الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: وَالْحَيُّ كَالْمَيِّتِ فِي نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ
،
1"فَكَذَا الْقِرَاءَةُ"1 وَنَحْوُهَا "و" لِلْحَنَفِيَّةِ، قَالَ الْقَاضِي: لَا تُعْرَفُ رِوَايَةٌ بِالْفَرْقِ، بَلْ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْكَحَّالِ يعني السابقة: يعم2. قال: ويحتمل الفرق؛ لأن العجز مصحح3 فِي الْحَجِّ وَالصَّوْمِ، وَانْتِفَاعُهُ بِالدُّعَاءِ بِإِجَابَتِهِ وَقَبُولِ الشفاعة في المدعو له2، وَهُوَ أَمْرٌ آخَرُ غَيْرُ الثَّوَابِ عَلَى نَفْسِ الدُّعَاءِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي حَجِّ النَّفْلِ عَنْ الْحَيِّ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ لَهُ4. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لأن نفع الإجابة وقبول الشفاعة5 إنَّمَا حَصَلَ حَيْثُ قَصَدَهُ الدَّاعِي لِلْمَدْعُوِّ لَهُ، وأراده له2 مُتَقَرِّبًا بِسُؤَالِهِ وَخُضُوعِهِ وَتَضَرُّعِهِ، فَكَذَلِكَ ثَوَابُ سَائِرِ الْقُرَبِ الَّذِي قَصَدَهُ بِفِعْلِهَا، وَصَحَّ عَنْهُ عليه السلام أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ6. الْحَدِيثُ، قَالَ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُمَّتَهُ أَمْوَاتَهُمْ وَأَحْيَاءَهُمْ قَدْ نَالَهُمْ النَّفْعُ وَالْأَجْرُ بِتَضْحِيَتِهِ. وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س": "فالكقراءة".
2 ليست في "ط".
3 في "ط": "صح".
4 بعدها في "ط": "و".
5 بعدها في "ط": "في المدعو".
6 أخرج البخاري "5549"، ومسلم "1962""10"، عن أنس قال: ثم انكفأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكبشين فذبحهما. وأخرج ابن ماجه "3122" عن عائشة وعن أبي هريرة:....فذبح أحدهما عن أمته لمن شهد لله بالتوحيد، وشهد له بالبلاغ، وذبح الآخر عن محمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم.
عَبَثًا، فَظَاهِرُ قَوْلِهِ هَذَا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ وَإِهْدَاءُ الثَّوَابِ عَنْ الْأُمَّةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلِهَذَا احتج به1 مَنْ احْتَجَّ عَلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَجِبُ، وَاقْتَصَرَ فِي هِدَايَةِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، وَسَبْقِ الْجُلُوسِ لِلتَّعْزِيَةِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا: جَمْعُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ النَّاسَ عَلَى طَعَامٍ لِيَقْرَءُوا وَيُهْدُوا لَهُ لَيْسَ مَعْرُوفًا فِي السَّلَفِ، وَالصَّدَقَةُ أَوْلَى مِنْهُ، لا سيما على من ينتفع به على2 مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، كَالْقُرَّاءِ وَنَحْوِهِمْ، فَإِنَّهُ قَدْ كَرِهَهُ طَوَائِفُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَقُرْبُ دَفْنِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، عَدَّهُ السَّلَفُ مِنْ النِّيَاحَةِ، وَذَكَرَ خَبَرَ جَرِيرٍ السَّابِقَ، وَهَذَا فِي الْمُحْتَسِبِ، فَكَيْفَ مَنْ يَقْرَأُ بِالْكِرَاءِ؟! وَاكْتِرَاءُ مَنْ يَقْرَأُ وَيُهْدِي لِلْمَيِّتِ بِدْعَةٌ، لَمْ يَفْعَلْهَا السَّلَفُ، وَلَا اسْتَحَبَّهَا الْأَئِمَّةُ، وَالْفُقَهَاءُ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ الِاكْتِرَاءِ عَلَى تَعْلِيمِهِ، فَأَمَّا اكْتِرَاءُ مَنْ يَقْرَأُ وَيُهْدِيهِ فَمَا عَلِمْت أَحَدًا ذَكَرَهُ، وَلَا ثَوَابَ لَهُ، فَلَا شَيْءَ لِلْمَيِّتِ، قَالَهُ الْعُلَمَاءُ، قَالَ: وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِذَلِكَ، وَالْوَقْفُ عَلَى الْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الْوَقْفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَلِلْوَاقِفِ كَأَجْرِ الْعَامِلِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ عليه السلام: "مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَنِي قَدْ أُمِيتَتْ بعدي كان له أجرها وأجر
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "في".
مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا" 1؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَعْيٌ فِي سُنَّتِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: الْوَقْفُ عَلَى التُّرَبِ بِدْعَةٌ. وَقَالَ أَيْضًا: فِيهَا مَصْلَحَةُ الْحَضِّ عَلَى بَقَاءِ حِفْظِهِ وَتِلَاوَتِهِ، وَفِيهَا مَفَاسِدُ: مِنْ الْقِرَاءَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَاشْتِغَالِهِ بِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْمَشْرُوعَةِ، وَالتَّأَكُّلِ بِهِ، فَمَتَى أَمْكَنَ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ بِدُونِهِ فَالْوَاجِبُ الْمَنْعُ مِنْهُ2 وَإِبْطَالُهُ.
وَشَرْطُ إهْدَاءِ الْقِرَاءَةِ يَنْبَنِي عَلَى إهْدَاءِ ثَوَابِ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ، فَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ أَبْطَلَهُ، وَمَنْ جَوَّزَهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عِبَادَةً، وَهِيَ مَا قُصِدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، فَأَمَّا بِإِجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ فَلَا تَكُونُ قُرْبَةً، وَإِنْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ وَالْجَعْلَ عليه، ثم جعل ذكر3 الْخِلَافُ فِي أُجْرَةِ تَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ، فَقَدْ حُكِمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِمَا قَالَ: لَا يَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِيهِ، وَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ، وَفِي كَلَامِهِ الْأَخِيرِ إنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ، وَلَا إهْدَاءَ، لِعَدَمِ الثَّوَابِ، فَعَلَى هَذَا: يَصِحُّ لِتَحْصِيلِ4 الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يُهْدِي شَيْئًا، وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَجِّ بِأُجْرَةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعِبَادَةِ، فَمَنْ5 فَعَلَهُ مِنْ أَجْلِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ، خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ عِبَادَةً، فَلَمْ يَصِحَّ، مَعَ أَنَّهُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 تقدم تخريجه ص 427.
2 في الأصل و"ب": "به"، وفي "س": "له.
3 في "ط": "جعل".
4 في "ب" و"س": "لتحصل".
5 في "س": "فمتى".
يَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، كَأَخْذِ النَّفَقَةِ لِأَجْلِهِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِزَائِدٍ عَلَيْهَا، خِلَافًا لِلْفُصُولِ، قَالَ: لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ إجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ، فَلَا يَجُوزُ، قَالَ غير واحد في مسألة الإجارة والجعالة1: والجعالة أَوْسَعُ، لِجَوَازِهَا مَعَ جَهَالَةِ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ، وَدَلَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ لِأَجْلِ الْعِوَضِ لَا يُخْرِجُهُ، عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً فِي الْجُمْلَةِ، وهذا أولى بقول2 شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ مَالَ الْوَقْفِ رِزْقٌ وَمَعُونَةٌ لَا إجَارَةٌ وَلَا جَعَالَةٌ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا ذَكَرُوا مِنْ أَخْذِ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي، وَأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ الْمَصَالِحِ، وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، مَعَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ لَا يُعْرَفُ فِي السَّلَفِ، لَكِنْ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، كَالْمَدَارِسِ وَالصُّوفِيَّةِ، فَكَذَا مَنْ يَقْرَأُ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَسَائِلِ الْحَجِّ، وَقَدْ وَجَّهَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا لَا تَصِلُ إلَى الْحَيِّ: بِأَنَّهُ يَفْتَحُ مَفْسَدَةً عَظِيمَةً، فَإِنَّ الْأَغْنِيَاءَ يَتَّكِلُونَ3 عَنْ الْأَعْمَالِ بِبَذْلِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُسَهِّلُ لِمَنْ ينوب عنهم في فعل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في الأصل و"ب" و"ط".
2 في "ط": "من قول".
3 في "ب" و"س" و"ط": "يتكلون".
الْخَيْرِ، فَيَفُوتُهُمْ أَسْبَابُ الثَّوَابِ بِالِاتِّكَالِ عَلَى الثَّوَابِ، وَتَخْرُجُ أَعْمَالُ الطَّاعَاتِ عَنْ لُبِّهَا إلَى الْمُعَاوَضَاتِ، وَيَصِيرُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ مُعَامَلَاتٍ لِلنَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَيَخْرُجُ عَنْ الْإِخْلَاصِ، وَنَحْنُ عَلَى أَصْلٍ يُخَالِفُ هَذَا، وَهُوَ مَنْعُ1 الِاسْتِئْجَارِ وَأَخْذِ الْأَعْوَاضِ وَالْهَدَايَا عَلَى الطَّاعَاتِ، كَإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَالْحَجِّ، وَفَارَقَ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَضَمَانَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَحَقُّ اللَّهِ فِيهِ تَابِعٌ، فَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى التَّسْوِيَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ جَازَ هُنَاكَ جَازَ هُنَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَمَتَى لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَى ذَلِكَ وَالْوَصِيَّةُ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالْمُوصِي. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَوْ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَنْهُ نَافِلَةً بِأُجْرَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ عَنْهُ2، بِاتِّفَاقِ3 الْأَئِمَّةِ، كَذَا قَالَ، وَهِيَ كَالْقِرَاءَةِ، كَمَا سَبَقَ، قَالَ: وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى أَهْلِ الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ كُلِّ صَلَاةٍ اسْتَعَانُوا عَلَيْهَا بِهَا، مِنْ غَيْرِ نَقْصِ أَجْرِ الْمُصَلِّي، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: إذَا4 أَرَادَ الْوَرَثَةُ "ذَلِكَ" وَقَالَ فِيمَنْ وَصَّى بِشِرَاءِ وَقْفٍ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ: يُصْرَفُ فِي جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ، كإعطاء الفقراء 5"في القراءة"5، أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ، فَفِي الَّتِي قَبْلَهَا اعْتَبَرَ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ، وَهُنَا جَوَّزَهُ فِي الْمَصَالِحِ، فَهُوَ كَاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي الصَّدَقَةِ بِفَاضِلِ رِيعِ الْوَقْفِ، هَلْ يُعْتَبَرُ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ أو يجوز في المصالح؟ والله أعلم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "س": "معنى".
2 في "س": "عليه".
3 ليست في "ط".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "والقراء".