المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان طبيعة المرحلة الزمنية التي نزلت فيها السورة - تأملات قرآنية - المغامسي - جـ ٢١

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌ تأملات في سورة التوبة [1]

- ‌ذكر نسبة سورة التوبة وعدد آياتها وزمن نزولها

- ‌أهمية فهم التدرج في الأحكام والأمر بالتبليغ

- ‌بيان طبيعة المرحلة الزمنية التي نزلت فيها السورة

- ‌الموضوعان الرئيسان لسورة براءة

- ‌تفسير قوله تعالى: (براءة من الله ورسوله)

- ‌ذكر سبب ترك البسملة في أول براءة

- ‌ذكر سبب تسميتها بالفاضحة

- ‌بيان معنى البراءة والجهة الكفرية المقصودة بها

- ‌بيان معنى قوله تعالى (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)

- ‌بيان معنى قوله تعالى (واعلموا أنكم غير معجزي الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأذان من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم)

- ‌بيان المراد بيوم الحج الأكبر

- ‌بيان أثر الإيمان وأثر الشرك في عقد الولاية

- ‌ذكر ما بعث به رسول الله به علياً لينادي به في الناس

- ‌بيان عامل الواو النحوية وتوجيه المعنى عليها

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم)

- ‌بيان أنواع تخصيص العموم

- ‌التخصيص المتصل

- ‌التخصيص المنفصل

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره)

- ‌دلالة الآية على إثبات صفة الكلام لله تعالى

الفصل: ‌بيان طبيعة المرحلة الزمنية التي نزلت فيها السورة

‌بيان طبيعة المرحلة الزمنية التي نزلت فيها السورة

فهذه السورة من آخر ما نزل، حيث نزلت في العام التاسع من الهجرة في شهر رجب، وفي سنة تسع من الهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم بجيش العسرة إلى تبوك، وقد سميت هذه الغزوة في القرآن بغزوة العسرة، قال الله جل وعلا:{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة:117] وسماها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة غزوة تبوك، ولذلك لما تكلم الإمام البخاري رحمه الله عنها قال:(باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة)؛ ليجمع بين تسمية السنة وتسمية القرآن.

ففي العام التاسع من الهجرة خرج صلى الله عليه وسلم بجيش العسرة إلى تبوك، وفي ذلك الوقت كان هناك شح في المال، وضمور في الثمار، وحر في المناخ، فأصاب الناس فتن، فانقلبوا فكانوا أقساماً في اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم المثبطون المحبطون، ومنهم الناصرون، ومنهم البكاءون، فنزلت هذه السورة تبين حال المجتمع المدني وقت أن دعا النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة واستنفر الناس لغزوة العسرة، وكشفت الكثير من الأسرار كما سيأتي.

ثم عاد صلى الله عليه وسلم من تبوك من تخوم البلقاء، وأذعن له الروم عامة، بمعنى أنه لم تحصل حرب، واطمأن صلى الله عليه وسلم بأن الروم لن تغزوه، فرجع من تبوك حين لم يجد قتالاً، ورجع إلى المدينة، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يحج في العام التاسع، ثم قال: إن العرب يحجون عراة، وأنا لا أريد أن أحج على هذا الحال، فأمر أبا بكر بأن يخرج في الناس أميراً على الحج؛ لأن مكة كانت قد فتحت في العام الثامن، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميراً على الحج، ثم بعد ذلك أتبعه بـ علي بن أبي طالب ليظهر في الناس مقدمة سورة براءة، وهي الآيات الخمس الأول أو الست الأول من سورة براءة، وهي -وإن كانت في مقدمة السورة- من آخر ما نزل في نفس السورة؛ لأن السورة تكلمت عن المنافقين وعن حالهم مع النبي صلى الله عليه وسلم بين رجب إلى ذي الحجة، ثم نزلت مقدمة السورة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يجعلوها في المقدمة.

فالقرآن الذي نقرؤه اليوم ترتيبه ليس على ترتيب نزوله، وهذا من أهم ما يجب أن تعلمه، فالفاتحة -مثلاً- أول القرآن، ولكنها ليست أول سوره، فالآيات الخمس من سورة العلق هي أول ما نزل، فترتيب القرآن ليس ترتيباً بحسب النزول، وإنما لحكمة توقيفية أرادها النبي صلى الله عليه وسلم بأمر ربه، فكان يملي على الكتبة ويقول: افعلوا كذا، واتركوا كذا، وضعوا الآية في مكان كذا، والسورة بعد كذا، فترتيب سور القرآن ترتيب توقيقي من النبي صلى الله عليه وسلم نفذه الصحابة.

والذي يعنينا أن هذا هو المناخ العام لفهم سورة التوبة.

ص: 4