المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الرابع والأربعون: ما ينفع العبد بعد وفاته - بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد

[عبد الرحمن السعدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌الحديث الأول: النيّة والإخلاص

- ‌الحديث الثاني: التحذير من البدع

- ‌الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ

- ‌الحديث الرابع: صفات أهل الجنة

- ‌الحديث الخامس: الاستقامة

- ‌الحديث السادس: صفة المسلم

- ‌الحديث السابع: صفات الْمُنَافِقِ

- ‌الحديث الثامن: علاج الوسوسة في الْإِيمَانِ

- ‌الحديث التاسع: الإيمان بالقدر

- ‌الحديث العاشر: الدعوة إِلَى الْهُدَى

- ‌الحديث الحادي عشر: فضل التفقّه في الدين

- ‌الحديث الثاني عشر: المؤمن الْقَوِيِّ

- ‌الحديث الثالث عشر: المؤمن للمؤمن كالبنيان

- ‌الحديث الرابع عشر: السعي في الخير بين الناس

- ‌الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ

- ‌الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ: الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ

- ‌الحديث السابع عشر: التقوى

- ‌الحديث الثامن عشر: الظلم ظلمات

- ‌الحديث التاسع عشر: شكر النعم

- ‌الحديث العشرون: شرط صحّة الصلاة

- ‌الحديث الحادي والعشرون: عشر من الْفِطْرَةِ

- ‌الحديث الثاني والعشرون: الماء طهور

- ‌الحديث الثالث والعشرون: سؤر الهرّة

- ‌الحديث الرابع والعشرون: من مكفّرات الذنوب

- ‌الحديث الخامس والعشرون: صفة الصلاة

- ‌الحديث السادس والعشرون: من خصائص النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السابع والعشرون: من وصايا النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثامن والعشرون: الدين يسر

- ‌الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ

- ‌الحديث الثلاثون: أجر النيّة الصالحة

- ‌الحديث الحادي والثلاثون: الحثّ على الإسراع بِالْجِنَازَةِ

- ‌الحديث الثاني والثلاثون: تحديد نصاب زكاة الحبوب والثمار

- ‌الحديث الثالث والثلاثون: فضل الصبر والعفّة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون: ما نقصت صدقة من مال

- ‌الحديث الخامس والثلاثون: للصائم فرحتان

- ‌الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: صِفَةُ الْأَوْلِيَاءِ

- ‌الحديث السابع والثلاثون: البيّعان بالخيار

- ‌الحديث الثامن والثلاثون: من البيوع المنهي عنها

- ‌الحديث التاسع والثلاثون: أنواع الصلح وشروطه

- ‌الحديث الأربعون: المعاسرة في إعطاء الحقّ الواجب ظلم

- ‌الحديث الحادي والأربعون: على اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه

- ‌الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَحْكَامُ الشُّفْعَةِ

- ‌الحديث الثالث والأربعون: فضل الشركات وبركتها

- ‌الحديث الرابع والأربعون: ما ينفع العبد بعد وفاته

- ‌الحديث الخامس والأربعون: السبق في المباحات

- ‌الحديث السادس والأربعون: ألحقوا الفرائض بأهلها

- ‌الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ

- ‌الحديث الثامن والأربعون: ثلاث حقّ على الله عَوْنِهِمْ

- ‌الحديث التاسع والأربعون: المحرّمات من الرضاع

- ‌الحديث الخمسون: حسن عشرة النساء

- ‌الحديث الحادي والخمسون: ذمّ الحرص على الْإِمَارَةِ

- ‌الحديث الثاني والخمسون: الوفاء بالنذر

- ‌الحديث الثالث والخمسون: من صفات المسلمين

- ‌الحديث الرابع والخمسون: من قوانين الطب في الإسلام

- ‌الحديث الخامس والخمسون: درأ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ

- ‌الحديث السادس والخمسون: لا طاعة إلاّ في المعروف

- ‌الحديث السابع والخمسون: أجر المجتهد

- ‌الحديث الثامن والخمسون: البيّنة على من ادّعى

- ‌الحديث التاسع والخمسون: صفة الشاهد العدل

- ‌الحديث الستون: من آداب الذبح في الإسلام

- ‌الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: الْإِحْسَانُ فِي الذَّبْحِ

- ‌الحديث الثاني والستون: المحرّمات من اللحوم

- ‌الحديث الثالث والستون: ذمّ التشبّه بالنساء

- ‌الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: لِكُلِّ داءٍ دَوَاءٌ

- ‌الحديث الخامس والستون: آداب الرؤيا

- ‌الحديث السادس والستون: المحسن في إسلامه

- ‌الحديث السابع والستون: تربية الأولاد وتأديبهم

- ‌الحديث الثامن والستون: الجليس الصالح والجليس السوء

- ‌الحديث التاسع والستون: احتراز المؤمن ويقظته

- ‌الحديث السبعون: وصيّة نافعة

- ‌الحديث الحادي والسبعون: ذمّ الْغَضَبِ

- ‌الحديث الثاني والسبعون: ذمّ الْكِبْرِ

- ‌الحديث الثالث والسبعون: القناعة

- ‌الحديث الرابع والسبعون: وصيّة بليغة

- ‌الحديث الخامس والسبعون: من أسباب النصر

- ‌الحديث السادس والسبعون: كرم الله تعالى

- ‌الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ: النَّهْيُ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ

- ‌الحديث الثامن والسبعون: التحذير من فتنة الدنيا وفتنة النساء

- ‌الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ: شُعَبُ الْإِيمَانِ

- ‌الحديث الثمانون: تكليم الله لعباده يوم القيامة

- ‌الحديث الحادي والثمانون: النهي عن كثرة السؤال

- ‌الحديث الثاني والثمانون: فضل الرحمة والرحماء

- ‌الحديث الثالث والثمانون: فضل صِلَةُ الرَّحِمِ

- ‌الحديث الرابع والثمانون: المرء مع من أحبّ

- ‌الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ: دُعَاءُ السَّفَرِ

- ‌الحديث السادس والثمانون: خذوا عنّي مناسككم

- ‌الحديث السابع والثمانون: من فضائل سُورَةِ الْإِخْلَاصِ

- ‌الحديث الثامن والثمانون: لا حسد إلاّ في اثنين

- ‌الحديث التاسع والثمانون: من الأدعية الجامعة

- ‌الحديث التسعون: الإيمان بالله واليوم الآخر

- ‌الحديث الحادي والتسعون: من أوامر الله ونواهيه

- ‌الحديث الثاني والتسعون: من آداب العشرة بين الزوجين

- ‌الحديث الثالث والتسعون: من آداب القضاء

- ‌الحديث الرابع والتسعون: النهي عن الإسراف في المباحات

- ‌الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ: بُشْرَى الْمُؤْمِنِ

- ‌الحديث السادس والتسعون: فضل بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌الحديث السابع والتسعون: فضل الإخلاص

- ‌الحديث الثامن والتسعون: قلّة أهل الكمال والفضل

- ‌الحديث التاسع والتسعون: فضل التمسّك بالسنن في آخِرَ الزَّمَانِ

الفصل: ‌الحديث الرابع والأربعون: ما ينفع العبد بعد وفاته

‌الحديث الرابع والأربعون: ما ينفع العبد بعد وفاته

.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ1.

دار الدنيا جعلها الله دار عمل، يتزود منها العباد من الخير، أو الشر، للدار الأخرى، وهي دار الجزاء. وسيندم المفرطون إذا انتقلوا من هذه الدار، ولم يتزودوا منها لآخرتهم ما يسعدهم، وحينئذ لا يمكن الاستدراك. ولا يتمكن العبد أن يزيد [في] 2 حسناته مثقال ذرة، ولا يمحو من سيئاته كذلك. وانقطع عمل العبد عنه إلا هذه الأعمال الثلاثة التي هي من آثار عمله.

الأول - الصدقة الجارية: أي: المستمر نفعها. وذلك كالوقف للعقارات التي ينتفع بمغلِّها، أو الأواني التي ينتفع باستعمالها، أو الحيوانات التي ينتفع بركوبها ومنافعها، أو الكتب والمصاحف التي ينتفع باستعمالها والانتفاع بها، أو المساجد والمدارس والبيوت وغيرها التي ينتفع بها.

فكلها أجرها جارٍ على العبد ما دام ينتفع بشيء منها. وهذا من أعظم فضائل الوقف. وخصوصاً الأوقاف التي فيها الإعانة على الأمور الدينية، كالعلم والجهاد، والتفرغ للعبادة، ونحو ذلك.

ولهذا اشترط العلماء في الوقف: أن يكون مصرفه على جهة بر وقربة.

الثاني - العلم الذي ينتفع به من بعده: كالعلم الذي علمه الطلبة المستعدين للعلم، والعلم الذي نشره بين الناس، والكتب التي صنفها في أصناف العلوم النافعة.

وهكذا كل ما تسلسل الانتفاع بتعليمه مباشرة، أو كتابة، فإن أجره جار عليه. فكم من علماء هداة ماتوا من مئات من السنين، وكتبهم مستعملة، وتلاميذهم قد تسلسل خيرهم.

(1) أخرجه: مسلم في "صحيحه" رقم: 1631 بعد 14.

(2)

ما بين المعقوفتين زيادةٌ يقتضيها السياق.

ص: 113

وذلك فضل الله.

الثالث - الولد الصالح: ولد صلب، أو ولد ابن، أو بنت، ذكر أو أنثى - ينتفع والده بصلاحه ودعائه. فهو في كل وقت يدعو لوالديه بالمغفرة والرحمة، ورفع الدرجات، وحصول المثوبات.

وهذه المذكورة في هذا الحديث هي مضمون قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس:12]، فما قدموا: هو ما باشروه من الأعمال الحسنة أو السيئة.

وآثارهم ما ترتب على أعمالهم، مما عمله غيرهم، أو انتفع به غيرهم. وجميع ما يصل إلى العبد من آثار عمله ثلاثة:

الأول: أمور عمل بها الغير بسببه وبدعايته وتوجيهه.

الثاني: أمور انتفع بها الغير أيّ نفع كان، على حسب ذلك النفع باقتدائه به في الخير.

الثالث: أمور عملها الغير وأهداها إليه، أو صدقة تصدق بها عنه أو دعا له، سواء أكان من أولاده الحسيين أو من أولاده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه، وهدايته وإرشاده، أو من أقاربه وأصحابه المحبين، أو من عموم المسلمين، بحسب مقاماته في الدين، وبحسب ما أوصل إلى العباد من الخير، أو تسبب به. وبحسب ما جعل الله له في قلوب العباد من الود الذي لا بد أن تترتب عليه آثاره الكثيرة التي منها: دعاؤهم، واستغفارهم له.

وكلها تدخل في هذا الحديث الشريف.

وقد يجتمع للعبد في شيء واحد عدة منافع. كالولد الصالح العالم الذي سعى أبوه في تعليمه، وكالكتب التي يقفها أو يهبها لمن ينتفع بها.

ويستدل بهذا الحديث على الترغيب في التزوج الذي من ثمراته حصول الأولاد الصالحين، وغيرها من المصالح، كصلاح الزوجة وتعليمها ما تنتفع به، وتنفع غيرها. والله أعلم.

ص: 114