المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خاتمة المؤلف والله تعالى بفضله ورحمته يحفظنا من الخطأ والزلل التي لا يأمن منها أحد منا، ويستر عوراتنا التي لو انكشف شيء منها افتضحنا، وتجاوز عن سيئاتنا التي لو أخذنا بواحد منها هلكنا ويوفقنا لما هو أولى بنا، ويعصمنا عما لا يعنينا إنه المنان الواسع - بيان خطأ من أخطأ على الشافعي للبيهقي

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كِفَاءً حَقَّهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِهِ وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ آلِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ جَعَلَهُ مُكَلَّفًا مِنْ بَرِيَّتِهِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَاصْطَفَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِرِسَالَتِهِ، واجْتَبَى مَنْ أَرَادَ مِنَ الْأُمَمِ بِلْطُفِهِ وهِدَايَتِهِ، وَخَصَّنَا بِالنَّبِيِّ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْعُقُولِ

- ‌حَدِيثٌ فِي السِّوَاكِ

- ‌حَدِيثٌ فِي فَضْلِ الْوُضُوءِ وَثَوَابِهِ

- ‌حَدِيثٌ فِي غَسْلِ الثَّوْبِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌حَدِيثٌ فِيمَا أَفْضَلَتِ الْحُمُرُ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْحَيْضِ

- ‌حَدِيثٌ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْأَذَانِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عِنْدَ الْجَمْعِ

- ‌حَدِيثٌ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ

- ‌حَدِيثٌ فِي التَّسْبِيحِ لِلرِّجَالِ

- ‌أَحَادِيثُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْجَمَاعَةِ

- ‌حَدِيثٌ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ يَؤُمُّ الْمُقِيمِينَ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْجُمُعَةِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْخُسُوفِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى الْمَطَرِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌حَدِيثٌ فِيمَا يُهَيَّأُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الصَّوْمِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْحَجِّ عَنِ الْمَعْضُوبِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الدَّفْعِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْحَلْقِ

- ‌حَدِيثٌ فِي حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌حَدِيثٌ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ

- ‌حَدِيثٌ فِي النَّفَرِ يُصِيبُونَ الصَّيْدَ

- ‌حَدِيثٌ فِي بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي

- ‌حَدِيثٌ فِي كِتَابِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ

- ‌حَدِيثٌ فِي امْرَأَةٍ وَلَّتْ أَمْرَهَا رَجُلًا

- ‌حَدِيثٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ فِي اللِّعَانِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ

- ‌حَدِيثٌ فِي السِّيَرِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الضَّحَايَا

- ‌حَدِيثٌ فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْوَلَاءِ

- ‌حَدِيثٌ فِي الْمَهْدِيِّ

- ‌بَيَانُ أَحَادِيثَ أَوْرَدَهَا شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله فِي مَشَائِخِ الشَّافِعِيِّ الَّذِينَ سَمِعَ مِنْهُمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الْقُرَشِيُّ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي أبناه قَالَ: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أبنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أبنا الشَّافِعِيُّ، أبنا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا رحمه الله فِي مَشَائِخِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ ذَكَرَ شَيْخُنَا رحمه الله فِي مَشَائِخِ الشَّافِعِيِّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبَا بَكْرٍ الْعُمَرِيَّ، ثُمَّ رَوَى حَدِيثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ نَظَرْتُ فِي كِتَابِ مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله الَّذِي جَمَعَهُ أَبُو الْحَسَنُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَاصِمِيُّ السَّخْتِيَانِيُّ رحمه الله فَوَجَدْتُ فِيهِ حَدِيثًا رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ النَّضْرِ الْهَرَوِيِّ الشَّافِعِيِّ بِدِمَشْقَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ رَأَيْتُ فِيَ نُسْخَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ أَبِي عَوَانَةَ: يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، ثنا السُّلَمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ ح وَثنا الرَّبِيعُ، أبنا الشَّافِعِيُّ، أبنا مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

- ‌حَدِيثٌ آخَرُ

- ‌خَاتِمَةُ الْمُؤَلِّفِ وَاللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ يَحْفَظُنَا مِنَ الْخَطَأِ وَالزَّلَلِ الَّتِي لَا يَأْمَنُ مِنْهَا أَحَدٌ مِنَّا، وَيَسْتُرُ عَوْرَاتِنَا الَّتِي لَوِ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْهَا افْتَضَحْنَا، وَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِنَا الَّتِي لَوْ أَخَذْنَا بِوَاحِدٍ مِنْهَا هَلَكْنَا وَيُوَفِّقُنَا لِمَا هُوَ أَوْلَى بِنَا، وَيَعْصِمُنَا عَمَّا لَا يُعْنِينَا إِنَّهُ الْمَنَّانُ الْوَاسِعُ

الفصل: ‌خاتمة المؤلف والله تعالى بفضله ورحمته يحفظنا من الخطأ والزلل التي لا يأمن منها أحد منا، ويستر عوراتنا التي لو انكشف شيء منها افتضحنا، وتجاوز عن سيئاتنا التي لو أخذنا بواحد منها هلكنا ويوفقنا لما هو أولى بنا، ويعصمنا عما لا يعنينا إنه المنان الواسع

‌خَاتِمَةُ الْمُؤَلِّفِ وَاللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ يَحْفَظُنَا مِنَ الْخَطَأِ وَالزَّلَلِ الَّتِي لَا يَأْمَنُ مِنْهَا أَحَدٌ مِنَّا، وَيَسْتُرُ عَوْرَاتِنَا الَّتِي لَوِ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْهَا افْتَضَحْنَا، وَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِنَا الَّتِي لَوْ أَخَذْنَا بِوَاحِدٍ مِنْهَا هَلَكْنَا وَيُوَفِّقُنَا لِمَا هُوَ أَوْلَى بِنَا، وَيَعْصِمُنَا عَمَّا لَا يُعْنِينَا إِنَّهُ الْمَنَّانُ الْوَاسِعُ

الْغُفْرَانِ. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: هَذَا آخِرُ مَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أَخْطَاءٍ عَلَى الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ أَوْ قَدْحٍ فِي شَيْءٍ مِنْ رِوَايَاتِهِ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ فَلَمْ يَحْضُرْنِي حِفْظُهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَقَدْ نَظَرْتُ فِي كِتَابِ الشَّافِعِيِّ وَفِي رِوَايَاتِهِ فَرَأَيْتُ فِي إِتْقَانِهِ فِي الرِّوَايَةِ وَاحْتِيَاطِهِ فِيهَا وَمَعْرِفَتِهِ بِهَا مَا لَمْ أَرَهُ مَجْمُوعًا مَعَ مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لِغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، سَمِعَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمَا جُمْلَةً مِنَ الْحَدِيثِ، ثُمَّ رَوَى بَعْضَ مَا لَمْ يَسْمَعُهْ مِنْهُمْ عَنْ أَقْرَانِهِ أَوْ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ وَغَيْرُهُمَا، وَهَذَا غَايَةُ الِاتِّفَاقِ، وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِالسَّمَاعِ الِانْتِفَاعَ مِمَّا فِي الْمَسْمُوعِ مِنَ الْعِلْمِ وَمَعْرِفَةِ الشَّرِيعَةِ دُونَ التَّسَوُّقِ بِعَالِي الْإِسْنَادِ، وَالِاكْتِفَاءِ بِالرِّوَايَةِ عَمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا مِنَ الدِّرَايَةِ، لَا جَرَمَ انْتَفَعَ بِهِ وَارْتَفَعَ مَقْصُودُهُ مِنْهُ، وَانْتَفَعَ الْمُسْلِمُونَ بِتَقْوَاهُ وَيُمْنِهِ

ص: 331

، وَاللَّهُ تَعَالَى يَجْزِيهِ عَلَى حُسْنِ نِيَّتِهِ وَجَمِيلِ سَعْيِهِ خَيْرَ الْجَزَاءِ، ثُمَّ إِنَّهُ رحمه الله إِنْ أَعَادَ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْأَحَادِيثِ لَفْظَ حَدِيثٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ إِسْنَادُهُ إِضَافَةً إِلَى قَائِلِهِ، وَإِنْ أَعَادَ مَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ إِسْنَادُهُ أَوْ لَمْ يَقْوَ قُوَّةَ الْأَوَّلِ غَيْرَ الْعِبَارَةِ، فَقَالَ: رُوِيَ عَنْهُ، أَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ قَالَ، وَهَذَا غَايَةُ الِاحْتِيَاطِ، وَلَهُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَوَرُّعِهِ وَإِتْقَانِهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ قَدْ نَقَلْتُ أَكْثَرَهُ إِلَى كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ مُفَرَّقًا فِي مَوَاضِعِهِ، وَقَدْ عَابَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِرِوَايَتِهِ عَنْ بَعْضِ الضُّعَفَاءِ وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَهُوَ أَنَّ الضُّعَفَاءَ الَّذِينِ طَعَنَ فِيهِمْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ مُخْتَلِفُونَ، مِنْهُمْ مَنْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى سُقُوطِهِ وَتَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِرَِوايَتِهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يَحْتَجُّ بِهِمُ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ يَرْوِي عَنْ بَعْضِ مَا سَمِعَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي مَسَائِلِهَا، وَاعْتِمَادُهُ عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ أَوِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ دُونَ مَا أَوْرَدَهُ مِنَ الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِرَوَايَتِهِ فَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى صِدْقِ بَعْضِهِمْ فِي الرِّوَايَةِ مَعَ مَنْ أَدَّى اجِتِهَادُهُ إِلَى مِثْلِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَاحْتَجَّ بِرِوَايَتِهَ وَأَكَدَّهَا بِمَا يُؤَكَّدُ بِهِ أَمْثَالُهَا مِنَ الْمُتَابَعَةِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ، وَقَدْ أَجَابَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ عَائِبَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله بِذَلِكَ بِجَوَابٍ فِيهِ كِفَايَةٌ وَهُوَ فِيمَا أبنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ رحمه الله قَالَ: قَرَأْتُ فِي أَصْلِ كِتَابِ أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَاسَرْجِيِّ سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ يَقُولُ: فِي قَوْلٍ أَجَادَهُ فِي مِثْلِهِ: وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالْأَخْبَارِ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالتَّفَقُّهِ فِيهَا وَالِاتِّبَاعِ لَهَا مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوْيِهِ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: ثُمَّ أَقْبَلَ صَاحِبٌ الْوَضْعِ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ وَالْمَيْتَةِ يَعْطِفُ عَلَى الشَّافِعِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ يُعَيِّرُهُ بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَقْوَامٍ فَيَقُولُ: لَوْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اتَّقَى حَدِيثَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ لَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى بِهِ مِنْ

ص: 332

اتِّقَائِهِ حَدِيثَ عِكْرِمَةَ الَّذِي أَجْمَعَ عَامَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ، قَالَ مُسْلِمٌ: والشَّافِعِيُّ لَمْ يَكُنِ اعْتِمَادُهُ فِي الْحُجَّةِ لِلْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَ فِي كُتُبِهِ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ فِي أَثَرِ جَوَابَاتِهِ لَهَا، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَنْتَزِعُ الْحُجَجَ فِي أَكْثِرِ تِلْكَ الْمَسَائِلِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَدِلَّةِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا وَمِنَ الْقِيَاسِ إِذْ كَانَ يَرَاهُ حُجَّةً ثُمَّ يَذْكُرُ الْأَحَادِيثَ قَوِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ قَوِيَّةٍ، فَمَا كَانَ مِنْهَا قَوِيًّا اعْتَمَدَ عَلَيهِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا ذَكَرَهُ عِنْدَ الِاحْتِجَاجِ بِذِكْرٍ خَامِلٍ فَاتِرٍ وَكَانَ اعْتِمَادُهُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسّنَّةِ وَالْقِيَاسِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَا قُلْنِاَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِذِكْرِ الْأَحَادِيثِ الضِّعَافِ أَنَّهُ - كَمَا قُلْنَا - أَنَّ مَذْهَبَهُ تَرْكُ الِاحْتِجَاجِ بِالتَّابِعِينَ تَقْلِيدًا، وَأَنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي كُتُبِهِ لِمِسَائِلَ مِنَ الْفُرُوعِ وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا بِمَا يَصِحُّ مِنَ الْجَوَابِ عَنْهَا مَنْ دَلَائِلِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى أَثَرِهَا بِقَولِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ آرَاءِ التَّابِعِينَ بِمَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ؛ لِئَلَّا يَرَى مَنْ لَيْسَ بِالْمتَبَحِّرِ فِي الْعِلْمِ مِمَّنْ يُنْكِرُ بَعْضَ فَتْوَاهُ فِي تِلْكَ الْفُرُوعِ أَنَّ مَا يَقُولُ فِي الْعِلْمِ لَا يَقُولُهُ غَيْرُهُ فَيَذْكُرُ تِلْكَ الْآرَاءِ عَنِ التَّابِعِينَ لِهَذَا، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِشَيْءِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ حُجَّةً يَلْزَمُ الْقَوْلُ بِهِ عَنْهُ تَقْلِيدًا، قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: وَتَصْدِيرُ بَعْضِ أَبْوَابِ الْمُخْتَصَرِ بِأَحَادِيثَ لَا يُحْتَجُّ بِهَا وَاقِعٌ مِنْ جِهَةِ الْمُزَنِيِّ رحمه الله، فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِإِنَّهُ إِنَّمَا أَوْرَدَهَا عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا إِمَامُ أَهْلِ النَّقْلِ مسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ رحمه الله، وَقَدْ ذَبَّ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَيْضًا عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا عُيِّرَ بِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْحُوَيْرِثِ فِي التَّيَمُّمِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ وَإِذْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ اعْتِقَادُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ رحمه الله فِي الشَّافِعِيِّ فَكَيْفُ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَهُ فِي كِتَابِهِ رَغْبَةً عَنْهُ لَكِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ، وَكَذَلِكَ محَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ وَأَدْرَكَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

ص: 333

مِنْ أَصْحَابِ شُيوخِ الشَّافِعِيِّ عَدَدًا وَسَمِعَ مِنْهُمُ الْأحَادِيثَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَنْهُمْ فَرَوَاهَا عَنْهُمْ عَالِيَةً وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ حَدِيثٌ يَنْفَرِدُ بِهِ الشَّافِعِيُّ فَيُلْجِئُهُ إِلَى رِوَايَتِهِ نَازِلَةً عَنْ رَجُلٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ عَرَفَ طَرِيقَةَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي الرِّوَايَةِ لَمْ يَسْتَبْعِدْ هَذَا وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ أَنِّي كَتَبْتُ الْحَدِيثَ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَدْرَكْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ الشَّرْقِيِّينَ، وَابْنَ الْأَعْرَابِيِّ وَالصَّفَّارَ وَالرَّزَّازَ وَالْأَصَمَّ وَابْنَ الْأَخْرَمِ وَلَمْ أُدْرِكْ بَعْضَ أَصْحَابِ هَؤُلَاءِ فَإِنِ احْتَجْتُ إِلَى إِيرَادِ حَدِيثٍ مِنْ أَحَادِيثِ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِي وَيَكُونُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ عِنْدِي عَنْ بَعْضِ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِهِمْ فَإِنِّي أُخْرِجُهُ عَالِيًا عَنْ مَنْ أَدْرَكْتُهُ وَلَا أُخْرِجُهُ نَازِلًا عَنْ رَجُلٍ عَنْ بَعْضِ مَنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَنْ سَمَّيْتُهُمْ مِنْ أَقْرَانِ مَنْ أَدْرَكْتُ لَا يَلْزَمُنِي الرَّغْبَةُ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَإِنَّمَا يَلْزَمُنِي الرَّغْبُةُ عَنِ رِوَايَةِ النَّازِلِ مِنَ الْحَدِيثِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِمَنْ أَدْرَكْتُ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ، هَذَا هُوَ عَادَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ مُنْذُ قَدِيمِ الدَّهْرِ، وَحَدِيثُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله فِي التَّارِيخِ بِأَحْسَنِ ذِكْرٍ، وَذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّحِيحِ فِي تَرْجَمَةِ بَابِ بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بَعْدَ حِكَايَةِ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْفِدْيَةِ، فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ: وَالْعَرِيَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْكَيْلِ مِنَ الثَّمَرِ يَدًا بِيَدٍ لَا تَكُونُ بِالْجُزَافِ وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثَمَةَ بِالْأَوْسُقِ الْمُوَسَّقَةِ هَكَذَاَ قَرَأْتُهُ فِي كِتَابِ شَيْخِنَا أَبِي عُثْمَانَ الْبُحَيْرِيِّ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِهِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الزّكَاةِ فِي بَابِ الرِّكَازِ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ الرِّكَازُ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمْسُ وَلَيْسَ الْمَعْدَنُ بِرِكَازٍ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَعْدِنَ: جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ " ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي الِاحْتِجَاجِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: أُرْكِزَ الْمَعْدِنُ إِذَا أُخْرِجَ مِنْهُ شَيْءٌ، قِيلَ لَهُ: فَقَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ رَبِحَ رِبْحًا أَوْ كَثُرُ ثَمَرُهُ

ص: 334

: أَرْكَزْتَ، ثُمَّ نَاقَضَ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ وَلَا يُؤَدِّيَ الْخُمُسَ وَهَذَا الْجَوَابُ مَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِمْ: يُقَالُ: أُرْكِزَ الْمُعْدِنُ قَدْ يُقَالُ لِلرَّجُلِ يُوهَبُ لَهُ الشَّيْءُ وَالرَّجُلُ يَزْكُو زَرْعُهُ وَلِلرَّجُلِ يَأْتِيهِ فِي تِجَارَتِهِ أَكْثَرُ مَا كَانَ يَأْتِيهِ وَمِنْ ثَمَرِهِ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ يَأْتِيهِ أَرْكَزْتُ فَإِنْ كَانَ اسْمُ الرِّكَازِ اعْتَلَّ فَهَذَا كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الرِّكَازِ، فَالشَّافِعِيُّ رحمه الله فِيمَا بَيَّنَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَظُنُّوا بِالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فِي الشَّافِعِيِّ رحمه الله مَا لَا يَلِيقُ بِهِمَا أَوْ يَعْتَقِدُوا فِي الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ فِيمَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ إِلَى شَهَادَةِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَقَاوِيلِ مَنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ عَلَى مَوْتِهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مَا يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَا بِالصِّحَّةِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي عُلُومِهِ وَوَقَفَ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ باِلنُّصْفَةِ اسْتغْنَى عَنْ جَوَابِ مِثْلِي عَنْهُ فَلُهُ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ فُصُولٌ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا وَعَنْهُ أَخَذَهَا أَكْثَرُ مِنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْعِلْمِ فِي وَقْتِهِ وَبَعْدَهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُنَا وَإِيَّاهُ فَلَمْ يَتْرُكْ لِعَائِبٍ مَغْمَزًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ

ص: 335