المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل السادس في مراتب النهي عن المنكر اعلم أن الناهي عن المنكر - بغية الإربة في معرفة أحكام الحسبة لابن الديبع

[ابن الديبع الشيباني]

الفصل: ‌ ‌الفصل السادس في مراتب النهي عن المنكر اعلم أن الناهي عن المنكر

‌الفصل السادس

في مراتب النهي عن المنكر

اعلم أن الناهي عن المنكر يغير أولا باليد، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، ولا يكفي الوعظ لمن يمكنه الإزالة باليد، ولا يكفي بالقلب لمن يقدر على النهي باللسان، ويرفق بالجاهل أو الظالم الذي يخاف شره، وليس للآمر والناهي البحث والتجسس ولا اقتحام الدور بالظنون، وإن غلب على الظن إستسرار قوم بالمنكر بآثار وإمارات، فإن كان مما يفوت تداركه بأن أخبره ثقة أن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها جاز التجسس والإقدام على الكشف، وإن لم يثبت تداركه فلا يجوز، ولو خاف الآمر والناهي على نفسه، أو على غيره مفسدة أعظم من مفسدة المنكر الواقع سقط الوجوب.

‌خاتمة

قال الإمام أبو الحسن الماوردي رحمه الله في كتابه الأحكام السلطانية: لو ظن المحتسب برجل أنه لا يغتسل من الجنابة، أو لا يصلي، أو لا يصوم لم يأخذه بالنقمة، ولو رآه يأكل في رمضان لم يؤذيه إلا بعد سؤاله عن الأكل فإن ذكر عذرًا كالمرض والسفر، واحتمال حاله ذلك كف عنه وأمره بإخفاء الأكل، كما لو علم عذره، ولو رأي من يسأل وعلم أنه غني بمال، أو عمل منعه وأدبه، ولو رأى عليه آثار الغنى أعلمه بالتحريم

ص: 80

[على المستغني عنها]، ولم يمنعه [لجواز أن يكون في الباطل فقيرا]، ولو رآه قويا جلدا منعه فإن أبا عزره، ويمنع من التطفيف في المكيال والميزان، والذرع، فإن استراب في ذلك فله أن يختبرها ويعايرها، ولو جعل على المعاير الصحيح (ختما)، لا (يتعاملون) إلا به كان أحفظ وأحوط، ولو رأى من يطفف فإن توفر علمه وحسنت طريقته قدره، وإلا منعه، ويأخذ أهل الذمة بالغيار، وما شرط عليهم في القول في

ص: 81

عزير وعيسى عليهما الصلاة والسلام، وينكر على من (يطيل)(الصلاة) إلى أن يعجز عنها الضعفاء، وينكر على أهل السفن حمل ما لا تحتمله، ويخاف منه الغرق وكذا اليسير في اشتداد الريح، ولو كان فيهم النساء نصب لها مخارج للبراز، ولو بنى قوم في طريق (سابل) منعهم، وإن اتسع الطريق ويأمرهم بهدم البناء وإن كان مسجدًا،

ص: 82

ويمنع من نقل الموتى من قبر إلى أخر (لعدم جوازه)، ومن بقعة إلى أخرى، ويمنع من خضاب الشيب بالسواد إلا للجهاد، ومن التصبيغ للنساء، ومن التكسب بالكهانة، ويؤدب عليه الآخذ والمعطى.

والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب، انتهى ما أردت جمعه من هذه الأوراق بتوفيق الملك الخلاق، وهي مع حجمها الصغير مشتملة على علم كبير، فأسأل الله التوفيق، وأن ينفع بذلك المسلمين، وأن يجعله لي ذخيرة يوم الدين.

وصلى الله على سيدنا محمد و [على] آله وصحبه وسلم.

والحمد لله رب العالمين.

ص: 83