المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر: - المدبج ورواية الأقران

[موفق بن عبد القادر]

الفصل: ‌ معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر:

إن معرفة سني الوفيات لايستفاد منه معرفة كذب الرُّواة من صدقهم فقط بل له فوائد حديثية أخرى إذ: يتبين به ما في السند من انقطاعٍ، أو عَضلٍ، أو تدليسٍ، أو إرسال ظاهر أو خفيٍّ للوقوف به على أن الرَّاوي مثلاً لم يعاصر من روى عنه، أو عاصره ولكن لم يلقه لكونه في غير بلده وهو لم يرحل إليها مع كونه ليست له منه إجازة أو نحوها، وكون الراوي عن بعض المختلط سمع منه قبل اختلاطه، ونحو ذلك، ورُبَّما يتبين به التَّصحيف في الأنساب، وهو أيضاً أحد الطُّرق الَّتي يتميز بها النَّاسخ والمنسوخ

ورُبما يستدل به لضبط الرَّاوي حيث يقول في المَروي وهو أوَّل شئ سمعته منه، أو رأيته في يوم الخميس يفعل كذا، أو كان فلان آخر من روى عن فلان، أو سمعت من فلان قبل أن يحدّث ما حدَّث، أو قبل أن يختلط..1.

1 فتح المغيث: 3/283. وينظر بالتفصيل: علم الأثبات ومعاجم الشيوخ والمشيخات: 140-153.

ص: 32

3-

‌ معرفة روايةِ الأَكَابرِ عن الأَصَاغِرِ:

يُعتبرُ بيان رواية الرَّاوي عَمَّن دونَهُ في اللُّقي، أو السِّنِّ أو في المقدار، أحد فنون عِلمِ الرِّجال الَّتي عني بها العُلماءُ، ووَضعوا فيها المؤلَّفات2.

وهو نَوعٌ مُهمٌ تدعو إليه الهممُ العليَّةُ، والأنْفُسُ الزَّكيَّةُ، ولذا قيلَ: لايكون الرَّجُلُ مُحدِّثاً حتَّى يأْخُذَ عَمَّن فَوقهُ، ومثلهُ، ودونه، وفائدةُ ضبطه الخوف مِن ظنِّ الانقلاب في السَّنَدِ مَعَ مافيه مِنَ العَمَل بقولهِ صلّى الله عليه

2 انظر: الرسالة المستطرفة: 163.

ص: 32

وسلَّم: "أنْزلوا النَّاسَ منازلهم" 1، ومِن الفائدة أيضاً: أن لايتوهم كون المَرْويّ عنه أكبر وأفضل مِنَ الرَّاوي، لكونه الأغلب2، والأصلُ فيه رواية النبيّ صلى الله عليه وسلم في خطبته حديث الجَسَّاسة عن تَميمٍ الدَّاريِّ3.

وهو أقسام:

أحدُها: أن يكون الرَّاوي أكبر سِنّاً، وأقَدَمَ طبقةً مِنَ المَرْوِيِّ عنه، كرِوايةِ كُلٍّ مِنَ الزُّهريِّ، ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ عن تلميذهما الإمام الجليل مالك بن أنسٍ في خلقٍ غيرهما مِمَّن روى عن مالك مِن شيوخه، بحيث أفردهم الرَّشيدُ العَطَّارُ في مُصَنَّف سَمَّاه:(الإعلامُ بِمَن حَدَّثَ عَن مالكِ بن أنسٍ مِن مشايخهِ السَّادة الأعلام)4.

الثاني: أن يكون الرَّاوي أكبر قَدْراً – لا سِناًًّ - مِنَ المَرْويِّ عنهُ، أي أكبر وأعلم، كرواية مالك، وابن أبي ذِئبٍ عن شيخهما عبد الله بن دينار وأشباهه..5.

1 فتح المغيث: 3/157. وانظر: علوم الحديث لابن الصلاح: 276، صحيح مسلم بشرح النووي: 1/55، وتدريب الرَّاوي: 2/244.

2 انظر: علوم الحديث لابن الصلاح: 276، اختصار علوم الحديث لابن كثير: 196، فتح المغيث: 3/157، تدريب الراوي: 2/244.

3 انظر: معرفة علوم الحديث: 48، حديث تميم الداري في شرح مسلم للنووي: 18/81 كتاب الفتن، باب قصة الجَسَّاسة، فتح المغيث: 3/157، تدريب الراوي: 2/244.

4 انظر: معرفة علوم الحديث: 48، فتح المغيث: 3/157-158، تدريب الراوي: 2/244.

5 انظر: معرفة علوم الحديث: 49، فتح المغيث: 3/158، تدريب الراوي: 2/245.

ص: 33