المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الركن الرابعالاحتساب وله درجات - بغية الإربة في معرفة أحكام الحسبة لابن الديبع

[ابن الديبع الشيباني]

الفصل: ‌الركن الرابعالاحتساب وله درجات

غير أن يناله تعب في بدنه أو خسران في حاله، أو نقص في جاهه وجب الدفع، وفيه نظر لأن الدفع من المال غير واجب، وتثبت الحسبة على الوالد بالتعريف، والوعظ والنصح وكسر العود وإراقة الخمر، ورد ما غصب إلى ما مالكه، وإبطال الصور المنقوشة على حيطانه والمنقورة في خشب بيته، وليس عليه الحسبة بالسب والتعنيف والتهديد، وهذا الترتيب يجري في العبد مع سيده، والزوجة مع الزوج، وأما الرعية مع السلطان فليس لهم إلا التعريف والنصح، وأما التلميذ مع الأستاذ فأمره أحق لأن المحترم هو الأستاذ المفيد للعلم من حيث الدين ولا حرمة لعالم لا يعمل بعلمه، وله أن (يعامله) بموجب علمه الذي يعلمه منه.

‌الركن الرابع

الاحتساب وله درجات

الأولى: التعرف لا التجسس، وهو حرام فلا يجوز أن يسترق السمع على دار غيره يسمع الأوتار، ولا أن يستنشق [ليدرك] رائحة الخمر، ولا أن يستخبر جيرانه ليخبروه بما (جرى) في داره، نعم لو أخبره عدلان ابتداء بأن (فلانًا) يشرب في داره الخمر، أو في داره خمر أعدها للشرب فله الهجوم على داره، وإن

ص: 64

أخبره عبدان، أو عدل واحد فالأولى أن يمتنع.

الثانية: التعريف فإنه يعذر بالجهل فيجب تعريفه باللطف بلا عنف، كما لو رأى سواديًا يصلي ولا يحسن الركوع والسجود، فيقول له خفية إن الإنسان لا يولد عالمًا، وقد كنا جاهلين بأمور الصلاة فلعل قريتك خالية من أهل العلم، أو عالمها مقصر في شرح الصلاة وإيضاحها وهكذا يتلطف [من غير إيذاء] فإن إيذاء المسلم حرام. كما أن تقريره على المنكر حرام، ومن أستبدل (السكوت) عن النهي [فهو كمن] غسل البول بالدم، ولا يفعله عاقل.

الثالثة النهي بالوعظ والنصح، والتخويف بالله، ويورد على ذلك الأخبار الواردة بالوعيد فيه، ويحكي للمواعظ بسيرة وعادة المتقين.

ص: 65

الرابعة: السب والتعنيف والأقوال الغليظة كقوله يا فاسق، يا فاجر، يا أحمق، يا جاهل، يا غبي، ولا يفحش، في القول بما فيه نسبته إلى الزنا، ومقدماته ولا إلى الكذب.

الخامسة: التغيير للمنكر باليد ككسر الملاهي، وإراقة الخمر، وخلع الحرير من رأسه [وعن بدنه]، وإخراجه من الدار المغصوبة.

ص: 66

السادسة: التهديد والتخويف بعقوبة كقوله دع [عنك] هذا وإلا كسرت رأسك، أو لأمرن به ونحوهما، ولا يخوفه بما لا يجوز كقوله لأنهبن دارك، لأضربن ولدك.

السابعة: مباشرة الضرب باليد والرجل بقدر الحاجة، فإن احتاج إلى شهر السلاح فله ذلك.

الثامنة: أن [لا يقدر عليه بنفسه ويحتاج إلى أعوان يُشهرون السلاح] إن احتاج إليه، فإن تقابلا صفان، وتقاتلا فهو كما قال بعضهم إلى بعض.

ص: 67