المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: وإن كان العدو في غير جهة القبلة - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٣

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌تابع كتاب الصلاة

- ‌باب الإمامة

- ‌مدخل

- ‌فصل: لا تكره إمامة عبد ويقدم الحر

- ‌فَصْلٌ تُكْرَهُ إمَامَةُ مَنْ يُصْرَعُ

- ‌فصل: لا تصح إمامة فاسق مطلقا

- ‌فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مُحْدِثٍ أَوْ نَجِسٍ، وَلَوْ جَهِلَهُ الْمَأْمُومُ فَقَطْ

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا أَعَادَ الْمَأْمُومُ

- ‌باب موقف الجماعة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَمَنْ صَلَّى عَنْ يَسَارِهِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ لَمْ يَصِحَّ

- ‌فَصْلٌ: وَمَنْ لَمْ يَرَ الْإِمَامَ وَلَا مَنْ وَرَاءَهُ صَحَّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ إذَا سَمِعَ التكبير

- ‌فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عُلُوُّ الْإِمَامِ كَثِيرًا

- ‌‌‌باب العذر في ترك الجمعة والجماعة

- ‌باب العذر في ترك الجمعة والجماعة

- ‌باب صلاة المريض

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَقْصُرُ وَيَتَرَخَّصُ مُسَافِرٌ مُكْرَهًا

- ‌فصل: تشترط نية القصر والعلم بها عند الإحرام

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ إقَامَةً مُطْلَقَةً

- ‌باب الجمع بين الصلاتين

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلْجَمْعِ فِي الْأَشْهَرِ

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ جَمَعَ وَقْتَ الثَّانِيَةِ اُشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْجَمْعِ

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ القبلة

- ‌فَصْلٌ: لَوْ صَلَّى كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ

- ‌فَصْلٌ: يَجُوزُ فِعْلُ الصَّلَاةِ حَالَ الْمُسَايَفَةِ

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى الظُّهْرَ شَاكًّا

- ‌فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ الِاسْتِيطَانُ

- ‌فَصْلٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ لصحتها إذن الإمام

- ‌فَصْلٌ: وَتَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ لِحَاجَةٍ

- ‌فَصْلٌ: يُسَنُّ الْغُسْلُ لَهَا

- ‌فصل: يشترط لصحة الجمعة خطبتان

- ‌فَصْلٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَتَانِ

- ‌فَصْلٌ: تُسَنُّ خُطْبَتُهُ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مَحَلٍّ عَالٍ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي الْخُطْبَةِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ التَّحِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً أَتَمَّ جُمُعَةً

- ‌فَصْلٌ: تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ إسْقَاطَ حُضُورٍ لَا وُجُوبٍ

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ

- ‌فَصْلٌ: ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصلاة لم يعتد بالخطبة

- ‌فصل: يسن التكبير ليلة الفطر وإظهاره

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَهِيَ رَكْعَتَانِ، يَقْرَأُ فِي الْأُولَى جَهْرًا عَلَى الْأَصَحِّ

- ‌فَصْلٌ: تُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ عَلَى الْكُسُوفِ

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌مدخل

- ‌فصل: ويصلى بهم كالعيد

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ خِيفَ مِنْ زِيَادَةِ الْمَاءِ

- ‌كتاب الجنائز

- ‌بَابُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَرِيضِ وَمَا يُفْعَلُ عِنْدَ الموت

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادُ لَهُ، وَكَذَا عِيَادَةُ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ جَهَرَ بِمَعْصِيَةٍ مُطْلَقًا مَعَ بَقَاءِ إسْلَامِهِ

- ‌باب غسل الميت

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ غُسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ

- ‌فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ، ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ

- ‌فَصْلٌ: ثُمَّ يَغْسِلُ بِرَغْوَةِ السِّدْرِ رَأْسَهُ

- ‌فَصْلٌ: يُغَسَّلُ مَجْهُولُ الْإِسْلَامِ بِعَلَامَتِهِ

- ‌باب الكفن

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ ثَوْبٌ لَا سَتْرَ الْعَوْرَةِ

- ‌فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْأَثْوَابِ ثَلَاثَ لَفَائِفَ بِيضٍ

- ‌فَصْلٌ: وَالْمُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ مِئْزَرٌ ثُمَّ قَمِيصٌ

- ‌باب الصلاة على الميت

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْإِمَامِ الْأَفْضَلُ

- ‌فَصْلٌ: ثُمَّ يَحْرُمُ كَمَا سَبَقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ لَهَا كَمَكْتُوبَةٍ

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ سَبْعًا تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ

- ‌فَصْلٌ: وَمَنْ صَلَّى لَمْ يُصَلِّ ثَانِيًا

- ‌فَصْلٌ: وَلَا يُصَلِّي إمَامُ قَرْيَةٍ وَهُوَ وَالِيهَا فِي الْقَضَاءِ

- ‌‌‌باب حمل الجنائز

- ‌باب حمل الجنائز

- ‌باب الدفن

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَجِبُ دَفْنُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ

- ‌فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ

- ‌فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ أَمْكَنَ غُسْلُهُ فَدُفِنَ قَبْلَهُ لَزِمَ نبشه

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ عَادَةً وَعُرْفًا وَإِنْ قَلَّ خَطَرُهُ

- ‌بَابُ مَا يَفْعَلُهُ الْمُصَابُ وَمَا يُفْعَلُ مَعَهُ لأجل المصيبة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ حَتَّى الصَّغِيرِ ولو بعد الدفن

- ‌بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَإِهْدَاءِ الْقُرَبِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بذلك

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: كُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمُسْلِمِ نَفَعَهُ ذَلِكَ

- ‌فصل: وَالْحَيُّ كَالْمَيِّتِ فِي نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ

- ‌كتاب الزكاة

- ‌بيان من تجب عليه

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِنَّمَا تَلْزَمُ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا

- ‌فَصْلٌ: وَيُعْتَبَرُ تَمَامُ مِلْكِ النِّصَابِ فِي الْجُمْلَةِ

- ‌فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ الْحَوْلُ لِلْمَاشِيَةِ وَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ خَاصَّةً

- ‌فَصْلٌ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِ الْمَالِ

- ‌فَصْلٌ: يَجُوزُ لِمَالِكٍ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ بِلَا رِضَى السَّاعِي

- ‌فَصْلٌ: الْمَذْهَبُ تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ

- ‌فَصْلٌ: وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةٌ بِالْمَوْتِ عَنْ مَفْقُودٍ وَغَيْرِهِ

- ‌فصل: النصاب الزكوي سبب لوجوب الزكاة

- ‌فَصْلٌ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ:

الفصل: ‌فصل: وإن كان العدو في غير جهة القبلة

عَامٌّ، وَالْمُرَادُ بِهِ: شَرُّ الثَّلَاثَةِ نَسَبًا فَإِنَّهُ لَا نَسَبَ لَهُ، وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. خَالِدٌ هُوَ الطَّحَّانُ مِنْ رِجَالِ "الصَّحِيحَيْنِ". وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ2: لَا يَصِحُّ، وَخَالِدٌ لَا يُعْرَفُ، كَذَا قَالَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3، وَالزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ4، رَوَاهَا أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ5.

وَلَا إمَامَةُ الْجُنْدِيِّ، وَعَنْهُ: أحب إلي6 يُصَلِّيَ خَلْفَ غَيْرِهِ، وَلَا - عَلَى الْأَصَحِّ - إمَامَةُ ابن بأبيه "هـ"7. وَفِي الْخِلَافِ ظَاهِرُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: لَا يَتَقَدَّمُهُ فِي غَيْرِ الْفَرْضِ. وَإِنْ أَذِنَ الْأَفْضَلُ للمفضول لم يكره في المنصوص "و"7. وَفِي رِسَالَةِ أَحْمَدَ فِي "الصَّلَاةِ"، رِوَايَةُ مُهَنَّا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمُوا إلَّا أَعْلَمَهُمْ، وَأَخْوَفَهُمْ، وَإِلَّا لَمْ يَزَالُوا فِي سَفَالٍ، وَكَذَا فِي "الْغُنْيَةِ". وَقَالَ شَيْخُنَا: يَجِبُ تَقْدِيمُ مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَوْ مَعَ شَرْطٍ وَاقِفٍ بِخِلَافِهِ، فلا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في مسنده "8098".

2 في العلل المتناهية "1282".

3 تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.

4 وهي قوله: "إذا عمل بعمل أبويه".

5 هو: إبراهيم بن إسحاق. له ترجمة في "تعجيل المنفعة""3".

6 في "ط": "أن".

7 ليست في "ط".

ص: 11

يُلْتَفَتُ إلَى شَرْطٍ يُخَالِفُ "شَرْطَ" اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَبِدُونِ إذْنِهِ يُكْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الْأَخْوَفُ إذَا1، أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ النَّصَّ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: سِوَى إمَامِ الْمَسْجِدِ وَصَاحِبِ الْبَيْتِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَمَا سَبَقَ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ، وَقَدْ احْتَجَّ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى مَنْعِ إمَامَةِ الْأُمِّيِّ بِالْأَقْرَأِ بِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ، فَإِذَا قُدِّمَ الْأُمِّيُّ خُولِفَ الْأَمْرُ وَدَخَلَ تَحْتَ النَّهْيِ، وَكَذَا احْتَجَّ فِي الْفُصُولِ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا اسْتَخْلَفَ أَنْ يُرَتِّبَ كَمَا يُرَتِّبُ الْإِمَامُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ إمَامَةٍ كَالْإِمَامِ الْأَوَّلِ، وَيَأْتِي أَنَّ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ أن يولي القضاء أصلح من يجد2.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أي: أولى.

2 11/95.

ص: 12

‌فَصْلٌ تُكْرَهُ إمَامَةُ مَنْ يُصْرَعُ

، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَمَنْ تُضْحِكُ صُورَتُهُ1 "*" أَوْ رُؤْيَتُهُ وَقِيلَ: وَالْأَمْرَدُ، وَفِي "الْمُذَهَّبِ" وَغَيْرِهِ: وَإِمَامَةُ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ، فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ: تُكْرَهُ إمَامَةُ الْمُوَسْوَسِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ عَامِّيٌّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يُكْرَهُ، وَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ:"أُمَّ قَوْمَك". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي شَيْئًا، فَوَضَعَ كَفَّهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ فِي ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ2. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ خَوْفَ الْكِبْرِ وَالْعَجَبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْوَسْوَسَةَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ الْمُوَسْوِسُ، وَلِهَذَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يُلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ:"ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِك ثَلَاثًا"، فَفَعَلْت ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ الله عني. روى ذلك مسلم3.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

تَنْبِيهَانِ:

"*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَمَنْ تُضْحِكُ صُورَتُهُ. كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ: وَمَنْ يُضْحِكُ صَوْتُهُ، كَمَا هو في الرعاية ومختصر ابن تميم.

1 جاء في هامش "ب" ما نصه: "لعله صوته".

2 أخرجه مسلم في "صحيحه""468""186".

3 في صحيحه "2203""68"، من حديث عثمان بن أبي العاص.

ص: 13

وَتُكْرَهُ إمَامَةُ رَجُلٍ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَبِأَجْنَبِيَّاتٍ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ، وَقِيلَ: نَسِيبًا لِإِحْدَاهُنَّ، جَزَمَ بِهِ فِي "الْوَجِيزِ"، وَقِيلَ مُحَرَّمًا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ فِي الْجَهْرِ مُطْلَقًا، كَذَا ذَكَرُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ، فَيَكُونُ هَذَا فِي مَوْضِعٍ لَا خَلْوَةَ فِيهِ، فَلَا وَجْهَ إذَنْ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ نَسِيبًا؛ وَمُحَرَّمًا، مَعَ أَنَّهُمْ احْتَجُّوا أَوْ بَعْضُهُمْ بِالنَّهْيِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ التَّحْرِيمُ، وَالرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَمْنَعُ تَحْرِيمَهَا عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي آخِرَ الْعَدَدِ1، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 9/235.

ص: 14

لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فِي إطْلَاقِهِمْ الْكَرَاهَةَ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ الجنس، فلا تلزم1 الْأَحْوَالِ، وَيُعَلَّلُ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ نَسِيبًا. وَفِي الْفُصُولِ آخِرُ الْكُسُوفِ: يُكْرَهُ لِلشَّوَابِّ وَذَوَاتِ الْهَيْئَةِ الْخُرُوجُ، وَيُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ، فَإِنْ صَلَّى بِهِنَّ رَجُلٌ مَحْرَمٌ جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 بعدها في "ط": "في جميع".

ص: 15

وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وقيل: ديانة، وقيل: أو استويا "*"

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"*" الثَّانِي قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ 1"لَهُ كَارِهُونَ"1، قِيلَ: دِيَانَةً، وَقِيلَ: أَوْ اسْتَوَيَا، انْتَهَى. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ: يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يَكْرَهُونَهُ لِمَعْنًى فِي دِينِهِ. وَقَالَ فِي الكافي3: فإن كانوا يكرهونه 5لسنه أو دينه. فلا يكره. وقال في "الرعاية الصغرى"، و"الحاويين": يكرهه أكثرهم ديانة. قال ابن تميم: فإن كرهوه5. لِسُنَّةٍ دِينِيَّةٍ فَلَا كَرَاهَةَ. وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ4. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُكْرَهُ أَنْ يؤم أحد قَوْمًا يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ دِيَانَةً، فَإِنْ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، وَقِيلَ: دِيَانَةً، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّارِحُ بَعْدَمَا اسْتَدَلَّ لِكَلَامِهِ فِي "الْمُقْنِعِ"6: فَإِنْ اسْتَوَى الْفَرِيقَانِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ، إزَالَةً لِذَلِكَ الِاخْتِلَافِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ أَوْ فَضْلِهِ، أَوْ لِشَحْنَاءَ بَيْنَهُمْ فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا إنْ كَرِهُوهُ لِسُنَّةٍ أَوْ دِينِهِ لِمِيلِهِمْ إلَى ضِدِّهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَصْبِرَ وَلَا يَلْتَفِتَ إلَى كَرَاهَتِهِمْ وَلَوْ جَهْرَةً، انْتَهَى، فَهَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي هذه

1 "1 - 1" ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

2 3/71.

3 1/426.

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/403 - 405.

5 "5 - 5" ليست في "ط".

6 في "ق": "لا يكره".

ص: 16

وَأَطْلَقَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجْهَيْنِ إذَا اسْتَوَيَا، وَجَزَمَ بعضهم: الْأَوْلَى تُكْرَهُ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُكْرَهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ أَوْ فَضْلِهِ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُصُولِ وَالْغُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا1 كَانَ بَيْنَهُمْ مُعَادَاةٌ مِنْ جِنْسِ مُعَادَاةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْمَذْهَبِ فلا ينبغي أن يؤمهم؛ لأن الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً إنَّمَا يَتِمُّ بِالِائْتِلَافِ، وَلِهَذَا قَالَ عليه السلام:"لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ"2 وَقَالَ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ فَقُومُوا"3. وَقَالَ صَاحِبُ "الْمُحَرَّرِ": أَوْ لدنيا، وهو ظاهر كلام جماعة،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْمَسْأَلَةِ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْكِتَابِ: وَقِيلَ دِيَانَةً بِالْوَاوِ فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ: حَيْثُ وُجِدَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتَوَوْا عَلَى الْقَوْلِ الْآخِرِ كُرِهَتْ إمَامَتُهُ، سَوَاءٌ كَرِهُوهُ دِيَانَةً أَوْ لَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِيمَا إذَا اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، وَكَجَمَاعَةٍ تَقَدَّمَ لَفْظُهُمْ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا بُدَّ أَنْ يَكْرَهُوهُ بِحَقٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: يَكْرَهُهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ، أَوْ فَضْلِهِ، وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: قِيلَ دِيَانَةً بِغَيْرِ وَاوٍ فَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَقِيلَ أَوْ اسْتَوَيَا، عَائِدٌ إلَى قَوْلِهِ: أَكْثَرُهُمْ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ نَوْعُ خَفَاءٍ، وَبَعْضُ نَقْصٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَكْرَهُونَهُ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَنَا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا ذَكَرَهُ، وهو القول4 بالكراهة مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، كَمَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَسَقَطَ5 مِنْ الْكَاتِبِ، فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَاَللَّهُ أعلم.

1 بعدها في الأصل: "قال"، وقد ضرب عليها في "ب".

2 أخرجه مسلم "432""122"، من حديث أبي مسعود الأنصاري.

3 أخرجه البخاري "5060"، ومسلم "2667""3""4"، من حديث جندب بن عبد الله البجلي، وجاء في النسخ الخطية و"ط":"اختلفت".

4 ليست في "ط".

5 في "ح": "ونسقط".

ص: 17

وَقِيلَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ "خ" لِخَبَرِ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ له كارهون" أبو غالب ضعفه ابن سعد1، وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَسَبَقَ قَبْلَ آخِرِ فَصْلٍ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ3، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ4، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَيَّاجٍ. عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَرْحَبِيِّ5 عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً، إمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا غَضْبَانُ، وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ" وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ6 عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ يَحْيَى، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ7 مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ أَيْضًا وَجَعَلَ الثَّالِثَ:"وَعَبْدٌ آبِقٌ مِنْ مَوَالِيهِ". وَرَوَاهُ الْحَافِظُ الضِّيَا فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَسَبَقَ فِي سِتْرِ الْعَوْرَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي دَارِ غَصْبٍ، صَلَاةُ الْآبِقِ8، وَفِي اللِّبَاسِ: هَلْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ القبول

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": "سعيد".

2 في سننه "360".

3 2/233.

4 في سننه "971".

5 في النسخ الخطية: "الأزجي"، والمثبت من "ط" و"تهذيب الكمال" 31/438.

6 في صحيحه "1757".

7 في الكبير "12275".

8 2/14.

ص: 18

عدم الصحة؟ نقل أبو طالب: لا1 يَنْبَغِي أَنْ يَؤُمَّهُمْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: أَتَى بِوَاجِبِ، وَمُحَرَّمٍ يُقَاوِمُ صَلَاتَهُ، فَلَمْ تُقْبَلْ، إذْ الصَّلَاةُ الْمَقْبُولَةُ مَا يُثَابُ عَلَيْهَا، قَالَ فِي الْفُصُولِ: تُكْرَهُ لَهُ الْإِمَامَةُ، وَيُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يُكْرَهْ أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ، وَتُكْرَهُ إمَامَةُ لَحَّانٍ، وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ: لَا يُصَلَّى خَلْفَهُ، وَكَذَا الْفَأْفَاءُ مَنْ يُكَرِّرُ الْفَاءَ وَالتَّمْتَامُ، مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ وَمَنْ يَأْتِي بِحَرْفٍ وَلَا يُفْصِحُ بِهِ، وحكي قول2: لَا يَصِحُّ.

وَتُكْرَهُ إمَامَةُ أَقْلَفَ، وَعَنْهُ: لَا تصح "خ" كمثله3 فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م6"، وَكَذَا أَقْطَعُ يَدٍ أو رجل أو هما "و" وقال ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَذَا تُكْرَهُ مَنْ قُطِعَ أَنْفُهُ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ إمَامَةُ أَقْلَفَ، وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ، كَبِمِثْلِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. يَعْنِي 4إذا قلنا4: أَنَّ إمَامَةَ الْأَقْلَفِ لَا تَصِحُّ بِالْمَخْتُونِ، فَهَلْ تَصِحُّ بِمِثْلِهِ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِيهِ:

أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِبْ الْخِتَانُ، وَقِيلَ: تَصِحُّ فِي التَّرَاوِيحِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَارِئٌ غَيْرَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَتَصِحُّ إمَامَةُ الْأَقْلَفِ، وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي مَأْخَذِ الْمَنْعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْكُهُ الْخِتَانَ الْوَاجِبَ، فَعَلَى هَذَا إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ أَوْ يَسْقُطُ الْقَوْلُ بِهِ لِضَرَرٍ صَحَّتْ إمَامَتُهُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ: هُوَ عَجْزُهُ عَنْ شَرْطِ الصَّلَاةِ وَهُوَ التَّطَهُّرُ مِنْ النَّجَاسَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا بِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِبْ الْخِتَانُ. انْتَهَى، قال الشارح: وأما

1 ليست في "ط".

2 في "ط": "قوله".

3 في "ط" وهامش "س": "كبمثله".

4 ليست في "ط".

ص: 19

‌فصل: لا تصح إمامة فاسق مطلقا

"وم" وعنه: تكره وتصح "وهـ ش" كَمَا تَصِحُّ مَعَ فِسْقِ الْمَأْمُومِ، وَعَنْهُ: فِي نَفْلٍ، جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَعَنْهُ: وَلَا خَلْفَ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ مَنْ لَا يُبَاشِرُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ عَدْلًا وَحْدَهُ فَوَجْهَانِ، صَحَّحَهُ أَحْمَدُ، وَخَالَفَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَهَلْ يَجُوزُ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ؟ يَأْتِي فِي الْوَقْفِ1. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يَؤُمُّ فَاسِقٌ فَاسِقًا، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ النَّقْصِ2، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ صَلَّى مَعَهُ خَوْفَ أَذًى وَيُعِيدُ، وَإِنْ نَوَى الِانْفِرَادَ وَوَافَقَهُ في أفعالها لم يعد، وَعَنْهُ: بَلَى، وَيُعِيدُ فِي الْمَنْصُوصِ إذَا عَلِمَ فِسْقَهُ، وَقِيلَ: مَعَ ظُهُورِهِ، وَيُصَلِّي خَلْفَهُ الْجُمُعَةَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: وَيُعِيدُ، وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ بِقَوْلِهِ عليه السلام:"يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يؤخرون الصلاة عن وقتها"3.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْأَقْلَفُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ4 فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا يُعْفَى عَنْهَا عِنْدَنَا، وَالثَّانِيَةُ تَصِحُّ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ كَشْفُ الْقُلْفَةُ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ غَسَلَهَا وَإِنْ كَانَ مُرْتَتِقًا لَا يَقْدِرُ عَلَى كَشْفِهَا عُفِيَ عَنْ إزَالَتِهَا لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَكُلُّ نَجَاسَةٍ مَعْفُوٌّ عَنْهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ، انْتَهَى، فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَقْوَى صِحَّةُ إمَامَتِهِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَعَلَّلَ ابْنُ مُنَجَّى رِوَايَةَ عَدَمِ الصِّحَّةِ لِكَوْنِهِ حَامِلَ نَجَاسَةٍ ظَاهِرَةٍ، يُمْكِنُهُ إزَالَتُهَا بِإِزَالَةِ الْمَانِعِ بِالْخِتَانِ، وَرِوَايَةُ الصِّحَّةِ بِتَعَذُّرِ5 زَوَالِ النَّجَاسَةِ فِي الْحَالِ، وَالْخِتَانُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ، فَلَمْ تكن إزالتها واجبة لا محالة، انتهى.

1 7/335 – 336.

2 جاء في هامش "ب" ما نصه: "أي: الفاسق عليه زوال فسقه، بخلاف الأمي لا يمكنه رفع ما فيه من النقص".

3 أخرجه أبو داود "434"، من حديث قبيصة بن وقاص. وأخرجه أبو داود "433"، وابن ماجه "1257"، من حديث عبادة بن الصامت، بنحوه.

4 في "ح": "المحل".

5 في النسخ: "يتعذر".

ص: 20

وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ ثم يصلي الظهر أربعا، قال1: فَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا فَلَا تَضُرُّ صَلَاتِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ ظُهْرًا أَرْبَعًا. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك: أُصَلِّي قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَلَا أُصَلِّي قَبْلُ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: يُصَلِّي الظُّهْرَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ: الْإِعَادَةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَغَيْرِهَا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: مَنْ أَعَادَهَا فَمُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ لَيْسَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَرَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ فِي الْجُمُعَةِ، وَاحْتَجُّوا بِغَيْرِهَا مِنْ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، بَلْ يُتَّبَعُ فِيهَا، وَقَرَأَ الْمَرُّوذِيُّ عَلَى أَحْمَدَ أَنَّ أَنَسًا كَانَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ. وَكَذَا جُمُعَةٌ وَنَحْوُهَا بِبُقْعَةِ غَصْبٍ ضَرُورَةً، وَذَكَرَهَا2 ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ كَفَرَ بِاعْتِقَادِهِ، وَيُعِيدُ.

وَيُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ، وَعَنْهُ: لَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَتَصِحُّ3 خَلْفَ مَنْ خَالَفَ فِي فَرْعِ "وَ" لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَعَ شِدَّةِ الْخِلَافِ، مَا لم يعلم4 أَنَّهُمْ تَرَكُوا رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عَلَى مَا يَأْتِي5، وَلَوْ لَمْ يَرَ مَسْحَ الْخُفِّ أَوْ الحرام

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ط".

2 في "ب" و "س": و"ذكرهما".

3 بعدها في "ب" و "ط": "وتصح".

4 في "ط": "يعلمهم".

5 ص 35.

ص: 21

شَيْئًا، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ1 كَلَامٌ فِي فِسْقِهِ، وَمُرَادُ الْأَصْحَابِ: مَا لَمْ يَفْسُقْ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّمَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّفْعَوِيَّةِ إذَا احْتَاطَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ: أَيْ مَا لَمْ يَتْرُكْ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: الشَّفْعَوِيَّةُ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى شَافِعٍ بِحَذْفِ يَاءِ النَّسَبِ جَدُّ الْإِمَامِ كَمَا نَسَبَ هُوَ إلَيْهِ، إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَنْسُوبَيْنِ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ "السِّرِّ الْمَصُونِ": رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ يَعْمَلُونَ عَمَلَ الْعَوَامّ، فَإِذَا صَلَّى الْحَنْبَلِيُّ فِي مَسْجِدِ شَافِعِيٍّ وَلَمْ يَجْهَرْ غَضِبَتْ الشَّافِعِيَّةُ، وَإِذَا صَلَّى شَافِعِيٌّ فِي مَسْجِدِ حَنْبَلِيٍّ وَجَهَرَ غَضِبَتْ الْحَنَابِلَةُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَالْعَصَبِيَّةُ فِيهَا مُجَرَّدُ هَوًى يَمْنَعُ مِنْهُ الْعِلْمِ2.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: رَأَيْت النَّاسَ لَا يَعْصِمُهُمْ مِنْ الظُّلْمِ إلَّا الْعَجْزُ. وَلَا أَقُولُ الْعَوَامُّ، بَلْ الْعُلَمَاءُ، كَانَتْ أَيْدِي الْحَنَابِلَةِ مَبْسُوطَةً فِي أَيَّامِ ابْنِ يُوسُفَ3، فَكَانُوا يَتَسَلَّطُونَ4 بِالْبَغْيِ عَلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْفُرُوعِ، حَتَّى لَا يُمَكِّنُوهُمْ مِنْ الجهر والقنوت، وهي مسألة اجتهاد5، فلما جاءت

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 11/298.

2 جاء في "ط" عند هذه الكلمة: "لَعَلَّ ذَلِكَ فِي الْجَهْرِ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ".

3 هو: أبو منصور، عبد الملك بن محمد بن يوسف البغدادي، كان متعصبا للسنة، قد كفى عامة العلماء والصلحاء "ت 460هـ". "السير" 18/333.

4 في "ط": "يتسلطون".

5 في "ب" و"ط": "اجتهادية".

ص: 22

أَيَّامُ النَّظَّامِ1، وَمَاتَ ابْنُ يُوسُفَ وَزَالَتْ شَوْكَةُ الْحَنَابِلَةِ اسْتَطَالَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ اسْتِطَالَةَ السَّلَاطِينِ الظَّلَمَةِ، فَاسْتَعْدَوْا بِالسِّجْنِ، وَآذَوْا الْعَوَامَّ بِالسِّعَايَاتِ، وَالْفُقَهَاءَ بالنبز بالتجسيم، قال: فتدبرت أمر الفريقين، فَإِذَا بِهِمْ لَمْ تَعْمَلْ فِيهِمْ آدَابُ الْعِلْمِ، وهل هذه2 إلا أفعال إلَّا أَفْعَالَ الْأَجْنَادِ يَصُولُونَ فِي دَوْلَتِهِمْ، وَيَلْزَمُونَ الْمَسَاجِدَ فِي بَطَالَتِهِمْ، انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.

فَقَدْ بَيَّنَّا الْأَمْرَ عَلَى أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ لَا إنْكَارَ فِيهَا، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ أَوْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْ ضَعُفَ الْخِلَافُ فِيهَا أُنْكِرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا خِلَافٌ، فَلَهُمْ وَجْهَانِ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ كَشَفَ فَخْذَيْهِ، فَحُمِلَ حَالُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى هَذَا أَوْلَى وَلَمْ يَعْتَقِدْ الْمُنْكِرُ أَنَّهُ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى مَفْسَدَةٍ فَوْقَ مَفْسَدَةِ مَا أَنْكَرَهُ، وَإِلَّا لَسَقَطَ الْإِنْكَارُ أَوْ لَمْ يَجُزْ "وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى" وَسَبَقَ كَلَامُ ابْنِ هُبَيْرَةَ آخِرَ كِتَابِ الصَّلَاةِ3، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنْقِرِيُّ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ خَلْفَ مَنْ يَقْنُتُ وَمَنْ لَا يَقْنُتُ، فَإِنْ زَادَ فِيهِ حَرْفًا فَلَا يُصَلِّي خَلْفَهُ، أَوْ جَهَرَ بِمِثْلِ "إنَّا نَسْتَعِينُك"4 أَوْ "عَذَابَك الْجَدَّ"5 فَإِنْ كُنْت فِي صَلَاةٍ فَاقْطَعْهَا، كَذَا قَالَ.

وَمَنْ زَوَّرَ وِلَايَةً لِنَفْسِهِ بِإِمَامَةٍ وَبَاشَرَ فَيَتَوَجَّهُ: إنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ شرطا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 هو: أبو علي، الحسن بن علي إسحاق الطوسي، نظام الملك، الوزير الكبير، كان شافعيا أشعريا، وكان فيه خير وتقوى، وميل إلى الصالحين. "ت 485هـ". "السير" 19/94.

2 بعدها في "ط": "الأفعال".

3 1/421.

4 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 2/210 – 211، من حديث عمر، وانظر:"تلخيص الحبير" 2/24 - 25.

ص: 23

لِاسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ، وَإِلَّا خَرَجَ عَلَى صِحَّةِ إمَامَتِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَأَطْلَقَ، كَمَنْ وِلَايَتُهُ فَاسِدَةٌ بِغَيْرِ كَذِبِهِ، لَا مَا يَسْتَحِقُّهُ عَدْلٌ بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَتَصِحُّ إمَامَةُ صَبِيٍّ لِبَالِغٍ فِي نَفْلٍ عَلَى الْأَصَحِّ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "هـ م" وَعَنْهُ: وَفَرْضٌ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ "وش" وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ: وَلَوْ قُلْنَا: تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي الْعُقُودِ، وَبِنَاؤُهُمْ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ نَافِلَةٌ يَقْتَضِي صِحَّةَ إمَامَتِهِ إنْ لَزِمَتْهُ، قَالَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجْهًا1، وَيَصِحُّ بِمِثْلِهِ "و" وفي المنتخب: لا.

وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ نِسَاءٍ "و" وبنى عليه في المنتخب: لا يجوز

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "س".

ص: 24

أَذَانُهَا لَهُمْ، وَعَنْهُ: تَصِحُّ فِي نَفْلٍ، وَعَنْهُ: فِي التَّرَاوِيحِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ أَقْرَأَ، وَقِيلَ: قَارِئَةً دُونَهُمْ، وَقِيلَ: ذَا رَحِمٍ، وَقِيلَ: أَوْ عَجُوزًا، وَتَقِفُ خَلْفَهُمْ لِأَنَّهُ أَسْتُرُ، وَعَنْهُ: تَقْتَدِي بِهِمْ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ، فَيَنْوِي الْإِمَامَةَ أَحَدُهُمْ، واختار الأكثر الصحة في الجملة، لخبري1 أُمِّ وَرَقَةَ الْعَامِّ2 وَالْخَاصِّ3، وَالْجَوَابُ عَنْ الْخَاصِّ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ بِإِسْنَادٍ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَإِنْ صَحَّ فَيَتَوَجَّهُ حَمْلُهُ عَلَى النَّفْلِ، جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّهْيِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي الْفَرْضِ، وَالنَّهْيُ لَا يَصِحُّ، مَعَ أَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ، وَكَذَا الْخُنْثَى، وَقِيلَ: تَصِحُّ بِخُنْثَى، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَؤُمُّ خُنْثَى نِسَاءً. وَتَبْطُلُ صَلَاةُ امْرَأَةٍ بِجَنْبِ رجل لم يصلوا جماعة.

1 في "ط": "الخبر".

2 وهو: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها. أخرجه أبو داود في "سننه" "592". وهي: أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بن عويمر بن نوفل الأنصارية، ويقال لها: أم ورقة بنت نوفل، فنسبت إلى جدها الأعلى. ماتت في خلافة عمر. "الإصابة" 13/304.

3 وهو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أذن لها أن يؤذن لها ويقام، وتؤم نساءها. أخرجه الدارقطني في "سننه" 1/279.

ص: 25

‌فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مُحْدِثٍ أَوْ نَجِسٍ، وَلَوْ جَهِلَهُ الْمَأْمُومُ فَقَطْ

، نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لـ"الإشارة"4 و "ش"، وَبَنَاهُ فِي الْخِلَافِ أَيْضًا عَلَى إمَامَةِ الْفَاسِقِ لِفِسْقِهِ بِذَلِكَ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: هُوَ أَمِينٌ عَلَى طَهَارَتِهِ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَإِذَا عَمِلْنَا5 بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، كَمَا لَوْ أقرت بانقضاء العدة وزوجت ثم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

4 لمؤلفه أبي الوفاء، علي بن عقيل البغدادي "ت 513هـ"، وهذا الكتاب مختصر لكتاب "الروايتين والوجهين". "ذيل طبقات الحنابلة" 1/142 - 165.

5 في "ط": "عملنا".

ص: 25

رَجَعَتْ، فَقَالَ: فَيَجِبُ لِهَذَا الْمَعْنَى أَنْ لَا يَقْبَلَ قَوْلَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ.

وَعَلَى أَنَّ دُخُولَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ، فَلَمْ تُصَدَّقْ، وَهَذَا مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، فَقَبْلٌ كَقَبْلِ الصَّلَاةِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْفُصُولِ بِأَنَّهُ فَاسِقٌ وَإِمَامَتُهُ لَا تَصِحُّ عِنْدَنَا؛ وَلِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ، وَالْمُتَلَاعِبُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَإِنْ عَلِمَ هُوَ أَوْ الْمَأْمُومُ فِيهَا، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: أَوْ بِسَبْقِ حَدَثِهِ، اسْتَأْنَفَ الْمَأْمُومُ، وَعَنْهُ: يُبْنَى "وم ش" نَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، فَمَنْ1 صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ وَشَكَّ فِي وضوئه لم يجزئه 2"ألا أن يَتَيَقَّنَ"2 أَنَّهُ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ، وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ، إنْ شَاءُوا قَدَّمُوا3 وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا فُرَادَى. قَالَ الْقَاضِي: فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ عِلْمَهُمْ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِمْ إعَادَةً، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ السَّلَامِ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ أَوْ فِيهَا "ق"4 أَعَادَ الْإِمَامُ، وَعَنْهُ: وَالْمَأْمُومُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ "وهـ" وَهُوَ الْقِيَاسُ لَوْلَا الْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ5، وَابْنِهِ6، وَعُثْمَانَ7، وَعَلِيٍّ8، قَالَهُ القاضي وغيره كغير الحدث

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": "فمن".

2 "2 - 2" في "ط": "حتى يتيقن".

3 يعني: قدموا أحدهم إماما.

4 في "ب": "و".

5 أخرجه عبد الرزاق في "المصنف""3648" و"3649"، وابن المنذر في "الأوسط""2051" و"2052"، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/399 - 400، أن عمر بن الخطاب أمهم وهو جنب، أو على غير وضوء، فأعاد الصلاة ولم يعد من رواءه. وهذا لفظ عبد الرزاق.

6 أخرجه عبد الرزاق "3650"، وابن شيبة 2/44، وابن المنذر في "الأوسط""2055"، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/400.

7 أخرجه ابن المنذر في "الأوسط""2053"، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/400.

8 أخرجه ابن أبي شيبة 2/45، وابن المنذر في "الأوسط".

ص: 26

وَالنَّجَاسَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، حَتَّى فِي إمَامٍ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَإِنْ عَلِمَ مَعَهُ وَاحِدٌ أَعَادَ الْكُلُّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ: يُعِيدُ الْعَالِمُ، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ عَلِمَهُ اثْنَانِ وَأَنْكَرَ هُوَ أَعَادَ الْكُلُّ، وَاحْتَجَّ بخبر ذي اليدين1.

ولا تصح إمامة كافر "و"2، وَقِيلَ: بَلَى إنْ أَسَرَهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ: هُوَ كَافِرٌ وَإِنَّمَا صَلَّى تَهَزُّؤًا فَنَصُّهُ: يُعِيدُ الْمَأْمُومُ، كَمَنْ ظَنَّ كُفْرَهُ أَوْ حَدَثَهُ فبان خلافه، وقيل: لا"*"، كمن جهل حاله.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"3 "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ: هُوَ كافر وإنما صلى تهزؤا فنصه يعيد المأموم وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ المذهب3".

1 تقدم تخريجه 2/269.

2 ليست في "ط".

3 "3 - 3" ليست في "ح".

ص: 27

وَإِنْ عُلِمَ لَهُ حَالَانِ، أَوْ إفَاقَةٌ وَجُنُونٌ، لَمْ يَدْرِ فِي أَيِّهِمَا ائْتَمَّ وَأَمَّ فِيهِمَا فَفِي الْإِعَادَةِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا إنْ عَلِمَ قَبْلَ الصَّلَاةِ إسْلَامَهُ وَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يُعِدْ "7 م".

وَلَا إمَامَةُ أَخْرَسَ بِنَاطِقٍ "و" وَلَا بمثله، نص عليه "وم ر" خِلَافًا لِلْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْكَافِي1؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بالأصل والبدل، والأمي

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ لَهُ حَالَانِ يَعْنِي الْإِمَامَ، وَالْحَالَانِ إسْلَامٌ وَكُفْرٌ أَوْ إفَاقَةٌ وَجُنُونٌ لَمْ يَدْرِ فِي أَيِّهِمَا أَيْ الْحَالَيْنِ ائْتَمَّ وَأَمَّ فِيهِمَا فَفِي الْإِعَادَةِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا: إنْ عَلِمَ قَبْلَ الصَّلَاةِ إسْلَامَهُ وَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يُعِدْ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ:

أَحَدُهَا: يُعِيدُ مُطْلَقًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعِيدُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْفَرْقُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، جَزَمَ بِهِ2 فِي المغني3 والشرح4، و"شرح ابن رزين"، وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي "الْمُغْنِي"3 وَمَنْ تَبِعَهُ: فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُسْلِمُ تَارَةً وَيَرْتَدُّ أُخْرَى لَمْ يُصَلِّ خَلْفَهُ حَتَّى يَعْلَمَ عَلَى أَيِّ دَيْنٍ هُوَ، فَإِنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ، نَظَرْنَا: فَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ قبل الصلاة إسلامه،

1 1/417.

2 ليست في "ط".

3 3/35.

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/371.

ص: 28

يَأْتِي بِالْبَدَلِ وَهُوَ الذَّكَرُ.

وَلَا إمَامَةُ مَنْ بِهِ حَدَثٌ مُسْتَمِرٌّ "و" وَفِيهِ بِمِثْلِهِ وَجْهَانِ "8 م"، وَلَا عَلَى الْأَصَحِّ "ش" إمَامَةُ عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الصِّحَّةَ، قَالَهُ فِي إمَامٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يَعْجِزُ عَنْهَا، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ خَلْفَ الْمُضْطَجِعِ لَا1 يَضْطَجِعُ، وَتَصِحُّ بِمِثْلِهِ، وَإِمَامَةُ2 مُتَيَمِّمٍ بِمُتَوَضِّئٍ "و"، وَلَا تُكْرَهُ "م"؛ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ تَيَمَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ في ليلة باردة وصلى بأصحابه وعلم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُمَا3، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرٍو، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا عَنْ أبي قيس عن عمرو4، وفيه أنه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ عَلِمَ رِدَّتَهُ وَشَكَّ فِي إسْلَامِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ بَابِ الْإِمَامَةِ.

مَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: "وَلَا إمَامَةُ مَنْ حَدَثُهُ5 مُسْتَمِرٌّ، وَفِيهِ بِمِثْلِهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى:

أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ، وَالْكَافِي6، وَالْعُمْدَةِ والشرح7، 8"والحاوي الكبير"8، وغيرهم، وقدمه

1 ليست في الأصل.

2 في الأصل: "ولا إمامة".

3 أحمد "17812"، وأبو داود "334"، والدارقطني 1/178، والحاكم 1/177 - 178.

4 أخرجه أبو داود "335"، وابن المنذر في "الأوسط""528"، وابن حبان "1315"، والدارقطني 1/179، والحاكم 1/177، والبيهقي في "السنن الكبرى" 1/226.

5 في نسخ التصحيح الخطية: "حدثه"، والمثبت من "الفروع".

6 1/417.

7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/373.

8 "8 - 8" في "ط": "والحاويين والوجيز".

ص: 29

غَسَلَ مَغَابِنَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَلَيْسَ فِيهِ التَّيَمُّمُ، وَأَعَلَّ غَيْرُ وَاحِدٍ الْأَوَّلَ بِالثَّانِي، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ عَلَى أَصْلِنَا، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ، وَلِهَذَا يُقَيَّدُ بِالْوَقْتِ.

وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ أُمِّيٍّ "و" نِسْبَةٌ إلَى الْأُمِّ، وَقِيلَ إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ فِي الْفَاتِحَةِ حَرْفًا لَا يُدْغَمُ، أَوْ يُحِيلُ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ1، وَعَنْهُ تَصِحُّ كَبِمِثْلِهِ فِي الْأَصَحِّ "م ر" وَفِي إعَادَةِ مَنْ عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَأَسَرَّ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ وجهان "م 9".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ بِمَنْ لَا سَلَسَ بِهِ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَؤُمُّ أَخْرَسُ وَلَا دَائِمٌ حَدَثُهُ وَعَاجِزٌ عَنْ رُكْنٍ وَأُنْثَى، بِعَكْسِهِمْ، وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَمَنْ عجز2 عَنْ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ لَمْ تَصِحَّ إمَامَتُهُ بقادر عليه، انتهى.

3"وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَا يَقْتَدِي بِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، وَصَحَّحَهُ في النظم، وقدمه في الرعايتين، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي "التَّلْخِيصِ"3.

مَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ أُمِّيٍّ

وَعَنْهُ: لا تصح كبمثله في الأصح.

1 ليست في الأصل.

2 بعدها في "ط": "والمنور".

3 في "ط": وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَأَمَّا عَدَمُ الْعِصْمَةِ فِي الطَّهَارَةِ كَصَاحِبِ السَّلَسِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَعْصُومِ بِهِمْ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَا يَقْتَدِي بِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.

ص: 30

وإن بطلت صَلَاةُ قَارِئٍ خَلْفَ أُمِّيٍّ، فَفِي إمَامٍ وَجْهَانِ "م 10". وإن اقتدى

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَفِي إعَادَةِ مَنْ عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَأَسَرَّ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ يُشْبِهُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ شَكَّ الْقَارِئُ هَلْ إمَامُهُ أُمِّيٌّ أَمْ لَا فِي صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ، فَإِنْ بَانَ أُمِّيًّا فَوَجْهَانِ، وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ وَلَمْ يَجْهَرْ فَهَلْ يُعِيدُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ صَلَّى قَارِئٌ خَلْفَ مَنْ جَهِلَ كَوْنَهُ قَارِئًا أَوْ شَكَّ فِيهِ فِي صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ، وَإِنْ بَانَ أُمِّيًّا أَوْ أسر في صلاة جهر، وما1 ادعى أَنَّهُ قَرَأَ فَوَجْهَانِ.

وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أُمِّيٌّ لَمَّا سَلَّمَ فَوَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: فَإِنْ صَلَّى الْقَارِئُ خَلْفَ مَنْ لَا يَعْلَمُ فِي صَلَاةِ الْإِسْرَارِ صَحَّتْ، وَإِنْ كَانَ يُسِرُّ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: عَدَمُ الصِّحَّةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، زَادَ الشَّارِحُ: وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ أَحْسَنَ الْقِرَاءَةَ لَجَهَرَ. وَالْوَجْه الثَّانِي: تَصِحُّ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: فَإِنْ أَسَرَّ فِي الْجَهْرِ لَمْ يَصِحَّ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَحْسَنَ لَجَهَرَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، انْتَهَى. وقال في مجمع البحرين فإن شك القارئ في 4"أميته إمامه"4 فِي صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ كَوْنُ مَنْ يَتَقَدَّمُ إمَامًا قَارِئًا، وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ فَأَسَرَّ، لَمْ يَصِحَّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَنَّ إمَامَهُ أُمِّيٌّ أَنَّهُ يُعِيدُ، وَأَنَّهُ إذَا أَسَرَّ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ أُمِّيٌّ أَمْ لَا أَنَّهُ لَا يُعِيدُ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِيهِ هَلْ هُوَ أُمِّيٌّ أَمْ لَا.

مَسْأَلَةٌ – 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَارِئِ خَلْفَ أُمِّيٍّ فَفِي إمَامٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَلَوْ أَمَّ أُمِّيٌّ قَارِئًا فَقَدْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَارِئِ وَفِي الْإِمَامِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَمَّ أُمِّيٌّ قَارِئًا وَحْدَهُ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَارِئِ، وَقِيلَ: فَرْضًا، وَفِي الْإِمَامِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. قُلْت: حَيْثُ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْقَارِئِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ، وَحَيْثُ قُلْنَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا صحت صلاته، والله أعلم، وكلام

1 ليست في "ط".

2 3/30.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/396.

4 "4 - 4" في "ط": "أميته".

ص: 31

قَارِئٌ وَأُمِّيٌّ بِأُمِّيٍّ فَإِنْ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ فَهَلْ يَبْقَى نَفْلًا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ، أَمْ لَا يَبْقَى فَتَبْطُلُ، أَمْ إلَّا1 الْإِمَامَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 11"، وجوز الشيخ اقتداء من

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الزَّرْكَشِيّ وَنَقْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ يُوَافِقُ مَا قُلْنَا، وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ، وَابْنِ حَمْدَانَ الْآتِي يُوَافِقُ مَا قُلْنَا فِي الْفَرْعِ الثَّانِي. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّيَّةِ2 فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ أَوْ مَأْمُومُهُ لَمْ يَصِحَّ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا إنْ نَوَى إمَامَةَ مَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ3 يَؤُمَّهُ: كَامْرَأَةٍ تَؤُمُّ رَجُلًا لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ، فِي الْأَشْهَرِ، وَكَذَا أُمِّيٌّ قَارِئٌ، انْتَهَى. فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الَّتِي أُطْلِقَ الْخِلَافَ فِيهَا هُنَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَدَى قَارِئٌ وَأُمِّيٌّ بِأُمِّيٍّ فَإِنْ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ فَهَلْ تَبْقَى نَفْلًا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ، أَمْ لَا تَبْقَى فَتَبْطُلُ، أَمْ إلَّا الْإِمَامَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيّ. فَإِنْ كَانَا خَلْفَهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُمَا تفسد، وهل تبطل صلاة الإمام؟ فيه احْتِمَالَانِ، أَشْهَرُهُمَا الْبُطْلَانُ، انْتَهَى وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: فَإِنْ كَانَا خَلْفَهُ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ فِي الْأَصَحِّ وَبَقِيَ نَفْلًا، وَقِيلَ: لَا يَبْقَى فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ، وَقِيلَ: إلَّا الْإِمَامَ، انْتَهَى. زَادَ فِي الْكُبْرَى: وَقِيلَ: فِي صَلَاةِ الْقَارِئِ وَالْأُمِّيِّ خَلْفَ الْأُمِّيِّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْبُطْلَانُ وَالصِّحَّةُ، وَقِيلَ فِي رِوَايَةٍ: وَالثَّالِثُ يَصِحُّ فِي النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ، انْتَهَى. وَفِي الرِّعَايَةِ طُرُقٌ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ، وَحَكَى ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَجْهًا: أَنَّ الْفَسَادَ يَخْتَصُّ بِالْقَارِئِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْأُمِّيِّ، قَالَ: وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْوَجْهِ فِي تَعْلِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ الْقَارِئَ تَكُونُ صَلَاتُهُ نَافِلَةً فَمَا خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَصِرْ الْأُمِّيُّ بِذَلِكَ فَذًّا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَاةُ الْقَارِئِ بَاطِلَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَعْرِفَةِ هَذَا عَلَى النَّاسِ أَمْرٌ يَشُقُّ، وَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، فَعُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِرَقِيَّ اخْتَارَ هَذَا الْوَجْهَ، فَيَكُونُ كَلَامُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: إنْ كَانَا خَلْفَهُ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ وَفِي بَقَائِهِ نَفْلًا وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ فَصَلَاةُ الْجَمِيعِ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: لا

1 ضرب عليها في "ب".

2 2/148.

3 بعدها في "ط": "لا".

ص: 32

يحسن قَدْرَ الْفَاتِحَةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ قُرْآنًا وَفَتَحَ هَمْزَةَ {اهْدِنَا} وَمُحِيلٌ1 فِي الْأَصَحِّ كَضَمِّ تَاءِ {أَنْعَمْتَ} وَكَسْرِ كَافِ {إِيَّاكَ} وَتَصِحُّ إمَامَةُ إمَامِ الْحَيِّ وَهُوَ إمَامُ مَسْجِدِ رَاتِبِ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ "م ر" لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ "م ر" وَيُصَلُّونَ جُلُوسًا، وَقَالَ فِي الْخِلَافِ: هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ: لَا تَصِحُّ، وَفِي الْإِيضَاحِ رِوَايَةٌ: قِيَامًا، وَاخْتَارَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَالتَّحْقِيقِ "و" وَعَنْهُ: تَصِحُّ مَعَ غَيْرِ إمَامِ الْحَيِّ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ "و"، وَفِي الْإِيضَاحِ وَالْمُنْتَخَبِ إنْ لَمْ يُرْجَ صَحَّتْ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ قِيَامًا، فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي الْأَوْلَى إنْ صَلَّوْا قِيَامًا صَحَّتْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: الْجَاهِلُ وُجُوبَ الْجُلُوسِ وَإِنْ ابْتَدَأَ قَائِمًا ثُمَّ اعْتَلَّ فَجَلَسَ أَتَمُّوا قياما ولم يجز الجلوس،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

تصح، بطلت صلاة المأموم، وفي 2"صلاته الإمام"2 وَجْهَانِ، انْتَهَى.

وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَفِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ نَافِلَةً وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا لَا يَصِحُّ، انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ أَنَّ الزَّرْكَشِيّ جَزَمَ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الْقَارِئِ3 وَالْأُمِّيِّ، وَأَنَّ أَشْهَرَ الِاحْتِمَالَيْنِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَأَنَّ ابْنَ حَمْدَانَ قَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْقَارِئِ تَبْقَى نَفْلًا. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ النِّيَّةِ4 فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا عَلَى الْمُقَدَّمِ عِنْدَهُ، كَمَا إذَا أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فَبَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ، أَوْ بَطَلَ الْفَرْضُ الَّذِي انْتَقَلَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَ مَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ، كَتَرْكِ الْقِيَامِ وَالصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ، وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ، إذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ، وَالِائْتِمَامِ بِصَبِيٍّ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ جَوَازَهُ، فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمَ5 عِنْدَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ انْقِلَابُهُ نَفْلًا، فَلْتَكُنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كذلك، والله أعلم.

1 في "ط": "ومحيل".

2 "2 - 2" في "ط": "صلاته".

3 في "ب": والقارئ".

4 2/142.

5 في "ط": "والمتقدم".

ص: 33

نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامَ الْحَيِّ. وَإِنْ أُرْتِجَ عَلَى الْمُصَلّ فِي الْفَاتِحَةِ وَعَجَزَ عَنْ الْإِتْمَامِ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يُعِيدُهَا. ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ إمَامًا وَسَبَقَ فِي آخِرِ النية1: يستخلف.

1 2/156.

ص: 34

‌فَصْلٌ: وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا أَعَادَ الْمَأْمُومُ

"ش" لِأَنَّ القياس لما2 منع انعقاد صلاة الإمام، و3 إمَامَتِهِ كَالْكُفْرِ وَاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ مُنِعَ، وَلِتَعَذُّرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ مِنْ عَالِمٍ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ.

وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ: يُعِيدُ إنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ، كَذَا قَالَ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي إمَامٍ يَعْلَمُ حَدَثَ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَ المأموم فعنه: يعيد "المأموم"، اختاره جماعة "وهـ ش" لِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ، كَمَا لَوْ اعْتَقَدَهُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فَبَانَ خِلَافُهُ، وَعَنْهُ: لا، اختاره الشيخ وشيخنا "وم" كَالْإِمَامِ، لِحُصُولِ الْغَرَضِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ أَوْ التَّقْلِيدُ "م 12"، وَكَعِلْمِ الْمَأْمُومِ لَمَّا سلم في الأصح.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 12: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا أَعَادَ الْمَأْمُومُ. وَإِنْ كَانَ رُكْنًا أَوْ "شَرْطًا" عِنْدَ الْمَأْمُومِ فَعَنْهُ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَشَيْخُنَا كَالْإِمَامِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ أَوْ التَّقْلِيدُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا في الرعايتين، والحاويين:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

2 في "ب" و"س" و"ط": "إنما".

3 في "ب" و"ط": "أو".

ص: 34

وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ كَانَ فِي وُجُوبِهِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ رِوَايَتَانِ فَفِي صَلَاتِهِ خَلْفَهُ رِوَايَتَانِ، كَذَا قَالَ، وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا مُخْتَلَفًا فِيهِ بِلَا تَأْوِيلٍ وَلَا تَقْلِيدٍ أَعَادَهُ، ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ "ع"، لِتَرْكِهِ فَرْضَهُ، وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ وَصَلَّى فَذًّا بِالْإِعَادَةِ1، وَعَنْهُ: لَا؛ لِخَفَاءِ طُرُقِ عِلْمِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَعَنْهُ: إنْ طَالَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى فِعْلٍ لَا يُعْلَمُ جَوَازُهُ وَيَفْسُقُ، أَيْ إنْ كَانَ مِمَّا يُفْسَقُ بِهِ، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ فِي عَامِّيٍّ شَرِبَ نَبِيذًا بلا تقليد، وهو معنى كلام الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الْقَاضِي بِالْفِسْقِ فِي مَوْضِعٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي آخَرَ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْهُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ، وَوَجَدْت بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ ذَكَرَ عَدَمَ الْجَوَازِ "ع" وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْآجُرِّيِّ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْعَامِّيَّ إذَا نَزَلَتْ بِهِ حَادِثَةٌ يَلْزَمُهُ حُكْمٌ، وَذَكَرَهُ فِي التَّمْهِيدِ "ع" وَأَنَّهُ التَّقْلِيدُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

أَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالشَّارِحُ وَمَالَ إلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَوْ فَعَلَ الْإِمَامُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْمَأْمُومِ دُونَهُ، مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ خَلْفَهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَالرِّوَايَاتُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ أَحْمَدَ لَا تُوجِبُ اخْتِلَافًا، وَإِنَّمَا ظَاهِرُهَا أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يُقْطَعُ فِيهِ بِخَطَإِ الْمُخَالِفِ تَجِبُ الْإِعَادَةُ، وَمَا لَا يُقْطَعُ فِيهِ بِخَطَإِ الْمُخَالِفِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ، وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَقِيَاسُ الْأُصُولِ، انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُعِيدُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ.

فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صححت، والله أعلم.

1 تقدم تخريجه 2/255.

ص: 35

أَنَّ الْمُؤَثِّرَ "إنَّمَا" هُوَ اعْتِقَادُ التَّحْرِيمِ، وَإِذَا لَمْ يَفْسُقْ مَنْ أَتَى مُخْتَلَفًا فِيهِ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ لِفِعْلِهِ مَسَاغًا فِي الْجُمْلَةِ، فَهَذَا أَوْلَى، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ لَزِمَتْ الْجُمُعَةُ أَهْلَ السَّوَادِ لَفَسَقُوا بِتَرْكِهَا، فَقَالَ: مَا يَفْسُقُونَ، لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ "بِهِمْ"، كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ، وَلَمْ يَفْسُقُوا بِتَرْكِهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ1: هَلْ يَأْثَمُ مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةِ؟ وَكَلَامُهُ فِي الْكَافِي أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَالنَّاسِي بِعَدَمِ التأثيم.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 8/143.

ص: 36

‌باب موقف الجماعة

‌مدخل

بَابُ مَوْقِفِ الْجَمَاعَةِ

يُسْتَحَبُّ وُقُوفُ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ "و"1 وَلَا يَصِحُّ قُدَّامَهُ بِإِحْرَامٍ فَأَكْثَرَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْقِفًا بِحَالٍ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: تُكْرَهُ، وَتَصِحُّ "وم" وَالْمُرَادُ: وَأَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَقِيلَ: تَصِحُّ جُمُعَةٌ وَنَحْوُهَا لِعُذْرٍ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ: مَنْ تَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ فَلَمَّا أَذِنَ جَاءَ فَصَلَّى قُدَّامَهُ عُزِّرَ.

وَالِاعْتِبَارُ بِمُؤَخِّرِ الْقَدَمِ، وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ، كَطُولِ الْمَأْمُومِ، وَيُتَوَجَّهُ الْعُرْفُ، وَإِنْ تَقَابَلَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ "و" وَإِنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى ظَهْرِ إمَامِهِ فِيهَا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقَدُ خَطَؤُهُ، وَإِنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَقَابَلَا حَوْلَهَا صَحَّتْ "عِ" وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ فِي جِهَتَيْنِ "وَ" قَالَ فِي الْخِلَافِ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَقِيلَ: وَجِهَةٍ "خ" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ مَسَافَةٌ فَوْقَ بَقِيَّةِ جِهَاتِ الْمَأْمُومَيْنِ فَهَلْ يُمْنَعُ الصِّحَّةَ كَالْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وجهان.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في الأصل.

ص: 37

وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ "و" فَإِنْ بَانَ عَدَمُ صِحَّةِ مُصَافَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ، فَيَجِيءُ الْوَجْهُ: يَصِحُّ مُنْفَرِدًا، وَكَصَلَاتِهِمْ قُدَّامَهُ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وجهان "م 1" وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي رَجُلٍ أَمَّ رَجُلًا قَامَ عَنْ يَسَارِهِ: يُعِيدُ، وَإِنَّمَا صَلَّى الْإِمَامُ وَحْدَهُ، وَظَاهِرُهُ: تَصِحُّ مُنْفَرِدًا، دُونَ الْمَأْمُومِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى إلْغَاءِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ المحرر، ونقل جعفر في مسجد محرابه غصب1 قَدْرَ مَا يَقُومُ الْإِمَامُ فِيهِ: صَلَاةُ الْإِمَامِ فَاسِدَةٌ، وَإِذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ، وَإِنْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ أَحْرَمَ أَمْ لَا أَدَارَهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ وَقَفَا خَلْفَهُ، وَإِلَّا أَدَارَهُمَا، فَإِنْ شَقَّ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ، وَلَوْ تَأَخَّرَ الْأَيْمَنُ قَبْلَ إحْرَامِ الدَّاخِلِ لِيُصَلِّيَا خَلْفَهُ جَازَ، وَفِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ: بل أولى؛ لأنه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ. فَإِنْ بَانَ عَدَمُ صِحَّةِ مُصَافَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْمُرَادُ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ، فَيَجِيءُ الْوَجْهُ: يَصِحُّ مُنْفَرِدًا، وَكَصَلَاتِهِمْ قُدَّامَهُ فِي صِحَّةِ2 صَلَاتِهِ وَجْهَانِ. يَعْنِي إذَا صَلَّوْا قُدَّامَ الْإِمَامِ، وَقُلْنَا لَا تصح صلاتهم، فهل تصح صَلَاةُ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ "الْحَاوِيَيْنِ":

أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ صَلَاتُهُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْمُحَرَّرِ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِمَنْ يُصَلِّي قُدَّامَهُ مَعَ عِلْمِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ الْإِمَامَةَ بِالرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ بِمَنْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ ظَنًّا وَاعْتِقَادًا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ فَصَلَّوْا قُدَّامَهُ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ، عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَالِ، كَمَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ مَنْ عادته حضور جماعة عنده، انتهى.

1 في "ط": "غصبت".

2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

ص: 38

لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَكَتَفَاوُتِ إحْرَامِ اثْنَيْنِ خَلْفَهُ، ثُمَّ إنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ أَحَدِهِمَا تَقَدَّمَ الْآخَرُ إلَى الصَّفِّ، أَوْ إلَى يَمِينِ الْإِمَامِ، أَوْ جَاءَ آخَرُ، وَإِلَّا نَوَى الْمُفَارِقَةَ، وَلَوْ أَدْرَكَهُمَا جَالِسِينَ أحرم، ولا تأخير1 إذًا؛ لِلْمَشَقَّةِ، وَقِيلَ: إنْ وَقَفَ إمَامٌ بَيْنَهُمَا فَفِي الْكَرَاهَةِ "وهـ" احْتِمَالَانِ.

وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي الْفَذِّ: قَامَ مَقَامًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَهُ مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِالنَّهْيِ، لِأَجْلِ صَلَاتِهِ، فَفَسَدَتْ، كقدام الإمام، وَوُقُوفُهُ إلَى جَنْبِ امْرَأَةٍ مُشْتَرِكَانِ فِي النَّهْيِ، وَوُقُوفُ الْإِمَامِ وَسَطَ الصَّفِّ مُشْتَرِكُونَ فِي النَّهْيِ، وَوُقُوفُ الْإِمَامِ خَلْفَ الْمَأْمُومِ نَهَى عَنْهُ لِأَجْلِ فساد صلاة المأموم2، بِدَلِيلِ جَوَازِ وُقُوفِ الْمُنْفَرِدِ حَيْثُ شَاءَ، وَلَا بَأْسَ بِقَطْعِ الصَّفِّ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ خَلْفِهِ، وَكَذَا إنْ بَعُدَ الصَّفُّ مِنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، ويستحب توسطه للصف، للخبر3.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ب" و"ط": "تؤخر".

2 في "ط": "المأمومين".

3 أخرج أبو داود في "سننه""681"، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وسطوا الإمام، وسدوا الخلل".

ص: 39

‌فَصْلٌ وَمَنْ صَلَّى عَنْ يَسَارِهِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ لَمْ يَصِحَّ

، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، وَالشَّيْخُ، وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ أَظْهَرُ "و" وَقِيلَ: إنْ كَانَ خَلْفَهُ صَفٌّ، وَمَنْ صَلَّى فَذًّا خَلْفَهُ رَكْعَةً وَقِيلَ: أَوْ أَحْرَمَ، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً، وَقِيلَ: لِغَيْرِ غَرَضٍ لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: إنْ عَلِمَ النَّهْيَ، وَفِي النَّوَادِرِ رِوَايَةٌ تَصِحُّ لِخَوْفِهِ تَضَيُّقًا، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: لِعُذْرٍ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا "و" وَعَنْهُ: فِي النَّفْلِ، وَبَنَاهُ فِي الْفُصُولِ عَلَى مَنْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ، وَحَيْثُ صَحَّتْ فَالْمُرَادُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَيُتَوَجَّهُ، إلَّا لِعُذْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 40

وَقَالَ فِي التَّعْلِيقِ: يَقِفُ فَذًّا فِي الْجِنَازَةِ، رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا، وَلِأَحْمَدَ1 مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ وَقَالَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي، وَأَنَّهُ أَفْضَلُ إنْ تَعَيَّنَ صَفًّا ثَالِثًا، قَالَ فِي الْفُصُولِ: فَتَكُونُ مَسْأَلَةَ مُعَايَاةٍ.

وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ فَرَكَعَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ، أَوْ وَقَفَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، صَحَّتْ، وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: إنْ عَلِمَ النَّهْيَ. وَإِنْ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَلَمْ يَسْجُدْ وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُوجَزِ: أَوْ سَجَدَ فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: إنْ جهل النهي صحت "م 2".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ فَرَكَعَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ، أَوْ وَقَفَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، صَحَّتْ 2"وَعَنْهُ: لَا. وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ"2 وَإِنْ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَلَمْ يَسْجُدْ وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُوجَزِ: أَوْ سَجَدَ فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: إنْ جَهِلَ النَّهْيَ صَحَّتْ. انْتَهَى، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ فِي الْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4،

1 في مسنده "13270"، عن عبد الله العمري قال: سمعت أم يحيى قالت: سمعت أنس بن مالك يقول: مات ابن لأبي طلحة، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أبو طلحة خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأم سليم خلف أبي طلحة، كأنهم عرف ديك، وأشار بيده.

2 "2 - 2" ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

3 1/432.

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/439.

ص: 41

وَإِنْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ لَمْ تَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَأَطْلَقَ فِي الْفُصُولِ فِيمَا إذَا كَانَ لِغَرَضٍ فِي إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ1 - وجهين، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ، وَلَهُ أَنْ يُنَبِّهَ مَنْ يَقُومُ مَعَهُ بِنَحْنَحَةٍ أَوْ كَلَامٍ، وَيَتْبَعَهُ "م" وَيُكْرَهُ بِجَذْبِهِ فِي الْمَنْصُوصِ "وم" وَقِيلَ: يَحْرُمُ "خ" اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ2 "ابن عقيل" ولو

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ:

إحْدَاهُنَّ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب، وقدمه فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْمُذَهَّبِ: بَطَلَتْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: إنْ عَلِمَ النَّهْيَ لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ، وَنَصَّ عَلَيْهَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَشَرْحِ الطُّوفِيِّ عَلَى الْخِرَقِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي "الْمُغْنِي"4، وَنَصَرَهُ، وَحَمَلَ هُوَ وَالشَّارِحُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: صَرَفَ أَبُو مُحَمَّدٍ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ لِيُوَافِقَ النُّصُوصَ وَجُمْهُورَ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ إنَّمَا هُوَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ الأوليين، والرواية الثالثة

1 أخرج البخاري "783" من حديث أبي بكرة أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"زادك الله حرصا. ولا تعد".

2 بعدها في "ط": "ابن عقيل".

3 ليست في "ط".

4 الذي في "المغني" عدم تقديم رواية التفصيل، وإنما المقدم عدم الصحة. المغني 3/49 - 50.

ص: 42

كَانَ عَبْدَهُ أَوْ ابْنَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حَالَ الْعِبَادَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ غَيْرِهِ فِي زحام "وهـ ش" نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَهُ1 فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، وَعَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ كَرِهَهُ، كَمَنْ يَكْرَهُ التَّرَاصَّ فِي الصف2، ومنعه ابن عقيل، فيومئ ما أمكنه "وم" كَالْبَهِيمَةِ، وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَسْجُدُ إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً. وَكَغَيْرِ حَاجَةٍ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَعَنْهُ: لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ زَوَالَهُ، وَلَوْ احْتَاجَ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فَوَجْهَانِ "م 3" قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ سُجُودٌ إلَّا عَلَى متاع غيره،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

أَضْعَفُ مِنْهُمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، لِكَوْنِهِ لَمْ يُدْخِلْهَا فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا أَقْوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَنْصُوصِ، وَكَثْرَةِ الْأَصْحَابِ، وَلِدَلِيلٍ يُسَاعِدُهَا، والله أعلم.

مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ غَيْرِهِ فِي زِحَامٍ نَصَّ عَلَيْهِ،

وَلَوْ احْتَاجَ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْأَقْوَى عِنْدِي، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ، وَيَلْزَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْجَوَازِ.

1 أخرجه الطيالسي في "مسنده""70"، ومن طرقه أحمد في "مسنده""217"، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/182 - 183.

2 في "ط": "الصفوف".

ص: 43

صَحَّتْ، كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَجَعَلَ طَرَفَ الْمُصَلِّي وَذَيْلَ الثَّوْبِ أَصْلًا لِلْجَوَازِ، نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يَقُومُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ.

وَلَا يَصِحُّ وُقُوفُ امْرَأَةٍ فَذًّا، وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي1، وَإِنْ وَقَفَتْ مَعَ رَجُلٍ فَقَالَ جَمَاعَةٌ: فَذًّا، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْوَفَاءِ "م 4" وَإِنْ وَقَفَتْ مَعَ رِجَالٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ من يليها "هـ"2 وَخَلْفَهَا "هـ"3 فِيهِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَاخْتَارَهُ جماعة،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 4: وَإِنْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ فَقَالَ جَمَاعَةٌ: فَذًّا يَعْنِي الرَّجُلَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْوَفَاءِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ4، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ:

إحْدَاهُمَا: يَكُونُ فَذًّا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْت: مِنْهُمْ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الْبَنَّا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَكُونُ فَذًّا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ كما قال المصنف.

1 1/433.

2 ليست في "ط".

3 بعدها في "ط": "فيهما".

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/431.

5 3/54.

6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/430.

ص: 44

كَوُقُوفِهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيمَنْ يَلِيهَا رِوَايَةً تُبْطِلُ، وَفِي الْفُصُولِ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ وَأَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْمَنْصُوصِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ: وَمَنْ خَلْفَهَا، وَقِيلَ: وَأَمَامَهَا، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهَا "وَ" خِلَافًا لِلشَّرِيفِ وَأَبِي الْوَفَاءِ، لِلنَّهْيِ عَنْ وُقُوفِهَا، وَالْوُقُوفِ مَعَهَا، فَهُمَا سَوَاءٌ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: لَمَّا أُمِرَ الرَّجُلُ قَصْدًا بِتَأْخِيرِهَا فَتَرَكَ الْفَرْضَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَمَّا أُمِرَتْ هِيَ ضِمْنًا أَثِمَتْ فَقَطْ، فَزَادُوا عَلَى الكتاب فرضا1 بِخَبَرِ الْوَاحِدِ: وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُ مَشْهُورٌ، فَيَلْزَمُهُمْ فَرْضِيَّةُ الفاتحة والطمأنينة وغير ذلك، وَشَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ لِلْمُحَاذَاةِ شُرُوطًا يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَالْتَزَمَ الْحَنَفِيَّةُ صِحَّةَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَاعْتَذَرُوا بِالنَّهْيِ عَنْ حضورها، فلم 2يؤخذ علينا2 تَرْتِيبٌ فِي الْمَقَامِ فِيهَا، وَالْتَزَمَ الْقَاضِي أَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ حُضُورِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، فَلَا فَرْقَ، والأولى ما سبق من

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ط".

2 "2 - 2" في "ط": "يؤخذ عليها".

ص: 45

عَدَمِ النَّهْيِ فِي الْكُلِّ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ فَتَكُونُ مَأْمُورَةً وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهَا.

وَصَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ لَا يَمْنَعُ اقْتِدَاءَ مَنْ خَلْفَهُنَّ مِنْ الرِّجَالِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ صَفٍّ، لِتَأَكُّدِ إسَاءَتِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ، بِخِلَافِ امْرَأَةٍ فِي صَفِّ رِجَالٍ، فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا أَبْطَلَا صَلَاةَ اثْنَيْنِ عَنْ جَنْبَيْهَا، وَثَالِثٍ خَلْفَهَا يُحَاذِيهَا، وَإِنْ أَمَّهَا رَجُلٌ وَقَفَتْ خَلْفَهُ، وَإِنْ وَقَفَتْ عَنْ يَسَارِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: إنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهَا وَلَا مَنْ يَلِيهَا فَكَرَجُلٍ، وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَصِحُّ إنْ وَقَفَتْ يَمِينَهُ، وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ فِي تَقْدِيمِهَا أَمَامَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ.

وَفِي التَّعْلِيقِ فِي الصَّلَاةِ قُدَّامَ الْإِمَامِ قَالَ: إذَا كَانَ الْإِمَامُ رَجُلًا وَهُوَ عُرْيَانُ، وَالْمَأْمُومُ امْرَأَةً، فَإِنَّهَا تَقِفُ إلَى جَنْبِهِ. وَإِنْ وَقَفَ الْخَنَاثَى صَفًّا،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 46

وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ رَجُلٍ بِجَنْبِ امْرَأَةٍ، وَلَا صَلَاتُهَا، وَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فَذًّا بِوُقُوفِهِ مَعَهَا، صح، وإلا فلا وقال صاحب "المحرر": وإلا بعد1 الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِمْ صَفًّا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ قَوْلُهُمْ بِأَنَّ الْفَسَادَ يَقَعُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَنِيِّ والريح من غير معين، فإن سلمنا بناء2 عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ، وَإِلَّا مَنَعْنَا الْحُكْمَ فِيهِمَا. وَإِنْ أَمَّ رَجُلٌ خُنْثَى صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، فقيل: يقف عن يمينه، وقيل: خلفه "م 5".

وَانْعِقَادُ الْجَمَاعَةِ بِالصَّبِيِّ وَمُصَافَّتِهِ كَإِمَامَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، وَفَرْضُهُ نَفْلٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، فَيَقِفُ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ خَلْفَهُ، وَهُوَ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَّ رَجُلٌ خُنْثَى صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، فَقِيلَ: يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، وَقِيلَ: خَلْفَهُ انْتَهَى:

أَحَدُهُمَا يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي عَلَى أَصْلِنَا أَنَّهُ يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، لِأَنَّ وُقُوفَ الْمَرْأَةِ جَنْبَ الرَّجُلِ غَيْرُ مُبْطِلٍ، وَوُقُوفَهُ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا فَذًّا، وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي الْبُطْلَانِ بِهِ، قَالَ: وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا بِفَهْمٍ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ سَهْوٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. انْتَهَى، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقِفُ خَلْفَهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي المستوعب.

1 في "ط": "الأبعد".

2 في "ب" و"ط": "بني".

3 3/57.

ص: 47

أَظْهَرُ "و" وَعَلَى الْأَوَّلِ: عَنْ يَمِينِهِ أَوْ جَانِبَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْخِلَافِ هَذَا وَرِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ: عَنْ جَانِبَيْهِ، وَمَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صَحَّتْ مُصَافَّتُهُ، وَإِلَّا فَلَا، إلَّا مَنْ جَهِلَ حَدَثَ نَفْسِهِ وَجَهِلَ مُصَافَّةً "و" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: كَجَهْلِ مَأْمُومٍ حَدَثَ إمَامٍ، عَلَى مَا سَبَقَ، وَفِي الْفُصُولِ: إنْ بَانَ مُبْتَدِعًا أَعَادَ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا يُؤَمُّ، بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ، فَإِنَّ الْمُتَيَمِّمَ يُؤَمُّ.

وَإِمَامَةُ النِّسَاءِ تَقِفُ فِي صَفِّهِنَّ وَسَطًا، وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ تَقْدِيمُهَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا:"تُصَلِّي مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ وَلَا تَقْدَمُهُنَّ"1.

1 لم نجده من حديث أسماء بنت يزيد، وقد أخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/620، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 1/408، من حديث أسماء بنت أبي بكر، وأورده الزيلعي في "نصب الراية" 2/32.

ص: 48

‌فَصْلٌ: وَمَنْ لَمْ يَرَ الْإِمَامَ وَلَا مَنْ وَرَاءَهُ صَحَّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ إذَا سَمِعَ التكبير

،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 48

وَهُوَ وَالْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ "وم ش" وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: يَصِحُّ فِي النَّفْلِ: وَعَنْهُ:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 49

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 52

والفرض مطلقا، "وهـ1" كَظُلْمَةٍ وَضَرَرٍ وَعَنْهُ: لَا يَضُرُّ الْمِنْبَرُ، وَعَنْهُ: لِجُمُعَةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ رَآهُ أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ2 فِي بَعْضِهَا فِي الْمَسْجِدِ، صَحَّ، وَكَذَا خَارِجَهُ مَعَ إمْكَانِ الِاقْتِدَاءِ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ "وَهـ" وَلَوْ جَاوَزَ ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ "ش" أَوْ كَانَتْ جُمُعَةً فِي دَارٍ وَدُكَّانٍ "م" وَجَزَمَ فِي الْخِرَقِيِّ وَالْكَافِي3، وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهَا بِاعْتِبَارِ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ "خ" عُرْفًا، وَزَادَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ: أَوْ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ بِالدُّنُوِّ مِنْ الْإِمَامِ، إلَّا4 مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، واعتبر في المغني5 اتصال الصفوف،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ط".

2 في الأصل: "رآه".

3 1/438.

4 في الأصل "لا".

5 3/45.

ص: 53

وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِبُعْدٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ، وَلَا يُمْنَعُ الِاقْتِدَاءُ، وَاعْتَبَرَهُ فِي "الشَّرْحِ1"، وَفَسَّرَهُ بِبُعْدٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِحَيْثُ يَمْنَعُ إمْكَانَ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ، فَرَجَعَ إلَى الْعُرْفِ.

وَقِيلَ: يُمْنَعُ شُبَّاكٌ وَنَحْوُهُ، وَحُكِيَ رِوَايَةً، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مَعَ الْقُرْبِ الْمُصَحَّحِ نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ، أَوْ طَرِيقٌ وَلَمْ تَتَّصِلْ فِيهِ الصُّفُوفُ، إنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ صَفَّيْنِ مَا يَقُومُ فِيهِ صَفٌّ آخَرُ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، لِلْحَاجَةِ إلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ يَصِحَّ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِلْآثَارِ2 "وَهـ" وَعَنْهُ: صَحَّ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ "وَم ش".

وَقَالَ صَاحِبُ "الْمُحَرَّرِ": وَهُوَ الْقِيَاسُ تُرِكَ لِلْآثَارِ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ بِسَفِينَةٍ وَإِمَامُهُ بِأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَاءَ طَرِيقٌ وَلَيْسَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ، وَالْمُرَادُ: فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَلْحَقَ الْآمِدِيُّ بِالنَّهْرِ النَّارَ وَالْبِئْرَ، وَقِيلَ: وَالسَّبُعُ، وَقَالَهُ أبو المعالي في الشوك والنار.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/447.

2 هو ما مر ص 49 من قول عائشة رضي الله عنها: "..... فإنكن دونه في حجاب".

ص: 54

‌فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عُلُوُّ الْإِمَامِ كَثِيرًا

"وهـ م" لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي خَبَرٍ سَهْلٍ1 يدل أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ. وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يُرِدْ التَّعْلِيمَ "وَش" وَقِيلَ: إنْ فَعَلَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ "وَم" وَإِنْ سَاوَاهُ بَعْضُهُمْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ فِي الْأَصَحِّ "وَم" زَادَ بَعْضُهُمْ: بِلَا كَرَاهَةٍ "وَهـ" وَفِي النَّازِلِينَ إذًا الْخِلَافُ، وَالْكَثِيرُ ذِرَاعٌ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَدَّرَهُ أَبُو الْمَعَالِي بِقَامَةِ الْمَأْمُومِ، لِحَاجَتِهِ إلَى رَفْعِ رَأْسِهِ، وَفِي الْخِلَافِ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَكَذَا عَلَّلَهُ فِي الْفُصُولِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ مَكْرُوهٌ. وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَالْقَوْلَيْنِ، وَلَا بَأْسَ بِعُلُوِّ الْمَأْمُومِ، نَصَّ عَلَيْهِ "ش" وَلَا يُعِيدُ الْجُمُعَةَ مُصَلِّيهَا فَوْقَ الْمَسْجِدِ "م" وَيُكْرَهُ وُقُوفُ الْإِمَامِ فِي الْمِحْرَابِ بِلَا حَاجَةٍ "وَهـ" كَضِيقِ الْمَسْجِدِ، وَعَنْهُ: لَا، كَسُجُودِهِ فِيهِ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ.

وَاِتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ مُبَاحٌ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا أُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الطَّاقِ، وَقَدْ كَرِهَهُ عَلِيٌّ2، وَابْنُ مَسْعُودٍ2، وَابْنُ عمر3،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه البخاري "377"، ومسلم "544""44"، من طريق أبي حازم، قال: سألوا سهل بن سعد: من أي شيء المنبر؟ فقال: ما بقي بالناس أعلم مني، وهو من أثل الغابة، عمله فلان مولى فلانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ عمل ووضع، فاستقبل القبلة، كبر وقام الناس خلفه، فقرأ وركع وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى، فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر، ثم ركع ثم رفع رأسه، ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض، فهذا شأنه.

2 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/59.

3 لم نجده.

ص: 55

وَأَبُو ذَرٍّ1، وَقَالَ الْحَسَنُ: الطَّاقُ فِي الْمَسْجِدِ أَحْدَثَهُ النَّاسُ، وَكَانَ يَكْرَهُ كُلَّ مُحْدَثٍ2، وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ: لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَتَّخِذُوا فِي مَسَاجِدِهِمْ مَذَابِحَ كَمَذَابِحِ النَّصَارَى3. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ أَيْضًا يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدٍ يُشْرِفُ4. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ إذَا مَرَّ بِمَسْجِدٍ يُشْرِفُ قَالَ: هَذِهِ بِيعَةٌ5. فَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ يَتَوَجَّهُ مِنْهُ كَرَاهَةُ الْمِحْرَابِ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْبَنَّاءِ عَلَيْهِ، فَدَلَّ أَنَّهُ قَالَ بِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمُشْرِفَةِ، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. وَلَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ إلَّا هُنَا، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ، وَكَالْمَسْجِدِ وَالْجَامِعِ، وَفِيهِمَا فِي آخِرِ الرِّعَايَةِ: أَنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالْمُرَادُ: وَلَا يُبْنَى مَسْجِدٌ ضِرَارًا.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: يَبْنِي مَسْجِدًا إلَى جَنْبِ مَسْجِدٍ؟ قَالَ: لَا يَبْنِي الْمَسَاجِدَ لِيُعَدِّيَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَقَالَ صَالِحٌ: قُلْت لِأَبِي: كَمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه ابن شيبة في "المصنف" 2/60.

2 أخرجه عبد الرزاق في "المصنف""3901"، أن الحسن أم ثابتا البناني، واعتزل الطاق أن يصلي فيه.

3 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/59، بلفظ: لا تتخذوا المذابح في المساجد. وآخر بلفظ: كان أصحاب محمد يقولون: إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد، يعني: الطاقات. وأخرجه بهذا اللفظ الذي ساقه المؤلف. من حديث موسى الجهني قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تزال هذه الأمة....".

4 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 2/439.

5 لم نقف عليه.

ص: 56

يَكُونَ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ إذَا أَرَادُوا أَنْ يَبْنُوا إلَى جَانِبِهِ مَسْجِدًا؟ قَالَ: لَا يُبْنَى مَسْجِدٌ يُرَادُ بِهِ الضِّرَارُ لِمَسْجِدٍ إلَى جَنْبِهِ، فَإِنْ كَثُرَ النَّاسُ حَتَّى يَضِيقَ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبْنَى وَإِنْ قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ. فَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ لَا يُبْنَى لِقَصْدِ الضِّرَارِ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ وَلَا حَاجَةً فَرِوَايَتَانِ، رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بن موسى: لا يبنى، واختاره شيخنا وأنه يجب هدمها، وقاله فِيمَا بَنَى جِوَارَ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ. وَظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ: يُبْنَى "م 6". نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي مِحْرَابٍ يُرِيدُ أَنْ يَنْحَرِفَ عَنْهُ الْإِمَامُ، قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ وَيُحَرَّفَ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَسْجِدِ بَيْتُ غَلَّةٍ، وَلَوْ جُعِلَ فَوْقَ الْحَوَانِيتِ مَسْجِدًا وَغَلَّتُهَا لِرَجُلٍ، قَالَ: هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، قِيلَ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: وَلَا يَبْنِي مَسْجِدًا ضِرَارًا يَعْنِي لمسجد آخر لقربه وإن لَمْ يَقْصِدْ الضِّرَارَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَرِوَايَتَانِ، رواية محمد بن موسى: لا يبنى، واختاره شَيْخُنَا وَأَنَّهُ يَجِبُ هَدْمُهَا، وَقَالَ فِيمَا بَنَى جِوَارَ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ: يَبْنِي. انْتَهَى، الصَّحِيحُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدين، والله أعلم.

تَنْبِيهٌ: لَيْسَ فِي بَابِ الْعُذْرِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَبَابِ صَلَاةِ الْمَرْضَى شَيْءٌ مِنْ المسائل التي فيها الخلاف المطلق.

فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

ص: 57

لَهُ: فَتَخْتَارُ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِ؟ قَالَ: لَا، وَيُكْرَهُ تَطَوُّعُهُ مَوْضِعَ الْمَكْتُوبَةِ بِلَا حَاجَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "وَهـ م" وَقِيلَ: تَرْكُهُ أَوْلَى كَالْمَأْمُومِ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 58

وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الْوُقُوفُ بَيْنَ السَّوَارِي، قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهَا تَقْطَعُ الصَّفَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَتَكُونُ سَارِيَةً عَرْضُهَا مَقَامُ ثَلَاثَةٍ بِلَا حَاجَةٍ وَيَتَوَجَّهُ أَكْثَرُ، أَوْ الْعُرْفُ، وَمِثْلُهُ نَظَائِرُهُ وَلِهَذَا لَمَّا جَزَمَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ إلَى الْعُرْفِ، وَبَحَثَ مَعَ الشَّافِعِيَّةِ فِي تَقْدِيرِهِمْ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ قَالَ: الْقَدْرُ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ حَدِّ الْقِلَّةِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، وَلِهَذَا جَعَلُوا خِيَارَ الشَّرْطِ ثَلَاثًا، وَقَالُوا: الثَّلَاثُ آخِرُ حَدِّ الْقِلَّةِ، وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ جَعَلُوا الثلاث في حد الكثرة، وَمَا دُونَ الثَّلَاثِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، وَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ وَعَنْهُ:"لَا" يُكْرَهُ "وَ" كَالْإِمَامِ، وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ غَيْرِ إمَامٍ مَكَانًا بِالْمَسْجِدِ لَا يُصَلِّي فَرْضَهُ إلَّا بِهِ. وَيُبَاحُ ذَلِكَ فِي النَّفْلِ، جَمْعًا بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ1.

وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ دَوَامُهُ بِمَوْضِعٍ مِنْهُ، وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ وَيَكْرَهُ إيطَانَهَا. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَتْ فَاضِلَةً "ش" وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ مِنْ تَحَرِّي نَقْرَةِ الْإِمَامِ؛ لأن عتبان2 لما

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 الخبر الأول: هو ما تقدم من حديث المغيرة بن شعبة، والخبر الثاني هو خبر سلمة بن الأكوع الآتي في الصفحة التالية.

2 هو: عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان الأنصاري، السالمي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: شهد بدرا، كان ضرير البصر، ثم عمي بعد. مات في خلافة معاوية. "تهذيب الكمال" 19/296. والحديث أخرجه البخاري "424" ومسلم "33" "54".

ص: 59

لَمْ يَسْتَطِعْ، الْمَسْجِدَ طَلَبَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان فِي بَيْتِهِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ وَلِلْبُخَارِيِّ1: اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا.

وَلِأَنَّ سَلَمَةَ2 كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ، وَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَنَهْيُهُ عليه السلام عَنْ إيطَانِ المكان كإيطان البعير4، فيه تميم ابن مَحْمُودٍ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ5: فِي إسْنَادِ حَدِيثِهِ نَظَرٌ. ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى مَكَان مَفْضُولٍ، أَوْ لِخَوْفِ رِيَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: وَلَوْ كان6 لِحَاجَةٍ، كَاسْتِمَاعِ حَدِيثٍ، وَتَدْرِيسٍ، وَإِفْتَاءٍ، وَنَحْوِهِ، وَيَتَوَجَّهُ: لا، وذكره بعضهم اتفاقا لأنه يقصد.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في صحيحه "840".

2 هو: أبو مسلم بن عمرو بن الأكوع، المدني. شهد بيعة الرضوان تحت الشجرة. "ت 74 هـ" بالمدينة. "تهذيب الكمال" 11/301.

3 البخاري "502"، ومسلم "509" "263". ومكان المصحف هو: المكان الذي وضع فيه صندوق المصحف في المسجد النبوي الشريف، وذاك المصحف هو الذي سمي إماما من عهد عثمان رضي الله عنه، وكان في ذلك المكان أسطوانة تعرف بأسطوانة المهاجرين، وكانت متوسطة في الروضة الشريف.

4 أخرجه أحمد في "مسنده""15532"، وابن ماجه "1429"، من حديث عبد الرحمن بن شبل، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ينهى عن ثلاث: عن نقرة الغراب، وعن افتراش السبع، وأن يوطن الرجل المقام كما يوطن البعير.

5 نقله في "ميزان الاعتدال" 1/360.

6 ليست في "ط".

ص: 60

‌‌

‌باب العذر في ترك الجمعة والجماعة

باب العذر في ترك الجمعة والجماعة

بَابُ الْعُذْرِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ

يُعْذَرُ فِيهِمَا بِمَرَضٍ، وَبِخَوْفِ حُدُوثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِإِتْيَانِهَا رَاكِبًا، أَوْ مَحْمُولًا، أَوْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِهِ، أَوْ بِأَنْ يَقُودَ أَعْمَى لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَقِيلَ: لَا، كَالْجَمَاعَةِ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي الْجُمُعَةِ: يَكْتَرِي وَيَرْكَبُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ضَعْفٍ عَقِبِ الْمَرَضِ، فَأَمَّا مَعَ الْمَرَضِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِبَقَاءِ الْعُذْرِ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ فَيَعْجِزُ عَنْ الْجَمَاعَةِ يَوْمَيْنِ مِنْ التَّعَبِ، قَالَ: لَا أَدْرِي، وَبِمُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ.

وَبِحَضْرَةِ طَعَامٍ هو1 مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَيَشْبَعُ، لِخَبَرِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ2، وَلَا يَعْجَلْنَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، وَعَنْهُ: مَا يُسْكِنُ نَفْسَهُ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي الْجُمُعَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ، إنْ بَدَأَ بِالطَّعَامِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ ابْتَدَرَ إلَى الصَّلَاةِ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ يَأْكُلُ مِنْهَا فَقَامَ وَصَلَّى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3، كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، وَبِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، وَلَوْ تعمد سبب المال،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "س" و"ط".

2 البخاري "672"، ومسلم "577""64"، بلفظ:"ولا تعجلوا عن عشائكم"، واللفظ الذي ساقه المؤلف هو من حديث ابن عمر، الذي رواه البخاري "673"، ومسلم "559""66".

3 البخاري "208"، ومسلم "355""92".

ص: 61

خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ فِي الْجُمُعَةِ، قَالَ: كَسَائِرِ الْحِيَلِ لِإِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ، كَذَا أَطْلَقَ، وَاسْتَدَلَّ.

وَعَنْهُ: إنْ خَافَ ظُلْمًا فِي مَالِهِ فَلْيَجْعَلْهُ وِقَايَةً لِدِينِهِ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ. أَوْ ضَائِعٌ يَرْجُوهُ، أَوْ مَعِيشَةٌ يَحْتَاجُهَا، أَوْ مَالٌ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِهِ، وبخوف معسر حبسه، أو لزه1، أَوْ تَطْوِيلُ إمَامٍ، أَوْ مَوْتُ قَرِيبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. أَوْ تَمْرِيضُهُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيهِ: وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الجمعة.

وفي النصيحة: وليس له من2 يَخْدُمَهُ إلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ حُضُورِهِ، أَوْ رَفِيقِهِ أَوْ فَوْتِ رُفْقَتِهِ، وَبِغَلَبَةِ نُعَاسٍ يَخَافُ فَوْتَهَا فِي الْوَقْتِ، وَكَذَا مَعَ الْإِمَامِ، وَقِيلَ: فِي الْجَمَاعَةِ لَا الْجُمُعَةِ، وَقِيلَ: لَا، فِيهِمَا.

وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُعْذَرُ فِيهِمَا: بِخَوْفِهِ نَقْضَ وُضُوئِهِ بِانْتِظَارِهِ، وَبِالتَّأَذِّي بِمَطَرٍ، أَوْ وَحْلٍ "م"3 فِي الْجُمُعَةِ، وَعَنْهُ: سَفَرًا، وَبِرِيحٍ بَارِدَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُهُمْ: مُظْلِمَةً، وَقِيلَ: رِيحٌ شَدِيدَةٌ، وَعَنْهُ: سَفَرًا، وَعَنْهُ: كُلُّهَا عُذْرٌ فِي سَفَرٍ لَا حَضَرٍ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ زَادَ مُسْلِمٌ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ إذَا قُلْت أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السفر،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 لز به لزا، من باب قتل: لزمه. "المصباح": "لزز".

2 في "ط": "أن".

3 في "ط": "و".

ص: 62

أَنْ يَقُولَ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ. وَلَمْ يَقُلْ ابْنُ مَاجَهْ1: فِي السَّفَرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا2، فَدَلَّ عَلَى الْعَمَلِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي الْجَمْعِ وَفِي الْفُصُولِ: يُعْذَرُ فِي الْجُمُعَةِ بِمَطَرٍ وَبَرْدٍ وَخَوْفٍ وَفِتْنَةٍ، كَذَا قَالَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: مَنْ قَدَرَ يَذْهَبُ فِي الْمَطَرِ فَهُوَ لَهُ أَفْضَلُ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، ثم قال: لو قلنا: يسعى3 مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ لَأَذْهَبْت الْخُشُوعَ، وَجَلَبْت السَّهْوَ، فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَقَالَ: وَالزَّلْزَلَةُ عُذْرٌ؛ لِأَنَّهَا نَوْعُ خَوْفٍ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ أَنَّ التَّجَلُّدَ عَلَى دَفْعِ النُّعَاسِ وَيُصَلِّي مَعَهُمْ أَفْضَلُ، وَأَنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ مَا يَرْجُوهُ لَا مَا يَخَافُ تَلَفَهُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرُّخَصَ غَيْرُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْجُمُعَةِ4، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَذْهَبَ الْخُشُوعَ كَالْحَرِّ الْمُزْعِجِ عُذْرٌ، وَلِهَذَا جَعَلَهُ أَصْحَابُنَا كَالْبَرْدِ الْمُؤْلِمِ فِي مَنْعِ الْحُكْمِ وَالْإِفْتَاءِ.

وَيُكْرَهُ حُضُورُ الْمَسْجِدِ لِمَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ فُجْلًا وَنَحْوَهُ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ خَلَا الْمَسْجِدُ من

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في سننه "937".

2 الأول: البخاري "901"، مسلم "669""28"، الثاني: البخاري "632"، مسلم "697""22".

3 في "ط": "ينبغي".

4 ص 194.

ص: 63

آدَمِيٍّ، لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ، وَالْمُرَادُ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَسْجِدٍ، وَلَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ قَوْلِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفُصُولِ: تُكْرَهُ صَلَاةُ مَنْ أَكَلَ ذَا رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مَعَ بَقَائِهَا، أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا.

وَفِي "الْمُغْنِي1" فِي الْأَطْعِمَةِ: "يُكْرَهُ" أَكْلُ "كُلِّ" ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ لِأَجْلِ رَائِحَتِهِ "مِنْهُ" أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ:"بَابُ مَا تُجَنَّبُ الْمَسَاجِدُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ فِيهَا لِحُرْمَتِهَا". وَمِمَّا ذُكِرَ خَبَرُ جَابِرٍ2 الْمَذْكُورِ لِخَبَرِ أَنَسٍ: "مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا وَلَا يُصَلِّي مَعَنَا". وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ: "فَلَا يَأْتِيَنَّ الْمَسَاجِدَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا3، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ:"فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ".

وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ"4 أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ عَنْ الْبَصَلِ وَالثُّومِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إلَى الْبَقِيعِ. وَتَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُغِيرَةَ فِي الْمَسْجِدِ وقد أكل ثوما،

1 13/351.

2 أخرجه البخاري "854"، ومسلم "564""74".

3 خبر أنس أخرجه البخاري "856"، وسلم "562""70"، وخبر ابن عمر أخرجه البخاري:"853"، ومسلم "561""68".

4 لم أجده عند البخاري، وهو عند مسلم "567""78".

ص: 64

وَقَالَ: إنَّ لَك عُذْرًا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد1، وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ، وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ إنْ حَرُمَ دُخُولُهُ وَجَبَ إخْرَاجُهُ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ. وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ: إذَا شَمَّ الْإِمَامُ رِيحَ الثُّومِ يَنْهَاهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَقُولُ: لَا تُؤْذُوا أَهْلَ الْمَسْجِدِ بِرِيحِ الثُّومِ.

وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِإِخْرَاجِ رَجُلٍ مِنْ الْمَسْجِدِ شَمَّ مِنْهُ رِيحَ الثُّومِ2. قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: يَقْطَعُ الرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ مِنْ الْمَأْكُولِ مَضْغُ السَّذَابِ3 أَوْ السُّعْدِ4. وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ بِهِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَلِهَذَا سَأَلَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ النَّفْطِ يُسْرَجُ بِهِ، قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ يُتَأَذَّى بِرَائِحَتِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ.

وَيُعْذَرُ مَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ إنْ رَجَا الْعَفْوَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: وَلَوْ رَجَاهُ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أحمد في "مسنده""18176" و"18205"، وأبو داود "3826". لكن في قول المصنف: حديث صحيح، نظر؛ فإن رجاله وإن كانوا في بعض الطرق من رجال الشيخين، فإن الدارقطني رحمه الله، قد رجح إرساله، فقال في "العلل" 7/140: وكأن المرسل هو الأقوى، وبهذا يخرج عن حد الصحيح.

2 تقدم تخريجه آنفا، من حديث عمر بن الخطاب.

3 السذاب: جنس نباتات طيبة، من الفصيلة السذابية، له رائحة قوبة خاصة. "المعجم الوسيط":"السذاب".

4 السعد، بالضم وكحبارى: طيبة معروف، وفيه منفعة عجيبة في القروح التي عسر اندمالها. "القاموس":"سعد".

ص: 65

عَلَى مَالٍ، لَا مَنْ عَلَيْهِ حَدٌّ، أَوْ "حَدُّ" قَذْفٍ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ إنْ رَجَا الْعَفْوَ. وَلَا يُعْذَرُ بِمُنْكَرٍ فِي طَرِيقِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لِنَفْسِهِ لَا قَضَاءُ حَقٍّ لِغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: كَمَا لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ لِأَجْلِ مَا يَتْبَعُهَا مِنْ نَوْحٍ وَتَعْدَادٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، كَذَا هُنَا، كَذَا قَالَ، وَلَا بِالْجَهْلِ بِالطَّرِيقِ إذَا وَجَدَ من يهديه، وكذا بالعمى.

وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: الْإِسْقَاطُ بِهِ هُوَ مُقْتَضَى النَّصِّ، وَفِي الْفُصُولِ: الْمَرَضُ وَالْعَمَى مَعَ عَدَمِ الْقَائِدِ لَا يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الْمُجَاوِرِ فِي الْجَامِعِ "وَالْمُجَاوِرِ" لَهُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: وَيَلْزَمُهُ إنْ وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَائِدِ، كَمَدِّ الْحَبْلِ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ، قَالَ فِي الْفُنُونِ أَيْضًا: وَمَعْنَاهُ لِغَيْرِهِ، وَيُصَلِّي جُمُعَةً فِيهَا دُعَاءٌ لِبُغَاةٍ، وَيُنْكِرُهُ بِحَسَبِهِ. سبحانه وتعالى أعلم.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 66

‌باب صلاة المريض

‌مدخل

باب صلاة المريض

يُصَلِّي قَائِمًا "ع" وَلَوْ مُعْتَمِدًا بِشَيْءٍ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَلْزَمُهُ اكْتِرَاءُ مَنْ يُقِيمُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَقَّ لِضَرَرٍ أَوْ تَأَخُّرِ برء فقاعدا "و" ويتربع "وم" نَدْبًا "وَ" وَقِيلَ، وُجُوبًا وَيَثْنِي رِجْلَيْهِ كَمُتَنَفِّلٍ.

قَالَ فِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ: وَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَرْتَفِعَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا رَكَعَ قَاعِدًا، وَعَنْهُ: إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ تَرَبَّعَ، وَإِلَّا افْتَرَشَ، وَلَا يَفْتَرِشُ مُطْلَقًا "هـ ر ق" وَعَنْهُ: لَا يَقْعُدُ إلَّا إنْ عَجَزَ عَنْ قِيَامِهِ لِدُنْيَاهُ. وَأَسْقَطَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ "الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ" بِضَرَرٍ1 مُتَوَهَّمٍ، وَأَنَّهُ لَوْ تَحَمَّلَ الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ حَتَّى ازْدَادَ مَرَضُهُ أَثِمَ، وَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُسْقِطُ فَرْضَهُ بِالتَّوَهُّمِ، فَلَوْ قِيلَ لَهُ: لَا تَأْمُرْ عَلَى فُلَانٍ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُك لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ لِذَلِكَ2، يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ: إنَّ الْأَصْحَابَ بَلْ وَالْإِمَامَ أَحْمَدَ إنَّمَا اعْتَبَرُوا الْخَوْفَ وَهُوَ ضِدُّ الْأَمْنِ، وَقَدْ قَالُوا: يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ إذَا لَمْ يُؤَمَّنْ هُجُومَ الْعَدُوِّ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ: إنَّ مِنْ شَرْطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ خَوْفَ التَّلَفِ، وَكَذَا أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ اعْتَبَرُوا الْخَوْفَ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ3.

وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إذَا كَانَ قِيَامُهُ يُوهِنُهُ وَيُضْعِفُهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَيُصَلِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَاعِدًا إن أمكن معه الصوم.

1 ليست في الأصل.

2 في الأصل: "كذلك".

3 1/179 وما بعدها.

ص: 67

وَإِنْ شَقَّ قَاعِدًا وَالْمَذْهَبُ: وَلَوْ بِتَعَدِّيهِ بِضَرْبِ سَاقِهِ كَتَعَدِّيهَا بِضَرْبِ بَطْنِهَا فَنَفَّسَتْ كَمَا سَبَقَ1 فَعَلَى جَنْبِهِ، وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ وَإِنْ تَرَكَهُ قَادِرًا وَصَلَّى عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ كُرِهَ وَيَصِحُّ، وَعَنْهُ: لَا، "وَش" وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ: يُصَلِّي عَلَى مَا قَدَرَ وَتَيَسَّرَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ: كَيْفَ شَاءَ، كِلَاهُمَا جَائِزٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِلْقَاءُ أَوَّلًا "هـ" وَيَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ مَا أَمْكَنَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَأَقَلُّ رُكُوعِهِ مُقَابَلَةُ وَجْهِهِ مَا وَرَاءَ رُكْبَتَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ أَدْنَى مُقَابَلَةٍ، وَتَتِمَّتُهَا الْكَمَالُ. وَجَعْلُ سُجُودِهِ أَخْفَضُ، وَإِنْ سَجَدَ مَا أَمْكَنَهُ عَلَى شَيْءٍ رَفَعَهُ كره وأجزأه2. نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رواية: لا يجزئه، كيده. ولا بأس

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 1/396.

2 في "ط": "وصح".

ص: 68

بِسُجُودِهِ عَلَى وِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا، وَعَنْهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِيمَاءِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ أُمِّ سَلَمَةَ1، وَابْنِ عَبَّاسٍ2، وَغَيْرِهِمَا3.

قَالَ: وَنَهَى عَنْهُ ابْنُ مسعود4، وابن عمر5. وإن عجز، أومأ6 بِطَرَفِهِ، نَاوِيًا، مُسْتَحْضِرًا الْفِعْلَ وَالْقَوْلَ إنْ7 عَجَزَ عنه بقلبه، كأسير عاجز لِخَوْفِهِ.

قَالَ أَحْمَدُ: لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ مَعَ عَقْلِهِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: صَلَّى بِقَلْبِهِ أَوْ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرج عبد الرزاق في "المصنف""4145"، وابن شيبة في "المصنف" 1/272، عن أم سلمة كانت تصلي على وسادة من رمد بعينيها.

2 أخرج عبد الرزاق في "المصنف""4146"، وابن أبي شيبة في "المصنف" 1/271 - 272، عن أبي فزارة قال: سألت ابن عباس عن المريض يسجد على المرفقة الطاهرة، فقال: لا بأس به.

3 أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" 1/272، عن أنس، أنه سجد على مرفقة.

4 أخرج عبد الرزاق "4144"، وابن أبي شيبة 1/274، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/308، عن علقمة والأسود أن ابن مسعود دخل على أخيه عتبة يعوده وهو مريض، فرأى مع أخيه مروحة يسجد عليها، فانتزعها منه عبد الله، وقال: اسجد على الأرض، فإن لم تستطع فأومئ إيماء.... الخ.

5 أخرج عبد الرزاق "4137" و"4138"، وابن أبي شيبة 1/272، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/306 – 307، عن عطاء قال: دخل ابن عمر على صفوان، فوجده يسجد على وسادة فنهاه، وقال: أومئ، واجعل السجود أخفض من الركوع.

6 في "ط": "أدى".

7 في الأصل: "وإن".

ص: 69

طَرْفِهِ. وَفِي الْخِلَافِ: أَوْمَأَ بِعَيْنَيْهِ، وَحَاجِبَيْهِ، أَوْ قَلْبِهِ، وَقَاسَ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِيمَاءُ بِيَدَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَلْزَمَهُ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: يُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَيُومِئُ، قَالَ: فَأَطْلَقَ وُجُوبَ الْإِيمَاءِ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ1، وَعَلَى أَنَّ الطَّرْفَ مِنْ مَوْضِعِ الْإِيمَاءِ، وَالْيَدَانِ لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي الْإِيمَاءِ بِحَالٍ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ بِطَرْفِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ2 بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَجَالِسًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا" وَأَوْمَأَ بِطَرْفِهِ3 وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَرْفُوعًا، وَلَيْسَ فِيهِ: وَأَوْمَأَ بِطَرْفِهِ. وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

وَكَتَحْرِيكِ لِسَانٍ عَاجِزٍ وَأَوْلَى؛ لأنه لازم للمأمور به. قال في

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": "الأعمال".

2 هو: أبو يحيى، زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الضبي البصري الشافعي، كان من أئمة الحديث له:"اختلاف العلماء" و"علل الحديث". "ت137هـ". "سير أعلام النبلاء". 14/197.

3 رواه البيهقي في "السنن الكبرى" 2/307 – 308 دون قوله: وأومأ بطرفه.

4 في "سننه" 2/42 - 43.

ص: 70

"الْفُنُونِ": الْأَحْدَبُ يُجَدِّدُ لِلرُّكُوعِ نِيَّةً، لِكَوْنِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، كَمَرِيضٍ لَا يُطِيقُ الْحَرَكَةَ يُجَدِّدُ لِكُلِّ فِعْلٍ وَرُكْنٍ قَصْدًا كَفُلْكٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ بِالنِّيَّةِ، وَعَنْهُ: تَسْقُطُ الصَّلَاةُ. اخْتَارَهُ شيخنا "وهـ" لظاهر قوله عليه السلام لعمران: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا1، وَفِي لَفْظٍ:"فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ2، كَذَا قَالَ، وَرَوَى الدَّارِمِيُّ3، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَأَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْحِمَّانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

وَمَنْ صَلَّى فَذًّا أَوْ غَيْرَ قَائِمٍ لِعُذْرٍ فَهَلْ يَكْمُلُ ثَوَابُهُ؟ سَبَقَتْ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ4 وَأَوَّلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ5، ومن ترك العبادة عجزا فهل يكمل

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أحمد في مسنده "19819"، والبخاري "1117"، وأبو داود "952"، والترمذي "372"، وابن ماجه "1223".

2 لم نجده عند النسائي.

3 لم نجده عند الدرامي، ولم يذكره الحافظ في "إتحاف المهرة".

4 2/399.

5 2/417.

ص: 71

ثَوَابُهُ؟ يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي أَخْبَارِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَذِّ: لَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَى الْمُنْفَرِدِ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَا يفعله له1 لولا العذر2.

ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَ أَبِي مُوسَى: إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا3. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا وَحَضَرَهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ4، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: مِثْلَ أَجْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ صَلَّاهَا؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ كَأَحَدِهِمْ، وَكَذَا اخْتَارَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِي حَدِيثِ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ أَنَّ لَهُ أَجْرَ الشَّهِيدِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ5 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ وَمِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ6: مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ط".

2 بعدها في "ط": "يكتب له ثوابه".

3 أخرجه أحمد "19679" والبخاري "2996".

4 أحمد "8947"، وأبو داود "564"، والنسائي في "المجتبي" 2/111، "والكبرى""928".

5 في "صحيحه""1908""156".

6 مسلم "1909""157".

ص: 72

بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1: "مَنْ دَعَا إلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ إثْمِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا".

وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ2: "مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ". وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ3 وَصَحَّحَهُ.

وَعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ مَرْفُوعًا مَثَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلُ أَرْبَعَةٍ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَعْمَلُ فِي مَالِهِ بِعِلْمِهِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ مَالِ فُلَانٍ لَعَمِلْت فِيهِ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا، فَهُوَ يَتَخَبَّطُ فِيهِ لَا يَدْرِي مَا لَهُ مِمَّا عَلَيْهِ؛ وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ مَالِ4 فُلَانٍ لَعَمِلْت فِيهِ مِثْلَ عَمَلِ فُلَانٍ، فَهُمَا فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ5، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ6 الطَّبَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1] ، إلى

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 مسلم في "صحيحه""2674""16".

2 مسلم في "صحيحه""1893 "133".

3 النسائي في "الكبرى""3330" و"3331"، وابن ماجه "1746" والترمذي "807".

4 في "ط": "مثل مال فلان".

5 ابن ماجه "4228"، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/189.

6 في "التفسير" 30/248.

ص: 73

قَوْلِهِ: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 6] ، وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ2 عَنْهُ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ3، وَابْنِ قُتَيْبَةَ4 أَنَّ الْمُؤْمِنَ تُكْتَبُ لَهُ طَاعَاتُهُ الَّتِي كَانَ يَعْمَلُهَا. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، إنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْمُرَادِ بِالْآيَةِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ في5 قَوْله تَعَالَى:{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] فِي الْمَعْذُورِ قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُ مُسَاوِيًا، وَقِيلَ: يُعْطَى أَجْرُهُ بِلَا تَضْعِيفٍ فَيَفْضُلُهُ الْغَازِي بِالتَّضْعِيفِ، لِلْمُبَاشَرَةِ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ:"اُكْتُبُوا لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الصِّحَّةِ"6. وَبِحَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ7، وَبِقَوْلِهِ عليه السلام: "إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمْ الْمَرَضُ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "إلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ8 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ9 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمْ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "التفسير" 30/246.

2 "زاد المسير" 9/172 – 173.

3 أخرجه الطبري في "التفسير" 30/246 – 247.

4 ذكره ابن الجوزي في "زاد الميسر" 9/173.

5 بعدها في "ط": "تفسير".

6 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 3/230، من حديث عبد الله بن عمرو، بنحوه.

7 المتقدم في الصفحة السابقة.

8 في "صحيحه""1911""159".

9 في "صحيحه""2839".

ص: 74

الْعُذْرُ وَلَمْ يُجِبْ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ1 فِيهَا: إنَّهُ فَضَّلَهُمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ أُولِي الضَّرَرِ بِدَرَجَةٍ، وَعَلَى غَيْرِهِمْ بِدَرَجَاتٍ، وَقَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا: هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ وَالتَّكْرَارِ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ2، وَمُقَاتِلٍ، وَالسُّدِّيُّ3، وَابْنُ جُرَيْجٍ4، وَغَيْرِهِمْ.

وَقَالَ قَوْمٌ: التَّفْضِيلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، مُبَالَغَةً، وَبَيَانًا، وَتَأْكِيدًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، كَصَاحِبِ الْمَحْصُولِ فِي تَفْسِيرِهِ فِي الْآيَةِ، وَاخْتَارَهُ الْمَهْدَوِيُّ الْمَالِكِيُّ5، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْمُتَخَلِّفِ عَنْ الْجِهَادِ لِعُذْرٍ: لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ لَا كُلُّهُ مَعَ قَوْلِهِ: مَنْ لَمْ يُصَلِّ قَائِمًا لِعَجْزِهِ ثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا، لَا يَنْقُصُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا. فَفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ فَعَلَ الْعِبَادَةَ عَلَى قُصُورٍ، وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يفعل شيئا.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه الطبري في "التفسير""10242".

2 أخرجه الطبري في "التفسير""10244".

3 أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير""10247".

4 أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير""10252".

5 هو: أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم المهدوي، فقيه من أهل المهدية بالمغرب. له "الهداية". "ت 595 هـ". "الأعلام" 5/296.

ص: 75

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّ التَّفْضِيلَ فِي هَذَا وَفِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَذِّ وَفِي قَوْلِهِ: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَعْذُورِ، قَالَ: وَحَدِيثُ: "ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ" 1 يُبَيِّنُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْخَيْرَ لَيْسَ كَمَنْ عَجَزَ عَنْهُ، وَلَيْسَ مَنْ حَجَّ كَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْحَجِّ، فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ:"مَنْ كَانَ لَهُ حِزْبٌ مِنْ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْهُ أَوْ مَرِضَ، كُتِبَ لَهُ"2. قُلْنَا: لَا نُنْكِرُ تَخْصِيصَ مَا شَاءَ اللَّهُ تَخْصِيصَهُ بِالنَّصِّ، وَإِنَّمَا نُنْكِرُهُ بِالظَّنِّ وَالرَّأْيِ، كَذَا قَالَ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ، وَمَشَى مَعَ الظَّاهِرِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3 عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَقُومَ فَنَامَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى". وَلِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ أَنْ يَقُولَ: الْمُرَادُ نِيَّةُ مَا نَوَى، لَا عَمَلُهُ مِنْ اللَّيْلِ، عَلَى ظَاهِرِهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ4 عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا:"مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كتب له كأنما قرأه من الليل".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه مسلم "1006""53"، من حديث أبي ذر.

2 أورده ابن أبي حزم في المحلى 4/193.

3 أخرجه النسائي في "المجتبى" 3/258، "والكبرى""1459"، وابن ماجه "1344"، من حديث أبي الدرداء، ولم نجده عند أبي داود، وانظر:"إرواء الغليل" 2/204.

4 أحمد "220"، ومسلم "747""142"، أبو داود "1313"، والترمذي "581"، والنسائي في "المجتبي" 3/259، وابن ماجه "1343".

ص: 76

وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ نَوَى الْخَيْرَ وَفَعَلَ مَا يقدر عليه منه، كان له كأجر1 الْفَاعِلِ. ثُمَّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ، وَحَدِيثِ:"إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا". وَحَدِيثِ: "إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ". وَحَدِيثِ: "مَنْ دَعَا إلَى هُدًى"2. قَالَ: وَلَهُ نَظَائِرُ، وَاحْتَجَّ بِهَا فِي مَكَان آخَرَ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] وَقَالَ أَيْضًا عَنْ حَدِيثِ: "إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ": هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَكَانَ يَعْتَادُهَا كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْتَادُهَا لَمْ يُكْتَبْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَالَيْنِ إنَّمَا لَهُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ صَلَاةُ مُنْفَرِدٍ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ إذَا صَلَّى قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا، قَالَ: وَمَنْ قَصَدَ الْجَمَاعَةَ فَلَمْ يُدْرِكْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ مُعَاذٍ لِأَبِي مُوسَى: "أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ ثُمَّ أَقُومُ، فَأَقْرَأُ، فَأَحْتَسِبُ فِي نَوْمَتِي، مَا أَحْتَسِبُ فِي قَوْمَتِي". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.

قَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا نَوَى بِالنَّوْمِ الْقُوَّةَ عَلَى الْقِيَامِ وَإِرَاحَةَ بَدَنِهِ لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ مَا يُكْتَبُ لَهُ فِي حَالِ قِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَرِيحُ لِيَدْأَبَ، وَيَنَامُ لِيَقُومَ، فَكَانَ حكمه كحكمه وقال وفي حديث: "ذهب

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": "مثل أجر".

2 تقدمت هذه الأحاديث ص 72 - 74.

3 البخاري "4341"، ومسلم "1733""15".

ص: 77

أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا" 1: كَانَ مِنْ حُسْنِ فِقْهِ الْفُقَرَاءِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لَهُمْ مِثْلَ تَسْبِيحِ الْأَغْنِيَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْهُمْ فَلَهُمْ ثَوَابُ مَنْ عَمِلَ بِهِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَمَّا لَمْ يَفْقَهُوا، حَتَّى جَاءُوا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا لَهُ فَأَجَابَهُمْ: "ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ" يُشِيرُ إلَى الْفِقْهِ، فَالْفَضْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ فضل الآدمي في علمه وفقهه.

1 تقدم ص 76.

ص: 78

‌فَصْلٌ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ

وَأَمْكَنَهُ قِيَامٌ قَامَ وَأَوْمَأَ بِرُكُوعِهِ قَائِمًا، وَبِسُجُودِهِ جَالِسًا، لَا جَالِسًا يُومِئُ بِهِمَا "هـ" وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الْقِيَامَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ قَدَرَ فِيهَا عَلَى قِيَامٍ أَوْ قعود، لزمه وأتمها "و"2، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْرَأْ قَامَ فَقَرَأَ، وَإِلَّا قَامَ وَرَكَعَ بِلَا قِرَاءَةٍ، وَإِنْ أَبْطَأَ مُتَثَاقِلًا من أطاق القيام

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

2 ليست في "ط".

ص: 78

فَعَادَ الْعَجْزُ، فَإِنْ كَانَ فِي قُعُودٍ مِنْ صَلَاتِهِ كَتَشَهُّدٍ صَحَّتْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ وَلَوْ جَهِلُوا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ "كَلَامِ" جَمَاعَةٍ: فِي الْمَأْمُومِ الْخِلَافُ، وَهُوَ أَوْلَى. وَيُبْنَى عَلَى إيمَاءٍ "هـ" وَيَبْنِي عَاجِزٌ فِيهَا "وَ" وَلَوْ طَرَأَ عَجْزٌ فَأَتَمَّ الْفَاتِحَةَ فِي انْحِطَاطِهِ أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْقُعُودِ، لَا مَنْ صَحَّ فَأَتَمَّهَا فِي ارْتِفَاعِهِ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِالتَّحْرِيمَةِ مُنْحَطًّا لَا يُجْزِئُهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا تُجْزِئُهُ التَّحْرِيمَةُ مُنْحَطًّا كَقِرَاءَةِ الْمُتَنَفِّلِ فِي انْحِطَاطِهِ. وَمَنْ قَدَرَ قَائِمًا مُنْفَرِدًا وَجَالِسًا جَمَاعَةً خُيِّرَ "وَهـ ش" وَقِيلَ: جَمَاعَةً أَوْلَى، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ قَائِمًا، وَلِلْمَرِيضِ الصَّلَاةُ مُسْتَلْقِيًا "وَهـ" بِقَوْلِ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ طَبِيبٍ وَسُمِّيَ بِهِ لِحِذْقِهِ وَفِطْنَتِهِ وَقِيلَ بِثِقَتَيْنِ إنَّهُ يَنْفَعُهُ، وَقِيلَ: عَنْ يَقِينٍ، وَقَاسَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْفِطْرِ لِرَجَاءِ الصِّحَّةِ، وَنَصَّ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ: إنَّ الصَّوْمَ مِمَّا يُمَكِّنُ الْعِلَّةَ. وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ قَاعِدًا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَسِيرَ الْخَائِفَ يُومِئُ1، وَسَبَقَ آخِرُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَحُكْمُ مَنْ خَافَ إنْ انْتَصَبَ قائما2.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ص 69.

2 2/117.

ص: 79

‌باب صلاة المسافر

‌مدخل

باب صلاة المسافر

مَنْ ابْتَدَأَ سَفَرًا مُبَاحًا "وم ش" وَالْأَصَحُّ: أَوْ هُوَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ، وَقِيلَ: أَوْ نَقَلَ سَفَرَهُ الْمُبَاحَ إلَى مُحَرَّمٍ كَالْعَكْسِ، كَتَوْبَتِهِ، وَقَدْ بَقِيَ مَسَافَةَ قَصْرٍ فِي الْأَصَحِّ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَوْ لَا، وَعَنْهُ: مُبَاحًا غَيْرَ نُزْهَةٍ وَلَا فُرْجَةٍ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي لِأَنَّهُ لَهْوٌ بِلَا مَصْلَحَةٍ، وَلَا حَاجَةٍ، مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِإِبَاحَتِهِ، وَسَبَقَ فِي الْمَسْحِ كَلَامُ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ1.

وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ2: سَفَرَ طَاعَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ "نَاوِيًا""و" وَمَنْ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ صَلَاةٌ، كَحَائِضٍ وَكَافِرٍ ثُمَّ تَطْهُرُ وَيُسْلِمُ وَقَدْ بقي دون المسافة قصر.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 1/202.

2 هو: أبو عبد الله، محمد بن العباس بن الفضل المؤدب الطويل، نقل عن الإمام احمد مسائل. "ت 290 هـ". "تاريخ بغداد" 3/115، "طبقات الحنابلة" 1/315.

ص: 80

وَكَذَا مَنْ بَلَغَ "هـ" خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا فِيمَنْ كَلَّفَ نَاوِيًا مَسَافَةَ يَوْمَيْنِ أَرْبَعَةَ بُرْدٍ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: تَحْدِيدًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: تَقْرِيبًا، وَهُوَ أَوْلَى سِتَّةَ عَشَرَ فرسخا "وم ش" وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ هَاشِمِيَّةٍ، وَبِأَمْيَالِ بَنِي أُمَيَّةَ مِيلَانِ وَنِصْفٌ، وَالْمِيلُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ، سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ، أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا "*" متعرضة1 معتدلة برا أو بحرا "هـ"2 إلا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا بِسَيْرِ الْإِبِلِ "هـ" فَلَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ خَاصَّةً "ع" رَكْعَتَيْنِ "ع"3 لَا ثَلَاثًا، فَلَوْ قَامَ إلَيْهَا عَمْدًا أَتَمَّ أَرْبَعًا، إذا فارق خيام

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"*" تنبيه: قوله "الميل.. ستة آلاف ذراع، أربعة وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا" لَعَلَّهُ: وَهُوَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ4، أَوْ: والذراع أربعة وعشرون.

1 في "ط": "متعرضة".

2 في "ب" و"س" و"ط": "و".

3 في "ط": "و".

4 بعدها في "ص": "أصبعا".

ص: 81

قَوْمِهِ "و" أَوْ بُيُوتَ بَلَدِهِ "و" الْعَامِرَةَ، وَقِيلَ: وَالْخَرَابَ، كَمَا لَوْ وَلِيَهُ عَامِرٌ وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: أَوْ جَعَلَ مَزَارِعَ وَبَسَاتِينَ يَسْكُنُهُ أَهْلُهُ وَلَوْ فِي فَصْلٍ لِلنُّزْهَةِ، وَقِيلَ: إذَا فَارَقَ سُورَ بَلَدِهِ، وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ: وَلَوْ اتَّصَلَ بِهِ بَلَدٌ، وَاعْتَبَرَ أَبُو الْمَعَالِي انْفِصَالَهُ وَلَوْ بِذِرَاعٍ، وَكَذَا فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: لَا يَتَّصِلُ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَإِنْ برزوا بمكان لقصد الاجتماع ثم1 يُنْشِئُونَ السَّفَرَ مِنْهُ فَلَا قَصْرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَقْصُرُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَيُعْتَبَرُ فِي سُكَّانِ2 الْقُصُورِ وَالْبَسَاتِينِ مُفَارَقَةُ مَا نُسِبُوا إلَيْهِ عُرْفًا، وَاعْتَبَرَ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي مُفَارَقَةَ مَنْ صَعِدَ جَبَلًا3 الْمَكَانَ الْمُحَاذِيَ لِرُءُوسِ الْحِيطَانِ، وَمُفَارَقَةَ مَنْ هَبَطَ لِأَسَاسِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَبَرَ مُفَارَقَةَ الْبُيُوتِ إذَا كَانَتْ مُحَاذِيَةً اعْتَبَرَ هُنَا مُفَارَقَةَ سِمَتِهَا. وَعَنْهُ: يُعِيدُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْمَسَافَةَ، خِلَافًا لِلْجَمِيعِ، وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ عَقِيلٍ الْقَصْرَ بِبُلُوغِ الْمَسَافَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا، خِلَافًا لِلْجَمِيعِ، كَنِيَّةِ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ يَجْهَلُ مَسَافَتَهُ ثُمَّ عَلِمَهَا يَقْصُرُ بَعْدَ عِلْمِهِ، كَجَاهِلٍ بِجَوَازِ الْقَصْرِ ابْتِدَاءً، أَوْ عَلِمَهَا ثُمَّ نَوَى إنْ وَجَدَ غَرِيمَهُ رَجَعَ، أَوْ نَوَى إقَامَةً بِبَلَدٍ دُونَ مَقْصِدِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِ نِيَّتِهِ4 الْأُولَى دُونَ المسافة5، قَصَرَ، لِأَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ انْعَقَدَ، فَلَا يَتَغَيَّرُ6 بالنية المعلقة حتى يوجد الشرط المغير7، وقيل: لا يقصر،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ط".

2 في "س" و"ب": "ساكن".

3 في "ب": "حبلا".

4 في "س": نية".

5 في "ط": "مسافة القصر".

6 في "ط": "يعتبر".

7 في "ط": "المعتبر".

ص: 82

وَلَا يَتَرَخَّصُ فِي نَفْيٍ وَتَغْرِيبٍ، إلَّا مَحْرَمَ المرأة يترخص.

ص: 83

‌فَصْلٌ: وَيَقْصُرُ وَيَتَرَخَّصُ مُسَافِرٌ مُكْرَهًا

،

كَأَسِيرٍ عَلَى الْأَصَحِّ "ش" كَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ "و" تَبَعًا لِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ فِي نِيَّتِهِ وَسَفَرِهِ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ فِي النَّوَادِرِ: لَا قَصْرَ.

وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: تُعْتَبَرُ نِيَّةُ مَنْ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ، وَقَالَ: وَالْجَيْشُ مَعَ الْأَمِيرِ، وَالْجُنْدِيُّ مَعَ أَمِيرِهِ إنْ كَانَ رِزْقُهُمْ فِي مَالِ أَنْفُسِهِمْ فَفِي أَيِّهِمَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَإِلَّا فَكَالْأَجِيرِ، وَالْعَبْدِ لِلشَّرِيكَيْنِ تُرَجَّحُ نِيَّةُ إقَامَةِ أَحَدِهِمَا، وَمَتَى صَارَ الْأَسِيرُ بِبَلَدِهِمْ أَتَمَّ فِي الْمَنْصُوصِ تَبَعًا لِإِقَامَتِهِمْ كَسَفَرِهِمْ، وَيَقْصُرُ مَنْ حُبِسَ ظُلْمًا، أَوْ حَبَسَهُ مَرَضٌ أَوْ مَطَرٌ وَنَحْوُهُ "و" وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ حكم سفره لوجود صورة الإقامة،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 83

وَقَالَ فِي "الْمُغْنِي"1: الْحُجَّةُ مَنْ أَبَاحَ الْقَصْرَ فِي كُلِّ سَفَرٍ، لَمْ يُخَالِفْ إجْمَاعًا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ أَيْضًا: إنْ حُدَّ فَتَحْدِيدُهُ بِبَرِيدٍ أَجْوَدُ، وَقَالَهُ أَيْضًا فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ رَجَّحَهُ فِيهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ "م ش" كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فِيهِ، فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا فِي التَّلْخِيصِ، وَهِيَ أَظْهَرُ "و" وَكَعَاصٍ فِي سَفَرِهِ "و" وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّفَرَ الْمَكْرُوهَ يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابن الْمُنَجَّى؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ2، وَكَذَا "قَالَ" ابْنُ عَقِيلٍ فِي السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ لَا يَتَرَخَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَشْبَهَ سَفَرَ الْمَعْصِيَةِ.

وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الِاعْتِكَافِ3، وَقَدْ بَانَ بِمَا سَبَقَ4 فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هَلْ تَمْنَعُ التَّرْخِيصَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 1"، وأطلق

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ بِمَا سَبَقَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هَلْ تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى.

مَنْع جَوَازِ الرُّخَصِ5 فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ منجى في شرح المقنع، وقاله6 وَابْنُ عَقِيلٍ فِي السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا: إذَا سافر سفرا في غير معصية فله أن يقصر، فظاهر

1 3/109.

2 ليست في "س".

3 5/170.

4 1/201.

5 في "ط": "الرخص".

6 ليست في "ط".

ص: 84

وَقَالَ فِي "الْمُغْنِي"1: الْحُجَّةُ مَنْ أَبَاحَ الْقَصْرَ فِي كُلِّ سَفَرٍ، لَمْ يُخَالِفْ إجْمَاعًا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ أَيْضًا: إنْ حُدَّ فَتَحْدِيدُهُ بِبَرِيدٍ أَجْوَدُ، وَقَالَهُ أَيْضًا فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ رَجَّحَهُ فِيهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ "م ش" كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فِيهِ، فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا فِي التَّلْخِيصِ، وَهِيَ أَظْهَرُ "و" وَكَعَاصٍ فِي سَفَرِهِ "و" وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّفَرَ الْمَكْرُوهَ يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابن الْمُنَجَّى؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ2، وَكَذَا "قَالَ" ابْنُ عَقِيلٍ فِي السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ لَا يَتَرَخَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَشْبَهَ سَفَرَ الْمَعْصِيَةِ.

وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الِاعْتِكَافِ3، وَقَدْ بَانَ بِمَا سَبَقَ4 فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هَلْ تَمْنَعُ التَّرْخِيصَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 1"، وأطلق

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ بِمَا سَبَقَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هَلْ تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى.

مَنْع جَوَازِ الرُّخَصِ5 فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ منجى في شرح المقنع، وقاله6 وَابْنُ عَقِيلٍ فِي السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا: إذَا سافر سفرا في غير معصية فله أن يقصر، فظاهر

1 3/109.

2 ليست في "س".

3 5/170.

4 1/201.

5 في "ط": "الرخص".

6 ليست في "ط".

ص: 85

أصحابنا إباحة السَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: غَيْرُ مُكَاثِرٍ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ، وَحَرَّمَهُ فِي الْمُبْهِجِ.

قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ1 بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ مَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَمَّا سُورَةُ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] فَتَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ لِمَنْ شَغَلَهُ عَنْ عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ، وَالتَّكَاثُرُ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ، أَوْ مُحْتَمِلٌ، فَيُكْرَهُ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الِاتِّسَاعَ فِي الْمَكَاسِبِ وَالْمَبَانِي مِنْ حِلٍّ إذَا أَدَّى جَمِيعَ حُقُوقِ اللَّهِ قَبْلَهُ مُبَاحٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فمن كاره ومن غير كاره.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

كلامهم: جَوَازُ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَيُسَنُّ لِمُسَافِرٍ لِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ، انْتَهَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ2 يُقَوِّي هَذَا، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ مَنَعُوا مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَنْعَهُمْ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَشَقَّةِ بِنَزْعِهَا، لَا لِكَوْنِهَا مَكْرُوهَةً، وَلَوْ عَلَّلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ لَكَانَ الصَّحِيحُ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَقَدْ قَالَ بِالْجَوَازِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ على ما تقدم.

1 لم نجده في مطبوع معاجم الطبراني الثلاثة، وهو عند أبي نعيم في "الحلية" 3/110 و8/215، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار""10374" و"10375"، وأورده محمد طاهر الهندي في "تذكرة الموضوعات" ص 174.

2 1/197.

ص: 86

وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ "و" وَالْإِتْمَامُ جَائِزٌ "هـ" فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي الْإِتْمَامُ، وَكَرِهَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَيُوتِرُ وَيَرْكَعُ سُنَّةَ الْفَجْرِ، وَيُخَيَّرُ فِي غَيْرِهِمَا "ش" فِي فِعْلِهِ، وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِنَا وَقَوْلِهِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يُسَنُّ تَرْكُهُ غَيْرَهُمَا، قِيلَ لِأَحْمَدَ: التَّطَوُّعُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْمَعَالِي التَّخْيِيرَ فِي النَّوَافِلِ وَالسُّنَنِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يَتَطَوَّعُ أَفْضَلُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي غَيْرِ الرَّوَاتِبِ، وَنَقَلَهُ بعضهم "ع".

ص: 87

‌فصل: تشترط نية القصر والعلم بها عند الإحرام

فصل: تشترط نية القصر1 "وش" وَالْعِلْمُ بِهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ

، وَإِنَّ إمَامَهُ إذًا مُسَافِرٌ "وَلَوْ" بِأَمَارَةٍ وَعَلَامَةٍ كَهَيْئَةِ لِبَاسٍ، لَا أَنَّ إمَامَهُ نَوَى الْقَصْرَ، عَمَلًا بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْعِلْمُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ قَصَرَ2 قصرت، وإن أتم3 أتممت،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ط".

2 في "س": "قصرت".

3 في "س": أتممت".

ص: 87

لَمْ يَضُرَّ، ثُمَّ فِي قَصْرِهِ إنْ سَبَقَ إمامه الحدث قبل علمه بحاله وجهان، لتعارض أَصْلٍ وَظَاهِرٍ "م 2"، وَإِنْ اسْتَخْلَفَ مُقِيمًا أَتَمُّوا "هـ م" لأنهم بِاقْتِدَائِهِمْ "بِهِ" الْتَزَمُوا حُكْمَ تَحْرِيمَتِهِ؛ وَلِأَنَّ قُدُومَ السَّفِينَةِ بَلَدَهُ1 يُوجِبُ الْإِتْمَامَ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَإِنْ اسْتَخْلَفَ مُقِيمٌ مُسَافِرًا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ قَصْرٌ وَحْدَهُ.

وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْقَصْرِ ثُمَّ عَلِمَ بِهَا أَنَّهُ كَمَنْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ، واختار جماعة: يصح القصر بلا نية "وهـ م" وَالْأَشْهَرُ: وَلَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ ابْتِدَاءً "م" لأنه رخصة، فيخير مطلقا،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ، ثُمَّ فِي قَصْرِهِ إن سبق إمامه الحدث قبل علمه بحاله وَجْهَانِ، لِتَعَارُضِ أَصْلٍ وَظَاهِرٍ. انْتَهَى.

وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا لَهُ الْقَصْرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ في "المغني"2، و"الشرح"3 قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَحْدَثَ إمَامُهُ الْمُقِيمُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ، أَوْ بَانَ الْإِمَامُ الْمُقِيمُ قَبْلَ السَّلَامِ مُحْدِثًا، فَلَهُ الْقَصْرُ فِي الْأَصَحِّ، انْتَهَى.

4"وَلَيْسَتْ عَيْنَ الْمَسْأَلَةِ، وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُهَا، وَقِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَفِي وُجُوبِ إتْمَامِ مَنْ عَلِمَ حَدَثَ إمَامِهِ الْمُقِيمِ قَبْلَ سَلَامِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى"4.

وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ إمَامَهُ مُسَافِرٌ بِأَمَارَةٍ، أَوْ عَلِمَهُ مُسَافِرًا، فَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ الْقَصْرَ، ثم يلزمه متابعة إمامه في القصر وَالْإِتْمَامِ، فَإِنْ سَبَقَ إمَامُهُ الْحَدَثَ فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَخَرَجَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ، فَلَهُ الْقَصْرُ فِي وَجْهٍ، وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ فِي آخَرَ، انْتَهَى، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: فَإِنْ جَهِلَ الْمُؤْتَمُّ حَالَ إمَامِهِ تَبِعَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِتْمَامَ فَتَبِعَهُ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ، انْتَهَى.

1 في "ب" و"ط": "بلده".

2 3/144.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 5/58.

4 "4 – 4" ليست في "ح".

ص: 88

كَالصَّوْمِ. وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ ثُمَّ رَفَضَهُ وَنَوَى الْإِتْمَامَ جَازَ "م"1 وَأَتَمَّ، لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى التَّعْيِينِ، فَبَقِيَتْ النِّيَّةُ مُطْلَقَةً، وَلَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا مَعَ بَقَاءِ نِيَّةِ قَصْرِهِ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ "م 3". وَمَنْ عَزَمَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ أَوْ تَابَ مِنْهُ فِي صَلَاةٍ أَتَمَّ، وَلَوْ ذَكَرَ مَنْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ سَهْوًا قَطَعَ، فَلَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ أَتَمَّ، وَأَنَّى لَهُ بِرَكْعَتَيْنِ سِوَى مَا سَهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَلْغُو "هـ" وَلَوْ كَانَ مَنْ سَهَا إمَامًا بِمُسَافِرٍ تَابَعَهُ "هـ م" إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِسَهْوِهِ فتبطل صَلَاتُهُ بِمُتَابَعَتِهِ، كَقِيَامِ مُقِيمٍ إلَى خَامِسَةٍ. وَيَتَخَرَّجُ مِنْهُ: لَا تَبْطُلُ.

وَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَتَمَّ سَهْوًا فَفَرْضُهُ الرَّكْعَتَانِ "و" وَالزِّيَادَةُ سَهْوٌ يَسْجُدُ لَهَا، وَقِيلَ: لَا. وَمَنْ أَوْقَعَ بَعْضَ صَلَاتِهِ مُقِيمًا كَرَاكِبِ سَفِينَةٍ أَتَمَّ "و" وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَصْلًا لَمَّا ذَكَرَ صَلَاةَ سَفَرٍ فِي حَضَرٍ، وَقِيلَ: إنْ نَوَى الْقَصْرَ مَعَ عِلْمِهِ بِإِقَامَتِهِ فِي أَثْنَائِهَا صَحَّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ كان مسح فوق يوم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ ثُمَّ رَفَضَهُ وَنَوَى الْإِتْمَامَ جَازَ. وَلَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا مَعَ بَقَاءِ نِيَّةِ قَصْرِهِ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.

وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ. قُلْت الصَّوَابُ جَوَازُهُ، وَفِعْلُهُ عَمْدًا دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ نِيَّةِ الْقَصْرِ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ: وَجْهُ الصِّحَّةِ إلْغَاءُ نِيَّةِ الْقَصْرِ بِفِعْلِ الْإِتْمَامِ، لِأَصَالَتِهِ، وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ كَوْنُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ زِيَادَةَ فِعْلٍ عَمْدًا، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ الْبُطْلَانُ، انتهى. والأول أقوى، والله أعلم.

1 في الأصل و"ط": "و".

ص: 89

وَلَيْلَةٍ بَطَلَتْ فِي الْأَشْهَرِ، لِبُطْلَانِ الطَّهَارَةِ بِبُطْلَانِ الْمَسْحِ، وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ فِي سَفَرٍ "و" أَوْ عَكْسَهُ "وق" أَتَمَّ، نَصَّ عَلَيْهِمَا وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ، وَحَكَى فِي الْأُولَى اعْتِبَارًا بِحَالَةِ أَدَائِهَا كَصَلَاةِ صِحَّةٍ فِي مَرَضٍ.

وَمَنْ ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ اعْتَقَدَهُ مُسَافِرًا أَوْ لَا وَعَنْهُ فِي رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ "وم" أَتَمَّ، فَيُتِمُّ مَنْ أَدْرَكَ تَشَهُّدَ الْجُمُعَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: يَقْصُرُ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ: يَقْصُرُ مُطْلَقًا، كَمَا خَرَّجَ بَعْضُهُمْ إيقَاعَهَا مَرَّتَيْنِ عَلَى صِحَّةِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ، وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ الْقَصْرَ حَيْثُ يُحْرِمُ عَالِمًا كَمَنْ نَوَاهُ خَلْفَ مُقِيمٍ عَالِمًا لَمْ تَنْعَقِدْ، لِنِيَّةِ تَرْكِ الْمُتَابَعَةِ ابْتِدَاءً، كَنِيَّةِ مُقِيمٍ الْقَصْرَ، وَنِيَّةِ مُسَافِرٍ وَعَبْدٍ الظُّهْرَ، خَلْفَ إمَامِ جُمُعَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلْإِتْمَامِ تَعْيِينُهُ بِنِيَّةٍ، فَيُتِمُّ تَبَعًا كَغَيْرِ الْعَالِمِ، وَإِنْ صَحَّ الْقَصْرُ بِلَا نِيَّةٍ قَصَرَ، وَتَتَخَرَّجُ الصِّحَّةُ فِي عَبْد لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ. وَإِنْ نَوَاهَا الْمُسَافِرُ قَصْرًا أَتَمَّ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 90

وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يَتَّجِهُ أَنْ تُجْزِئَهُ إنْ قُلْنَا الْجُمُعَةُ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: وَإِنْ ائْتَمَّ مَنْ يَقْصُرُ الظُّهْرَ بِمُسَافِرٍ، أو مقيم يصلي الصبح، أتم.

ص: 91

‌فَصْلٌ: وَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ

وَلَوْ خَلْفَ مُقِيمٍ "هـ" وَلَوْ فَسَدَتْ قَبْلَ رَكْعَةٍ "م" فَأَعَادَهَا أَتَمَّ، وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا أَتَمَّ، وَلَوْ بَانَ قَبْلَ السَّلَامِ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 91

فَوَجْهَانِ "م 4" قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ بَانَ مُحْدِثًا مُقِيمًا مَعًا قَصَرَ، وَكَذَا إنْ بَانَ حَدَثُهُ أَوَّلًا لَا عَكْسُهُ. وَلَوْ ائْتَمَّ مَنْ جَهِلَ حَدَثَ نَفْسِهِ بِمُقِيمٍ ثُمَّ عَلِمَ قَصَرَ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ لَا حُكْمَ لَهُ، وَيُتِمُّ مَنْ سافر بعد وجوبها عليه، وعنه: يقصر 1"وهـ ش" كَمَا يَقْضِي الْمَرِيضُ"1 مَا تَرَكَهُ فِي الصِّحَّةِ نَاقِصًا، احْتَجَّ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ2، وَكَمَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى عَبْدٍ عَتَقَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَكَالْمَسْحِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مُدَّتَهُ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ، فَلَا يَفْسُدُ الْمَسْحُ فِي أَوَّلِهَا بِفَسَادِهِ فِي آخِرِهَا، فَاعْتُبِرَ بِحَالِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.

وَقِيلَ: إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يَقْصُرْ، وَعَنْهُ: إنْ فَعَلَهَا فِي وَقْتِهَا قَصَرَ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَإِنْ نسي صلاة سفر فذكر فيه قصر "و" وقيل:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ أَتَمَّ وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا أَتَمَّ، وَلَوْ بَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ:

أَحَدُهُمَا يُتِمُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَانَ بَعْدَ السَّلَامِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْصُرُ، 3"قَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فله القصر في الأصح"3. \

1 "1 - 1" في "س": كما يقصر المريض "وهـ ش".

2 بعدها في "ب": "وهـ ش".

3 "3 - 3" ليست في "ح".

ص: 92

لَا؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْأَدَاءِ كَالْجُمُعَةِ، وَنَقُلْ الْمَرُّوذِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

قَالَ1 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَكَذَا فِي سَفَرٍ آخَرَ "و" وَقِيلَ: يُتِمُّ كَذِكْرِهِ فِي إقَامَةٍ مُتَخَلِّلَة، وَقِيلَ فِيهِ: يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ابْتِدَاءُ وُجُوبِهَا فِيهِ. وَأَخَذَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مِنْ تَقْيِيدِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَاسٍ.

وَمِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الَّتِي قَبْلَهَا: يُتِمُّ مَنْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَهَا بِلَا عُذْرٍ حَتَّى ضَاقَ وَقْتُهَا، عَنْهَا، وَقَاسَهُ عَلَى السَّفَرِ الْمُحَرَّمِ، وَقَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ، فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ أَنْ تُفْعَلَ فِي وَقْتِهَا، وَقِيلَ: يَقْصُرُ "و" لِعَدَمِ تَحْرِيمِ السَّبَبِ، وذكر في "المغني"2

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في النسخ الخطية: "قاله"، والمثبت من "ط".

2 3/142.

ص: 93

الْأَوَّلَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا كَالْجُمُعَةِ، قَالَ: وَهُوَ فَاسِدٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ شَرْعٌ.

وَفِي التَّعْلِيقِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ: إنْ سَافَرَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَمْ يَقْصُرْهَا؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ، وَلَا تَثْبُتُ الرُّخْصَةُ مَعَ التَّفْرِيطِ فِي الْمُرَخَّصِ فيه.

ص: 94

‌فَصْلٌ: وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ إقَامَةً مُطْلَقَةً

وَقِيلَ: بِمَوْضِعٍ يُقَامُ فِيهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي "وهـ" أَتَمَّ، وَكَذَا إنْ نَوَى مُدَّةً فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، أَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْمُدَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ الْمُذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: أَوْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ "وم ش" وَعَنْهُ: ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ صَلَاةً، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ، وَذَكَرَهُ فِي "الْكَافِي"1 الْمُذْهَبُ، وَفِي النَّصِيحَةِ: فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا "هـ" بَلْ فِي رُسْتَاقٍ يَنْتَقِلُ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ كَقَصْرِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ وَمِنًى

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 1/452.

ص: 94

وَعَرَفَةَ عَشْرًا1، وَقِيلَ: لَا، وَقَائِلٍ هَذَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ بِوُصُولِهِ مُنْتَهَى قَصْدِهِ خِلَافًا لِلْجَمِيعِ، وَيَوْمُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمُدَّةِ.

وَعَنْهُ: لَا "وم ش" وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ وَأَنَّهُ مُسَافِرٌ مَا لَمْ يُجْمِعْ عَلَى إقَامَةٍ وَيَسْتَوْطِنُ، كَإِقَامَتِهِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ بِلَا نِيَّةِ إقَامَةٍ "و" لا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرج البخاري "1081"، ومسلم "693""15"، عن أنس بن مالك قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ المدينة إلى مكة، فصلى ركعتين ركعتين حتى رجع. قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشرا.

ص: 95

يَعْلَمُ فَرَاغَ الْحَاجَةِ قَبْلَ الْمُدَّةِ، وَقِيلَ: وَلَا يَظُنُّ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ مَا لَمْ يُجْمِعْ إقَامَةً، وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سُنُونَ "ع" وَفِي التَّلْخِيصِ: إقَامَةُ الْجَيْشِ الطَّوِيلَةِ لِلْغَزْوِ لَا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، لِفِعْلِهِ عليه السلام 1"وهـ م ق" وَلَوْ نَوَى إقَامَةً بِشَرْطٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ وُجِدَ ففسخ بعده بنية السفر، فعنه: كفسخه2 معه، إبطالا للنية بالنية، فيقصر من نيته.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 من ذلك ما رواه جابر بن عبد الله قال: أقم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة. أخرجه أبو داود "1235".

2 في "ب": "بفسخه".

ص: 96

وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ: يَقْصُرُ إذَا سَافَرَ، كَمَا لَوْ تمت مدة الإقامة "م 5" "م هـ ولو مر بوطنه أتم "وهـ م ق" وعنه: لا1، ولا حاجة فيه1، وَإِلَّا قَصَرَ، وَكَذَا إنْ مَرَّ بِبَلَدٍ لَهُ فِيهِ امْرَأَةٌ أَوْ تَزَوَّجَ2، وَعَنْهُ: أَوْ أَهْلٌ "خ" أَوْ مَاشِيَةٌ "خ" لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عباس3 أو هما "وم" وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ، وَفِي "عُمَدِ الْأَدِلَّةِ" لَا مَنْقُولٌ وَقِيلَ: إنْ كَانَ بِهِ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ أَوْ دَارٌ قَصَرَ.

وَفِي أَهْلِ غَيْرِهِمَا ومال وَجْهَانِ "*" وَمَنْ فَارَقَ وَطَنَهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ بِقُرْبٍ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى إقَامَةً بِشَرْطٍ، فَإِنْ لم يوجد فلا كلام، وإن وجد ففسخ بَعْدَهُ بِنِيَّةِ السَّفَرِ فَعَنْهُ1: كَفَسْخِهِ مَعَهُ إبْطَالًا لِلنِّيَّةِ بِالنِّيَّةِ، فَيَقْصُرُ مِنْ نِيَّتِهِ، وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ: يَقْصُرُ إذَا سَافَرَ، كَمَا لَوْ1 تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي "رعايته الكبرى":

إحداهما: ويكون ذلك1 كَفَسْخِهِ مَعَهُ إبْطَالًا لِلنِّيَّةِ بِالنِّيَّةِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، فَيَقْصُرُ مِنْ نِيَّتِهِ، قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقْصُرُ إذَا سَافَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعْهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا: عليه أكثر الأصحاب.

"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّ بِوَطَنِهِ أَتَمَّ وَكَذَا إنْ مَرَّ بِبَلَدٍ لَهُ فِيهِ امْرَأَةٌ أَوْ تَزَوَّجَ، وَعَنْهُ: أَوْ أَهْلٌ أَوْ مَاشِيَةٌ وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ، وَفِي "عُمَدِ الْأَدِلَّةِ" لَا مَنْقُولٌ، وقيل: إن

1 ليست في "ط".

2 في الأصل: "بزوج".

3 وهو ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 2/455 عن ابن عباس أنه قال: إذا انتهيت إلى ماشيتك فأتمم.

ص: 97

لِحَاجَةٍ لَمْ يَتَرَخَّصْ حَتَّى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَهُ "و" وَكَذَا إنْ رَجَعَ لِمُرُورِهِ بِهِ فِي طَرِيقِ مَقْصِدِهِ "ق" وَعَلَى الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ: هُوَ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ بَلْ بَدَا لَهُ لِحَاجَةٍ لَمْ يَتَرَخَّصْ بَعْدَ نِيَّةِ عَوْدِهِ حَتَّى يُفَارِقَهُ ثَانِيَةً "و" وَعَنْهُ. يَتَرَخَّصُ فِي عَوْدِهِ إلَيْهِ لَا فِيهِ، كَنِيَّةٍ طَارِئَةٍ لِلْإِقَامَةِ بِقَرْيَةٍ قريبة منه. ومن رجع

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

كَانَ بِهِ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ أَوْ دَارٌ قَصَرَ، وَفِي أَهْلِ غَيْرِهِمَا وَمَالٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ مِنْ تَتِمَّةِ الطَّرِيقَةِ، وَهِيَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ، لَا أَنَّهُمَا وَجْهَانِ مُسْتَأْنَفَانِ مُطْلَقَانِ، هَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب، والله أعلم.

ص: 98

إلَى بَلَدٍ1 أَقَامَ بِهِ إقَامَةً مَانِعَةً تَرَخَّصَ مُطْلَقًا حَتَّى فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِزَوَالِ نِيَّةِ إقَامَتِهِ، كَعَوْدِهِ مُخْتَارًا2، وَقِيلَ: كَوَطَنِهِ.

وَيُعْتَبَرُ لِلسَّفَرِ الْمُبِيحِ كَوْنُهُ مُنْقَطِعًا، فَإِنْ كَانَ دَائِمًا كَمَلَّاحٍ بِأَهْلِهِ دَهْرَهُ لَمْ يَتَرَخَّصْ "خ". لِتَفْوِيتِ رَمَضَانَ بِلَا فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِيهِ فِي السَّفَرِ، وَكَمَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ مَكَانَهَا "و" كَمُقِيمٍ، وَمِثْلُهُ مُكَارٍ، وَرَاعٍ، وَسَاعٍ، وَبَرِيدٍ، وَنَحْوِهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ "خ" وَقِيلَ عَنْهُ: يَتَرَخَّصُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، قَالَ: سواء كان معه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل: "بلده".

2 في "ط": "مختارا".

ص: 99

أَهْلُهُ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ أَشَقُّ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ فِي مَلَّاحٍ وَغَيْرِهِ أَهْلُهُ معه، فلا يترخص وحده، وهو خلاف منصوصه1.

ومن له القصر، فله الفطر ولا عَكْسَ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ. وَقَدْ يَنْوِي الْمُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَيَقْطَعُهَا مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ مَثَلًا فَيُفْطِرُ وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ، أَشَارَ ابْنُ عَقِيلٍ إلَيْهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْفِطْرَ، فَقَدْ يُعَايَا بِهَا، وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا سَبَقَ أَنَّ من قصر جمع؛ لكونه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل و"ب" و"ط": نصوصه".

ص: 100

فِي حُكْمِ الْمُسَافِرِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْجَمْعِ: لَا، وَفِي الْخِلَافِ فِي بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لَهُ الْجَمْعُ لَا مَا زَادَ، وَقِيلَ لَهُ: فِيمَا إذَا لَمْ يُجْمِعْ إقَامَةً لَا يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ، فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ هَذَا، بَلْ لَهُ الْجَمْعُ، وَهَلْ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ مَنْ قَصَرَ؟ قَالَ الْأَصْحَابُ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ: هُوَ مُسَافِرٌ مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ أَوْ يَتَزَوَّجْ أَوْ يَقْدَمْ عَلَى أَهْلٍ.

وَاحْتَجَّ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْجَيْشَ إذَا أَقَامَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ بِنَصِّ أَحْمَدَ "رحمه الله" عَلَى ذَلِكَ، وَبِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: الْمَسْحُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ وَاحِدٌ، لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً.

وَقَالَ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ: الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ أَرْبَعَةٌ: الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَالْمَسْحُ ثَلَاثًا وَالْفِطْرُ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنْ نَوَى إقَامَةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا، وَخَرَجَ عَنْ رُخْصَةِ السَّفَرِ. وَيَسْتَبِيحُ الرُّخَصَ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ إذَا نَوَى مَا دُونَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَتَى يَخْرُجُ قَصَرَ وَلَوْ كَانَ شُهُورًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَوْطِنٍ بَلْ مُنْزَعِجٌ انْزِعَاجَ السَّائِرِينَ فَصَارَ بِمَثَابَةِ السَّائِرِ، وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 101

وَغَيْرُهُ أَنَّ السَّفَرَ الطَّوِيلَ يَسْتَبِيحُ "بِهِ" جَمِيعَ الرُّخْصِ، إلَى أَنْ قَالَ فِي الْمَلَّاحِ وَنَحْوِهِ: لَا يَسْتَبِيحُ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ إلَّا التَّيَمُّمَ وَأَكْلَ الْمَيْتَةَ، كَذَا قَالَ. قَالَ: وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً "لَمْ يَتَرَخَّصْ، وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً" فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ أَقَامَ لِحَاجَتِهِ تَرَخَّصَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ.

وَسَأَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم لِأَحْمَدَ: رَجُلٌ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ إذَا دَخَلَ مِصْرًا يَأْكُلُ؟ قَالَ: يَجْتَنِبُ الْأَكْلَ أَحَبُّ إلَيَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِيهِ إقَامَةً، فَإِذَا زَادَ عَلَى إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَزِيَادَةٍ صَامَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ، فَدَلَّ عَلَى تَسَاوِيهِمَا. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِاجْتِنَابِ الْأَكْلِ ظَاهِرًا، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ نَوَى إقَامَةً طَوِيلَةً،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 102

فِي رُسْتَاقٍ بِمَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ أَنَّ مَوْرِقًا1 سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إنِّي تَاجِرٌ أَتَنَقَّلُ فِي قُرَى الْأَهْوَازِ2 فَأُقِيمُ فِي الْقَرْيَةِ الشَّهْرَ وَأَكْثَرَ، قَالَ: تَنْوِي الْإِقَامَةَ؟ قُلْت: لَا، قَالَ: لَا أَرَاك إلَّا مُسَافِرًا، صَلِّ صَلَاةَ مُسَافِرٍ. وَكَذَا احْتَجَّ فِي الْمُغْنِي3 وَقَالَ: لَا يَبْطُلُ حُكْمُ سَفَرِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرْت هذا لأمر اقتضى ذلك "والله أعلم".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 هو: أبو المعتمر، مورق بن مشمرج العجلي البصري. تابعي، ثقة. توفي بعد المائة. "تهذيب الكمال" 29/16.

2 الأهواز: سبع كور بين البصرة وفارس. "معجم البلدان" 1/284.

3 3/155

ص: 103

‌باب الجمع بين الصلاتين

‌مدخل

باب الجمع بين الصلاتين

تَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَعَنْهُ: فِعْلُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدِ1 بْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ، كَجَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَعَنْهُ: التَّوَقُّفُ، وَيَجُوزُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فِي سَفَرِ الْقَصْرِ "هـ" وَقِيلَ: وَالْقَصِيرِ "وم" وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَّا لِسَائِرٍ، وَعَنْهُ: لِسَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى، فَيُؤَخِّرُ إلَى الثَّانِيَةِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ "وم" وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: الْأَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ صِفَةَ الْجَمْعِ فِعْلُ الْأُولَى آخَرَ وَقْتِهَا وَالثَّانِيَةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا.

وَيَجُوزُ لِمُرْضِعٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِلْمَشَقَّةِ بِكَثْرَةِ النَّجَاسَةِ، وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ: لَا "و" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: هِيَ كَمَرِيضٍ.

وَلِعَاجِزٍ عَنْ الطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَعَنْ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ.

وَيَجُوزُ لِمَرِيضٍ2 عَلَى الْأَصَحِّ لِلْمَشَقَّةِ "وم" 3"وَزَادَ: يُقَدِّمُ"3 خَوْفَ الْإِغْمَاءِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ السَّفَرِ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ: إن جاز له ترك

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 بعدها في "ط": "بن".

2 في الأصل: "المريض".

3 "3 – 3" ليست في "ب".

ص: 104

الْقِيَامِ، وَاحْتَجَمَ أَحْمَدُ بَعْدَ الْغُرُوبِ1 ثُمَّ تَعَشَّى ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا، قَالَ فِي الْخِلَافِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَافَ إنْ أَخَّرَ الْعِشَاءَ يَمْرَضُ، لِأَجْلِ الْحِجَامَةِ السَّابِقَةِ.

وَيَجُوزُ لِمَطَرٍ وَثَلْجٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَحَكَى الْمَنْعَ رِوَايَةً "وهـ" يَشُقُّ "وم ش".

وَقِيلَ: وَلِطَلٍّ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ "ش" وَعَنْهُ2: بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وش" وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ.

وَيَجُوزُ لِلْوَحْلِ فِي الْأَصَحِّ "هـ ش" وَقِيلَ: عَلَى الْأَصَحِّ لَيْلًا، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ، وَقَاسَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْجَمْعِ لَهُمَا لِلْوَحْلِ، مَعَ أَنَّهُ قال بعد

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل: "المغرب".

2 ليست في "س" و"ط".

ص: 105

هَذَا: الْوَحْلُ عُذْرٌ فِي الْجَمْعِ، وَذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي طَالِبٍ الْمَذْكُورَةَ، قَالَ: فَقَدْ جَعَلَهُ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَنَادَى: الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ1. وَذَكَرَ الْخَبَرَ، قَالَ: فَإِذَا جَازَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ لَأَجْلِ الْبَرْدِ، كَانَ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى الْوَحْلِ "لِأَنَّهُ" لَيْسَ مَشَقَّةُ الْبَرْدِ بِأَعْظَمَ مِنْ الْوَحْلِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ2. وَلَا وَجْهَ لَهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ إلَّا الوحل.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه أبو داود "1060".

2 أخرجه مسلم "705""54".

ص: 106

قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْعُذْرِ وَالنَّسْخِ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى فَائِدَةٍ، وَقِيلَ: لَيْلًا مَعَ ظُلْمَةٍ "وم ر" وَمِثْلُهُ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بَارِدَةٌ "خ" وَذَكَرَ أَحْمَدُ لِلْمَيْمُونِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَجْمَعُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا1، وَكَلَامُهُمْ لا يخالف ما2 إذَا ظَهَرَ أَنَّ مَشَقَّةَ بَعْضِ سَبَبَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَشَقَّةِ سَبَبٍ مِنْهَا، أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ، وَإِنْ لَمْ يَنَلْهُ مَطَرٌ أَوْ وَحْلٌ أَوْ رِيحٌ، أَوْ نَالَهُ يَسِيرٌ، جَمَعَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَكِفٍ "م" وَقِيلَ: مَنْ خَافَ فَوْتَ مَسْجِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ جَمَعَ، وَقَدَّمَ أَبُو الْمَعَالِي: يَجْمَعُ الْإِمَامُ، وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ3. وَقَالَ4 بَعْضُهُمْ: وَالْجَمْعُ5 فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَفْضَلُ، وَقِيلَ: فِي جَمْعِ السَّفَرِ "وش" وَقِيلَ: التَّقْدِيمُ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ "وم" وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وإن 6"جمع في"6 السفر يؤخر،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أي: في الصفحة السابقة.

2 في "ط": "فيما".

3 تقدم تخرجه ص 106

4 في "ط": "وقال".

5 في "ب": "فالجمع".

6 "6 - 6" في "ب": "في الجمع".

ص: 107

وَقِيلَ: الْأَرْفَقُ بِهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ "م 1" وَإِنَّ فِي جَوَازِهِ لِلْمَطَرِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّا لا نثق بِدَوَامِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ: يَجْمَعُ فِي حَضَرٍ لضرورة مثل مرض أو شغل "خ".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ بَعْدَمَا ذَكَرَ مَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِأَجْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْجَمْعُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَفْضَلُ، وَقِيلَ: التَّقْدِيمُ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ في جمع المطر وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَإِنْ جَمَعَ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ، وَقِيلَ: الْأَرْفَقُ بِهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ، انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عِدَّةَ أَقْوَالٍ فِي مَحَلِّ الْأَفْضَلِيَّةِ، حَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الْجَمْعِ فَنَقُولُ: رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ، وَقَالَ: ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ وَعَمَلٌ بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، يَعْنِي أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي جَمْعِ السَّفَرِ، وَقَالَ فِي رَوْضَةِ الْفِقْهِ: الْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ، وَجَزَمَ 1"الهدية، والخلاصة، وتقدم كلام الزركشي. وقدم ابن تميم أن جمع التأخير في حق المسافر أفضل، وقال: نص عليه وَجَزَمَ"1 بِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ فِعْلُ الأصلح له، وقدم أن 1"التقديم في جمع المطر ونحوه أفضل. انتهى. وقال الآمدي: إن كان سائرا، فالأفضل"1 التَّأْخِيرَ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَنْزِلِ فَالْأَفْضَلُ التَّقْدِيمُ، وَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ: الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ الِارْتِحَالَ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَلَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ النُّزُولُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ، وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ الْأُولَى إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ، انْتَهَى. وَقِيلَ: جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: جَمْعُ التَّقْدِيمِ أفضل في جمع المطر، نقله الأثرم،

1 "1 - 1" ليست في "ط".

ص: 108

قال القاضي: أراد1 مَا يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هَذَا مِنْ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَعْذَارَهُمَا كُلَّهَا تُبِيحُ الْجَمْعَ، وَاحْتَجَّ فِي الْخِلَافِ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَسْقُطُ بِالْمَطَرِ، لِلْخَبَرِ2، وَإِذَا سَقَطَتْ الْجَمَاعَةُ لِلْمَشَقَّةِ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِهَذَا الْمَعْنَى، ونقل أبو طالب في المطر

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وجمع التأخير أفضل3 فِي غَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي "الْكَافِي"4، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: يَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي "الْمُقْنِعِ"5، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَغَيْرِهِمْ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ: يَفْعَلُ المريض الْأَرْفَقَ بِهِ مِنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَزَادَ: فَإِنْ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ، وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ إلَّا فِي جَمْعِ الْمَطَرِ فَإِنَّ التَّقْدِيمَ6 أَفْضَلُ. انْتَهَى.

تَنْبِيهٌ: إذَا قُلْنَا بِأَنْ يَفْعَلَ الْأَرْفَقَ وَاسْتَوَيَا عِنْدَهُ، قَالَ فِي "الْكَافِي"7، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: الْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ فِي الْمَرَضِ، وَفِي الْمَطَرِ التَّقْدِيمُ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ أَيْضًا فِي الْمَرِيضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فِي هَذَا الباب.

1 في "ط": "أو".

2 تقدم تخريجه ص 106.

3 1/462.

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 5/98.

5 في "ط": "التفصيل".

6 1/461.

7 1/393.

ص: 109

يكون يوم الجمعة بِالْغَدَاةِ فَيَصِيرُ طِينًا ثُمَّ يَنْقَطِعُ وَقْتَ الذَّهَابِ فَقَالَ: مَنْ قَدَرَ أَنْ يَذْهَبَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ لَمْ يَذْهَبْ، قَالَ: فَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ، فَعَلَى قِيَاسِهِ يَكُونُ عُذْرًا فِي الْجَمْعِ، وَيَتَوَجَّهُ مُرَادُهُ غير غلبة نعاس.

وقال صاحب المحرر و1 صَاحِبِ "النَّظْمِ": الْخَوْفُ يُبِيحُ الْجَمْعَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، وَأَوْلَى، لِمَفْهُومِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ2. وَبِهِ تَمَسَّكَ إمَامُنَا فِي الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ، وَاخْتَارَ شيخنا الجمع لتحصيل الجماعة،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ب" و"س" و"ط": "أو".

2 تقدم ص 106.

ص: 110

وَلِلصَّلَاةِ فِي حَمَّامٍ مَعَ جَوَازِهَا فِيهِ خَوْفَ فَوْتِ الْوَقْتِ.

وَلِخَوْفِ تَحَرُّجٍ فِي تَرْكِهِ، أَيْ مَشَقَّةً، وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ"1 فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ2 أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ3. فَلَمْ يُعَلِّلْهُ بِمَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ وَحُمِلَ عَلَى آخِرِ الوقت وأوله، وعلى المشقة،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه مسلم بهذا اللفظ، ولم أجده في البخاري، ولم يرقم له المزي، في "تحفة الأشراف" 4/441، ونص ابن حجر في "التلخيص الحبير" أن هذا اللفظ لمسلم 2/50.

2 في الأصل: "لا يخرج".

3 في النسخ الخطية: "الأمة"، والمثبت من "ط".

ص: 111

وَمَثَّلَ1 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالضَّعِيفِ لِلْكِبَرِ، وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: بِأَنَّهُ يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ.

قَالَ: وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ في رواية صالح، وقد قِيلَ لَهُ عَنْهُ فَقَالَ: قَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ بِتَحْدِيدِ الْمَوَاقِيتِ، وَسَبَقَ كَلَامُهُ فِي الْجَمْعِ، لِلْوَحْلِ2.

1 في الأصل: "ومثله".

2 ص 106.

3 بعدها في "س": "في".

4 "4 - 4" ليست في "س".

5 3/138.

ص: 112

‌فَصْلٌ: تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلْجَمْعِ فِي الْأَشْهَرِ

"وم ش" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: هُوَ الْمَذْهَبُ، فَإِنْ جَمَعَ3 وَقْتَ الْأُولَى اُشْتُرِطَتْ عِنْدَ إحْرَامِهَا، وَقِيلَ: أَوْ قَبْلَ 4"فَرَاغِهَا، وَقِيلَ"4: أَوْ إحْرَامِ الثَّانِيَةِ "وم ر" وَجَزَمَ فِي التَّرْغِيبِ: وَإِحْرَامِ الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: هُوَ فَقَطْ، وَتَقْدِيمُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا "و".

وَالْمُوَالَاةُ إلَّا بِقَدْرِ إقَامَةٍ وَوُضُوءٍ "وم ش" قَالَ جَمَاعَةٌ: وَذِكْرٍ يَسِيرٍ كَتَكْبِيرِ عِيدٍ، وَعَنْهُ: أَوْ سُنَّةٍ، وَفِي الِانْتِصَارِ: يَجُوزُ تَنَفُّلُهُ بَيْنَهُمَا، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَيْنَهُمَا، وَاخْتَارَ فِي "الْمُغْنِي"5، وَغَيْرِهِ الْعُرْفَ، وَفِي الْخِلَافُ رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْجَمْعِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُوَالَاةُ، وَاعْتَبَرَ فِي الْفُصُولِ الْمُوَالَاةَ، قَالَ: وَمَعْنَاهَا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ، وَلَا كَلَامٍ، لِئَلَّا يَزُولَ مَعْنَى الِاسْمِ وَهُوَ الْجَمْعُ، وَقَالَ: إنْ سَبَقَهُ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 112

الْحَدَثُ فِي الثَّانِيَةِ، وَقُلْنَا تَبْطُلُ "بِهِ" فَتَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يُطِلْ فَفِي بُطْلَانِ جَمْعِهِ احْتِمَالَانِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا مُوَالَاةَ، وَأَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَالْمَرُّوذِيِّ: لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ، وَمِنْ نَصِّهِ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ: إذَا صَلَّى إحْدَاهُمَا فِي بَيْتِهِ وَالْأُخْرَى فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ، وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعُذْرِ عِنْدَ إحْرَامِهِمَا1، وَالْأَشْهَرُ: وَسَلَامِ الْأُولَى، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ دَوَامُهُ فِيهَا وَإِنْ انْقَطَعَ السَّفَرُ فِي الْأُولَى فَلَا جَمْعَ، وَتَصِحُّ وَيُتِمُّهَا، وَكَذَا بَعْدَهَا، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ2، كَالْقَصْرِ فَيُتِمُّهَا نَفْلًا، وَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ، كَانْقِطَاعِ مَطَرٍ فِي الْأَشْهَرِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ أَنَّ نَتِيجَتَهُ وَحْلٌ فَيَتْبَعُهُ، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى بِخِلَافِ مَنْ جَمَعَ لِسَفَرٍ فَزَالَ وَثَمَّ مَطَرٌ أَوْ مَرَضٌ يَبْطُلُ جَمْعُهُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي احْتِمَالًا: يُبْطِلُ3 الْجَمْعَ بعد الثانية، ومريض كمسافر.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل و"س": "إحرامها".

2 بعدها في "س": "و".

3 في الأصل: "لا يبطل".

ص: 113

‌فَصْلٌ: وَإِنْ جَمَعَ وَقْتَ الثَّانِيَةِ اُشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْجَمْعِ

قَبْلَ أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْأُولَى بِقَدْرِهَا، لِفَوْتِ فَائِدَةِ الْجَمْعِ، وَهِيَ التَّخْفِيفُ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَهُمَا، قَالَهُ1 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ: مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ فِعْلِهَا، لِتَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ إذَنْ "وش" وَقِيلَ: أَوْ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ.

وَوُجُودُ الْعُذْرِ إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ.

وَالتَّرْتِيبُ "ش" لِأَنَّ عَلَيْهِمَا أَمَارَةً، وَهِيَ اجْتِمَاعُ الْجَمَاعَةِ؛ ولأن الثانية تبع للأولة؛ فما لم يوجد2 الْمَتْبُوعِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ التَّبَعِ؛ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا يَجُوزُ فِعْلُهَا بِصَلَاةِ الْأُولَى، فَقَدْ صَلَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا يَصِحُّ، بِخِلَافِ الْفَوَائِتِ فِي ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ "وهـ" لِأَنَّ أَحَدَهُمَا هُنَا تَبَعٌ لِاسْتِقْرَارِهِمَا، كَالْفَوَائِتِ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْهَا تَخْرِيجُ يَسْقُطُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ:"وَضِيقُ" وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَائِتَةٍ مَعَ مُؤَدَّاةٍ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ لهما أداء.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "س": "قال".

2 بعدها في "ط": "حكم".

ص: 114

وَقِيلَ: وَالْمُوَالَاةُ، فَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ، وَقَدَّمَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا. وَلَا يَقْصُرُهَا لِأَنَّهَا قَضَاءٌ.

وَإِنْ تَعَدَّدَ1 إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ، أَوْ نَوَاهُ الْمَعْذُورُ مِنْهُمَا، أَوْ صَلَّى الْأُولَى وَحْدَهُ ثُمَّ الثَّانِيَةَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، صَحَّ فِي الْأَشْهَرِ.

وَلَهُ الْوِتْرُ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ "م".

وَصَلَاةُ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ كَغَيْرِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش" وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي عِبَادَاتِهِ وَشَيْخُنَا: الْجَمْعَ وَالْقَصْرَ مُطْلَقًا "وم" وَالْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ: الْجَمْعُ فَقَطْ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ "وهـ".

وَلِامْتِنَاعِ الْقَصْرِ لِلْمَكِّيِّ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُوَلَّى أَحَدٌ مِنْهُمْ الْمَوْسِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْدُمُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُوَلَّى أحد منهم.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "س": "تعذر".

ص: 115

‌باب صلاة الخوف

‌مدخل

باب صلاة الخوف

تجوز "و"1 فِي قِتَالٍ مُبَاحٍ "و" وَلَوْ حَضَرًا "و" مَعَ خَوْفِ هَجْمِ الْعَدُوِّ، فَإِنْ كَانَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ لَمْ يَخَفْ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَخَافُوا كَمِينًا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ عُسْفَانَ2، فَيَصُفُّهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَأَكْثَرَ، فَيُصَلِّي بِهِمْ جَمِيعًا حَتَّى يَسْجُدَ، فَيَسْجُدَ مَعَهُ "الصَّفُّ" الْأَوَّلُ، وَيَحْرُسُ الثَّانِي حَتَّى يقوم الإمام إلى الثانية فيسجد ويلحقه، وفي الْخَبَرِ تَأَخَّرَ الْمُتَقَدِّمُ وَتَقَدَّمَ الْمُتَأَخِّرُ3: فَقِيلَ: هُوَ أَوْلَى لِلتَّسْوِيَةِ فِي فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ، وَلِقُرْبِ4 مُوَاجِهَةِ الْعَدُوِّ، وَقِيلَ: يَجُوزُ "م 1" وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يحرس الساجد معه أولا، ثم يلحقه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَيَصُفُّهُمْ "خَلْفَهُ" صَفَّيْنِ "فَأَكْثَرَ" وَيُصَلِّي بِهِمْ جَمِيعًا حَتَّى يَسْجُدَ، فَيَسْجُدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ، وَيَحْرُسُ الثاني حتى يقوم الإمام إلى الثانية فيسجد ويلحقه، وفي الخبر تأخر المتقدم وتقدم المتأخر فَقِيلَ: هُوَ أَوْلَى لِلتَّسْوِيَةِ فِي فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ، وَلِقُرْبِ مُوَاجِهَةِ الْعَدُوِّ، وَقِيلَ: يَجُوزُ، انْتَهَى:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5، وَالشَّرْحِ6، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي7، وَالْهَادِي، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الصِّفَةَ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ، وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهَا.

1 ليست في "ط".

2 عسفان: على مرحلتين من مكة على طريق المدينة، وسميت عسفان لتعسف السيل فيها. "معجم البلدان" 4/121. وقوله: صلاة عسفان، يعني الصلاة التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع.

3 وهو خبر صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أصحابه بعسفان. أخرجه أبو داود "1236"، والنسائي في "المجتبى" 3/177 - 178، من حديث أبي عياش الزرقي.

4 في الأصل: و"س": "والقرب".

5 3/298.

6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/118.

7 1/468.

ص: 116

فِي1 التَّشَهُّدِ، فَيُسَلِّمُ بِجَمِيعِهِمْ، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: يَحْرُسُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَإِنْ حَرَسَ بَعْضُ الصَّفِّ أَوْ جَعَلَهُمْ صَفًّا وَاحِدًا جَازَ، لَا حِرَاسَةَ صَفٍّ2 وَاحِدٍ فِي الرَّكْعَتَيْنِ.

1 في الأصل: "ثم".

2 ليست في الأصل و"ب".

ص: 117

فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ

صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ3، فَيَقْسِمُهُمْ طَائِفَتَيْنِ تَكْفِي4 كُلُّ طَائِفَةٍ الْعَدُوَّ، وَزَادَ أَبُو الْمَعَالِي: بِحَيْثُ يَحْرُمُ فِرَارُهَا، فَإِنْ فَرَّطَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَوْ فِيمَا فِيهِ حَظٌّ5 لَنَا أَثِمَ، وَيَكُونُ صَغِيرَةً، وَهَلْ يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ إنْ قَارَنَ الصَّلَاةَ؟ الْأَشْبَهُ لَا يَقْدَحُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: يَفْسُقُ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، كَالْمُودَعِ وَالْأَمِينِ وَالْوَصِيِّ إذَا فَرَّطَ فِي الْأَمَانَةِ، ذَكَرَ ذَلِكَ6 ابْنُ عَقِيلٍ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

3 أخرج البخاري "4125"، ومسلم "843"، من حديث جابر قال: أقبلنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع

قال: فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان.

4 في الأصل: "يلقى".

5 في الأصل: "حفظ".

6 ليست في "س".

ص: 117

طَائِفَةٌ تَحْرُسُ وَطَائِفَةٌ يُصَلِّيَ بِهَا رَكْعَةً ثُمَّ تُفَارِقُهُ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ إذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا مُفَارِقَةٌ بِلَا عُذْرٍ، وَتُتِمُّهَا لِنَفْسِهَا، وَتُسَلِّمُ وَتَنْوِي الْمُفَارِقَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ وَلَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ بَطَلَتْ.

وَتَسْجُدُ لِسَهْوِ إمَامِهَا قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ فَرَاغِهَا، وَهِيَ بعد المفارقة منفردة، وقيل: منوية1، والطائفة الثانية منوية1، فِي كُلِّ صَلَاتِهِ، يَسْجُدُونَ لِسَهْوِهِ لَا لِسَهْوِهِمْ وَمَنَعَ أَبُو الْمَعَالِي انْفِرَادَهُ، فَإِنَّ مَنْ فَارَقَ إمَامَهُ فَأَدْرَكَهُ مَأْمُومًا بَقِيَ حُكْمُ إمَامَتِهِ.

وَإِذَا أَتَمَّتْ وَسَلَّمَتْ مَضَتْ تَحْرُسُ، وَيُطِيلُ قِرَاءَتَهُ2 حَتَّى تَحْضُرَ الْأُخْرَى فَتُصَلِّيَ مَعَهُ الثَّانِيَةَ، يَقْرَأُ إذَا جَاءُوا بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ، وَإِنْ كَانَ "قَرَأَ" قَرَأَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ، وَلَا يُؤَخِّرُ الْقِرَاءَةَ إلَى مَجِيئِهَا "ق" وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السُّكُوتُ وَلَا التَّسْبِيحُ وَلَا الدُّعَاءُ وَلَا الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ، لَمْ يَبْقَ إلَّا الْبُدَاءَةُ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ طَوِيلَةٍ، كَذَا قَالَ: لَا يَجُوزُ، أَيْ يُكْرَهُ، وَيَكْفِي إدْرَاكُهَا لِرُكُوعِهَا3، وَيَكُونُ تَرَكَ الْإِمَامُ الْمُسْتَحَبَّ، وَفِي الْفُصُولِ: فَعَلَ مَكْرُوهًا، فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ كَرَّرَهُ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": "مؤتمة".

2 في "ب" و"س": "قراآته".

3 في "س": "الركوع".

ص: 119

وَصَلَّتْ الثَّانِيَةُ وَسَلَّمَ بِهَا. وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يسلم قبلها، وقيل: يقضي بعد سلامه "وم ر".

وَتَسْجُدُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ وَلَا تُعِيدُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْفَرِدْ عَنْهُ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ كَمَسْبُوقٍ، وَقِيلَ: إنْ سَهَا فِي حَالِ انْتِظَارِهَا، أَوْ سَهَتْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ، فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقُدْوَةِ؟ وَإِذَا لَحِقُوهُ فِي التَّشَهُّدِ هَلْ يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَأْخُوذٌ مِمَّنْ زُحِمَ عَنْ سُجُودٍ إذَا سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ، أَوْ سَهَا إمَامُهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ، أَوْ سَهَا الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ دَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَأَوْجَبَ أَبُو الْخَطَّابِ سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى الْمَزْحُومِ لِانْفِرَادِهِ بِفِعْلِهِ. وَقِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الْبَاقِي كَذَلِكَ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَانْفَرَدَ به عن أكثر أصحابنا وعامة العلماء: إن انفرد المأموم بما لا يقطع قدوته متى سها فيه "أو به" حمل عنه الأمام. ونص عليه في مواضع، لبقاء حكم القدوة "*".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَتَسْجُدُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ وَلَا تُعِيدُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْفَرِدْ عَنْهُ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ كَمَسْبُوقٍ، وَقِيلَ: إنْ سَهَا فِي حَالِ انْتِظَارِهَا، أَوْ سَهَتْ بَعْدَ1 مُفَارَقَتِهِ، فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقُدْوَةِ؟ وَإِذَا لَحِقُوهُ2 فِي التَّشَهُّدِ هَلْ يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَأْخُوذٌ مِمَّنْ زُحِمَ عَنْ سُجُودٍ إذَا سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ، أَوْ سَهَا إمَامُهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ، أَوْ سَهَا الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ دَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَأَوْجَبَ أَبُو الْخَطَّابِ سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى الْمَزْحُومِ، لِانْفِرَادِهِ بِفِعْلِهِ، وَقِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الْبَاقِي كَذَلِكَ، قَالَ صَاحِبُ المحرر وانفرد به عن أكثر أصحابنا وعامة الْعُلَمَاءِ إنَّ انْفِرَادَ3 الْمَأْمُومِ بِمَا لَا يَقْطَعُ قُدْوَتَهُ مَتَى سَهَا فِيهِ أَوْ بِهِ حَمَلَ عنه الأمام، ونص عليه في مواضع، لبقاء حكم القدوة، انتهى كلام المصنف ونقله.

1 في النسخ الخطية: "في حال"، والمثبت من "ط".

2 في "ص": "ألحقوه".

3 في "ح": "إن انفرد".

ص: 120

وَإِنْ انْتَظَرَهَا جَالِسًا بِلَا عُذْرٍ وَائْتَمَّتْ1 بِهِ مَعَ الْعِلْمِ2، بَطَلَتْ.

وَهَلْ يَجُوزُ تَرْكُ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَحْرُسُ الْحِرَاسَةَ لِمَدَدٍ أَغْنَاهَا عَنْهَا بِلَا إذْنٍ وَتُصَلِّي، لِحُصُولِ الْغَرَضِ، أَمْ "لَا" لِأَنَّ رَأْيَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ بِرَأْيِ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِالنَّظَرِ فِيهِ، بِدَلِيلِ الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ وقَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ} [آل عمران: 155] ؟ فيه وجهان "م 3".

وَعَلَيْهِمَا3: تَصِحُّ "*"؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بشرط الصلاة، وقد قيل: لو

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَمُلَخَّصُ ذَلِكَ: أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ تَحَمُّلُ الْإِمَامِ عَنْ الْمَأْمُومِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الْمَأْمُومُ، وَأَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ الَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَاَللَّهُ أعلم.

مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ تَرْكُ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَحْرُسُ الْحِرَاسَةَ لِمَدَدٍ أَغْنَاهَا عَنْهَا4، بِلَا إذْنٍ وَتُصَلِّي، لِحُصُولِ الْغَرَضِ، أَمْ لَا لِأَنَّ رَأْيَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ بِرَأْيِ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِالنَّظَرِ فِيهِ، بِدَلِيلِ الرُّمَاةِ يَوْمَ أحد قوله تعالى:{إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ} فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى. 5"وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ"5 قُلْت: إنْ تَحَقَّقَتْ الْغَنَاءَ وَالرَّدْءَ الَّذِي جَاءَ جَازَ لَهَا تَرْكُ الْحِرَاسَةِ وَالصَّلَاةُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا الْغَنَاءُ أَوْ شَكَّتْ فِيهِ لَمْ يَجُزْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي غير كلام المصنف.

تنبيهان:

"*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَعَلَيْهِمَا تَصِحُّ يَعْنِي الصَّلَاةَ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بشرط الصلاة، وقد قيل: لو خاطر أقل مما شرطنا وتعمدوا

1 في "س": "وانتهت".

2 في الأصل: "لعذر".

3 في "ب": "وعليها".

4 ليست في النسخ، والمثبت من "الفروع".

5 "5 - 5" ليست في "ح".

ص: 121

خاطر أقل مما شرطنا، وتعمدوا الصلاة على هَذِهِ الصِّفَةِ، فَقِيلَ: تَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمْ يَعُدْ إلَى شَرْطِ الصَّلَاةِ، بَلْ إلَى الْمُخَاطَرَةِ بِهِمْ كَتَرْكِ حَمْلِ سِلَاحٍ مَعَ حَاجَةٍ، وَقِيلَ: لَا، وَهَذِهِ الصِّفَةُ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ "وم ر ش" وَنَصُّهُ: تَفْعَلُ وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَخَالَفَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.

وَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً "و" وَلَا تَفْسُدُ، بِعَكْسِهِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى انْتِظَارَيْنِ، وَالِانْصِرَافُ فِي غَيْرِ محل الفضيلة1 لَا الْجَوَازُ.

وَيَتَخَرَّجُ: تَفْسُدُ مِنْ فَسَادِهَا بِتَفْرِيقِهِمْ أربع طوائف "وهـ" وَإِنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً غَيْرَ مَقْصُورَةٍ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، وَتَصِحُّ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَبِأُخْرَى ثَلَاثًا، وَتُفَارِقُهُ الْأُولَى فِي الْمَغْرِبِ وَالرَّبَاعِيَةِ عِنْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ، وَيَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ جَالِسًا يُكَرِّرُهُ، فَإِذَا أَتَتْ الثَّانِيَةُ قَامَ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: تُحْرِمُ مَعَهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ بِهِمْ، وَقِيلَ: الْمُفَارَقَةُ وَالِانْتِظَارُ فِي الثالثة "وم ر ق" فَيَقْرَأُ سُورَةً وَيُحْتَمَلُ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ، وَلَا تَتَشَهَّدُ الثَّانِيَةُ2 بَعْدَ ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ تَشَهُّدِهَا، وَقِيلَ: تَتَشَهَّدُ مَعَهُ إنْ قُلْنَا يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، لِئَلَّا تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ بِتَشَهُّدٍ، وَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعًا فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ ركعة3، صحت صلاة الأوليين فقط "وق" لِمُفَارِقَتِهِمَا قَبْلَ الِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُبْطِلُ؛ لِأَنَّهُ لم يرد، ذكر

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الصَّلَاةَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَقِيلَ: تَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمْ يَعُدْ إلَى شَرْطِ الصَّلَاةِ بَلْ إلَى الْمُخَاطَرَةِ بِهِمْ، كَتَرْكِ حَمْلِ سِلَاحٍ مَعَ حَاجَةٍ، وَقِيلَ: لَا؛ انْتَهَى. فَإِطْلَاقُ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ تَتِمَّةِ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ، وهو الذي قدمه المصنف.

1 بعدها في "ب": "و"، وفي "ط":"به".

2 في الأصل: "الثالثة".

3 في "ب": "ركعتين".

ص: 122

ذَلِكَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا صَارَ إلَى فِعْلِهِ عليه السلام.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: وَسَوَاءٌ احْتَاجَ إلَى هَذَا التَّفْرِيقِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُمْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَقَالَ صَاحِبُ "الْمُحَرَّرِ": الصَّحِيحُ عِنْدِي عَلَى أَصْلِنَا إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْكُلِّ كحاجتهم1 بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَالْجَيْشُ أَرْبَعُمِائَةٍ لِجَوَازِ الِانْفِرَادِ لِعُذْرٍ، وَالِانْتِظَارُ إنَّمَا هُوَ تَطْوِيلُ قِيَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ، وَإِلَّا صَحَّتْ صَلَاةُ الْأُولَى لِجَوَازِ مُفَارَقَتِهَا، بِدَلِيلِ جَوَازِ صَلَاتِهِ بِالثَّانِيَةِ الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةِ، لِانْفِرَادِهِمَا بِلَا عُذْرٍ، وَهُوَ مُبْطِلٌ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَالثَّالِثَةُ2 وَالرَّابِعَةُ لِدُخُولِهِمَا فِي صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْكُلِّ لِنِيَّتِهِ صَلَاةً مُحَرَّمَةً ابْتِدَاءً، وَقِيلَ: تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَقَطْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخِلَافِ، قَالَ: لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِينَ إنَّمَا فَسَدَتْ لِانْصِرَافِهِمْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِانْصِرَافِ بِلَا حَاجَةٍ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ3 "وهـ م" لِانْصِرَافِهِمَا فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ، وَمَنْ جَهِلَ مِنْهُنَّ الْمُفْسِدَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إنْ جَهِلَهُ الْإِمَامُ، كَحَدَثِهِ4، وَقِيلَ: أَوْ لَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِهَذَا قِيلَ: لَا تَصِحُّ كَحَدَثِهِ، وَقِيلَ: لَا تصح مطلقا، للعلم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": "لحاجتهم".

2 في الأصل: "والثانية".

3 في "ط": "والثانية".

4 في الأصل: "لحدثه".

ص: 123

‌فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ القبلة

وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمْ هَذَا الْخِلَافُ، قَالَ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ معه مبنية على إمامة الفاسق "م 2".

وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ كُلِّ طَائِفَةٍ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ، قيل: يكره أقل.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ قَسَمَهُمْ طَائِفَتَيْنِ تَكْفِي كُلُّ طَائِفَةٍ الْعَدُوَّ فَإِنْ فَرَّطَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَوْ فِيمَا فِيهِ حَظٌّ لَنَا أَثِمَ، وَيَكُونُ صَغِيرَةً، وَهَلْ يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ إنْ قَارَنَ الصَّلَاةَ؟ الْأَشْبَهُ لَا يَقْدَحُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: يَفْسُقُ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، كَالْمُودَعِ وَالْأَمِينِ وَالْوَصِيِّ إذَا فَرَّطَ فِي الْأَمَانَةِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ مَعَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى إمَامَةِ الْفَاسِقِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فَقَالَ: فَإِنْ تَرَكَ الْأَمِيرُ مَا فِيهِ حَظُّ الْمُسْلِمِينَ أَثِمَ، وَهَلْ يَفْسُقُ بِذَلِكَ قَبْلَ تَكْرَارِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: وَهَذَا لَفْظُهُ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا كَانَ عَاصِيًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ بِذَلِكَ فَاسِقًا، كَالْمُودَعِ وَالْأَمِينِ وَالْوَصِيِّ إذَا فَرَّطَ، فَتُخَرَّجُ صِحَّةُ إمَامَتِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي صَلَاةِ الْفَاسِقِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَغِيرَةً لَا تُوجِبُ بِمُجَرَّدِهَا الْفِسْقَ حَتَّى يَشْفَعَهَا بِأَمْثَالِهَا، وَهَلْ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً قَارَنَتْ الصَّلَاةَ؟ الْأَشْبَهُ أَنَّهَا 1"لَا تَقْدَحُ، وَعَلَّلَهُ، انْتَهَى، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَام ابْنِ عَقِيلٍ يُقَوِّي مَا قَالَ إنَّهُ الْأَشْبَهُ"1، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ يَفْسُقُ، وَارْتِكَابُ مَا فَعَلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، والله أعلم.

1 "1 - 1" في "ط".

ص: 11