الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ فِي الْعِدَّةِ
وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد: الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَالْمُحَرَّمَةُ يَجْتَنِبْنَ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ كُلُّ مُتَوَفًّى عَنْهَا فِي نكاح صحيح فَقَطْ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا، وَعَنْهُ وَبَائِنٌ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ ع لَكِنْ لَا يُسَنُّ1، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ فَوْقَ ثَلَاثٍ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ، وَقِيلَ: الْمُخْتَلِعَةُ كَرَجْعِيَّةٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: لَا يَلْزَمُ بَائِنًا قَبْلَ دُخُولٍ. وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي أَنَّ الْمَنْصُوصَ يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَفِي الْهَدْيِ: الَّذِينَ أَلْزَمُوا بِهِ الذِّمِّيَّةَ لَا يُلْزِمُونَهَا بِهِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ الذِّمِّيِّ، فَصَارَ هَذَا كَعُقُودِهِمْ، كَذَا قَالَ.
وَهُوَ تَرْكُ طِيبٍ كَزَعْفَرَانٍ، وَإِنْ كَانَ بِهَا سَقَمٌ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَزِينَةٍ وَحُلِيٍّ وَلَوْ خَاتَمٍ وَتَحْسِينٍ بِكُحْلٍ أَسْوَدَ بِلَا حَاجَةٍ، وَحِنَّاءٍ وَخِضَابٍ وَنَحْوِ تَحْمِيرِ وَجْهٍ، وَحَفِّهِ، وَفِيهِ قول سهو، ولبس أحمر وأصفر، وأخضر
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 بعدها في "ر": "لها".
وَأَزْرَقَ صَافِيَيْنِ، وَدُهْنٍ مُطَيِّبٍ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَدُهْنِ وَرْدٍ. وَفِي الْمُغْنِي: وَدُهْنِ رَأْسٍ1.
وَيَحْرُمُ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ، كَالْمَصْبُوغِ بَعْدَ نَسْجِهِ، وَقِيلَ: لَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "إلَّا ثَوْبَ عَصَبٍ" 2 كَذَا قِيلَ، وَلَا يَحْرُمُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي الْأَصَحِّ مُلَوَّنٌ لِدَفْعِ وَسَخٍ، كَأَسْوَدَ وَكُحْلِيٍّ وَأَبْيَضَ مُعَدٍّ لِلزِّينَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَنِقَابٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِلْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمَعَ حَاجَةٍ تُسْدَلُ كَمُحَرَّمَةٍ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ الصَّبِرِ إلَّا فِي الْوَجْهِ، لِأَنَّهُ يُصَفِّرُهُ فَيُشْبِهُ الخضاب، كذا3 فِي الْمُغْنِي4، فَيُتَوَجَّهُ: وَالْيَدَيْنِ، وَأَخْذُ ظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَتَنْظِيفٌ وَغُسْلٌ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ تَحُدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا، بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَتَلْزَمُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي مَسْكَنِهَا لَا غَيْرِهِ.
فَإِنْ انْتَقَلَتْ قَهْرًا أَوْ خَوْفًا أَوْ لِحَقٍّ. وَفِي الْمُغْنِي5: أَوْ طَلَبٍ بِهِ فَوْقَ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الثَّانِي قَوْلُهُ: وَفِي الْمُغْنِي وَدُهْنِ رَأْسٍ، قَالَ شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ: لَعَلَّهُ دُهْنٌ بَانَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، فَإِنْ قِيلَ أَرَادَ عَدَمَ الدَّهْنِ فِي الرَّأْسِ قُلْنَا صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهَا تَدْهُنُ بِزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَسَمْنٍ، وَلَمْ نر ما قاله فيه، انتهى.
1 نقل المرداوي عبارة الفروع فقال: [قال: في الفروع: وتترك دهنا مطيبا فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَدُهْنِ وَرْدٍ، وَفِي الْمُغْنِي: ودهن آس] . فذكر عبارة آس بدل: "رأس" وأعقبها بقوله" [ولعله بان، كما صرح به في المغني] . والآس: شجر دائم الخضرة بيضي الورق، أبيض الورق أو وردية، عطري، وثماره لينة سود تؤكل غضة، وتجفف فتكون من التوابل ينظر: المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/134- 135.
2 أخرجه البخاري 313، ومسلم 938، 3، من حديث أم عطية.
3 بعدها في "ط": "قال".
4 11/288.
5 11/292.
أُجْرَتِهِ وَفِيهِ: أَوْ لَمْ تَجِدْ إلَّا مِنْ مَالِهَا، فَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: بِقُرْبِهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ: حَيْثُ شَاءَتْ م 17.
وَلَهُمْ نَقْلُهَا لِأَذَاهَا، وَقِيلَ: يَنْتَقِلُونَ هُمْ. وَفِي التَّرْغِيبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: إنْ قُلْنَا: لَا سُكْنَى لَهَا فَعَلَيْهَا الْأُجْرَةُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تحويلها منه.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 17: قَوْلُهُ: إذَا انْتَقَلَتْ قَهْرًا وَنَحْوُهُ فَذَكَرَ أبو الخطاب والمستوعب وَالْمُحَرَّرِ: بِقُرْبِهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ: حَيْثُ شَاءَتْ، انْتَهَى.
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
1 5/35- 36.
وَظَاهِرُ الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ.
وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: مَعَ وُجُودِ مَنْ يَقْضِيهَا، وَقِيلَ: مُطْلَقًا. وَفِي الْوَسِيلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، نَقَلَ حنبل: تذهب بالنهار.
وفيه ليلا لحاجة وَجْهَانِ م 18 وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ: مُطْلَقًا، وَنَقُلْ أَبُو دَاوُد: لَا تَخْرُجُ، قُلْت: بِالنَّهَارِ؟ قَالَ: بَلَى، لَكِنْ لَا تَبِيتُ، قُلْت: بَعْضَ اللَّيْلِ؟ قَالَ: تَكُونُ أَكْثَرَهُ بِبَيْتِهَا، فَإِنْ خَالَفَتْ أَوْ لَمْ تحد تمت العدة
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 18: قَوْلُهُ: وَفِيهِ لَيْلًا لِحَاجَةٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَهَا الْخُرُوجُ لِحَاجَةٍ نَهَارًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا لِحَاجَةٍ، فِي الْأَشْهَرِ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَلَهَا ذَلِكَ، فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عبدوس في تذكرته.
1 11/292- 293.
2 5/36.
3 11/297.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/154.
بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ مَعَهُ لِلنَّقْلَةِ إلَى بَلَدٍ فَمَاتَ قَبْلَ فِرَاقِ الْبَلَدِ اعْتَدَّتْ فِي مَنْزِلِهِ، وَبَعْدَهُ تُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: وَفِي الثَّانِي، كَمَا لَوْ وَصَلَتْهُ، وَكَذَا مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ، وَتُخَيَّرُ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ بَيْنَهُمَا بُعْدُ مَسَافَةِ قَصْرٍ.
وَيَلْزَمُهَا الرُّجُوعُ قَبْلَهَا، وَمِثْلُهُ سَفَرُ حَجٍّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ يَلْزَمُهَا الْمُضِيُّ مَعَ الْبُعْدِ، فَتَعْتَدُّ فِيهِ.
وَإِنْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَقِيلَ: تُقَدِّمُ الْحَجَّ، وَقِيلَ: أَسْبَقُهُمَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ: هَلْ تُقَدِّمُ مَعَ الْقُرْبِ الْعِدَّةَ أَوْ أَسْبَقَهُمَا؟ فِيهِ روايتان م 19.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 19: قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْحَجُّ، وَقِيلَ: أَسْبَقُهُمَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ: هَلْ يُقَدَّمُ مَعَ الْقُرْبِ الْعِدَّةُ أَمْ أَسْبَقُهُمَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فِي بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ: وَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ قَدَّمَتْ الحج مَعَ الْبُعْدِ وَمَعَ الْقُرْبِ تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ، وَعَنْهُ: الْأَسْبَقُ لُزُومًا، زَادَ فِي الْكُبْرَى: وَإِنْ خَافَتْ فِي عَوْدِهَا مَضَتْ. فَتَابَعَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَا فِي الْقُرْبِ تَقْدِيمَ الْعِدَّةِ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَمْعُ قَدَّمَتْ الْحَجَّ مَعَ الْبُعْدِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي1: إنْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فِي حَيَاةِ زَوْجِهَا فِي بَلَدِهَا ثُمَّ مَاتَ وَخَافَتْ فَوَاتَهُ مَضَتْ فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسْبَقُ، فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي خَوْفِ الْفَوَاتِ كَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ. قُلْت: وَهَذَا الصَّوَابُ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً2 وَلَمْ يُمْكِنْ الرُّجُوعُ فَهَلْ تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَيَعْقُوبَ أَمْ الْحَجَّ إنْ كَانَتْ قَدْ أَحْرَمَتْ بِهِ قَبْلَ
1 5/37.
2 في "ح": "قرينه".
وَإِنْ أَمْكَنَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: تُخَيَّرُ مَعَ الْبُعْدِ وَتُتِمُّ تَتِمَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا م 20 إنْ عَادَتْ بَعْدَ الحج، وتتحلل لفوته بعمرة.
وتعتد المبتوتة مَكَانًا مَأْمُونًا حَيْثُ شَاءَتْ، وَلَا تُفَارِقُ الْبَلَدَ، وَلَا تَبِيتُ خَارِجَ مَنْزِلِهَا، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وعنه: هي كمتوفى عنها، وإن شاء
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْعِدَّةِ؟ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: وَقَدَّمَ فِي الْمُذْهَبِ أَنَّهَا تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وُجُوبُ ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ مُسْتَحَبًّا. وَفَصَّلَ الْمَجْدُ مَا تَقَدَّمَ، انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ1: وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ أَوْ كَانَتْ حَجَّةً2 فَأَحْرَمَتْ بِهِ ثُمَّ مَاتَ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْشَ وَهِيَ فِي بَلَدِهَا أَوْ قَرِيبَةً يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ أَقَامَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهَا، وَإِلَّا مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحْرَمَتْ أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ تَخْشَ الْفَوَاتَ فِي أَنَّهَا تُقِيمُ إذَا كَانَتْ فِي بَلَدِهَا لَمْ تَخْرُجْ، أَوْ خَرَجَتْ إلَيْهَا لَكِنَّهَا قَرِيبَةٌ يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قَدْ تَبَاعَدَتْ أَوْ لَا يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ فَإِنَّهَا تَمْضِي.
مَسْأَلَةٌ 20: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَفِي الْمُحَرَّرِ تُخَيَّرُ مَعَ الْبُعْدِ وَتُتَمِّمُ تَتِمَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا، انْتَهَى. مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي3 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، فِي بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ، وَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ قَدَّمَهُ فِي الرعاية الكبرى
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 24/161.
2 أي: حجة الإسلام.
3 5/39.
إسكانها في منزله أو غيره أن صلح1 لَهَا تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلَا مَحْذُورَ لَزِمَهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهَا كَمُعْتَدَّةٍ لِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ لِعِتْقٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يَلْزَمُهَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ شَاءَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَسَوَّى فِي الْعُمْدَةِ بَيْنَ مَنْ يُمْكِنُ زَوْجُهَا إمْسَاكَهَا وَالرَّجْعِيَّةُ فِي نَفَقَةٍ وَسُكْنَى، وَإِنْ سَكَنَتْ عُلُوَّ دَارٍ وَسَكَنٍ بَقِيَّتِهَا وَبَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ، أَوْ مَعَهَا مَحْرَمٌ، جَازَ.
وَلَهُ الْخَلْوَةُ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَمَحْرَمُ أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: وَمَعَ أَجْنَبِيَّةٍ فَأَكْثَرَ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط": "يصح".
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَأَصْلُهُ النِّسْوَةُ الْمُنْفَرِدَاتُ هَلْ لَهُنًّ السَّفَرُ مَعَ أَمْنٍ بِلَا مَحْرَمٍ؟ قَالَ شَيْخُنَا: وَيَحْرُمُ سَفَرُهُ بِأُخْتِ زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَهَا قَالَ فِي مَيِّتٍ عَنْ امْرَأَةٍ شَهِدَ قَوْمٌ بِطَلَاقِهِ ثَلَاثًا مَعَ عِلْمِهِمْ عَادَةً بِخَلْوَتِهِ بِهَا: لَا يُقْبَلُ، لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ يَقْدَحُ فِيهِمْ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يَخْلُو إذَا لَمْ يَشْتَهِ وَلَا يَخْلُو أَجَانِبُ بِأَجْنَبِيَّةٍ. وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ، لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ دَخَلُوا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَحْتَهُ يَوْمَئِذٍ فَرَآهُمْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: لَمْ أَرَ إلا خيرا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَّأَهَا مِنْ ذَلِكَ" ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: "لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغَيَّبَةٍ إلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ اثْنَانِ". وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى جَمَاعَةٍ يَبْعُدُ التَّوَاطُؤُ مِنْهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: مَنْ عُرِفَ بِالْفِسْقِ مُنِعَ مِنْ الْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ، كَذَا قَالَ، وَالْأَشْهَرُ: يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ع قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَوْ لِإِزَالَةِ شُبْهَةٍ ارْتَدَّتْ بِهَا أَوْ لِتَدَاوٍ. وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَخْلُو رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ إلَّا وَكَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ2.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أحمد 6595، ومسلم 2173، 22.
2 أخرجه الترمذي 2165.
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 لِمَنْ احْتَجَّ بِأَنَّ الْعَبْدَ مُحَرَّمٌ لِمَوْلَاتِهِ بِدَلِيلِ نَظَرِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمَحْرَمِيَّةُ، بِدَلِيلِ الْقَوَاعِدِ مِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ. وَفِي الْمُغْنِي2 أَيْضًا: لَا يَجُوزُ إعَارَةُ أَمَةٍ جَمِيلَةٍ لِرَجُلٍ غَيْرِ مَحْرَمِهَا إنْ كَانَ يَخْلُو بِهَا أَوْ يَنْظُرُ إلَيْهَا، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا، وَكَذَا فِي الشَّرْحِ، إلَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُقْنِعِ3 بِالْكَرَاهَةِ، فَحَصَلَ مِنْ النَّظَرِ مَا تَرَى وَقَالَ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي، فَإِنْ كَانَتْ شَوْهَاءَ أَوْ كَبِيرَةً فَلَا بَأْسَ، لِأَنَّهَا لَا يُشْتَهَى مِثْلُهَا، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْخَلْوَةِ وَالنَّظْرَةِ كَمَا تَرَى، وَهَذَا فِي الْخَلْوَةِ غَرِيبٌ. وَفِي آدَابِ صَاحِبِ النَّظْمِ أَنَّهُ تُكْرَهُ الْخَلْوَةُ بِالْعَجُوزِ، كَذَا قَالَ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ. وَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ الْمُرَادِ بِهِ مَنْ لِعَوْرَتِهِ حُكْمٌ، فَأَمَّا مَنْ لَا عَوْرَةَ لَهُ كَدُونِ سَبْعٍ فَلَا تَحْرِيمَ، وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ فِي الْجَنَائِزِ فِي تَغْسِيلِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَجْنَبِيَّةٍ وَعَكْسِهِ4، وَلَهُ إرْدَافُ مُحْرِمٍ. وَيَتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهَا مَعَ الْأَمْنِ وَعَدَمِ سُوءِ الظَّنِّ خِلَافٌ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ إرَادَتَهُ صلى الله عليه وسلم إرْدَافَ أَسْمَاءَ يَخْتَصُّ بِهِ5.
وَالرَّجْعِيَّةُ كَمُتَوَفًّى عَنْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: كزوجة، ولو غاب من لزمته
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 5/33.
2 7/346.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/68.
4 3/281.
5 أخرجه البخاري 5224، ومسلم 2182، 34، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما من حديث طويل وفيه: فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال:"إخ إخ" ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال
…
فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى
…
الحديث.
سُكْنَى أَوْ مَنَعَ اكْتَرَاهُ حَاكِمٌ مِنْ مَالِهِ، أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ، أَوْ فَرَضَ أُجْرَتَهُ، وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ أَوْ بِدُونِهَا لِلْعَجْزِ رَجَعَتْ، وَمَعَ الْقُدْرَةِ الْخِلَافُ وَلَوْ سَكَّنَتْ1 مِلْكَهَا فَلَهَا أُجْرَتُهُ، وَلَوْ سَكَّنَتْهُ أَوْ اكْتَرَتْ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فَلَا.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ أَوْ بِدُونِهِ لِلْعَجْزِ رَجَعَتْ، وَمَعَ الْقُدْرَةِ الْخِلَافُ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ، وَالْمَذْهَبُ الرُّجُوعُ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَبِلَا إذْنِهِ تَرْجِعُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْهَا، وَعَنْهُ: وَمَعَ الْقُدْرَةِ، انْتَهَى. فَهَذِهِ عشرون مسألة في هذا الباب.
1 في "ط": "سكت".