الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لذا أؤكد على الحرص بالاهتمام بالمساجد، سواء بالرأي والمشورة أو بالجاه أو الشفاعة الحسنة، أو بالمال أو تولي الإمامة والأذان، أو إلقاء المحاضرات والدروس أو تولي حلق القرآن أو الدلالة على الخير كل حسب استطاعته عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:«الدال على الخير كفاعله» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجر من فعله من غير أن ينقص من أجورهم شيئا» .
[تعريف المشروع في المسجد]
تعريف المشروع في المسجد: هو ما يشرع فعله في المسجد وجوبا كان ذلك أو استحبابا.
[تعريف الممنوع في المسجد]
تعريف الممنوع في المسجد: هو ما يمنع فعله في المسجد تحريما أو كراهة.
[أهمية المساجد في حياة المسلمين]
أهمية المساجد في حياة المسلمين: المسجد لغة: من سجد يسجد سجودا إذا وضع جبهته على الأرض.
والمسجد شرعا: الأصل فيه كل موضع من الأرض لقوله صلى الله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل» . وهذا من
خصائص هذه الأمة، قال القاضي عياض: لأن من كان قبلنا كانوا لا يصلون إلا في موضع يتيقنون طهارته، ونحن خصصنا بجواز الصلاة في جميع الأرض إلا ما نهي عنه.
وقال القرطبي: هذا ما خص الله به نبيه، وكان الأنبياء قبله إنما أبيحت لهم الصلوات في مواضع مخصوصة كالبيع والكنائس. ثم إن العُرف خصص المسجد بالمكان المهيأ للصلوات الخمس، حتى يخرج المصلى الذي يجتمع فيه للأعياد ونحوها، فلا يعطى حكمه.
ولما كان السجود أشرف أفعال الصلاة، لقرب العبد من ربه، اشتق منه اسم المكان للموضع الذي بني للصلاة فيه، فقيل: مسجد، ولم يقولوا:(مركع) مثلا أو غيره مما يشتق من أفعال الصلاة.
فالمساجد بيوت الله سبحانه وتعالى ولمكانتها وفضلها ذكرها الله سبحانه في ثمان وعشرين آية من كتابه الكريم، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم، فقال سبحانه:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] ورغب سبحانه في بنائها وعمارتها وأخبر أن عُمَّارها المؤمنون بالله واليوم الآخر قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 18]
فالمساجد دور عبادة وذكر وتضرع وخضوع لله سبحانه، ومواضع تسبيح، وابتهال وتذلل بين يدي الله سبحانه، ورغبة فيما عنده من الأجر الكبير ومقام تهجد، وترتيل لكتاب الله وحفظ له، وغوص وراء معانيه، كما أخبر سبحانه أن تعطيل المسجد، ومنع الناس من ذكر الله فيه ظلم، قال تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114] وجعل القرآن الكريم الدفاع عن المساجد وحمايتها مطلبا من مطالب هذا الدين يشرع لأجله القتال في سبيله، قال تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40]
قال القرطبي رحمه الله تعالى عن هذه الآية: أي لولا ما شرعه الله سبحانه وتعالى للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء لاستولى أهل الشرك وعطلوا ما يبنيه أرباب الديانات من مواضع العبادات، ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة وليس هذا بغريب فالمساجد أحب البقاع إلى الله، وهي
قلعة الإيمان ومنطلق إعلان التوحيد لله سبحانه وتعالى، فهي المدرسة التي خرجت الجيل الأول، ولا زالت بحمد الله تخرج الأجيال، وهي ميدان العلم والشورى والتعارف والتآلف، إليها يرجع المسافر أول ما يصل إلى بلده شاكرا الله سلامة العودة مستفتحا أعماله بعد العودة بالصلاة في المسجد إشعارا بأهميته وتقديمه على المنزل تذكيرا بنعمة الله سبحانه وتوثيقا للرابطة القوية للمسجد. ولذا تجد أن النبي صلى الله عليه وسلم أول عمل قام به بعد هجرته من مكة إلى المدينة بناء المسجد المسمى مسجد قباء.
والذي ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله سبحانه: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] وسار على ذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم في القرون المفضلة، ومن بعدهم من السلف الصالح، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وكانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده على التقوى، ففيه الصلاة والقراءة والذكر وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم.