المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث التعريف بالقضاء والقدر - القضاء والقدر - الأشقر

[عمر سليمان الأشقر]

الفصل: ‌الفصل الثالث التعريف بالقضاء والقدر

‌الفصل الثالث التعريف بالقضاء والقدر

المبحث الأول

التعريف بالقدر

" القدر مصدر، تقول: قَدَرت الشيء بتخفيف الدال وفتحها أقْدِره بالكسر والفتح قَدْراً وقَدَراً، إذا أحطت بمقداره "(1) .

والقدر في اللغة " القضاء والحكم ومبلغ الشيء، والتقدير التروية والتفكر في تسوية الأمر "(2) .

والقدر في الاصطلاح: " ما سبق به العلم، وجرى به القلم مما هو كائن إلى الأبد، وأنه عز وجل قدَّر مقادير الخلائق، وما يكون من الأشياء قبل أن تكون في الأزل، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده تعالى، وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها "(3) .

وقال ابن حجر في تعريفه: " المراد أنّ الله - تعالى - علم مقادير الأشياء

(1) فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 1/118.

(2)

القاموس المحيط للفيروزآبادي: ص591.

(3)

عقيدة السفاريني: 1/348.

ص: 21

وأزمانها قبل إيجادها، ثمّ أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد، فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وإرادته " (1) .

ونقل السفاريني عن الأشعرية أن " القدر إيجاد الله - تعالى - الأشياء على قدر مخصوص، وتقدير معين في ذواتها وأحوالها طبق ما سبق به العلم وجرى به القلم "(2) .

وهذه التعريفات متقاربة فيما بينها، وهي تفيد أن القدر يشمل أمرين:

الأول: علم الله الأزلي الذي حكم فيه بوجود ما شاء أن يوجده، وحدد صفات المخلوقات التي يريد إيجادها، وقد كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ بكلماته، فالأرض والسماء أحجامهما وأبعادهما وطريقة تكوينهما وما بينهما وما فيهما كل ذلك مدون علمه في اللوح المحفوظ تدويناً دقيقاً وافياً.

والثاني: إيجاد ما قدر الله إيجاده على النحو الذي سبق علمه وجرى به قلمه، فيأتي الواقع المشهود مطابقاً للعلم السابق المكتوب.

والقدر يطلق ويراد به التقدير السابق لما في علم الله، ويطلق ويراد ما خلقه وأوجده على النحو الذي علمه.

وسئل الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - عن القدر فأجاب شعراً قائلاً:

فما شئتَ كان وإن لم أشأ ××× وما شئتُ إن تشأ لم يكنْ

خلقتَ العباد على ما علمتَ ××× ففي العلم يجري الفتى والمُسِنْ

(1) فتح الباري: 1/118.

(2)

عقيدة السفاريني: 1/345.

ص: 22

على ذا مننتَ وهذا خذلتَ ×××× وهذا أعنتَ وهذا لم تُعِنْ

فمنهم شقي ومنهم سعيد ××× ومنهم قبيح ومنهم حَسَنْ (1)

(1) الاعتقاد للبيهقي: ص162. شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي: 1/702.

ص: 23

التعريف بالقضاء

" القضاء: الفصل والحكم. وقد تكرر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر (القضاء) وأصله القطع والفصل. يُقال: قضى يقضي قضاء فهو قاضٍ، إذا حكم وفصل. وقضاء الشيء إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه، فيكون بمعنى الخلق.

وقال الزهري: القضاء في اللغة على وجوه، مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه، وكل ما أُحكم عمله، أو أُتمَّ، أو أُدِّى، أو أُوجب، أو عُلم، أو نُفِّذ، أو أُمضى، فقد قضي، وقد جاءت هذه الوجوه كلها في الأحاديث (1) .

وللعلماء في التفرقة بين القضاء والقدر قولان:

الأول: القضاء هو العلم السابق الذي حكم الله به في الأزل، والقدر وقوع الخلق على وزن الأمر المقضي السابق. يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى:" قال العلماء القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل، والقدر جزيئات ذلك الحكم وتفاصيله "(2) . وقال في موضع آخر: " القضاء الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل، والقدر الحكم بوقوع الجزيئات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل "(3) .

(1) النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير: 4/78.

(2)

فتح الباري: 11/477.

(3)

فتح الباري: 11/149.

ص: 24

الثاني: عكس القول السابق، فالقدر هو الحكم السابق، والقضاء هو الخلق.

قال ابن بطال: " القضاء هو المقضي "(1) ومراده بالمقضي المخلوق، وهذا هو قول الخطابي، فقد قال في معالم السنن: " القدر اسم لما صار مُقدَّراً عن فعل القادر، كالهدم والنشر والقبض: أسماء لما صدر من فِعل الهادم والناشر والقابض.

والقضاء في هذا معناه الخلق، كقوله تعالى:(فقضاهن سبع سماوات في يومين)[فصلت: 12] أي خلقهن " (2) .

وبناء على هذا القول يكون " القضاء من الله تعالى أخص من القدر، لأنّه الفصل بين التقديرين، فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع "(3) .

ويدل لصحة هذا القول نصوص كثيرة من كتاب الله، قال تعالى:(وكان أمراً مقضياً)[مريم: 21]، وقال:(كان على ربك حتماً مقضياً)[مريم: 71] . وقال: (وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون)[البقرة: 117] .

فالقضاء والقدر - بناء على هذا القول - أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنزلة الأساس وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه " (4) .

(1) فتح الباري: 11/149.

(2)

معالم السنن للخطابي: 7/70.

(3)

المفردات للراغب الأصفهاني: ص406.

(4)

النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 4/78. وانظر جامع الأصول: 10/104.

ص: 25

أركان الإيمان بالقدر

الإيمان بالقدر يقوم على أربعة أركان، من أقرَّ بها جميعاً فإن إيمانه بالقدر يكون مكتملاً، ومن انتقص واحداً منها أو أكثر فقد اختل إيمانه بالقدر، وهذه الأركان الأربعة هي:

الأول: الإيمان بعلم الله الشامل المحيط.

الثاني: الإيمان بكتابة الله في اللوح المحفوظ لكل ما هو كائن إلى يوم القيامة.

الثالث: الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته التامة، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

الرابع: خلقه تبارك وتعالى لكل موجود، لا شريك لله في خلقه.

وسنتناول هذه الأصول الأربعة بشيء من التفصيل.

الركن الأول

الإيمان بعلم الله الشامل

وقد كثر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تقرير هذا الأصل العظيم، فعلم الله محيط بكل شيء، يعلم ما كان، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف

ص: 26

يكون، ويعلم الموجود والمعدوم، والممكن والمستحيل.

وهو عالم بالعباد وآجالهم وأرزاقهم وأحوالهم وحركاتهم وسكناتهم وشقاوتهم وسعادتهم، ومن منهم من أهل الجنة، ومن منهم من أهل النار من قبل أن يخلقهم، ويخلق السماوات والأرض.

وكل ذلك مقتضى اتصافه تبارك وتعالى بالعلم، ومقتضى كونه تبارك وتعالى هو العليم الخبير السميع البصير.

قال تعالى: (هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة)[الحشر: 22] وقال: (لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما)[الطلاق: 12] . وقال: (عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر)[سبأ: 3] . وقال: (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)[النحل: 125] . وقال: (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم)[النجم: 32] .

وقال الحق مقرراً علمه بما لم يكن لو كان كيف سيكون (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه)[الأنعام: 28] ، فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم.

وقال في الكفار الذين لا يطيقون سماع الهدى: (ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون)[الأنفال: 23] .

ومن علمه تبارك وتعالى بما هو كائن علمه بما كان الأطفال الذين توفوا صغاراً عاملين لو أنهم كبروا قبل مماتهم.

ص: 27

روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين "(1) .

وروى مسلم عن عائشة أم المؤمنين قالت: توفى صبي، فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أولا تدرين أن الله خلق الجنة والنار، فخلق لهذه أهلاً ولهذه أهلاً ".

وفي رواية عند مسلم أيضاً عن عائشة قالت: " دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار، فقلت: يا رسول الله طوبي لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه.

قال: أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم " (2) .

وهذه الأحاديث تتحدث عن علم الله في من مات صغيراً، لا أن هؤلاء يدخلهم الله النار بعلمه فيهم من غير أن يعملوا.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في قوله صلى الله عليه وسلم في أبناء المشركين: " الله أعلم بما كانوا عاملين "" أي يعلم من يؤمن منهم ومن يكفر لو بلغوا، ثم إنه جاء في حديث إسناده مقارب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة فإن الله يمتحنهم، ويبعث إليهم رسولاً في عرصة القيامة، فمن أجابه أدخله الجنة، ومن عصاه أدخله

(1) انظر فتح الباري: 11/493ورواه مسلم بلفظه عن أبي هريرة: 4/2049ورقمه: 2659.

(2)

صحيح مسلم: 4/2050 ورقمه: 2662.

ص: 28

النار " فهنالك يظهر فيهم ما علمه الله سبحانه، ويجزيهم على ما ظهر من العلم، وهو إيمانهم وكفرهم، لا على مجرد العلم "(1) .

الأدلة العقلية على أن الله علم مقادير الخلائق قبل خلقهم:

والحق أن وجود هذا الكون، ووجود كل مخلوق فيه يدلَُ دلالة واضحة على أن الله علم به قبل خلقه، " فإنه يستحيل إيجاده الأشياء مع الجهل، لأن إيجاده الأشياء بإرادته، والإرادة تستلزم تصور المراد، وتصور المراد هو العلم بالمراد، فكان الإيجاد مستلزماً للإرادة، والإرادة مستلزمة للعلم، فالإيجاد مستلزم للعلم "(2) .

وأيضاً فإن " المخلوقات فيها من الأحكام والإتقان ما يستلزم علم الفاعل لها، لأن الفعل المحكم المتقن يمتنع صدوره عن غير علم "(3) .

واستدل العلماء على علمه تبارك وتعالى بقياس الأولى: " فالمخلوقات فيها ما هو عالم، والعلم صفة كمال، ويمتنع أن لا يكون الخالق عالماً ".

والاستدلال بهذا الدليل له صيغتان:

أحدهما: أن يقال: نحن نعلم بالضرورة أن الخالق أكمل من المخلوق، وأن الواجب أكمل من الممكن، ونعلم ضرورة أنا لو فرضنا شيئين:

أحدهما عالم والآخر غير عالم، كان العالم أكمل، فلو لم يكن الخالق عالماً لزم أن يكون الممكن أكمل منه، وهو ممتنع.

(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/246.

(2)

شرح الطحاوية: ص148.

(3)

شرح الطحاوية: ص148.

ص: 29

الثاني: كل علم في المخلوقات فهو من الله تبارك وتعالى، ومن الممتنع أن يكون فاعل الكمال ومبدعه عارياً منه، بل هو أحق به، ذلك أن كل ما ثبت للمخلوق من كمال فالخالق أحق به، وكلَُ نقص تنزه عنه مخلوق ما، فتنزه الخالق عنه أولى " (1) .

وكل هذه الأدلة يمكنك أن تلمحها في قوله تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)[الملك: 14] .

ويستدل على علمه تبارك وتعالى بإخباره بالأشياء والأحداث قبل وقوعها وحدوثها، فقد أخبر الحق في كتبه السابقة عن بعثة رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، وصفاته وأخلاقه وعلاماته، كما أخبر عن الكثير من صفات أمته، وأخبر في محكم كتابه أن الروم سينتصرون في بضع سنين على الفُرس المجوس، ووقع الأمر كما أخبر، والإخبار عن المغيبات المستقبلة كثير في الكتاب والسنة.

الركن الثاني

الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء

دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء، ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال:

(1) شرح الطحاوية: ص148.

ص: 30

وعرشه على الماء " (1) .

ورواه الترمذي بلفظ: " قدرَّ الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة "(2) .

وفي سنن الترمذي أيضاً عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب قال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر ما كان، وما هو كائن إلى الأبد ".

قال أبو عيسى الترمذي: وهذا حديث غريب من هذا الوجه (3) .

واللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه مقادير الخلائق سماه القرآن بالكتاب، وبالكتاب المبين، وبالإمام المبين وبأم الكتاب، والكتاب المسطور. قال تعالى:(بل هو قرءان مجيد - في لوح محفوظ)[البروج: 21-22] . وقال: (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب)[الحج: 70] وقال: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)[يسن: 12] . وقال: (والطور - وكتاب مسطور - في رق منشور)[الطور: 1-3] . وقال: (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلى حكيم)[الزخرف: 4] .

(1) رواه مسلم في صحيحه: 4/2044 ورقم الحديث: 2653.

(2)

سنن الترمذي: (4/458) ورقمه: 2156. وقال فيه: حديث حسن صحيح.

(3)

سنن الترمذي: 4/458 ورقمه: 2055 والحديث صحيح. فالغرابة إنما هي في الوجه الذي أورده الترمذي في باب القدر، وإلا فإنه قد أورده في كتاب التفسير، وقال فيه: حديث حسن غريب. وقد أورده الشيخ ناصر الدين الألباني في صحيح سنن الترمذي: (2/228) وذكر أنه خرجه في سلسلة الأحاديث الصحيحة وغيرها.

ص: 31

الركن الثالث

الإيمان بمشيئة الله الشاملة وقدرته النافذة

وهذا الأصل يقضي بالإيمان بمشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا حركة ولا سكون في السماوات ولا في الأرض إلا بمشيئته، فلا يكون في ملكه إلا ما يريد.

والنصوص المصرحة بهذا الأصل المقررة له كثيرة وافرة، قال تعالى:(وما تشاءون إلا أن يشاء الله)[التكوير: 29]، وقال:(ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله)[الأنعام: 111]، وقال:(ولو شاء ربك ما فعلوه)[الأنعام: 112]، وقال:(إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)[يسن: 36]، وقال:(من يشاء الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم)[الأنعام: 39] .

ومشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة يجتمعان فيما كان وما سيكون، ويفترقان فيما لم يكن ولا هو كائن.

فما شاء الله تعالى كونه فهو كائن بقدرته لا محالة، وما لم يشأ الله تعالى إياه لا يكن لعدم مشيئة الله تعالى ليس لعدم قدرته عليه، قال تعالى:(ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد)[البقرة: 253]، وقال:(ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)[المائدة: 48]، وقال:(ولو شاء الله لجمعكم على الهدى)[الأنعام: 35]، وقال:(ولو شاء الله ما أشركوا)[الأنعام: 107]، وقال: (ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم

ص: 32

جميعاً) [يونس: 99]، وقال:(ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً)[الفرقان: 45] ، والآيات في هذا كثيرة تدل على عدم وجود ما لم يشأ وجوده لعدم مشيئته ذلك، لا لعدم قدرته عليه، فإنه على كل شيء قدير تبارك وتعالى.

الركن الرابع

الإيمان بأن الله خالق كلّ شيء

قررت النصوص أن الله خالق كل شيء، فهو الذي خلق الخلق وكوَّنهم وأوجدهم، فهو الخالق وما سواه مربوب مخلوق (الله خالق كل شيء) [الزمر: 62] ، (بلى وهو الخلاق العليم) [يسن: 81] ، (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) [الأنعام: 1] ، (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً) [النساء: 1] ، (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كلٌ في فلك يسبحون) [الأنبياء: 33] ، والنصوص في هذا كثيرة طيبة.

ص: 33

أفعال العباد مخلوقة مقدرة

لا يخرج العباد وأفعالهم عن غيرها من المخلوقات، فقد علم الله ما سيخلقه من عباده، وعلم ما هم فاعلون، وكتب كل ذلك في اللوح المحفوظ، وخلقهم الله كما شاء، ومضى قدر الله فيهم، فعملوا على النحو الذي شاءه فيهم، وهدى مَن كتب الله له السعادة، وأضل مَن كتب عليه الشقاوة، وعلم أهلَ الجنة ويسرهم لعمل أهلها، وعلم أهلَ النار ويسرهم لعمل أهلها.

والنصوص التي سقناها فيما سبق تكفي في الدلالة على هذا الذي قررناه هنا، ومع ذلك فهناك نصوص كثيرة أخرى أصرح في الدلالة في هذه المسألة.

قال تعالى: (والله خلقكم وما تعملون)[الصافات: 96]، وقال:(وكل شيء فعلوه في الزبر)[الصافات: 52]، وقال:(وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يُعمًّر من مُّعمَّر ولا يُنقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير)[فاطر: 11] . وقال: (من يهد الله فهو المهتدى ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون)[الأعراف: 178]، وقال:(إنّ ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)[النحل: 125] .

وجاءت أحاديث كثيرة تواتر معناها على أن رب العباد علم ما العباد عاملون، وقدّر ذلك وقضاه وفرغ منه، وعلم ما سيصير إليه العباد من

ص: 34

السعادة والشقاء، وأخبرت مع ذلك كله أن القدر لا يمنع من العمل، " اعملوا فكل ميسر لما خلق له ".

وسنورد هنا بعض النصوص الدالة على ذلك.

النصوص الدالة على تقدير الله أفعال العباد

1-

الأحاديث الدالة على أن أعمال العباد جفَّت بها الأقلام وجرت بها المقادير:

روى مسلم في صحيحه عن جابر قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم قال: يا رسول الله، بيّن لنا ديننا كأنّا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفيما جَفَّت به الأقلام، وجرت به المقادير، أم فيما يستقبل؟ قال:" لا، بل فيما جفَّت به الأقلام وجرت بها المقادير ".

قال: ففيم العمل؟

فقال: " اعملوا فكلٌّ ميسر " وفي رواية: " كل عامل ميسَّر لعمله "(1) .

وروى الترمذي في سننه أن عمر بن الخطاب قال للرسول صلى الله عليه وسلم: " يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه، أمر مبتدع أو مبتدأ، أو فيما فرغ منه؟

فقال: فيما فرغ منه يا ابن الخطاب، وكلٌّ ميسَّر، أمّا من كان من أهل السعادة فإنّه يعمل للسعادة، وأمّا من كان من أهل الشقاء فإنّه يعمل للشقاء ".

(1) صحيح مسلم: 4/2040ورقم الحديث 2648.

ص: 35

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (1) .

2-

علم الله بأهل الجنة وأهل النار:

وروى البخاري عن عمران بن حصين قال: قال رجل: يا رسول الله، " أَيُعْرف أهل الجنة من أهل النار؟

فقال: نعم.

قال: فلم يعملون؟ قال: كلٌّ يعمل لما خلق له، أو يسر له ".

وروى مسلم في صحيحه عن علي قال: " كنا في جنازة في بقيع الغرقد (2) . فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله، ومعه مِخْصَرةٌ (3) . فنكّس (4) . فجعل ينكث بمخصرته (5) ، ثم قال: " ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار، وإلا قد كتبت شقيّه أو سعيدة ".

قال: فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال:" من كان من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة ". فقال (6) : " اعملوا فكل ميسر، أمّا أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأمّا أهل

(1) رواه الترمذي: 4/445ورقم الحديث: 2135.

(2)

بقيع الغرقد: مقبرة أهل المدينة.

(3)

المخصرة: عصا صغيرة.

(4)

نكس رأسه: خفضه.

(5)

أي يخط بمخصرته في التراب.

(6)

هكذا في الحديث كرر " فقال ".

ص: 36

الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ". ثم قرأ: (فأما من أعطى واتقى - وصدق بالحسنى - فسنيسره لليسرى - وأما من بخل واستغنى - وكذب بالحسنى - فسنيسره للعسرى) [الليل: 5-10] "(1) .

3-

استخراج ذرية آدم من ظهره بعد خلقه وقسمهم إلى فريقين: أهل الجنة وأهل النار:

وأخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الله مسح ظهر آدم بعد خلقه له، واستخرج ذريته من ظهره أمثال الذر، واستخرج منهم أهل الجنة وأهل النار.

روى مالك والترمذي وأبو داود عن مسلم بن يسار قال: سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن هذه الآية: (وإذ أخذ ربك من بني ءادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين)[الأعراف: 172] .

قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل عنها فقال: " إن الله خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون ".

فقال رجل: ففيم العمل يا رسول الله؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله الله الجنة.

(1) رواه مسلم: 4/2039 ورقم الحديث: 2647 والحديث رواه البخاري في غير موضع في صحيحه ورواه الترمذي وأبو داود. واللفظ الذي سقناه هنا لمسلم.

ص: 37

وإذا خلق الله العبد للنار، استعمله بعمل أهل النار، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله الله النار " (1) .

وروى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح إلى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني عرفه - فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قُبُلاً قال:(ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين - أو تقولوا إنما أشرك ءاباؤنا ذرية من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون)[الأعراف: 172 -173](2) .

وروى أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله آدم حين خلقه، فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى، فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم، فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالي، وقال للذي في كَفِّه اليسرى: إلى النار ولا أبالي "(3) .

وبين الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر " أنَّ الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل " فلذلك أقول جفَّ القلم على علم الله.

رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو وقال فيه: هذا حديث حسن (4) .

(1) مشكاة المصابيح: 1/34 ورقم الحديث: 95 وقال محقق المشكاة الشيخ ناصر الدين الألباني فيه: رجال إسناده ثقات رجال الشيخين، غير أنه منقطع بين مسلم بين يسار وعمر، لكن له شواهد كثيرة.

(2)

مشكاة المصابيح: 1/43.

(3)

مشكاة المصابيح: 1/42.

(4)

سنن الترمذي 5/26 ورقم الحديث (2642) .

ص: 38

4-

كتابة الله لأهل الجنة وأهل النار:

وروى الترمذي في سننه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان: فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ فقلنا: لا يا رسول الله، إلا أن تخبرنا.

فقال للذي في يده اليمنى: هذا الكتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثمَّ أُجمل آخرهم، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبداً.

ثمَّ قال للذي في شماله: هذا كتاب من ربِّ العالمين، فيه أسماء أهل النار، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثمَّ أُجمل على أخرهم (1) ، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبداً.

فقال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله إن كان الأمر قد فرغ منه؟

فقال: سدِّدوا وقاربوا (2) ، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل. وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه فنبذهما. ثم قال: فرغ ربكم من العباد، فريق في الجنة وفريق في السعير ".

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح (3) .

(1) أجمل على أخرهم، أي: جمعوا أهل الجنة وأهل النار عن أخرهم، وعُقدت جملتهم، فلا يتطرق إليها زيادة ولا نقصان.

(2)

السداد: الصواب في القول والعمل. والمقاربة: القصد فيهما.

(3)

سنن الترمذي: 4/450 ورقم الحديث 2141 وهو في صحيح سنن الترمذي للشيخ ناصر: 2/225.

ص: 39

5-

التقدير في ليلة القدر والتقدير اليومي:

بينا من قبل أن الله قدَّر مقادير عباده قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ودلّ الكتاب والسنة على أن هناك تقديران تقدير حولي وتقدير يومي، فأما التقدير الحولي ففي ليلة القدر، ففيها يكتب من أم الكتاب ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر، وما يقوم به العباد من أعمال ونحو ذلك، قال تعالى:(إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين - فيها يفرق كل أمر حكيم - أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين)[الدخان: 3-5] .

أما التقدير اليومي فهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق، قال تعالى:(يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن)[الرحمن: 29]

روى ابن جرير عن منيب بن عبد الله عن أبيه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقلنا: يا رسول الله، وما ذاك الشأن؟ قال: أن يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع قوماً، ويضع آخرين.

وجملة أقوال المفسرين في الآية " أن الله من شأنه في كل يوم أن يحيي ويميت، ويخلق ويرزق، ويعز قوماً ويذل قوماً، ويشفي مريضاً، ويفك عانياً، ويفرج مكروباً، ويجيب داعياً، ويعطي سائلاً، ويغفر ذنباً، إلى مالا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه "(1) .

(1) ذكره صاحب معارج القبول: 1/346 عن البغوي المفسر.

ص: 40

6-

كتابة ما قدر للإنسان وهو جنين في رحم أمه:

ورد في الأحاديث أن الله يرسل ملكاً للجنين في رحم أمه فيكتب رزقه وأجله وشقاءَه وسعادته، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال: " إن أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.

فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها " (1) .

وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" وكل الله بالرحم ملكاً، فيقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة. فإذا أراد الله أن يقضي خلقها قال: أي رب ذكر أم أنثى، أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل، فيكتب كل ذلك في بطن أمه "(2) .

وروى الترمذي في سننه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله فقيل: كيف يستعمله يا رسول الله؟

(1) رواه البخاري، انظر فتح الباري: 11/477 ورواه مسلم: 4/2036. ورقم الحديث: 2634. والسياق لمسلم. ورواه أبو داود والترمذي أيضاً.

(2)

رواه البخاري، فتح الباري: 11/477. ورواه مسلم: 4/2038. ورقمه 2646. والسياق للبخاري.

ص: 41

قال: يوفقه لعمل صالح قبل أن يموت ".

قال: الترمذي هذا حديث حسن صحيح (1) .

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له بعمل أهل الجنة "(2) .

وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة "(3) .

ومما يحسن أن يساق في هذا الباب لما فيه من العبرة، قصة الذي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار، ففي صحيح البخاري عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رجلاً من أعظم المسلمين غناءً في غزوة غزاها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار، فلينظر إلى هذا.

فاتبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشدِّ الناس على المشركين، حتى جُرح فاستعجل الموت، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه، حتى خرج من بين كتفيه.

فأقبل الرجل إلى الرسول مسرعاً: فقال: أشهد أنك رسول الله.

(1) سنن الترمذي: 4/450. ورقمه: 2142.

(2)

رواه مسلم: 4/2042 ورقم الحديث: 2651.

(3)

رواه مسلم: 4/2042.

ص: 42

فقال: وما ذاك؟

قال: قلت لفلان من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين، فعرفت أنه لا يموت على ذلك، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: " إن العبد ليعمل عمل أهل النار، وإنه من أهل الجنة. ويعمل عمل أهل الجنة، وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم "(1) .

(1) فتح الباري: 11/499 ورقم الحديث: 6607.

ص: 43