الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَقِّهِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَوَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ حَمْلٍ مُنْذُ طَلَّقَ، وَقِيلَ: نِصْفُ سَنَةٍ مُنْذُ أَخْبَرَتْ بِفَرَاغِ الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تُخْبِرْ، لَحِقَهُ، وَعَنْهُ. لَا، وَإِنْ أَخْبَرَتْ بِمَوْتِ زَوْجٍ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ لَحِقَ بِالثَّانِي مَا وَلَدَتْهُ لِنِصْفِ سَنَةٍ فأكثر فقط نص عليه.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
صَوَابُهُ فِي حَقِّهَا يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ قِيلَ يَكُونُ خَاصًّا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهَا دُونَ حَقِّ الزَّوْجِ، فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ كَانَ يَمْنَعُ هُوَ مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا، فَبِإِقْرَارِهَا أُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا أَتَتْ بِالْوَلَدِ بَعْدَ إقْرَارِهَا وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا تَبَيَّنَّا فَسَادَ نِكَاحِهِ لَهَا، وَنَقَضْنَا ذَلِكَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا، انْتَهَى. نَقَلَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ كُلُّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَيَاضٍ مِنْ قَوْلِهِ4: "وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
4 ص 228.
فَصْلٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ فَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ وَلَحِقَهُ
،
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ1، وَأَنَّهُ يُقَوِّيهِ قِصَّةُ2 عبد بن زمعة3 فلا
1 أخرج مالك في "الموطأ" 2/ 742، وعبد الرزاق في "مصنفه" 12524، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 413، أن ابن عمر قال: ما بال رجال يطؤون ولايدهم، ثم يعزلونهن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها، إلا ألحقت به ولدها، فأعزلوا بعد، أو اتركوا.
2 في الأصل: "قضية".
3 أخرج البخاري 253، ومسلم 1457، 36 عن عائشة أنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام، ففقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي، عتبة بن أبي وقاص. عهد إليّ أنه ابنه. انظر إلى شبهه. وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه، فرأى شبها بينا بعتبة. فقال:"هولك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة". قالت: فلم ير سودة قط، ولم يذكر محمد بن رمح قوله:"يا عبد".
يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً، وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ م 1
وَقَالَ أَبُو الحسين: أو يرى القافة1، نَقَلَهُ الْفَضْلُ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْ زَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَنْتَفِي بِالْقَافَةِ لَا بدعوى
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
حَدِيثٌ صَحِيحٌ إلَى قَوْلِهِ2 عَلَى امْرَأَةٍ ادَّعَتْهُ فَإِنَّهُ مَكَانُ حَبْرٍ وَقَعَ عَنْ الْأَصْلِ، وَقَدْ حزر3 بعضه فكتب على الهامش فليعلم ذلك.
مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ فَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ وَلَحِقَهُ. فَلَا يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: يَحْلِفُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَفِيمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجِبُ فِيهِ يَمِينٌ، انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْلِفُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَحْلِفُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ: يَعْنِي هَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَ أَمْ لَا؟ هَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ فَفِي نَفْيِهِ أَنَّهُ لَيْسَ منه وجهان.
1 في "ط": "القافلة".
2 ص 229.
3 في "ط": "حرر".
4 11/ 133.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 23/ 479.
الِاسْتِبْرَاءِ، وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ الْفَضْلِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إذَا نَفَاهُ وَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً ثُمَّ وَلَدَتْ انتفى عنه، وإن أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ الْوَلَدِ ثُمَّ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً لَمْ يَنْتَفِ، لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ، كَمَا لَوْ أَرَادَ نَفْيَ وَلَدِ زَوْجَةٍ بِلِعَانٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ، كَذَا قَالَ، وَكَذَا دُونَ الْفَرْجِ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ يَدَّعِي الْعَزْلَ أَوْ عَدَمَ إنْزَالِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا مِنْهُ يَدُلُّ أَنَّهُ أَرَادَ وَلَمْ يُنْزِلْ فِي الْفَرْجِ، لِأَنَّهُ لَا رِيحَ يُشِيرُ إلَيْهَا إلَّا رَائِحَةُ الْمَنِيِّ، وَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ إنْزَالِهِ فَتَتَعَدَّى رَائِحَتُهُ إلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ فَيَعْلَقُ بِهَا كَرِيحِ الْكُشِّ1 الْمُلَقَّحِ لِإِنَاثِ النَّخْلِ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ عِلْمٌ عَظِيمٌ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي أَمَةٍ تُرَادُ لِلتَّسَرِّي عَادَةً أَنَّهَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِالْمِلْكِ، وِفَاقًا لِبَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ لِظَاهِرِ قِصَّةِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، وَاحْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ.
وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَرَّةً ثم ولدت بعد أكثر مدة حمل فوجهان م 2
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَرَّةً ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرَ مُدَّةِ حَمْلٍ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. أَيْ مِنْ حِينِ وَطْئِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي
الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْحَقُهُ إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَطْئِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْحَقُهُ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ قُلْت: بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ.
1 الكش، بالضم: الذي يلقح به النخل. "القاموس": "كشش".
وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا فَفِي لُحُوقِ مَا بَعْدَهُ بِدُونِ إقْرَارٍ آخَرَ فَوَجْهَانِ، وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَلْحَقُهُ لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ م 3
وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ فَوَلَدَتْ لِدُونِ نصف سنة لَحِقَهُ، وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَا لِأَكْثَرَ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي، فَقِيلَ: يَلْحَقُهُ، وَقِيلَ: يَرَى الْقَافَةَ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ: هُوَ لَهُ، قُلْت: فِي نَفْسِهِ مِنْهُ، قَالَ: فَالْقَافَةُ م 4
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا فَفِي لُحُوقِ ما بعده بدون إقرار آخر وجهان: وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَلْحَقُهُ لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ، انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْحَقُهُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارٍ ثَانٍ مِنْهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْحَقُهُ، وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَيْهِ، لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ فَوَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَا الْأَكْثَرُ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي، فَقِيلَ: يَلْحَقُهُ، وَقِيلَ: يَرَى الْقَافَةَ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ: هُوَ لَهُ، قُلْت: فِي نَفْسِهِ مِنْهُ؟ قَالَ فَالْقَافَةُ، انْتَهَى.
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي المقنع2.
1 11/ 283 – 284.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 23/ 479.
وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ، وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ، فَقِيلَ: لِلْبَائِعِ وَقِيلَ: يَرَى الْقَافَةَ م 5 أو ادعى الْمُشْتَرِي اسْتِبْرَاءً وَتَلِدُهُ مِنْ بَعْدِهِ بِنِصْفِ سَنَةٍ فَيَكُونُ عَبْدَهُ1 إنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَإِنْ بَاعَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَوَلَدَتْهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ، لَا بَعْدَهَا، وَلَوْ بَاعَ وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْءٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِيهَا أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا لَحِقَهُ، وَقِيلَ: أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا مَعَ كَوْنِهِ عَبْدًا لَهُ.
وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَ حَتَّى اسْتَبْرَأَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا فَقَالَ: إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: يَنْتَفِي النَّسَبُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مَذْهَبٌ م ش فَعَلَى هَذَا هل يحتاج
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ.
مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ فَقِيلَ: لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ: يَرَى الْقَافَةَ، انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: هُوَ الْبَائِعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَرَى الْقَافَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2، ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْخِرَقِيُّ: وَتَجْتَنِبُ الزَّوْجَةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زوجها الطيب، قلت: وهو الصواب.
1 ليست في "ط"، وفي "ر":"عنده".
2 11/ 283 – 284.
إلَى الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَالِاسْتِحْلَافُ1 قَوْلٌ ش وَالْمَشْهُورُ: لا يحلف م 6 و 7.
وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَعَقْدٍ: نَصَّهُ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ع خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً، وَفِي كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فِيهِ شُبْهَةٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ: لَمْ يَعْتَقِدْ فَسَادَهُ، وَفِي كَوْنِهِ كَصَحِيحٍ أَوْ كَمِلْكِ يَمِينٍ وَجْهَانِ، وَفِي الْفُنُونِ: لَمْ يُلْحِقْهُ أَبُو بَكْرٍ في نكاح بلا ولي م 8.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 6 و 7: قَوْلُهُ: وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَ حَتَّى اسْتَبْرَأَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا فَقَالَ: إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: يَنْتَفِي النَّسَبُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ. فَعَلَى هَذَا هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَالْمَشْهُورُ لَا يَحْلِفُ. انْتَهَى كَلَامُ تَقِيِّ الدِّينِ، فَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الِاسْتِبْرَاءَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْوَطْءِ. وَالصَّوَابُ انْتِفَاءُ النَّسَبِ عَنْهُ وَوُجُوبُ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ الله عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَقْطَعُ الْفِرَاشَ، فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ:
مَسْأَلَةٌ 6: انْتِفَاءُ النَّسَبِ.
وَمَسْأَلَةٌ 7: وُجُوبُ الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا مَسْأَلَةُ وُجُوبِ الْيَمِينِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَعَدَمِهِ، فَلْيُعَاوَدْ
مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَعَقْدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فِيهِ شُبْهَةٌ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ: لَمْ يَعْتَقِدْ فَسَادَهُ، وَفِي كونه كصحيح أو كملك
1 في الأصل: "مذهب".
وَإِنْ أَنْكَرَ وَلَدًا بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ، وَعَنْهُ: ثِنْتَانِ بِوِلَادَتِهِ لَحِقَهُ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَقِيلَ: قَوْلُ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ هَلْ لَهُ نَفْيُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 9 وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الْمُغْنِي1 عَنْ الْقَاضِي، يُصَدَّقُ فيه لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ، وَلَا أَثَرَ لِشُبْهَةٍ مَعَ فِرَاشٍ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: تُبَعَّضُ الْأَحْكَامُ لِقَوْلِهِ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ احْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الزِّنَا يَحْرُمُ وَأَنَّ بِنْتَه مِنْ الزِّنَا تَحْرُمُ وَبِمَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّهُ أَلْحَقَ أَوْلَادَ الْعَاهِرِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِآبَائِهِمْ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: أَمْرُهُ لِسَوْدَةِ بِالِاحْتِجَابِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَأَى قُوَّةَ شَبَهِهِ مِنْ الزَّانِي فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لِلزَّوْجِ حَجْبَ زَوْجَتِهِ عَنْ أَخِيهَا، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّهُ إنْ اسْتَلْحَقَ ولده من زنا ولا فراش لحقه.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
يَمِينٍ وَجْهَانِ، وَفِي الْفُنُونِ: لَمْ يُلْحِقْهُ أَبُو بَكْرٍ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، انْتَهَى.
قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَهَلْ يَلْحَقُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِالصَّحِيحِ أَمْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ كَالصَّحِيحِ، فَيُعْطَى حُكْمَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ بِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ.
مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْكَرَ وَلَدًا بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ وَعَنْهُ ثِنْتَانِ بِوِلَادَتِهِ لَحِقَهُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَقِيلَ: قَوْلُ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ هَلْ لَهُ نَفْيُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَهُ نَفْيُهُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ. قلت: وهو الصواب.
1 11/ 166 – 167.
وَنَصُّ أَحْمَدَ فِيهَا: لَا يَلْحَقُهُ هُنَا، وَفِي الِانْتِصَارِ: فِي نِكَاحِ الزَّانِيَةِ يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ اللَّبَّانِ1 فِي الْإِيجَازِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقَ، وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ اللَّبَّانِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَلْحَقُهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، ذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ: يَلْحَقُهُ2 قَالَ لَمْ يُخَالِفْ قَوْلَهُ عليه السلام: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ" 3 لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ مَعَ الْفِرَاشِ، لَكِنْ يَدُلُّ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 فِي بَابِ ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ أَشْبَعُ5 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ بَعْدَ أَبِيهِ يُدْعَى لَهُ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَقَضَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قَسَمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَمَا أُدْرِكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ، وَلَا يُلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ أَنْكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حرة عاهر بها فإنه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 هو: أبو الحسين، محمد بن عبد الله بن الحسن ابن اللبان، إمام عصره في الفرائض والتركات، له:"الإيجاز في الفرائض". تـ 402هـ. "طبقات الشافعية" للسبكي 4/ 155، "كشف الظنون" 2/ 1245.
2 في "ط": "يلقنه".
3 تقدم تخريجه ص 218.
4 في سننه 2265.
5 في الأصل: "أشيع". وأشيع: أي: حديث الحسن بن علي أطول وأتم، "بذل المجهود" 10/ 422.
لَا يُلْحَقُ، وَلَا يَرِثُهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ هُوَ ادِّعَاءٌ فَهُوَ وَلَدُ زَنِيَّةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ.
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، زَادَ: وَهُوَ وَلَدُ زِنًا لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا، حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَذَلِكَ فِيمَا اُسْتُلْحِقَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، فَمَا اُقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى1. عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ فِيهِ كَلَامٌ مَشْهُورٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ فَحَدِيثُهُ مُسْتَقِيمٌ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَمْ يَكُنْ الْحَدِيثُ مِنْ صَنْعَتِهِ فَكَثُرَ الْمَنَاكِيرُ فِي حَدِيثِهِ فَاسْتَحَقَّ تَرْكَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، كَذَا قَالَ، وَالصَّوَابُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ، فَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ قَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَهُمْ إمَاءٌ بَغَايَا تَلِدُ وَقَدْ زَنَتْ فَيَدَّعِي سَيِّدُهَا الْوَلَدَ، وَيَدَّعِيهِ الزَّانِي، حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ، فَقَضَى عليه السلام بِالْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ، وَنَفَاهُ عَنْ الزَّانِي، وَقَوْلُهُ قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ إلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ صَارَ ابْنَهُ حِينَئِذٍ، فَهُوَ تَجْدِيدُ حُكْمٍ بِنَسَبِهِ، إذْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْبُنُوَّةِ ثَابِتًا، وَمَا أُدْرِكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَبَتَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَيَسْتَحِقُّ منه نصيبه.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه أبو داود في "سننه"2266.
نَظِيرُ هَذَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ قَسْمِهِ، فَثُبُوتُ النَّسَبِ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمِيرَاثِ، قَوْلُهُ وَلَا يُلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ يُبَيِّنُ أَنَّ التَّنَازُعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، فَالصُّورَةُ الْأُولَى اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَةُ أَبِيهِ الَّذِي كَانَ يُدْعَى لَهُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ اسْتَلْحَقُوهُ وَأَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ كَانَ يُنْكِرُهُ، فَلَا يَلْحَقُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي لِلْوَرَثَةِ خَلَفَ عَنْهُ مُنْكِرٌ لَهُ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا.
وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ لم يملكها أو من حرة عاهر بها فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ وَلَا يَرِثُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْوَاطِئُ وَهُوَ وَلَدُ زَنِيَّةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ مِنْ أَمَةٍ لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَأَمَّا مَا اُقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى، وَرَوَى أَبُو دَاوُد1 قَبْلَهُ مِنْ حَدِيثِ سَلْمِ بْنِ أَبِي الذَّيَّالِ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:"لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ، مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ، وَمَنْ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ".
قَالَ أَحْمَدُ فِي سَلْمٍ: ثِقَةٌ مَا أَصْلَحَ حَدِيثَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ وَمَنْ يُرْوَى عَنْهُ ثِقَةٌ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ يُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ2، وَلَفْظُهُ فَقَدْ أَلْحَقَتْهُ بِعَصَبَتِهِ وَالْمُسَاعَاةُ الزِّنَا، تُسَمَّى مُسَاعَاةً؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْعَى لِصَاحِبِهِ فِي حُصُولِ غَرَضِهِ، فأبطل الإسلام
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في سننه 2264، ووقع في مطبوعه: عن سلم بن أبي الزناد
…
والصواب ما أثبتناه.
2 في مسنده 3416.
ذَلِكَ وَعَفَا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَلْحَقَ النَّسَبَ بِهِ.
وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ: وَعَفَا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ أُلْحِقَ بِهَا. وَرَوَى أَبُو دَاوُد1 فِي بَابِ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فُلَانًا ابْنِي، عَاهَرْت بِأُمِّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا دَعْوَةَ2 فِي الْإِسْلَامِ، ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَتَبَعِيَّةُ النسب للأب عما لَمْ يَنْتَفِ مِنْهُ، كَابْنِ مُلَاعَنَةٍ، فَوَلَدُ قُرَشِيٍّ مِنْ غَيْرِ قُرَشِيَّةٍ قُرَشِيٌّ لَا عَكْسُهُ وَتَبَعِيَّةُ3 حُرِّيَّةٍ وَرِقٍّ لِلْأُمِّ ع إلَّا مِنْ عُذْرٍ لِلْعَيْبِ أَوْ غُرُورٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَدٌ4 وَيَتْبَعُ خَيْرَهُمَا دِينًا. وَقَالَهُ شَيْخُنَا. وَيَتْبَعُ مَا أَكَلَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، تَقَدَّمَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْعَيْبُ وَالْغُرُورُ5، وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يُوجَدُ الْعَبْدُ مِنْ الْحُرَّةِ6 وَهُوَ وَلَدُ الْأَمَةِ الْمُعَلَّقِ عتقها بمجيئه عبدا، كذا قال.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في سننه 2274.
2 الدعوة، بالكسر: الادعاء في النسب. "القاموس": "دعو".
3 ليست في "ر".
4 بعدها في الأصل بياض بمقدار كلمة.
5 8/ 273.
6 في "ر": "الأمة".
فَصْلٌ مَنْ أَقَرَّ بِطِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولٍ نسبه7 أنه ولده وأمكن لحقه،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
7 في الأصل: "النسب".
"1وَلَوْ أَنْكَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَيَرِثُهُ أَقَارِبُهُ وَيَرِثُهُمَا1"، وَقِيلَ: لَا يُلْحَقُ بِامْرَأَةٍ، وَعَنْهُ: مُزَوِّجَةٍ وَعَنْهُ: "2لا يلحق بمن لها نسب معروف، وأيهما لَحِقَهُ لَمْ يَلْحَقْ الْآخَرَ، وَلَا يُلْحَقُ بِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ2" رِقًّا وَدِينًا بِلَا بَيِّنَةٍ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً3 أَنَّهُ وَلَدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقِيلَ: وَكَذَا فِي حُرِّيَّتِهِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ قُدِّمَ ذُو الْبَيِّنَةِ ثُمَّ السَّابِقُ، وَإِلَّا فَقَدْ تُسَاوَيَا مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ.
وَفِي الْإِرْشَادِ وَجْهٌ: لَا تُسْمَعُ دَعْوَى كَافِرٍ بِلَا بَيِّنَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: مَنْ لَهُ يَدٌ غَيْرُ يَدِ الْتِقَاطِهِ "4فَأَرَادَ غَيْرُهُ4" اسْتِلْحَاقَهُ وَلَهُ بَيِّنَةٌ وَكَذَلِكَ الثَّانِي فَفِي تَقَدُّمِهِ بِالْيَدِ احْتِمَالَانِ، وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ مُقَدَّمَةٌ، على الأصح، وتقدم امرأة هو في يدها5 عَلَى امْرَأَةٍ ادَّعَتْهُ، وَيُحْتَمَلُ التَّسَاوِي. فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي بَيِّنَةٍ أَوْ عَدَمِهَا أَرَى الْقَافَةَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَقَارِبِهِمَا إنْ مَاتَا، كَأَخٍ وَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ وَأَوْلَادِهِمْ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِأَحَدِهِمَا: مع كبره، نص عليه،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ر".
2 ليست في الأصل.
3 في الأصل: "النسب".
4 في "ر": "بيتها".
5 ليست في "ر".
لِلتُّهْمَةِ، قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِوَاحِدٍ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: أَوْ تَوَقَّفَتْ فِيهِ وَنَفَتْهُ عَنْ الْآخَرِ لَحِقَ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِامْرَأَتَيْنِ لَمْ يُلْحَقْ بَلْ بِرَجُلَيْنِ، فَيَرِثُ كُلًّا مِنْهُمَا إرْثُ وَلَدٍ كَامِلٍ، وَيَرِثَانِهِ إرْثَ أَبٍ وَاحِدٍ، وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ قُبِلَا جَمِيعًا لِيَحْصُلَ لَهُ، وَإِنْ خَلَفَ أَحَدُهُمَا: فَلَهُ إرْثُ أَبٍ كَامِلٌ، وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ مِنْ الْمَيِّتِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلِأُمَّيْ أَبَوَيْهِ مَعَ أُمِّ أُمٍّ نِصْفُ سُدُسٍ، وَلَهَا نِصْفُهُ، وَإِنْ نَفَتْهُ عَنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ أَوْ عُدِمَتْ أَوْ اخْتَلَفَ قَائِفَانِ ضَاعَ نَسَبُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى. وَقِيلَ: يُلْحَقُ بِهِمَا، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ يُخَيَّرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَافَةً، وَأَوْمَأَ أَنَّهُ يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، ثُمَّ إنْ أَلْحَقَتْهُ بِغَيْرِهِ بَطَلَ انْتِسَابُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ أَنْ يَمِيلَ بِطَبْعِهِ إلَيْهِ، لِأَنَّ الْفَرْعَ يَمِيلُ إلَى أَصْلِهِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ إحْسَانٌ، لِأَنَّهُ يُغَطِّي كَتَغْطِيَةِ الطِّيبِ رِيحَ النَّجَاسَةِ، فَلَوْ قَتَلَاهُ قَبْلَ أَنْ يُلْحَقَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا قَوَدَ وَلَوْ رَجَعَا لِعَدَمِ قَبُولِهِ، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا: انْتَفَى عَنْهُ وَهُوَ شَرِيكُ أَبٍ، بِخِلَافِ الَّتِي بَعْدَهَا، لِبَقَاءِ فِرَاشِهِ مَعَ إنْكَارِهِ، وَكَذَا إنْ وُطِئَتْ امْرَأَةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ اشْتِرَاكٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ لِنَفْسِهِ لَحِقَهُ، وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ مِثْلُهُ وَرِوَايَةٌ كَالْأَوَّلِ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِيمَنْ غَصَبَ امْرَأَةَ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى زَوْجِهَا كَيْفَ يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ؟ مِثْلُ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ لَهُ إذَا ادَّعَاهُ، وَهَذَا لَا يَدَّعِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَقِيلَ: إن عدمت
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْقَافَةُ1 فَهُوَ لِرَبِّ الْفِرَاشِ. وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرَ الْقَافَةَ: لَوْ عَمِلَ بِهَا لِعَمَلٍ فِي: لَيْسَ الْوَلَدُ مِنِّي بَلْ مِنْ زِنًا فِي نَسَبٍ وَحَدٍّ.
فَأَجَابَ فِي الِانْتِصَارِ: إذَا شَكَّ فِي الْوَلَدِ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: يَرَى الْقَافَةَ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ لَحِقَ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالزَّانِي لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَلَا بِزَانٍ وَلَا حَدٍّ، وَإِنْ سَلَّمْنَا عَلَى مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ فَالْقَافَةُ لَيْسَتْ عِلَّةً مُوجَبَةً، بَلْ حُجَّةٌ مُرَجَّحَةٌ لِشُبْهَةِ الْفِرَاشِ.
فَإِنْ أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَلَحِقَهُ بِقَافَةٍ أَوْ انْتِسَابٍ فَفِي نَفْيِهِ بِلِعَانٍ رِوَايَتَانِ م 10.
وَمَنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا: قَبْلَ إلْحَاقِ قَافَةٍ فَلَا قَوَدَ، فَلَوْ أَلْحَقَتْهُ بِغَيْرِهِ وَجْهَانِ م 11 وَالثَّلَاثَةُ فَأَكْثَرُ كَاثْنَيْنِ فِي الدعوى والافتراش. نص
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَلَحِقَهُ بِقَافَةٍ أَوْ انْتِسَابٍ فَفِي نَفْيِهِ بِلِعَانٍ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. إحْدَاهُمَا: لَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَمْلِكُ ذَلِكَ، صَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حواشيه، وهذا ضعيف.
مَسْأَلَةُ 11: قَوْلُهُ: وَمَنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا: قَبْلَ4 إلْحَاقِ قَافَةٍ فَلَا قَوَدَ، فَلَوْ أَلْحَقَتْهُ بغيره فوجهان، انتهى.
1 ليست في الأصل.
2 11/172.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 23/478.
4 في "ط": "قبل".
عَلَيْهِ فِي ثَلَاثَةٍ. وَأَوْمَأَ فِي أَكْثَرَ، وَلَمْ يُلْحِقْهُ ابْنُ حَامِدٍ بِهِمْ، وَيَكُونُ كَدَعْوَى اثْنَيْنِ وَلَا قَافَةَ، وَعَنْهُ يُلْحَقُ بِثَلَاثَةٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرُوا أَنَّ فِيمَا زَادَ رِوَايَتَيْنِ.
وَتُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْقَائِفِ وَذُكُورِيَّتُهُ وَكَثْرَةُ إصَابَتِهِ، وَقِيلَ: وَحُرِّيَّتُهُ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ، وَيَكْفِي وَاحِدٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: اثْنَانِ. فَيُعْتَبَرُ مِنْهُمَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ قَالَ: كَالْمُقَوِّمِينَ، وَلَا يَبْطُلُ قَوْلُهَا بِقَوْلِ أُخْرَى وَلَا بِإِلْحَاقِهَا غَيْرَهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ الْقَائِفُ عَلَى الصُّورَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ الشَّبَهُ فِي الشَّمَائِلِ وَالْحَرَكَاتِ، كَقَوْلِ قَائِلِهِمْ:
يَعْرِفُهُ مَنْ قَافَ أَوْ تَقَوَّفَا
…
بِالْقَدَمَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَفَا
وَطَرْفِ عَيْنَيْهِ إذَا تَشَوَّفَا
وَإِنْ عَارَضَ قَوْلَ اثْنَيْنِ قَوْلُ ثلاثة فأكثر أو تعارض اثنان سقط الْكُلُّ، وَإِنْ اتَّفَقَ اثْنَانِ وَخَالَفَا ثَالِثًا أَخَذَ بِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ، بَيْطَارَانِ وَطَبِيبَانِ فِي عَيْبٍ، وَلَوْ رَجَعَا، فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا: لَحِقَ بِالْآخَرِ وَنَفَقَةُ الْمَوْلُودِ عَلَى الْوَاطِئِينَ، فَإِذَا أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا: رَجَعَ الْآخَرُ بِنَفَقَتِهِ وَيَعْمَلُ بِقَافَةٍ فِي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: لَا قَوَدَ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِوُجُودِ شُبْهَةٍ مَا، وَقَوْلُ الْقَافَةِ لَيْسَ مَقْطُوعًا بِهِ. ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ قَالَ فِي حَوَاشِيهِ: هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَادُ بِهِ.
فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ
ثُبُوتِ غَيْرِ بُنُوَّةٍ، كَأُخُوَّةٍ وَعُمُومَةٍ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا؛ كَإِخْبَارِ رَاعٍ بِشَبَهٍ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْفَصِيلِ لِأَنَّا وَقَفْنَا عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ، وَلِتَأَكُّدِ النَّسَبِ، لِثُبُوتِهِ مَعَ السُّكُوتِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ: أَرَى الْقُرْعَةَ وَالْحُكْمَ بِهَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَقْرَعَ فِي خَمْسِ مَوَاضِعَ1، فَذَكَرَ مِنْهَا إقْرَاعَ عَلِيٍّ فِي الْوَلَدِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ وَقَعُوا عَلَى الْأَمَةِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ2، وَلَمْ يَرَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، لِاضْطِرَابِهِ، وَلِأَنَّ الْقَافَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ3، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ فِي الْقَافَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سِرٌّ بِقَوْلِ الْمُدْلِجِيِّ وَقَدْ نَظَرَ إلَى أَقْدَامِ زَيْدٍ، وَأُسَامَةَ:"إنَّ هَذِهِ أَقْدَامٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ4" وَبِخَبَرِ عَائِشَةَ: رَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ5. قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ قُرَيْشًا وُلِدَ لَهُ ابْنٌ أَسْوَدُ، فَغَمَّهُ ذَلِكَ،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أحدها: أخرج مسلم 1668، 56، عن ابن عمران بن حصين، أن رجلا أعتق ستتة مملوكين له عند موته، لم يكن مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزاهم أثلاثا، ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال له قولا سديدا.
الثاني: أخرج البخاري 5211، ومسلم 2445، 88، عن عائشة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا خرج أقرع بين نسائه
…
الحديث.
الثالث: أخرج البخاري 2686، عن أبي هريرة معلقا عرض النبي صلى الله عليه وسلم على قوم اليمين فأسرعوا فأمرهم أن يسهم بينهم: أيهم يحلف.
الرابع: أخرج العقيلي في الضعفاء 4/423، عن عبد اللع بن عمرو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أقرع بين امرأة وقوم من بني سعد زوجها أخواها في يوم وهي غائبة.
2 أخرجه أبو داود 2269، والنسائي في المجتبى 6/182، وابن ماجه 2348، من حديث زيد بن أرقم.
3 أخرج عبد الرزاق في مصنفه 13475، عن عروة بن الزبير أن رجلين ادعيا ولدا، فدعا عمر القافة واقتدى في ذلك ببصر القافة، وألحقه أحد الرجلين.
4 أخرجه البخاري 6771، ومسلم 1459، 38.
5 تقدم تخريجه ص 218.
فَسَأَلَ بَعْضَ الْقَافَةِ فَقَالُوا: الِابْنُ ابْنُك، فَسَأَلَ الْقُرَشِيُّ أُمَّهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَقَالَتْ: لَسْت ابْنَ فُلَانٍ، أَبُوك فُلَانُ الْأَسْوَدُ1. وَبَلَغَنِي أَنَّ السَّارِقَ يَسْرِقُ بِمَكَّةَ فَيَدْخُلُ إلَى الْبَيْتِ الَّذِي يَسْرِقُ مِنْهُ فَيَرَى قَدَمًا ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْأَبْطُحِ فَيَقُومُ عَلَيْهِ فَيَمُرُّ بِهِ فَيَعْرِفُهُ.
وَفِي كِتَابِ الْهُدَى2: الْقُرْعَةُ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ فِقْدَانٍ مُرَجَّحٍ سِوَاهَا مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَافَةٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ تَعْيِينُ الْمُسْتَحَقِّ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِالْقُرْعَةِ، لِأَنَّهَا غَايَةُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ تَرْجِيحِ الدَّعْوَى3، وَلَهَا دُخُولٌ فِي دَعْوَى الْأَمْلَاكِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ بِقَرِينَةٍ وَلَا أَمَارَةٍ، فَدُخُولُهَا فِي النَّسَبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ الْخَفِيِّ الْمُسْتَنِدِ إلَى قَوْلِ الْقَائِفِ أَوْلَى.
وَمَنْ لَهُ عَبْدٌ، له ابن، و4للابن ابْنَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: وَلَدِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ الْأَكْبَرُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَادَّعَى أَنَّهُ الْمُقِرُّ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ وَيُعْتَقُوا، وَيَثْبُتُ نَسَبُهُمْ مِنْهُ بِصِحَّةِ5 إقْرَارِهِ بِهِ فَقَطْ، لِأَنَّ شَرْطَهُ جَهَالَةُ النَّسَبِ، فَيُصْرَفُ إقْرَارُهُ إلَى مَنْ يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا تَسَاوَوْا، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْمُقِرِّ بِهِ، بَلْ حُرِّيَّتُهُ، لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ إقْرَارِهِ، فَيُقْرِعُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه البخاري 5305، ومسلم 1500، 18، من حديث أبي هريرة.
2 زاد المعاد 5/431.
3 ليست في "ر".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 في الأصل: لصحته.