المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هكذا أنشده أبو الطيب اللغوي في الأضداد وقال: ((يريد إذا - أوهام شعراء العرب في المعاني

[أحمد تيمور باشا]

الفصل: هكذا أنشده أبو الطيب اللغوي في الأضداد وقال: ((يريد إذا

هكذا أنشده أبو الطيب اللغوي في الأضداد وقال: ((يريد إذا ضن الوحش بمقايله)) والأران على هذه الرواية إما الكناس، وإما موضع تنسب إليه البقر. وورد في اللسان على أن الأران الثور الوحشي برواية:

وكم من إران قد سلبت مقيله

إذا ضن بالوحش العتاق معاقله

(ومن القلب) قول بعضهم:

كأنّ ريقتها بعد الكرى اغتبقت

من مستكنّ نماه النحل في نيق

أو طعم غادية في جوف ذي حدب

من ساكب المزن يجري في الغرانيق

النيق (بكسر الأول) : أرفع موضع في الجبل، وأراد بذي حدب: ماء استنقع في موضع منخفض تحت جبل فبرد وصفا، كذا في الإقتضاب.

قال أبو الطيب في الأضداد: ((أي تجري الغرانيق فيه. والغرانيق: جمع غرنيق وهو طير الماء)) فجعله من المقلوب، والذي في اللسان: أنه أقام (في) مقام (مع) أي أنه أراد يجري مع الغرانيق. ومثله في أدب الكتاب لابن قتيبة وشرحه المسمى بالاقتضاب لابن السيد، وذكر أن الشعر لخراشة بن عمرو العبسي، وأن بعضهم رواه لعنترة بن شداد.

(ومن القلب) قول الراجز يشكو أذى البرغوث:

قد حكّني الأسيود الأسكُّ

بالليل حكًّا ليس فيه شكّ

أحكّ حتّى منكبي منفك

كذا رواه أبو الطيب في الأضداد وقال: ((يريد بالأسيود البرغوث ويريد حككته حكني)) .

ورواية اللسان:

ليلة حكّ ليس فيها شكّ

أحكّ حتّى ساعدي منفكّ

أسهرني الأسيود الأسكّ

(ومنه) قول الآخر:

وقد أراني في زمان ألعبه

في رونق من الشباب أعجبهْ

قال أبو الطيب: ((أي يعجبني، وقوله: ألعبه، أي في زمان ألعبه فيه)) .

قال أبو الطيب: ((أي يعجبني، وقوله: ألعبه، أي في زمان ألعب فيه)) .

(ومنه) قول الآخر:

قد صبّحت صبّحها السلامُ

بكبد خالطها السَّنام

في ساعة يحبّها الطعام

قال أبو الطيب: ((أي يحب فيها الطعام)) ومثله في اللسان.

(ومنه) قول الآخر:

وإذا تعاورت الأكفُّ زجاجها

نفحت فنال رياحها الزكومُ

قال أبو الطيب: ((يريد: فنالت رياحها الذكوم. والمذكوم نصب والرياح رفع)) (ومنه) قول الآخر:

من كنت في الحرب (العوان) مغمّراً

إذا شبّ حرُّ وقودها أجزالها

قال أبو الطيب: ((وإنما الأجزال هي التي شبت حر وقودها)) (ومن القلب) الواقع في كلام المولدين قول أبي تمام يصف قلم ممدوحه:

لعاب الأفاعي القاتلات لعابه

وأرى الجنى اشتارته أيد عواسل

أورده القزويني في الإيضاح شاهداً على القلب المتضمن الاعتبار اللطيف، ولم يتكلم عليه. والمراد أن الوجه فيه:(لعابه كلعاب الأفاعي) فعكس التشبيه للمبالغة، ولكن لا يخفى أنه يرد عليه ما ورد على قول رؤبة:(كأن لون أرضه سماؤه) المتقدم ذكره، فيعد من التشبيه المقلوب لا من القلب المراد هنا.

وزعم بعضهم: أن من المقلوب قول المتنبي:

وعذلتُ أهل العشق حتى ذقته

فعجبت كيف يموت من لا يعشق

لأنه عنده على تقدير: كيف لا يموت من يعشق، وخلاصة ما في شروح الديوان والوساطة والمغنى وعروس الأفراح أن لا قلب، لأن المراد أنه صار يرى أن لا سبب للموت سوى العشق، أي أن الأمر المتقرر في النفوس أن الموت أعلى مراتب الشدة، وإني لما ذقت العشق وعرفت شدته عجبت كيف يكون هذا الأمر الصعب المتفق على شدته غير العشق وكيف يجوز ألا تعم علته فتستولي على الناس حتى تكون مناياهم منه.

(ومن المقلوب) في رأي ابن جنى قول المتنبي أيضاً:

نحن ركب ملجنّ في زي ناس

فوق طير لها شخوص الجمال

لأن تقديره عنده: نحن ركب من الإنس في زي الجن فوق جمال لها شخوص الطير. قال ابن سنان الخفاجي في سر الفصاحة: ((وهذا عندي تعسف من أبي الفتح لا تقود إليه ضرورة، ومراد أبي الطيب المبالغة على حسب ما جرت به عادة الشعراء فيقول: نحن من الجن لجوبنا الفلاة والمهامه والقفار التي لا تسلك، وقلة فرقنا فيه إلا أننا في زي الإنس، وهم بلا شك كذلك. ونحن فوق طير من سرعة إبلنا إلا أن شخوصها شخوص الجمال، ولا خلاف أيضاً في هذا)) انتهى.

‌القسم السادس

ومن هذه الأوهام تغيير الأسماء، وهو ثلاثة أنواع: الأول: لفظي، وهو ما كان التغيير فيه في أحرف الاسم بالتقديم والتأخير، أو الزيادة والنقصان.

ص: 23

والثاني: معنوي، وهو ما وضع فيه اسم موضع آخر.

والثالث: جامع لهما، وهو ما وقع فيه التغييران كلاهما.

فالأول كقول الأسود بن يعفر يصف درعاً:

ودعا بمحكمة أمينٍ سكها

من نسج داود أبي سلّام

يريد: (أبي سليمان) فلما اضطر قال سلام وكقول الآخر:

وسائلة بثعلبة بن سيرْ

وقد علقت بثعلبة العلوق

يريد: ثعلبة بن سيار. ومثله كثير ولا كلام لنا فيه لخروجه عن مقصودنا.

والثاني: كقول حسيل بن سجيح الضبي يذكر درعاً:

وبيضاء من نسج داود نثرة

تخيّرتها يوم اللقاء الملابسا

فإن الدروع من نسج داود نفسه لا ابنه سليمان، وأكثر ما يقع هذا بذكر الإبن بدل الأب وعكسه. وخرجه التبريزي في شرح ديوان الحماسة على أنه من عادة العرب في إقامة الأب مقام الابن، والابن مقام الأب، وتسمية الشيء باسم غيره إذا كان من سببه.

والثالث: أي الجامع للفظي والمعنوي كقول الحطيئة:

فيه الرماح وفيه كلّ سابغة

بيضاء محكمة من نسج سلّام

وقول النابغة:

وكلّ صموت نثلة تبّعيّة

ونسج سليم كلّ قضّاء ذائل

قال القاضي الجرجاني في الوساطة: ((أراد داود فغلطا إلى سليمان، ثم حرفا اسمه فقال أحدهما: سلام، وقال الآخر: سليم)) انتهى.

وتبعهما أبو العلاء المعري فقال في الدرعيات:

سليميّة من كل قتر يحوطها

قتير نبت عنه الغواني الأوانسُ

(فمن المعنوي) قول الصلتان العبدي:

أرى الخطفى بذّ الفرزدق شعره

ولكنّ خيراً من كليب مجاشع

قال ابن مطرف في القرطين: ((أراد أرى جريراً بذ الفرزدق فلم يمكنه فذكر جده)) وفي خزانة البغدادي: ((أراد أرى جرير بن عطية بن الخطفى، وجاز هذا لكونه معلوماً عند المخاطب، وقد أنكر الخوارزمي كون هذا من باب الحذف وقال: إنما هو من باب تعدي اللقب من الأب إلى الابن كما في قوله:

كراجي الندى والعرف عند المذلّق

((أي ابن المذلّق)) انتهى.

(ومنه) قول حسان بن ثابت:

من معشر لا يغدرون بذمّة

الحارث بن حبيب بن سحام

قال القاضي الجرجاني في الوساطة: ((وإنما هو حبيب)) .

(ومنه) قول أوس بن حجر:

فهل لكم فيها إلىّ فإنّني

طبيب بما أعيى النطاسي حذيما

أراد ابن حذيم، وكان من أطباء العرب فذكر أباه.

وذهب ابن السكيت في شرحه لديوان أوس إلى حذيماً اسم الطبيب نفسه، وتبعه في ذلك صاحب القاموس، ولكن الأكثرين على أنه أبوه. واستشهد الزمخشري في الكشاف بهذا البيت على حذف المضاف لأمن اللبس، ولكن خالف كلامه في المفصل فجعله من المحذوف مع وجود اللبس، وأنشد معه قول ذي الرمة:

عشيّة فرّ الحارثيُّون بعدما

قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر

أي يزيد بن هوبر، وقد صوب البغدادي في خزانته قوله الأول بأن الإلباس وعدمه إنما يكون بالنسبة على المخاطب الذي يلقي المتكلم كلامه إليه لا بالنسبة إلى أمثالنا، فإنه وإن كان عندنا من قبيل الإلباس فهو مفهوم واضح عند المخاطب به في ذلك العصر.

(ومنه) قول الآخر يصف إبلاً:

صبّحن من كاظمة الخصّ الخربْ

يحملن عبّاس بن عبد المطّلب

قال ابن مطرف الكناني في القرطين: ((أراد عبد الله بن عباس فذكر أباه مكانه)) . وجعله ابن جنى في الخصائص من المحذوف لأمن اللبس فقال: ((وإنما أراد عبد الله بن عباس ولو لم يكن على الثقة بفهم ذلك لم يجد بدّاً من البيان)) . وأورده المبرد في الكامل، وأنشد معه للفرزدق في سليمان بن عبد الملك:

ورثتم ثياب المجد فهي لبوسكم

عن ابني مناف عبد شمس وهاشم

يريد ابن عبد مناف، وأنشد معه أيضاً قول كثير لما حبس عبد الله بن الزبير محمد ابن الحنفية في سجن عارم:

تخبّر من لاقيت إنَّك عائذ

بل العائذ المحبوس في سجن عارم

وصىّ النبيّ المصطفى وابن عمّه

وفكاك أعناق وقاضي مغارم

ص: 24

يريد ابن وصي النبي، وفي مادة (وصى) من اللسان:((أنما أراد ابن وصي النبي وابن ابن عمه، وهو الحسن بن علي، أو الحسين بن علي رضي الله عنهم، فأقام الوصي مقامها، ألا ترى أن علياً رضي الله عنه لم يكن في سجن عارم ولا سجن قط. قال ابن سيده: أنبأنا بذلك أبو العلاء عن أبي علي الفارسي، والأشهر أن محمد ابن الحنفية رضي الله عنه، حبسه عبد الله بن الزبير في سجن عارم، والقصيدة في شعر كثير مشهورة، والممدوح بها محمد ابن الحنفية)) انتهى.

(ومنه) قول دريد بن الصمة يرثي أخاه عبد الله:

فإن تعقب الأيّام والدهر فاعلموا

بني قارب أنَّا غضاب بمعبد

وأن كان عبد الله خلّى مكانه

فما كان طيّاشاً ولا رعش اليد

أراد بمعبد: عبد الله، وقد صرح به في البيت الثاني. والأقرب عد هذا من الخطأ اللفظي، أي بتحريف عبد بمعبد، وسهله له رجوع كلا اللفظين إلى معنى العبودة.

(ومنه) قول الآخر:

أرض تخيّرها الطيب مقيلها

كعب بن مامة وابن أمّ دواد

قال البغدادي في الخزانة: ((هو أبو دواد الشاعر، واسمه جارية، والتقدير ابن أم أبي دواد فحذف الأب)) .

(ومنه) ما ذكره السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه فقال: ((وأما ما لا يجوز في الشعر ولا في الكلام، فالغلط الذي يغلطه الشاعر في اسم أو غيره مما يظن أن الأمر فيه على ما قاله، كقوله:

والشيخ عثمان أبو عفّان

فظن أن عثمان يكنى أبو عفان، لأن اسم أبيه عفان، وإنما هو أبو عمرو فهذا مما لا يجوز)) .

(ومنه) قول لبيد يرثي عمه عامر بن مالك الملقب بملاعب الأسنة:

قوما تنوحان مع الأنواح

وأبِّنا ملاعب الرماح

وقوله فيه:

لو أنّ حيًّا مدرك الفلاح

أدركه ملاعب الرماح

فاضطرته القافية إلى تلقيبه بلقب غيره، لأن ملاعب الرماح هو عامر بن الطفيل. هذا على ما جاء في موارد البصائر ومادتي (رمح) و (لعب) من اللسان. وجاء في مادة (رمح) من القاموس:((وملاعب الرماح: عامر بن مالك بن جعفر، والمعروف ملاعب الأسنة، وجعله لبيد رماحاً للقافية)) إلا أنه اقتصر فيه على المشهور في مادة (لعب) .

(ومنه) قول زهير:

فتنتج لكم غلمان أشأم كلّهم

كأحمر عاد ثمّ ترضع فتفطم

فذكره أنه أخطأ في قوله كأحمر عاد، وهو أحمر ثمود، وقال بعض أهل اللغة: العرب تسمى ثمود: عاداً الآخرة، وتسمى قوم هود: عاداً الأولى، فقول زهير صحيح.

(ومنه) قول النمر بن تولب:

هلَّا سألت بعادياء وبيته

والخلّ والخمر التي لم تمنع

وفتاتهم عنز عشيّة أبصرت

من بعد مرأى في القضاء ومسمع

قالت أرى رجلاً يقلِّب نعله

أصلاً وجوٌّ آمن لم يفزع

وعنز (بفتح فسكون) : اسم زرقاء اليمامة، وكانت على ما زعموا تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، وهي من جديس، فجعلها الشاعر من بيت (عادياء) وهو أبو السموءل الأزدي الغساني، فأخطأ في وضعه اسماً موضع آخر.

وقال بعضهم: أراد بعادياء: عاداً، والعرب تقول: لكل شيء قديم عادي.

قلنا: وعلى هذا القول فهو من الخطأ اللفظي بتحريف عاد بعادياء. والأقرب في الاعتذار عنه قول ابن حبيب في شرحه لديوانه: ((نسب عنزاً إلى بيت عادياء، وليست منهم، وإنما كان شيئاً في أول الدهر فنسبه إلى بعضهم، كما قال زهير كأحمر عاد وإنما كان في ثمود)) .

(ومنه) قول البحتري من المولدين:

هم ثأروا الأخدود ليلة أغرقت

رماحهم في لجّة البحر تبَّعا

قال أبو العلاء المعري في عبث الوليد: ((الذي غرق من ملوك اليمن في البحر لما أرهقته الحبشة هو ذو نواس الحميري، ولم يكن يقال له تبع إلا أن هذا يحتمله الشعر على أن يجعل كل ملك للعرب تبعاً، كما جعلوا كل ملك للروم قيصر، وكل ملك من ملوك الحيرة النعمان)) .

ص: 25