المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من الآراء النحوية لصاحب البسيط: - الكشف عن صاحب البسيط في النحو

[حسن موسى الشاعر]

الفصل: ‌من الآراء النحوية لصاحب البسيط:

ومن ذلك أيضاً، قوله في البسيط:"فتحت همزة الوصل في أداة التعريف لكثرة الاستعمال، وفرقاً بينها وبين الداخلة على الاسم والفعل، فإنها مع الاسم مكسورة، ومع الفعل مكسورة ومضمومة"1.

ويبدو لي أن صاحب البسيط كان ملماً بعلوم الشريعة أيضاً، بدليل أنه يستعين بالمصطلحات الشرعية في توضيح القواعد النحوية. ومن ذلك، قال السيوطي: الأصل في الأسماء الصرف ولذا لم يمنع السبب الواحد اتفاقاً، ما لم يعتضد بآخر يجذبه عن الأصالة إلى الفرعية.

قال في البسيط: "ونظيره في الشرعيات أن الأصل براعة الذمة، فلا يقوى الشاهد على شغل الذمة ما لم يعتضد بآخر"2.

وقال في البسيط أيضاً: "التنوين زيادة على الكلمة، كما أن النّفل زيادة عن الفرض"3.

وقد لاحظت أن صاحب البسيط استشهد بالحديث "أو مُخرجىَّ هُم"4. ولكن يبدو أن ذلك قليل.

1 الأشباه والنظائر 2/ 285.

2 الأشباه والنظائر3/ 62.

3 الأشباه والنظائر 3/ 239.

ص: 163

‌من الآراء النحوية لصاحب البسيط:

1-

قال أبو حيان في ارتشاف الضرَّب5: وفي البسيط: قَدَم (اسم امرأة) ، وسَقَر ممنوعا الصرف باتفاق للتأنيث المعنوي والعلمية.

2-

وقال أبو حيان في ارتشاف الضرَّب في باب المفعول المطلق، عند ذكر المصادر المثناة، مثل لبيك وحنانيك وسعديك، قال6:"وعدّ في البسيط في هذه المصادر المثناة حواليك، قال بمعنى الإقامة والقرب كأنه أراد الإحاطة من كل جهة، لأنه يقال: أحوالك، ويحتمل أن يريد إطافة بك بعد إطافة، وليس له فعل من لفظه، ويجوز نصبه على الظرف وعلى الحال". انتهى.

4 ارتشاف الضرب 3/ 181.

5 ارتشاف الضرب 1/ 440.

6 ارتشاف الضرب 2/ 210.

ص: 163

3-

وقال أبو حيان في الارتشاف أيضاً، في باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر1:"جعل" بمعنى (صيّر)، قال تعالى:{فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} 2، وقال تعالى:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} 3.

وفي البسيط: وهذه إما تصيير لما له نسبة إليه أو إلى ما يكون له ذاتاً أو كالذات.

فالأول لابدّ فيه من أحد حروف النسبة كقوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} 4.

والثاني تصيير في الفعل بالذات نحو: جعلت الطن خزفاً. وقد تدخل فيه "من" كقوله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِير} 5. أو بالصفة: جعلته عالماً. وإما في الاعتقاد: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} 6. وإما في النيابة عن الشيء: جعلت البصرة بغداد، والكتّان خزًّا. وإما في الشبه: جعلت حسنًا قبيحاً. وهي إذا كانت بهذه المعاني لم تؤثر إلا في المفعول الأول، لأنه وقع به ذلك، ولا يستغني عن الثاني، لأنه كالمبتدأ والخبر في الأصل، أو ما هو منزل منزلته. انتهى ملخصاً.

4-

وقال المرادي7 في شرح بيت الألفية:

ويُبدَلُ الفعلُ مِن الفعل كمنْ

يَصِلْ إلينا يستعنْ بنا يُعَنْ

يجوز إبدال الفعل من الفعل بدل كل. قال في البسيط: باتفاق. ومنه:

متى تأْتِنا تُلْمِمْ بنا في ديارن8

وبدل الاشتمال نحو: {يَلْقَ أَثَاماً، يُضاعَفْ} 9. و: مَنْ يَصلْ إلينا يستعن بنا يُعن. وحكى في البسيط فيه خلافاً.

1 ارتشاف الضرب 3/ 60.

2 سورة الفرقان آية 23.

3 سورة الصافات آية 77.

4 سورة النحل آية 62.

5 سورة المائدة آية 60.

6 سورة الأحزاب آية 19.

7 توضيح المقاصد والمسالك 3/ 261- 262.

8 صدر بيت لعبيد الله بن الحُر وعجزه: تجد حطباً جزلاً وناراً تأجّجا.

والبيت من شواهد سيبويه 3/86، الأشموني مع الصبان 3/131. قال البغدادي في الخزانة 9/98: البيت من قصيدة تزيد على ثلاثين بيتا لعبيد الله بن الحر، قالها وهو في حبس مصعب بن الزبير في الكوفة.

9 سورة الفرقان من الآيتين 68- 69.

ص: 164

ولا يبدل بدل بعض. وأما بدل الغلط، فقال في البسيط:"جوّزه سيبويه وجماعة من النحويين، والقياس يقتضيه".

5-

قال ابن هشام في المغني1: لكنّ (مشددة النون) وفي معناها ثلاثة أقوال.

أحدها: وهو المشهور أنه واحد، وهو الاستدراك

والثاني: أنها ترد تارة للاستدراك وتارة للتوكيد. قاله جماعة منهم صاحب البسيط.

6-

قال ابن عقيل في شرح الألفية2: وإعمال اسم المصدر قليل، ومن ادَّعى الإجماع على جواز إعماله فقد وهم. وقال ضياء الدين بن العلج في البسيط:"ولا يبعد أن ما قام مقام المصدر يعمل عمله. ونقل عن بعضهم أنه أجاز ذلك قياساً".

7-

وقال ابن عقيل في المساعد3 في قول الشاعر:

تراه كالثغام يُعلُّ مِسْكاً

يسوء الفالياتِ إذا فليني4

في قوله "فليني" المحذوف منه عند سيبويه ومن وافقه نون الإِناث، والباقية نون الوقاية، كما بقيت في {تَأْمُرُونِّي} 5 واختاره ابن مالك. وذهب المبرد ومن وافقه إلى أن المحذوف نون الوقاية والباقية نون الإِناث، لأنها ضمير الفاعل. وهو الموافق لما قرّره البصريون من أن الفاعل لا يحذف. قال في البسيط في "فليني" إنه لا خلاف أن نون الوقاية هي المحذوفة.

8-

قال الزركشي في البرهان6: "أيّانَ"

وهي في الأزمان بمنزلة "متى" إلَاّ أن "متى" أشهر منها. وفي أيّان تعظيم. ولا تستعمل إلَاّ في موضع التفخيم، بخلاف متى

وقال صاحب البسيط: إنها تستعمل في الاستفهام عن الشيء المعظَّم أمره.

1 مغني اللبيب 322.

2 شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك 2/ 101.

3 المساعد على تسهيل الفوائد 1/98. وانظر همع الهوامع 1/226، الأشباه والنظائر ا/ 85.

4البيت قائله عمرو بن معد يكرب يصف شعره أن الشيب قد شمله. والثغام: نبت له نور أبيض. يعل مسكاً: يطيب به مرة بعد مرة. والفاليات جمع فاليه وهي التي تخرج القمل من الشعر. والشاهد فيه: حذف إحدى النونين في "فليني".

والبيت من شواهد سيبويه 3/520، شرح أبيات سيبويه 2/304، خزانة الأدب 5/371. إعراب الحديث النبوي للعكبرى 234 وفيه شواهد متعددة لحذف النون.

5 سورة الزمر آية 64. قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} . قرأ نافع وابن عامر {تَأْمُرُونِّي} بتخفيف النون، وقرأ الباقون بتشديد النون. انظر السبعة في القراءات 563.

6 البرهان في علوم القرآن 4/251.

ص: 165

9-

قال الشيخ خالد الأزهري في باب التنازع1: وأجاز ابن العلجِ التنازع بين الحرفين مستدلا بقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} 2. ورُدّ بأن "إنْ" تطلب مثبتا، و"لم" تطلب منفيا، وشرط التنازع الاتحاد في المعنى.

10-

قال السيوطي في الهمع3 في باب الظرف: أما "وسَط" المتحرك السين فاسم.

قال في البسيط: "جعلوا الساكن ظرفاً، والمتحرك اسم ظرف نحو: زيدٌ وسْط الدار، والثاني نحو: ضربت وسَطه".

11-

وقال السيوطي في الأشباه والنظائر4: وقال صاحب البسيط: "القياس يقتضي عدم حذف حروف المعاني وعدم زيادتها، لأن وضعها للدلالة على المعاني، فإذا حذفت أخل حذفها بالمعنى الذي وضعت له، وإذا حكم بزيادتها نافى ذلك وضعها للدلالة على المعنى، ولأنهم جاءوا بالحرف اختصاراً عن الجمل التي تدل معانيها عليها، وما وضع للاختصار لا يسوغ حذفه ولا الحكم بزيادته، فلهذا مذهب البصريين المصير إلى التأويل ما أمكن صيانة عن الحكم بالزيادة أو الحذف".

12-

وقال السيوطي في الأشباه والنظائر5: "قال صاحب البسيط: إنما اختصّت "غدوة " بالنصب بعد " لدن "دون "بكرة" وغيرها لكثرة استعمال غدوة معها. وكثرة الاستعمال يجوز معه مالا يجوز مع غيره".

13-

وقال السيوطي في الهمع6 في باب الحال: "وجوّز بعض البصريين وصاحب البسيط مجيء الحال من المضاف إليه مطلقاً، وخرجوا عليه:{أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} 7. وقوله:

حَلَقُ الحديد مُضاعفاً يتلهّبُ"8

1 التصريح على التوضيح 1/317.

2 سورة البقرة آية 24.

3 همع الهوامع 3/157.

4 الأشباه والنظائر 1/ 80.

5 الأشباه والنظائر 2/ 304.

6 همع الهوامع 4/23.

7 سورة الحجر آية 66.

8 من أبيات لزيد الفوارس وصدره:

عَوْد وبُهْثَةُ حاشدون عليهم

. والبيت في خزانة الأدب 3/173، وذكر أنه استدل به الرضي وأبو علي في المسائل الشيرازيات على مجيء الحال من المضاف إليه.

ص: 166

14-

وقال السيوطي في الهمع1، في تمييز العدد:

"إذا جيء بنعتٍ مفرد أو جمع تكسير جاز الحمل فيه على التمييز وعلى العدد، نحو: عندي عشرون رجلا صالحاً أو صالحٌ، وعشرون رجلا كراماً أو كرامٌ. فإن كان جمع سلامة تعينّ الحمل على العدد نحو: عشرون رجلا صالحون". ذكره في البسيط.

وفي الأشباه والنظائر للسيوطي نقول طويلة عن صاحب البسيط، وانظر من ذلك ما افترق فيه كم الاستفهامية وكم الخبرية 2.

1 همع الهوامع 4/77.

2 الأشباه والنظائر 4/121- 123.

ص: 167