المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) البناء والشكل: - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - مقدمة ٢٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌(2) البناء والشكل:

الأول: أن ثلاث خطب منها انفردت بالتنبيه على شهرها وجمعتها، فكتب في رأس إحداها (52):"الخطبة الأولى لرجب"، وفي أخرى (51):"الخطبة الرابعة لجمادى الثانية"، وفي ثالثة (50):"الخطبة الثالثة لجمادى [الثانية] ". هذا التنبيه يدل على أن هذه الخطب الثلاث أقدم الخطب التي بين أيدينا، فإن من عادة الإنسان أنه إذا أخذ في عملٍ جدير بالعناية والاحتفال في نظره حرَصَ في أول أمره على تقييد وقته ويومه وتاريخه، ثم يتكاسل فيما بعد ويتساهل. وقد يكون الشيخ بدأ يخطب من أول جمعة من شهر جمادى الآخرة، وفقدت الخطبتان الأولى والثانية، أو قصد بالخطبة الثالثة الجمعة الثالثة، فكانت هي بداية خطبه. وستأتي قرينة أخرى على كونها أقدم خطب الشيخ.

الثاني: أن الخطبة الثامنة عشرة التي هي خطبة عيد الأضحى تفيد أن العيد في تلك السنة قد وافق يوم الجمعة، فإذا رجعنا إلى التقويم علمنا أن السنة التي وافق فيها يوم النحر يوم الجمعة من بين السنوات الخمس (1336 - 1341) هي سنة

1340 لا غير.

الثالث: لا توجد في المجموعة من خطب العيد إلا خطبة واحدة، وكذلك من خطب عيد الأضحى، فلم يدرك الشيخ إلا عيدًا واحدًا.

الرابع: أدرك الشيخ شهر شعبان مرتين، فإن سبع خطب في هذه المجموعة تتحدث عن فضل شهر شعبان.

(2) البناء والشكل:

1) معظم الخطب قصار، فإن ثلاثة أرباعها لا تتجاوز ثلاث صفحات،

ص: 7

بل كثير من هذه جاءت في صفحتين فقط. وأطولهن خطبة العيد (23) التي استغرقت ثماني صفحات، وتبقى عشر خطب، نصفهن في أربع صفحات والنصف الآخر في خمس إلى ستِّ صفحات.

وقد ذكَّرنا حديثُ الطول والقصر هذا برسالة

(1)

للشيخ كتبها إلى "العلامة الهمام علم الإسلام السيد صالح بن محسن الصيلمي"، وذكر فيها أولا أن "الأولى في خطبة الجمعة قصرها ما أمكن اتباعًا للسنة ورفقًا بالمؤمنين، فإن فيهم من يشقُّ عليه القعود في مقام واحد مع ازدحام الناس

".

ثم أشار إلى السيد الإدريسي قائلًا: "كيف؟ ومولانا أيده الله تعالى وأولاد عمه وأعوانه كلهم تنالهم المشقة لإضرار الحر مع الازدحام بهم".

ثم أوصاه بأن تكون الخطبة قصيرة، و"لتبلغ الأولى قدر سورة الفجر، والأخرى أقصر".

وبعد ذلك أورد ــ على سبيل المثال ــ عن الجاحظ

(2)

خطبة النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن لكم معالم

الجنة أو النار".

هذه الرسالة غير مؤرخة، فلا ندري أهي متزامنة مع خطب الشيخ أم لا. وكان للشيخ أن يمثل لمقدار الخطبة بسورة ق، فقد ورد في حديث أخت عمرة بنت عبد الرحمن في صحيح مسلم (872) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسورة ق والقرآن المجيد في كل جمعة؛ ولكن لعله مثَّل بسورة الفجر نظرًا

(1)

هي ضمن مجموعة الرسائل المتبادلة.

(2)

انظر البيان والتبين (1/ 302).

ص: 8

إلى اشتداد الحر ومراعاةً لجانب السيد وأبناء عمه وأعوانه الذين كانوا يتأذون بالحر مع الزحام، بل يبدو لي أن هذه الرسالة قد كتبت بإيعاز من السيد، والله أعلم. وأيًّا كان الأمر، فإننا إذا وزنّا خطب الشيخ بميزانه هذا، لم نجد منها ما يقارب سورة الفجر إلا ثلاث خطب (15، 28، 55)، بل الخطبة (40) ختمها الشيخ بتلاوة سورة الفجر كاملة، وهي ثلث الخطبة أو أكثر.

2) نسج الشيخ خطبه على منوال خطب ابن نباتة، بل نجد خطبة كاملة (38) أخذها الشيخ من خطب ابن نباتة، وتناولها بشيء من التصرف في ألفاظها وجملها، ثم أضاف إليها قبل ختمها بآية من القرآن الكريم حديثًا في فضل ليلة النصف من شعبان. فهذه الخطبة التي ألقيت في شهر شعبان، وأظن أنها من أوائل خطبه، قد اتخذها الشيخ فيما بعد مثالا يحتذيه في خطبه مع بعض الإضافات. وهي أن ابن نباتة لا يورد في خطبه نص الحديث بل يدخله ضمن كلامه، أما الشيخ فقد جعل للحديث في خطبته موضعًا معيَّنًا، وكتب بخط بارز كلمة "حديث"، ثم التزم إيراد حديث أو أكثر بنصه.

والأمور التي تابع الشيخ فيها ابن نباتة: موضوعات الخطبة، وكثرة الجمل الإنشائية، وعدم التمثل فيها بالشعر إلا في خطبة واحدة سيأتي ذكرها، والتمهيد لتلاوة الآية في الخاتمة بمثل هذه العبارة: "هذا، وإن أبدع الكلام نظما

كلام من وسع كل شيء رحمةً وعلمًا، والله تعالى يقول". هذه العبارة لابن نباتة، وقد كررها الشيخ في الخطبة (53) ثم تفنن كابن نباتة في صياغتها بطرق متنوعة.

3) رتب الشيخ خطبه عمومًا على الوجه الآتي.

ص: 9

1 -

المقدمة وهي تشتمل على حمد الله عز وجل، والشهادتين، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

2 -

الموعظة، وستأتي الإشارة إلى موضوعاتها.

3 -

الحديث، ويكتب قبل إيراده بخط جلي: كلمة "حديث".وكثيرًا ما يقتصر على حديث واحد، وقد يزيد.

4 -

الآيات، ويمهد لها بعبارة تابع فيها ابن نباتة، كما سبق.

5 -

الخاتمة، وهي جملة أو جملتان من الدعاء ولا يلتزم كتابتها.

الجدير بالذكر أن خمس خطب (52، 51، 50، 37، 36) لم ترتب هذا الترتيب، لأنها أقدم الخطب كما سيأتي، فالظاهر أن الخطبة (38) وهي خطبة ابن نباتة التي أخذها الشيخ بشيء من التصرف هي التي كانت نموذجًا لخطبه في المستقبل.

هذا ترتيب الخطب الأُوَل. أما الخطب الثواني، فيستهلها بحمد الله والشهادتين، ثم يلقي موعظة قصيرة، يقفوها الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وإخوانه المرسلين، ثم الدعاء للخلفاء الراشدين: كلٍّ على حدة، مع ذكر ألقابه.

وعند ذكر علي بن أبي طالب يضم إليه ذكر فاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.

ويتبعهم الدعاء للستة المتممين للعشرة، وأهل بيعة الرضوان والشجرة، وعمي النبي صلى الله عليه وسلم: الحمزة والعباس، وأمهات المؤمنين وترجمان القرآن عبد الله بن العباس، ثم التابعين وتابعيهم بإحسان.

ص: 10