

ص: 172

-[النهي عن الرجوع فى الهبة الا لوالد من ولده]-

ابنها غلامي وقالت وأشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أنه إخوة؟ قال نعم، فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ قال لا، قال فليس يصلح هذا وانى لا أشهد إلا على حق (1)(باب النهى أن يرجع الرجل فى هبته إلا الوالد). (عن ابن عباس)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس لنا مثل السّوء، العائد فى هبته كالكلب يعود فى قيئه (3). (عن ابن عمر وابن عباس)(4) رفعاه الى النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يحل لرجل (5) أن يعطى العطية فيرجع فيها الا الوالد فيما يعطى ولده (6)، ومثل الذى يعطى العطية (7) ثم يرجع كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم رجع فى قيئه. (عن ابن عباس)(8) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انما مثل الذى يتصدق ثم يعود فى صدقته كما الذى يقىّ ثم يأكل قيئه. وعنه أيضًا) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العائد فى هبته كالعائد فى قيئه قال قتادة ولا أعلم القئ الا حرامًا. (10)(عن عمرو بن شعيب)(11) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرجع فى هبته الا الوالد من ولده (12)، والعائد فى هبته كالعائد فى قيئه. (عن عمر رضي

عمرة بنت رواحة (1) تمسك به القائلون بوجوب التسوية بين الأولاد فى العطية لأن ضد الحق الباطل والباطل لا يجوز العمل به ولا الاشهاد عليه (تخريجه)(م د) انظر مذاهب الأئمة فى أحكام الهبة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 216 فى الجزء الثانى (باب). (2)(سنده) حدّثنا اسماعيل أنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه)(3) معنى الحديث لا ينبغى لنا معشر المؤمنين أن تتثف بصة ذميمه يشابهنا فيها أخس الحيوانات فى أخس أحوالها كالمثل بالكلب العائد على قيئه، وقد يطلق المثل على الصفة الغريبة العجيبة الشأن سواء كان فى صفة مد أو ذم قال تعالى {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى} قال الحافظ ولعل هذا أبلغ فى الزجر عن ذلك (يعنى عن الرجوع فى الهبة) وأدل على التحريم مما لو قال لا تعودوا فى الهبة اهـ قال النووى هذا المثل ظاهر فى تحريم الرجوع فى الهبة والصدقة بعد إقباضها، وهو محمول على هبة الأجنبى لا ما وهب لولده وولد ولده كما صرح به فى حديث النعمان (تخريجه)(ق وغيرهما). (4)(سنده) حدّثنا يزيد أنا حسين بن ذكوان يعنى المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس أن ابن عمر وابن عباس رفعاه إلى النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال الخ (غريبه)(5) ذكر النووى أن نفى الحل ليس بصريح فى إفادة الحرمة لأن المكروه يصدق عليه أنه ليس بحلال (6) يعنى فله الرجوع وهو مخصص لعموم الحديث السابق (7) المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر وإن صار قوله صلى الله عليه وسلم فيما جاء فى أحاديث الباب (العائد على هبته كالعائد فى قيئه مثلًا سائرًا (تخريجه)(قع هق والاربعة) وصححه الترمذى، وأخرجه أيضًا (حب ك) وصححاه. (8)(سنده) حدّثنا أحمد بن عبد الملك ثنا موسى بن اعين ثنا عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن سعيد بن المسيب قال سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تحريجه)(م جه) إلا أن ابن ماجه قال مثل الكلب يقئ ثم يرجع فيأكل قيئه. (9)(سنده) حدّثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن سعيد ابن المسيب عن ابن عباس الخ (غريبه)(10) قتادة هو أحد رجال السند يرى أن أكل القئ حرام (تخريجه)(ق د هق) وليس قول قتادة عند الشيخين. (11)(سنده) حدّثنا محمد بن جعفر عن سعيد عن عامر الأحول عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه)(12) فيه تخصيص لعموم الحديثين اللذين

ص: 173

-[قوله صلى الله عليه وسلم العائد فى هبته كالكلب يقئ ثم يعود فى قيئه]-

الله عنه) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذى يعود فى صدقته كمثل الذى يعود فى قيئه. (عن عبد الله بن طاوس)(2) عن أبيه قال كنا نقول ونحن صبيان العائد فى هبته كالكلب يقئ ثم يعود فى قيئه ولن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب فى ذلك مثلًا حتى حدثنا ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العائد فى هبته كالكلب يقئ ثم يعود فى قيئه. (عن أبى هريرة)(3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل الذى يعود فى عطيته كمثل الكلب يأكل حتى اذا شبع قاء ثم عاد فى قيئه فأكله. (عن عمرو بن شعيب)(4) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل الذى يسترد ما وهب كمثل الكلب يقئ فيأكل منه، واذا استرد الواهب فليوقف (5) بما استرد ثم ليرد عليه ما وهب (أبواب العمرى)(6) والرقى) (باب ما جاء فى جوازهما). (عن ابن عباس)(7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعمر عمرى فهى لمن أعمرها (8) جائزة، ومن أرقب رقى فهي لمن

قبله (تخريجه)(فع نس جه هق) ورجال اسناده ثقات، ويؤيده ما تقدم من أحاديث الباب. (1)(سنده) حدّثنا وكيع ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر الخ (تخريجه). (ق. وغيرهما)(2). (سنده) حدّثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه الخ (تخريجه)(نس) وسنده جيد. (3)(سنده) حدّثنا عبد الواحد بن عوق عن خلاس (بكسر المعجمة وتخفيف اللام) عن أبى هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله كلهم ثقات إلا أن أبا داود قال لم يسمع خلاس من على وسمعت أحمد يقول لم يسمع من ابى هريرة اهـ قال فى التهذيب حديثه عنه عند البخارى مقرونًا والله أعلم (4)(سنده) حدّثنا أبو بكر الحنفى أنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه)(5) معناه إذا رجع فى هبته فليؤل عن سببه ثم يؤد عليه هبته لعلمه وهب ليثاب عليه فلم يثب فيرجع لذلك فيمكن حينئذ أن يثاب حتى لا يرجع والله تعالى اعلم، وهذا الحديث ظاهر فى أنه إذا رجع يرد عليه هبته كما هو مذهب أبى حنيفة رحمه الله تعالى فى فتح الودود (تخريجه) قال المنذرى أخرجه (نس جه) بنحواه اهـ (قلت وسكت عنه أبو داود والمنذرى (أبواب العمرى والرّثقى)(6) العمرى بضم العين المهملة وسكون الميم مع القصر قال الحافظ وحكى ضم الميم مع ضم أوله، وحكى فتح أوله مع السكون مأخوذ من العمر اهـ قال فى النهاية يقال أعمرته الدار عمرى أى جعلها له يسكنها مدة عمر، فاذا مات عادت إلىّ، وكذا كانوا يفعلون فى الجاهلية فأبطل ذلك وأعلمهم أن من أعمر شيئًا أو أرقبه فى حياته فهو لورثته من بعده، وقد تعاضدت الروايات على ذلك، والفقهاء فيها مختلفون فمنهم من يعمل بظاهر الحديث ويجعلها تمليكًا، ومنهم من يجعلها كالعارية، ويتأول الحديث اهـ (والرقى) على وزن حبلى: قال فى النهاية الرقى هو أن يقول الرجل للرجل قد وهبت لك هذه الدار فإن مت قبلى رجعت إلىّ، وإن مت قبلك فهى لك، وهى فعلى من المراقبة لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه اهـ فيستفاد من ذلك أنهما مختلفان متحدان فى الحكم عند الجمهور، قال القارى الرقى لا تصح عن أبى حنيفة ومحمد، وتصح عند أبى يوسف رحمهم الله اهـ (باب). (7)(سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا حجاج عن أبى الزبير عن طاوس عن ابن عباس الخ (غريبه)(8) بضم الهمزة مبنى للمفعول (وقوله جائزة) أى مستمرة إلى الأبد لا رجوع لها إلى المعطي أصلًا

ص: 174

-[ما جاء في جواز العمرى والرّقى]-

أرقبها (1) جائزة، ومن وهب وهبة ثم عاد فيها فهو كالعائد فى قيئه. (عن أبى هريرة)(2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال العمرى ميراث (3) لأهلها. أو جائزة (عن جابر بن عبد الله)(4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العمرى جائزة لأهلها، والرقى جائزة لأهلها. (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده)(5) أن رجلًا قال يا رسول الله انى أعطيت أمى حديقة (6) حياتها وأنها ماتت فلم تترك وارثًا غيرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت صدقتك (7) ورجعت اليك حديقتك (8)(باب ما جاء فى النهى عنهما). (عن ابى عمر)(9) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى (10) وقال من أرقب فهو له. (عن أبى هريرة) أن النبي

(1) بضم الهمزة مبنى للمفعول ايضًا (وقوله جائزة) اى مستمرة الى الأبد كما تقدم فى العمرى بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من اشتراط الرجوع فى العمرى إلى صاحبها الأول بعد موت الثانى، ومن الرجوع فى الرقى إلى تأخر موته عن صاحبه، وقد جعلهما الشرع بمنزلة الهبة لا يصح الرجوع فيها، ولذلك قال (ومن وهب هبة ثم عاد فيها فهو كالعائد فى قيئه) وتقدم شرح ذلك فى الباب السابق (تخريجه)(نس) وقال الحافظ إسناده صحيح (2)(سنده) حدّثنا يحيى عن ابن أبى عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبى هريرة الخ (غريبه)(3) أى ميراث لمن وهبت له سواء أطلقت أو قيدت بعمر الآخذ أو ورثته أو المعطى كما ذهب اليه الجمهور (وقوله أو جائزة الخ) أو للشك من الراوى يشك هل قال ميراث أو جائزة ومعنى كونها جائزة أى عطية غير ممنوعة شرعًا لأنها من البر والمعروف، وللامام احمد رواية أخرى من هذا الطريق أيضًا عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العمرى جائزة، وعند الامام احمد أيضًا عن سمرة بن جندب مثل روايتى أبى هريرة (تخريجه) أخرج الرواية الأولى (ق. وغيرهما) وأخرج من الرواية الثانية (م. وغيره). (4)(سنده) حدّثنا هشيم أنا داود عن أبى الزبير عن جابر الخ (تخريجه)(م والأربعة) ورواه الامامان عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فانها للذى يعطاه لا ترجع الى الذى أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث. (5)(سنده) حدّثنا زكريا بن عدى ثنا عبيد الله عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه)(6) الحديقة ما أحاط به البناء من البساتين وغيرها، ويقال للقطعة من النخل حديقة وان لم يكن محاطًا بها والجمع الحدائق (نه)(7) أى تمت ونفذت (8) أى رجعت إليك بسبب لا دخل لك فيه وهو الميراث والمراد أنها ما حصل فيها شئ تؤاخذ عليه بسبب رجوعها إليك بالميراث (تخريجه)(جه) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه إسناده صحيح عند من يحتج بحديث عمرو بن شعيب اهـ (قلت) احتج به الجمهور ووثقه النسائى، وقال الحافظ أبو بكر بن زياد صح سماع عمرو من أبيه وصح سماع شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص وكذلك قال البخارى، مات سنة ثمانى عشرة ومائة رحمه الله تعالى (باب). (9)(سنده) حدّثنا وكيع عن يزيد عن حبيب بن أبى ثابت عن ابن عمر الخ (غريبه)(10) هذا نهى إرشاد لا ينافى ما تقدم فى الباب السابق من قوله صلى الله عليه وسلم والرقبى جائزة ومعناه لا يليق بالمصلحة أن تجعلوا دياركم وأموالكم رقى، فان كنتم ولا بد فاعلين فاعلموا أن من أرقب (بضم الهمزة مبنى للمفعول) شيئًا فهو له لا يعود إليكم فى حياته وبعد مماته (تخريجه)(نس) ورجاله ثقات (11)(سنده) حدّثنا سليمان (يعنى ابن داود) أنبأنا اسماعيل (يعنى ابن جعفر) حدثني محمد بن

ص: 175

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا عمرى ولا رقبى وشرح ذلك]-

صلى الله عليه وسلم قال لا عمرى فمن أعمر شيئًا فهو له (1). (حدّثنا محمد بن بكر)(2) وعبد الرازق قالا أنا ابن جريج أخبرنى عطاء عن حبيب بن أبى ثابت عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عمرى ولا رقبى (3) فمن أعمر شيئًا أو أرقبه فهو له حياته، ومماته (4). قال ابن بكر فى حديثه قال عطائ والرقبى هى أيضًا للآخرة (5) قال عبد الرازق منى ومنك. (عن جابر بن عبد الله)(6) قال قال النبى صلى الله عليه وسلم أمسكوا عليكم أموالكم ولا تعطوها أحدًا (7) فمن أعمر شيئًا فهو له (زاد فى رواية) فلا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهى للذى أعمرها حيًا وميتًا ولعقبه. (عن زيد بن ثابت)(8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعمر عمرى فهى لمعمره (9) محياه ومماته، لا ترقبوا (10) فمن أرقب شيئًا فهو سبيل الميراث (باب ما جاء فى تفسير العمرى ولمن يكون القضاء بها). (عن جابر بن عبد الله) (11) قال انما العمرى الى أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هى لك ولعقبك: فأما اذا قال فهى لك فانها ترجع الى صاحبها (12)(وعنه أيضًا) رضى الله عنه (13) أن رجلًا من الأنصار

عمرو عن أبي سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه)(1) أعمر بضم الهمزة مبنى للمفعول ومعناه كالذى قبله سواء بسواء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد. (2) حدّثنا محمد بن بكر الخ) (غريبه)(3) اى لا ينبغى فعلهما نظرًا الى المصلحة لمن حالته لا تسمح له بذلك فانه لا رجوع للواهب فيهما (وقوله فمن أعمر شيئًا أو ارقبه) بضم الهمزة فيهما مبنى للمفعول (4) أى مدة حياته وبعد موته لورثته (5) بكسر الخاء المعجمة أى للآخر منا موتًا كما بينه عبد الرازق بقوله منى ومنك يعنى ان مت قبلك فهى لك وان مت قبلى فهى لى، وهذا بيان لما كان عليه أهل الجاهلية فأبطل الشرع ذلك وجعلها لمن وهبت له ولورثته من بعده سواء تقدم موته أو تأخر والله أعلم (نس) ورجاله ثقات (6)(سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا سفيان عن أبى الزبير عن جابر الخ (غريبه)(7) المراد بهذا النهى إعلامهم أن العمرى هبة صحيحة ماضية يملكها الموهوب له وورثته من بعده كما يستفاد من الرواية الثانية ملكًا تامًا لا يعود ألى الواهب أبدًا فذا علموا ذلك فمن شاء أعمر ودخل على بصيرة، ومن شاء ترك لأنهم كانوا يتوهمون انها كالعارية يرجع فيها: وهو حجة للشافعى وموافقيه (تخريجه)(م هق. وغيرهما). (8)(سنده) حدّثنا عبد الله بن الحارث عن شبل عن عمرو بن دينار عن طاوس عن حجر المنذرى عن زيد بن ثابت الخ (غريبه)(9) بضم الميم الاولى وفتح الثانية اسم منقول من أعمر (وقوله محياه ومماته) بفتح الميمين اى مدة حياته وموته (10) بضم التاء والمثناة وكسر القاف بينهما راء ساكنة من ارقب اى لا تجعلوها رقبى فهذا نهى لكن علله بقوله (فمن ارقب شيئًا) بضم الهمزة وكسر القاف على بناء المفعول (فهو سبيل الميراث) اى إذا مات إذا مات يكون لورثته لا يرجع إلى الواهب (تخريجه)(د نس جه حب هق) وسنده جيد (باب)(11)(سنده) حدّثنا عبد الرازق انا معمر عن الزهرى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(12) زاد مسلم قال معمر وكان الزهرى يفتى به اهـ (قلت) وبه قال مالك والشافعى فى القديم، انظر أحكام العمرى والرقى ومذاهب الأئمة فى كتابى القول الحسن فى شرح بدائع المنن صحيفة 218 و 219 الجزء الثانى (تخريجه)(م د هق)(13)(سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنى حميدح وروح قال ثنا سفيان الثوري عن

ص: 176

-[العمرّى والرقبى لمن أعطيها (بضم الهمزة وكسر الطاء) ولورثته من بعده]-

أعطى أمه حديقة (1) من نخل حياتها فماتت فجاء اخوته فقالوا نحن فيه شرع (2) سواء فأبى فاختصموا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقسمها بينهم ميراثَا (3). (عن سليمان بن يسار)(4) أن أميرًا كان بالمدينة يقال له طارق (5) قضى بالعمرى للوارث على قول جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (6)(عن زيد بن ثابت)(7) أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل العمرى (وفى لفظ قضى بالعمرى) للوارث (8)(حدّثنا عبد الرازق)(9) ومحمد بن بكر قالا أنبأنا جريج أخبرنى ابن شهاب الزهرى عن حديث أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الانصارى أخبرنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أيما رجل أعمر رجلًا عمرى له ولعقبه فقال قد أعطيتكما وعقبك ما بقى منكم أحد فانما هى (10) قال ابن بكر لمن اعطاها وقال عبد الرازق (11) لمن أعطيها وأنها لا ترجع إلى صاحبها (12) من أجل أنه أعطاها عطاء وقعت فيه المواريث (13)(كتاب الوقف (14)) (باب مشروعية الوقف وفضله ووقف المشاع والمنقول). (عن أبى هريرة)(15) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا مات

حميد بن قيس الأعرج عن محمد بن ابراهيم عن جابر بن عبد الله أن رجلًا من الأنصار اعطى امه الخ (غريبه)(1) تقدم تفسير الحديقة وهى البستان يكون عليه الحائط، فعليه بمعنى مفعولة لأن الحائط احدق بها أى أحاط ثم توسعوا حتى أطلقوا الحديقة على البستان وإن كان غير حائط (2) بفتح الشين المعجمة والراء (وقوله سواء) تفسير لشرع أى سواء ومثل ذلك فى القاموس (3) أى على سبيل الميراث وهو حجة الجمهور فى عدم رجوع العطية إلى صاحبها الأول وان شرط ذلك (تخريجه)(د هق) وسكت عنه أبو داود والمنذرى، وقال ابن رسلان فى شرح السين ما لفظه وهذا الحديث رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ ويشهد لصحته أحاديث الباب المصرحة بأن المعمر والمرقب يكون أولى بالعين فى حياته وورثته من بعده. (4)(سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن سليمان بن يسار الخ (غريبه)(5) هو طارق بن عمرو المكى الأموى امير المدينة لعبد الملك بن مروان (6) يعنى قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث جابر المتقدم (فانه من أعمر عمرى فهى للذى أعمرها حيًا أو ميتًا ولعقبه)(تخريجه)(م هق). (7)(سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن طاوس سعن حجر المدرى عن زيد بن ثابت الخ (غريبه)(8) أى لوارث المعمر بفتح الميم الثانية مبنى للمفعول (تخريجه)(بس جه هق) ورجاله ثقات (9)(حدّثنا عبد الرازق الخ)(غريبه)(10) أى العمرى (قال ابن بكر) يعنى فى روايته (لمن أعطاها) بضم الهمزة مبنى للمفعول (11) يعنى فى روايته (لمن أعطيها) بضم الهمزة وكسر المهملة وفتح التحتية مبنى للمفعول أيضًا والمعنى واحد (12) أى لا تصير إلى الذى أعطاها (بفتح الهمزة)(13) هذا التعليل مدرج فى الحديث من قول أبى سلمة كما صرح بذلك فى رواية لمسلم (تخريجه)(م نس هق)(كتاب الوقف)(14) هو فى اللغة الحبس يقال وقفت كذا بدون ألف على اللغة الفصحى اى حبسته، وفى الشريعة حبس الملك فى سبيل الله تعالى للفقراء وأبناء السبيل يصرف عليهم منافعه ويبقى أصله على مبك الواقف، وألفاظه وقفت وحبست وسبلت وأبدّت هذه صرائح ألفاظه، وأما كنايته فقوله تصدقت: واختلف فى حرّمت فقيل صريح وقيل غير صريح (باب). (15) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الصدقة الجارية من كتاب الزكاة رقم 148 صحيفة 204 من الجزء

ص: 177

-[ما جاء في مشروعية الوقف وفضله]-

ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به (1) أو ولد صالح يدعو له (عن ابن عمر)(2) أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أضاب أرضًا من يهود بنى حارثة (3) يقال لها ثمغ (4) فقال يا رسول الله إنى أصبت مالًا نفيسًا أريد أن أتصدق به (5) قال فجعلها صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث يليها ذوو الرأى (6) من آل عمر فما عفا (7) من ثمرتها جعل في سبيل الله تعالى وابن السبيل وفى الرقاب والفقراء ولذى القربى والضيف وليس على من وليها جناح أن يأكل بالمعروف أو يؤكل صديقًا غير متمول (8) منه، قال حماد فزعم عمرو بن دينار أن عبد الله بن عمر كان يهدى إلى عبد الله بن صفوان (9) منه، قال فتصدقت حفصة بأرض لها على ذلك (10) وتصدق ابن عمر بأرض له على ذلك ووليتها حفصة (11). (وعنه أيضًا)(12) أنه قال أول صدفة كانت فى الإسلام صدقة عمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم احبس أصولها وسبل ثمرتها (13)(وعنه أيضًا)(14) أن النبى صلى الله عليه وسلم حمى النقيع للخيل، قال حماد فقلت له

التاسع وإنما ذكرته هنا لأن العلماء فسروا الصدقة الجارية بالوقف (1) المراد به العلم الذى يتوصل به إلى فهم كتاب الله وسنة رسوله وهو أنفع العلوم، أو العلم الدنيوى الذى يعود على الناس بالمنفعة كعلم الطب ونحوه. نسأل الله عزوجل التوفيق إلى إتمام مقصودنا والاخلاص فى أعمالنا والعمل بما نعلم آمين (2)(سنده) حدّثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن زيد ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه)(3) جاء فى رواية بخيبر (4) بفتح المثلثة والميم، وقيل بسكون الميم وبعدها غين معجمة (5) جاء فى الحديث التالى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم احبس أصولها وسبل ثمرتها وسيأتى شرحه (6) أى ذوو العقل وأصحاب الرأى الصائب (7) أى ما فضل بعد الانفاق عليها، قال الجوهرى عفو المال ما يفضل عن النفقة وقال الحربى العفو أجل المال وأطيبه وكلاهما جائز فى اللغة: والأول أشبه بهذا الحديث والله أعلم (متمول) أى غير متخذ منها مالًا أو ملكًا، قال الحافظ والمراد أن لا يمتلك شيئًا من رقابها (9) قال الحافظ في التقريب: عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى أبو صفوان المكى ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة مشهورة وقتل مع ابن الزبير وهو متعلق بأستار الكعبة سنة ثلاث وسبعين ذكره سعد فى الطبقة الأولى من التابعين اهـ وإنما كان ابن عمر يهدى منه أخذًا بالشرط المذكور وهو أن يؤكل صديقًا الخ يحتمل أن يكون إنما أطعمهم من نصيبه الذى جعل له أن يأكل منه بالمعروف فكان يؤخذ ليهدى لأصحابه منه والله اعلم (10) أى على شرط عمر (وتصدق ابن عمر بأرض له على ذلك) أى على شرط عمر أيضًا (11) أى بنت عمر رضى الله عنهما أى وليت أرضها، ويحتمل عود الضمير إلى أرضها وأرض أخيها عبد الله ابن عمر (تخريجه)(ق. والأربعة وغيرهم)(12)(سنده) حدّثنا حماد أنا عبد الله (يعنى العمرى) عن نافع عن ابن عمر قال أول صدقة كانت فى الإسلام الخ (غريبه)(13) معناه احبس عينها لا يجوز فيها بيع ولا رهن ولا أي تصرف (وسبل ثمرتها) أى تصدق بمنافعها من ثمر ونحوه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفى إسناده عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمرى تكلم فيه بعضهم وقال ابن عدى لا بأس به. (14) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الحمى لدواب بيت المال فى كتاب إحياء الموات فى هذا الجزء ص 139 رقم 438 وإنما ذكرته هنا لقوله {حمى النقيع للخيل} أى جعله وقفًا على خيل المسلمين

ص: 178

-[وقف أبي طلحة الأنصارى رضى الله عنه]-

لخيله؟ قال لا، لخيل المسلمين. (عن أنس بن مالك)(1) قال كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء (2) وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس فلما نزلت (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) قال أبو طلحة يا رسول الله إن الله يقول (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وإن أحب أموالى إلى بيرحاء وانها صدقة لله أرجو بها برها وذخرها عند الله تعالى فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم بخ بخ (3) ذاك مال رابح. ذاك مال رابح (4)، وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها فى الأقربين فقال أبو صلحة افعل (5) يا رسول الله فقسمها أبو طلحة فى أقاربه وبنى عمه (6)(باب ما وقف مسجدًا أو بئرًا لا يكون له فيها الا ما لكل مسلم وأجره على الله عز وجل. (ز)(وعن ثمامة بن حزن)(7) القشيرى قال شهدت الدار يوم عثمان (8) رضى الله عنه فطلع عليهم اطلاعة (9) فقال ادعو لى صاحبيكم اللذين ألّباكم علىّ (10) فدعيا له، فقال نشدتكما الله (11) أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ضاق المسجد بأهله فقال من يشترى هذه البقعة

التي ترصد للجهاد ونحوه. (1)(سنده) حدّثنا روح حدّثنا مالك عن اسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة سمع أنس بن مالك قال كان أبو طلحة الخ (غريبه)(2) بفتح الباء الموحدة وسكون الياء التحتية وفتح الراء وبالحاء المهملة والمد كذا ضبطه الحافظ، ثم قال وجاء فى ضبطه أوجه كثيرة جمعها ابن الأثير فى النهاية اهـ وكانت تلك الأرض أو البقعة (مستقبلة المسجد) أى فى قبلى المسجد النبوى (3) باسكان الخاء المعجمة كسكون للام فى هل وبل، وهى كلمة تقال عند الرضا بالشئ، وتنون الخاء مكسورة وتخفف فى الأكثر قاله النوى وغيره، وقال الحافظ إذا كررت فالاختيار أن تنون الأولى وتسكن الثانية وقد يسكنان جميعًا، ومعناهما تفخيم الأمر والإعجاب به (4) بالباء الموحدة أى ذو ربح يربح صابحه فيه الآخرة (وقوله قد سمعت) زاد البخارى (ما قلت) (5) بضم لام افعل على انه من قول أبى طلحة (6) جاء فى رواية البخارى فجعلها أبو طلحة فى ذوى رحمه وكان منهم حسان وأبىّ بن كعب رضى الله عنهم أجمعين (تخريجه) (ق لك. وغيرهم) (باب). (ز) (7) (سنده) قال عبد الله بن الامام أحمد حدثنى محمد بن بكر بن على المقدمى ثنا محمد بن عبد الله الانصارى ثنا هلال بن حق عن الجريرى عن ثمامة بن حزن الخ (غريبه) (8) أى لما حاصره المصريون الذين أنكروا عليه تولية عبد الله بن سعد بن أبى سرح واتهموه بالإيعاز إلى عبد الله بن سعد بقتل محمد بن أبى بكر ومن معه والقصة مشهورة فى كتب التاريخ (9) يعنى أنه أشرف على من حاصروه (10) أى حرضاكم على حربى ولم يصرح باسمهما فى هذه الرواية: والظاهر أنهما محمد بن أبى بكر الصديق ومحمد بن أبى حذيفة فقد جاء فى تاريخ ابن كثير (البداية والنهاية) أنه نشأ بمصر ط ثقة من أبناء الصحابة يؤليون الناس على حرب عثمان والإنكار عليه قال وكان عظم ذلك مسندًا الى محمد بن أبى بكر ومحمد بن أبى حذيفة حتى استنفروا نحوًا من ستمائة راكب يذهبون الى المدينة فى صفة معتمرين فى شهر رجب لينكروا على عثمان اهـ (11) أى سألتكما بالله يقال نشدت فلانًا أنشده إذا قلت له نشدتك الله (وقوله أتعلمان الخ بالتثنية يخاطب

ص: 179

-[ما وقفه عثمان بن عفان رضى الله عنه وفيه منقبة له]-

من خالص ماله فيكون فيها كالمسلمين وله خير منها الجنة، فاشتريتها من خالص مالى فجعلتها بين المسلمين وأنتم تمنعونى أن أصلى فيها ركعتين، ثم قال أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن فيها بئر يستعذب منه الا (1) رومة فقا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوه فيها كدلىّ المسلمين وله خير منها فى الجنة؟ فاشتريتها من خالص مالى فأنتم تمنعونى أن أشرب منها، ثم قال هل تعلمون أنى صاحب جيش العسرة؟ (2) قالوا اللهم نعم (3)(كتاب الوصايا (4)) (باب الحث على الوصية والنهى عن الحيف فيها وفضيلة التنجيز حال الحياة. (عن نافع عن ابن عمر)(5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ما حق أمرى. (6) يبيت ليلتين

الشخصين الذين ألبا عليه ومعناه ألم يبلغكما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) أى يطلب منه الماء العذب إلا (رومة) بضم الراء وسكون الواو وقيل بالهمزة بئر عظيم شمالى مسجد القبلتين بوادى العقيق ماؤه عذب لطيف يسميها العامة بئر الجنة لترتب دخول الجنة لعثمان على شرائها قاله الدهلوى فى اللمعات (2) يعنى غزوة تبوك وهى آخر غزواته صلى الله عليه وسلم وسميت جيش العسرة لأنها كانت فى زمان اشتداد الحر والقحط وقلة الزاد والماء والمركب بحيث تعسر عليهم الخروج من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم أى كادت تميل قلوب بعضهم إلى التخلف عن هذه الغزوة وعدم اتباع النبى صلى الله عليه وسلم فيها لكثرة أهوالها (وللإمام احمد والترمذى) من حديث عبد الرحمن بن خباب السلمى قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة فقال عثمان بن عفان علىّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها: قال ثم حث فقال عثمان علىّ مائة أخرى بأحلاسها واقتابها، قال ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث فقال عثمان بن عفان علىّ مائة أخرى بأحلاسها واقتابها، قال فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم يقول بيده هكذا واخرج عبد الصمد (احد الرواة) يده كالممتعجب، (ما على عثمان ما عمل بعد هذا) وللامام احمد احاديث كثيرة فى هذا الباب عن كثير من الصحابة ستأتى فى غزوة تبوك، وفى مناقب عثمان فى خلافته من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى رضى الله عنه (3) فى رواية للنسائى من حديث الأحنف بن قيس أن الذين صدقوه بذلك هم على بن أبى طالب وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص رضى الله عنهم (تخريجه)(ش مذ) وحسنه الترمذى، أنظر مذاهب الأئمة وأحكام الوقف فى الجزء الثانى من كتاب القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 219 و 220 والله الموفق (4) قال الحافظ الوصايا جمع وصية كالهدايا وتطلق على فعل الموصى وعلى ما يوصى به من مال أو غيره من عهد ونحوه فتكون بمعنى المصدر وهو الايصاء، وتكون بمعنى المفعول وهو الاسم، (وفى الشرع) عهد خاص مضاف إلى ما بعد الموت وقد يصحبه التبرع وتطلق شرعًا أيضًا على ما يقع به الزجر عن المنهيات والحث على المأمورات اهـ (باب)(5)(سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه)(6) ما نافية بمعنى ليس والخبر ما بعد إلا (وقوله يبيت) صفة لامرئ كما جزم به الطيبى (وقوله ليلتين) لم يرد بذلك التحديد فقد جاء فى بعض الروايات ليلة، وفى الحديث التالى ثلاثًا، قال الطيبى فى تخصيص الليلتين والثلاث بالذكر تسامح فى إرادة المبالغة أى لا ينبغى أن يبيت زمنًا وقد سامحناه فى الليليتين والثلاث فلا ينبغى له أن يتجاوز ذلك، قال العلماء لا ينبغى أن يكتب جميع

ص: 180

-[الحث على الوصية قبل الموت والتحذير من الجور فيها]-

وله ما يريد أن يوصى فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده. (عن سالم عن أبيه)(1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم له مال يوصى فيه يبيت ثلاثًا إلا ووصيته عنده مكتوبة قال عبد الله (2) فما بت ليلة منذ سمعتها إلا ووصيتى عندى مكتوبة. (عن أبى هريرة)(3) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الصدقة أفضل؟ قال لتنبأن (4) أن تتصدق وأنت صحيح (5) شحيح تأمل البقاء (6) وتخاف الفقر ولا تمهل (7) حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كلن لفلان (8)(عن شهر بن حوشب)(9) عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين شنة فإذا أوصى حاف (10) فى وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار (11)، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل فى وصيته (12) فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة

الأشياء المحضرة ولا ما جرت العادة بالخروج منه والوفاء به عن قرب، قال الشافعى رحمه الله معنى الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده اهـ وكذا قال الخطابى (تخريجه)(ق. والأربعة. والامامان)(1)(سنده) حدّثنا كثير بن هشام ثنا جعفر بن برقان ثنا الزهرى عن سالم عن أبيه الخ (قلت) أبو سالم هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهم (غريبة)(2) يعنى ابن عمر رضى الله عنهما (تخريجه)(ق. والأربعة والامامان) وجاء فى رواية أخرى للامام احمد عن نافع عن ابن عمر أيضًا مرفوعًا بلفظ (حق على كل مسلم أن يبيت ليلتين وله ما يوصى فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده. (3)(سنده) حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع عن أبى زرعة عن أبى هريرة الخ (غريبه)(4) بضم التاء المثناة وفتح النون بعدها باء موحدة مشددة ثم همزة مفتوحة ثم نون مشددة من النبأ، وفى رواية أخرى للامام احمد أيضًا بلفظ (قال تصدق وأنت صحيح شحيح الخ) بلفظ الأمر (5) أى صحيح البدن (شحيح) قال فى النهاية الشح أشد البخل وهو أبلغ فى المنع من البخل: وقيل هو البخل مع الحرص اهـ وقال ابن بطال وغيره لما كان الشح غالبًا فى الصحة فالسماح فيه بالصدقة أصدق فى النية وأعظم للأجر بخلاف من يئس من الحياة ورأى مصير المال لغيره (6) بضم الميم أى تطمع فى البقاء (7) بالاسكان على أنه نهى وبالضم على أنه نفى أى لا نؤخر الوصية إلى وقت الموت واليأس من الحياة، وهذا معنى قوله حتى إذا بلغت الحلقوم أى قاربت الروح بلوغه إذ لو بلغته حقيقة لا يمكنه الوصية ولا يصح شئ من تصرفاته، والحلقوم الحلق وهو مجرى الطعام والشراب (8) قال الحافظ الظاهر أن هذا المذكور على سبيل المثال (يعنى قوله لفلان كذا الخ) والله اعلم (تخريجه)(ق د نس جه) وتقدم نحوه عن أبى هريرة أيضًا فى باب أفضل الصدقة من أبواب صدقة التطوع آخر كتاب الزكاة فى الجزء التاسع صحيفة 163 رقم 209 (9)(سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا معمر عن أيوب عن أشعت بن عبد الله عن شهر بن حوشب عن أبى هريرة الخ (غريبه)(10) من الحيف وهو الظلم والجور يقال حاف يحيف جار وظلم وسواء كان حاكمًا أو غير حاكم فهو حائف، والمراد بالجور هنا أن يزيد على الثلث فى الوصية أو يقصد حرمان الأقارب أو يقر بدين لا أصل له أو نحو ذلك (11) أى يستحق دخول نار جهنم إن لم يدركه الله بلطفه (12) كأن يوصى بالثلث للأقارب المحرومين من الميراث أو الفقراء والمساكين إن لم يكن له أقارب كذلك وأن يعترف بما عليه

ص: 181

-[من أوصى بصدقة من ماله ولم يعين سبيلها فأين توضع]-

قال ثم يقول أبو هريرة واقرءوا إن شئتم (تلك حدود الله (1) - إلى قوله - وله عذاب مهين) (عن أبي حبيبة الطائي)(2) قال أوصى إلىّ أخي بطائفة من ماله (3) قال فلقيت أبا الدرداء فقلت أنا أخي أوصاني بطائفته من ماله فأين أضعه؟ في الفقراء أو في المجاهدين أو في المساكين؟ قال أما أنا فلو كنت (4) لم أعدل بالمجاهدين، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل الذي يعتق عند الموت (وفي لفظ مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته (5) مثل الذي يهدي إذا شبع (6)(زاد في رواية) قال أبو حبيبة فأصابني من ذلك شيء (عن حبكم بن قيس بن عاصم)(7) عن

من الحقوق لتؤدي لأربابها (1) هكذا جاء في رواية الإمام أحمد وابن ماجه مختصرًا لفظ القرآن، وتمامه (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعصي الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين) وفي رواية أبي داود والترمذي قال وقرأ أبو هريرة من ههنا (من بعض وصية يوصي بها أو دين غير مضار - حتى بلغ ذلك الفوز العظيم وهذا لفظ أبي داود واختصر الآية وأشار إلى الآية وأشار إلى الآية التي بعدها وتمام الآية وصية من الله والله عليم حليم، تلك حدود الله، ومن يطع الله ورسوله الخ ما ذكرنا في الشرح آنفًا (تخريجه)(د مذجه هتي) وحسنه الترمذي والحافظ الهيثمي (2)(سنده) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي حبيبة الطائي الخ (غريبة)(3) في رواية أخرى للإمام أحمد أيضًا (أوصى رجل بدنانير في سبيل الله) وباجتماع هاتين الروايتين يستفاد أن الرجل الموصي هو أخو أبي حبيبة وأن المال دنانير وأنه ينفق في سبيل الله، ولما كان لفظ سبيل الله يتناول الفقراء والمساكين والمجاهدين وكل أعمال الخير لم يدرك أبو حبيبة أين يضمه فاستشار أبا الدرداء لأنه من الصحابة وأعلم منه بذلك (4) بضم التاء المثناة أي لو كنت مكانك لم أسوّ بالمجاهدين غيرهم بل أقدمهم على غيرهم، وإنما اختار أبو الدرداء إنفاق هذا المال في المجاهدين وإن كان لفظ سبيل الله يتناول كل أعمال الخير لكنه أظهر وأشهر في المجاهدين (5) أي عند نزول الموت به (6) معناه أن أفضل الصدقة إنما هي عند الطمع في البقاء في الدنيا والحرص على المال فيكون مؤثرًا لآخرته على دنياه صادرًا فعله عن قلب سليم ونية مخلصة، فإذا أخرها حتى حضره الموت كان استثارًا لدنياه على آخرته وتقديمًا لنفسه في وقت لا ينتفع به في دنياه فينقص حظه، فشبه تأخير الصدقة عن أواته ثم تداركه في غير أوانه بمن تفرد بالأكل واستأثر لنفسه ثم إذا شبع يؤثر به غيره، وإنما يحمد إذا كان عن إيثار حقيقة كما قال تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) والظاهر أن أبا الدرداء ذكر هذا الحديث لكونه علم أن الوصية صدرت من صاحبها عند موته، ولذلك قال أبو حبيبة (فأصابني من ذلك شيء) يعني من التأثر إشفافًا على أخيه والله أعلم (تخريجه) نس مذك هق) وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وحسنه الحافظ والترمذي وصححه ابن حبان (7)(سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه قال سمعت قتادة يحدث عن مطرف بن الشخير وحجاج قال حدثني شعبة قال حجاج في حديثه سمعت مطرف بن الشخير يحدث عن حكيم بن قيس بن عاصم عن أبيه الخ (قلت) أبوه قيس ابن عاصم، قال البخاري له صحبة، وقال ابن سعد كان حرّم الخمر على نفسه في الجاهلية ثم وفد على رسول الله في وفد بني تميم (سنة تسع) فأسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا سيد أهل الوبر وكان سيدًا

ص: 182

-[جواز وصية المريض بالثلث من ماله فأقل ومنعه من الزيادة]-

أبيه أن أوصى ولده عند موته قال اتقوا الله عز وجل وسودّدوا (1) أكبركم فإن القوم إذا سودوا أكبرهم خلفوا أباهم، فذكر الحديث (2) وإذا مت فلا تنوجوا علىّ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتنح عليه (باب جواز تبرعات المريض من الثلث فأقل ومنعه من الزيادة عليه)(عن عامر بن سعد بن أبي وقاص)(3) عن أبيه قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (4) مرضت مرضًا أضيفت (5) على الموت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله إن لي مالاً كثيرًا وليس يرثني إلا أبنه لي (6) فأوصى بثلي مالي (7) قال لا، قلت بشطر مالي؟ قال لا،

جوادًا: قال ابن حبان كان له ثلاثة وثلاثون ولدًا أهـ (غريبة)(1) أي أجعلوه سيدًا عليكم والسيد انطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومتحمل أذي قومه والزوج والرئيس المقدم وأصله نم ساد يسود فهو سيود فقلبت الولد ياه لأجل الياء الساكنة قبلها ثم أدغمت (2) هكذا في الأصل (فذكر الحديث) وليس هذا من اختصاري (تخريجه) نس) مختصرًا على الشطر الثاني مختص بالنياحة وسنده جيد (باب)(3)(سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن أزهري عن عامر بن سعد الخ (غريبة)(4) هكذا في هذا الرواية التصريح بحجة الوداع ومثلها عند الشيخين: لكن للإمام أحمد رواية أخرى من طريق سفيان بن عيينه عن الزهري عن عامر بن سعد عن قال مرضت بمكة عام الفتح مرضًا شديدًا أشفيت منه على الموت فذكر الحديث كما هنا: وهو يفيد أن مرض سعد كان عام الفتح (ويؤيده) ورواه الإمام أحمد أيضًا والبزار وللطبراني والبخاري في التاريخ وابن بعد نم حديث عمرو بن القارئ أن رسول الله قدم (يعني مكة عام الفتح) فخلف (بتشديد اللام) سعدًا مريضًا حيث خرج إلى حنين (يعني بعد فتح مكة) فلما قدم من جعوانة معتمرًا دخل عليه وهو وجع مغلوب قال يا رسول الله إن لي مالاً وإني أورث كلالة (الذي عليه الجمهور وهو المعتمد في معني الكلالة هو من والد له ولا ولد مطلقًا سواء كان ذكر أو أنثى) وفي آخر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا عمرو بن القاري إن مات سعد بعدي فهاهنا فادفنه نحو طريق المدينة أهـ فكأنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى البقيع، قال النووي في تذهب الأسماء واللغات توفي سعد بقصره بالعقيق على عشرة أميال وقيل سبعة من المدينة حمل على أعناق الرجال إلى المدينة وصلى عليه بالمدينة ودفن بالبقيع أهـ فيستفاد من رواية الإمام أحمد من طريق سفيان بن عيينة ومن حديث عمرو بن القارئ أن مرض سعد كان عام الفتح وأنه إذا ذاك يكن له أولاد قط لقوله (وإني أورث كلالة) وفي حديث الباب التصريح بأن مرضه كان في حجة الوداع كان له أبنه واحدة وهذا مشكل، وقد جمع الحافظ بين الروايتين بأن يكون ذلك وقع له مرتين مرة عام الفتح ولم يكن له أولاد قطورة عام حجة الوداع وكان له أبنه فقط والله أعلم (5) أي قاربته وأشرفت عليه (6) لم يكن لسعد وقتئذ من الأولاد إلا هذه البنت ثم خلف بعد ذلك أولادًا كثيرة ذكورًا وإناثًا، قال الحافظ كان لابن أبي وقاص عدة أولاد منهم عمر وإبراهيم ويحيي وإسحاق وعبد الله وعبد الرحمن عمران وصالح وعثمان ومن البنات ثنتا عشرة بنتاً (7) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد عن ثلاثة من ولد سعد عن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه يعوده وهو مريض وهو بمكة قال يا رسول الله قد نسيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة فأدع الله أن يشفيني، قال اللهم اشف

ص: 183

-[قصة سعد بن أبي وقاص مع النبي صلى الله عليه وسلم في الوصية بالثلث]-

قلت بثلث مالي؟ قال الثلث والثلث كثير (1)، إنك يا سعد أن تدع (2) ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة (3) يتكففون الناس، إنك يا سعد لن تنفق نفقه تبتغي بها وجه الله تعالى (4) إلا أجرت عليها، حتى اللقمة (5) تجعلها في امرأتك، قال قلت يا رسول الله أخلف (6) بعد أصحابي؟ قال إنك لن تخلف (7) فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله تعالى إلا أزددت به درجة ورفعه، ولعلك تخلف حتى ينفع الله بك أقوامًا ويضر بك آخرين (8)، اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابي (9) لكن البائس سعد بن خولة (10) رثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم

سعدًا اللهم أشف سعدًا اللهم أشف سعدًا، قال يا رسول الله إن لي مالاً كثيرًا وليس لي وارث إلا أبنه فأوصي بمالي كله؟ قال لا، قال فأوصى بثليه؟ قال لا، قال أفأوصى بنصفه؟ قال لا، قال أفأوصى بالثلث؟ قال الثلث والثلث كثير (وللإمام أحمد أيضًا) في رواية أخرى من حديث عائشة بنت سعد قالت قال سعد فوضع يده (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) على جبهتي فمسح وجهي وصدري وبطني وقال اللهم أشف سعدًا وأتم له هجرته فما زلت يخيل إلى بأني أجد برد يده على كبدي حتى الساعة فيستفاد من رواية أولاد سعد أن سعدًا طلب أولاً أن يوصي بماله كله وأنه خشي أن يموت بمكة وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء له بالشفاء، ومن رواية بنت سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم، دعا له بالشفاء ومسح على وجهه وصدره وبطنه (1) معناه يكفيك الثلث والثلث كاف أي كثير غير قليل، قال الشافعي رحمه الله هذا أولى معانيه (2) بفتح الهمزة وكسرها فالفتح على التعليل ومحل أن تدع مرفوع على الابتداء أي تركك أولادك أغنياء والجملة بأسرها خبر أن، والكسر على الشرطية وجزاء الشرط قوله (خير) على تقدير فهو خير وحذف الفاء من الجزاء سائغ شائع غير مختص بالضرورة كما قال ابن مالك (3) بتخفيف اللام أي فقراء (يتكففون الناس) أي يسألونهم باكفهم بأن يبسطوها للسؤال أو يسألون ما يكف عنهم الجوع (4) جاء في رواية أولاد سعد عن سعد عند الإمام أحمد أيضًا (إن نفقتك من مالك لك صدقة وإن نفقتك على عيالك لك صدقة، وإن نفقتك على أهلك لك صدقة (5) بالجر على أن حتى جارّة وبالرفع لأبي ذر على كونها ابتدائية والخبر (تجعلها) ولفظ البخاري (ترفعها) قال الحافظ وبالنصب عطفًا على نفقة (قوله في امرأتك) أي في فم امرأتك (6) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام مفتوحة قال القاضي عياض معناه أخلف بمكة بعد أصحابي قاله إما إشفاقًا من موته بمكة لكونه هاجر منها وتركها لله فخشي أن يقدح ذلك في هجرته أو في ثوابه عليها أو خشي بقاءه بمكة بعد انصراف صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة (7) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد اللام مفتوحة المراد به طول العمر والبقاء في الحياة بعد جماعات من أصحابه، وفي هذا الحديث فضيلة طول العمر للازدياد من العمل الصالح والحث على إرادة وجه الله تعالى بالأعمال (8) قال النووي وهذا الحديث من المعجزات فإن سعدًا رضي الله عنه عاش حتى فتح العراق وغيره وانتفع به أقوام في دينه ودنياهم وتضرر به الكفار في دينهم ودنياهم فإنهم قتلوا وصاروا إلى جهنم وسبيت نساؤهم وأولادهم وغنمت أموالهم وديارهم (9) معناه أتممها ولا تبطلها ولا تردهم على أعقابهم بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم المرضية (10) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد من حديث عامر بن سعد عن أبيه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يرحم الله سعد بن عفراء)

ص: 184

-[قصة سعد بن أبي وقاص مع النبي صلى الله عليه وسلم في الوصية بالثلث]-

وكان مات بمكة (1)(عن أبي عبد الرحمن السلمي)(2) قال سعد فيّ سن رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) أتاني يعودني قال فقال لي أوصيت؟ قال قلت نعم جعلت مالي كله في الفقراء أو المساكين وابن السبيل، قال لا تفعل، قلت إن ورثتني أغنياء قلت الثلثين (4)؟ قال لا، قلت فالشطر؟ قال لا، قلت الثلث؟ قال الثلث (5) والثلث كثيرة (عن ابن عباس)(6) قال لو أن الناس غضوا (7) من الثلث إلى الربع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الثلث كثير (8)(عن أبي الدرداء)(9) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم (10) عند وفاتكم

يرحم الله سعد بن عفراء، وسعد بن عفراء هو سعد بن خولة المذكور في حديث الباب، قال التيمي يحتمل أن يكون لأمة أسمان خولة وعفراء، أ. هـ (قال العلماء) سبب بؤسه إنه مات بالأرض التي هاجر منها وهي مكة لما فاته من الآجر والثواب الكامل بالموت في دار الهجرة والغربة عن وطنه إلى هجرة الله تعالى والله أعلم (1) هذه الجملة وهي قوله رثي له على قوله وكان مات بمكة مدرجة من كلام الراوي وليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل انتهي كلامه صلى الله عليه وسلم بقوله (لكن البائس سعد بن خولة) وأنها ن كلام سعد لما جاء عند البخاري في الدعوات عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد فذكر الحديث، وفي آخره (لكن البائس سعد بن خولة) قال سعد رثي له رثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق. والإمامان والأربعة وغيرهم) (2) (سنده) حدّثنا الحسين بن علي عن رائدة عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي الحديث (غريبة) (3) قال النووي في حديث سعد هذا: جواز تخصيص عموم الوصية المذكورة في القرآن بالسنة، وهو قول الأصوليين وهو الصحيح (4) بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديره أجعل الثلثين؟ (5) مفعول لفعل محذوف أيضًا تقديره أعط الثلث (تخريجه)(نس مد) وصححه الترمذي * (6)(سنده) حدّثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبة)(7) بمعجمتين أي نقصوا ولو للتمني فلا محتاج إلى جواب، أو شرطية والجواب محذوف، ووقع التصريح بالجواب في رواية ابن أبي عمر في مسنده عن سفيان بلفظ (كان أحب إلى)(8) هو كالتعنيل لما اختاره من النقصان عن الثلث وكأن ابن عباس أخذ ذلك من وصف النبي صلى الله عليه وسلم الثلث بالكثرة (تخريجه)(ق جه هق. وغيرهم) قال النووي وفيه استحباب النقص عن الثلث، وبه قال جمهور العلماء مطلقًا، ومذهبنا إن كان ورثته أغنياء استحب الإيصاء بالثلث وإلا فستحب النقص منه: وعن أبي بكر الصديق أنه أوصى بالخمس وع على رضي الله عنه نحوه، وعن ابن عمر وإسحق بالربع، وقال آخرون بالسدس، وآخرون بدونه وقال آخرون بالعشر: وروي عن على وابن عباس وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم أنه يستحب لمن له ورثه وقاله قليل ترك الوصية والله أعلم (9)(سنده) حدّنا أبو اليمان قال ثنا أبو بكر عن ضمرة ابن حبيب عن أبي الدرداء الخ (غريبة)(10) أي مكنكم من التصرف فيها حيئذ بالوصية وغيرها فتصح الوصية بالثلث ولو مع وجود وارث خاص ومخالفته (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) وفيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط أهـ (قلت) الحديث روي من عدة طرق يؤيد بعضها بعضًا لاسيما وله شاهد نم حديث خالد بن عبيد السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الله عز وجل أعطاكم وعند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في حياتكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم) قال الهيثمي رواه الطبراني

ص: 185

-[زجر من أوصى بزيادة عن الثلث وعدم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه بعد موته]-

(عن عمران بن حصين)(1) أن رجلاً من الأنصار أعتق ستة مملوكين (2) له عند موته وليس له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لقد هممت أن لا أصلى عليه (3)، قال ثم دعا بالرقيق فجزأهم (4) ثلاثة أجزاء فأعتق وأرق أربعة (5)(وعنه من طريق ثان)(6) أن رجلاً أعتق عند موته ستة رجله (7) له فجاء ورثته من الأعراب فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم عما صنع، قال قد فعل ذلك؟ قال لو علمنا إن شاء الله ما صليت عليه، قال فاقرع بينهم (8) فاعتق منهم اثنين وردّ أربعة في الرق (وعن أبي زيد الأنصاري)(9) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن ذّيال بن عبيد)(10) بن حنظلة قال سمعت حنظلة بن حذيم (11) جدي أن جده حنيفة قال لحذيم أجمع لي بنيّ فإني أريد أن أوصى فجمعهم فقال إن أول ما أوصى أن ليتيمي هذا الذي في حجري (12) مائة من الإبل التي كنا

وإسناده حسن* (1)(سنده) حدّثنا هشيم أنا منصور عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبة)(2) أي ستة أعبد جمع عبد كما صرح بذلك في رواية أخرى للإمام أحمد وأبي داود قال القرطبي ظاهرة أنه نجز عتقهم في مرضه (3) في هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم تغليظ شديد، وقد جاء في بعض طرق الحديث عن الإمام أحمد أيضًا فأغلظ له القول، وفي بعضها وقال له قولاً شديدًا، وذلك لأن الله عز وجل لم يأذن للمريض بالتصرف إلا في الثلث، فإذا تصرف في أكثر منه كان مخالفًا لحكم الله تعالى ومشابهًا لمن وهب غيره ماله، قال النووي وهذا محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم وحده كان يترك الصلاة عليه تغليظًا وزجرًا لغيره على مثل فعله، وأما أصل الصلاة عليه فلا بد من وجودها من بعض الصحابة (4) بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان ذكرهما ابن السكيت وغيره، ومعناه قسمهم وظاهرة أنه اعتبر عدد أشخاصهم دون قيمتهم، وإنما فعل ذلك لتساويهم في القيمة والعدد، قال ابن رسلان فلو اختلفت قيمتهم لم يكن من تعديلهم بالقيمة مخافة أن يكون ثلثهم في العدد أكثر من ثلث الميت في القيمة (5) قال الخطابي وفي قوله (فاعتق اثنين) بيان صحة وقوع لهما والرق لمن عداهما (6)(سنده) حدّثنا يحيي بن حماد ثنا أبو عوانه عن سماك بن حرب عن الحسن البصري عن عمران بن حصين أن رجلاً أعتق الخ (7) بفتح الراء وسكون الجيم جمع رجل بسكون الجيم وضمها كما في القاموس ويجمع أيضًا على رجال كرقاب (8) هذا نص في اعتبار القرعة شرعًا وهو حجة لمالك والشافعي وأحمد والجمهور (تخريجه)(م والأربعة، وغيرهم)(9)(سنده) حدّثنا إسحاق بن عيسي ثنا هشيم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي زيد الأنصاري أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته ليس له مال غيرهم فأقرع بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتق اثنين وأرق أربعة (تخريجه)(د نس) وزاد أبو داود (ولو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين) وسكت عنه أبو داود وسنده عند الإمام أحمد جيد (10)(سنده) حدّثنا أبو سعيد ولى بني هاشم ثنا ذيال بن عبيد الخ (قلت) جاء في الأصل ذيال بن عتبة وهو خطأ من الناسخ وصوابه ابن عبيد كما في الإصابة والتقريب والتهذيب والميزان (11) أوله حاء مهملة مكسورة ثم ذال معجمه ساكنه ثم ياء تحتية مفتوحة (12) بفتح الحاء المهملة وكسرها أي كتفي وحمايتي، وجاء في مسند الحسن بن سفيان من وجه آخر عن الذيال أن اسم اليتيم

ص: 186

-[حديث من أوصى بمائة من أعظم الإبل ليتيم في حجره وإنكاره النبي صلى الله عليه وسلم عليه]-

نسميها في الجاهلية المطيبة (1)، فقال حذيم يا أبت إني سمعت بنيك يقولون إنما نقر بهذا عند أبينا فإذا مات رجعنا فيه، قال بيني وبينكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال حذيم رضينا، فارتفع حذيم بن حنيفة (2)، وحنظلة معهم غلام وهو رديف لحذيم، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم سلموا عليه، فقال صلى الله عليه وسلم وما رفعك يا أبا حذيم؟ (3) فقال هذا، وضرب بيده على فخذ حذيم، فقال إني خشيت أن يفجأني الموت فأردت أن أوصى وأني قلت إن أول ما أوصى أن ليتيمي هذا الذي في حجري مائة من الإبل كنا نسميها في الجاهلية المطيبة، فغضب رسول اله صلى الله عليه وسلم حتى رأينا الغضب في وجهه، (4) وكان قاعدًا فجثى على ركبتيه وقال لا لا لا، الصدقة خمس (5) وإلا فعشر وإلا فخمس عشرة وإلا فعشرون وإلا فخمس وعشرون وإلا فثلاثون وإلا فخمس وثلاثون فإن كثرت فأربعون، قال فودعوه ومع اليتيم عصا وهو يضرب جملاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أعلمت (6) هذه هراوة يتيم؟ قال حنظلة فدنا بي إلى النبي (7) صلى الله عليه وسلم فقال إن لي بنين ذوي لحى ودون ذلك وأن ذا أصغرهم فادع الله له، فمسح رأسه (8) وقال بارك الله فيك، أو بورك فيك، قال ذيال فلقد رأيت حنظلة يؤتي بالإنسان الوارم وجهه أو البهيمة الوارمة الضرع فيتفل بين يديه ويقول بسم الله ويضع يده على رأسه ويقول (9) على موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسحه عليه (10) وقال ذيال فيذهب الورم (11)(باب لا وصية لوارث).

إدريس بن قطيعة وأنه كان شبيه المحتلم قاله الحافظ في الإصابة (1) أي الطيبة التي استطيبها القوم لكونها من خيار الإبل (2) أي أسرعوا السير إلى النبي صلى الله عليه وسلم (3) أي ما جاء بك؟ (4) غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم كونه رأي أن هذا المال كثير يضر بصالح الورثة فلم يقره عليه (5) الظاهر أن قوله صلى الله عليه وسلم (الصدقة خمس إلى قوله فإن كثرت فأربعون) يريد جواز ذلك إن لم يزد على الثلث أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث السابقة (الثلث والثلث كثير) والله أعلم (6) أي العصا قال ذلك صلى الله عليه وسلم حين رآها في يد اليتيم يضرب بها الجمل: ثم أنكر صلى الله عليه وسلم ما أدعاه حنيفه من كون الغلام يتيمًا بقوله (هذه هراوة يتيم؟) والهراوة هي العصا يريد أن العصا غليظة ضخمة لا يقدر على السوق بها إلا الرجل البالغ وربما رآه غلامًا يافعًا هو من شارف الاحتلام ولما يحتلم فاستبعد أن يقال له يتيم في الصغر والله أعلم (7) يريد حنظلة أن أباه قربه إلى النبي (صى الله عليه وسلم) فقال (إن لي بنين ذوي لحي) أي رجالاً نبتت لحاهم الخ (8) أي رأس حنظلة هذا القول بمعني الفعل أي يمسح بيده على موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأسه (10) أي فيمسح بريقه على موضع الألم من المريض (11) في هذا منقبة لحنظلة رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي قال رواه أحمد ورجاله ثقات، وأورده الحافظ في الإصابة بسنده ومتنه وعزاه للإمام أحمد ثم قال رواه الحسن بن سفيان في مسنده من وجه آخر عن الذيال وزاد أن اسم اليتيم ضريس بن قطيعة وأنه كان شبيه المحتلم، قال ورواه الطبراني منقطعًا، ورواء أبو يعلي من هذا الوجه وليس بتمامة، وكذا رواه

ص: 187

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث قوله لأبي ذر لا تولين مال يتيم الخ]-

(عن عمر وبن خارجة الخشني)(1) أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم على راحلته وإن راحلته لتقصع (2) بحرتها، وأن لعلها يسيل بين كتفيّ فقال إن الله عز وجل قد قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث فلا تجوز وصية لوارث الحديث (3)(عن أبي أمامة الباهلي)(4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة عام حجة الوداع إن الله قد أعطي كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث الحديث (5)(باب حكم الوصي في اليتيم)(عن أبي ذر)(6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر لا توليَّن (7) مال يتيم ولا تأمَّرنّ على اثنين (8)(عن عمرو بن شعيب)(9) عن أبيه عن جده أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال ليس لي مال ولي يتيم؟ فقال كل من مال يتيمك غير مسرف ولا

يعقوب بن سفيان والمنجنبقي في مسنده وغيرهما أهـ (1)(سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا سعيد يعني أبن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن عمرو بن خارجة الخشني حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم على راحلته الخ (غريبة)(2) القصع البلع يقال قصع يقصع كمنع يمنع (وقوله بحرتها) بكسر الباء الموحدة والجيم بعدهما راء مشددة مفتوحة ثم تاء مثناة مكسورة، قال في النهاية الجرة ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلغه، يقال اجتر البعي ريجتر والقصع شدة المضغ (3) الحديث له بقية وسيأتي بطوله وشرحه في باب خطب النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه)(نس مذجه على قط هق) وصححه الترمذي* (4)(سنده) حدّثنا أبو المغيرة ثنا إسماعيل بن عياش ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني قال سمعت أبا إمامة الباهلي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة)(5) الحديث له بقية وسيأتي بطوله في باب خطب النبي صلى الله عليه وسلم المشار إليه آنفًا (تخريجه)(د. مذجه) وحسنه الترمذي والحافظ (باب)(6)(سنده) حدّثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني عبيد الله بن أبي جعفر عن سالم بن ابي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر قال قال رسول الله الخ (غريبة)(7) بحذف إحدى التائين تخفيفًا وأصله تتولينَّ وكذلك قوله (ولا تأمّرن) ومعناه لا تكن قيمًا أو وصيًا على مال يتيم ولا تكن أميرًا على المسلمين يعني حاكمًا عليهم، وإنما نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن هذين الأمرين لكثرة الخطر فيهما ولأنه صلى الله عليه وسلم رآه ضعيفًا عن القيام بهذا، وقد صرح بذلك في رواية لمسلم والنسائي بلفظ (يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرون على اثنين ولا تولين مال يتيم) قال القرطبي أي ضعيفًا عن القيام بما يتعين على الأمير من مراعاة مصالح رعيته الدنيوية والدينية، ووجه ضعفه عن ذلك أن الغالب عليه كان الزهد واحتقار الدنيا، ومن هذا حاله لا يعتني بمصالح الدنيا ولا بأموالها اللذين بمراعاتهما تنتظم مصالح الدين ويتم أمره فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك نصحه ونهاه عن الإمارة وعن ولاية مال الأيتام وأكد النصيحة بقوله (وإني أحب لك ما أحب لنفسي) وأما من قوي على الإمارة وعدل فيها فإنه من السمعة الذين يظلهم الله ف يظله أهـ باختصار (8) أي فضلاً عن أكثر منهما فإن العدل والتسوية بين الاثنين أمر صعب فما بالك منهما (تخريجه)(م د نس هق. وغيرهم)(9)(سنده)

ص: 188