الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليها، وانتحب أنجاد أصحابه ليدافعوا عَنْهَا، فَلَمَّا لم يُغْنوا عَنْهُ شيئًا أسلمها، وتفرّق عَنْهُ أصحابه، ونُهِبَتْ داره وحُرَمُه وأولاده، فهرب الخبيث نحو دار المهلّبيّ قائده. وأُتِيَ بحريمه وذرِّيتّه فكان عددهم أكثر من مائة، فأمر الموفَّقٌ بحملهم إِلَى الموفَّقيّة وأحسن إليهم، وأمر بإحراق دار الخبيث. وكان عنده نساء علويّات وحرائر قد استباحهنّ، وجاءه منهنّ أولاد1.
1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 613-653"، والكامل "7/ 377-396"، والبداية "11/ 42، 43"، والنجوم "3/ 57، 58"، وصحيح التوثيق "6/ 280".
أحداث سنة سبعين ومائتين:
فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن طولون صاحب مصر، وأحمد بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، وأحمد بْن المقدام الهَرَويّ، وإبراهيم بْن مرزوق البصريّ، وأسد بْن عاصم، وبكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي، والحسن بْن عليّ بْن عفان العامريّ، وداود الظّاهريّ الفقيه، والربيع بْن سُلَيْمَان المراديّ، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، وعبّاس بْن الْوَلِيد البَيروتيّ، وأبو البَخْتَرِيّ عَبْد الله بْن محمد بْن شاكر، ومحمد بن إِسْحَاق الصّغانيّ، ومحمد بْن ماهان، ومحمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ، ومحمد بْن هشام بْن ملّاس.
مقتل صاحب الزَّنج:
وفيها وصل لؤلؤ الطُّولوني فِي جيشٍ عظيم نجدةً للموفق فِي المحرّم، فكانت بين الموفَّق وبين الخبيث وقعةٌ أوهنت الخبيث، ثُمَّ وَقْعَةٌ أخرى قُتِلَ فيها الخبيث وعجل الله بروحه إِلَى النّار. وهو عليّ بْن محمد المدَّعي أنّه علويّ، وَقِيلَ: اسمه بَهْبُوذ. قد ذكرنا وقائعه مع الموفَّق وحصاره الزّمن الطّويل له، إِلَى أن اجتمع مع الموفَّق زهاء ثلاثمائة ألف مقاتل مطَّوّعة وَفِي الديوان.
فَلَمَّا كان فِي ثاني صفر، وقد التجأ الخبيث إِلَى جبلٍ ثُمَّ تراجع هُوَ وأصحابه إِلَى مدينتهم خُفْية، وجاءت مقدّمات الموفَّق، فَلَمَّا وصلوا إِلَى المدينة لم يَدْرُوا أنّهم قد رجعوا إليها، فأوقعوا بهم، فانهزم الخبيث وأصحابه، وتبعهم أصحاب الموفَّق يأسرون ويقتلون، وانقطع الخبيث فِي جماعةٍ من قوّاده وفرسانه، وفارقه ابنه انكلائي، وسليمان ابن جامع، فظفر أبو الْعَبَّاس بن الموفَّق بابن جامع، فكبّر النّاس لمّا أتى به إِلَى أبيه.
ثُمَّ شدّ الخبيث وأصحابه، فأزال النّاس عن مواقفهم، فحمل عليه الموفَّق فانهزموا وتَبِعهم إِلَى آخر نهر أبي الخصيب، فبينا القتال يعمل إذ أتى فارس من أصحاب لؤلؤ إِلَى الموفَّق برأس الخبيث فِي يده، فلم يصدّقه فعرضه على جماعةٍ فعرفوه. فترجل الموفَّق وابنه والأمراء وخرّوا سجَّدًا لله، وكبّروا وحمدوا الله تعالى.
وَقِيلَ: إنّ أصحاب الموفَّق لمّا أحاطوا به لم يبق معه إلّا المهلَّبيّ، ثُمَّ ولّى وتركه، فقذف نفسه فِي النّهر فقتلوه. وسار أبو الْعَبَّاس ومعه رأس الخبيث على رمحٍ فدخل به بغداد، وعُمِلت قِباب الزّينة، وضجّ النّاس بالدّعاء للموفَّق وولده. وكان يومًا مشهودًا. وأمِن النّاس وتراجعوا إِلَى المدن الّتي أخذها الخبيث.
وكان ظهوره من سنة خمسٍ وخمسين.
قَالَ الصُّولي إنّه قتَل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف آدميّ، وقتل فِي يومٍ واحدٍ بالبصرة ثلاثمائة ألف.
وكان له منبرٌ فِي مدينته يصعد ويسبّ عُثْمَان وعليّ ومعاوية وطلحة والزُّبير وعائشة، وهو رَأَى الأزارقة1.
وكان ينادى على المرأة العلوية بِدرْهَمين وثلاثةٍ فِي عسكره، وكان عند الواحد من الزَّنج العشرة من العلويّات يطأهنّ وتخدمن نساءهنّ.
ومدح الشعراء الموفَّق.
عودة المعتمد إِلَى سامُرّاء:
وَفِي نصف شعبان أعيد المعتمد إِلَى سامراء، ودخل بغداد ومحمد بْن طاهر بْن يديه بالحربة والحسن فِي خدمته كأنْ لم يُحْجَر عليه.
انبثاق بثق بنهر عِيسَى:
وفيها انبثق ببغداد فِي الجانب الغربي فِي نهر عِيسَى بثقٌ، فجاء الماء إِلَى الكَرْخ، فهدم سبعة آلاف دار.
1 الأزارقة: إحدى فرق الخوارج الضالة.
ظهور الحسني بالصعيد ومقتله:
وفيها ظهر أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم بْن عبد الله بْن الحسني بالصعيد، وتبعه خلْق. فجهّز أَحْمَد بن طولون لحربه جيوشًا، وكانت بينهم وقعات وظفروا به وأتوا ابنُ طولون فقتله.
ومات بعده ابنُ طولون بيسير.
ظهور دعوة المهديّ باليمن:
وفيها ظهرت دعوة المهديّ باليمن، وكان قبلها بنحو سنين قد سيّر والدهُ عُبَيْد، جدّ بني عُبَيْد الخلفاء المصرييّن الرَّوافض المَلاحِدة الَّذِي زعم أنّه ابنُ محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الصادق، داعين لولده عَبْد الله المهديّ، أحدهما أبو القاسم بْن حَوْشَب الكوفي، والآخر أبو الْحَسَن، فَدَعَوْا إِلَى المهدي سرًّا.
ثُمَّ سيّر والد المهديّ داعيًا آخر يُسمّى أَبَا عَبْد الله، فأقام باليمن إِلَى سنة ثمانٍ وسبعين، فحجّ تلك السنة، واجتمع بقبيلة من كُتامة، فأعجبهم حاله، فصحبهم إلى مصر، ورأى منهم طاعةً وقوّة، فصحبهم إِلَى المغرب، فكان ذلك أوّل شأن المهديّ.
هزيمة الروم عند طَرَسُوس:
وفيها نازلت الرّوم طَرَسُوس فِي مائة ألف وبها يازمان الخادم، فبيَّتهم ليلًا وقتل مقدّمهم وسبعين ألفًا. وأخذ منهم صليبهم الأكبر وعليه جواهر لا قيمة لها، وأخذ من الخيل والأموال والأمتعة ما لا ينحصر، ولم يُفِلت منهم إلّا القليل؛ وذلك فِي ربيع الأوّل. وكان فتحًا عظيمًا عديم المثيل منَّ الله به على الْإِسْلَام يوازي قتل الخبيث. والحمد لله وحده1.
1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 654-667"، والكامل "7/ 399-406"، والبداية "11/ 44، 45"، والنجوم الزاهرة "3/ 59-61"، وصحيح التوثيق "6/ 282".