المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[في الكلام عن الحسن بن زيد] - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ١

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: ‌[في الكلام عن الحسن بن زيد]

192/ 357 - "إذا أحبَّ أحدُكُم أخَاه فلْيُعْلِمُه أنه يحَّبهُ".

(حم. خد. د. ت. حب. ك) عن المقدام بن معد يكرب (1)(حب) عن أنس (خد) عن رجل من الصحابة

ثم ذكره المصنّف بلفظ آخر وعزاه لأحمد والضياء عن أبي ذر، وبلفظ آخر وعزاه للبيهقى في الشعب عن ابن عمر.

قلت: وفي الباب أيضا عن أبي سعيد الخدرى خرجه ابن فيل في جزئه، وقد اكثر من إخراج طرق هذا الحديث، ورواه من طريقه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 447، رقم 766]، وخرجه القضاعى أيضا من حديث أبن عمر [1/ 446، رقم 765]، أما حديث المقدام فخرّجه أيضا ابن فيل، وابن قتيبة في عيون الأخبار، وابن السنّى في اليوم والليلة [ص 68، رقم 765]، وأبو نعيم في الحلية [6/ 99]، وحديث أبي ذر أخرجه أيضًا ابن فيل في جزئه، وقد أوردت أسانيد الجميع في المستخرج على المسند.

193/ 360 - "إذا أحبَّ أحَدُكُم أنْ يحدِّث ربَّه فَليقرأْ القُرآنَ"(خط. فر) عن أنس

قال الشارح: وهو ضعيف لضعف الحسن بن زيد.

[في الكلام عن الحسن بن زيد]

قلت: الذي يريده الشارح هو المذكور في الميزان وهو ابن الحسين بن على بن أبي طالب، السيد الجليل العابد الشريف أمير المدينة والد السيدة الجليلة العارفة العابدة الشهيرة السيدة نفيسة رضي الله عنها وعن أبيها وهو ثقة ليس بضعيف.

(1) في الأصل: "ابن معدام" والصواب ما أثبتناه، انظر: الاستعياب (4/ 44، ت 2591) والإصابة (ت 8202).

ص: 271

قال العجلي: مدنى ثقة، وقال ابن سعد: كان عابدًا ثقة، وذكره ابن حبّان في الثقات [6/ 160] واحتجّ به النسائى في سننه، وقال الزبير بن بكّار: كان فاضلًا شريفًا، وإنما أورده الذهبى في الميزان [1/ 535، رقم 2002] لرواية ابن أبي مريم عن ابن معين أنه قال: ضعيف، وهي رواية مردودة على وجه قائلها وراويها عنه إن صدق ولم يكن ناصبيا، وبعد هذا فليس هو المذكور في سند هذا الحديث ولكنه رجل آخر ظنّه الشارح هو لبعده عن صناعة الحديث ومعرفة الرجال.

قال الخطيب [7/ 239]:

أخبرنا إبراهيم بن مخلد إجارة حدثنا أبو القاسم جابر بن عبد اللَّه بن المبارك الجلاب الموصلى حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الملطى بها حدثنا الحسن بن زيد، قال جابر: سألت أبا يعلى عنه فقال: كان رجلا حلَّ عندنا على جهة الجهاد وكتبنا عنه، قال: حدثنا حميد الطويل عن أنس به، فهو غير الحسن ابن زيد الأمير الشريف الذي هو أشهر من أن يقال فيه رجل حل عندنا، ثم إنه لم يذهب إلى ملطيّة أصلًا.

ورواه الديلمى [1/ 371، رقم 1200] عن أبيه عن الميدانى إجازة قال: أخبرنا العشارى ثنا جابر بن عبد اللَّه به مثله، فلينظر في إسناده بعد.

194/ 361 - "إذا أحببتَ رجلًا فلا تُمَارِه ولا تُشَارِه ولا تَسألْ عَنْه أحدًا فَعَسى أن تُوافى لَهُ عَدوًا فَيخِبُرك بِما لَيْسَ فِيه". (حل) عن معاذ

قلت: أخرجه أيضًا ابن السنّى في عمل اليوم والليلة [ص 69، رقم 196]: أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلانى ثنا غالب بن وزير ثنا ابن وهب حدثنى معاوية بن صالح عن أبي الزاهريّة عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" مثله.

ومن هذا الوجه رواه أبو نعيم [5/ 136] عن أبي بكر بن خلاد: ثنا محمد بن

ص: 272

أحمد بن الوليد الكرابيسى ثنا غالب بن وزير به، ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث جبير بن نفير عن معاذ متصلًا، وأرسله غير ابن وهب عن معاوية.

قلت: وأوقفه غيره أيضا على معاذ، قال البخارى في الأدب المفرد [ص 189، رقم 545]:

حدثنا عبد اللَّه بن صالح قال: حدثنى معاوية أن أبا الزاهرية حدثه عن جبير ابن نفير عن معاذ بن جبل أنه قال "إذا أحببت" وذكره، وقال ابن قتيبة في عيون الأخبار:

حدثنى القومسى قال: حدثنا أبو بكر الطبرى عن عبد اللَّه بن صالح به مثله موقوفا على معاذ.

195/ 362 - "إذَا أحبَبتُم أن تَعلمُا ما للعَبد عَنْدَ ربِّه فانْظَرُوا ما يَتبعُه مِنَ الثنَاءِ".

ابن عساكر عن عليّ، ومالك عن كعب الأحبار موقوفًا

زاد الشارح في الكبير بعد قوله عن عليّ: "وعن مالك عن كعب"، فأفادت زيادته لـ "عن" أن ابن عساكر رواه من الوجهين وليس كذلك، بل مالك رواه في الموطأ [ص 564، رقم 5]، عن عمّه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن كعب الأحبار فوهم الشارح وأوهم.

196/ 365 - "إذَا اخْتَلفُتم في الطِّريقِ فاجْعَلُوه سبعةَ أَذْرُعٍ".

(حم. م. د. ت. هـ) عن أبي هريرة (حم. هـ. هق) عن ابن عباس

قال الشارح: ورواه البخارى أيضا عن أبي هريرة ووهم المؤلف.

قلت: بل وهم الشارح وقلّد وما حقق ولا حرَّر، فالبخارى رواه بلفظ لا يدخل في الكتاب أصلًا، لأنه ليس من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، قال البخارى في المظالم [3/ 177 رقم 2473]:

ص: 273

حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا جرير بن حازم عن الزبير بن خِرِّيت عن عكرمة سمعت أبا هريرة قال: "قضى النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشاجروا في الطريق بسبعة أذرع"، فهذا من لفظ أبي هريرة وهو لا يدخل في الكتاب على اصطلاح المؤلف وأمثاله.

والحديث رواه أيضا الطحاوى في مشكل الآثار من حديث أبي هريرة [3/ 226، رقم 1190، 1191] وابن عباس [3/ 225، رقم 1188، 1189].

197/ 366 - "إذَا أخذَ المؤذِّنُ في أذَانِهِ وَضع الرب يَدَهُ فَوقَ رَأسِهِ فَلَا يزالُ كَذَلِك حَتَّى يَفرغَ مِنْ أذَانهِ وَإِنه لَيُغْفَرُ لَهُ مدَّ صوتِهِ فَإذا فَرَغَ قَالَ الربُّ: صَدَقَ عَبدِى وَشَهدت بِشَهَادَةِ الحقِّ فأَبْشِر".

(فر) عن أنس

قال الشارح في الكبير: ورواه عنه أيضا أبو الشيخ في الثواب ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحًا فلو عزاه له كان أولى، ثم إنه رمز لضعفه وسببه أن فيه محمد بن يعلى السلمى ضعفه الذهبى وغيره.

قلت: الديلمى لم يخرجه من طريق أبي الشيخ لا مصرِّحًا ولا ملوِّحًا، قال الديلمى [1/ 389، رقم 1270]:

أخبرنا الجلاد أخبرنا أبو نعيم ثنا أبو على الحسن بن على بن إبراهيم الوَّراق ثنا عبد اللَّه بن محمد بن أسد الأصبهانى ثنا الحسن بن عبد المؤمن ثنا محمد بن يعلى عن عمر بن فتح عن مقاتل عن حيّان عن زيد العمى عن أنس به، فاعجب لذهول الشارح.

والحديث رواه الدينورى في المجالسة من وجه آخر مختصرًا فقال:

حدثنا أحمد بن خليد ثنا يعقوب بن كعب الأنطاكى ثنا أبو حفص العبدى عن ثابت عن أنس قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يد اللَّه فوق رأس المؤذّن فإذا فرغ

ص: 274

من أذانه غفر له مدّ صوته أين بلغ".

ورواه ابن حبّان في الضعفاء: ثنا الحسن بن سفيان ثنا حسين بن منصور ثنا أبو حفص العبدى به مثله.

198/ 369 - "إذَا ادهن أحدُكُم فَليْبَدأ بِحَاجِبيهِ فإنَّه يُذهِبُ بالصُداع".

ابن السنّى وأبو نعيم في الطب وابن عساكر عن قتادة مرسلًا (فر) عنه عن أنس

قلت: الحديث أخرجه ابن السنى في عمل اليوم والليلة أيضا [ص 61، رقم 171] عن قتادة مرسلًا، ومن طريقه أخرجه الديلمى في مسند الفردوس فوصله عن أنس، فهو زيادة منه إما سهوًا وإمَّا عمدًا، وقد جرّبت عليه أمثال ذلك كثيرًا من تسوية الأسانيد وإيصال المقطوع منها فهو ضعيف غير معتمد، فاسمع لفظ الحديث في عمل اليوم والليلة لابن السنى:

أخبرنى محمد بن الحسن بن صالح بن عميرة ثنا عيسى بن أحمد العسقلانى ثنا بقية بن الوليد عن أبي نبيه النميرى عن خليد بن دعلج عن قتادة بن دعامة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكره.

وقال الديلمى في مسند الفردوس:

أخبرنا الدونى أخبرنا ابن الكسار أخبرنا ابن السنّى حدثنا محمد بن الحسن بن صالح فذكره بسنده وزاد فيه ذكر أنس.

199/ 373 - "إذَا أُذِّن في قَريةٍ أمَّنَها اللَّه مِنْ عَذابِ ذَلِك اليومِ". (طص) عن أنس

قال الشارح: "إذا أُذِّن" بالبناء للمجهول.

قلت: الحديث في المعجم الصغير بلفظ: "إذا أذن المؤذن" لا بالبناء للمجهول كما قال الشارح.

ص: 275

قال الطبرانى [1/ 301، رقم 499]:

ثنا صالح بن شعيب أبو شعيب الزاهد البصرى بمصر ثنا بكر بن محمد القرشى ثنا عبد الرحمن بن سعيد (1) بن عمار بن سعد المؤذن عن صفوان بن سليم عن أن قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أذّن المؤذّن في قرية أمّنها (2) اللَّه من عذابه ذلك اليوم".

قال الطبرانى: لم يروه عن صفوان إلا عبد الرحمن.

قلت: وهو ضعيف لكن له شاهد رواه في الكبير [20/ 215، رقم 498] من حديث معقل بن يسار وفيه أغلب بن تميم وهو ضعيف أيضا.

200/ 374 - "إذَا أذَّنَ المؤذِّنُ يَومَ الجمعَةِ حَرُم العَمل". (فر) عن أنس

قال الشارح في الكبير: فيه عبد الجبّار القاضى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: كان داعية للاعتزال، وإبراهيم بن الحسين الكسائى قال في اللسان: ما علمت أحدا طعن فيه حتى وقفت في جلاء الأفهام لابن القيم على أنه ضعيف وما أظنه إلا التبس عليه، وسعيد بن ميسرة قال ابن حبّان: يروى الموضوع، وفي الكامل: مظلم الأمر، وفي الميزان: كذّبه القطّان.

قلت: أطال في ذكر الرجال بدون طائل ولا معرفة، فالحديث إنما يعل بسعيد ابن ميسرة فقط والباقى لغو لا فائدة فيه، على أن الذي في نسختى من سند الحديث عبد الحميد بن أحمد بن عبد الجبار لا عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار.

قال الديلمى:

(1) هكذا في الأصل، وفي مجمع البحرين "سعد" انظر مجمع البحرين (2/ 5، رقم 616)، واللَّه أعلم.

(2)

في الأصل "أمن" والتصويب من المعجم الصغير.

ص: 276

أخبرنا أبي أخبرنا أبو الحسن الحافظ أخبرنا عبد الواحد بن الحسن القزاز ثنا عبد الحميد بن أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو أحمد القاسم بن أبي صالح ثنا إبراهيم بن الحسين الكسائى ثنا عقبة بن مكرم ثنا يونس بن بكير عن سعيد بن ميسرة عن أنس به.

فإن كانت نسخة الشارح مصححة فعبد الجبار القاضى لا يُعَلُّ به الحديث، لأنه ثقة فيه كما قال الخليلى وغيره، وإنما تكلموا فيه من جهة الغلو في الاعتزال، وهذا أمر لا دخل له في الرواية والعدالة كما هو مقرر معروف، على أن الحديث معلول قبل وصوله إليه بوجود الضعيف المتهم فيه في الطبقة الأولى فلا فائدة في تضعيفه بغيره.

201/ 375 - "إذَا أرادَ اللَّه بِعَبْد خَيرًا جَعَلَ صَنَائعَهُ وَمَعْرُوفَهُ في أهْلِ الحفَاظ، واذَا أرادَ اللَّه بِعَبدٍ شرًا جَعَلَ صَنائِعَهُ وَمعرُوفَهُ في غَيرِ أهْلِ الحَفاظِ"(فر) عن جابر

قلت: هذا حديث باطل موضوع ركيك فيه كذّاب ومتروك ومجاهيل، ثم إن له عند مخرّجه بقية لم يذكرها المصنف ولا الشارح مع مخالفة في اللفظ، فإنه قال:"وإذا أراد بعبد شرًا عكسه".

فقال حسّان بن ثابت:

إن الصنيعة لا تكون صنيعة

حتى يصاب بها طريق المصنع

قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدقت.

202/ 376 - "إِذَا أرادَ اللَّه بعبدٍ خيرًا جعلَ غِنَاه في نَفْسِه وتُقَاه في قلبه، وإِذا أراد بِعَبدٍ شرا جعل فَقْرَه بَيْنَ عَينيهِ".

الحكيم (فر) عن أبي هريرة

ص: 277

قال الشارح: وفي إسناده مجهول.

وقال في الكبير: كتب الحافظ ابن حجر على هامش الفردوس بخطّه يُنظر في هذا الإسناد اهـ. وأقول: فيه دَرَّاج أبو السمح نقل الذهبى عن أبي حاتم تضعيفه، وقال أحمد: أحاديثه مناكير.

قلت: لو سكت الشارح عن الخوض في هذا لكان خيرًا له، فدراج أبو السمح يعلم أمره صغار المبتدئين في طلب الحديث، فكيف لا يعرفه الحافظ ويحيل على النظر في الإسناد من أجله؟! وأبو السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدرى نسخة معروفة وكثير من الحفاظ يحسّنها، والحافظ لم يقل ما قال من أجل دراج، ولكن الإسناد يفيد الانقطاع، لأن الديلمى قال [1/ 301، رقم 941]:

أخبرنا عبدوس عن أبي القاسم على بن إبراهيم عن محمد بن يحيى عن أحمد ابن عبد الرحمن عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبي هريرة به.

وأحمد بن عبد الرحمن ابن أخى ابن وهب مات سنة (262) والديلمى مات سنة (558) فبينه وبين أحمد بن وهب نحو ثلاثمائة سنة، ولا يمكن أن يكون الواسطة بينه وبينه ثلاثة فقط، لأن التاريخ المذكور يأبى ذلك العلو ولا يقع فيه إلّا نادرًا بل أندر من النادر، فلذلك قال الحافظ: ينظر هذا الإسناد ويحقق هل هؤلاء عمروا حتى صار السند عاليا جدا أو حصل فيه انقطاع؟ فهذا مراد الحافظ لا ما ذكره الشارح.

ثم إن الحكيم الترمذى رواه مختصرًا فقال في الأصل الخامس والخمسين ومائة (1):

(1) هو في الأصل الرابع والخمسين ومائة.

ص: 278

ثنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرنا عبد اللَّه بن عقبة عن دراج، لكنه قال: عن أبي الهيثم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا جعل غناه في نفسه، وتقاه في قلبه".

ورواه أحمد في الزهد [ص 547، رقم 2354] عن الحسن مرسلًا بنحوه، فقال:

حدثنا حسين ثنا المبارك عن الحسن قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا كف عليه صنيعته وجعل غناه في قلبه، وإذا أراد اللَّه بعبد شرا بعث عليه صنيعته وجعل فاقته بين يمينه".

203/ 377 - "إذَا أرادَ اللَّه بِعَبدٍ خَيرًا فقهُه في الدِّين وزهَّدَهُ فِي الدُّنيا وبصَّرهُ عُيوبَهُ".

(هب) عن أنس بن مالك وعن محمد بن كعب القرظى مرسلًا

قال الشارح: ورواه الديلمى عن أنس، وإسناده كما قال العراقى: ضعيف جدًّا. زاد في الكبير: وقال غيره واه.

قلت: سبب ذلك أنه من رواية يحيى بن خِدام -بالخاء المعجمة والدال المهملة- عن محمد بن عبد اللَّه الأنصارى عن مالك بن دينار عن أنس به، والأنصارى المذكور قال ابن طاهر: كذّاب له طامات، وقال ابن حبّان: منكر الحديث جدا.

قلت: من رأى أحاديثه جزم بأنه كذَّاب وضَّاع وهذا الكلام رواه الدينورى في العاشر من المجالسة عن محمد بن كعب القرظى من قوله فقال:

حدثنا أحمد بن على المروزى ثنا عبد الصمد ثنا الفضيل عن عبد اللَّه بن رجاء عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظى قال: "إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا" فذكر مثله سواء.

ص: 279

ورواه أيضا بعد أوراق قليلة عن أحمد بن عبّاد عن عبد الصمد به مثله، وهذا هو الصحيح.

204/ 382 - "إِذَا أرادَ اللَّه بِعَبدٍ خَيرًا طهَّرَهُ قَبْلَ مَوتِهِ قَالُوا: وَمَا طُهُورُ العبدِ؟ قال: عملٌ صَالحٌ يُلهمُه إيَّاهُ حتَّى يَقْبِضَهُ عَليهِ".

(طب) عن أبي أمامة

قال الشارح: لم يرمز له المصنف بشيء وسها من زعم أنه رمز لضعفه، قال الهيثمى: رواه الطبرانى من عدة طرق في أحدها بقيّة بن الوليد، وقد صرح بالسماع وبقية رجاله ثقات اهـ. فالحكم عليه بالضعف في غاية الضعف.

قلت: الحديث رواه القضاعى في مسند الشهاب [2/ 293، رقم 1388] من وجه آخر عن أبي أمامة، وذكره ابن أبي حاتم في العلل [2/ 124، رقم 1865] من وجه ثالث عنه، وقال عن أبيه: إنه منكر، وقد ذكره المصنف هنا بألفاظ من حديث أبي عنبة الخولانى وعمرو بن الحمق وأنس بن مالك، وقد ذكرت لهذه الأحاديث من الطرق والمخرّجين ما لم يذكره المصّنف في المستخرج على مسند الشهاب، وكذلك الأسانيد عن حذيفة وابن مسعود والحسن مرسلًا.

وفي الباب أيضًا عن عمر عند أحمد [4/ 135] بسند حسن وعن عائشة عند الطبرانى في الأوسط بسند حسن أيضا.

205/ 383 - : "إذَا أرادَ اللَّه بِعبدٍ خيرًا صيَّرَ حَوائِجَ النَّاسِ إليهِ". (فر) عن أنس

قلت: قال الديلمى [1/ 300، رقم 938]:

أخبرنا أبي حدثنا سليمان بن إبراهيم الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن

ص: 280

جعفر الحافظ أخبرنا أبو سعيد الحسين بن محمد الحافظ أخبرنا أبو بكر محمد ابن عمر الأصبهانى ثنا يحيى بن شبيب ثنا حميد الطويل عن أنس به.

قلت: كذا وقع يحيى بن شبيب ثنا حميد، وهو باطل فإن يحيى يروى عن سفيان الثورى عن حميد، ويحيى متروك متهم.

206/ 384 - "إِذَا أرادَ اللَّهُ بعِبَدٍ خيَرًا عاتَبه في مَنَامِهِ". (فر) عن أنس

قلت: قال الديلمى [1/ 301، رقم 944]:

حدثنا أحمد بن نصر إملاء ثنا عليّ بن أبي عليّ الخشاب أخبرنا الحسن بن محمد البغدادى ثنا على بن لؤلؤ إملاء ثنا أبو على الحسن بن أحمد بن محمد العطاردى ثنا رجاء بن سعيد ثنا وهب بن راشد عن ضرار بن عمرو عن يزيد الرقاشى عن أنس به.

ضرار بن عمرو وشيخه والراوى عنه ضعفاء.

207/ 385 - "إِذَا أَرادَ اللَّه بِعْبدِهِ الخيرَ عَجَّل لَهُ العقوبةَ في الدُّنيا وَإِذَا أَرادَ اللَّهُ بِعَبْدِه الشَّر أمْسَكَ عَنْهُ ذَنْبهُ حَتَّى يُوافى بِه يَوم القيَامَةِ".

(ت. ك) عن أنس (طب. ك. هب) عن عبد اللَّه بن مغفل (طب) عن عمار بن ياسر (عد) عن أبي هريرة

قلت: حديث أنس أخرجه أيضا الطحاوى في مشكل الآثار آخر الجزء الثانى منه قال:

حدثنا يونس أنا ابن وهب أخبرنى ابن لهيعة وعمر بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد الكندى عن أنس به.

ورواه البغوى في تفسيره آخر سورة البقرة من طريق حميد بن زنجويه:

ص: 281

أخبرنا عبد اللَّه بن صالح حدثنى الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن سنان به.

وحديث عبد اللَّه بن مغفل رواه أيضا أبو نعيم في تاريخ أصبهان في المحمدين منه فقال [2/ 274]:

حدثنا محمد بن أحمد بن جعفر الأبح ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن سعيد بن إسحاق القطان ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا زياد الجصّاص عن الحسن عن عبد اللَّه بن مغفل قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه يسيل دمًا فقال: يا رسول اللَّه إنى مررت فنظرت إلى امرأة فأتبعتها بصرى فضرب وجهى الجدار، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أراد اللَّه" وذكره وزاد: "حتى يؤتى به يوم القيامة كأنه عير"، وكذلك هو ثابت في مستدرك الحاكم في موضعين في الجنائز وفي الحدود.

ورواه أبو نعيم في الحلية أيضا في ترجمة يونس بن عبيد عن الطبرانى قال [3/ 25]: حدثنا محمد بن العباس المؤدب ثنا عفان بن مسلم ثنا حمّاد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عبد اللَّه بن مغفل به مثله، ثم قال أبو نعيم: وعير جبل بالمدينة شبه النبي صلى الله عليه وسلم عظم ذنوبه وكثرتها به.

208/ 386 - "إِذَا أَرادَ اللَّهُ بِعبدٍ خَيرًا فقَّههُ في الدِّينِ وألهَمَه رشْدَه". البزار عن ابن مسعود

قال الشارح في الكبير: قال المنذرى إسناده لا بأس به، وقال الهيثمى: رجاله موثقون، فرمز المؤلف لحسنه لا يكفى بل حقّه الرمز لصحته، وظاهر كلامه أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه، فقد أخرجه الترمذى باللفظ المزبور من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما.

قلت: الشارح لا يملّ من هذه الانتقادات الباطلة، فقول المنذرى: إسناده لا

ص: 282

بأس به هو معنى قول المصنف: حسن، لأن لا بأس به ليست من عبارة التصحيح، وما عدل المنذرى عن قوله حسن إليها إلا لاحتياطه واحترازه خوفا ألا يكون الحديث حسنًا فضلا عن أن يكون صحيحًا، وكذلك قول النور الهيثمى: رجاله موثقون يفيد أنه حسن، وربما يكون عند التحقيق ضعيفًا، لأنه لم يقل: رجاله ثقات بل قال: موثقون وهو يستعمل هذه العبارة في الرواة المختلف فيهم، أما من لم يختلف فيه منهم فإنه يقول: رجاله ثقات، وإذا كان الراوى مختلفًا فيه فحديثه حسن إذا وجد ما يشهد له كحديث الباب، فسقط كلام الشارح وبان فضل المصنف.

وأما انتقاده الثانى بأنه في سنن الترمذى باللفظ المزبور ففضيحة له رحمه الله، فالحديث في سنن الترمذى بلفظ:"من يرد اللَّه به خيرا يفققّه في الدين"، فهو مخالف للفظ المذكور هنا في موضعين في كونه مصدّر بـ "من"، وكونه لم تذكر فيه زيادة "وألهمه رشده"، وقد ذكره المصنّف في حرف "من" كما سيأتى وعزاه لأحمد والشيخين عن معاوية، وأحمد والترمذى عن ابن عباس، وابن ماجه عن أبي هريرة، كما أنه أعاد حديث ابن مسعود هناك، وعزاه لأبي نعيم في الحلية، لأنه وقع في روايته مصدّر بحرف "من" فاعجب لقول الشارح: إن الترمذى رواه باللفظ المزبور.

ثم إنه كان من حقّه أن يعترض عليه أيضا بحديث معاوية المتّفق عليه، فإنه مثل حديث ابن عباس حرفًا حرفًا وسنورد طرق الحديث إن شاء اللَّه في حرف "من".

209/ 387 - "إذا أرادَ اللَّهُ بعبد خيرًا فتحَ له قُفْلَ قَلْبه، وَجَعَل فيه اليقينَ والصدِّقَ، وجعل قلَبه واعيًا لما سَلَكَ فيه وجعل قلبَه سليمًا، ولسانَه صَادِقًا، وخليقتَه مُسْتقِيمةً، وجَعَلَ أذَنه سَمِيعةً، وعينه بَصيرةً".

أبو الشيخ عن أبي ذر

ص: 283

قلت: وأسنده الديلمى من طريق أبي الشيخ:

حدثنا عبد الرحمن بن داود ثنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن الضحاك حدثنى سعيد بن إبراهيم حدثنى عبد اللَّه بن رجاء عن شرحبيل بن الحكم عن عامر بن نائل عن عمرة ابن مرة عن أبي ذر به.

وشرحبيل وشيخه روى عنهما ابن خزيمة في التوحيد وقال: أنا أبرأ من عهدتهما.

210/ 389 - "إِذَا أَرَادَ اللَّه بقومٍ خيرًا أكثرَ فَقَهَاءَهم وأقَلَّ جهّالَهم فإذا تكلَّم الفقيهُ وجدَ أعوانًا، وإذا تكلَّم الجاهلُ قُهَر، وإذا أرادَ اللَّه بقَوْمٍ شرًا أكثر جُهَّالَهم، وأقلَّ فقهاءَهُم، فإذا تكلَّم الجاهِلُ وجدَ أعوانًا، وإذا تكلَّم الفقيهُ قُهِرَ".

أبو نصر السجزى في الأبانة عن حبان بن أبي جبلة، (فر) عن ابن عمر

قال الشارح: وفيه الحسن بن على التميمى، نُقل في الميزان تضعيفه عن الخطيب، وفيه بقيَّة وهو غير حجَّة.

قلت: في هذا إنتقاد على المصنف والشارح، أما المصنف ففي إطلاقه حبَّان ابن أبي جبلة دون تقييده بقوله مرسلًا؛ لأنه يوهم أن الحديث موصولًا، وأن حبيبًا صحابى وليس كذلك. ثم إنه عزا الحديث إلى الديلمى عن ابن عمر جزمًا والديلمى ذكره شكًا، قال الديلمى:

أخبرنا والدى أخبرنا أبو طالب على بن أحمد بن هشيم الضرّاب ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن بهيس المقرّى ثنا أبو بكر محمد بن أحمد جعفر بن أدين ثنا الحسن ابن على التميمى ثنا المرَّار بن حمويه ثنا محمد بن مصفّى حدثنى بقية ثنا إسماعيل بن أبي نعيم عن عبد اللَّه بن بُريد عن ابن عمر أو ابن عمرو قال:

ص: 284

"قال رسول اللَّه" فذكر الحديث.

وأما الشارح ففي أمرين أيضًا أحدهما في قوله: إن في السند الحسن بن على التميمى ضعّفه في الميزان عن الخطيب، فكان هذا من تهوراته العجيبة وخوضه فيما لا علم له به، فالحسن بن على التميمى الذي ذكره الذهبى في الميزان هو أبو على بن المذهّب راوية مسند أحمد بن حنبل عن القطيعى وقد ذكر الذهبى في نفس الترجمة عنه أنه قال: ولدت سنة خمس وخمسين وثلاثمائة والحسن المذكور في السند يروى عن المرَّار بن حمويه وهو من شيوخ البخارى وابن ماجه وقد استشهد سنة أربع وخمسين ومئتين وذلك قبل ولادة أبي على ابن المذهّب بمئة سنة وسنة أخرى فكيف يروى عنه؟ فالشارح إذا نظر في الإسناد يبحث عن رجاله في كتب الجرح والتعديل فإذا وجد فيها اسمًا يوافق ما في السند أخذه غير ناظر إلى التاريخ ولا محرر ولا باحث في قواعد ذلك فيأتى بمثل هذه الطامات، ثم هو مع ذلك مغرم بالانتقاد على المصنف الحافظ فإنا للَّه.

وبعد فاعلم أن الحسن بن على المذكور في الإسناد هو رجل آخر اسم جده جعفر، ذكره الحافظ في اللسان في ترجمة الراوي عنه محمد بن أحمد بن جعفر أبو بكر الخياط البغدادى، ونقل عن ابن النجّار أنه قال: روى عن الحسن بن على بن جعفر عدة أحاديث في فضائل طالب العلم أكثرها موضوعة اهـ.

قلت: وهذا منها.

والأمر الثانى قوله: وفيه بقيّة وهو غير حجّة، وهو ليس كما قال، بل بقيّة ثقة حجّة وإنما هو مدلس فما رواه بالعنعنة لا يقبل، وما صرّح فيه بالسماع فهو مقبول، وهذا الحديث صرّح فيه بالسماع فلا ينبغى أن يعلّ به ولكن البليّة فيه من غيره.

ص: 285

211/ 390 - "إِذَا أرادَ اللَّهُ بقومٍ خيرًا مدَّ لهم في العُمْرِ وألْهَمَهُم الشكرَ". (فر) عن أبي هريرة

قلت: أخرجه أيضا البيهقى في الزهد قال:

أخبرنا على بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا سعيد بن عثمان ثنا سعيد بن أبي الربيع ثنا عنبسة بن سعيد أخبرني أشعث الحداني عن أبي يزيد المدني عن أبي هريرة به مرفوعًا بلفظ: "إن اللَّه تعالى إذا أراد".

ومن هذا الوجه رواه الديلمى أيضًا من طريق أحمد بن الفضل بن العباس ابن خزيمة أخبرنا سعيد بن عثمان الأهوازى به.

وعنبسة بن سعيد متروك.

212/ 391 - "إذا أرادَ اللَّهُ بقومٍ خيرًا ولَّى عليهم حلماءَهُم، وجعلَ المالَ في سُمَحائهم، وإذا أرادَ بقومٍ شرًا ولَّى عَلِيهم سُفَهاءَهُم، وقَضَى بينهُمْ جُهَّالهُم، وجَعلَ المالَ في بُخلائِهم". (فر) عن مهران

قلت: رواه الديلمى من طريق ابن لال قال:

أخبرنا القاسم بن أبي صالح ثنا ابن ديزيل وأبا حاتم قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن حميد عن الحسين عن مهران به.

ورواه ابن أبي الدنيا في الحلم عن الحسن مرسلًا فقال [ص 59، رقم 75]:

حدثنا على بن الجعد ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أراد اللَّه بقوم خيرًا جعل أمرهم إلى حلمائهم وفيئهم عند سمحائهم، وإذا أراد بقوم شرًا جعل أمرهم إلى سفهائهم وفيئهم عند بخلائهم".

ص: 286

ورواه أبو يوسف صاحب أبي حنيفة في أول كتاب الخراج له من حديث ابن عباس بزيادة ولفظه:

حدثنا هشام بن سعد عن الضحّاك بن مزاحم عن عبد اللَّه بن عباس قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أراد اللَّه بقوم خيرًا استعمل عليهم الحكماء وجعل أموالهم في أيدي السمحاء، وإذا أراد اللَّه بقوم بلاءً استعمل عليهم السفهاء وجعل أموالهم في أيدي البخلاء، ألا ومن ولى في أمو أمتي شيئًا فرفق بهم في حوائجهم رفق اللَّه به في حاجته، ومن احتجب عنهم دون حوائجهم احتجب اللَّه عنه دون حاجته وخلقه"، والضحّاك لم يلق ابن عباس، وهشام فيه مقال.

213/ 392 - "إذا أرادَ اللَّه بقومٍ نماءً رزقَهم السماحةَ والعفافَ، وإذا أرادَ بقومٍ اقتطاعًا فتَحَ عليهم بابَ خيانةٍ". (طب) وابن عساكر

زاد الشارح في الكبير: وكذا الدارمي والديلمي عن عبادة بن الصامت، ولم يرمز له المصنف بشيء.

واقتصر في شرحه الصغير على زيادة الديلمي دون الدارمي ثم قال: وفيه ضعف.

قلت: أما الدارمي فلا أتحققه فيه وأما الديلمي فرواه بزيادة، وذلك من طريق أبي الشيخ قال: حدثنا عبدان ثنا هشام ثنا عراك بن خالد ثنا أبي ثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن عبادة به بلفظ: "إذا أراد اللَّه بقوم نماءً أو بقاءً رزقهم القصد والعفاف. . ." الحديث، وزاد:{حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

وهكذا رواه ابن أبي حاتم في تفسيره قال:

ص: 287

حدثنا أبي ثنا هشام بن عمار به مثله.

وعزاه ابن كثير في التفسير لأحمد في المسند، ولم أره فيه، وعزاه المصنف في الدر المنثور لابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه في تفاسيرهم.

214/ 393 - "إذا أرَادَ اللَّهُ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أدْخَلَ عَلَيْهِمْ الرِّقةَ".

(حم. تخ. هب) عن عائشة، والبزار عن جابر

قال الشارح: قال المؤلف: حسن وليس ذلك منه بحسن، بل صحيح فقد ذكر المنذرى وغيره أن رجاله رجال الصحيح.

قلت: لا يلزم من كون الرجال رجال الصحيح أن يكون الحديث صحيحًا، إذ قد يكون مع ذلك منقطعًا أو معلولًا بشذوذ واضطراب.

وقد أشار البخارى في التاريخ [1/ 416، رقم 1327] إلى الاختلاف في سند هذا الحديث فقال: قال لي محمد بن عبيد اللَّه: ثنا ابن وهب قال:

أخبرني أيوب بن سعد حديثه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم "إذا أراد اللَّه بأهل بيت [خيرًا] (1) أدخل عليهم الرفق". وعن ابن وهب حدثنا حفص بن ميسرة عن هشام نحوه وقال:

ثنا سليمان وحجاج ثنا حمّاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد اللَّه بن معمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

قلت: ومن طريق حفص بن ميسرة رواه أحمد في مسند [6/ 71] فهذا اختلاف على هشام فيه ولكن رواه الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 321، رقم 26] من غير طريقه فقال:

حدثنا محمد بن على الصائغ ثنا محمد بن إبراهيم الشافعى ثنا محمد بن عبد

(1) ساقط من الأصل، واستدركناه من التاريخ الكبير للبخارى.

ص: 288

الرحمن التيمى أبو غِرازة عن القاسم بن محمد عن عائشة به مثله، لكن محمد بن عبد الرحمن التيمى أبو غرازة متروك منكر الحديث.

215/ 395 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِرَجُلٍ مِنْ أمَّتِى خَيْرًا ألْقَى حُبَّ أصْحَابِى فِى قَلْبِهِ". (فر) عن أنس

قلت: وكذلك رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 41] إلا أنه ذكره بصيغة معلّقة فقال: حدّث أبو حامد الأشعرى ثنى أبو نصر عمران ثنا محمد بن سلمة البصرى ثنا محمد بن كثير العبدى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به.

أما الديلمى فرواه موصولًا عن الحداد صاحب أبي نعيم وراوية كتبه قال:

أخبرنا أبو على الحسين بن عبد اللَّه بن منجويه أنا أحمد بن عبد الرحمن ثنا أبو حامد الأشعرى به.

216/ 396 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالأميرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزيرَ صدْق إنْ نَسَى ذَكّرَهُ وَإنْ ذَكَرَ أَعَانُه، وَإِنْ أَرَادَ بهِ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ إنْ نَسِى لَمْ يُذَكّرْهُ وَإنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ". (د. هب) عن عائشة

قال الشارح في الكبير: قال في الرياض: رواه أبو داود بإسناد جيّد على شرط مسلم، لكن جرى الحافظ العراقى على ضعفه فقال: ضعّفه ابن على وغيره ولعله من غير طريق أبي داود.

وقال في الشرح الصغير: رمز المؤلف لحسنه ولعله لشواهده وإلا فقد جزم الحافظ العراقى بضعفه.

قلت: لا أدرى هل الحافظ العراقى في نظره معصوم من الخطأ حتى يجعله

ص: 289

حجة على كل من خالفه؟ أم كل من كان في الطريق المخالفة للمؤلف فهو حجة؟ وهذا هو الأقرب، فالحديث حسن كما قال المؤلف، والعراقى إذا صحّ ما نقله عنه الشارح فإنما يحكى كلام ابن على وكلامه في راوى الحديث مردود فكان أبا داود رواه [3/ 131، رقم 2932] عن موسى بن عامر عن الوليد ابن مسلم، ثنا زهير بن محمد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة فهذا السند على شرط مسلم كما قال النووى، إلا أن موسى بن عامر شيخ أبي داود لم يرو عنه مسلم، وقد ذكره الذهبى في الميزان [4/ 209، رقم 8886] ورمز له بعلامة الصحيح، وقال: صدوق صحيح الكتب تكلّم فيه بعضهم بغير حجّة ولا ينكر له تفرّده عن الوليد فإنه أكثر عنه اهـ.

وقال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام اهـ. فمن أجل الكلام في الرجل حكى الحافظ العراقى ما حكى عن ابن عدى لا أنه جزم بضعفه، على أن الحديث ورد من وجه آخر من رواية عمرة عن عائشة أخرجه الخطيب في التاريخ [7/ 376، رقم 3900] في ترجمة الحسن بن على أبي سعيد الفقيه من طريق فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة به مختصرًا "إذا أراد اللَّه بأمير خيرًا جعل له وزيرًا صالحًا".

217/ 397 - "إِذَا أرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًا خضرَ لَهُ فِى اللَّبنِ وَالطّينِ حَتَّى يَبْنِى". (طب. خط) عن جابر

قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبرانى ولم أجد من ضعفه، وقال المنذرى: رواه في الثلاثة بإسناد جيّد اهـ. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرّجه أحد من الستّة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد عزاه جمع لأبي داود من حديث عائشة قال العراقى: وإسناده جيد.

ص: 290

قلت: في قول الشارح: "فقد عزاه جمع لأبي داود" نظر، ولعلّه أطلق لفظ الجمع وأراد به العراقى وحده، فإنه الذي قال ذلك في المغنى وهو سبق قلم منه، فإن الحديث ليس في سنن أبي داود جزمًا لا من حديث عائشة ولا من حديث غيرها، فالذهول إنما هو [من] العراقى والشارح الذي قلّده.

والحديث قال الطبرانى [2/ 185، رقم 1755]:

ثنا أبو ذر هارون بن سليمان المصرى ثنا يوسف بن على الكوفى ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربى ثنا سفيان الثورى عن أبي الزبير عن جابر به.

ثم قال الطبرانى: تفرّد به أبو ذر هارون بن سليمان اهـ.

وليس كما قال بل تابعه عليه أحمد بن يحيى بن خالد بن حيّان الرقى، فرواه عن يوسف بن على أيضًا وروايته عند الخطيب في التاريخ [11/ 381] في ترجمة على بن الحسن بن خلف المخرمى.

تنبيه: زعم ابن العربي المعافرى في كتابه "سراج المريدين" في الاسم الزاهد أنه ليس في البنيان حديث صحيح إلا حديث المطاولة، وهذا الحديث يرد عليه، وفي الباب غيره، ولابن العربي في الكتاب المذكور من هذا القبيل شيء كبير فإنه نفى كثيرًا من الأحاديث في كثير من الأبواب الوارد فيها الأحاديث الصحيحة المتعددة، وذلك لقصور نظره على الموطأ والصحيحين غالبًا.

218/ 398 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ هَوَانًا أَنْفَقَ مَالَهُ فِى البُنْيَانِ وَالماءِ وَالطِّينِ".

البغوى (هب) عن محمد بن بشير الأنصارى وماله غيره (عد) عن أنس

قلت: حديث محمد بن بشير الأنصارى أخرجه جماعة منهم ابن شاهين وابن

ص: 291

يونس وابن منده كلهم من طريق سلمة بن شريح عن يحيى بن محمد بن بشير الأنصارى عن أبيه، وقال البندهى في شرح المقامات:

أخبرنا أبو الفرج سعد بن أبي الرجي بن منصور الصيرفى في كتابه أنا أبو طاهر بن محمد بن أحمد الثقفى أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن على المقرئ ثنا سعد بن الحسن بن قتيبة العسقلانى ثنا حرملة بن يحيى أنا عبد اللَّه بن وهب أخبرني خالد بن حميد عن سلمة بن شريح به.

ورواه ابن حبّان في الثقات وقال: إنه مرسل.

219/ 399 - "إذَا أرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا جَعَلَ أمْرَهُم إلَى مُتْرَفِيهِم". (فر) عن عليّ

قال الشارح: ضعيف لضعف حفص بن سلم.

قلت: وقع في الصغير والكبير حفص بن مسلم بزيادة ميم في أوله، وأصله تحريف من النسَّاخ، والصواب سلم بدون ميم وهو أبو مقاتل السمرقندى، رواه عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبيّ عن عليّ.

220/ 401 - "إِذَا أرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَاهَةً نَظَرَ إِلَى أَهْلِ المسَاجِدِ فَصَرَفَ عَنْهُمْ". (عد. فر) عن أنس

قال الشارح في الكبير: ورواه أيضًا البيهقى وأبو نعيم وعنه أورده الديلمى فلو عزاه إليه كان أولى ثم إن فيه مكرم بن حكيم ضعفه الذهبى، وزافر ضعفه مخرجه ابن على وقال: لا يتابع على حديثه.

قلت: إطلاق الشارح العزو إلى البيهقى يفيد أنه في سننه كما هي القاعدة في

ص: 292

العزو عند أهل الحديث والأمر بخلافه فهو من سوء تصرّفه، والديلمى رواه من طريق أبي نعيم كما قال الشارح، ولكن لأبي نعيم كتب متعددة وأجزاء صغيرة يخرّج منها الديلمى، ففي أى كتاب منها خرّج أبو نعيم الحديث حتى يعزوه المصنف إليه؟ إن هذا لتهوّر عجيب.

وبعد، فكان الديلمى قال [1/ 306، رقم 961]:

أخبرنا الحداد أنا أبو نعيم ثنا أحمد بن محمد بن موسى ثنا محمد بن الحسين ابن مكرم ثنا محمد بن بكّار ثنا زافر بن لي سليمان عن عبد اللَّه بن أبي صالح عن أنس به.

فلا وجود في السند لذكر مكرم بن حكيم وإنما هو مجرّد وهم من الشارح.

وقد قال الذهبى في ترجمة زافر من الميزان [2/ 64، رقم 2819]: زافر عن عبد اللَّه بن أبي صالح عن أنس مرفوعًا "إِذَا أنزل اللَّه عاهة صُرفت عن عمّار المساجد" رواه عنه محمد بن بكار بن الريّان اهـ.

فعلى كلام الشارح يلزم أن يكون مكرم بن حكيم قبل هذا أى راويًا عن محمد بن بكّار وهو أكبر من زافر بن سليمان، وقد ورد الحديث من وجه آخر عن أنس، قال البندهى في شرح المقامات:

أخبرنا أبو الفرج بن أبي سعد بن على عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البزان أنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم الجرجانى ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حفص الدينورى ثنا محمد بن عبد العزيز بن المبارك الدينورى حدثتنا حُكامة بنت عثمان بن دينار قالت: حدّثنى أبي عن أخيه مالك بن دينار عن أنس به مرفوعًا "إِذَا أراد اللَّه بقومٍ عاهةً نظر إلى أهل المساجد فصرف عنهم"، حُكامة تروى عن أبيها البواطيل ولينظر في بقيّة الإسناد.

221/ 402 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَرْيَةٍ هَلاكًا أظْهَرَ فِيهِمُ الزِّنا". (فر) عن أبي هريرة

ص: 293

قال في الكبير: فيه حفص بن غياث فإن كان النخعي ففي الكاشف: ثبت إذا حدث من كتابه، وإن كان الراوى عن ميمون فمجهول.

قلت: الذي في السند هو الأول، لأنه من رواية سهل بن عثمان عن حفص ابن غياث، وسهل بن عثمان يروى عن الأول، ولكن في السّند انقطاع ومن لا يعرف ويجب الكشف عنه.

222/ 404 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ عَبْدٍ بأرْض جَعَلَ لَهُ بهَا حَاجَةً". (حم. طب. حل) عن أبي عزّة

قال الشارح في الصغير: فيه موسى الجرشى، وفيه خلف، وعزا ذلك في الكبير للحافظ الهيثمى أنه قال بعد عزو الحديث لأحمد والطبرانى: فيه محمد ابن موسى الجرشى وفيه خلف.

قلت: كذا قال في الصغير موسى وفي الكبير محمد بن موسى، وأن الهيثمى قال ذلك بعد عزوه الحديث لأحمد والطبرانى وليس ذلك بصحيح، فكان أحمد والطبرانى ليس في سندهما الرجل المذكور ولا قال ذلك الحافظ الهيثمى، بل هو من وهم الشارح عليه فاسمع ما قاله: عن أبي عزَّة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أراد اللَّه قبض عبده بأرض وتَّى له إليها حاجةً فإذا بلغ أقصى أثره قبضه"، رواه البزار.

وقد رواه الترمذى: [4/ 453، 2147] باختصار وفيه محمد بن موسى الجرشى وهو ثقة وفيه خلاف اهـ.

فحذف الشارح من كلامه قوله: وهو ثقة، ونسب إليه أنه قال ذلك بعد عزوه لأحمد والطبرانى.

والواقع كما ترى، ولا يُتصوّر أن يقول ذلك الهيثمى، وإن أحمد قال [3/ 429]:

ص: 294

حدثنا إسماعيل أخبرنا أيوب عن أبي المليح بن أسامة عن أبي عزّة به.

ومن هذا الطريق رواه البخارى في الأدب، المفرد [ص 264، رقم 781] والترمذى وقال: حديث صحيح، والدولابى في الكنى [1/ 44] والحاكم في المستدرك [1/ 42، رقم 127] وقال: حديثًا صحيح ورواته عن آخرهم (1) ثقات، وأبو نعيم في الحلية [8/ 374].

فأين هو محمد بن موسى الجرشى؟!

ثم إن الشارح قال في الكبير: ورواه البخارى في الأدب والحاكم وبالجملة فهو حسن اهـ. ولا أدرى في أى جملة وجد، أنه حسن؟!

والحديث صحيح كما قال الترمذى والحاكم وجماعة، بل فوق الصحيح لأنه ورد بأسانيد أخرى صحيحة أيضًا من حديث جندب بن سفيان ومطر بن عكامس وعبد اللَّه بن مسعود وعروة بن مضرس وأسامة بن زيد وأبي هريرة، وكلها أسانيدها صحيحة إلا حديث أبي هريرة فعندى أنه وهم من بعض رواته، لأن سنده وسند حديث جندب بن سفيان واحد كلاهما من رواية داود ابن أبي هند عن الحسن كما بينت ذلك مع أسانيد الحديث وطرقه في المستخرج على مسند الشهاب، فارجع إليه وكن على حذر من أوهام الشارح.

223/ 406 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ إنْفَاذَ قَضَائه وَقَدره سَلَبَ ذَوى العُقول عُقُولَهُم حَتَّى يَنْفَذَ فِيهِمْ قَضَاؤُهُ وَقَدَرُهُ فَإِذَا مَضَى أمْرُهُ رَدَّ إِلَيْهِم عُقُولَهُم وَوَقَعَت النَّدَامَةُ".

(فر) عن أنس بن مالك وعليّ

قال الشارح في الكبير: وفيه سعيد بن سماك بن حرب، متروك كذّاب، فكان الأولى حذفه من الكتاب. وفي الميزان خبر منكر ثم إن ما ذكر من أن

(1) في الأصل: "آخر" والاستدراك من المستدرك.

ص: 295

الديلمى خرّجه من حديث أنس وعليّ هو ما رأيته في نسخ الكتاب كالفردوس، وذكر المؤلف في الدرر أن البيهقى والخطيب خرّجاه من حديث ابن عباس وقال: إسناده ضعيف.

قلت: في هذا مؤاخذات على المصنف والشارح.

أما المصنف فمن وجوه، أحدها: أنه عزا الحديث للديلمى عن أنس وليس هو فيه عن أنس، بل عن ابن عباس كما ذكره هو في الدرر.

ثانيها: أنه عزا الحديث له عن أنس وعليّ، وهو لم يخرّجه عن عليّ وإنما ذكر رواية عليّ معلقة كما ستعرفه.

ثالثها: أن الديلمى فصل بين رواية أنس وعليّ والمصنف ساق الحديث مساقًا واحدًا، وهذا من الإدراج الذي هو على أنه حرام (1).

قال الديلمى في مسند الفردوس [1/ 309، رقم 971]:

أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا لاحق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد البغدادى -قدم علينا- ثنا أبو سعيد محمد بن عبد الحكيم الطائفى بها ثنا محمد بن طلحة بن محمد بن مسلم الطائفى ثنا سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أراد اللَّه إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوى العقول عقولهم حتى ينفذ فيهم قضاؤه وقدره".

قال: وفي رواية عليّ: "فإذا مضى أمره ردّ إليهم عقولهم ووقعت الندامة" ومما يستغرب أن الحديث خرَّجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 342] في ترجمة لاحق بن الحسين ورواه عنه الخطيب في التاريخ [14/ 99] والديلمى عن الحداد عنه، وكلّ منهما أورده بغير اللفظ الذي ذكره أبو نعيم، فإنه قال

(1) كذا بالأصل.

ص: 296

بهذا الإسناد مرفوعًا: "إِذَا أحبّ اللَّه إنفاذ أمر سلب كل ذى لُبٍّ لُبَّه"، ورواه الخطيب في ترجمة لاحق بن الحسين أيضًا فقال:

أخبرنا أبو نعيم الحافظ فذكر الإسناد مثله، وقال في المتن:"إن اللَّه تعالى إذا أحبّ إنفاذ أمر سلب كلَّ ذى لُبٍّ لبَّه"؛ ولا يخفى أن تغيير الخطيب قريب بالنسبة إلى تغيير الديلمى، ثم أسند الخطيب عن أبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسى أنه قال في لاحق بن الحسين: كان كذّابًا أفّاكًا يضع الحديث عن الثقات ويسند المراسيل ويحدّث عمّن لم يسمع منهم، لا نعلم راثيا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة مع قلّة الدراية.

قلت: وهذا الحديث لم يضع متنه فيما يظهر؛ لأنه ورد من غير طريقه لكن من رواية مثله.

نعم صحّ معناه عن ابن عباس من قوله كما سأذكره، وقد قلّد الحافظ السخاوى الديلمى في هذا الحديث فأورده باللفظ الذي قدّمناه عنه [ص 80، رقم 53] وقال:

رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ومن طريقه الديلمى من حديث سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعًا، وكذا خَرَّجه الخطيب وغيره بلفظ "إن اللَّه إذا أحبَّ إنفاذ أمر" وذكره، وأعلّه الخطيب بلاحق بن الحسين وقال: إنه كذّاب يضع اهـ. وسعيد أيضًا متروك.

وعند البيهقى في الشعب من حديث المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من قوله: "إن القدر إذا جاء حال دون البصر"، قال البيهقى: ورواه عكرمة عن ابن عباس قال: "إِذَا جاء القضاء ذهب البصر"، وعن نافع بن الأزرق في معناه: أرأيت الهدهد كيف يجئ فينقر الأرض فيصيب موضع الماء ويجئ إلى الفخ وهو لا يبصره حتى يقع في عنقه؟.

ص: 297