المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إيضاح عبودية المخلوق للخالق وتحقيقها - أهداف دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

[إبراهيم بن عثمان الفارس]

الفصل: ‌إيضاح عبودية المخلوق للخالق وتحقيقها

والأهداف الرئيسية لدعوة الشيخ ثلاثة، هي: *

‌الهدف الأول:

‌إيضاح عبودية المخلوق للخالق وتحقيقها

.

ويتمثل ذلك في الأمور الآتية:

أ - الإخلاص في عبادة الله تعالى، وتخليص التوحيد مما شابه من شرك، والدعوة إلى تحقيق ذلك.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى-:

"وأما ما دعونا الناس إليه، فندعوهم إلى التوحيد الذي قال الله فيه خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم:

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 1

وقوله تعالى:

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 2

* قبل أن تتبلور فكرة هذا الموضوع في ذهني أطلعت على بحث كتبه فضيلة الشيخ / عبد الله خياط في مجلة البحوث الإسلامية العدد الأول ص: 135 بعنوان "حركة الإصلاح الديني في القرن الثاني عشر" وقد كان لهذا البحث أثر كبير في خروج هذه الرسالة بهذه الصورة.

2 الآية 108 من سورة يوسف.

2 الآية 18من سورة الجن.

ص: 11

وأما ما نهينا الناس عنه فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه: {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} 1 2

ويقول في موضوع آخر:

فأعلم رحمك الله أن الذي ندين به وندعو الناس إليه إفراد الله بالدعوة وهي دين الرسل، قال الله:

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} 34

ويقول رحمه الله في الرسالة الموجهة إلى عبد الله الصنعاني: "الذي ندين به عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بعبادة غيره ومتابعة الرسول النبي الأمي حبيب الله وصفيه من خلقه محمد صلى الله عليه وسلم.

فأما عبادة الله فقال:

1 الآية 72 من سورة المائدة.

2 مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، المجلد 5، الرسائل الشخصية، الرسالة 14، ص:95.

3 الآية 83 من سورة البقرة.

4 الرسائل الشخصية، الرسالة 15، ص:101.

ص: 12

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 1

وقال تعالى:

{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 2

وأما متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فواجب على أمته متابعة في الاعتقادات والأقوال، والأفعال، قال الله تعالى:

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} 3،4

أ - إبطال التوسل بالأولياء والصالحين، ويتمثل ذلك في قطع الصلة بالقبور والمقبورين، إلا مما ندب إليه الشرع من محبة الصالحين، وأتباعهم، ومن زيادة القبور والاتعاظ بها،

يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في رسالة أرسلها إلى أهل المغرب:

"فمعلوم ما قد عمت به البلوى من حوادث الأمور التي أعظمها الإشراك بالله والتوجه إلى الموتى وسؤالهم النصر على الأعداء وقضاء الحاجات وتفريج الكربات التي لا يقدر

1 الآية 56 من سورة الذاريات.

2 الآية 36 من سورة النحل.

3 الآية 31 من سورة آل عمران.

4 الرسائل الشخصية، الرسالة 16، ص: 104- 106، بتصرف يسير.

ص: 13

عليها إلا رب الأرض والسموات، وكذلك التقرب إليهم بالنذور وذبح القربات، والاستغاثة بهم في كشف الشدائد وجلب الفوائد، إلى غير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله، وصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كصرف جميعها، لأنه سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك، ولا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا"1.

ج_ الكفر بالطواغيت والإعراض عن عبادتهم.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب:

"اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والدليل قوله تعالى:

{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 2

والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة:

الأول: الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله، والدليل قوله تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} 3

1 الرسائل الشخصية، الرسالة 17، ص:111.

2 الآية 36 من سورة النحل.

3 الآية 60 من سورة يس.

ص: 14

الثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى، والدليل قوله تعالى:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} 1

الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} 2

الرابع: الذي يدعي علم الغيب من دون الله، والدليل قوله تعالى:

{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} 3

الخامس: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة، والدليل قوله تعالى:

{وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ

1 الآية 60 من سورة النساء.

2 الآية 44 من سورة المائدة.

3 الآيتين 26، 27 من سورة الجن.

ص: 15

نَجْزِي الظَّالِمِينَ} 1، 2

ويقول رحمه الله في الرسالة التي بعث بها إلى عبد الله بن سحيم وعدد له فيها مجموعة من المسائل التي قرر العلماء كفر من التزمها:

"وأضيف إليها مسألة سادسة وهي إفتائي بكفر شمسان وأولاده ومن شابههم وسميتهم طواغيت، وذلك لأنهم يدعون الناس إلى عبادتهم من دون الله عبادة أعظم من عبادة اللات والعزى بأضعاف، وليس في كلامي مجازفة، بل هو الحق، لأن عباد اللات والعزى يعبدونها في الرخاء ويخلصون لله في الشدة، وعبادة هؤلاء أعظم من عبادتهم إياهم في شدائد البر والبحر"3

د- طرح البدع والخرافات:

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد أن ساق نصوصا لمحمد بن وضاح القرطبي في كتابه "البدع والنهي عنها" والتي تحتوي على التحذير من موالاة أهل البدع، قال:

"واعلم رحمك الله أن كلامه وما يأتي من كلام أمثاله من

1 الآية 29 من سورة الأنبياء.

2 مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، العقائد والآداب، ج1، مجموعة رسائل في التوحيد والإيمان، ص:376.

3 الرسائل الشخصية، الرسالة 11، ص:75.

ص: 16

السلف في معاداة أهل البدع والضلالة في ضلالة لا تخرج عن الملة، لكنهم شددوا في ذلك وحذروا منه لأمرين:

الأول: غلظ البدعة في الدين في نفسها فهي عندهم أجل من الكبار ويعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون به أهل الكبار، كما تجد في قلوب الناس أن الرافضي عندهم ولو كان عالما عابدا أبغض وأشد ذنبا من السني المجاهر بالكبائر.

الثاني: أن البدع تجر إلى الردة الصريحة كما وجد في كثير من أهل البدع 1

ويقول في رسالة أرسلها إلى عبد الله بن سحيم:

"نهانا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن البدع في دين الله ولو صحت نية فاعلها"2

ويقول كذلك في تفسيره لقوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 3

1 مجموعة المؤلفات، العقيدة والآداب، ج 1 كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد، ص:315.

2 الرسائل الشخصية، الرسالة 12، ص:84

3 الآية 77 من سورة الحج.

ص: 17