الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
…
إهداء:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد....
إلى الذين يعرفون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب معرفة تامة ويدركون أهدافها ويلمسون نتائجها.
أهدي هذه الرسالة
لتكون نبراسا لهم مع غيرها في سبيل توضيح حقيقية هذه الدعوة وأهدافها لمن لا يعرفها على حقيقتها.
وإلى الذين عارضوا هذه الدعوة السلفية المباركة لسوء في الفهم أو قصور في الإدراك أو غير ذلك
…
أهدي هذه الرسالة
لتكون مصباحا لهم تعينهم على فهم الحق والسير في ركابه ودفع غائلة الباطل ونبذ أسبابه.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المقدمة:
أشرقت شمس القرن الثاني عشر الهجري وأكثر المسلمين في البلاد الإسلامية يعيشون في ظلمات الجهل، ويتخبطون في دياجير الظلام، الشرك بينهم منتشر، والحق عندهم مندثر، يعبدون الأصنام والأوثان، ويطوفون بالقبور والأحجار، يقدمون لها القرابين، وينذرون للجن والشياطين.
فيا ليت شعري، هل عادت أيام الجاهلية الأولى بعد أن محاها محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام، أم أن الإسلام لم يدخل هذه البلاد، ولم يطأ هذه الوهاد.
يقول ابن غنام:
"كان أكثر المسلمين في مطلع القرن الثاني عشر الهجري قد ارتكسوا في الشرك، وارتدوا إلى الجاهلية، وانطفأ في نفوسهم نور الهدى لغلبة الجهل عليهم واستعلاء ذوي الأهواء والضلال، فنبذوا كتاب الله تعالى وراء ظهورهم واتبعوا ما وجدوا عليه آباءهم من الضلالة وقد ظنوا أن آباءهم أدرى بالحق وأعلم بطريق الصواب، فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين _ أمواتهم وأحيائهم _ يستغيثون بهم في النوازل والحوادث، ويستعينونهم على قضاء الحاجات وتفريج الشدائد، بل أن كثيرا منهم كان يرى في الجمادات كالأحجار، والأشجار، القدرة على تقديم النفع ودفع
الضرر، وقد زين لهم الشيطان أنهم ينالون بذلك ثوابا لتقربهم به إلى الله عز وجل1
في هذا الجو الموبوء بحمى الشركيات والبدع، ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ونما وترعرع، وطلب العلم من مظانه في بلدته، وفي البلاد المجاورة، وعند ما شب عن الطوق، هاله ما يرى من الشركيات العظيمة، والبدع الذميمة التي انتشرت وعمت كل قرية وبادية ومدينة، فشمر عن ساعد الجد والاجتهاد، وأعلنها مدوية بالنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وصبر على ما ناله من أعباء الدعوة، وما قصد به من أنواع المحنة والجفوة، لا يخشى في ذلك سطوة سلطان ظالم أو مدافعة عدو غاشم، أو لوم صديق لائم فأوذي في الله وهدد بالقتل، وحاول بعض الأعداء إغتياله في منزله، فلم يثنه ذلك عن عزمه فطرد من بلدته العيينة، فهاجر إلى الدرعية يحمل دعوته معه، لم يفتر حماسها، ولم يخب أوارها، فيسر الله أمره وفتح عليه أبوابا من الأمل بحلول التوحيد محل الشرك، والسنة محل البدعة، وذلك بالمؤازرة التاريخية بين السلطان والداعية، بين الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، فلم يدخرا وسعا ولم يوفرا جهدا إلا بذلاه في سبيل تحقيق أهداف الدعوة، والتي دون الوصول إليها
1 انظر تاريخ نجد المسمى روضة الأفكار والأفهام، حسين بن غنام، ج1 ص 10.
خرق القتاد وخوض برك الغماد، ولكن بالصبر والعزيمة والجد والمثابرة، تهون الصعاب وتسهل الحزون، وتدك الجبال، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والأمر كله لله، وهكذا كان، فقد حقق الله الأهداف، وظهرت النتائج تترا، فلم تنقض أيام الشيخ وتنصرم أعوامه إلا بعد أن قرت عينه بظهور التوحيد وإحياء السنة وإعلاء راية الجهاد.
ولقد كانت الأفكار والأهداف التي سعى الشيخ إلى تحقيقها، والنتائج التي سمت نفسه للوصول إليها واضحة كل الوضوح، لا لبس فيها ولا غموض، بينها- رحمه الله تعالى – في الرسائل التي بعث بها إلى الأمراء والعلماء وعامة الناس في كل الأنحاء، موضحا فيها كل ما يتعلق بدعوته وأهدافه. وسوف أعرض هذه الأهداف عرضا موجزا مع الاستشهاد بقدر الإمكان بنصوص من كلام الشيخ تؤيد وتؤكد ما أذكره.