الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 -
بَابُ جَوَازِ تَرْكِ النَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ لِمَنْ لَا يُطِيقُ
4478 -
قَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ! إِنَّ الْحَجَّاجَ قَدْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى قَرُبْنَا مِنَ الْعَصْرِ، فَقُمْ إِلَيْهِ، وأمره بتقوى الله تعالى، قَالَ الْحَسَنُ: إِذًا يَقْتُلْنِي، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَلَيْسَ قال الله تعالى عز وجل: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} الْآيَةُ، قَالَ الْحَسَنُ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ " قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " يَتَكَلَّفُ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُ ".
رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا الْخَلِيلُ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ الْقُرْدُوسِيِّ عَنِ الحسن البصري أنه حَدَّثَ بِحَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، وَالثَّانِي: قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فذكر هنا الْمَتْنَ.
4479 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: لَمَّا هَزَمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ أَهْلَ الْبَصْرَةِ خَشِيتُ أَنْ أَجْلِسَ فِي حَلْقَةِ الْحَسَنِ، فَأُوجَدَ فِيهَا فَأُعْرَفَ، فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ فِي مَنْزِلِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، كَيْفَ بِهَذِهِ الْآيَةِ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُهُ عز وجل: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} الْآيَةُ، قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ الْقَوْمَ عَرَضُوا السَّيْفَ فَحَالَ السَّيْفُ دُونَ الْكَلَامِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَهَلْ تَعْرِفُ لِمُتَكَلِّمٍ فَضْلًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ الْمُعَلَّى: ثُمَّ حَدَّثَ بِحَدِيثَيْنِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِالْحَقِّ إِذَا رَآهُ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبَعِّدُ مِنْ رِزْقٍ ".
قَالَ: ثُمَّ حَدَّثَ الْحَسَنُ بِحَدِيثٍ آخَرَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ، قِيلَ: وَمَا إِذْلَالُهُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ " قِيلَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ! فَيَزِيدُ الضَّبِّي فِي كَلَامِهِ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ، قَالَ الْمُعَلَّى: فَأَقُومُ مِنْ مَجْلِسِ الْحَسَنِ، فَأَتَيْتُ يَزِيدَ الضَّبِّي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَوْدُودٍ، بَيْنَمَا أَنَا والحسن نتذاكر إذا نَصَبْتَ أَمْرَكَ نَصْبًا، فَقَالَ: مَهْ يَا أَبَا الْحَسَنِ! قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: فَمَا قَالَ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ، قَالَ يَزِيدُ: مَا نَدِمْتُ عَلَى مَقَالَتِي، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ قُمْتُ مَقَامًا أَخْطِرُ فِيهِ بِنَفْسِي، قَالَ يَزِيدُ: أَتَيْتُ الْحَسَنَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، عَلَى كُلِّ شَيْءٍ نُغْلَبُ، فَنُغْلَبُ عَلَى صَلَاتِنَا؟ فَقَالَ: يَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّكَ تُعَرِّضُ بِنَفْسِكَ لَهُمْ، ثُمَّ إِنَّكَ لَا تَصْنَعُ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقُمْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ يَخْطُبُ، فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ
⦗ص: 328⦘
رحمك اللَّهُ، فَلَمَّا قُلْتُ ذَلِكَ احْتَوَشَنِي الرِّجَالُ، فَأَخَذُوا بِلِحْيَتِي، وَرَأْسِي، وتلبيتي، وَجَعَلُوا يَجِئُّونَ بَطْنِي بِنِعَالِ سُيُوفِهِمْ، وَمَضَوْا بِي إِلَى نَحْوِ الْمَقْصُورَةِ، فَدَخَلْتُ، فَقُمْتُ بَيْنَ الْحَكَمِ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَقَالَ: أَمَجْنُونٌ أَنْتَ؟ أَوَ مَا كُنَّا فِي صَلَاةٍ؟ فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ هَلْ مِنْ كَلَامٍ أَفْضَلُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوَ أَنَّ رَجُلًا نَشَرَ مُصْحَفًا يَقْرَؤُهُ غُدْوَةً إِلَى اللَّيْلِ أَكَانَ ذَلِكَ قَاضِيًا عَنْهُ صَلَاتَهُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُكَ مَجْنُونًا، قَالَ: وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ جَالِسٌ تَحْتَ مِنْبَرِهِ سَاكِتٌ، فَقُلْتُ: يَا أَنَسُ! يَا أَبَا حَمْزَةَ، أنشدك الله تعالى فَقَدْ خَدَمْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَحِبْتَهُ، أَبِمَعْرُوفٍ قُلْتُ أَمْ بِمُنْكَرٍ؟ أَبِحَقٍّ قُلْتُ أَمْ بِبَاطِلٍ؟ قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ مَا أَجَابَنِي بِكَلِمَةٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ: يَا أَنَسُ، قَالَ: لَبَّيْكَ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: أَكَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَدْ ذَهَبَ؟ قَالَ: بَلْ بَقِيَ بَقِيَّةٌ، فَقَالَ الْحَكَمُ: احْبِسُوهُ.
قَالَ يَزِيدُ: فَأُقْسِمُ لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، لَمَا لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِي كَانَ أَشَدُّ عَلَيَّ مِمَّا لَقِيتُ مِنَ الْحَكَمِ، قال بعضهم: مرائي، وقال بَعْضُهُمْ: مَجْنُونٌ، قَالَ: وَكَتَبَ الْحَكَمُ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ضَبَّةَ قَامَ إِلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَنَا أَخْطُبُ، فَقَالَ: الصَّلَاةَ، وَقَدْ شَهِدَ عِنْدِي الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ، إِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ، وَإِلَّا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وسمر عَيْنَيْهِ، وَاصْلُبْهُ، قَالَ: فَشَهِدُوا عِنْدَ الْحَكَمِ أَنِّي مَجْنُونٌ، فَخَلَّى عَنِّي.
قَالَ الْمُعَلَّى: عن يزيد الضبي، ثُمَّ مَاتَ أَخٌ لَنَا فَتَبِعْنَا جَنَازَتَهُ، فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا دُفِنَ تَنَحَّيْتُ فِي عِصَابَةٍ، فذكرنا الله تعالى عز وجل، وَذَكَرْنَا مَعَادَنَا، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ إِذْ رَأَيْنَا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ وَالْحِرَابِ، فَلَمَّا رَآهُ
⦗ص: 329⦘
أَصْحَابِي تَفَرَّقُوا وَتَرَكُونِي وَحْدِي، فَجَاءَ الْحَكَمُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، مَاتَ صَاحِبٌ لَنَا، فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَدَفَنَّاهُ وَقَعَدْنَا نَذْكُرُ رَبَّنَا، وَنَذْكُرُ مَعَادَنَا، وَنَذْكُرُ مَا صَارَ إِلَيْهِ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَفِرَّ كَمَا فَرُّوا؟ قلت: أصلحك اللَّهُ، أَنَا أَبْرَأُ سَاحَةً مِنْ ذَلِكَ، أَوَ مِنَ الْأَمِيرِ أَفِرُّ؟ فَسَكَتَ الْحَكَمُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ - كان عَلَى شُرْطَتِهِ - أَتَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَذَا الْمُتَكَلِّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَغَضِبَ الْحَكَمُ، وَقَالَ أَمَا إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، خُذْهُ فَأُخِذْتُ، فَضَرَبَنِي أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ، فما دريت متى تَرَكَنِي مِنْ شِدَّةِ مَا ضَرَبَنِي قَالَ: وَبَعَثَ بِي إِلَى وَاسِطٍ، فَكُنْتُ فِي دِيمَاسِ الْحَجَّاجِ حَتَّى مَاتَ الْحَجَّاجُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِي، وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه نَحْوَ حَدِيثِ الْحَسَنِ، عن أبي بكرة رضي الله عنه، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْخَلِيلِ بْنِ زَكَرِيَّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
4480 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المقدام، ثنا عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا الْعَلَاءُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ، وَقَالَ لِي أَصْحَابُهُ: إِلَيْكَ يَا وَاثِلَةُ، أَيْ تَنَحَّ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّمَا جَاءَ لِيَسْأَلَ، فَدَنَوْتُ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا عَنْ أَمْرٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ مِنْ بَعْدِكَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" لِتَفْتِكَ نَفْسُكَ " قُلْتُ: وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكُ وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ " قُلْتُ: وَكَيْفَ لِي بِعِلْمِ ذَلِكَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " تَضَعُ يَدَكَ عَلَى فُؤَادِكَ فَإِنَّ الْقَلْبَ يَسْكُنُ إِلَى الْحَلَالِ، وَلَا يَسْكُنُ لِلْحَرَامِ، وَإِنَّ وَرَعَ الْمُسْلِمِ أَنْ يَدَعَ الصَّغِيرَ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ فِي الْكَبِيرِ " قُلْتُ: فَمَنِ الْحَرِيصُ؟ قَالَ: الَّذِي يَطْلُبُ الْمَكْسَبَ فِي غَيْرِ حِلِّهَا، قُلْتُ، فَمَنِ الْوَرِعُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم:" الَّذِي يَقِفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ " قُلْتُ: فَمَنِ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: " مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَدِمَائِهِمْ " قُلْتُ: فَمَنِ الْمُسْلِمُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ " قُلْتُ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ ".
الْعَلَاءُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ.
وَلِآخِرِهِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عبدة رضي الله عنه أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ.