المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ ‌ ‌كتاب الديات ‌ ‌مدخل * … كِتَابُ الدِّيَاتِ كُلُّ مَنْ أَتْلَفَ إنْسَانًا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ لَزِمَتْهُ - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٩

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

-

- ‌المجلد التاسع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌مدخل

- ‌فصل السُّنَّةُ لِمُرِيدِهِ:

- ‌باب صريح الطلاق وكنايته

- ‌مدخل

- ‌فصل وَكِنَايَاتُهُ الظَّاهِرَةُ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيئَةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وبتلة، والحرج

- ‌فصل وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَظِهَارٌ

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌مدخل

- ‌فصل وَجُزْءُ طَلْقَةٍ كَهِيَ

- ‌باب الاستثناء في الطلاق

- ‌مدخل

- ‌باب الطلاق في الماضي والمستقبل

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ

- ‌فَصْلٌ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى الْحَوْلِ أَوْ الشَّهْرِ، وَقَعَ بِمُضِيِّهِ

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ الْمُسْتَعْمَلَةُ غَالِبًا:

- ‌فَصْلٌ إذَا قَالَ: إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ بِأَوَّلِهِ

- ‌فصل إذَا عَلَّقَهُ بِالْحَمْلِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ لَمْ يَقَعْ

- ‌فَصْلٌ إذَا قَالَ: إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ

- ‌فصل في تعليقه بِالْكَلَامِ وَالْإِذْنِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْبِشَارَةِ وَاللُّبْسِ وَالْقُرْبَانِ

- ‌فَصْلٌ إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا بِإِنْ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَنَّى أَوْ أَيْنَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَشَاءَ وَلَوْ كَارِهَةً مُتَرَاخِيًا

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌مدخل

- ‌باب الرجعة

- ‌مدخل

- ‌فصل من طلق عدد طلاقه حَرُمَتْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ مَنْ يَطَؤُهَا

- ‌باب الإيلاء

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَتُضْرَبُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الْيَمِينِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

- ‌باب الظهار

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَيَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ

- ‌فَصْلٌ فِي كَفَّارَتِهِ وَنَحْوِهَا

- ‌فَصْلٌ يَلْزَمُهُ تَتَابُعُ الصَّوْمِ

- ‌باب اللعان

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ

- ‌فَصْلٌ وَتَحْصُلُ الْفُرْقَةُ وَانْتِفَاءُ الْوَلَدِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ

- ‌باب ما يلحق من النسب

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ فَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ وَلَحِقَهُ

- ‌كتاب العدد

- ‌مدخل

- ‌الْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ:

- ‌الْحَامِلُ:

- ‌ الْمُتَوَفَّى زَوْجُهَا عَنْهَا بِلَا حَمْلٍ

- ‌ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْمُفَارَقَةُ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ بِطَلْقَةٍ ثَالِثَةٍ

- ‌ مُفَارَقَةٌ فِي الْحَيَاةِ لَمْ تَحِضْ لِإِيَاسٍ أَوْ صِغَرٍ

- ‌ مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَعْلَمْ سَبَبَهُ

- ‌من وطىء معتدة بشبهة أو نكاح فاسد

- ‌ يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ فِي الْعِدَّةِ

- ‌باب الإستبراء

- ‌مدخل

- ‌باب الرضاع

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَالرَّضَاعُ الْمُحَرَّمُ فِي الْحَوْلَيْنِ فَقَطْ مُطْلَقًا

- ‌فصل وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ رَجُلٍ فَأَرْضَعَتْ زَوْجَتَهُ بلبنه طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ

-

- ‌كتاب النفقات

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْقُوتِ، لَا بَدَلُهُ:

- ‌فَصْلٌ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْقُوتِ أَوْ الْكِسْوَةِ أَوْ بِبَعْضِهِمَا فَلَهَا الْفَسْخُ

- ‌فَصْلٌ يَلْزَمُهُ لِرَجْعِيَّةٍ نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ وَسُكْنَى كَزَوْجَةٍ

- ‌باب نفقة القريب والرقيق والبهائم

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ عُرْفًا وَلَوْ آبِقٌ وأمة ناشز

- ‌باب الحضانة

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الجنايات

- ‌مدخل

- ‌فصل المذهب تقتل جماعة بواحد

- ‌فَصْلٌ وَشَبَهُ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا

- ‌باب شروط القود

- ‌مدخل

- ‌باب القود فيما دون النفس

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَيُعْتَبَرُ قَوَدُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ دُونَ كَثَافَةِ اللحم

- ‌فَصْلٌ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عوده من عين أو منفعة

- ‌باب استيفاء القود

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَإِنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فِي وَقْتٍ أَوْ أَكْثَرَ

- ‌باب العفو عن القود

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الديات

- ‌مدخل

- ‌باب مقادير ديات النفس

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَفِي كُلِّ جَنِينٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى حُرٍّ

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ وَفِي كُلِّ حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ

- ‌فصل وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّعُورِ فَصْلُ الدِّيَةِ

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌مدخل

- ‌فصل وفي الجائفة ثلث الدية

الفصل: ‌ ‌ ‌ ‌كتاب الديات ‌ ‌مدخل * … كِتَابُ الدِّيَاتِ كُلُّ مَنْ أَتْلَفَ إنْسَانًا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ لَزِمَتْهُ

‌كتاب الديات

‌مدخل

*

كِتَابُ الدِّيَاتِ

كُلُّ مَنْ أَتْلَفَ إنْسَانًا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ، فَإِذَا أَلْقَى عَلَيْهِ أَفْعَى، أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهَا، أَوْ طَلَبَهُ بِسَيْفٍ مُجَرَّدٍ وَنَحْوِهِ، فَهَرَبَ فَتَلِفَ فِي هَرَبِهِ وَفِي التَّرْغِيبِ: وَعِنْدِي مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ1 إلْقَاءَ نَفْسِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِتَلَفِهِ، لِأَنَّهُ كَمُبَاشِرٍ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ أَوْ رَوَّعَهُ بِأَنْ شَهَرَهُ فِي وَجْهِهِ، أَوْ دَلَّاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَمَاتَ، أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا مُحَرَّمًا، أَوْ وَضَعَ حَجَرًا، أَوْ قِشْرَ بِطِّيخٍ أَوْ صَبَّ مَاءً فِي فِنَائِهِ، أَوْ طَرِيقٍ2، فَتَلِفَ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. أَوْ رَمَى مِنْ مَنْزِلِهِ حَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ حَمَلَ بِيَدِهِ رُمْحًا جَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ، لَا قَائِمًا فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ يَمْشِي. لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، فَأَتْلَفَ إنْسَانًا، أَوْ وَقَعَ عَلَى نَائِمٍ بِفِنَاءِ جِدَارٍ فَتَلِفَ بِهِ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ الْأَخِيرَةَ فِي الرَّوْضَةِ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْوَاقِعُ فَهَدَرٌ، لِعَدَمِ تَعَدِّي النَّائِمِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ رَشَّهُ لِيُسْكِنَ الغبار فمصلحة عامة، كحفر بئر في3 سابلة، فِيهِ رِوَايَتَانِ م 1 نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ ألقى

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ رَشَّهُ لِيَسْكُنَ الغبار فمصلحة عامة كحفر بئر في سابلة، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ يَعْنِي فِي الضَّمَانِ بِحَفْرِ ذَلِكَ.

قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَقَدْ قدم المصنف ذلك في باب الغصب4 فَقَالَ: وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي سَابِلَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا ضَرَرَ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ به، وعنه:

1 في "ط": "يعتمد".

2 في "ط": "طريقه".

3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

4 7/257.

ص: 417

كيسه فيه دراهم فَكَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا فِيهَا لَيْسَ مَنْفَعَةٌ ضَمِنَ، وَإِنْ بَالَتْ فِيهَا دَابَّةُ رَاكِبٍ وَقَائِدٍ وَسَائِقٍ ضَمِنَهُ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: لَا كَمَنْ سَلَّمَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَمْسَكَ يَدَهُ فَمَاتَ وَنَحْوُهُ، لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ.

وَإِنْ كَانَ واضع الحجر آخر فعثر به إنسان فوقع فِي الْبِئْرِ فَقَدْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَعَنْهُ: يحال على الأول، وهو1 أشهر فضمانه على الْوَاضِعِ، كَالدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقَتْلَ عَادَةً لِمُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ مُكْرَهٍ وَعَنْهُ: عَلَيْهِمَا م 2 فَيَخْرُجُ مِنْهُ ضَمَانُ الْمُتَسَبِّبِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَجَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ كَقَاتِلٍ وَمُمْسِكٍ، وَإِنْ تعدى أحدهما: خص به. وإن أعمق

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

إذَا كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا، انْتَهَى. وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ هُنَاكَ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ هُنَا حِكَايَةَ الْخِلَافِ لَا إطْلَاقَهُ، أَوْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ.

مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَاضِعُ الْحَجَرِ آخر فعثر به إنسان فوقع في البئر فَقَدْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَعَنْهُ: يُحَالُ عَلَى الأول وهو أشهر، فضمانه على الواضع،....

1 في"ر": "هذا".

ص: 418

بِئْرًا قَصِيرَةً ضَمِنَا التَّالِفَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَلِفَ أجير لحفر بئر بها فهدر، وكذا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وعنه: عليهما، انتهى.

ما قال1: إنَّهُ أَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعْلُومٌ. والله أعلم.

1 في "ص": "ما قاله".

2 12/88.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/319- 320.

ص: 419

إنْ دَعَا مَنْ يَحْفِرُ لَهُ بِدَارِهٍ أَوْ بِمَعْدِنٍ فَمَاتَ بِهَدْمٍ لَمْ يَلْقَهُ أَحَدٌ، نَقَلَهُ حَرْبٌ.

وَإِنْ حَفَرَ بِبَيْتِهِ بِئْرًا وَسَتَرَهُ لِيَقَعَ فِيهَا أَحَدٌ، فَمَنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَكْشُوفَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ إذْنِهِ، وَقِيلَ: وَكَشَفَهَا، وَلَوْ وَضَعَ آخَرُ فِيهَا سِكِّينًا ضَمِنُوهُ بَيْنَهُمْ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ.

وَإِنْ قَرَّبَ صَغِيرًا مِنْ هَدَفٍ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ ضَمِنَهُ الْمُقَرِّبُ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ فَأَتْلَفَ مَالًا أَوْ نَفْسًا فَجِنَايَةُ خَطَإٍ مِنْ مُرْسِلِهِ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَيْضًا، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَا جَنَى فَعَلَى الصَّبِيِّ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَكَغَصْبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ

وَإِنْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَعَرَفْت أَرْضُهُ بِهِ فَدِيَتُهُ، وَإِنْ تَلِفَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةٍ فَرِوَايَتَانِ م 3.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ فَدِيَتُهُ، وَإِنْ تَلِفَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةٍ فَرِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ

ص: 420

وَإِنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا أَوْ غَلَّهُ فَتَلِفَ بصاعقة أو حية فوجهان م 4.

وَإِنْ اصْطَدَمَ رَجُلَانِ أَوْ رَاكِبَانِ أَوْ مَاشٍ أَوْ رَاكِبٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: بَصِيرَانِ أَوْ ضَرِيرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا: فَمَاتَا أَوْ دَابَّتَاهُمَا ضَمِنَ كل واحد متلف

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَكْثَرُهُمْ ذَكَرَهُمَا فِيمَا إذَا مَاتَ بِمَرَضٍ وَذَكَرَهُمَا وَجْهَيْنِ:

إحْدَاهُمَا: تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَجِبُ: نَقَلَهَا أَبُو الصَّقْرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ بِهِ إلَى أَرْضٍ بِهَا الطَّاعُونُ أَوْ وَبِيئَةٌ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَمْ أَرَهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ فِي الْغَصْبِ: وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَضْمَنُ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصَّاعِقَةِ وَالْمَرَضِ، وَهُوَ الْحَقُّ، انْتَهَى.

مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا أَوْ غَلَّهُ فَتَلِفَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ حَيَّةٍ فوجهان، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.

أَحَدُهُمَا: تَجِبُ الدِّيَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وغيره.

والوجه الثاني: لا تجب.

1 لم نجدها.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/324.

ص: 421

الْآخَرَ، وَقِيلَ: نِصْفَهُ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ غَلَبَتْ الدَّابَّةُ رَاكِبَهَا بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ اصْطَدَمَا عَمْدًا وَيُقْتَلُ غَالِبًا فَهَدَرٌ، وَإِلَّا شِبْهُ عَمْدٍ، وَمَا تَلِفَ لِلسَّائِرِ مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُهُ وَاقِفٌ وَقَاعِدٌ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: بَلَى مَعَ ضِيقِ الطُّرُقِ، وَفِي ضَمَانِ سَائِرِ مَا أَتْلَفَ لِوَاقِفٍ وَقَاعِدٍ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ وَجْهَانِ م 5.

وَإِنْ اصْطَدَمَ قِنَّانِ مَاشِيَانِ فَهَدَرٌ، لَا حُرٌّ وَقِنٌّ، فَقِيمَةُ قن، وقيل:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَفِي ضَمَانِ سَائِرِ مَا أَتْلَفَ لِوَاقِفٍ وَقَاعِدٍ فِي طَرِيقٍ ضِيقٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى.

أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي1 والمقنع2 والشرح وشرح ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَكَذَا فِي الرعاية الكبرى.

1 12/546.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/398.

ص: 422

نِصْفُهَا فِي تَرِكَةِ حُرٍّ، وَدِيَةُ حُرٍّ وَيُتَوَجَّهُ الوجه أو نصفها في تلك القيمة.

وَإِنْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مُتْلَفَ الْآخَرِ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ فَرَّطَا وَقَالَهُ2 فِي الْمُنْتَخَبِ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَلَا يَضْمَنُ المصعد منهما بل المنحدر إن لم تغلبه3 رِيحٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ: لَا يضمن منحدر. وفي الترغيب: السفينة كدابة، و4الْمَلَّاحُ كَرَاكِبٍ، وَيَصْدُقُ5 مَلَّاحٌ فِي إنْ تَلِفَ مَالٌ بِغَلَبَةِ رِيحٍ، وَلَوْ تَعَمَّدَ الصَّدْمَ فَشَرِيكَانِ فِي إتْلَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَنْ فِيهِمَا، فَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا فَالْقَوَدُ، وَإِلَّا شِبْهُ عَمْدٍ6، وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُ الْمُصَادِمِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَعَ عَمْدٍ، وَلَوْ خَرَقَهَا عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأً عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ.

وَهَلْ يَضْمَنُ مَنْ أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ مَا فِيهَا أَوْ نِصْفِهِ أَوْ بِحِصَّتِهِ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا م 6.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُهُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والزركشي وغيرهم، وهو ظاهر كلام الخرقي.

مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَضْمَنُ مَنْ أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ مَا فِيهَا أَوْ نِصْفِهِ أَوْ بحصته؟ يحتمل أوجها، انتهى.

1 12/549.

2 في "ر": "قال".

3 في "ط": "يغلبه".

4 ليست في "ط".

5 في "ط": "لايصدق".

6 ليست في "ط".

ص: 423

وَإِنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ غَيْرُ وَلِيِّهِمَا فَاصْطَدَمَا ضَمِنَ وفي الترغيب: تضمن عاقلته ديتهما، "1فإن ركبا1" فَكَبَالِغَيْنِ مُخْطِئَيْنِ، وَكَذَا إنْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيٌّ لِمَصْلَحَةٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ صَلَحَا لِلرُّكُوبِ وَأَرْكَبَهُمَا مَا يَصْلُحُ لِرُكُوبِ مثلهما، وإلا ضمن،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

تَابَعَ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى، فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا فِي سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ ضَمِنَ مَا فِيهَا أَوْ نِصْفَهُ أَوْ بِحِصَّتِهِ، قُلْت: يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا، انْتَهَى. قُلْت: هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الْمَأْجُورِ، أَوْ جَاوَزَ بِهَا الْمَكَانَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا إلَيْهِ وَتَلِفَتْ، أَوْ زَادَ فِي الْحَدِّ سَوْطًا فَقَتَلَهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ جَمِيعَهُ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ مَا فِي السَّفِينَةِ بِإِلْقَاءِ حَجَرٍ فِيهَا، ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ الْإِجَارَةِ، وَجَعَلَهُ أَصْلًا لِمَا إذَا زَادَ عَلَى الْحَدِّ سَوْطًا فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ كَامِلَةً، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 جَعَلَ تَغْرِيقَ السَّفِينَةِ بِإِلْقَاءِ الْحَجَرِ فِيهَا أَصْلًا فِي وُجُوبِ ضَمَانِ الْعَيْنِ كَامِلَةً إذَا جَاوَزَ بِهَا مَكَانَ الْإِجَارَةِ، أَوْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ سَوْطًا.

وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ، بَلْ المصنف3 قَدْ ذُكِرَ4 ذَلِكَ وَغَيْرُهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ مُسْتَوْفًى، وَقَدَّمَ ضَمَانَ الْجَمِيعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ذُهِلَ هُنَا عَنْ ذَلِكَ وَتَابَعَ ابْنَ حَمْدَانَ، فَحَصَلَ الخلل من وجوه5 إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ وَمُتَابَعَتَهُ لِابْنِ حَمْدَانَ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَيْهِ، وَابْنُ حَمْدَانَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ وَمِنْ تَخْرِيجِهِ، وَكَوْنُهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَقَدَّمَ الضَّمَانَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ أَلْقَى حَجَرًا فَفِيهِ نَوْعُ تعد، وأما هذه

1-1 في "ط": "وإن ركباها".

2 لم نجدها.

3 بعدها في "ط" و "غيره".

4 في "ط": "ذكره".

5 في "ط": "جود".

ص: 424

وَيَضْمَنُ كَبِيرٌ صَدْمِ الصَّغِيرِ. وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ ضَمِنَهُ "1مَنْ أَرْكَبَ الصَّغِيرَ1"، نَقَلَ حَرْبٌ: إنْ حَمَلَ رَجُلٌ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ فَسَقَطَ ضَمِنَهُ2، إلا أن يأمره أهله بحمله.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْمَسْأَلَةُ فَأَلْقَى فِيهَا مِنْ جِنْسِ مَا فِيهَا فَلَيْسَ فِيهِ تَعَدٍّ، وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ6 حُكْمُ الْحَدِّ وَغَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ حَمْدَانَ خَرَّجَ الْأَوْجُهَ عَلَى الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْحَدِّ. والله أعلم.

1-1 في الأصل: "راكب للصغير".

2 في النسخ الخطية "ضمن"، والمثبت من "ط".

6 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من (ط) .

ص: 425

فصل ومن3 أَتْلَفَ نَفْسَهُ أَوْ طَرَفَهُ خَطَأً فَهَدَرٌ، كَالْعَمْدِ،

وَعَنْهُ: دِيَةُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، لَهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَلَا تُحْمَلُ دُونَ الثُّلُثِ، فِي الْأَصَحِّ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. نَقَلَ حَرْبٌ: مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ لَا يُؤَدِّي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ رَابِعًا ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ أَثْلَاثًا، وَلَا قَوَدَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَصْدِ غَالِبًا. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ: كَرَمْيِهِ عَنْ قَوْسٍ وَمِقْلَاعٍ وحجر عن4 يَدٍ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يَفْدِيهِ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يفعل5 فعليهم،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

3 في "ط": "إن".

4 في "ط": "من".

5 ليست في الأصل.

ص: 425

وإن قتل أحدهم فقيل: على عاقلة صاحبيه دِيَتُهُ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا م 7، وَفِي بَقِيَّتِهَا الرِّوَايَتَانِ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ. وَإِنْ زَادُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ فالدية فِي أَمْوَالِهِمْ، وَعَنْهُ: عَلَى الْعَاقِلَةِ، لِاتِّحَادِ فِعْلِهِمْ، وَلَا يَضْمَنُ مَنْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَأَمْسَكَ الْكِفَّةَ، كَمَنْ أَوْتَرَ وَقَرَّبَ السَّهْمَ، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يَتَوَجَّهُ رِوَايَتَا مُمْسِكٍ.

وَإِنْ وَقَعَ فِي حُفْرَةٍ ثُمَّ ثَانٍ ثُمَّ ثَالِثٌ ثُمَّ رَابِعٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَمَاتُوا أَوْ بَعْضُهُمْ فَدَمُ الرَّابِعِ هَدَرٌ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِ، وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَيْهِمَا، وَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ تَعَمَّدَ وَاحِدٌ أو كلهم ويقتل غالبا فالقود،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْمَنْجَنِيقِ، وَإِنْ قَتَلَ أحدهم فقيل: على عاقلة صاحبيه ديته، وقيل: ثلثاها، انتهى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ:

أَحَدُهُمَا: عَلَى صَاحِبَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ فِي الْخُلَاصَةِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُلْغِي فِعْلَ نَفْسِهِ و2على عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّيْخُ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3: هَذَا أَحْسَنُ وَأَصَحُّ فِي النَّظَرِ وَقَدَّمَهُ فِي الخلاصة وإدراك الغاية.

1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/332.

2 ليست في "ح".

3 12/83.

ص: 426

وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَالثَّانِي الثَّالِثَ وَالثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ الرَّابِعِ عَلَى الثَّالِثِ، وَقِيلَ: عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ قِيلَ: عَلَى الثَّانِي، وَقِيلَ: نِصْفُهَا وَقِيلَ: عَلَى الْأَوَّلَيْنِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، وَقِيلَ: دَمُهُ هَدَرٌ م 8 وَدِيَةُ الثَّانِي قِيلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، وَقِيلَ: عَلَى الثَّالِثِ وقيل1: نِصْفِهَا م 9 وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي دية الثالث أنها على

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَالثَّانِي الثَّالِثَ وَالثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ الرَّابِعِ عَلَى الثَّالِثِ، وَقِيلَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ قِيلَ: عَلَى الثَّانِي، وَقِيلَ: نِصْفُهَا، وَقِيلَ: عَلَى الْأَوَّلَيْنِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، وَقِيلَ: دَمُهُ هَدَرٌ انْتَهَى. أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي دِيَةِ الثَّالِثِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَ شَيْئًا مِنْهَا، وَذَكَرَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ فِي الْفُصُولِ احْتِمَالَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا2. وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: اخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَهُوَ أَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ.

مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الثَّانِي قِيلَ: عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، وَقِيلَ: عَلَى الثَّالِثِ، وَقِيلَ: نِصْفُهَا انْتَهَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ. قَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ ابْنُ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجِبُ ثُلُثَاهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: تَجِبُ كَامِلَةً عَلَى الثَّالِثِ، قَالَ الْمَجْدُ: وَعِنْدِي لَا شَيْءَ مِنْهَا عَلَى الْأَوَّلِ بَلْ عَلَى الثَّالِثِ كلها أو نصفها.

1 في "ط": "وقت".

2 ليست في "ص".

ص: 427

الْأَوَّلِ، وَدِيَةُ الْأَوَّلِ: قِيلَ: عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا م 10 وَفِي بَقِيَّتِهَا فِي الْكُلِّ الرِّوَايَتَانِ.

وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بَلْ مَاتُوا بِسُقُوطِهِمْ وَفِي الْمُغْنِي1: أَوْ وَقَعَ2 وَشَكَّ فِي تَأْثِيرِهِ أَوْ قَتَلَهُمْ فِي الْحُفْرَةِ أَسَدٌ وَلَمْ يَتَجَاذَبُوا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ تَجَاذَبُوا فَدَمُ الْأَوَّلِ هَدَرٌ، وَعَلَيْهِ3 دِيَةُ الثَّانِي، وَعَلَى الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ، وَعَلَى الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابِعِ، وَقِيلَ: دِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، وَقِيلَ: وَالْأَوَّلُ، وَدِيَةُ الرَّابِعِ عَلَى الثَّلَاثَةِ.

وَكَذَا إنْ ازْدَحَمَ وَتَدَافَعَ جَمَاعَةٌ عِنْدَ الْحُفْرَةِ فَسَقَطَ أَرْبَعَةٌ مُتَجَاذِبِينَ، وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ قَضَى لِلْأَوَّلِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ، وللثاني بثلثها، وللثالث بنصفها،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ يَجِبُ نِصْفُهَا عَلَى الثَّالِثِ.

مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الْأَوَّلِ قِيلَ: عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ. وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا انْتَهَى.

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجِبُ ثُلُثَاهَا.

قُلْت: وَالْقَوْلُ بِأَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ قَوِيٌّ، لأنه السبب "4في ذلك4".

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي بَقِيَّتِهَا فِي الْكُلِّ الرِّوَايَتَانِ، هُمَا الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ فِي فعل نفسه.

1 12/86- 87.

2 في "ر": "دفع".

3 في "ر": "عنه".

4-

4 ليست في "ط".

ص: 428

وَلِلرَّابِعِ بِهَا. وَجَعَلَهُ1 عَلَى قَبَائِلِ الَّذِينَ ازْدَحَمُوا. فرافع2 إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَازَهُ. وَذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ3

وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّ سِتَّةً تَغَاطُّوا فِي الْفُرَاتِ فَمَاتَ وَاحِدٌ فَرُفِعَ إلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَشَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ فَقَضَى بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَبِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ عَلَى الِاثْنَيْنِ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ، إنْ نَامَ عَلَى سَطْحِهِ فَهَوِيَ سَقْفُهُ مِنْ تَحْتِهِ عَلَى قَوْمٍ لَزِمَهُ الْمُكْثُ، كَمَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِيمَنْ أَلْقَى فِي مَرْكَبِهِ نَارٌ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ لِأَنَّهُ مَلْجَأٌ لَمْ يَتَسَبَّبْ، وَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ بِدَوَامِ مُكْثِهِ أَوْ بِانْتِقَالِهِ ضَمِنَهُ.

وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّائِبِ الْعَاجِزِ عَنْ مُفَارَقَةِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْحَالِ أَوْ الْعَاجِزِ عَنْ إزَالَةِ أَثَرِهَا. كَمُتَوَسِّطِ الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ، وَمُتَوَسِّطِ الْجَرْحَى، تَصِحُّ تَوْبَتُهُ مَعَ الْعَزْمِ وَالنَّدَمِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَاصِيًا4 بِخُرُوجِهِ مِنْ الْغَصْبِ وَمِنْهُ تَوْبَتُهُ بَعْدَ رَمْيِ السَّهْمِ أَوْ الْجُرْحِ، وَتَخْلِيصُهُ صَيْدَ الحرم من الشرك، وحمله

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل: "جعل".

2 في "ط": "ترفع".

3 أخرجه في "مسنده" برقم: 573، من حديث علي.

4 في الأصل: "غاصبا"

ص: 429

الْمَغْصُوبَ لِرَبِّهِ يَرْتَفِعُ1 الْإِثْمُ بِالتَّوْبَةِ وَالضَّمَانُ بَاقٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، كَخُرُوجِ مُسْتَعِيرٍ مِنْ دَارٍ انْتَقَلَتْ عَنْ الْمُعِيرِ، وَخُرُوجِ مَنْ أَجْنَبَ بِمَسْجِدٍ وَنَزَعَ مُجَامِعٌ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، فَإِنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ اتِّفَاقًا. وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ لَمْ يَتُبْ مِنْ أَصْلِهِ، تَصِحُّ، وَعَنْهُ: لَا. اخْتَارَهُ ابْنُ شَاقِلَا، وَكَذَا تَوْبَةُ الْقَاتِلِ قَدْ تُشْبِهُ هَذَا وَتَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ: فَإِنَّهُ شَبَّهَهُ بِمَنْ تَابَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ إتْلَافٍ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ قَالَ2: إنَّ تَوْبَتَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَمْحُو جَمِيعَ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْإِثْمَ وَاللَّائِمَةَ وَالْمُعْتِبَةَ تَزُولُ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَجِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَا يَبْقَى إلَّا حَقُّ الضَّمَانِ لِلْمَالِكِ.

قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّائِبَ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ وُجُوبِ الْقَوَدِ لَيْسَ كَالْمُخْطِئِ ابْتِدَاءً، فَرَّقَتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ ابْتِدَاءً وَبَيْنَ3 التَّائِبِ فِي أَثْنَائِهِ وَأَثَرِهِ.

وَأَبُو الْخَطَّابِ مَنَعَ أَنَّ حَرَكَاتِ الْغَاصِبِ لِلْخُرُوجِ طَاعَةٌ، بَلْ مَعْصِيَةٌ، فَعَلَهَا لِدَفْعِ أَكْثَرِ الْغَصْبَيْنِ4 بِأَقَلِّهِمَا، وَالْكَذِبُ لِدَفْعِ قَتْلِ إنْسَانٍ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الْوَسَطُ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ أَضَلَّ غَيْرَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُضِلٌّ، ومن لا يرى أنه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل: "ليرتفع".

2 ليست في الأصل، والمثبت من "ط".

3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

4 في "ر": "المعصيتين".

ص: 430

إضْلَالٌ فَكَالْكَافِرِ الدَّاعِيَةِ يَتُوبُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَذَكَرَ جَدُّهُ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ الْغَصْبِ مُمْتَثِلٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، إنْ جَازَ الْوَطْءُ لِمَنْ1 قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَفِيهَا رِوَايَتَانِ، وَإِلَّا تَوَجَّهَ لَنَا أَنَّهُ عَاصٍ مِنْ وَجْهٍ ممتثل من وجه

1 في "ر": "فمن".

ص: 431

فَصْلٌ وَمِنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامٍ غَيْرِ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ2 أَوْ شَرَابِهِ فَطَلَبَهُ فَمَنَعَهُ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَهُ،

نَصَّ عَلَيْهِ، كَأَخْذِهِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ عَاجِزٌ فَيَتْلَفُ أَوْ دَابَّتُهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَكَذَا أَخَذَهُ تُرْسًا مِمَّنْ يَدْفَعُ بِهِ ضَرْبًا عَنْهُ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وإن أمكنه إنجاء شخص من هلكة فلم يفعل فوجهان م 11 وقيل:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ شَخْصٍ مِنْ هَلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ فَوَجْهَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي القواعد الأصولية.

أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُهُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَيْهِ مَالَ ابن منجا فِي شَرْحِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُهُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وجزم به في الخلاصة والمنور، وقدمه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

3 12/102.

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/354.

ص: 431

وَهُمَا1 فِي وُجُوبِهِ وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ ضَمَانَهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، فَدَلَّ أَنَّهُ مَعَ الطَّلَبِ وَفَرَّقَ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ، كَمَا لَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، فَدَلَّ أَنَّ كَلَامَهُمْ عِنْدَهُ: وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَقَدْ نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِيمَنْ مَاتَ فَرَسُهُ فِي غُزَاةٍ: لَمْ يَلْزَمْ مَنْ مَعَهُ فَضْلُ حَمْلِهِ. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَذْكُرُ النَّاسَ فَإِنْ حَمَلُوهُ وَإِلَّا مَضَى مَعَهُمْ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ خَرَّجُوا ضَمَانَهُ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ حَتَّى مَاتَ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الضَّمَانِ، وَلَكِنَّ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَغَيْرَهُ فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ مَنَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَبَيْنَ مَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ إنْسَانٍ مِنْ هَلَكَةٍ، لِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُنْ هَلَاكُهُ بِسَبَبٍ مِنْهُ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ، وَأَمَّا فِي مسألة الطعام فإنه "2منع مِنْهُ2" كَانَ سَبَبًا فِي هَلَاكِهِ، فَافْتَرَقَا. وَاَللَّهُ أعلم.

1 في الأصل: "هما".

2-

2 في "ط": "منعه منه".

ص: 432

وَمَنْ أُسْقِطَتْ بِطَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ تَهْدِيدِهِ1 لِحَقِّ اللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مَاتَتْ بِوَضْعِهَا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهَا، أَوْ اسْتَعْدَى2 إنْسَانٌ، ضَمِنَ السُّلْطَانُ وَالْمُسْتَعْدِي فِي الْأَخِيرَةِ3، فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، كَإِسْقَاطِهَا بِتَأْدِيبٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدٌ فِيهَا. أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ لِمَرَضٍ. وَإِنْ مَاتَتْ فزعا فوجهان م 12

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَتْ فَزَعًا فَوَجْهَانِ انْتَهَى. يَعْنِي إذَا أَرْسَلَ إلَيْهَا السُّلْطَانُ أَوْ هَدَّدَهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ وَالنَّظْمِ.

أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، "6وَهُوَ أَظْهَرُ6".

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي7 وَالْمُحَرَّرِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا8: فإن

1 في الأصل: "تهديد".

2 الأصل: "استعد".

3 في "ط": "الذخيرة".

4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/360.

5 12/101.

6-

6 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

7 5/196.

8 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

ص: 433

قَالَ فِي الْمُغْنِي1: إنْ أَحْضَرَ ظَالِمَةً عِنْدَ حَاكِمٍ لَمْ يَضْمَنْهَا، بَلْ جَنِينَهَا. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: وَكَذَا رَجُلٌ مُسْتَعْدًى عَلَيْهِ.

وَتَرْجَمَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ عَلَى نَصِّهِ فِي طَلَبِ سُلْطَانٍ لِرَجُلٍ يَفْزَعُ الرَّجُلَ بِالسُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَمُوتُ.

قَالَ فِي الفنون: إذا2 شمت حاملة ريح

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

اسْتَعْدَى عَلَى امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا أَوْ مَاتَتْ فَزَعًا ضَمِنَهَا الْعَاقِلَةُ إنْ كَانَ ظَالِمًا، وَإِلَّا فَلَا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ.

1 12/102.

2 في النسخ الخطية: "إن"، والمثبت من "ط".

ص: 434

طَبِيخٍ فَاضْطَرَبَ جَنِينُهَا فَمَاتَتْ أَوْ مَاتَ، فَقَالَ حَنْبَلِيٌّ وَشَافِعِيَّانِ: إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهَا فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ عَلِمُوا وَكَانَ عَادَةً مُسْتَمِرَّةً أَنَّ الرَّائِحَةِ تَقْتُلُ احْتَمَلَ الضَّمَانَ، لِلْإِضْرَارِ، وَاحْتَمَلَ: لَا، لِعَدَمِ تَضَرُّرِ بَعْضِ النِّسَاءِ، وَكَرِيحِ الدُّخَانِ يَتَضَرَّرُ بِهَا صَاحِبُ سُعَالٍ وَضِيقِ نَفَسٍ، لَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ، كَذَا قَالَ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ.

وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ لِسَابِحٍ لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ لَمْ يَضْمَنْهُ، فِي الْأَصَحِّ، كَبَالِغٍ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَيْهِ1، وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ بِئْرًا أَوْ يَصْعَدَ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ كَاسْتِئْجَارِهِ قَبَّضَهُ الْأُجْرَةَ أَوْ لَا، وَقِيلَ: إنْ أَمَرَهُ سُلْطَانٌ ضَمِنَهُ، وَهُوَ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ، وَلَوْ أَمَرَ مَنْ لَا يُمَيِّزُ قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ضَمِنَهُ، وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّيْخِ: مَا جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَعَادَةٌ، كَقَرَابَةٍ وَصُحْبَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ، فَهَذَا مُتَّجَهٌ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَبَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى مُعَاوِيَةَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ2، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: لَا يُقَالُ هذا تصرف في منفعة الصبي؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ، وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ للحاجة، واطرد به العرف وعمل المسلمين.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

2 في صحيحه 2604.

ص: 435

وَإِنْ وَضَعَ شَيْئًا عَلَى عُلُوٍّ وَقِيلَ: غَيْرُ مُتَطَرِّفٍ فَرَمَتْهُ رِيحٌ أَوْ دَفَعَهَا عَنْ وُصُولِهَا إلَيْهِ ذَكَرَهَا فِي الِانْتِصَارِ فِي الصَّائِلِ فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ تَدَحْرَجَ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ، وَأَنَّهُمَا فِي بَهِيمَةٍ حَالَتْ بَيْنَ مُضْطَرٍّ وَطَعَامِهِ، وَلَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِقَتْلِهَا، مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ. والله أعلم.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ص: 436