المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: الإشهاد على العقد بالمهاتفة ومدى صحته - إبرام عقود النكاح عبر وسائل الاتصالات الحديثة - دراسة فقهية حديثية

[عبد المنان التالبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌أولا:‌‌ تعريف العقد لغةواصطلاحاً

- ‌ تعريف العقد لغة

- ‌تعريف العقد اصطلاحاً:

- ‌ثانياً:‌‌ تعريف النكاح لغةوشرعاً

- ‌ تعريف النكاح لغة

- ‌تعريف النكاح شرعاً:

- ‌ثالثاً: تعريف الإنترنت

- ‌رابعاً: تعريف الهاتف

- ‌حقيقة الزواج عبر وسائل الاتصالات الحديثة

- ‌أولاً: صورة الزواج عبر الإنترنت

- ‌أـ برامج البال توك:

- ‌ب ـ برنامج الإيسكايبي:

- ‌ج ـ الهوتميل ـ الماسنجر:

- ‌ثانياً: مميزات عقد النكاح عبر وسائل الاتصالات الحديثة

- ‌ثالثاً: عيوب عقد النكاح عبر وسائل الاتصالات

- ‌عقد النكاح عبر وسائل الاتصالات الحديثة له صور متعددة يبينها الباحث من خلال الآتي:

- ‌أولاً: العقد عن طريق الكتابة

- ‌القول الأول: يمنع من إبرام عقود النكاح عن طريق الكتابة بوسائل الاتصالات الحديثة

- ‌القول الثاني: يُجّوز عقد النكاح بالمكاتبة

- ‌ثانياً: العقد عن طريق المهاتفة

- ‌أولاً: صور ة عقد النكاح عن طريق المهاتفة

- ‌ثانياً: خلاف الفقهاء في إبرام عقد النكاح بالمهاتفة

- ‌ثالثاً: الإشهاد على العقد بالمهاتفة ومدى صحته

- ‌التوصيات:

الفصل: ‌ثالثا: الإشهاد على العقد بالمهاتفة ومدى صحته

5 ـ الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر قال في موجز إجابته لسؤال عن حكم الزواج عن طريقة الإنترنت: "إن عقد الزواج عن طريق الإنترنت أمر يحتاج إلى توثيق له من المأذون الشرعي ليكون متأكداً من رضا الزوجين معاً بالشهود وحضور الولي الشرعي ويتحقق المأذون من وجودهم جميعاً ليوثق عقد الزواج، أما أن يتم التراسل بينهم عن طريق الإنترنت دون أن يلتقيا في مكان واحد وبدون وجود شهود فإن هذا الزواج عبر التراسل لا يجوز لأنه لا يستوفي أركانه وشروطه الشرعية ....... "

(1)

.

6 ـ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

(2)

.

7 ـ الدكتور عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الناصر

(3)

.

8 ـ ربحي الجديلي

(4)

.

القول الثالث: الجواز عند أمن التلاعب.

وهذا ما أفتى به الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله مفتي المملكة العربية السعودية سابقاً حيث قال في سؤال قدم له مفاده: أريد أن أعقد على فتاة وأبوها في بلد آخر ولا أستطيع الآن

أن أسافر إليه لنجتمع جميعا لإجراء العقد وذلك لظروف مالية أو غيرها وأنا في بلاد الغربة فهل يجوز أن أتّصل بأبيها ويقول لي: زوجتك ابنتي فلانة. وأقول: قبلت، والفتاة راضية، وهناك شاهدان مسلمان يسمعان كلامي وكلامه بمكبر الصوت عبر الهاتف؟ وهل يعتبر هذا عقد نكاح شرعي؟

" فأجاب بأنّ ما ذُكر إذا كان صحيحا (ولم يكن فيه تلاعب) فإنه يحصل به المقصود من شروط عقد النّكاح الشّرعي ويصحّ العقد "

(5)

.

‌ثالثاً: الإشهاد على العقد بالمهاتفة ومدى صحته

.

الإشهاد على عقد النكاح بالمهاتفة مبني على مسألة: حكم شهادة الأعمى على ما سمعه من الاصوات.

وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين

(6)

:

القول الأول: أن شهادة الأعمى على ما سمعه من الأصوات غير مقبولة، وهذا مذهب الحنفية والشافعية.

قال الكاساني: : لا تقبل شهادة الأعمى في سائر المواضع؛ لأنه لا يميز بين المشهود له والمشهود عليه ولأنه ليس من أهل الشهادة "

(7)

.

(1)

ـ 6/ 2/2001 Islamoline.Net.

(2)

ـ ملتقى أهل الحديث، 16/ 4/1426 هـ.

(3)

ـ العقود الإلكترونية، دراسة فقهية مقارنة: عبدالله بن إبراهيم بن عبدالله الناصر، ص ـ 18_19.

(4)

ـ حكم إجراء العقود بوسائل الاتصالات الحديثة: ربحي الجد يلي، صـ 27_29.

(5)

ـ فتاوى ابن باز، فتوى رقم (2201).

(6)

ـ عقد الزواج عبر الإنترنت: عبدالإله بن مزروع المزروع بتصرف، ص 7.

(7)

ـ بدائع الصنائع: الكاساني، 3/ 243.

ص: 12

قال الشافعي: "فإن شهد وهو أعمى على شيء قال أُثبته كما أثبت كل شيء بالصوت أو الحس فلا تجوز شهادته لأن الصوت يشبه الصوت، والحس يشبه الحس"

(1)

.

استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها

(2)

:

1 ـ قوله تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير} [فاطر: 19].

وجه الشاهد: أن الآية الكريمة دلت على عدم استواء الأعمى والبصير بإطلاق، ويدخل في ذلك الشهادة، فلا تستوي شهادتهما.

ويمكن أن يناقش: بأن الدليل المقيد قد ورد في ذلك فلم يبق في الاستدلال حجة.

2 ـ حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة: ((فقال: هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: فعلى مثلها فاشهد أودع))

(3)

.

وجه الدلالة: أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الشمس تنبيه على المعاينة، بدليل أنه لا تجوز الشهادة على أحد بلمسه، أو بشمه، فكذلك سماع كلامه

(4)

.

ويناقش الدليل من وجهين:

الوجه الأول: أن هذا الحديث لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والوجه الثاني: أنه على فرض ثبوته، فإنه لا يدل على رد شهادة الأعمى، إذ إن مراد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو التحقق من الأمر المشهود عليه وذلك قد يحصل بالنظر، وقد يحصل بغيره.

3 ـ حديث أبي مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب: أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة تستره فقال:(من هذه؟ ) فقلت أنا أم هانئ

(5)

.

(1)

ـ الأم: محمد بن إدريس الشافعي. دار المعرفة: بيروت، 7/ 46.

(2)

ـ عقد الزواج عبر الإنترنت: المزروع بتصرف، ص 8.

(3)

ـ أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الأحكام، حديث رقم (7045)، وأبو نعيم في الحلية 4/ 18، قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي: فقال بل هو حديث واه فإن محمد بن سليمان بن مشمول ضعفه غير واحد، ينظر: نصب الراية للزيلعي 4/ 82.

وضعف هذا الحديث ابن الملقن في البدر المنير 9/ 671، وابن حجر في التلخيص الحبير 4/ 198.

(4)

ـ الذخيرة 10/ 164.

(5)

ـ أخرجه البخاري في الصحيح، باب: التستر في الغسل، رقم الحديث (276).

ص: 13

قال ابن عبدالبر: ((وقد احتج بهذا الحديث من رد شهادة الأعمى، وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يميز صوت أم هانئ مع علمه بها، حتى قال لها: من هذه؟ فقالت: أنا أم هانئ، فلم يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم صوتها لأنه لم يرها، وكل من لا يرى فذلك أحرى))

(1)

.

ويناقش:

بعدم التسليم، إذ إنه لم يرد في الحديث أن أم هانئ قد تكلمت قبل أن يسألها النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبق في الحديث دلالة، ثم لو فرض أنها تكلمت فإن عدم تمييز النبي صلى الله عليه وسلم لصوتها لا يدل على رد شهادة الأعمى، إذ إن الأعمى لا يجوز له الشهادة على ما لم يميزه من الأصوات بالاتفاق.

القول الثاني: أن شهادة الأعمى على ما سمعه من الأصوات مقبولة إذا تيقن الصوت، وهذا مذب المالكية والحنابلة.

قال في المدونة: هل تجوز شهادة الأعمى في الطلاق قال مالك: "نعم إذا عرف الصوت"

(2)

.

قال ابن قدامة: "وتجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت"

(3)

.

ـ استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها

(4)

:

1 ـ قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم .. } [التوبة: 282].

وجه الدلالة: أن الله أمر بالاستشهاد ولم يفرق بين الاعمى والبصير فدل على العموم.

2 ـ حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن، أو قال حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم))

(5)

.

وجه الدلالة:

يظهر وجه الدلالة من هذا الحديث من وجهين:

الوجه الأول: أن أذان ابن أم مكتوم يعد شهادة منه على دخول الوقت، ولو كانت شهادته غير مقبولة لما جاز له التأذين.

الوجه الثاني: أن من يستمع لأذانه هو في حكم الأعمى لأنه لا يراه، ومع ذلك يصح له أن يشهد أنه سمع صوته

(6)

.

3 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل ابن أم مكتوم على المدينة إذا سافر، ولو كانت شهادته غير مقبولة لما استعمله

(7)

.

(1)

ـ الاستذكار لابن عبدالبر 2/ 261، وانظر: شرح الزرقاني 1/ 432.

(2)

ـ المدونة، 5/ 122.

(3)

ـ المغني: ابن قدامة المقدسي، 12/ 62.

(4)

ـ عقد الزواج عبر الإنترنت: المزروع بتصرف، ص.1 ــ ص 11.

(5)

ـ أخرجه البخاري في الصحيح، باب: شهادة الأعمى، حديث رقم (2513).

(6)

ـ ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال 8/ 32، التمهيد لابن عبد البر 10/ 61، شرح النووي على مسلم 7/ 202، فتح الباري لابن رجب 3/ 500، طرح التثريب للعراقي 2/ 185، فتح الباري لابن حجر 5/ 265.

(7)

ـ مصنف عبدالرزاق 8/ 323.

ص: 14

الراجح:

يميل الباحث إلى مذهب القائلين بجواز انعقاد النكاح بوسائل الاتصالات الحديثة مكاتبة ومهاتفة مع مراعاة الشروط والضوابط والاحتياطات الآتية ومع أمن التلاعب والتدليس.

مناقشة أدلة المانعين:

أـ يظهر أن الإشكالات التي أوردها الفقهاء قديماً على إجراء عقد النكاح بالمكاتبة قد حُلّت بطرق الاتصال الحديثة.

ـ فاشتراطهم الموالاة بين الإيجاب والقبول أصبح ممكناً اليوم إذ إن العقد بالمكاتبة يتم في مجلس واحد ويتصل فيه الإيجاب والقبول بفاصل يسير.

ـ كما أن الشهود يمكنهم في مجلس العقد الاطلاع على الكتابة لحظة وصول الرسالة عبر شبكات الإنترنت وإعلان المرسل إليه القبول أمامهم.

ـ وكون إبرام العقد بين غائبين لا حرج فيه، فالعاقدان غائبان بأشخاصهما ولكنهما يعقدان عقد الحاضرين ، فوسائل الاتصال ألغت المسافات وقربت بين المتباعدين.

ـ ما علل به مجمع الفقه الإسلامي المنع بعدم وجود الإشهاد، غير مقبول فالشهود يسمعون الخطاب مهاتفة ويطلعون على الرسالة كتابة.

ب ـ وأما تعليل اللجنة الدائمة للإفتاء المنع بالتحوط في الفروج فهذا أمر معتبر ولكن الباحث لا يوافق على المنع، فالتحوط يلزم من اتخاذ الإجراءات التي تضمن سلامة إجراء العقد ولكنها لا تمنع ذلك فالشريعة وإن اعتنت بحفظ الفروج والأعراض واحتاطت في ذلك لكنها في المقابل جاءت بالتعريف على المكلفين في أمور معاملاتهم وعقودهم وعاداتهم ويمكن التحوط بالآتي:

1 ـ الأصل هو إجراء عقد النكاح بصورته المعهودة منذ صدر الإسلام وحتى يومنا هذا من اجتماع العاقدين والشهود في مجلس واحد والجواز الذي تحدثنا عنه إنما هو في أحوال ضيقة ولفئة محدودة من الناس لا تسمح لهم ظروفهم من الالتقاء في مجلس العقد.

2 ـ أن يتم العقد عن طريق التوكيل فقد ذكر الفقهاء جواز التوكيل من قبل الزوج أو من قبل الولي الشرعي فالتوكيل لعقد النكاح بين المتباعدين فيه احتياط وخروج من الخلاف.

3 ـ أن يقتصر عقد النكاح بالوسائل الحديثة على حالات الضرورة وعلى المتباعدين عن الأوطان الذين لا يمكنهم الالتقاء في مجلس واحد.

ص: 15