الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ
108 -
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ» فَسَلَّمْتُ ، ثُمَّ جَلَسْتُ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الْمَالُ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلِيَّ فِيهِ تَبَعَةٌ مِنْ ضَيْفٍ ضَافَنِي أَوْ عِيَالٍ إِنْ كَثُرُوا ، فَقَالَ:«نِعْمَ الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ مِنَ الْإِبِلِ ، وَالْأَكْثَرُ سِتُّونَ ، وَوَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِئَتَيْنِ إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي رِسْلِهَا ، وَنَجْدَتِهَا ، وَأَفْقَرَ ظَهْرَهَا ، وَأَطْرَقَ فَحْلَهَا ، وَنَحَرَ سَمِينَهَا ، وَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَكْرَمَ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ وَأَحْسَنَهَا ، إِنَّهُ لَا يَحُلُّ بِالْوَادِي الَّذِي أَنَا فِيهُ مِنْ كَثْرَةِ إِبِلِي، قَالَ:«فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِالْمِنْحَةِ» ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي لَأَمْنَحُ فِي كُلِّ عَامٍ مِائَةً ، قَالَ:«كَيْفَ تَصْنَعُ بِالْعَارِيَةِ؟» قَالَ: تَغْدُو الْإِبِلُ وَيَغْدُوا النَّاسُ ، فَمَنْ أَخَذَ بِرَأْسِ بَعِيرٍ ذَهَبَ بِهِ ، قَالَ:«فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِالْأَفْقَارِ؟» قَالَ: إِنِّي لَأُفْقِرُ الْبِكْرَ الضَّرْعَ ، وَالنَّابَ الْمُدْبِرَ ، قَالَ:«فَمَالُكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالُ مَوْلَاكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلْ مَالِي، قَالَ:«فَإِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكِ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، وَلَبَسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، وَأَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ ، وَمَا بَقِيَ لِمَوْلَاكَ» قُلْتُ: لِمَوْلَايَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيَتُ لَأَدَعَنَّ عِدَّتَهَا قَلِيلًا قَالَ الْحَسَنُ: فَفَعَلَ رحمه الله ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، دَعَا بَنِيهِ ، فَقَالَ: يَا بَنِيَّ، خُذُوا عَنِّي، فَلَا أَجِدُ أَنْصَحَ لَكُمْ مِنِّي ، إِذَا أَنَا مُتُّ فَسَوِّدُوا كِبَارَكُمْ ، وَلَا تُسَوِّدُوا صِغَارَكُمْ ، فَيَسْتَسْفِهَ النَّاسُ كِبَارَكُمْ ، فَيَهُونُوا عَلَيْهِمْ ، وَعَلَيْكُمْ بِاسْتِصْلَاحِ الْمَالِ ، فَإِنَّهُ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرِيمِ ،
⦗ص: 107⦘
وَيُسْتَغْنَىَ بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ ، فَإِنَّهُ آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ ، إِنَّ أَحَدًا لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا تَرَكَ كَسْبَهُ، وَإِذَا أَنَا مُتُّ فَكَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا وَأَصُومُ ، وَإِيَّاكُمْ وَالنِّيَاحَةَ عَلِيَّ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْهَا ، وَادْفِنُونِي فِي مَكَانٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ خَمَاشَاتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَخَافُ أَنْ يُدْخِلُوهَا عَلَيْكُمْ فِي الْإِسْلَامِ ، فَيَعْنِتُوا عَلَيْكُمْ دِينَكُمْ " قَالَ الْحَسَنُ رحمه الله: نُصْحًا فِي الْحَيَاةِ وَنُصْحًا فِي الْمَمَاتِ