الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث العشرون: شرط صحّة الصلاة
.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ - إِذَا أَحْدَثَ - حتى يتوضأ" متفق عليه1.
يدل الحديث بمنطوقه: أن من لم يتوضأ إذا أحدث فصلاته غير مقبولة: أي غير صحيحة، ولا مجزئة، وبمفهومه2: أن من توضأ قبلت صلاته: أي مع بقية ما يجب ويشترط للصلاة؛ لأن الشارع يعلق كثيراً من الأحكام على أمور معينة لا تكفي وحدها لترتب الحكم، حتى ينظم إليها بقية الشروط، وحتى تنتفي الموانع. وهذا الأصل الشرعي متفق عليه بين أهل العلم؛ لأن العبادة التي تحتوي على أمور كثيرة - كالصلاة مثلاً - لا يشترط أن تجمع أحكامها في كلام الشارع في موضع واحد، بل يجمع جميع ما ورد فيها من الأحكام، فيؤخذ مجموع أحكامها من نصوص متعددة. وهذا من أكبر الأسباب لوضع الفقهاء علوم الفقه والأحكام، وترتيبها وتبويبها، وضم الأجناس والأنواع بعضها لبعض للتقريب على غيرهم. فلهم في ذلك اليد البيضاء فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
وهذا الأصل ينبغي أن تعتبره في كل موضع. وهو أن الأحكام لا تتم إلا باجتماع شروطها ولوازمها، وانتفاء موانعها.
والحديث يشمل جميع نواقض الوضوء. فيدخل فيه الخارج من السبيلين، والنوم الناقض للوضوء، والخارج الفاحش من بقية البدن إذا كان نجساً، وأكل لحم الإبل، ولمس المرأة
(1) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: 6954، ومسلم في "صحيحه" رقم: 225 بعد 2.
(2)
يعني مفهوم المخالفة، ويكرّر المصنّف الاستدلال بمفهوم المخالفة، وهو إحدى الدلالات، فالدلالات هي:
دلالة المنطوق.
دلالة الإشارة.
دلالة الاقتضاء.
مفهوم المخالفة.
لشهوة، ولمس الفرج باليد. وفي بعضها خلاف1.
فكل من وجه منه شيء من هذه النواقض لم تصح صلاته، حتى يتوضأ الوضوء الشرعي. فيغسل الأعضاء التي نص الله عليها في سورة المائدة، مع الترتيب والموالاة، أو يتطهر بالتراب بدل الماء عند تعذر استعمال الماء: إما لعدمه، وإما لخوفه باستعماله الضرر.
وفي هذا دليل على أنه لو صلى ناسياً أو جاهلاً حدثه فعليه الإعادة لعموم الحديث، "وهو متفق عليه". فهو وإن كان مثاباً على فعله صورة الصلاة ما فيها من العبادات، لكن عليه الإعادة لإبراء ذمته. وهذا بخلاف من تطهر ونسي ما على بدنه أو ثوبه من النجاسة فإنه لا إعادة عليه على الصحيح؛ لأن الطهارة من باب فعل الأمور الذي لا تبرأ الذمة إلا بفعله. وأما اجتناب النجاسة فإنه من باب اجتناب المحظور الذي إذا فعل والإنسان معذور، فلا إعادة عليه.
(1) أغلب هذه الأمور وردت فيها أحاديث صحيحة كانت الفصل في الخلاف، عدا لمس الفرج باليد، ففيه حديثان: الأوّل: "من مسّ ذكره فليتوضّأ"، والثاني:"إنّما هو بضعةٌ منك" فذهب المحقّقون من العلماء إلى أنّ اللمس بشهوةٍ ينفض الوضوء، وبغير شهوةٍ لا ينقض الوضوء، وهو اختيار ابن تيمية رحمه الله.