المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية - جـ ١٨

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْفُتُوحِ]

- ‌ ذِكْرُ فُتُوحِ الْعِرَاقِ

- ‌ بَابُ مَا وَقَعَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه مِنَ الْفُتُوحِ

- ‌ بَابُ فَتْحِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ

- ‌ بَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌ بَابُ بَرَاءَةِ عَلِيٍّ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه

- ‌ بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ

- ‌ بَابُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ

- ‌ بَابُ مَقْتَلِ عَمَّارٍ رضي الله عنه بِصِفِّينَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ

- ‌ بَابٌ

- ‌ بَابُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْعَفْوِ عَمَّنْ قَاتَلَ من الصحابة رضي الله عنهم فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ

- ‌ باب

- ‌ بَابُ أَخْبَارِ الْخَوَارِجِ

- ‌ بَابُ فَضْلِ مَنْ قَتَلَ الْحَرُورِيَّةَ

- ‌ بَابُ قَتْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه

- ‌ بَابُ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بن علي رضي الله عنهما

- ‌ بَابُ اسْتِخْلَافِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه وَلَدَهُ يَزِيدَ

- ‌ بَابُ لَعْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَكَمَ بْنَ أبي الْعَاصِ وبنيه وبني أمية

- ‌ بَابُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَجَّاجِ وَالْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌ بَابُ ظهور الفساد قي آخِرِ الزَّمَانِ وَفَضْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ الْوَقْتَ

- ‌ بَابُ بَقَاءِ الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ

- ‌ بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ لِمَا يُخْشَى مِنْ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ

- ‌ بَابُ جَوَازِ تَرْكِ النَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ لِمَنْ لَا يُطِيقُ

- ‌ بَابُ الْإِشَارَةِ إِلَى غَلَبَةِ الْأَعَاجِمِ عَلَى المماليك الْإِسْلَامِيَّةِ وَذَهَابِ زِينَةِ الدُّنْيَا بِذُلِّ الْعَرَبِ

- ‌ بَابٌ فِي الْمَهْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الْعَادِلِينَ

- ‌ باب الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ كَالدَّابَّةِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌ بَابُ أَوَّلِ مَنْ يَهْلِكُ مِنَ الْأُمَمِ

- ‌ بَابُ الأشراط وعَلَامَاتِ السَّاعَةِ

- ‌ ذِكْرُ ابْنُ صَيَّادٍ وَالتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ الدَّجَّالَ

- ‌[بَابُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ]

- ‌ بَابُ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌ بَابُ صِفَةِ الْبَعْثِ

- ‌ باب الشفاعة، وفيه أحاديث من البعث

- ‌ بَابُ أَوَّلِ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌ بَابُ الْمَظَالِمِ

- ‌ بَابُ شَفَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌ بَابُ مَعْرِفَةِ أَوَّلِ مَا يخاطب الله تعالى بِهِ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌ باب العفو عن المظالم

- ‌ بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا

- ‌ بَابُ صفة الجنة وأهلها

- ‌ باب

- ‌ بَابُ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ

الفصل: ‌ باب مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه

18 -

‌ بَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

ص: 42

4372 -

قال إسحاق: أخبرنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنا أَبِي، أنا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مولى أبي أسيد الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنَّ وَفْدَ أَهْلِ مِصْرَ قَدْ أَقْبَلُوا، فَاسْتَقْبَلَهُمْ، وَكَانَ رضي الله عنه فِي قَرْيَةٍ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ - أَوْ كَمَا قَالَ - فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ، أَقْبَلُوا نَحْوَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، قَالُوا: كَرِهَ أَنْ يقدموا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا لَهُ: ادْعُ بالمصحف قَالَ: فَدَعَا بِالْمُصْحَفِ، فَقَالُوا لَهُ: افْتَحِ السَّابِعَةَ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ سُورَةَ يُونُسَ السَّابِعَةَ، فَقَرَأَ حَتَّى أَتَى هَذِهِ الْآيَةِ:{قُلْ أَرَءَيْتُم مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالاً قُلْ ءاللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59]، فَقَالُوا لَهُ: قِفْ، أَرَأَيْتَ مَا حُمِيَ مِنْ حِمَى اللَّهِ

⦗ص: 43⦘

(تعالى)(آللَّهُ)(أَذِنَ لَكَ) أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرِي؟ فَقَالَ: أَمْضِهْ، نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا، وَأَمَّا الْحِمَى، فَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه حَمَى الْحِمَى قَبْلِي لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا وُلِّيتُ حَمَيْتُ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ، أَمْضِهْ، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَهُ بِالْآيَةِ، فَيَقُولُ: أَمْضِهْ نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا قَالَ: وَكَانَ الَّذِي (يَلِي) عُثْمَانُ رضي الله عنه فِي سِنِّكَ (قَالَ: يَقُولُ أَبُو نَضْرَةَ ذَلِكَ لِي أَبُو سَعِيدٍ وَأَنَا فِي سِنِّكَ، قَالَ أَبِي: وَلَمْ يَخْرُجْ وَجْهِي يَوْمَئِذٍ، لَا أَدْرِي لَعَلَّهُ قَالَ: مَرَّةً أُخْرَى وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً) .

قَالَ: ثُمَّ أَخَذُوهُ بِأَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا مَخْرَجٌ، فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ [ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: (مَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: فَأَخَذُوا مِيثَاقَهُ وَكَتَبَ عَلَيْهِمْ شَرْطًا، ثُمَّ أخذ عليهم أن لا يَشُقُّوا عَصًا، وَلَا يُفَارِقُوا جَمَاعَةً) مَا قَامَ لَهُمْ بِشَرْطِهِمْ] أَوْ كَمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ - فَقَالَ لَهُمْ: مَا تُرِيدُونَ؟ قالوا: نريد أن لا يَأْخُذَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَطَاءً، فإنما هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ، وَلِهَذِهِ الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَرَضُوا، وَأَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ رَاضِينَ.

⦗ص: 44⦘

قَالَ: فَقَامَ رضي الله عنه (فَخَطَبَهُمْ)، فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ وَفْدًا فِي الْأَرْضِ هُوَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْوَفْدِ الَّذِي مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ فَلْيَلْحَقْ بِزَرْعِهِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ضَرْعٌ فَيَحْتَلِبْ، أَلَا إِنَّهُ لَا مَالَ لَكُمْ عِنْدَنَا [[إِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ، وَلِهَذِهِ الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم]] (*)، قَالَ: فَغَضِبَ النَّاسُ وَقَالُوا: هَذَا مَكْرُ بَنِي أُمَيَّةَ.

ثُمَّ رَجَعَ الْوَفْدُ الْمِصْرِيُّونَ رَاضِينَ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ إِذَا هُمْ بِرَاكِبٍ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَيُفَارِقُهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ يُفَارِقْهُمْ وَيَسُبُّهُمْ، قَالُوا لَهُ: مَا لَكَ؟ إِنَّ لَكَ لَأَمْرًا [ (مَا شَأْنُكَ) ؟ فَقَالَ: أَنَا] رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ، فَفَتَّشُوهُ، فَإِذَا هُمْ بِالْكِتَابِ مَعَهُ عَلَى لِسَانِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، عَلَيْهِ خَاتَمُهُ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ (أَنْ يَقْتُلَهُمْ أَوْ يُصَلِّبَهُمْ) أَوْ يُقَطِّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ [ (مِنْ خِلَافٍ) فَأَقْبَلُوا] حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَتَوْا عَلِيًّا رضي الله عنه، فَقَالُوا: أَلَمْ تَرَ إِلَى عَدُوِّ اللَّهِ يَكْتُبُ فِينَا [ (كَذَا وَكَذَا) ، وَإِنَّ] اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ دَمَهُ، (قُمْ مَعَنَا إِلَيْهِ) ،

⦗ص: 45⦘

قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ مَعَكُمْ إِلَيْهِ، قَالُوا: فَلِمَ كَتَبْتَ [ (إِلَيْنَا) ؟ قَالَ] : وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ كِتَابًا قَطُّ، قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالُوا: لِهَذَا تُقَاتِلُونَ (أَمْ لِهَذَا تَغْضَبُونَ) فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى قَرْيَةٍ.

فَانْطَلَقُوا حتى دخلوا إلى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالُوا لَهُ: كَتَبْتَ فِينَا كَذَا وَكَذَا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ دَمَكَ (فَقَالَ رضي الله عنه: إِنَّهُمَا اثنتان) : أَنْ تُقِيمُوا عَلَيَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَمِينِي بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، مَا كَتَبْتُ، (وَلَا أَمْلَيْتُ) وَلَا عَلِمْتُ، وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْكِتَابَ يكتب على كتاب الرَّجُلِ، وَقَدْ يُنْقَشُ الْخَاتَمُ عَلَى الْخَاتَمِ، قَالُوا: فَوَاللَّهِ، لَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ دَمَكَ بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ.

قَالَ: (فَحَاصَرُوهُ رضي الله عنه، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ) وَهُوَ مَحْصُورٌ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ:" السَّلَامُ عَلَيْكُمْ "(قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه: (فَوَاللَّهِ) مَا أَسْمَعُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ رَدَّ عليه السلام، إِلَّا أَنْ يَرُدَّ الرَّجُلُ

⦗ص: 46⦘

فِي نَفْسِهِ) ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ هَلْ عَلِمْتُمْ؟ قَالَ: فَذَكَرَ شَيْئًا فِي شَأْنِهِ، وَذَكَرَ أَيْضًا (أُرَى)(كِتَابَتَهُ) الْمُفَصَّلَ فَفَشَا النَّهْىُ، فَجَعَلَ يَقُولُ النَّاسُ: مَهْلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَفَشَا النَّهْيُ فَقَامَ الْأَشْتَرُ (فَلَا أَدْرِي أَيَوْمُئِذٍ أَمْ يَوْمٌ آخَرُ) قَالَ: فَلَعَلَّهُ قَدْ مُكِرَ بِهِ (وَبِكُمْ)، قَالَ: فَوَطِئَهُ النَّاسُ حَتَّى لَقِيَ كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ إِنَّهُ رضي الله عنه أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى، فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ، فَلَمْ تَأْخُذْ فِيهِمُ الْمَوْعِظَةُ، وَكَانَ النَّاسُ تَأْخُذُ فِيهِمُ الْمَوْعِظَةُ أَوَّلَّ مَا يسمعون بِهَا، فإذا أعيدت عليهم لَمْ تَأْخُذْ فِيهِمْ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ رضي الله عنه فَتَحَ الْبَابَ وَوَضَعَ الْمُصْحَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ:" يَا عُثْمَانُ، أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ ".

قَالَ أَبِي، فَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ رضي الله عنه: لَقَدْ أَخَذْتَ مِنِّي مَأْخَذًا، أَوْ قَعَدْتَ مِنِّي مَقْعَدًا - مَا كَانَ أَبُوكَ لِيَقْعُدَهُ - أَوْ قَالَ: لِيَأْخُذَهُ - فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رضي الله عنه رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ (الْمَوْتُ الْأَسْوَدُ) فَخَنَقَهُ، ثُمَّ خَنَقَهُ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ خَنَقْتُهُ فَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ ألين من حلقه، حَتَّى رَأَيْتُ نَفَسَهُ يَتَرَدَّدُ فِي جَسَدِهِ كَنَفَسِ الْجَانِّ، قَالَ: فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ.

⦗ص: 47⦘

قَالَ: وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ (فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى) وَالْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَهْوَى بِالسَّيْفِ، فاتقاه عُثْمَانُ رضي الله عنه بِيَدِهِ فَقَطَعَهَا، فَمَا أدري أبانها، أم / قَطَعَهَا، وَلَمْ يُبِنْهَا، قَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوَّلُ كَفٍّ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ.

قَالَ: وَقَالَ فِي غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: فَدَخَلَ عَلَيْهِ التُّجِيبِيُّ، فَأَشْعَرَهُ مشقاً، فَانْتَضَحَ الدَّمُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137](قَالَ) فَإِنَّهَا فِي الْمُصْحَفِ مَا حُكَّتْ بَعْدُ، قَالَ: وأخذت بنت الفرافصة رضي الله عنها حُلِيَّهَا (فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه فَوَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ رضي الله عنه، فَلَمَّا أَشْعَرَ - أَوْ قُتِلَ - تَفَاجَّتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَاتَلَهَا اللَّهُ مَا أَعْظَمُ عَجِيزَتَهَا! فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه: فَعَلِمْتُ أَنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ لَمْ يُرِيدُوا إِلَّا الدُّنْيَا.

قُلْتُ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، سَمِعَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.

(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع، وأثبتناه عن بعض النسخ

ص: 42

4373 -

أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رضي الله عنه قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَ مِصْرَ، يدخل على رؤوس قُرَيْشٍ، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَا تَقْتُلُوا هَذَا الرَّجُلَ (يَعْنِي: عُثْمَانَ رضي الله عنه فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا نُرِيدُ قَتْلَهُ، فَيَخْرُجُ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدَيَّ، يَقُولُ: وَاللَّهِ، لَيَقْتُلُنَّهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: لَا تَقْتُلُوهُ، فَوَاللَّهِ لَيَمُوتَنَّ إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَأَبَوْا، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ (بَعْدَ أَيَّامٍ) فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَقْتُلُوهُ، فَوَاللَّهِ لَيَمُوتَنَّ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ.

ص: 50

7374 -

أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ ابْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ تَزَلْ (مُحِيطَةٌ) بِمَدِينَتِكُمْ هَذِهِ مُنْذُ قَدِمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَوْمِ، وَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ (ليذهبن) ثم لا يعود إِلَيْكُمْ أَبَدًا، وَإِنَّ السَّيْفَ لَّمْ يَزَلْ مَغْمُودًا فيكم، فوالله لئن قَتَلْتُمُوهُ ليسلّنه اللَّهُ عَلَيْكُمْ، ثم لا يغمد (عَنْكُمْ) أَبَدًا - أَوْ قَالَ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ - وَمَا قُتِلَ نَبِيُّ إِلَّا قُتِلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَلَا قُتِلَ خَلِيفَةٌ إِلَّا قُتِلَ بِهِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ قُتِلَ عَلَى دَمِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا سَبْعُونَ أَلْفًا

⦗ص: 56⦘

.

4375 -

أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عن أيوب الْأَحْمَرِ، وَهُوَ أيوب بن عايد عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رضي الله عنه يَأْتِي عَلَى أَتَانٍ مِنْ أَرْضٍ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ مَعْمَرٍ.

ص: 52

4376 -

حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا سُلَيْمَانُ - وَهُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ - ثنا حُمَيْدٌ - وَهُوَ ابْنُ هِلَالٍ الْعَدَوِيُّ - ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رضي الله عنه يَجِيءُ مِنْ أَرْضٍ لَهُ عَلَى أَتَانٍ أَوْ حِمَارٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَيُبَكِّرُ، فَإِذَا قضى الصلاة أتى أَرْضَهُ، فَلَمَّا هَاجَ النَّاسُ بِعُثْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رضي الله عنه: لَا تَقْتُلُوهُ، وَاسْتَعْتِبُوهُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا قَتَلَتْ أُمَّةٌ نَبِيَّهَا، فَأَصْلَحَ اللَّهُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ حتى يهريقوا دم سَبْعِينَ أَلْفًا، وَمَا قَتَلَتْ أُمَّةٌ خَلِيفَةً، فَأَصْلَحَ اللَّهُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ حتى يهريقوا دم أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَمَا هَلَكَتْ أُمَّةٌ قَطُّ حَتَّى يَرْفَعُوا الْقُرْآنَ عَلَى السُّلْطَانِ، ثُمَّ (قَالَ لَهُمْ) : لَا تَقْتُلُوهُ وَاسْتَعْتِبُوهُ، قَالَ: فَمَا نَظَرُوا فِيمَا قَالَ فَقَتَلُوهُ.

قَالَ: فَجَلَسَ عَلَى طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه حَتَّى أَتَاهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ (فَقَالَ: الْعِرَاقَ) فَقَالَ: لَا تَأْتِ الْعِرَاقَ، وَعَلَيْكَ بِمِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَالزَمْهُ، وَلَا أَدْرِي هَلْ

⦗ص: 58⦘

يُنْجِيكَ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتَهُ لَا تَرَاهُ أَبَدًا، فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ: دَعْنَا فَلْنَقْتُلْهُ، قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ مِنَّا رَجُلٌ صَالِحٌ.

قَالَ ابْنُ مُغَفَّلٍ: وَكُنْتُ اسْتَأْذَنْتُ ابْنَ سَلَامٍ فِي أَرْضٍ إِلَى جَنْبِ أَرْضِهِ أَنْ أَشْتَرِيَهَا فَقَالَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ: هَذَا رَأْسُ أربعن سَنَةً، وَسَيَكُونُ بَعْدَهَا صُلْحٌ، فَاشْتِرِهَا، قَالَ سُلَيْمَانُ، فَقُلْتُ لِحُمَيْدٍ: كَيْفَ يَرْفَعُونَ الْقُرْآنَ على السلطان، فقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْخَوَارِجِ كَيْفَ يَتَأَوَّلُونَ الْقُرْآنَ عَلَى السُّلْطَانِ.

ص: 57

4377 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ زِيَادٍ الزَّيَّاتُ، حَدَّثَنِي زُرْعَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَبِي رَابِعُ أَرْبَعَةٍ فِيمَنْ دَفَنَ عُثْمَانَ رضي الله عنه يَوْمَ الدَّارِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِالْبَقِيعِ.

ص: 60

4378 -

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَسِيدٍ، وَرَجُلٍ آخَرَ سَمَّاهُ، كِلَاهُمَا عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، قَالَ: حَدَّثَتْنِي نَائِلَةُ بِنْتُ الْفُرَافِصَةِ الْكَلْبِيَّةُ امرأة عثمان رضي الله عنهما قَالَتْ: لَمَّا حُوصِرَ عُثْمَانُ رضي الله عنه [ظَلَّ يَوْمَهُ صَائِمًا، فَلَمَّا كَانَ (عِنْدَ) الْإِفْطَارِ سَأَلَهُمُ الْمَاءَ الْعَذْبَ، فَقَالُوا: دُونَكَ هَذَا الرَّكِيِّ (وَإِذَا ركيّ يلقى فيه النَّتَنَ، فَبَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى حَالِهِ) لَمْ يَطْعَمْ، فَلَمَّا كَانَ (مِنَ السحر، أتيت جارة لنا) على أحاجين (يَعْنِي: أَسْطِحَةٍ مُتَوَاصِلَةٍ) فَسَأَلْتُهُمُ] الْمَاءَ الْعَذْبَ، فَجِئْتُهُ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ، فَلَمَّا نَزَلْتُ إِذَا هُوَ رضي الله عنه نَائِمٌ فِي أَسْفَلِ الدَّرَجَةِ يَغِطُّ، فَأَيْقَظْتُهُ، فَقُلْتُ: هَذَا مَاءٌ عَذْبٌ قَدْ أَتَيْتُكَ بِهِ، فَرَفَعَ رضي الله عنه رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَى الْفَجْرِ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ أَصْبَحْتُ صَائِمًا، فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَتَاكَ بِطَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ اطَّلَعَ عَلَيَّ مِنْ هَذَا السَّقْفِ، وَمَعَهُ دَلْوٌ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ: اشْرَبْ يَا عثمان، فشربت، فرويت، ثُمَّ قَالَ: ازْدَدْ، فَشَرِبْتُ حَتَّى تَمَلَّأْتُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْقَوْمَ سينكرون عَلَيْكَ [فَإِنْ (تَرَكْتَهُمْ) ] أَفْطَرْتَ عِنْدَنَا " قَالَتْ: فَدَخَلُوا عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِهِ، فَقَتَلُوهُ رَضِيَ الله عَنْهُ

ص: 61

4379 -

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي (سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ) قَالَ: أَشْرَفَ (عَلَيْنَا) عُثْمَانُ رضي الله عنه يَوْمَ الدَّارِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَقْتُلُونِي [فَإِنَّكُمْ إِنْ قَتَلْتُمُونِي كُنْتُمْ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ رضي الله عنه] .

ص: 66

4380 -

وَقَالَ الْحَارِثُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، ثنا أَبُو الْمِقْدَامِ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ هِشَامِ (بْنِ عُرْوَةَ) ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ وإزاره محلول، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" ادْنُ مِنِّي يَا عُثْمَانُ " فَدَنَا مِنْهُ، ثم قَالَ:" ادْنُ مِنِّي يَا عُثْمَانُ " فَدَنَا مِنْهُ، حَتَّى أَصَابَتْ رُكْبَتُهُ رضي الله عنه ركبة النبي صلى الله عليه وسلم، فزرّرعليه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم : يَا عُثْمَانُ، إِنَّكَ تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوْدَاجُكَ تَشْخَبُ دَمًا، فَأَقُولُ: مَنْ فَعَلَ بِكَ هَذَا؟ فَتُسَمِّي وَتَشْتَكِي، بَيْنَ آمِرٍ وَمَاكِرٍ (وَخَاذِلٍ) فَبَيْنَمَا أَنْتَ كَذَلِكَ، إِذْ تَسْمَعُ هَاتِفًا يَهْتِفُ مِنَ السَّمَاءِ: أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه فِي حُكْمِ أَعْدَائِهِ وَلِيٌّ) فَكَيْفَ أَنْتَ يَا عُثْمَانُ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ رضي الله عنه: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (ثَلَاثًا) .

ص: 68

4381 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَبِسَ ابن عمر رضي الله عنهما (الدِّرْعَ) يَوْمَ الدَّارِ دار عثمان رضي الله عنهما، مَرَّتَيْنِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ أَعْرِفُ لَهُ حَقَّ النُّبُوَّةِ، وَحَقَّ الْوِلَايَةِ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، فَكُنْتُ أَعْرِفُ لَهُ حَقَّ الْوِلَايَةِ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَكُنْتُ أَعْرِفُ لَهُ حَقَّ الْوِلَايَةِ، وَحَقَّ الْوَالِدِ، وَأَنَا أَعْرِفُ لَكَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ رضي الله عنه: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا يَا آلَ عُمَرَ، اقْعُدْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي.

ص: 71

4382 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَحْصُورًا فِي الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَرَمَوْا رَجُلًا مِنَّا، فَقَتَلُوهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! طَابَ الضِّرَابُ، قَتَلُوا مِنَّا رَجُلًا، فَقَالَ رضي الله عنه: عَزَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لَمَا رَمَيْتَ بِسَيْفِكَ، فَإِنَّمَا تُرَادُ نَفْسِي، وَسَأَقِي الْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِي، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: فَرَمَيْتُ بِسَيْفِي فَمَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ حَتَّى السَّاعَةَ.

ص: 73

4383 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا ابْنُ فَضَالَةَ، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ حَبِيبٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَصْقَلَةَ، قَالَا: بَعَثَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، تَرَى هَذِهِ الْكُوَّةَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْرَفَ مِنْهَا اللَّيْلَةَ، فَقَالَ:" يَا عُثْمَانُ، أَحَصَرُوكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَدْلَى لِي دَلْوًا شربت منه، فإني أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِي، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:" إِنْ شِئْتَ دعوتُ الله تعالى، فَنَصَرَكَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْطَرْتَ عِنْدَنَا " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: فَقُلْتُ لَهُ: مَا الَّذِي اخْتَرْتَ؟ قَالَ: الْفِطْرَ عِنْدَهُ صلى الله عليه وسلم، فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ، قَالَ لِابْنِهِ: اخْرُجْ، فَانْظُرْ مَا صَنَعَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذِهِ السَّاعَةَ حَيًّا، فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ قُتِلَ الرَّجُلُ.

ص: 75

4384 -

[1] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: نَامَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ، وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ: لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: تَمَنَّى عُثْمَانُ رضي الله عنه أُمْنِيَةً، لَحَدَّثْتُكُمْ حَدِيثًا، قَالَ، قُلْنَا: حَدِّثْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ، فَلَسْنَا نَقُولُ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ، قَالَ رضي الله عنه:) رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِي هَذَا فَقَالَ: " إِنَّكَ شَاهِدٌ مَعَنَا الْجُمُعَةَ ".

[2]

وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا المغيرة بن مسلمة، ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ مُوسَى، حدثنا أَبُو عَلْقَمَةَ، بِهِ.

[3]

وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ.

ص: 78

4385 -

[1] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (الرَّازِيُّ) يَذْكُرُ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر رضي الله عنهما. قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَصْبَحَ [يُحَدِّثُ النَّاسَ] قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ:" يَا عُثْمَانُ، أَفْطِرْ عِنْدَنَا " فَأَصْبَحَ رضي الله عنه صَائِمًا، وَقُتِلَ مِنْ يَوْمِهِ رضي الله عنه.

[2]

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِهِ.

[3]

وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَصَحَّحَهُ.

ص: 81

4386 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْهُنَائِيُّ، حَدَّثَنَا ابن أَبِي فَضَالَةَ، أنا الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي مريم بن رَضِيعِ الْجَارُودِ، قَالَ: كُنْتُ بِالْكُوفَةِ، فَقَامَ الْحَسَنُ بن علي رضي الله عنهما خَطِيبًا فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي مَنَامِي عَجَبًا! رَأَيْتُ الرَّبَّ تبارك وتعالى فَوْقَ عَرْشِهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عِنْدَ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ رضي الله عنه، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ رضي الله عنه، فَكَانَ نُبْذَةً، فَقَالَ: يَا رَبِّ، سَلْ عِبَادَكَ فِيمَ قَتَلُونِي؟ قَالَ: فَانْبَعَثَ مِنَ السَّمَاءِ مِيزَابَانِ مِنْ دَمٍ فِي الْأَرْضِ قَالَ: فَقِيلَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: أَلَا تَرَى مَا يُحَدِّثُ بِهِ الحسن رضي الله عنه ؟ قال (رضوان الله تعالى عليه:) يُحَدِّثُ بِمَا رَأَى.

ص: 84

4378 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، ثنا جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعِجْلِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَوْ مُجَالِدٍ، عَنْ طُحْرُبٍ الْعِجْلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بن علي رضي الله عنهما قَالَ: لَا أُقَاتِلُ بَعْدَ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَأَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، وَرَأَيْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه، وَرَأَيْتُ دَمًا بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الدَّمُ؟ قِيلَ: دَمُ عُثْمَانَ رضي الله عنه يطلب الله تعالى، بِهِ.

ص: 87

4388 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي ذَنْبَهُ فِي عُثْمَانَ رضي الله عنه.

ص: 89

4389 -

وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ، كَانَ عَلَى صَنْعَاءَ، فَلَمَّا قُتِلَ عثمان رضي الله عنه خطب، فبكا بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: الْيَوْمَ انْتُزِعَتْ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَصَارَتْ مُلْكًا وَجَبْرِيَّةً، مَنْ غَلَبَ عَلَى شَيْءٍ أَكَلَهُ.

ص: 90

4390 -

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابن هارون - أخبرنا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِي عُثْمَانَ رضي الله عنه وَتَخَاصَمُوا فِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى مَا أَرَى أَدِيمَ السَّمَاءِ، وَإِنَّ إِنْسَانًا مِنْ حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَشَارَ بِمُصْحَفٍ، وَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بريء ممن فارق دِينَهُ وَكَانُوا شِيَعًا: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} الآية.

ص: 93

4391 -

حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه: إِنَّ مَعَكَ فِي الدَّارِ عصبة مُسْتَنْصَرَةً، ينصر الله تعالى بِأَقَلَّ مِنْهَا، فَأْذَنْ لِي فَلْأُقَاتِلْ، فَقَالَ رضي الله عنه: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا أَهْرَاقَ فِي دَمِهِ، أَوْ قَالَ: أَهْرَاقَ فِيَّ دَمًا.

ص: 95

4392 -

قَالَ إِسْحَاقُ: ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وهو ابْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ حَدَّثَنِي كِنَانَةُ مَوْلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ أَنَّهُ شَهِدَ مَقْتَلَ عُثْمَانَ قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَ: أَمَرَتْنَا صَفِيَّةُ أَنْ نُرَحِّلَ بَغْلَةً بِهَوْدَجٍ فَرَحَّلْنَاهَا ثُمَّ مَشَيْنَا حَوْلَهَا إِلَى الْبَابِ فَإِذَا الْأَشْتَرُ وَنَاسٌ مَعَهُ فَقَالَ لَهَا الْأَشْتَرُ ارْجِعِي إِلَى بَيْتِكِ فَأَبَتْ فَرَفَعَ قَنَاةً مَعَهُ أَوْ رُمْحًا فَضَرَبَ عجز البغلة فثبت الْبَغْلَةِ وَمَالَ الْهَوْدَجُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَقَعَ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ: رُدُّونِي، رُدُّونِي، قَالَ: قَدْ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ مَضْرُوبِينَ مَحْمُولِينَ كَانُوا يدرؤون عَنْ عُثْمَانَ فَذَكَرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزبير وابن خاطب وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، قُلْتُ: فَهَلْ تَدَمَّى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ دَمِهِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: لَسْتُ بِصَاحِبِهِ، وَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ فخرج ولم يدر مِنْ دَمِهِ بِشَيْءٍ، قُلْتُ: فَمَنْ قَتَلَهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يُقَالُ لَهُ: جَبَلَةُ فَجَعَلَ يَقُولُ: أَنَا قَاتِلُ نَعْثَلٍ، قُلْتُ: فَأَيْنَ عُثْمَانُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ فِي الدَّارِ.

ص: 97