الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الاستسقاء
مدخل
…
بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ
تُسَنُّ "هـ" حَضَرًا وَسَفَرًا عِنْدَ جَدْبِ الْأَرْضِ، وَقِيلَ: وَخَوْفِهِ وَاحْتِبَاسِ الْقَطْرِ لِمُجْدِبٍ، وَفِي مُخْصِبٍ لِمُجْدِبٍ وَجْهَانِ "م 1". وَلَا اسْتِسْقَاءَ لِانْقِطَاعِ مَطَرٍ عَنْ أَرْضٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ وَلَا مَسْلُوكَةٍ لِعَدَمِ الضَّرَرِ.
وَإِنْ غَارَ مَاءُ عَيْنٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ نَقَصَ وَضَرَّ فَرِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُسْتَسْقَى، وَأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: لا. والأفضل جماعة "وم ش" وقت العيد "وم ش" وقيل: بعد الزوال.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَفِي مُخْصِبٍ لِمُجْدِبٍ وَجْهَانِ، يَعْنِي هَلْ يُصَلِّي الْمُخْصِبُ لِلْمُجْدِبِ أَمْ تَخْتَصُّ الصَّلَاةُ بِالْمُجْدِبِ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ:
أَحَدُهُمَا يُصَلُّونَ لَهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْجَدْبِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ اسْتَسْقَى مُخْصِبٌ لِمُجْدِبٍ جَازَ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، انْتَهَى. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: يستحب ذلك، انتهى.
1"والوجه الثاني: لا يصلي بهم.
مسألة - 2: قوله: وَإِنْ غَارَ مَاءُ عَيْنٍ، أَوْ نَهْرٍ، أَوْ نقص وضر، فروايتان انْتَهَى"1.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي شَرْحِ الْمَجْدِ:
أَحَدُهُمَا2: يُصَلُّونَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْإِفَادَاتِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: اسْتَسْقَوْا عَلَى الْأَقْيَسِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عقيل وغيرهما.
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "أحدهما".
وَيَعِظُهُمْ الْإِمَامُ وَيَأْمُرُهُمْ بِالتَّوْبَةِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ، قَالَ جماعة: وَالصَّدَقَةُ وَالصِّيَامُ، زَادَ جَمَاعَةٌ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ صَائِمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ بِأَمْرِهِ، مَعَ أَنَّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ "ع" وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: فِي السِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْأُمُورِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا لَا مُطْلَقًا، وَلِهَذَا جَزَمَ بَعْضُهُمْ: تَجِبُ فِي الطَّاعَةِ، وَتُسَنُّ فِي الْمَسْنُونِ، وَتُكْرَهُ فِي الْمَكْرُوهِ وَذَكَرَ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي: لَوْ نَذَرَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ زَمَنَ الْجَدْبِ وَحْدَهُ أَوْ هُوَ وَالنَّاسُ لَزِمَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ، وَإِنْ نَذَرَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ انْعَقَدَ أَيْضًا، كَالصَّلَوَاتِ الْمَشْرُوعَةِ لِلْأَسْبَابِ، كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَرْكَعَ لِلطَّوَافِ، 1"أَوْ أَنْ أُحَيِّيَ"1 الْمَسْجِدَ صَحَّ.
وَيَعِدُهُمْ يَوْمَ خُرُوجِهِمْ، ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى "و" مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا مُتَذَلِّلًا، مُتَنَظِّفًا، وَقِيلَ فِيهِ: لَا، كَالطِّيبِ "وَ"، وَمَعَهُ الشيوخ وأهل الدين، ويستحب خروج المميز "وم ش" وَقِيلَ: يَجُوزُ كَالطِّفْلِ، وَالْبَهِيمَةِ وَقِيلَ فِيهَا: يُكْرَهُ. وَفِي الْفُصُولِ: نَحْنُ لِخُرُوجِ الشُّيُوخِ وَالصِّبْيَانِ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا، قَالَ: وَيُؤْمَرُ سَادَةُ الْعَبِيدِ بِإِخْرَاجِ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ وَلَا يَجِبُ، وَالْمُرَادُ مَعَ عَدَمِ الفتنة، ويجوز خروج العجوز2 "وم" وَقِيلَ: لَا وَجَعَلَهُ أَبُو الْوَفَاءِ ظَاهِرَ كَلَامِهِ، وقيل: يستحب "وهـ ش" وَلَا تَخْرُجُ ذَاتَ هَيْئَةِ "الِاسْتِسْقَاء"؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إجَابَةُ الدُّعَاءِ، وَضَرَرَهَا أَكْثَرُ، قَالَ صَاحِبُ المحرر: يكره "و"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُصَلُّونَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَتَبِعْهُ الشَّارِحُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُصَلُّونَ، "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقُدِّمَ في الفائق.
1 في النسخ الخطية: "وأن أجيء" وهو بعيد.
2 في "ط": "العجائز".
وَيُكْرَهُ إخْرَاجُنَا لِأَهْلِ الذَّمَّةِ "و" وَقِيلَ: لَا، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَا يُكْرَهُ خُرُوجُهُمْ "هـ" وَإِنْ خَرَجُوا لَمْ يُمْنَعُوا وَلَمْ يَخْتَلِطُوا بِالْمُسْلِمِينَ،. وَهَلْ الْأَوْلَى إفْرَادُهُمْ بِيَوْمٍ أَمْ لَا؟ "و" فيه وجهان "م3" وَفِي خُرُوجِ عَجَائِزِهِمْ الْخِلَافُ"*"، وَلَا تَخْرُجُ شَابَّةٌ مِنْهُمْ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ. وَجَعَلَ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ مَنْ خَالَفَ دِينَ الإسلام في الجملة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَهَلْ الْأَوْلَى إفْرَادُهُمْ بِيَوْمٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يُفْرِدُونَ بِيَوْمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يُفْرَدُ أَهْلُ1 الذِّمَّةِ بِيَوْمٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَالْإِفَادَاتِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُهُمْ فِي وَقْتٍ مُفْرَدٍ، لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُسْقَوْنَ فَيُخْشَى الْفِتْنَةُ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْأَوْلَى خُرُوجُهُمْ مُنْفَرِدِينَ بِيَوْمٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى4، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ.
تَنْبِيهَانِ:
"*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَفِي خُرُوجِ عَجَائِزِهِمْ الْخِلَافُ" الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْخِلَافُ الذي في عجائز المسلمين، والمذهب الجواز.
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 3/349.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 5/418.
4 الإرشاد: ص 113.
وَيَجُوزُ التَّوَسُّلُ بِصَالِحٍ1، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، قَالَ أَحْمَدُ فِي مَنْسَكِهِ الَّذِي كَتَبَهُ لِلْمَرُّوذِيِّ: إنَّهُ يَتَوَسَّلُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دُعَائِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَجَعَلَهَا2 شَيْخُنَا كَمَسْأَلَةِ الْيَمِينِ بِهِ، قَالَ: وَالتَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَبِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَفْعَالِ الْعِبَادِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي حَقِّهِ مَشْرُوعٌ "عِ"، وَهُوَ مِنْ الْوَسِيلَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى:{اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35] . وَقَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: فِي قَوْلِهِ عليه السلام: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" 3: الِاسْتِعَاذَةُ لَا تَكُونُ بِمَخْلُوقٍ، قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ4: الدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرٍ مَعْرُوفٍ5 التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَصْدُهُ لِلدُّعَاءِ عِنْدَهُ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ بِدْعَةٌ لَا قُرْبَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ أَيْضًا: يحرم بلا نزاع بين الأئمة6.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أي: التوسل بالدعاء منه، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وتوسل عمر بدعاء العباس رضي الله عنهما بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وتوسل معاوية بدعاء يزيد الجرشي رضي الله عنه.
2 في الأصل وهامش "س": "وجعله".
3 أخرجه مسلم "2708""54"، من حديث خولة بنت حكيم السلمية، ونحوه في البخاري "3371" عن ابن العباس.
4 هو الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم البغدادي الحربي، صاحب التصانيف له:"غريب الحديث". "ت 285 هـ". "سير أعلام النبلاء" 13/356.
5 هو: علم الزهد، بركة العصر، أبو محفوظ، معروف بن فيروز الكرخي، كان مجاب الدعوة. "ت 200 هـ". الأعلام 7/269.
6 وهو الصواب؛ إذ كيف يكون قبر أحد من الأموات ترياقا ودواء للأحياء؟! وذلك مما لم يرد به كتاب ولا سنة، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين، ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين الذين يقتدى بهم، بل الثابت هو النهي عن قصد قبور الأنبياء الصالحين لأجل الصلاة، والدعاء عندها.