المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حال من التزم الإسلام أو الإيمان أو الإحسان - المحجة في سير الدلجة - جـ ٤

[ابن رجب الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌الأصل العظيم

- ‌بيان معنى الباء في الآية والحديث

- ‌الحمد لله ثمن كل نعمة

- ‌بيان معنى النعم وأنّ الحمد منها

- ‌الجنة والعمل من فضل الله تعالى

- ‌الشقاء والسعادة بعدله ورحمته جلَّ وعلا

- ‌ما يجب عَلَى العبد معرفته

- ‌الاشتغال بالشكر أعظم النعم

- ‌العمل لا يوجب النجاة

- ‌الاعتراف بفضل الله عز وجل

- ‌ما عَلَى العبد للفوز والنجاة

- ‌بيان أَحَبِّ الأعمال إِلَى الله

- ‌معنى سدِّدوا وقاربوا

- ‌بيان ما تفوَّق به الصحابة

- ‌قاعدة جليلة

- ‌بيان جملة من التيسير في التشريع

- ‌معنى الغدوة والروحة وأوقاتها وفضائلها

- ‌معنى القصد في السير

- ‌سلوك صراط الله عز وجل

- ‌الأعمال بالخواتيم

- ‌فضل تقرب العبد إِلَى الله عز وجل

- ‌أنواع الوصول إِلَى الله تعالى

- ‌حال من التزم الإِسلام أو الإِيمان أو الإِحسان

- ‌فضل وَقْتَي الغَدّاة والعَشِي والمقصود بهما

- ‌حال من ركن إِلَى الآخرة ومن ركن إِلَى الدُّنْيَا

- ‌فصل في قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47]

- ‌بيان ما يصير هباء منثورًا من الأعمال

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌النوع الرابع:

- ‌النوع الخامس

- ‌النوع السادس

- ‌النوع السابع

- ‌هم الدُّنْيَا وشقاء الآخرة

- ‌الحذر…الحذر

الفصل: ‌حال من التزم الإسلام أو الإيمان أو الإحسان

‌حال من التزم الإِسلام أو الإِيمان أو الإِحسان

الصراط المستقيم في الدُّنْيَا يشمل عَلَى ثلاثة درجات: درجة الإِسلام، ودرجة الإِيمان، ودرجة الإِحسان.

فمن سلك درجة الإسلام إِلَى أن يموت عليها منعته من الخلود في النار، ولم يكن له بُدَّ من دخول الجَنة، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه.

ومن سلك عَلَى درجة الإيمان إِلَى أن يموت عليها منعته من دخول النار بالكلية، فإنَّ نورَ الإيمان يطفئ لهب نار جهنم حتى تقول:"يا مؤمن جُز فقد أطفأ نورُك لهب"(1).

وفي "المسند"(2) عن جابر مرفوعًا: "لا يبقي بَرٌّ ولا فاجر إلَاّ دخلها، فتكون عَلَى المؤمن بردًا وسلامًا كما كانت عَلَى إبراهيم حتى أن للنار ضجيجًا من بردهم".

هذا ميراثٌ رثه المحبوب من حال أبيهم إبراهيم عليه السلام.

ففي فؤاد المحبِّ نارُ (هوى)(*)

حر نارِ الجحيم أبردُها

ومن سلك عَلَى درجة الإحسان إِلَى أن يموت عليها، صل بعد

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 668) عن يعلى بن منية مرفوعًا.

وقاله الهيثمي في المجمع (10/ 360): رواه الطبراني وفيه سليم بن منصور بن عمار وهو ضعيف.

وقال المصنف في "التخويف من النار" ص 184: غريب وفيه نكارة.

وقد سبق تخريجه في موضعين آخرين.

(2)

(3/ 328 - 329)، وقال الهيثمي (7/ 55): ورجاله ثقات، وقال ابن كثير في "تفسيره": غريب ولم يخرجوه وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (6156).

(*) جوى: "نسخة".

ص: 431

الموت إِلَى الله {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26].

وفي الحديث الصحيح: "إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ نادي منادٍ: يا أهلَ الجنةِ إنَّ لكم عندَ اللهِ موعدًا يريد أن ينجزكموه.

فيقولون: ما هو؟

ألم يبيِّض وجوهنا؟ ألم يثقِّل موازيننا؟ ألم يدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟

فيَكْشِف الحجاب فينظرون إِلَيْهِ، فواللهِ ما أعطاهم الله شيئًا أحبّ إليهم، ولا أقرَّ لأعينهم من النظر إِلَيْه". وهو الزيادة ثم تلا:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (1).

كلُّ أهل الجنة يشتركون في الرؤية لكن يتفاوتون فى القرب فى حال الرؤية وفي أوقات الرؤيا.

عموم أهل الجنة يرون يوم المزيد وهو يوم الجمعة، وخواصهم (ينظرون إِلَى وجه الله)(*) كل يوم مرتين بكرةً وعشيًّا.

عموم أهل الجنة لهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا، وخواصهم يرون الله بكرةً وعشيًّا.

العارفون لا (يسليهم)(**) عن محبوبهم قصرٌ ولا يرويهم دونه نهرٌ.

كان بعضهم يقول: إذا جعتُ فَذِكْرُهُ زادي، إذا عطَشتُ فمشاهدته سُؤْلي ومرادي.

رُؤي بعض الصالحين في المنام بعد موته فسئل عن حال رجلين من العُلَمَاء؟

فَقَالَ: تركتهما الآن بين يدي الله عز وجل يأكلان ويشربان ويتنعمان.

قِيلَ لَهُ فأنت؟

قَالَ: عَلِمَ قلة رغبتي في الطعام فأباحني النظرَ إِلَيْهِ.

(1) أخرجه مسلم (181) بنحوه، والترمذي (2552)، وابن ماجه (187) بلفظه.

(*) يرون وجهه: "نسخة".

(**) يلهيهم:"نسخة".

ص: 432

أنت ربِّي إذا ظمأت إِلَى الماء

وقوتي إذا أردت الطعاما

وفي "المسند"(1) عن ابن عمر مرفوعًا "إنَّ أدنى أهلِ الجنةِ منزلةً لمن ينظر في ملكه ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه، ينظر إِلَى أزواجه وخدمه، وإن أفضلهم منزلةً لينظر إِلَى وجه الله تبارك وتعالى كلَّ يومٍ مرتين".

وخرَّجه الترمذي (2) ولفظه. "إنَّ أدنى أهلِ الجنة منزلةً لَمَن ينظر إِلَى جنانه وأزواجه (ونعيمه) (*) وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمُهُم عَلَى الله من ينظر إِلَى وجهه غدوة وعشيًّا"، ثم قرأ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23].

ولهذا المعنى قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي الحديث الصحيح، عن جرِير بن عبد الله البَجَلي:"إنكم لترون ربكم يومَ القيامةِ كما ترون هذا القمرَ ليلةَ البدرِ لا تُضامون في رؤيته".

قَالَ: "فإن استطعتم أن لا تُغلبوا عن صلاة قبل طلوعِ الشمسِ وقبل غروبها فافعلوا". ثم قرأ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39](3).

(1)(2/ 13)، وقال الهيثمي (1/ 401): رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وفي أسانيدهم ثوير بن أبي فاختة وهو مجمع عَلَى ضعفه.

(2)

برقم (2553) وقال: وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن إسرائيل، عن ثور عن ابن عمر مرفوعًا.

ورواه عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن ابن عمر موقوفًا.

ورواه عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله ولم يرفعه اهـ.

ورواه الترمذي أيضاً (3330) وقال: هذا حديث غريب.

(*) ونعمه: "نسخة".

(3)

أخرجه البخاري (7434)، ومسلم (633).

ص: 433