الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ ثَانِيًا، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، فَيُعَابَا بِهَا.
وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى مُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ وَأَكْلِ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ. "م 9" قَالَ فِي الْفُصُولِ: فَأَمَّا إنْ حَصَلَ فِي بَطْنِ سَبُعٍ لَمْ يصل عليه مع مشاهدة السبع.
فَصْلٌ: وَلَا يُصَلِّي إمَامُ قَرْيَةٍ وَهُوَ وَالِيهَا فِي الْقَضَاءِ
، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، نَقَلَ حَرْبٌ: إمَامُ كُلِّ قَرْيَةٍ وَالِيهَا وَخَطَّأَهُ الْخَلَّالُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالصَّوَابُ تَصْوِيبُهُ، فَإِنَّ أَعْظَمَ 1"مُتَوَلٍّ لِلْإِمَامِ"1 فِي كُلِّ بَلْدَةٍ يَحْصُلُ بِامْتِنَاعِهِ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وجزم به في
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى مُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ وَأَكِلْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قَالَ فِي الفصول
1 في الأصل: "متولي الإمامة". وفي "ب": "متولي للإمام".
التَّبْصِرَةِ، وَقِيلَ: أَوْ نَائِبُهُ عَلَى غَالٍّ مِنْ غَنِيمَةٍ، وَقَاتِلِ نَفْسِهِ عَمْدًا. وَقِيلَ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَحَكَى رِوَايَةً، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ مَنْ هَجَرَ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالْفُسَّاقِ، فَيَجِيءُ الْخِلَافُ، فَلَا يصلي أهل الفضل على الفساق "وم ر" وَلِهَذَا فِي الْخِلَافِ: لِأَنَّ فِي امْتِنَاعِ الْإِمَامِ رَدْعًا وَزَجْرًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ شَرَفٌ لِلْمَيِّتِ وَرَغْبَةٌ فِي دُعَائِهِ لَهُ، وَعَنْهُ: وَلَا يُصَلِّ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ "خ" جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي كُلِّ مَنْ مَاتَ عَلَى مَعْصِيَةٍ ظَاهِرَةٍ بِلَا تَوْبَةٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَعَنْهُ: وَلَا على من قتل في حد1 "وم" وَعَنْهُ: وَلَا عَلَى مَدِينٍ "خ" وَعَنْهُ: يُصَلِّي عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ "و" كَمَا يُصَلِّي غَيْرُهُ حَتَّى عَلَى بَاغٍ "هـ" وَمُحَارِبٍ "هـ" وَهَلْ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ صَلْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 10" وَمَقْتُولٍ بالعصبية "هـ"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنْ أَكَلَهُ السَّبُعُ أَوْ أُحْرِقَ بِالنَّارِ احْتَمَلَ أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْغَرِيقِ وَالضَّائِعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، انْتَهَى، فَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُصَلَّى عَلَيْهِ. قُلْت: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ، بَلْ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لِأَجْلِ الْخَيْرِ الَّذِي يَحْصُلُ بِسَبَبِهَا2؛ مِنْ الثَّوَابِ وَالشَّفَاعَةِ، وَهُمْ أهل لذلك، ومحتاجون إليها، والله أعلم.
مَسْأَلَةٌ - 10: قَوْلُهُ فِي الْمُحَارِبِ: وَهَلْ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ صَلْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ صَلْبِهِ، قدمه في "التلخيص" و"مختصر ابن تميم".
1 في "س": "نفسه".
2 في النسخ الخطية: "تشبيها"، والمثبت من "ط".
ومن قتل أبويه "هـ" ولأصحابه خِلَافٌ فِيمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، ظُلْمًا، وَعَلَى أهل البدع في رواية "وهـ ش م ر" وَيَأْتِي فِي إرْثِ أَهْلِ الْمِلَلِ1.
وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ الْمَيِّتِ تَحْقِيقًا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، غَيْرُ شَعْرٍ وَظُفْرٍ، وَالْمُرَادُ: وَسِنٍّ، وَقِيلَ: وَغَيْرُ عُضْوِ قَاتِلٍ، كَيَدٍ وَرِجْلٍ صلى عليه "وش" وُجُوبًا، إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ فِي الْأَصَحِّ "و" وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَقِيلَ: يَنْوِي الْجُمْلَةَ، وَإِذَا صَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْأَكْثَرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ، واحتمل أن تجب، وإن تكرر الوجوب، جعلا لِلْأَكْثَرِ كَالْكُلِّ "م 11"، وَعَنْهُ: لَا يُصَلِّي عَلَى الأقل "وهـ م" لئلا تتكرر الصلاة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ بَعْدَ صَلْبِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْمُحَارِبِينَ، وَقَالَ فِي هَذَا الْبَابِ: وَإِنْ غُسِّلَ قَاطِعُ طَرِيقٍ قَبْلَ صَلْبِهِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ صَلَّى عَلَيْهِ، انْتَهَى.
مَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْمَيِّتِ تَحْقِيقًا صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِذَا صَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْأَكْثَرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ، وَإِنْ تَكَرَّرَ الْوُجُوبُ، جُعِلَا لِلْأَكْثَرِ كَالْكُلِّ، انْتَهَى. تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا في "مجمع البحرين"، "والرعاية الكبرى":
1 8/54.
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: نَحْنُ نُجِيزُهُ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ حَاضِرًا ابْتِدَاءً كَمَنْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ ثُمَّ حَضَرَ، فَقَدَّرْنَا غَيْبَةَ الْكُلِّ احْتِيَاطًا للصلاة، وذكر هَذَا فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، وَبَعْدَهُ.
وَهَلْ يُنْبَشُ لِيُدْفَنَ مَعَهُ أَمْ بِجَنْبِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 12".
وَمَا بَانَ مِنْ حَيٍّ كَيَدِ سَارِقٍ1 انْفَصَلَ فِي وَقْتٍ لَوْ وُجِدَتْ فِيهِ الْجُمْلَةُ لَمْ تغسل ولم يصل عليها. وقيل: يصلى عليهما2، إن احتمل موته.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: تَجِبُ الصَّلَاةُ أَيْضًا عَلَى الْأَكْثَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ ثَانِيًا، بَلْ يُكْتَفَى بِالصَّلَاةِ الَّتِي فُعِلَتْ عَلَى البعض الأول.
مَسْأَلَةٌ - 12: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُنْبَشُ لِيُدْفَنَ مَعَهُ أَمْ بِجَنْبِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَحَكَاهُمَا احْتِمَالَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى:
1 في الأصل: "وساق".
2 في الأصل و"س" و"ط": "عليها".
3 3/ 480 - 481.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 6/193.
وَإِنْ اشْتَبَهَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ كَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ نَوَى بِالصَّلَاةِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسْلِمُ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ "هـ" وَغَسَّلُوا وَكَفَّنُوا، لِيُعْلَمَ شَرْطُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ عَزْلَهُمْ وَإِلَّا دفنوا معا1. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: إنْ اخْتَلَطُوا بِنَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا صَلَاةَ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُغَسَّلُونَ إنْ تَسَاوَوْا، وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ إذَنْ.
وَسَبَقَ أَنَّ الْجِنَازَةَ تُقَدَّمُ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ2، فَدَلَّ أَنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى مَا قُدِّمَ الْكُسُوفُ عَلَيْهِ، وَصَرَّحُوا مِنْهُ بِالْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا بالمكتوبات، ونقل الجماعة: تقدم الجنازة3 "و" عَلَى فَجْرٍ وَعَصْرٍ فَقَطْ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُقَدَّمُ الْمَغْرِبُ عليها لا الفجر.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: يُدْفَنُ بِجَنْبِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: دُفِنَ بِجَنْبِهِ وَلَمْ يُنْبَشْ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4، وَالشَّرْحِ: وَإِنْ وُجِدَ الْجُزْءُ بَعْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ إلَى جَانِبِ الْقَبْرِ، أَوْ نُبِشَ بَعْضُ الْقَبْرِ وَدُفِنَ فِيهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى كَشْفِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ ضَرَرَ نَبْشِ الْمَيِّتِ وَكَشْفِهِ أَعْظَمُ مِنْ الضَّرَرِ بِتَفَرُّقِ أَجْزَائِهِ. انْتَهَى.
والوجه الثاني: ينبش ويدفن معه.
1 في "ط": "معنا".
2 ص 221.
3 بعدها في "ط": "و".
4 3/481.
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ تَقْدِيمَ الْمَغْرِبِ وَالْعِيدِ عَلَيْهَا، وَيُقَدِّمُ الْوَلِيمَةَ مَنْ دُعِيَ إلَيْهَا لِتَعْيِينِهَا بِالدِّعَايَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ. وَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ "هـ م ر" وَقِيلَ: هُوَ أَفْضَلُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَخَيَّرَهُ أَحْمَدُ "*". وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: السُّنَّةُ أن يصلى عليها فيه، وإنه قول "ش" وَأَحْمَدَ.
وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ تَلْوِيثُهُ لَمْ يَجُزْ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَأَجَابَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ عَنْ قَوْلِ الْمُخَالِفِ يُحْتَمَلُ انْفِجَارُهُ بِأَنَّهُ نَادِرٌ، ثُمَّ هُوَ عَادَةً بِعَلَامَةٍ، فَمَتَى ظَهَرَتْ كُرِهَ إدْخَالُهُ الْمَسْجِدَ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَا تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْمَسْجِدَ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَطْرُقَهَا الْحَيْضُ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: ثُمَّ لَوْ صَلَّى الْإِمَامُ فِيهِ وَالْجِنَازَةُ خَارِجُهُ كُرِهَتْ عِنْدَ الْمُخَالِفِ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِيمَا1 ذَكَرَهُ عَنْهُمْ، حَتَّى كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ لكل مصل في الْمَسْجِدِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ لِلْمَكْتُوبَاتِ، إلَّا لِعُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ: هَلْ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيَةِ؟.
وَلَا تُحْمَلُ الْجِنَازَةُ إلَى مكان ومحلة ليصلى عليها، فهي كالإمام يقصد ولا يقصده ذكره ابن عقيل وغيره.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ: هُوَ أَفْضَلُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَخَيَّرَهُ أَحْمَدُ، انْتَهَى. كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ مُبَاحَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: لَا بَأْسَ بِهَا فِيهِ، فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ قَدْ قَدَّمَ حُكْمًا وَهُوَ الْإِبَاحَةُ، فَلَيْسَ الْخِلَافُ بِمُطْلَقٍ، لَكِنْ عَلَى غَيْرِ الْمُقَدَّمِ: هَلْ فِعْلُهَا فِيهِ أَفْضَلُ أَمْ فِعْلُهَا خَارِجَهُ أَفْضَلُ؟ حَكَى قَوْلَيْنِ قُلْت: الصَّوَابُ عدم الأفضلية في المسجد. والله أعلم.
1 في الأصل: "فيهما".
وَلَهُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ قِيرَاطٌ، وَهُوَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ قِيرَاطٌ نِسْبَتُهُ مِنْ أَجْرِ صَاحِبِ الْمُصِيبَةِ وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ، وَذَكَرَ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو الْمَعَالِي وَجْهًا: أَنَّ الثَّانِيَ بِوَضْعِهِ فِي قَبْرِهِ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: إذَا سُتِرَ بِاللَّبِنِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ لِلثَّانِي أَنْ لَا يُفَارِقَهَا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ أَمْ يَكْفِي حُضُورَ دَفْنِهَا؟ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ "م 13" قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَأَسْمَعُ النَّاسَ إذَا سَلَّمُوا مِنْ الْجِنَازَةِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: آجَرَكَ اللَّهُ، وَلَا نَعْرِفُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سُئِلَ عَنْهُ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ1، فَقَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ قَوْلِ النَّاسِ إذَا تَنَاوَلَهُ مِنْ صَاحِبِهِ: سَلِّمْ رَحِمَك اللَّهُ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ. قِيلَ لَهُ: مَنْ يَذْهَبُ إلَى مَسْجِدِ الْجَنَائِزِ فَيَجْلِسُ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ إذَا جَاءَتْ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، وَكَأَنَّهُ رَأَى إذَا تَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا هُوَ أَفْضَلُ، قَالَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ2:"وَتَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا"3 يَعْنِي: مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَتَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ - 13: قَوْلُهُ: وَلَهُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ قِيرَاطٌ وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ وَهَلْ يُعْتَبَرُ لِلثَّانِي أَنْ لَا يُفَارِقَهَا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ أَمْ يَكْفِي حُضُورُ دَفْنِهَا؟ يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ، فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّبَاعِهَا وَحُضُورِ دَفْنِهَا، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، فَإِنَّ فِي اتِّبَاعِهَا أَجْرًا كَبِيرًا لَهُ وَلِلْمَيِّتِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهَا مِنْ بَيْتِهَا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَكْفِي حُضُورُ دَفْنِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَيْضًا، فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
1 هو: الإمام الرباني الزاهد أبو نصر، بشر بن الحارث بن عبد الرحمن المروزي، البغدادي، المشهور بالحافي. "ت 227 هـ". "سير أعلام النبلاء" 10/469.
2 هو: الإمام يحيى بن جعدة بن هبيرة القرشي، المخزومي. روى له أصحاب السنن. "تهذيب الكمال" 31/253.
3 وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" 3/321 عن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من أتى الجنازة عند أهلها فمشى معها حتى يصلى عليها فله قيراط
…