المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحداث سنة ثمان وسبعين ومائتين: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٢٠

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌أحداث سنة ثمان وسبعين ومائتين:

‌أحداث سنة سبعٍ وسبعين ومائتين:

فيها تُوُفيّ: إِبْرَاهِيم بْن أبي العيش القاضي، والحسن بْن سلام السواق، وأبو حاتم الرَّازيّ، ومحمد بْن الجهم السِّمريّ.

اتفاق يازمان وخمارويه:

وفيها اتفق يازمان الخادم أمير الثَّغر مع خمارويه، ودعا له على المنابر بطرسوس. فبعث إليه ثلاثين ألف دينار، وخمسمائة دابّة، وخمسمائة ثوبٍ من مصر. ثمّ بعث إليه بخمسين ألف دينار.

استيلاء ابنُ هرثمة على طبرستان:

وفيها: استولى ابن هرثمة على طبرستان1.

1 تاريخ الطبري "10/ 18"، والكامل "7/ 439".

ص: 160

‌أحداث سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين:

تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بن عبيد بن ناضج، وإِبْرَاهِيم بْن الهيثم البلديّ، وعبد الكريم بْن الهيثم الدَّيرعاقوليّ، والأمير أبو أَحْمَد الموفَّق، ومحمد بْن شداد المسمعي، وموسى بْن سهل الوشّاء، وموسى بْن عِيسَى بْن المنذر الحمصي، وهاشم بْن مرثد الطَّبرانيّ.

غور النيل بمصر وغلاء الأسعار:

وفيها وردت الأخبار أن نيل مصر غار ونقص نقصًا عظيمًا، وغلت الأسعار.

قَالَ أبو المظفر بْن الجوزي: غار النيل فلم يبق منه شيء.

قلت: ولم يتعرَّض المسبحي فِي تاريخه إِلَى شيء من ذلك.

مرض الخليفة الموفَّق ووفاته:

وَفِي المحرم انصرف الموفَّق من الجبل إِلَى بغداد مريضًا، وكان به نُقْرُس. وزاد مرضه فصار داء الفيل. وكان يبردون رجليه بالثَّلج، ويحمل على سرير، ويحمله عشرون نفسًا. فقال مَرَّة للذين يحملون: لعلكم قد ضجرتم منّي. وددت الله أني كأحدكم أحمل على رأسي وآكل، وأني فِي عافية.

ص: 160

وقَالَ فِي مرضه: قد أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق، وما أصبح فيهم أسوأ حالًا منيّ.

وزاد به انتفاخ رجله ومات.

ظهور القرامطة بسواد الكوفة:

وفيها ظهرت القرامطة بسواد الكوفة؛ وقد اختلفوا فيهم على أقوال: أحدها: إنّه قَدِمَ رجلٌ من ناحية خوزستان إِلَى الكوفة، فنزل النَّهرين وأظهر الزُّهد والتَّقشف، يعمل الخوص ويصوم. وَإِذَا جلس إليه إنسان وعظه وزهَّده في الدُّنيا، واعلمه أنّ الصُّلوات المفترضة في اليوم واللَّيلة خمسون صلاة حتّى خشي ذلك منه. ثمّ أعلمهم أنه يدعو إِلَى إمام من أَهْل البيت، فكانوا يجلسون إليه، ثُمَّ نظر نخلًا، فكان يأخذ من بقّالٍ كلَّ ليلةٍ رطل تمرٍ ثمَّ يفطر عليه، ويبيعه النَّوى.

فأتاه أصحاب النَّخل فأهانوه، وقَالَوا: ما كفاك أكل تمر النَّخل حَتَّى تبيع النَّوى؟ فقال البقال: ويحكم ظلمتموه فإنه لم يذق تمركم، وإنما يشتري مني التَّمر فيفطر عليه، ويبيعنيّ النَّوى.

فندموا على ضربه وتحللوه، وازداد نبلًا عند أَهْل القرية، وتبعه جماعة، فكان يأخذ من كل رجلٍ دينارًا، واتخذ منهم اثني عشر نقيبًا. وفرض عليهم كل يومٍ خمسين صلاة، سوى نوافل اشتعلن بها عن زراعاتهم، فخربت الضِّياع.

وكانت للهيصم ضياع هناك فقصروا، فبلغه شأنه، فطلبه وسأله عن أمره، فَأَخْبَرَه ودعاه إِلَى مذهبه. فحبسه في بيت وحلف ليقتلنّه. فسمعه جارية من جواريه، فرقَّت له، وأخذت المفتاح وفتحت عليه. ثمَّ قفلت الباب، وأعادت المفتاح إِلَى مكانه، فانتبه الهيصم ففتح الباب فلم يجده. وقَالَ النّاس: رفع إِلَى السماء.

ثُمَّ ظهر فِي مكانٍ آخر، فسألوه عن قصته فقال: من تعرَّض لي بسوء هلك. ثُمَّ انسحب إلى الشّام، فلم يعرف له خبز. وصحبه رجل يقال له كرميتة، ثمّ خفِّف، فقيل قرمط.

ص: 161

وَفِي قولٍ: كان هَذَا الرجل قد لقي الخبيث ملك الخوارج الزَّنج، فقال له: ورائي مائة ألف سيف، فوافقني على مذهبي حَتَّى أصير إليك بمن معي.

وتناظرا فاختلفا، ولم يتَّفقا، فافترقا.

القول الثاني: إنّ أول من أظهر مذهبهم رجلٌ يُقَالُ له محمد الوراق يعرف بالمقرمط الكوفّي. شرَّع لهم دعاتهم اكترى دوابَّ من رجلٍ يُقَالُ له قرمط بن الأشع، فدعاه فأجابه.

والقول الأول أشهر.

من فِرَقِ الباطنيّة:

ثمّ فرق القرامطة، الباطنيّة، والخرَّميّة، والبابكية، والمحمِّرة، والسَّبعيّة، والتَّعليميّة.

القرامطة:

فَمِنْ قول القرامطة: إنّ محمد بْن الحنفية هُوَ المهديّ، وَإِنَّهُ جبريل، وَإِنَّهُ هُوَ المسيح، وَإِنَّهُ الدّابّة. ويزيدون أذنهم. وإن نوحًا رسول الله، وإن عِيسَى رسول الله، وإن محمد بْن الحنفية رسول الله، وإن الحج والقبلة إِلَى بيت المقدس، ويوم الجمعة والإثنين ويوم الخميس يوم استراحة، وإن الصوم فِي السنة يومان: يوم النيروز ويوم المهرجان. وإن الخمر حلال، ولا غسل من الجنابة.

وتحيَّلوا على المسلمين بطرقٍ شتى، ونفق قولهم على الجهال وأهل البر. ويُدخلون على الشيعة بما يوافقهم، وعلى السُّنة بما يوافقهم.

ويخدعون الطوائف، ويظهرون لكل فرقةٍ أنهم منهم.

الباطنية:

وأما الباطنية، فقالت: لظواهر الآيات والأحاديث بواطن تجري مجرى اللُّب من القشر. واحتجوا لكل آيةٍ ظهر وبطن. وأن من وقف على علم الباطن سقطت عَنْهُ التكاليف

ص: 162

الخرَّميّة:

وأما الخرَّميّة فخرَّم اسم أعجمي معناه الشيء المستلذ، وهم أصل الإباحة فِي المجوس الّذين نبغوا فِي أيام قباذ، فأباحوا المحظورات.

البابكيّة:

وأمّا البابكيّة، فأصحاب بابك الخرمي. لهم ليلة فِي السنة يختلط فيها النساء والرجال، فَمَنْ وقعت فِي يده امرأة استحلَّها، إلى غير ذلك الخروج عن الملة.

المحمرِّة:

وأما المحمرِّة، فيلبسون الثياب الحمر، ولهم مقالة.

السبعية:

وأما السبعية فزعموا أنَّ الكوكب السبعة تدبر العالم السفلي.

التعليمية:

وأما التعليمية، فأطلوا القياس؛ ولا عِلْمَ عندهم إلّا ما تلقيِّ من إمامهم.

الإسماعيلية:

والإسماعيلية والإسماعيلية من القرامطة.

وقِيلَ: إنّ قرمط غلام إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الصادق، ولم يصح.

الملاحدة:

وكل هَؤُلَاء يذهبون إِلَى مذهب الملاحدة كزرادشت، ومزدك، وماني، الّذين جحدوا النُّبوَّة وأباحوا المحظورات. وقَالَوا بقول الفلاسفة والدَّهريّة، لعنهم الله تعالى.

وفاة يازمان الخادم:

وفيها غزا يازمان الخادم حصن كند، فنصب عليه المجانيق وكاد يفتحه، فجاءه حجرٌ من الحصن فقتله، فارتحلوا وبه رمقٌ، فمات فِي الطريق. وحمل فدفن بطرسوس.

وكان شجاعًا، جوادًا، كريمًا1.

1 تاريخ الطبري "10/ 20-22"، والكامل "7/ 441". \

ص: 163