المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الوجه الثالث عشر: - بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية - جـ ١

[ابن تيمية]

الفصل: ‌ الوجه الثالث عشر:

والمدح والتخلص من المذمة والتوصل إلى أن يكون على الأحسن أو على ما ينبغي» فيقال له: لا نسلم أن من أعطى لينال حمد الله وثناؤه عليه، والتخلص من ذم الله تعالى له لا يكون جوادًا؛ بل هذا جواد باتفاق الأنبياء والمرسلين، وجميع عباد الله المؤمنين، وسائر أهل السموات وأهل الأرضين. وكذلك من وهب ليكون ذلك أقرب إلى الله تعالى، وأحسن له عنده، وأعلى لدرجته، أو ليكون عند الله على ما ينبغي، فلا نسلم أن هذا ليس بجواد. وكذلك أهل كل لغة، سواء كانوا مسلمين أو كفارًا؛ من وهب لينال ما هو عندهم أحسن وأعلى، ولينال الحمد والثناء من الجناب الأعلى، لشيء يليق به عندهم أن يطلب منه الحمد والثناء، فهو جواد عندهم. فقوله:«من جاد ليشرف أو ليحمد أو ليحسن به ما يفعل، فهو مستعيض غير جواد» ليس بمسلم، ولا دليل عليه.

بل يقال في‌

‌ الوجه الثالث عشر:

هذا جواد باتفاق العقلاء من جميع الأمم، وهذا هو المجود، قال تعالى: {إِنْ أَحْسَنتُمْ

ص: 531

أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] *وقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46] وقال {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ} [البقرة: 110] * وقال: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ} [آل عمران: 115] وقال: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) } [الزلزلة: 7-8] وقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا *وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا* (40) } [النساء: 40] وقال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265] وقال: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} [البقرة: 261] وقال: {وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) } [الروم: 39] ويروى عن علي أو غيره أنه قال: ما أحسنت إلى أحد، وما أسأت إلى أحد؛ إنما أحسنت إلى نفسي، وأسأت إلى نفسي. وعمل ذلك إلى لأجل الله تعالى نهاية المطلوب كما قال كل من

ص: 532