الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كِفَاءً حَقَّهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِهِ وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ آلِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ جَعَلَهُ مُكَلَّفًا مِنْ بَرِيَّتِهِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَاصْطَفَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِرِسَالَتِهِ، واجْتَبَى مَنْ أَرَادَ مِنَ الْأُمَمِ بِلْطُفِهِ وهِدَايَتِهِ، وَخَصَّنَا بِالنَّبِيِّ
الْأُمِيِّ وَالرَّسُولِ الْمَكِّيِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ، فَقَامَ فِي أُمَّتِهِ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَتَعْلِيمِ الشَّرِيعَةِ، وَأَدَاءِ النُّصْحِ لِلْأُمَّةِ حَتَّى تَرَكَهُمْ حِينَ فَارَقَهُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ، فَقَالَ فِيمَا ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمُ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عز وجل» ، فَوَجَدْنَا خَبَرَهُ صِدْقًا، وَوَعْدَهُ حَقًّا فِي طَائِفَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ قَامُوا بِنَقْلِ شَرِيعَتِهِ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِظْهَارِ مِلَّتِهِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ، مِنْ يَوْمِ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَى يَوْمِنَا هَذَا يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكَانَ فِيمَا نُقِلَ إِلَيْنَا مِنَ أَخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم تَخْصِيصُ قُرَيْشٍ بِرِيَادَةِ الْعِلْمِ، وتَخْصِيصُ الْأُمَّةِ عَلَى مُتَابَعَةِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«الْأَئِمَّةُ فِي قُرَيْشٍ» وَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «تَعَلَّمُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَلَا تُعَلِّمُوهَا» وَقَوْلِهِ: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» وَقَوْلِهِ: «لِلْقُرَشِيِّ مِثْلُ قُوَّةِ الرَّجُلَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمْ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: يَعْنِي بِهِ نُبْلَ الرَّأْيِ. وَكَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام: «لَا تَسُبُّوا قُرَيْشًا فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا» فَنَظَرْنَا فَلَمْ نَجِدْ فِيمَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ قُرَشِيًّا مَلَأَ طِبَاقَ الْأَرْضِ عِلْمًا
إِلَّا الشَّافِعِيَّ الْمُطَّلِبِيَّ رضي الله عنه مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ابْنِ عَمِّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم. وَوَجَدْنَا طَائِفَةً مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّنْ أَدْرَكُوا زَمَانَهُ أَوْ جَاءُوا بَعْدَهُ اسْتَعْمَلُوا هَذِهِ فِي كُتُبِهِ وَسُلُوكِ طَرِيقَتِهِ فِي مَعْرِفَةِ الشَّرِيعَةِ بِالْأَعْلَامِ الْمَنْصُوبَةِ عَلَى سُبُلِ الْحَقِّ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً وَبَارَكَ اللَّهُ عز وجل لَهُمْ فِي اسْتِعْمَالِهَا وَنَفَعَهُمْ بِهِ فَتَبِعْنَاهُمْ فِي ذَلِكَ وَنَحْنُ نَرْجُو يُمْنَهَا وَبَرَكَتَهَا وَالِانْتِفَاعَ بِهِ. وَنَظَرْنَا فِي كُتُبِهِ فَوَجَدْنَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيَّ رحمه الله وَإِيَّاهُ جَعَلَ مِنْهَا مُخْتَصَرًا، وَاتَّخَذَ أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ النَّيْسَابُورِيُّ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا فِيمَا صَنَّفَهُ بِمِصْرَ، وَرَوَاهُ عَنْهُ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ مُسْنِدًا مُخَرَّجًا مِنْ مَسْمُوعَاتِ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصَمِّ، وَكُنْتُ قَدْ نَظَرْتُ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وجَالَسْتُ أَهْلَهَا وَذَاكَرْتُهُمْ وَعَرَفْتُ شَيْئًا مِنْ عُلُومِهِمْ فَوَجَدْتُ فِي بَعْضِ مَا نُقِلَ مِنْ كُتُبِهِ وَحُوِّلَ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهِ خَلَلًا فِي النَّقْلِ، وَعُدُولًا
عَنِ الصِّحَّةِ بِالتَّحْوِيلِ، فَرَدَدْتُ مَبْسُوطَ كُتُبِهِ الْقَدِيمَةِ وَالْجَدِيدَةِ إِلَى تَرْتِيبِ الْمُخْتَصَرِ. لِيَتَبَيَّنَ لِمَنْ تَفَكَّرَ فِي مَسَائِلِهِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ، وَيَظْهَرَ لِمَنْ نَظَرَ فِي أَخْبَارِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مَا وَقَعَ فِيهِ الْخَلَلُ بِالتَّقْصِيرِ فِي النَّقْلِ، ثُمَّ حِينَ صَنَّفْتُ كِتَابَ مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ عَنِ الشَّافِعِيِّ بَيَّنْتُ فِيهِ مَا عَثَرْتُ عَلَيْهِ مِنْ خَطَأِ مَنْ أَخْطَأَ عَلَيْهِ فِي الْأَخْبَارِ، فَسَأَلَنِي بَعْضُ إِخْوَانِي مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إِفْرَادَهُ بِالذِّكْرِ عَنْ كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ، لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمَنْفَعَةِ لِمَنْ تَتَبَّعَ الْمُسْنَدَ أَوِ الْمُخْتَصَرَ فِي الْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْتَدِ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ إِلَيْهِ، فَأَجَبْتُهُ إِلَى مُلْتَمَسِهِ مُسْتَعِينًا بِاللَّهِ عز وجل فِي إِتْمَامِهِ وَانْتِفَاعِ النَّاظِرِينَ فِيهِ بِهِ مُتُوَكِّلًا عَلَيْهِ فِيهِ، وَفِي جَمِيعِ أُمُورِنَا، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَنِعْمَ الْمُعِينُ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى السُّلَمِيُّ، أبنا الْحَسَنُ بْنُ رشيقٍ، إِجَازَةً، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ: " مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عز وجل نَاظَرْتُهُ عَلَى خَطَأِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْخَطَأَ مِنَ الْكَاتِبِ لَيْسَ مِنْهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا الْوَلِيدِ حَسَّانَ بْنَ مُحَمَّدٍ
⦗ص: 97⦘
الْفَقِيهَ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَاوُدَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ:«لَيْسَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ أَخْطَأَ فِي حَدِيثِهِ إِلَّا بِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ، وَمَا أعْرِفُ لِلشَّافِعِيِّ حَدِيثًا خَطَأً» وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أبنا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«غَيْرَ ابْنِ عُلَيَّةَ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، وَمَا أَعْلَمُ لِلشَّافِعِيِّ حَدِيثًا خَطَأً» وَأَبُو دَاوُدَ هَذَا هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَمِمَّنْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ، وَوَقَفَ عَلَى رِوَايَاتِهِ قَدِيمَةً وَجَدِيدَةً
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أبنا الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيَّ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: مَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَدِيثٌ غَلِطَ فِيهِ قُلْتُ: أَبُو زُرْعَةَ هَذَا هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّازِيُّ، أَحَدُ أَرْكَانِ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظِهِ، وَمِمَّنْ سَمِعَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ وَوَقَفَ عَلَى رِوَايَاتِهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ أبنا مَكْحُولٌ الْبَيْرُوتِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الْقَزْوِينِيُّ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْأَثْرَمَ
⦗ص: 98⦘
، يَقُولُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: الشَّافِعِيُّ كَانَ صَاحِبَ حَدِيثٍ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ صَاحِبُ حَدِيثٍ قُلْتُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِهِ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ كَانَ يَدْعُو اللَّهَ لَهُ وَرُوِّينَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَكَانَ أَقْدَمَ مِنْهُ سِنًّا وَمَوْتًا أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ لِلشَّافِعِيِّ أَخُصُّهُ بِهِ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أبنا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَحْمُودٍ ثنا أَبُو سُلَيْمَانَ يَعْنِي دَاوُدَ الْأَصْبَهَانِيَّ ثنا الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ:«إِنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ لِلشَّافِعِيِّ وَحْدَهُ» وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَكَانَ أَيْضًا أَكْبَرَ مِنْهُ سِنًّا، وَأَقْدَمَ مِنْهُ مَوْتًا، أَنَّهَ قَالَ: بَعَثَ الشَّافِعِيُّ بِكِتَابِ الرِّسَالَةِ إِلَيْهِ بِمَسْأَلَتِهِ، مَا أُصَلِّي صَلَاةً إِلَّا وَأَدْعُو لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا
وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مُقَدَّمَانِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وعَنْهُمَا أَخَذَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَقْرَانِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ. وَرُوِّينَا عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: الشَّافِعِيُّ إِمَامٌ، وَسَمِعَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِنْهُ كِتَابَ الْمُوَطَّأِ بَعْدَ أَنْ كَانَ سَمِعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ فِيهِ ثَبْتًا
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حِبَّانَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ ثنا أَبُو الطِّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ رَوْحٍ الشَّعْرَانِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَاجَهِ الْقَزْوِينِيَّ قَالَ: جَاءَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: فَمَرَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَلَى بَغْلَتِهِ، فَقَامَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى الشَّافِعِيِّ فَتَبِعَهُ وَأَبْطَأَ عَلَى يَحْيَى، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَمْ هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ: دَعْ عَنْكَ، الْزَمْ ذَنَبَ الْبَغْلَةِ. قُلْتُ: وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ رحمه الله وَإِيَّاهُ كَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ شَيْءٌ مِمَّا يَأْخُذُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْحَسَدِ وَمَعَ هَذَا فَكَانَ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِي الشَّافِعِيِّ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، أبنا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، بِهِ حَيْوَةُ، سَمِعْتُ هَاشِمَ بْنَ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيَّ
⦗ص: 100⦘
سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ:«الشَّافِعِيُّ صَدُوقٌ لَا بَأْسَ بِهِ» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ غَيْرُ هَاشِمِ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ يَحْيَى
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ أبنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي جَعْفَرِ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ ثنا أَحْمَدُ بْنُ رَوْحِ أَبَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: لَوْ كَانَ الْكَذِبُ مُطْلَقًا لَهُ، لِمَنَعَتْهُ مُرُوءَتُهُ عَنْ أَنْ يَكْذِبَ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَبُو الطِّيِّبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ أبنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ رَوْحٍ الْبَغْدَادِيَّ سَمِعْتُ الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِي جَنَازَةٍ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا مَا تَقُولُ فِي الشَّافِعِيِّ؟ قَالَ: دَعْنَا لَوْ كَانَ الْكَذِبُ لَهُ مُطْلَقًا لَكَانَتْ مُرُوءَتُهُ تَمْنَعُهُ أَنْ يَكْذِبَ، هَكَذَا أَتَى بِهِ شَيْخُنَا، وَأَخْبَرَنَا بِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حِبَّانَ هَذَا دُونَ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى السَّاجِيِّ فِي إِسْنَادِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا كَانُوا يَسْأَلُونَ يَحْيَى عَنْهُ، لِمَا كَانَ قَدِ اشْتُهِرَ مِنْ حَسَدِ يَحْيَى إِيَّاهُ، وَإِفْرَاطِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي تَوْقِيرِهِ وَتَعْظِيمِهِ وَتَقْدِيمِهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِفَضْلِهِ وَعَقْلِهِ وَعِلْمِهِ وَالْأَخْذِ عَنْهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ أبنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ الْقَاسِمِ بْنِ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْأَشْيَبُ، يَذْكُرُ عَنْ بَعْضِ مَشَايخِهِ
⦗ص: 101⦘
، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الشَّافِعِيُّ بَغْدَادَ لَزِمَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَمْشِي مَعَ بَغْلَتِهِ، فَأَخَذَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَقْعُدُ فِيهَا أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَغَيْرُهُمْ، فَوَجَّهَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّكَ تَمْشِي مَعَ بَغْلَةِ هَذَا الرَّجُلِ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ، فَوَجَّهَ أَحْمَدُ لَوْ كُنْتَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ لَكَانَ أَنْفَعَ لَكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ خَمْرَوَيْهِ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ زَنْجُوَيْهِ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهُوَيْهِ يَقُولُ: أَخَذَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِيَدِي فَقَالَ: تَعَالَ أذْهَبُ بِكَ إِلَى رَجُلٍ لَمْ تَرَ عَيْنَاكَ مِثْلَهُ فَذَهَبَ بِي إِلَى الشَّافِعِيِّ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَبُو تُرَابٍ الْمُذَكِّرُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْذِرِ الْهَرَوِيَّ، يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمُ الشَّافِعِيُّ الْعِرَاقَ، سَمِعَ الْكُتُبَ مِنْهُ حُسَيْنٌ الْكَرَابِيسِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالزَعَفْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَحَدَّثَهُمْ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، فَسَمِعَ مِنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهُوَيْهِ وَغَيْرُهُمْ، فَسَمِعْتُ الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُولُ: مَا دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ قَطُّ إِلَّا وَأَحْمَدُ كَانَ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أبنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ أبنا أَبُو نُعَيْمٍ الْإِسْتَرَابَاذِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصَّوْمَعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: صَاحِبُ الْحَدِيثِ لَا يَشْبَعُ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ، كَذَا قَالَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يُسْتَغْنَى
⦗ص: 102⦘
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِمَّنْ جَالَسَ الشَّافِعِيَّ وَسَمِعَ مِنْهُ أَوْ نَظَرَ فِي كُتُبِهِ وَوَقَفَ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَاتِهِ وَإِتْقَانِهِ فِيهَا مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْخَطَأَ الَّذِي يُرَى فِيهَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ غَيْرُ وَاقِعٍ مِنْ جِهَتِهِ وَنَحْنُ نُبَيِّنُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ بِهِ الْإِحَاطَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تَرْتِيبِ كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ، وَنُضِيفُ إِلَيْهِ بَيَانَ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ خَطَأٌ، وَلَيْسَ بِخَطَأٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ