المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌67 - ((صلَّوا خلفَ كلِّ بَرٍ وفاجرٍ، وصلَّوا عَلى كُلِّ بَرٍ - النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة - جـ ١

[أبو إسحق الحويني]

الفصل: ‌ ‌67 - ((صلَّوا خلفَ كلِّ بَرٍ وفاجرٍ، وصلَّوا عَلى كُلِّ بَرٍ

‌67

- ((صلَّوا خلفَ كلِّ بَرٍ وفاجرٍ، وصلَّوا عَلى كُلِّ بَرٍ وفاجرٍ. وَجاهدوا مَعَ كُلِّ بَرٍ وفاجرٍ)) . (1)

(1) 67- ضعيف.

روي من حديث علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي الدرداء، وواثلة ابن الأسقع، رضي الله عنهم جميعاً.

أولاً: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

أخرجه الدارقطني (2/ 57) ، ومن طريق ابن الجوزي في ((الواهيات)) (710) من طريق أبي إسحاق القنسريني، ثنا فرات بن سليمان، عن محمد بن علوان، عن الحارث، عن علي مرفوعاً:((من أصل الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل أمير، ولك أجرك والصلاة على كل من مات من أهل القبلة)) . قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح)) . والحارث قال ابن المديني: كان كذاباً. وفرات بن سليمان، قال ابن حبان: منكر الحديث جداً؛ يأتي بما لا شك أنه معمول)) .

قلت: هكذا يكون الغلو!! والحارث لَيسَ بكذاب، وإن كَانَ واهياً. وأما فرات بن سليمان، كذا والصواب: سلمان، بغير ياء، فَقَدْ ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (3/ 2/ 80) وحكى عن أبيه أنه قَالَ:((لا بأس بهِ، ومحله الصدق، وصالح الحديث)) . وإنما قالَ ابن حبان مقالته هَذهِ في = = ((فرات بن سليم)) كما في ((المجروحين)) (2/ 207) ، فهذا من أوهام ابن الجوزي الناتجة عن تسرعه [ولم ينتبه الزيلعي لذلك فتبعه كما في ((نصب الراية)) (2/ 28) ] ومما يدل على ذلك أنه ذكر في كتابه ((الضعفاء)) فرات بن سليم رقم (2696) ، دون ((فرات بن سلمان)) وذهل ابن الجوزي عن حال أبي إسحاق القنسريني فإنه مجهول كما قال الذهبي في ((الميزان)) (4/ 489) وكذا محمد بن علوان فإنه مجهول كما قال أبو حاتم، على ما ذكره ولده في ((الجرح والتعديل)) (4/ 1/ 49) . فالسند ساقط.

ثانياً: حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وله عنه طريقان: الأول: مكحول، عنهُ، أخرجه أبو داود (2/ 304- 7/ 207 عون) ، والدارقطني (2/ 57) ، والبيهقي (3/ 121) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 418- 419) من طريق معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ حديث الباب. قالَ الدارقطني:((مكحول لم يسمع من أبي هريرة، ومن دونه ثقات)) . وقال البيهقي. ((إسناده صحيح، إلا أن فيه إرسالا بين مكحول، وأبي هريرة)) . وكذا أعله ابن الجوزي، والمنذري، وابن التركماني، وغيرهم. غير أن ابن الجوزي انفرد عنهم بذكر علة أخرى، هي عجيبة من الأعاجيب، وهي قوله:((ومعاوية بن صالح، قال الرازي: لا يحتج به)) . قلت: أما معلوية بن صالح فإنه ثقة وله أفراد، فلا يليق إعلال الحديث به، أو كلما رأيت غمزا في الثقة سارعت بإحضاره؟! وقدْ رد عليهِ ابن عبد الهادي هذه العلة. وله طريق آخر عن مكحول. أخرجه الدارقطني (2/56) ، وعنه ابن الجوزي (1/422) من طرق بقية، سمعت الأشعث، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعاً:((الصلاة واجبة عليكم مع كل أمير، براً كانَ أو فاجراً، وإن عمل بالكبائر، والجهاد واجب عليكم مع كل أمير، براً كانَ أو فاجراً، وإن عمل بالكبائر، والصلاة واجبة على كل مسلم يموت، برا كانَ أو فاجراً، وإن عمل بالكبائر)) . قال ابن الجوزي: ((أشعث مجروح، وبقية لا يقوم على روايته، وقال الدارقطني: مكحول لم يلق أبا هريرة)) .

الثاني: أبو صالح، عنه - أخرجه الدارقطني (2/ 55) ، وعنه ابن الجوزي (1/ 421- 422) من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً:((سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا فيما وافق الحق، وصلوا وراءهم، فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم)) . قال ابن الجوزي: ((عبد الله بن محمد بن يحيى، قال أبو حاتم الرازي: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن حبان:((لا يحل كتب حديثه)) أ. هـ. قلت: وذكره ابن عدي في ((الكامل)) (4/ 1501- 1502)، وقال:((ولعبد الله بن محمد بن عروة غير ما ذكرت من الحديث، وأحاديثه عامتها مما لا يتابعه الثقات عليه، ولم أجد من المتقدمين فيه كلاماً، ولم أجد بدأ من ذكره لما رأيت من أحاديثه أنها غير محفوظة، لما شرطت في أول الكتاب)) . =

=قلت: فكأنه لم يقف على كلام أبي حاتم الرازي غير أن آخر الحديث قد صح من وجه آخر. أعني قوله: ((فإن أحسنوا فلكم ولهم

الخ) . فأخرجه أبو داود (580) ، وابن ماجه (983) ، وأحمد (

) ، والطيالسي (1004) ، وابن خزيمة (1513) ، وابن حبان (ج 3/ رقم 2218) ، والطحاوي في ((المشكل)) (3/ 54) ، والحاكم (1/ 209، 213) ، والبيهقي (3/ 127) من طريق أبي علي الهمداني، قال سمعت عقبة بن عامر مرفوعاً:((من أمّ الناس فأصاب، فالصلاة لهُ ولهم، ومن انتقص من ذلكَ شيئاً، فعليه ولا عليهم)) . وقال الحاكم: ((صحيح على شرط البخاري شيئاً. ومن اختلف في سند هذا الحديث، وهل الذي رواه عن أبي علي هو عبد الرحمن بن حرملة، أو حرملة بن عمران

[وانظر ((التاريخ الكبير)) للبخاري (1/ 1/160) ] ؟! وليس ههنا موضع شرح ذلكَ. والحاصل أن الحديث صحيح. وأخرج البخاري (2/187 - فتح) من حديث أبي هريرة مرفوعاً. ((يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) . وأخرجه البيهقي (3/ 126- 127) وغيره. وهناك غير ما حديث في هذا الباب.

ثالثاً: حديث ابن مسعود، رضي الله عنه.

أخرجه الدارقطني (2/ 57) وعن طريقه ابن الجوزي (1/ 419- 420) من طريق عمر بن صبح، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود، عن ابن مسعود مرفوعاً:((ثلاث من السنة: الصف خلف كل إمام، لك صلاتك، وعليه أثمة. والجهاد مع كل أمير، لك جهادك، وعليه شره. والصلاة على كل ميت من أهل القبلة، وإن كان قاتل نفسه)) .

قلت: وسنده ضعيف جداً. وعمر بن صبح كذبه الأزدي، وقال ابن حبان:((كان ممن يضع الحديث)) . وتركه الدارقطني وغيره.

رابعاً: حديث ابن عمر، رضي الله عنهما.

وله عنه طرق:

الأول: مجاهد، عنه مرفوعاً:((صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا وراء من قال: لا إله إلا الله)) . أخرجه الدارقطني (2/ 56) ، والخطيب (6/ 309و 11/ 293) وابن الجوزي (1/ 420) من طريق محمد بن الفضل، نا سالم الأفطس، عن مجاهد.

قلت: وسنده واه جداً. محمد بن الفضل كذبه ابن معين، واتهمه أحمد، وتركه النسائي. وخالفه سويد بن عمرو، فرواه عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. فجعل شيخ سالم الأفطس:

((سعيد بن جبير)) بدل ((مجاهد)) - أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (10/ 320) من طريق نصر بن الحريش، عن المشمعل بن ملحان، عن سويد به. وسنده ضعيف. نصر، ضعفه الدارقطني كما في

((تاريخ بغداد)) (13/ 286) والمشمعل قال ابن معين: ((ما أرى به بأساً)) . ووثقه بن حبان. وضعفه الدارقطني. فطريق سويد أرجح من طريق محمد بن الفضل.

الثاني: عطاء بن أبي رباح، عنهُ. أخرجه الدارقطني (2/56) ، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان))

(2/317) ، وابن الجوزي (1/420) من طريق عثمان بن عبد الرحمن، عن عطاء، قالَ ابن الجوزي:((وعثمان، قالَ يحيى: ليس بشيء كانَ يكذب، وقال البخاري والنسائي وأبو داود: ليس بشيء. وقال الدارقطني: متروك)) .

قلت: وله طريق آخر، عن نافع، عن ابن عمر ومداره على بعض الكذابين كوهب بن وهب، وخالد بن إسماعيل.

خامساً: حديث أبي الدرداء، رضي الله عنه.

أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 90) ومن طريقه ابن الجوزي (1/ 423) من طريق

عبد الجبار بن الحجاج بن ميمون، عن مكرم بن حكيم، عن منير بن سيف، عن أبي الدرداء مرفوعاً:.. صلوا خلف كل إمام، وقاتلوا مع كل أمير)) . قال العقيلي:((عبد الجبار، عن مكرمة بن حكيم، إسناده مجهول غير محفوظ، وليس في هذا المتن إسناده ثابت)) .

قلت: وعبد الجبار هذا تركه الأزدي. ومكرم بن حكيم قالَ في ((الميزان)) : ((روى خبراً باطلاً، قال الأزدي: ليس حديثه بشيء)) . ومنير بن سيف، كذا وقع عند العقيلي، والصواب:((سيف ابن منير)) . قال في ((الميزان)) : ((سيف بن منير عن أبي الدرداء، يجهل، وضعفه الدارقطني لكونه أتى بأمر معضل عن أبي الدرداء مرفوعاً: لا تكفروا أهل ملتي وإن عملوا الكبائر. لكنه من رواية مكرم بن حكيم أحد الضعفاء عنه)) . فالسند ساقط لأنه مسلسل بالعلل.

سادساً: حديث واثلة بن الأسقع، رضي الله عنه.

أخرجه الدارقطني (2/ 57) ، وابن الجوزي (1/ 422- 423) من طريق الحارث بن نبهان، ثنا عتبة بن اليقظان، عن أبي سعيد، عن مكحول، عن واثلة مرفوعاً. ((لا تكفروا أهل قبلتكم وإن عملوا الكبائر، وصلوا مع كل إمام، وجاهدوا مع كل أمير، وصلوا على كل ميت)) . قال ابن الجوزي:

((عتبة بن اليقظان قال علي بن الحسين بن الجنيد: لا يساوي شيئاً. وفيه الحارث بن بنهان. قال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك. وقال ابن حبان: لا يحتج به. وأبو سعيد قال الدارقطني: مجهول)) أ. هـ. وقد أختلف على الحارث بن نبهان في إسناده كما في ((سنن الدارقطني)) .

وبالجملة فالحديث ضعيف جداً ولذا قال الدارقطني: ((ليس فيه شيء يثبت)) . وقال أحمد: ((ما سمعنا بهذا)) .

أما الصلاة خلف الفاسق فجائزة بالإجماع، ولها قيود ذكرتها في ((بذل الإحسان)) . (772) فالحمد لله على التوفيق.

ص: 84